
نداء الوطن: هل يبدأ الجيش سحب السلاح شمال الليطاني الأسبوع المقبل؟.. سلام: حققنا ما يقارب 80 % من أهدافنا بنزع السلاح في الجنوب
كتبت صحيفة 'نداء الوطن': تزداد ملامح المتغيرات الاستراتجية والشرق الأوسط الجديد وضوحاً، بالتزامن مع توجه المفاوضات النووية نحو منعطف جديد إيجابي بحسب ما نقلت الـ
CNN
، وترجيح مصادرها التوقيع على الاتفاق في الجلسة المقبلة من المباحثات. إن صدقت المعلومات هذه، ستحدث تغييراً ثلاثي الأبعاد في الشرق الأوسط ومما لا شك فيه أن للبنان حصة الأسد. وفي هذا السياق ترى مصادر دبلوماسية لـ «نداء الوطن»، أن حصول هذا الاتفاق المنتظر مع تبدل المعطيات الجيوستراتيجية يعني حتماً تبدل وجه المنطقة. وتضيف المصادر، «ما منقول فول قبل ما يصير بالمكيول»، أما بالنسبة إلى «حزب الله»، فإن حصل الاتفاق، سيعلن رسمياً انتهاء مشروعه باعتبار أنه لا يزال يحتفظ بالسلاح كورقة ضغط بيد إيران التي لا تريد التخلي عن أوراقها الإقليمية قبل أن تعلن اتفاقها النووي.
هجوم «الحزب» وردّ سلام
وفي انتظار ما سيرشح عن الماراثون الحاصل بين المفاوضات الأميركية – الإيرانية والتذخير الإسرائيلي، يحتدم السجال اللبناني حول ملف سلاح «حزب الله»، وتزداد وتيرة الهجوم العنيف لماكينات «الحزب» الإعلامية في وجه رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجّي بسبب مواقفهما الواضحة من السلاح غير الشرعي وخصوصاً إعلان الرئيس سلام لصحيفة «وول ستريت جورنال»، عن أنّ الحكومة حقّقت ما يقارب 80 % من أهدافها في نزع السلاح جنوب البلاد. مضيفاً «لا نريد وضع البلاد على مسار الحرب الأهلية ولكننا ملتزمون بتوسيع سلطة الدولة وتعزيزها».
وتعليقاً على الهجوم المتصاعد من جانب «حزب الله» ومن يدور في فلكه على الرئيس سلام، اعتبرت مصادر سياسية لـ «نداء الوطن» أنّه على ما يبدو «الحزب» استشعر الجدية في موضوع جمع السلاح الفلسطيني الأمر الذي يمكن أن ينعكس على سلاحه، لذا قرّر شنّ هذا الهجوم على الرئيس سلام وحاول إحداث شرخ بين رئيسي الجمهورية والحكومة علماً أن مواقف الرئيس جوزاف عون واضحة بالنسبة لملف السلاح ولا تختلف عن مواقف سلام. وأوضحت المصادر أنّ الردّ على هذه الهجمة يكون عبر استكمال تطبيق خطة جمع السلاح غير الشرعي تنفيذاً لمضمون البيان الوزاري الذي تلتزم الحكومة بكامل بنوده، مذكّرة بأنّ هذا البيان حاز على ثقة نواب «حزب الله» في المجلس النيابي.
بدوره، رفع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الصوت في وجه من يتطاول على المواقف السيادية التي يدلي به الوزير رجي، واعتبر أن مواقف الأخير ليست شخصية ولا حزبية، إنما في انسجام تام مع خطاب القسم لرئيس الجمهورية والبيان الوزاري للحكومة. وأكد جعجع أنه حان الوقت ليستقيل من الحكومة من يرفض بيانها الوزاري ومن يرفض التوجه الرسمي للدولة.
وفي زحمة المواقف وتبادل الرسائل النارية، رجحت مصادر مطلعة لـ «نداء الوطن» أن يبدأ سحب سلاح «حزب الله» شمال الليطاني الأسبوع المقبل بعملية ينفذها الجيش اللبناني بعيداً من الإعلام وبالتنسيق مع قيادات «الحزب».
استياء أميركي
كل التطورات تأتي على بُعد أيام قليلة من وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس المرتقب بعد عيد الأضحى حاملة معها رسالة حاسمة وحازمة، فيها استياء أميركي من تباطؤ الدولة اللبنانية في ملف حصر السلاح غير الشرعي. وتؤكد المصادر، أن أورتاغوس ستستكمل النقاشات التي بدأتها سابقاً في ما خص السلاح واتفاق الهدنة والملفات الحدودية، في حين سيبدي لبنان الرسمي تجاوباً ولا صحة لوجود خلاف مع واشطن لأن وضعية لبنان لا تسمح له بالدخول في مواجهة من هذا النوع.
وتلفت مصادر مطلعة، إلى أن الإدارة الأميركية باتت على بينة من محاولة «الحزب» إعادة بناء ترسانته العسكرية ولو بشكل محدود وبسرية تامة. وتضيف المصادر، إن هذه التحركات ستدفع بإسرائيل إلى تصعيد عملياتها ضد «الحزب»، وقد تلجأ إلى عمليات تختلف في جانب منها عن مجرد غارات وقصف جوي».
وفي هذا السياق، صعد الجيش الإسرائيلي غاراته أمس على المناطق الجنوبية مستهدفاً منصات صواريخ ومواقع لتخزين الأسلحة. وفي التفاصيل أغارت المسيرات الإسرائيلية على المنطقة الواقعة بين سجد والريحان، ووادي برغز في قضاء حاصبيا، وبين عين قانا وكفرفيلا في إقليم التفاح كما استهدفت سلسلة غارات بلدة الجبور، تبنا، والصالحاني والبيسارية.
التباس التعيينات
استكمالاً لضخ دم جديد في المراكز الإدارية، تسير التعيينات بخط متعرج يشبه كثيراً الوسائل الاحتيالية التي كانت تعتمدها الحكومات السابقة من حيث المحاصصة المبطنة والالتباس.
وفي هذا السياق لفتت مصادر مواكبة لملف التعيينات عبر «نداء الوطن» إلى أن الحكومة قد أقدمت أمس على إعادة تدوير تركيبة مجلس الإنماء والإعمار، حيث عيّنت غسان خيرالله، الذي تقاعد حديثاً من المجلس، أميناً عاماً له. كما تم تعيين كل من يوسف كرم وإبراهيم شحرور، وهما موظفان حاليان في المجلس، في منصبَي نائبَي الرئيس.
أضافت المصادر، إن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول نهج التجديد في المؤسسات العامة، في ظل استمرار اعتماد الأسماء نفسها ضمن دوائر القرار، حتى بعد التقاعد. وكان مجلس الوزراء قد أقر أمس سلسلة تعيينات شملت هيئة «أوجيرو» ومجلس الإنماء والإعمار. وعيّن يوسف كرم وابراهيم شحرور نائبين لرئيس مجلس الإنماء والإعمار وغسان خير الله أميناً عاماً وحسام عيتاني وجورجيو كلاس وفراس أبو دياب أعضاء غير متفرغين. كما عيّن أحمد عويدات مديراً عاماً لأوجيرو، وجورج معراوي مديراً عاماً للمالية بالأصالة، وأعاد المدير العام لوزارة التربية والتعليم العالي فادي يرق الموضوع خارج الملاك إلى وظيفته الأصلية في الملاك.
كما قرر المجلس إعطاء منح مالية للعسكريين في الخدمة الفعلية بقيمة 14 مليون ليرة، وللمتقاعدين بقيمة 12 مليون ليرة، على أن يكون الدفع في الأول من شهر تموز المقبل. وعن أجواء الجلسة، وخلافاً لما سوق له إعلام «حزب الله» عن قيام وزرائه بمعاتبة الوزير رجي على مواقفه السيادية والتي تتعلق بحصرية السلاح، فقد أكدت مصادر لـ «نداء الوطن» أنه لم يحصل أي نقاش أو عتاب وقد سارت الأمور بشكل طبيعي.
ستارلينك قبل نهاية حزيران
وقبيل جلسة الحكومة، برزت في النشاط الرئاسي المداولات الخاصة بملف الاتصالات وما يتعلق بخدمات ستارلينك، وفي السياق علمت «نداء الوطن»، أن المحادثات بين وفد شركة «ستارلينك» ووزارة الاتصالات قطعت شوطاً كبيراً، وجرى التفاهم على تسريع دخول الشركة العالمية إلى لبنان، بعدما أُزيلت كل العقبات السياسية وفي مقدمها، موافقة جميع الاطراف على المشروع. وبات من شبه المؤكد أن الشركة ستبدأ تقديم خدماتها في لبنان قبل نهاية حزيران المقبل.
وفي المعلومات أيضاً، أن المفاوضات مع وزارة الاتصالات أدّت إلى تحسين كبير في عائدات الدولة اللبنانية لقاء استعمال الإنترنت الذي توفره «ستارلينك»، وأن نسبة الـ 5 % التي كانت مطروحة سابقاً انتهت، وقد تم التوصل إلى اتفاق مبدئي يمنح الخزينة اللبنانية أضعاف هذه النسبة.
وعُلم أيضاً، أن «ستارلينك» ستؤسس شركة لبنانية لمواكبة تنفيذ الاتفاق عن كثب، وستكون خدماتها مؤمّنة للشركات، عبر اشتراكات تبلغ 100 دولار شهرياً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ 29 دقائق
- ليبانون ديبايت
تحضيرًا لاجتماع عربي... بن فرحان إلى رام الله غدًا
أكد مصدر سعودي لشبكة CNN أن وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، سيسافر إلى الضفة الغربية غدًا الأحد، حيث من المقرر أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وفي سياق متصل، نقل مسؤول إسرائيلي لـCNN أن إسرائيل "لن تتعاون" مع خطط السلطة الفلسطينية لاستضافة وفد من وزراء الخارجية العرب بقيادة سعودية في رام الله. ووصف المسؤول الاجتماع بأنه "استفزازي"، مشيرًا إلى أن بلاده "لن تسمح بتحركات تهدد أمنها". وطالب المسؤول الإسرائيلي السلطة الفلسطينية بـ"الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل"، من دون تحديد أي اتفاقيات يقصدها. من جهة أخرى، ذكر موقع "واللا" العبري أن الحكومة الإسرائيلية قررت منع وزراء الخارجية العرب من دخول رام الله. كما نقلت قناة "كان 11" العبرية عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية تستعد لاستضافة اجتماع لوزراء الخارجية العرب، لمناقشة إقامة دولة فلسطينية. وأضافت المصادر: "إسرائيل لن تسمح بدخول وفد يضم وزراء خارجية مصر والسعودية والإمارات والأردن... لن نسمح بإنشاء دولة مسلحة في قلب إسرائيل". ومن المقرر أن يصل عدد من وزراء الخارجية العرب إلى رام الله غدًا الأحد للقاء الرئيس عباس، وذلك في إطار التحضيرات لمؤتمر "حل الدولتين" المتوقع عقده في نيويورك بقيادة فرنسية-سعودية.


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
لماذا أمر وزير دفاع أميركا بإغلاق المكتب المشرف على اختبار قبة ترامب الذهبية؟
أمر وزير الدفاع بيت هيغسيث أمر بإغلاق مكتب في الوزارة بعد وقت قصير من إعلانه عن إشرافه على اختبار نظام الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية" الذي أطلقه الرئيس دونالد ترامب والبرامج المرتبطة بهذا المشروع الضخم الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات، بحسب ما نقلت شبكة CNN، عن مسؤولين أميركيين. وفي نهاية إبريل/ نيسان، صاغ مكتب مدير الاختبار والتقييم التشغيلي، وهو مكتب غير معروف، مذكرةً ووزعها على مكتب وزير الدفاع ومكاتب وزارة الدفاع الأخرى، تضمنت وضع "القبة الذهبية" على قائمة الإشراف، بما يتماشى مع تعليمات وقوانين وزارة الدفاع التي تشترط اختبار أي برنامج رئيسي للاستحواذ الدفاعي قبل إطلاقه. وبعد أيام، طلبت إدارة الكفاءة الحكومية التابعة لإيلون ماسك من المكتب عقد اجتماع. وتُعد شركة ماسك "سبيس إكس" من بين الشركات المتنافسة على دور في تطوير "القبة الذهبية". وسأل ممثلو إدارة الكفاءة الحكومية مسؤولي وزارة الطاقة والكهرباء عن أنشطتهم وخططهم لهذا العام، حسبما أفاد مسؤولون، وبدا عليهم الدهشة لأن الكثير من عمل المكتب مطلوباً بحكم القانون. لكن لم تكن هناك أي دلائل ظاهرة على تقليص عدد موظفي المكتب. والأربعاء، استُدعي موظفو وزارة النقل والكهرباء فجأةً إلى اجتماع في وزارة الدفاع (البنتاغون)، وأُبلغوا بأنه سيتم تقليص عدد موظفي المكتب إلى 30 شخصاً فقط، من أكثر من 100 موظف. القبة الذهبية... ترامب يُشعل "سباق التسلح العالمي"! الأرقام الفلكية للإنفاق العسكري؛ صرخة مدوية تعكس قلق البشرية، في عالم يحاول شراء الأمان بصوت المدافع؛ فلا نهاية في الأفق لسباق التسلح العالمي. وذكر مسؤول في وزارة الدفاع لشبكة CNN بأنهم يعتقدون أن الإدارة قلقة بشأن قيام وزارة النقل والكهرباء برقابة مستقلة على مشروع "القبة الذهبية"، والمشاكل التي قد تكشفها في هذه العملية. وقال المسؤول: "هذه الإدارة لا تريد سوى الانتصارات. لا يريدون أخباراً سيئة، وهم يتلقون أخباراً سيئة على مختلف الجبهات". وأضاف: "وزارة النقل والكهرباء وسيط نزيه للمعلومات. نحن ننقل الحقيقة، وهذا كل ما نفعله". وقال السيناتور الديمقراطي جاك ريد، العضو البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في بيان الخميس إنه يشعر بالقلق من أن خطوة تقليص مهام المكتب "تبدو انتقامية، مدفوعة بمعارضة هيغسيث لبعض قرارات الرقابة الأخيرة التي اتخذتها وزارة النقل والتقييم، والتي يتطلبها القانون". وذكر ريد: "مع تقليص عدد الموظفين إلى طاقم محدود ودعم محدود من المتعاقدين، قد لا تتمكن وزارة النقل والتقييم من توفير رقابة كافية على البرامج العسكرية الحيوية، مما يُعرّض الجاهزية التشغيلية وأموال دافعي الضرائب للخطر"، واصفاً القرار بأنه "تدخل ذو دوافع سياسية". وعندما طُلب من المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، التعليق، قال لـ CNN إن إعادة تنظيم الوزارة لمكتب مدير الاختبار والتقييم العملياتي سيُعيد وزارة النقل والتقييم إلى هدفها القانوني كهيئة رقابية، وسيقضي على الجهود المكررة. لا علاقة لهذا القرار بمشروع القبة الذهبية، بل يتعلق بالقضاء على التكرار". لكن مسؤولين تحدثت إليهم CNN أفادوا بأن وزارة النقل ليست زائدة عن الحاجة، بل تتمتع بمكانة فريدة كجهة تدقيق مستقلة للمعدات والأنظمة التي تستخدمها جميع الخدمات العسكرية، كما أنها تفتقر إلى آلية إنفاذ، ولا يحق لها قانونياً إيقاف أي مشروع إذا اكتشفت مشاكل عند اختبار وتقييم أنظمة مختلفة. وأعلن ترامب رسمياً عن خطط المشروع الأسبوع الماضي، وقد تم بالفعل تخصيص 25 مليار دولار في ميزانية الدفاع للعام المقبل للقبة الذهبية. ولكن مكتب الميزانية في الكونغرس قدّر أن الولايات المتحدة قد تضطر إلى إنفاق أكثر من 500 مليار دولار - على مدار 20 عاماً - لتطوير نظام دفاع صاروخي متعدد الطبقات بالحجم والنطاق الذي طالب به ترامب. ومن المرجح أن يشمل النظام أكثر من 100 برنامج منفصل، ويتطلب إنشاء شبكة كبيرة ومترابطة من الوكالات الحكومية والمقاولين من القطاع الخاص. وذكرت مصادر لـ CNN أن مسؤولي الدفاع والصناعة يتفقون إلى حد كبير على أن الأمر سيستغرق سنوات قبل أن يصبح نظام مثل القبة الذهبية جاهزاً للتشغيل الكامل. لكن إدارة ترامب تعمل جاهدةً لإثبات جدوى هذا المفهوم لتبرير التمويل المستقبلي للمشروع. وقال هيغسيث، الأربعاء، في فيديو نشره عبر منصة "إكس" إن "المكتب أُعيد هيكلته للسماح للخدمات بالعمل بشكل أسرع بالقدرات التي تحتاجها". وذكر مسؤول دفاعي آخر أن وزارة النقل والكهرباء لا تنوي إبطاء المشروع لكنهم أرادوا ضمان عمله بشكل صحيح، وأنه سيكون قابلاً للصمود أمام التهديدات. وقال مسؤول إن التخفيض الهائل في عدد الموظفين وحقيقة أن المتعاقدين لن يتم تعيينهم في وزارة النقل والكهرباء سيؤديان إلى عدم خضوع بعض البرامج للتدقيق على الإطلاق، ومن المحتمل أن تُنفق أموال طائلة، ولن يكون لدينا أدنى فكرة عما إذا كان يتم اختباره بشكل صحيح".


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
الحرب الإعلامية بعد وقف إطلاق النار في لبنان
محمد قازان في الحرب الإعلامية هناك أدوات لتحقيق الهدف. والهدف الرئيس هو تحقيق أهداف الحرب العسكرية أو التعويض عن فشلها أو الإستعاضة عنها بنوع من الحروب الناعمة. والحرب الإعلامية ليست فقط بديلاً عن الحرب العسكرية، بل هي تروج للحرب العسكرية قبل حصولها عبر الحرب النفسية، وتواكبها خلال حصولها عبر نشر أخبارها وتضخيمها وإبراز نتائجها، ولاحقاً تقوم بتثبيت أهداف الحرب وتوثيقها. اليوم انتهت الحرب التي شنها الكيان المؤقت ضد لبنان في شكل من أشكالها العسكرية، وهي حربٌ عنوانها الرد على جبهة إسناد غزة وحقيقتها الاستعداد الإسـرائيلي المبكر منذ حرب تموز ٢٠٠٦ للإنتقام بدليل عملية البايجر، هذه الحرب توقفت بأحد أشكالها التدميرية في ٢٧ تشرين ثاني الماضي، لكنها مستمرة في الإغتيالات والتجسس ومنع الإعمار، والأهم أنها مستمرة عبر الأدوات الناعمة. لكن لماذا تستمر الحرب عبر الأدوات الناعمة؟ بشكل بديهي وفق تعريفات المقدمة، لأن الأهداف لم تتحقق جميعها عبر الحرب العسكرية. فمنذ اتفاق وقف إطلاق النار في ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٤ انطلقت هذه الحرب الإعلامية عبر نسق أوركسترا يديرها مايسترو محدد وهو الأميركي ، الذي يوجه الفضائيات السعودية والإماراتية ومعها تلفزيونات رجال الأعمال اللبنانيين الثلاثة والصحف والمواقع الإلكترونية التي تدور في فلك ما يسمى محور الإعتدال العربي. النسق المتجدد كان انطلق عام ٢٠٠٥ في لبنان إبان ما عُرفت بثورة الأرز، واتخذت هذه المرة أشكالاً أكثر استفادة من البعد السياسي الدولي والمحلي والتصاقاً أكبر بثورة وسائل التواصل الإجتماعي، كما اعتمدت على استغلال الإستحقاقات الداهمة من انتخابات رئاسة الجمهورية إلى تشكيل الحكومة بالإستناد إلى موازين قوى دولية واقليمية ومحلية أبرزها سقوط النظام السوري السابق، وخوف معظم الأحزاب والشخصيات السياسية اللبنانية من الأميركيين والسعوديين ومجاراتهم في خياراتهم التي أفرزت انتخاب جوزف عون ولاحقاً تكليف نواف سلام. إستخدم النسق الإعلامي المعادي للمـ ـقـاومة كل أدوات الحرب الإعلامية، من التضليل إلى الإشاعة، والدعاية، والكذب والترهيب والعزل والتعتيم والإبراز. فكان صندوق بريد للمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس وقامت بهذا الدور قناة الجديد بشكل واضح عبر الترويج المسبق للحملات العسكرية الجوية والتهويل، فيما تولت قناة المر مهمة استهداف القرض الحسن والطيران الإيراني لخنق بيئة المـ ـقـاومة مالياً، كما تم تخصيص جريدة نداء الوطن التابعة للقوات وآل المر كي تتصدى للإعلام المكتوب المقابل كجريدة الأخبار التي تتبنى الخطاب المـ ـقـاوم، فنجد أن هناك كتاب أعمدة مخصصين للرد على رؤساء تحرير جريدة الأخبار وآخرون مهمتهم الكتابة ضد الحزب ولو مقالاً يومياً والمساهمة بالترويج لرواية العدو، بينما كانت قناتا الحدث السعودية وسكاي نيوز الإماراتية تكملان مهمتهما التي أنيطت بهما خلال الحرب، وهي مهمة الترويج للإنجازات العسكرية الإسـرائيلية واختراق جسم حزب الله وعدم قدرته على النهوض من جديد، وهذا ليس تحاملاً على القناتين، إذ يكفي للمراقب تتبع أخبار الإغتيالات والمعطيات العسكرية للعدو ليجد أنها كانت تُنشر على هاتين القناتين قبل إعلانها في الإعلام العبري. بموازاة الإعلام التقليدي شمل نسق الدعاية المعادية للمقاومة اعتماداً كبيراً على أجهزة الإعلام التابعة للأحزاب المحلية كحزب القوات ضمن تشكيل كبير من المنصات والحسابات الوهمية التي تدار في غرفة موازية لمايسترو النسق الموجه، وبالاعتماد بشكل مهم على الذكاء الصناعي. في المقابل يواجه هذا النسق منظومة إعلامية ليست بقوة منظومة النسق الأميركي، لكنها لم تستسلم رغم فوارق الإمكانات وقاتلت بروح ثورية منذ الحرب حتى اليوم باللحم الحي، مع الإعتراف أنها خسرت قوتها الضاربة التي كانت تتمثل بخطاب سيد شهداء الأمة، لكن سرعان ما تم التعويض عبر خطابات الشيخ قاسم، والدليل رجع الصدى الذي روجه إعلام النسق المعادي بأن أعنف الحملات الجوية التي شنها الطيران المعادي منذ وقف الحرب كانت بعد خطاب الشيخ قاسم في ١٨ نيسان الماضي، وهذا كافٍ للقول إن قوة الخطاب تنتصر أحياناً على صلابة القصف العسكري، كما أعاد هذا النسق قوة حضوره عبر منصات التواصل الإجتماعي والدليل تصدر هاشتاغات جمهور المـقاومة الدائم وتصديه لكل كبيرة وصغيرة وفق منظومة رصد واستهداف وجبه وتهكم ونشر للمعلومات والتثقيف، وإجبار رئيس حزب القوات على الدفاع عن وزير خارجيته بعد خسارته في المنازلات الإعلامية التي خاضها وتدخله ببيانات شخصية لتعويض هزيمته، إضافة إلى الدور المحوري الذي تلعبه قناة المـنار في نشراتها الإخبارية قبل كل استحقاق رغم الظروف الصعبة التي واجهتها خلال الحرب ونهوضها بسرعة بعدها رغم التشكيك بقدرة الحزب على التعافي التنظيمي الذي أنتج تاريخياً دعاية متينة تعبر عن النسق التنظيمي الفعال، فالتأثير الذي تركته المـ ـنـار كمنبر أول مؤثر في الرأي العام المـقـ ـاوم تمثل في مقدمة نشرة الأخبار الشهيرة في ٢٥ كانون ثاني ٢٠٢٥، فرسم وقع بضع كلمات باكورة التحرير، عندما قالت المقدمة في مطلعها: 'عائدون غداً، رافعينَ الرؤوسَ والقبضات، فلا شيءَ يغيبُهم عن أرضٍ قد زرعوا فيها فِلذاتِ الأكباد..'. الواضح لأي مراقب أن المقاومة تخلت عن حذرها الشديد في المقاربات الإعلامية بعد الحرب، وبدأت استراتيجية الرد والهجوم، لكنها ما زالت تختار الصدق على الكذب والصراحة على التضليل، وهذا ربما ما يجعل فعاليتها أحياناً تأخذ وقتاً أطول. فالكذب يعلق في الأذهان حتى بعد التصحيح، كما لاحظنا أن هذه الإستراتيجية طالت نواب كتلة الوفاء الذين يتصدون باستمرار لأكاذيب وافتراءات نواب الطرف الخصم، وهذا لم يكن وارداً بكثرة في السابق. قد لا يتسع هذا المقال لذكر جميع مقومات الإعلام المـقاوم، وهو إعلام يدرك أنه تقع على عاتقه مهام التصدي بشكل أكثر فعالية ومراجعة المرحلة السابقة، وبناء استراتيجيات خطاب يحاكي نتائج الحرب، لكنه ورغم ذلك لم يحد عن الأهداف التي تُرسم له ويعمل باستمرار على سد الفوارق بينه وبين الإعلام المعادي في الشكل والإمكانات. لكن بعد تعريف الحرب الإعلامية وأطرافها حالياً في لبنان والمنطقة، والإشارة لماماً إلى أهدافها ودور أدواتها، لا بد من قياس التأثير الذي أحدثه طرفا هذه الحرب. ففي علوم الإعلام والإتصال يدُرس التأثير والإقناع ويُقاس برجع الصدى واستبيان رأي الجمهور والتأكد من التغيير الذي أحدثه هذا التأثير في الرأي العام.. وهنا نحن أمام نظريات أوسع من التأطير وصولاً إلى الدعاية الحربية التي تنقسم إلى بيضاء تحفز الجمهور المناصر وسوداء تتسلل خلف خطوط العدو لإحباطه. وإذا كانت أهداف الحرب الإعلامية للنسق الأميركي تستهدف إحباط بيئة المـ ـقـا ومة وإشعارها بالهزيمة ودفعها للإستسلام، فمن البديهي أن يكون هدف الإعلام المـقـاوم إحباط هذه الأهداف. لكن كيف نقيس ذلك؟ الجواب عبر توجه الرأي العام والحركة الشعبية، ومنها التظاهرات والتحركات وصناديق الإقتراع. وفي الخلاصة إليكم بعض الأحداث التي يُقاس بها الرأي العام: ففي ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٥ إقتحم الجنوبيون بأجسادهم غير المسلحة القرى الأمامية وواجهوا الدبابات المعادية وكرّسوا الإنسحاب إلى النقاط الخمس المحتلة، كاسرين بعنفوانهم كل حملات الإستضعاف والتوهين، وفي الثالث والعشرين من شباط ٢٠٢٥ زحف مئات الآلاف وشيّعوا قائديهما الأمينَين متحدين كل أدوات الحرب النفسية قبل التشييع، ولم يهتزوا أو ترف لهم جفن رغم ملامسة الطائرات الحربية رؤوسهم فوق المدينة الرياضية، وبين ٤ أيار و٢٤ أيار ٢٠٢٥ أثبتت الإنتخابات البلدية رجع الصدى الخائب للإعلام المعادي واتساق الجمهور الوفي للمقـ ـاومـ ـة مع إعلامه، فجاءت النتائج لتؤكد أن كل حملات التضليل والترهيب لم تزحزح هذا الجمهور عن خياراته خلف الثنائي الوطني الذي كان روحاً واحدة في القتال والصمود والعودة. إذاً قد يكون العدو كسب معركة عسكرية بالحسابات المادية في صراع طويل لمّا ينتهي، مع اختلاف التقويم لمقاييس الربح والخسارة إذا ما وضعنا القاعدة الشرعية التي حتّمت قرار الإسناد، لكن في الوقائع نحن من انتصرنا في الحرب الموازية، حرب النفوس والقلوب والإنتماء والإيمان بما نُقتَل لأجله، وهو نصرة المظلوم ورفض الإحتلال وقول 'لا' مدوية وعالية ما زلنا الوحيدين في هذا العالم نصرخ بها أمام المستكبرين من قَتَلة النساء والأطفال، وشيّعوا قائديهما الأمينَين متحدين كل أدوات الحرب النفسية قبل التشييع، ولم يهتزوا أو ترف لهم جفن رغم ملامسة الطائرات الحربية رؤوسهم فوق المدينة الرياضية، وبين ٤ أيار و٢٤ أيار ٢٠٢٥ أثبتت الإنتخابات البلدية رجع الصدى الخائب للإعلام المعادي واتساق الجمهور الوفي للمقاومة مع إعلامه، فجاءت النتائج لتؤكد أن كل حملات التضليل والترهيب لم تزحزح هذا الجمهور عن خياراته خلف الثنائي الوطني الذي كان روحاً واحدة في القتال والصمود والعودة. إذاً قد يكون العدو كسب معركة عسكرية بالحسابات المادية في صراع طويل لمّا ينتهي، مع اختلاف التقويم لمقاييس الربح والخسارة إذا ما وضعنا القاعدة الشرعية التي حتّمت قرار الإسناد، لكن في الوقائع نحن من انتصرنا في الحرب الموازية، حرب النفوس والقلوب والإنتماء والإيمان بما نُقتَل لأجله، وهو نصرة المظلوم ورفض الإحتلال وقول 'لا' مدوية وعالية ما زلنا الوحيدين في هذا العالم نصرخ بها أمام المستكبرين من قَتَلة النساء والأطفال.