logo
الائتلاف الحاكم في اليابان يخسر انتخابات مجلس المستشارين

الائتلاف الحاكم في اليابان يخسر انتخابات مجلس المستشارين

العربي الجديدمنذ 6 أيام
فشل الائتلاف الحاكم في اليابان بزعامة رئيس الوزراء
شيغيرو إيشيبا
في الحصول على الأغلبية في مجلس المستشارين (الشيوخ) المكون من 248 مقعدا في انتخابات برلمانية حاسمة، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية اليوم الاثنين. وكان حزب إيشيبا الليبرالي الديمقراطي وشريكه الأصغر في الائتلاف كوميتو بحاجة للفوز بـ50 مقعداً بالإضافة إلى المقاعد الـ75 التي يمتلكونها بالفعل للوصول إلى الهدف. ومع تبقي مقعدين لم يحسما بعد، حصل الائتلاف على 46 مقعداً فقط.
وتعتبر هذه الخسارة ضربة أخرى لائتلاف إيشيبا، مما يجعله أقلية في كلا المجلسين بعد هزيمته في أكتوبر/ تشرين الأول الفائت في انتخابات مجلس النواب، ويزيد من تفاقم عدم الاستقرار السياسي في اليابان. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يفقد فيها الحزب الليبرالي الديمقراطي الأغلبية في كلا مجلسي البرلمان منذ تأسيس الحزب في عام 1955.
وأعرب إيشيبا يوم الأحد عن عزمه البقاء في منصبه لتجاوز التحديات مثل الرسوم الجمركية الأميركية، ولكنه قد يواجه دعوات من بين أعضاء حزبه للتنحي أو ايجاد شريك آخر في الائتلاف الحكومي. وصوت الناخبون الأحد لاختيار نصف مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددها 248 مقعداً، وهو المجلس الأقل قوة في البرلمان الياباني.
أخبار
التحديثات الحية
انطلاق انتخابات التجديد النصفي في اليابان وسط توقعات بتقدم المعارضة
ووضع إيشيبا سقفاً منخفضاً، راغباً في أغلبية بسيطة تبلغ 125 مقعداً، مما يعني أن حزبه الليبرالي الديمقراطي، وشريكه الأصغر في الائتلاف المدعوم من البوذيين، حزب كوميتو، كانوا بحاجة إلى الفوز بـ 50 مقعداً لإضافتها إلى 75 مقعدا لديهما بالفعل. وهذا يعني تراجعاً كبيراً عن 141 مقعداً كانت بحوزته قبل الانتخابات. وكانت نتائج استطلاعات الرأي الصادرة بعد ثوانٍ من إغلاق صناديق الاقتراع ليل الأحد قد أظهرت انتكاسة كبيرة لائتلاف إيشيبا.
وأمس الأحد، رجح تورو يوشيدا، أستاذ العلوم السياسية في جامعة دوشيشا، في حديث مع وكالة فرانس برس أن "يضطر إيشيبا إلى التنحي". وقال: "قد تدخل اليابان في المجهول مع وجود حكومة تملك أقلية في كل من مجلسي النواب والشيوخ، وهو أمر لم تشهده اليابان منذ الحرب العالمية الثانية". وحكم الحزب الليبرالي الديمقراطي من يمين الوسط الذي ينتمي إليه إيشيبا، اليابان بشكل شبه مستمر منذ عام 1955، مع تعاقب قيادات متعددة عليه.
ويقول محللون إن الأداء الضعيف للائتلاف يمكن أن يهز ثقة المستثمرين في رابع أكبر اقتصاد في العالم ويعطل المحادثات التجارية الحاسمة مع الولايات المتحدة، حيث تواجه اليابان موعداً نهائياً في الأول من أغسطس/ آب للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة أو مواجهة رسوم جمركية قاسية في أكبر أسواقها التصديرية.
ووصل رئيس الوزراء الياباني البالغ 68 عاماً إلى قمة هرم الحزب في سبتمبر/ أيلول الماضي، لكنه دعا فوراً إلى إجراء انتخابات. وجاء هذا القرار بنتائج عكسية، إذ تركت نتائج الانتخابات حزبه وشريكه الصغير في الائتلاف، حزب كوميتو، في حاجة إلى دعم أحزاب المعارضة، ما أعاق أجندتهما التشريعية.
(أسوشييتد برس، فرانس برس، العربي الجديد)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رؤية دنماركية: لحظة هيروشيما في غزة
رؤية دنماركية: لحظة هيروشيما في غزة

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

رؤية دنماركية: لحظة هيروشيما في غزة

في مقال تحليلي نُشر أمس الجمعة على موقع ( قدّم الكاتب والمؤلف الدنماركي جون غراوسغورد مقارنة لافتة بين قصف غزة اليوم وتفجير القنبلة الذرية في هيروشيما عام 1945، محذراً من أن الحروب الحديثة ، التي تدار عبر الذكاء الاصطناعي وأنظمة الأقمار الصناعية، ألغت كلياً التمييز بين الجندي والمدني. يرى غراوسغورد أن القنابل التقليدية التي تزود بها الولايات المتحدة حلفاءها، ومنها قنابل ضخمة تزن حوالي ألفي رطل زُوّدت بها إسرائيل ، تقترب في قدرتها التدميرية من "القنابل الذرية الصغيرة". ويؤكد أن غزة تحولت إلى ما يشبه "لحظة هيروشيما"، إذ أصبح اللامعقول أمراً اعتيادياً، و"قتل المدنيين باسم الضرورة العسكرية" امتدادٌ لإرث قديم يعيد إلى الأذهان مشاهد الإبادة من ناغازاكي وهيروشيما، مشدداً على أن من لا تروقه المقارنة يمكنه النظر إلى تدمير دريسدن وهامبورغ. الصورة دخان يتصاعد بعد قصف إسرائيلي على غزة، 24 يوليو 2025 (رويترز) وذكر الكاتب أن القنبلة التي ألقيت على هيروشيما قتلت 70 ألف شخص على الفور، و70 ألفاً آخرين لاحقاً. حينها، احتُفي بها بوصفها وسيلة "ضرورية" لإنهاء الحرب، رغم أنها أصبحت رمزاً للشر البشري. واليوم، بحسب غراوسغورد، تُستخدم الحجة ذاتها في تبرير المجازر في غزة: "لأننا نستطيع، سنفعل"، منبهاً إلى أن التكنولوجيا لم تجعل الحروب أقل دموية، بل زادت من فعاليتها التدميرية. أسلحة ذكية، طائرات مسيّرة، وبرمجيات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، جميعها تُستخدم اليوم في غزة من دون اعتبار لتكلفة بشرية باهظة. ويتابع الكاتب: "اليوم، تواصل إسرائيل هذا النوع من الحرب الشاملة في غزة، حيث تحاول حركة مقاومة مسلحة الدفاع عن الأرض الفلسطينية ضد الاحتلال"، مؤكداً: "يكفي الاشتباه بوجود مقاوم في مبنى لتحويله إلى أنقاض... وجميع السكان ضحايا". ويضيف أن عمليات قصف قطاع غزة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي تُنفذ ضمن منطق "هيروشيما الجديد" الذي يدمر بشكل ممنهج من دون اعتبار المجتمع المدني "مقتنعين بأن القصف ضروري لأنّ الإمكانية التقنية موجودة"، وهذا ما يسميه "تعصباً تقنياً" يتم فيه اختبار أسلحة جديدة على بشر حقيقيين من دون شعور تجاه منفذيها أو بمن يدعمهم سياسياً. رصد التحديثات الحية شهادات جنود إسرائيليين لصحيفة دنماركية: أوامر بالقتل العشوائي يشير غراوسغورد إلى تحول الحرب إلى "مختبر" فعلي لاختبار أسلحة ذكية، تدمّر مناطق كاملة بسرعة مذهلة، فيما يتم تغييب العامل البشري عن اتخاذ القرار. ويستشهد بمقال للباحث الأميركي ويليام هارتونغ على موقع (TomDispatch)، يحذّر فيه من أن الأسلحة الموجهة بالذكاء الاصطناعي تتيح تدمير أهداف مدنية بسرعة غير مسبوقة، وتُسند قرارات القتل إلى خوارزميات مبرمجة مسبقاً. ويُسلط الكاتب الضوء على دور الشركات الأميركية الخاصة في هذا المسار، خصوصاً شركة "بالانتير" (Palantir)، المملوكة للملياردير بيتر ثيل، ورئيسها التنفيذي أليكس كارب. هذه الشركة، بحسب غراوسغورد، على علاقة وثيقة بالبنتاغون والحكومة الإسرائيلية، وتقدم تقنيات تُستخدم حالياً في استهداف الأحياء المدنية في غزة. ويستشهد بتصريح نُسب إلى كارب، مفاده أن الولايات المتحدة في حاجة إلى "مشروع مانهاتن جديد" لتطوير الذكاء الاصطناعي العسكري، يضمن سيطرة الغرب على "أسلحة القرن"، مثل أسراب الطائرات المسيّرة وأنظمة الاستهداف الآلي. يعتبر غراوسغورد أن هذه المقاربة تُعيد إنتاج عقلية عنصرية، ترى في شعوب العالم "الأدنى" مادة قابلة للإبادة. فكما لم يُبدِ الغرب في الحرب العالمية الثانية تعاطفاً كبيراً مع المدنيين اليابانيين كما فعل مع ضحايا جرائم النازية في أوروبا، يتجاهل اليوم ما يجري في غزة، متذرعاً باعتبارات أمنية أو تحالفات استراتيجية. ويضيف ساخراً: "حتى رائحة اللحم البشري المحترق لم تعد تزعج منفذي الضربات أو داعميهم السياسيين". إعلام وحريات التحديثات الحية صحيفة دنماركية تنشر صور أطفال غزة: "كي لا يقال لم نكن نعلم" في هذا السياق، يشير الكاتب إلى أن إسرائيل، وفق تقارير عدة، تستخدم أنظمة مثل "Habsora" لتحليل المعلومات وتسريع اتخاذ القرار في قصف الأهداف، ما يجعل العمليات أكثر "فعالية"، ولكن أقل مراعاة لأي بُعد إنساني. وأمام هذه الأتمتة المتوحشة للحرب، يحذر غراوسغورد من تلاشي الضمير الإنساني، ومن تحوّل الضحية إلى رقم في قاعدة بيانات حربية. ويختتم الكاتب باقتباس من المفكر الأميركي هنري جيرو، نشره في مجلة (Monthly Review)، قال فيه: "امتلاك المعرفة والنقد والاستعداد للنضال من أجل عالم أفضل يتطلب شجاعة هائلة... في مثل هذه الأوقات، وكما أشارت حنة أرندت، أصبح التفكير بحد ذاته مخاطرة". ثم يعلق غراوسغورد بأن غزة اليوم ليست فقط ميدان معركة، بل مرآة لعصر يختفي فيه الإنسان خلف لوغاريتمات القتل، وتصبح التكنولوجيا سلاح إبادة ممنهجاً.

تباين في مواقف الفلسطينيين بعد إعلان ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين
تباين في مواقف الفلسطينيين بعد إعلان ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين

القدس العربي

timeمنذ 7 ساعات

  • القدس العربي

تباين في مواقف الفلسطينيين بعد إعلان ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين

رام الله: تباينت الآراء وردود الفعل بين الفلسطينيين، الجمعة، بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستعترف قريبًا بدولة فلسطين. وقال نبيل عبد الرازق، أحد سكان رام الله، حيث مقر السلطة الفلسطينية: 'نأمل أن يُنفّذ هذا القرار، وأن تحذو معظم دول العالم حذو فرنسا في الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة'. وفي أحد أكشاك بيع الصحف في الضفة الغربية، تصدّرت عناوين العديد من الصحف إعلان ماكرون، الخميس، بأن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل في نيويورك. وقال الناشط السياسي أحمد غنيم: 'قرار الدولة الفرنسية الاعتراف بدولة فلسطين هو قرار في غاية الأهمية، ونأمل أن تتخذ باقي الدول الأوروبية خطوات مماثلة'. وأضاف: 'هذه القرارات لا تؤكد فقط حق الشعب الفلسطيني، بل تسهم أيضًا في تغيير الواقع العنيف في المنطقة، وتؤدي إلى مزيد من الاستقرار'. وتعترف 142 دولة على الأقل من أصل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، وفق إحصاء أجرته وكالة فرانس برس. لكن بعض المحللين كانوا أكثر حذرًا في تعليقاتهم. وكتبت الكاتبة والمحللة السياسية نور عودة على منصة 'إكس': 'الحكومة الإسرائيلية تواجه أزمة بعد الإعلان الفرنسي، وقد دعا نائب رئيس الوزراء إلى ضم الضفة الغربية ردًا على ذلك'. وأضافت: 'في هذه الأثناء، السؤال المطروح بالنسبة للفلسطينيين هو: ما الذي ستفعله فرنسا الآن في مواجهة الجوع الذي تفرضه إسرائيل على غزة؟'. من جهتها، قالت إيناس عبد الرازق، المديرة المشاركة لمعهد فلسطين للدبلوماسية العامة: 'ما كان ينبغي على فرنسا الاعتراف به هو الإبادة الجماعية المستمرة، واتخاذ خطوات ملموسة لإنهائها وإنهاء الاحتلال، مثل تعليق التجارة وقطع العلاقات الدبلوماسية'. وأضافت: 'من الأمثلة على اللفتات الشجاعة ما فعله الرئيس الكولومبي، حين أمر جيشه بمنع السفن المحمّلة بالطاقة والأسلحة من الوصول إلى إسرائيل'. أما الناشط السياسي سامر سينجلاوي، فرأى أن وعد فرنسا ليس أكثر من لفتة 'رمزية'، لكنه اعتبر أن دعوة ماكرون لإجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية 'تمنحنا الأمل'. (أ ف ب)

من المسؤول عن مأساة غزة وحرب إبادتها؟
من المسؤول عن مأساة غزة وحرب إبادتها؟

القدس العربي

timeمنذ 16 ساعات

  • القدس العربي

من المسؤول عن مأساة غزة وحرب إبادتها؟

من المفترض أو المطلوب لأي تحليلٍ يريد أن يكون عقلانياً أو موضوعياً أن يتجرد قدر الإمكان من العواطف، خاصةً الجياشة الهادرة منها، وما أكثرها هذه الأيام. نطالب، ممن ينتظرون كلاماً عاقلاً، أو من أنفسنا إذا كنا جادين، ببرودة الثلج لدى التحليل، لكي نصل إلى تصوراتٍ واقتراحاتٍ تطرح حلولاً لما يحيق بنا، خاصةً إزاء مجزرةٍ ودمارٍ لا مثيل لهما، ولكي نتجنب الانسياق بدورنا في المزيد من الإثارة والتهييج، اللذين قد يؤديان إلى إشعال الأمور أكثر مما هي عليه (وإن كان يصعب تصور إمكانية هذا)، ومن ثم إلى الانزلاق إلى المزيد من التهور والدمار في دائرةٍ مفرغة. للإنصاف، يصعب تصور هذا أيضاً في ضوء العجز العربي الشامل والتام، إلا أنني أرى فائدة محاولة التفكير بهدوء، في خضم حمّامات الدم، وفي قلب الصراع المحتدم، للتمكن من طرح الأسئلة الحقيقية، الأهم، ومن ثم محاولة الخروج من تلك الهوة أو الجُرف الذي لم نزل نتردى فيه دون أي مؤشرٍ على قاعٍ قد نصل له، فنأمل بمعاودة الصعود. أسئلةٌ مثل: كيف وصلنا إلى هذه الحال من الضعف والضعة والهوان؟ كيف نخرج من هذا الوضع؟ ما الذي نتوقعه من إسرائيل وأمريكا؟ والأهم من كل هذا هل هما المسؤولان عن هذه المجزرة؟ فإن لم يكونا فمن المسؤول؟ بدايةً لا بد من الإشارة إلى كون جيلي وما تلاه لم يعش (بل لم يشهد مثيلاً ولا شبيهاً ولو من بعيد)، جولةً من الحرب بهذا الطول بيننا وبين كيان الاحتلال مذ زف إلينا الرئيس المؤمن السادات أن أكتوبر آخر الحروب، وهو الأمر الذي لم يلبث أن كذبه الرصاص والنيران، كما حدث في اجتياح كيان الاحتلال للبنان في عملية الليطاني في 1978، على سبيل المثال، والشاهد أن المعارك لم تتوقف من حينها؛ غير أن الأكيد أنه منذ وضعت حرب 73 وتوابعها أوزارها، لم يعرف الصراع العربي الإسرائيلي جولةً بهذا الطول، أما إذا قيس الأمر بحجم الدمار والنية المعقودة على التهجير، فنحن بصدد الكارثة الثالثة بعد نكبة 48 وهزيمة 67. الأنظمة العربية التي لم توقف ولم تهدد بوقف استثماراتها، مهدت الطريق للمأساة والاستخفاف بالدم الفلسطيني، والخروج من هذا المأزق يبدأ بحل استعصائنا العربي، لا الرهان على رحمة الغرب الفارق الرئيسي أن العالم العربي لم يكن يوماً بهذا الموات والتشرذم؛ حتى حين كانت جل دوله لم تزل واقعةً تحت الاحتلال بشتى صيغه، بين انتدابٍ واستيطانٍ كالجزائر مثلاً، لم يكن العرب مسكونين بالهزيمة إلى هذا الحد. كانت هناك آمالٌ عريضة بالتحرر والغد الأفضل (في سياق تيارٍ عالميٍ عارم للتحرر ما بين موجة الاستقلال عقب الحرب العالمية الثانية، وتفكيك الاستعمار القديم وموجة مظاهرات الطلبة والحرب الفيتنامية)، كما كان هناك تحدٍ وإرادة وتيارات سياسية لديها رؤى وتصورات للنهوض بهذه المجتمعات وتقديم البدائل والحلول. نظرياً، أو رسمياً على الأقل، كل الدول العربية باستثناء فلسطين، مستقلة وفي المجمل تملك الدول العربية ثرواتٍ طائلة (خاصة في مصادر الطاقة)، ولم يتغير موقعها الجغرافي، فما زالت على مفترقات الطرق الأهم في حركة التجارة العالمية، وزاد عدد سكانها وصاروا أكثر تعليماً وزاد توافر الكوادر، فما الذي حدث؟ أزعم أننا جميعاً نعلم الإجابة الحقيقية وإن لم يصرح البعض بها. على الرغم من حيطتي وتحفظي على ما يكتبه الصحافي الراحل هيكل، إلا أنني أجدني لا أتفق معه في شيء بالقدر نفسه حين كان يذكر (نقلاً عن لسان كيسنجر، إذا لم تخني الذاكرة) بأن السادات لم يكن يجيد استخدام أوراقه. وكان هو أيضاً (السادات) من أشاد بالشاه قبل سقوطه في إحدى محاوراته مع أحمد بهاء الدين، حين قال، إن الشاه هو الأفطن والأحكم، إذ أدرك أن كل الأوراق مع أمريكا (فجلس على حجرها وتعلق بجلبابها) في استعارةٍ بتشبث الطفل بأمه. لقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه نتيجة خيار استراتيجيٍ واعٍ بالتسليم لأمريكا، بالاصطفاف معها وفي محورها، «بالجلوس على حجرها» والتسليم أو التنازل طوعاً عن كل الأوراق المهمة لها؛ حتى فزاعة الإسلام السياسي، التي كان أمثال مبارك يلعبون بها، لم تكن أكثر من تحسين شروط القران المقرر سلفاً. لقد سقطت كل المشاريع الكبرى كالتنمية والنهوض إلخ (بفرض أنها وجدت أصلاً) وصار المشروع الأساسي (إن لم يكن الوحيد) للأنظمة هو بقاء النظام نفسه والطبقة المتحلقة حوله والمستفيدة منه؛ نحن لم نزل نعيش في ظل، وندفع ثمن، رثاثة ورداءة البورجوازية العربية المسكونة بالغرب والمهووسة حد الانسحاق به؛ ربما كان من الأدق أو على الأقل الجائز أن ننظر لعبد الناصر بشخصه (وأحياناً بتوابعه وإن بصورةٍ أقل) كجملةٍ اعتراضية ومحاولة للإفلات من هذا الوضع البائس والتبعية التي كانت البورجوازية المصرية والعربية بوجهٍ عام مستسلمةً مستمتعةً به تجاه رأس المال الغربي، إلا أنها ما لبثت أن تسللت ثم سيطرت مرةً أخرى. لقد كان التسليم والهزيمة خياراً واعياً للأنظمة العربية، معادلة مفادها: نسلم في القضايا المصيرية كلها مقابل أن تصبح أمريكا/إسرائيل، الضامن لبقاء النظام، أو على الأقل ألا تتآمرا على إسقاطه (أحسب النتيجة واحدة على اختلاف الصياغة والآلية)؛ هذا بالطبع في الخطوط العريضة بما يتحمل ويتيح مساحة للخلاف في صغائر الأمور هنا وهناك. ما أن نتقبل هذا الطرح أو الفرضية، فإن كل تصرفات وتوجهات الأنظمة تصبح مفهومةً ومنطقية، إذ تصير السيطرة على الشعوب ومنعها من الانجراف الصادق والمفهوم والنبيل في دعم الحق والنضال الفلسطينيين، هي الهم والشغل الشاغل للأنظمة، كما يصبح التناقض الرئيسي بين الأنظمة والشعوب لا مع إسرائيل، فبحساب المكسب والخسارة (من وجهة نظر الأنظمة كالمصري وبعض الأسر الحاكمة في الخليج) فإن تصفية القضية الفلسطينية والكتلة البشرية الفلسطينية، يصبح الخيار الأسهل والأرخص بالنسبة لها، وكما كان رابين يود أن يستيقظ فيجد غزة قد غرقت في البحر فإن هؤلاء «القادة» العرب (مع التجاوز في استخدام الكلمة والإقرار بأن كلمة أخرى قريبة هي الأدق والأليق) ربما يتمنون أن يستيقظوا فيجدوا الفلسطينيين نسلاً وسلالةً قد تبخروا كـ»فلسطينيين» وذابت هويتهم وتلاشت تماماً. أن تكون هذه منحة من السماء لهم ونهايةً للصداع بزوال صاحب الحق، ومن ثم نهاية المطالبة به وزوال جهة الادعاء؟ ربما يكون هذا الكلام قاسياً، إلا أننا في وقتٍ ومنعطفٍ لم نعد نملك فيه رفاهية تخفيف نبرة الكلام. كما أننا لا نجد تفسيراً آخر لكيف أن هذه الأنظمة والدول تقف عاجزةً تماماً عن وقف هذه المجزرة وإيصال رغيفٍ، أو مجرد كسرة خبز، دون موافقة كيان الاحتلال الإجرامي (الأمر الكفيل بإثارة الجنون) إلا بأنها سلمت كل أوراقها وإرادتها تماماً. هذه هي الإجابة على السؤال عنوان المقال: إن المسؤول هو تواطؤ الأنظمة العربية التي سحقت شعوبها، وبددت كل القوى السياسية ورؤاها، هو التفكك العربي وعجز الشعوب التي لم تعد تنتظر سوى تغير المزاج الغربي، حين يصل جيل الشباب الذي رأي وفهم وتألم إلى سدة الحكم بعد عقدٍ أو اثنين من الزمان، بعد أن يباد الشعب الفلسطيني لعلهم ينقذون من يتبقى منه. المسؤول هو الهزيمة الشاملة العربية المتمثلة في فقدان أوراق الضغط التي سلمت كاملةً لأمريكا، ربما تكون إسرائيل هي التي تطلق الرصاص بالسلاح الذي توفره لها أمريكا، إلا أن الأنظمة العربية التي لم توقف ولا حتى تهدد بوقف استثماراتها أو توريدات نفطها، أو أي وسيلةٍ أخرى للضغط هي التي مهدت الطريق لهذه المأساة والاستخفاف بالدم الفلسطيني، بطبيعة الحال فإن الخروج من هذا المأزق يبدأ من حل استعصائنا العربي، لا من الرهان على رحمة الغرب وقلبه الحنون. كاتب مصري

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store