
اغتيال علماء إيران النوويين يقضى على عقود من الخبرة الفنية
وأضاف المعهد أن جهد إسرائيل هذه المرة مختلف وأن عمليات الاغتيال وجهت ضربة جدية لقدرة النظام الإيراني على إنتاج سلاح نووي، بسبب تصفية الخبراء الرئيسين والمديرين من ذوي الخبرة، مما يجعل تعويضهم صعباً ويستغرق وقتاً طويلاً.
وجرت هذه الاغتيالات بالتزامن مع الهجمات الإسرائيلية والأميركية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، وعلى رغم أن التقييمات الاستخباراتية الأولية الأميركية وصفت الأضرار بأنها متوسطة، فإن التقييمات اللاحقة أظهرت أن القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات ربما دمرت منشأة فوردو بالكامل وألحقت أضراراً جسيمة بالموقعين الآخرين، مما قد يؤدي إلى تأخير برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني لأعوام، ومع ذلك يبدو أن الخسائر البشرية كانت أكثر أهمية من الأضرار المادية، فالقلق الرئيس في الوقت الراهن يتمثل فيما إذا كان النظام الإيراني يمتلك الكوادر المتخصصة اللازمة لإعادة بناء هذه المنشآت واستئناف الأنشطة العلمية المعقدة المرتبطة بصناعة القنبلة النووية، إذ يظهر تقييم المعهد أن إيران تواجه معركة صعبة وخصوصاً في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية ضد من بقي من الخبراء النوويين.
وأكد التقرير أن البرنامج النووي الإيراني يتمتع بدرجة عالية من السرية والتصنيف حد أن المعلومات الحساسة غالباً ما تكون محصورة في أذهان عدد محدود من الأفراد الأساسيين، مشيراً إلى أن من سيتولون العمل على تصنيع سلاح نووي في المستقبل سيكونون أقل اطلاعاً وخبرة، وسيتعرضون في الوقت ذاته لأخطار أكبر، مما يجعل عملية تصنيع السلاح النووي أكثر تعقيداً وتحدياً من أي وقت مضى.
وكان الخبراء الذين اغتيلوا يملكون خبرات دقيقة في مجالات حيوية مثل الرؤوس الحربية النووية ومحاكاة الأسلحة ومحفزات النيوترون والمواد المتفجرة وتكنولوجيا الصواريخ، وهي مجالات تعد ضرورية لصناعة سلاح نووي قابل للإطلاق، كما كان بعضهم متخصصاً في الاختبارات التشخيصية للأسلحة النووية وأنظمة الصواريخ الباليستية، وكان متوسط أعمار هؤلاء العلماء نحو 60 سنة، مما يشير إلى أن إسرائيل استهدفت أكثر الكوادر العلمية خبرة في النظام الإيراني، ويذكر أن ثلاثة منهم في الأقل حصلوا على درجة الدكتوراه من جامعات روسية، في حين نال آخرون شهاداتهم من داخل إيران.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن بين القتلى الفيزيائي النووي وأحد الشخصيات المحورية في برنامج الأسلحة النووية للنظام الإيراني، فريدون عباسي دواني الذي ولد عام 1958 والتحق بالحرس الثوري الإيراني بعد انتصار الثورة عام 1979، ومع بدء النظام الإيراني البرنامج السري للأسلحة النووية في تسعينيات القرن الماضي، عمل فريدون عباسي على تصميم وتطوير واختبار المشغل النتروني المصنوع من "دوتريد اليورانيوم"، وهو جهاز ينتج النيوترونات عبر الاندماج بين ذرات الديوتيريوم، ويوضع في قلب اليورانيوم عالي التخصيب المستخدم في السلاح ليطلق في اللحظة المناسبة دفعة من النيوترونات تنتج التفاعل التسلسلي النووي، وفي عام 2012 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عباسي بسبب أنشطته في مجال التكنولوجيا النووية.
وكذلك فأحد الخبراء البارزين هو محمد مهدی طهرانجي الذي أدى دوراً محورياً في البرنامج السري للأسلحة النووية للنظام الإيراني، المعروف باسم "مشروع آماد"، وهو المشروع الذي أوقف بعد الكشف عنه عام 2003، وكان طهرانجي يشغل منصب رئيس جامعة "آزاد الإسلامية" ويشكل حلقة وصل مهمة بين البرامج النووية المدنية والعسكرية للنظام الإيراني، كما أدى دوراً مهماً في تأمين المواد والمعدات المطلوبة من خارج البلاد، وكان لعباسي وطهرانجي دور بارز في تشكيل جهود تسليح النظام الإيراني بعد "مشروع آماد"، إذ تعاونا معاً لإخفاء الجوانب العسكرية للنشاطات النووية وتضليل المجتمع الدولي.
كما استهدفت إسرائيل علي باكوئي كتريمي، وهو فرد متخصص في تطوير أنظمة إطلاق متعددة النقاط وتصميم الأسلحة النووية والتقنيات الانفجارية، ومن بين الخبراء الرئيسين الآخرين كذلك عبدالحميد مينوتشهر، وكان يمتلك خبرة تمتد لعقود في مجالات فيزياء المفاعلات والمحاكاة النووية والوقود النووي المتقدم، وفي الوقت نفسه يعد أحمد رضا ذو الفقاري درياني، أحد القلائل من المتخصصين الإيرانيين في حساب قوة انفجار القنبلة النووية، ويقال إن معرفته يصعب تعويضها.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل قامت خلال فترة الحرب بتهديد عدد من القادة المتخصصين عبر مكالمات هاتفية ومنصات التواصل الاجتماعي، محذرة إياهم من أنهم سيكونون هدفاً للهجوم مع عائلاتهم إذا ما لم يغادروا البلاد، وبحسب تقرير "معهد العلوم والأمن الدولي" فإن إسرائيل، وفي مسعى واضح إلى منع إيران من استعادة قدراتها أو استخدام كوادر جديدة، قامت خلال الحرب بتهديد كثير من المتخصصين والخبراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضمن حملة يرجح أنها لا تزال مستمرة، ووجهت تحذيرات صريحة للمتخصصين والخبراء مفادها أن المشاركة في برنامج الأسلحة النووية تعني الموت المحتم، كما عرضت مكافآت وضمانات أمنية لمن يقدم معلومات حول جهود النظام الإيراني لإعادة بناء برنامجه النووي، ولم تؤد هذه الحملة من الاغتيالات والعمليات التخريبية فقط إلى تصفية المسؤولين العلميين المؤثرين وحسب، بل نشرت الخوف وانعدام الثقة في صفوف الكوادر الباقية، واليوم يدرك أي خبير إيراني يفكر في التعاون مع برنامج النظام النووي أن حياته وحياة عائلته في خطر دائم، وأن أي زميل مقرب قد يكون عميلاً أو مخبراً.
وإضافة إلى تصفية الكوادر البشرية فقد دمرت إسرائيل وثائق حساسة من بينها نسخة من أرشيف البرنامج النووي الإيراني كانت محفوظة في قبو تابع لمنظمة الأبحاث والابتكار الدفاعي (سبند) التابع لوزارة الدفاع الإيرانية، كما ألحقت هجمات إسرائيلية أخرى أضراراً جسيمة بعدد من منشآت تطوير وإنتاج الأسلحة النووية التي يعتقد أنها كانت تحوي معدات وبيانات بالغة الحساسية، وقد أدت العمليات الإسرائيلية إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني بشدة وإلى الحد الذي قد يستغرق معه إصلاحه وإعادة بنائه أعواماً عدة، إن كان ذلك ممكناً أصلاً.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 9 دقائق
- Independent عربية
60 في المئة من الأميركيين يرفضون حرب إسرائيل على غزة
أظهر استطلاع جديد أجرته مؤسسة "غالوب" أن نسبة تأييد الأميركيين للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تراجعت إلى 32 في المئة، وهو أدنى مستوى يسجل منذ رصد ردود الفعل في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2023، عقب الهجوم الذي شنته حركة "حماس" على إسرائيل. وزادت نسبة رفض الأميركيين للحرب الإسرائيلية إلى 60 في المئة، مع انقسام كبير على أساس الانتماء الحزبي، إذ لا تتجاوز نسبة التأييد بين الديمقراطيين ثمانية في المئة، فيما يؤيدها 25 في المئة فقط من المستقلين، وهي أرقام أسهمت في انخفاض المعدل العام. موجة غضب دولي الاستطلاع أجري بين السابع والـ21 من يوليو (تموز) الجاري، في وقت تتصاعد موجة الغضب الدولي ضد إسرائيل بسبب تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، إذ حذرت المنظمات الدولية أن غزة على شفا "أسوأ سيناريو" مجاعة. وكشفت دراسة "غالوب" عن أن "الأميركيين أبدوا تأييداً لإسرائيل في استطلاع أُجري أواخر عام 2023، بعد أسابيع من هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول). لكن منذ ذلك الحين، فاقت نسبة الرفض نسبة التأييد في جميع الاستطلاعات اللاحقة، لتبلغ ذروتها عند 55 في المئة في مارس (آذار) عام 2024، ثم تنخفض إلى 48 في المئة ضمن استطلاعين لاحقين خلال العام. وإذ يؤيد 71 في المئة من الجمهوريين العمليات الإسرائيلية في غزة، يعد التباين الحزبي الحاد تهديداً لدعم الحزبين التقليدي للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وصرّح السيناتور المستقل أنغوس كينغ، وهو عضو في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ أول من أمس الإثنين بأنه سيصوت ضد أي دعم عسكري لإسرائيل في ظل أزمة المجاعة بغزة. كما قدم السيناتور المستقل بيرني ساندرز الجمعة الماضي مشروع قرار مشترك لوقف صفقة أسلحة لإسرائيل. موقف نتنياهو ورداً على سؤال هذا الشهر حول تراجع الدعم لإسرائيل داخل الحزب الديمقراطي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه "حريص على الحفاظ على الدعم الكبير الذي حظيت به إسرائيل"، ملقياً باللوم على "حملة ممنهجة لتشويه صورة إسرائيل عبر وسائل التواصل الاجتماعي". كما أظهر الاستطلاع أن غالبية الأميركيين ينظرون إلى نتنياهو نظرة سلبية بنسبة 52 في المئة، وهي أعلى نسبة رفض يسجلها منذ عام 1997. وأوضحت "غالوب" أن "ثلثي الجمهوريين بنسبة 67 في المئة يبدون آراء إيجابية تجاه نتنياهو، مقارنة بـ19 في المئة فقط من المستقلين وتسعة في المئة من الديمقراطيين". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إسرائيل تخسر اليمين الأميركي وضمن مقالة في موقع "ذا هيل"، أشار الباحث عبدالله حايك إلى أن الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل الذي شكّل لعقود حجر الأساس في السياسة الخارجية المحافظة بات يتفكك علناً وبوتيرة متسارعة، فبينما كان الحزب الجمهوري تاريخياً الحليف الأشد ولاءً لإسرائيل، تشير تحولات لافتة في الكونغرس والإعلام اليميني وقاعدة ترمب إلى تبدل في المزاج، من تأييد مطلق إلى تشكك وتململ، بل عداء في بعض الحالات. وقال حايك إن الجمهوريين لم يكونوا تاريخياً أوفياء لإسرائيل، بل فضلوا العلاقات مع العرب، لكن مع الزمن وبفعل اعتبارات الحرب الباردة وصعود الإنجيليين ومدّ المحافظين الجدد بعد الـ11 من سبتمبر (أيلول)، تحوّل الحزب إلى الشريك الأكثر حماسة لتل أبيب، إلا أن هذه العلاقة تشهد اليوم تصدعات خطرة، حتى في أوساط إدارة ترمب الثانية التي صدمت إسرائيل بفرض رسوم جمركية وانتقادات علنية لطريقة إدارتها للحرب مع إيران، وعدم التنسيق في سوريا، مما أدى إلى توتر علني بين ترمب ونتنياهو. وأوضح حايك أن الاستطلاعات تشير إلى تصدع العلاقة بين الجمهوريين وإسرائيل، إذ أظهر أحدثها تراجع تعاطف الجمهوريين مع إسرائيل من 78 في المئة إلى 64 في المئة خلال عام واحد وسط حرب غزة. ومع تنامي القناعة بضرورة نهج "أميركا أولاً"، باتت الرسالة إلى إسرائيل أن الدعم لن يستمر بلا شروط، مضيفاً أنه "إذا لم تظهر إسرائيل التزاماً بالاستقرار الإقليمي وإنهاء الحرب وكبح المستوطنين، فإنها مهددة بخسارة حتى أقرب أصدقائها على اليمين الأميركي".


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
إسرائيل تواجه "أقسى الاتهامات" من حيث لا تتوقع
تدرك اثنتان من جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية أنهما ستتعرضان لرد فعل عنيف بعد أن أصبحتا أول صوت داخل إسرائيل يتهمها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، لتكسرا بذلك أمراً محرماً في دولة قامت بعد المحرقة النازية (هولوكوست). وأصدرت منظمتا "بتسيلم" و"أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل" تقارير خلال مؤتمر صحافي بالقدس أول من أمس الإثنين، قالتا ضمنه إن إسرائيل تنفذ "عملاً منسقاً ومتعمداً لتدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة". أقسى الاتهامات الممكنة وهذا أشد اتهام ممكن ضد تل أبيب التي تنفي ذلك بشدة، فتهمة الإبادة الجماعية ذات حساسية بالغة في إسرائيل، نظراً إلى أنها نشأت على يد فقهاء قانون يهود في أعقاب المحرقة النازية، ويرفض المسؤولون الإسرائيليون مزاعم الإبادة الجماعية باعتبارها معادية للسامية. لذا قالت المديرة الدولية لمنظمة "بتسيلم" ساريت ميخائيلي إن المنظمة تتوقع أن تواجه ردود فعل بسبب إعلانها هذا الرأي في إسرائيل التي لا تزال تشعر بالصدمة من الهجمات التي قادتها حركة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، وأسفرت عن سقوط قتلى وتلاها اندلاع الحرب في غزة. وأضافت "درسنا جميع الأخطار التي يمكن أن نواجهها، الأخطار القانونية والإعلامية والمجتمعية والأخطار على السمعة وأنواع أخرى من الأخطار، وعملنا على محاولة التخفيف منها". وينظر إلى "بتسيلم" على أنها منظمة تغرد خارج التيار السياسي السائد في إسرائيل، ولكنها تحظى بالاحترام على المستوى الدولي. وقالت ميخائيلي "لدينا أيضاً خبرة كبيرة في الهجمات التي تشنها الحكومة أو مواقع التواصل الاجتماعي، لذا فهذه ليست المرة الأولى"، موضحة أن من الطبيعي "أن نتوقع كمنظمة أن تؤدي هذه المسألة، المشحونة والمثيرة للخلاف بشدة داخل المجتمع الإسرائيلي وعلى الصعيد الدولي، إلى رد فعل أكبر". ولم ترد وزارة الخارجية الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد على طلبات للتعليق. الحياة كأمر محزن وبعد فترة وجيزة من صدور التقارير أول من أمس، قال المتحدث باسم الحكومة ديفيد مينسر "نعم، بالطبع لدينا حرية تعبير في إسرائيل"، لكنه رفض بشدة نتائج التقارير، مردفاً أن مثل هذه الاتهامات تزيد معاداة السامية في الخارج. وعبّر بعض الإسرائيليين عن قلقهم من الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة التي أدت إلى مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني وتدمير جزء كبير من القطاع وانتشار الجوع على نطاق واسع. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقالت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مرصد عالمي دولي لمراقبة الجوع، أمس الثلاثاء إن سيناريو المجاعة يتكشف في قطاع غزة مع ارتفاع معدلات سوء التغذية ووفاة الأطفال دون سن الخامسة لأسباب تتعلق بالجوع وتقييد وصول المساعدات الإنسانية بشدة. وذكر الممرض شمؤئيل شيرينزون (31 سنة) أن "بالنسبة لي، الحياة هي الحياة، وهذا أمر محزن. لا ينبغي لأحد أن يموت هناك". لكن الجمهور الإسرائيلي يرفض بصورة عامة مزاعم الإبادة الجماعية، فمعظم من قتلوا خلال هجمات السابع من أكتوبر 2023 مدنيون من الرجال والنساء والأطفال والمسنين. وتفيد إسرائيل بأن تلك الهجمات أدت إلى مقتل 1200 شخص واقتياد 251 رهينة إلى قطاع غزة. وقال الصحافي الإسرائيلي سيفر بلوكر ضمن مقالة بعنوان "لماذا نغض الطرف عن غزة؟"، نشرت على موقع "واي نت" الإخباري الرئيس الأسبوع الماضي، إن صور الفلسطينيين العاديين المبتهجين بالهجمات، بل حتى الذين يتبعون المسلحين للمشاركة في العنف، جعلت من المستحيل تقريباً أن يشعر الإسرائيليون بالتعاطف مع سكان غزة في الأشهر التي أعقبت عملية "حماس". وأضاف أن "جرائم 'حماس' في السابع من أكتوبر أيقظت بعمق ولأجيال، وعي الجمهور اليهودي بأكمله في إسرائيل الذي يفسر الآن التدمير والقتل في غزة على أنه رد رادع، بالتالي مشروع أخلاقياً أيضاً". جدران من الإنكار وتصدت إسرائيل لاتهامات الإبادة الجماعية منذ الأيام الأولى للحرب على غزة، بما في ذلك قضية رفعتها جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ندد بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووصفها بأنها "مشينة". وفي حين تقول جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية إنه ربما يكون من الصعب العمل في ظل حكومة تنتمي لليمين المتطرف في إسرائيل، لكنها لا تواجه هذا النوع من القمع الصارم الذي تواجهه نظيراتها في أنحاء أخرى من الشرق الأوسط. ودأبت إسرائيل على قول إن ما تقوم به في غزة مبرر على أنه دفاع عن النفس، وتتهم "حماس" باستخدام المدنيين دروعاً بشرية، وهي تهمة تنفيها الحركة. وركزت وسائل الإعلام الإسرائيلية بصورة أكبر على أزمة الرهائن الذين احتجزتهم "حماس" خلال ما يوصف بأنه أسوأ هجوم يحدث بصورة منفردة على اليهود منذ المحرقة. وقالت المديرة التنفيذية لـ"بتسيلم" يولي نوفاك إنه في هذه الأجواء، كان وصول موظفي المنظمة الإسرائيليين إلى الاستنتاج الصارخ بأن بلدهم مدان بارتكاب إبادة جماعية يمثل تحدياً عاطفياً بالنسبة إليهم. وأضافت بغصة "إنه أمر غير مفهوم حقاً، ظاهرة لا يمكن للعقل أن يتحملها"، وتابعت "أعتقد بأن عدداً من زملائنا يعانون في الوقت الحالي، ليس فقط خوفاً من العقوبات، ولكن أيضاً لاستيعاب هذا الأمر بصورة كاملة". وأوضح المدير التنفيذي لمنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل" جاي شاليف أن المنظمة تواجه "جداراً من الإنكار". وتتعرض المنظمة لضغوط منذ أشهر، وتتوقع ردود فعل أقوى بعد إصدار تقريرها. وصرّح شاليف إلى "رويترز" بأن "المؤسسات البيروقراطية والقانونية والمالية مثل البنوك التي جمدت الحسابات بما في ذلك حسابنا، وبعض التحديات التي نتوقع أن نراها خلال الأيام المقبلة، ستزيد كثافة هذه الجهود".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
"خريطة حمراء"... إسرائيل تسيطر على 77% من غزة
كثف الجيش الإسرائيلي من عملياته العسكرية في غزة بصورة لم يُشهد لها مثيل منذ استئناف الحرب في مارس (آذار) الماضي، واقترب من الاحتلال الكامل للقطاع حسب مخطط "عربات جدعون"، إذ سيطرت القوات البرية على نحو 77 في المئة من إجمال أراضي الحرب. وفي الأسابيع الماضية كثفت إسرائيل نشر أوامر الإخلاء لسكان غزة، إذ أمر الجيش جميع الموجودين في محافظة خان يونس جنوب القطاع بإخلائها فوراً والتوجه نحو محافظة دير البلح وسط القطاع، وأجبر السكان على الزحف مستخدماً قوة نارية ضخمة. بحسب الجيش الإسرائيلي، تم تهجير منطقة خانيونس بصورة كاملة من السكان بإجلاء نحو 750 ألفاً إلى محافظة دير البلح، وشمل الإخلاء حتى مناطق المواصي الإنسانية. وكانت خان يونس تستوعب سكانها والنازحين من مدينة رفح التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي بصورة كاملة. يقول المتخصص في مجال العلوم العسكرية خليل الجعبري "تنفذ تل أبيب خطة (عربات جدعون)، التي بدأتها بالسيطرة على رفح، وانتقلت حالياً إلى خان يونس". بسرعة أخذ الجيش يسيطر على غزة، والآن تجتاح المدرعات العسكرية مناطق بيت حانون وبيت لاهيا والشيخ زايد وتل الزعتر وجباليا، وجميعها تقع شمالاً. يضيف الجعبري "الآن جميع مناطق شمال غزة وجنوبها تقع تحت جنازير الدبابات". ولم يتوقف الجنود عند ذلك الحد، وإنما توسع اجتياح القطاع أكثر وشمل مناطق واسعة من مدينة غزة المركزية، إذ سيطرت الفرق العسكرية على حي التفاح والشجاعية والدرج والزيتون والبلدة القديمة وعديد من الأحياء الشعبية الصغيرة، مما يعني اجتياح نصف المدينة. وبالنسبة إلى محافظة دير البلح وسط القطاع، والتي تشمل دير البلح والنصيرات والبريج والمغازي، فقد توغلت الدبابات في شرق دير البلح فقط وتركت باقي المناطق لاستقبال النازحين. يعقب الجعبري على ذلك، بالقول "لم يتبقَّ في القطاع سوى غرب مدينة غزة المركزية وأحياء محافظة وسط القطاع". غزة الحمراء بلغة الأرقام يبين الجعبري أن الجيش يحتل حالياً نحو 77 في المئة من مساحة القطاع، وما تبقى من مناطق تعد أماكن إيواء للنازحين، وهي مساحة صغيرة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فرد على 23 في المئة من مساحة القطاع البالغة 356 كيلومتراً مربعاً. يوضح الجعبري أن إسرائيل حالياً تقترب من استكمال احتلال القطاع، وذلك وفقاً لمخطط عملية "عربات جدعون" العسكرية، التي بدأها الجيش في مايو (أيار) الماضي، وفيها قرر احتلال القطاع بالكامل وإقامة إدارة عسكرية فيه. بحسب هيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان"، فإن تل أبيب تعتزم زيادة التصعيد أكثر في غزة ومواصلة احتلال أراضي القطاع، في وقت تجمدت فيه جهود مكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ونقلت "كان" عن رئيس أركان الجيش إيال زامير، قوله "لا يزال هناك كثير من المناطق التي يجب السيطرة عليها، هناك الآن خمس فرق عسكرية في قطاع غزة لهذا الغرض". في مايو (أيار) الماضي أقر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر "الكابينت" خطة عملية "عربات جدعون" لاحتلال قطاع غزة بالكامل، ووفقاً للمخططات فإنه في غضون شهرين من إقرار الخطة سيتمكن الجنود من إعادة احتلال القطاع. يقول المتخصص في الجغرافيا السياسية جهاد أبو طويلة إن "نحو 77 في المئة من مناطق قطاع غزة أصبحت مناطق حمراء، أي تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، وهذا يعني إعادة احتلالها وفقدان الغزيين لأراضيهم". ويضيف "المساحة التي شملتها عمليات الاجتياح تبلغ نحو 275.8 كيلومتر مربع، وإذا لم تتوقف الحرب في وقت قريب فإن ذلك يعني أن الجيش في طريقه إلى السيطرة الكاملة على قطاع غزة". ويوضح أبو طويلة أن تكثيف العمليات العسكرية واستدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط، وتوسيع رقعة الدمار في قلب المدينة يظهر بوضوح أن إسرائيل تخوض سباقاً مع الزمن، إذ تعرف تل أبيب أن ما تبقى من الوقت ليس كثيراً لخلق صورة نصر. الرهائن أولوية بحسب "القناة 14" العبرية فإن القيادة العسكرية اجتمعت مع المستوى السياسي لمناقشة المسار المستقبلي للعمليات العسكرية في القطاع، وطرح الجيش الإسرائيلي مسارين: الأول يتمثل في المضي باحتلال كامل للقطاع وإقامة إدارة عسكرية، والثاني الذهاب لخيارات عسكرية جديدة. تقول "القناة 14"، "لم يتخذ أي قرار حاسم"، لكن نتنياهو لمح إلى الذهاب لتصعيد العمليات واستكمال احتلال كامل القطاع، إذ قال "لدينا مزيد من الخطط لتحرير الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، تليها هزيمة حركة (حماس)". يوضح مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة أن "الجيش الإسرائيلي بات يسيطر الآن على 77 في المئة من المساحة الجغرافية لقطاع غزة، إما عبر تمركز قواته داخل المناطق السكنية والمدنية، أو من خلال السيطرة النارية الكثيفة التي تمنع الفلسطينيين من الوصول إلى ممتلكاتهم". ويضيف "تبعات استمرار السيطرة الفعلية على الغالبية العظمى من مساحة قطاع غزة خطرة، وترقى إلى محاولة فرض أمر واقع استعماري وإعادة رسم الخريطة السكانية بالقوة". لكن، هل ستواصل إسرائيل احتلال القطاع وتذهب نحو فرض حكم عسكري، أم أنها ستذهب لمسار حشر الغزيين في مدينة إنسانية من دون تورط في حكم عسكري؟ الرئيس الأميركي دونالد ترمب أفصح عن وجود خطط وبدائل لإطلاق سراح الرهائن، وأنه لا حل لملف غزة سوى القضاء على "حماس"، من دون أن يوضح إذا كان يعني إعادة احتلال القطاع وفرض حكم عسكري أم أن هناك خيارات أخرى.