
"صنع في العراق".. ما الذي يعيق عودتها للسوق المحلية؟
شفق نيوز/ مع هيمنة البضائع المستوردة بمختلف انواعها على الاسواق المحلية، أصبحت عبارة "صنع في العراق"، الملصقة على السلع، نادرة جدا، رغم أنها وصلت للسوق العالمية قبل عقود مضت.
ويعيش العراق منذ عقود حالة من الركود والشلل التام في القطاع الصناعي العام والخاص، بإستثناء بعض المحاولات الخجولة التي لايمكنها ان تجعل منه بلداً صناعياً رغم توفر المواد الأولية والخبرات والبنى التحتية التي تصلح لشتى الصناعات.
ووفق المتحدثة باسم وزارة الصناعة والمعادن ضحى الجبوري، فإن "الشركة العامة للصناعات الكهربائية والالكترونية، وهي إحدى تشكيلات الوزارة، تواصل عملها وتعرض منتجاتها للبيع عبر عدد من المنافذ التسويقية بالتعاون مع القطاع الخاص".
وتؤكد الجبوري لوكالة شفق نيوز، أن "الشركة العامة للصناعات الكهربائية والإلكترونية تختص بصناعة الاجهزة الكهربائية مثل اجهزة التبريد التي تتضمن المكيف الشبكي بسعات مختلفة واجهزة التبريد الكنتورية والمكيف الجداري بنوعيه العادي والاقتصادي، إضافة الى صناعة برادات الماء بكافة انواعها والمراوح السقفية والمنضدية والعمودية وأجهزة الحماية".
وتشير الجبوري، الى "قيام الشركة بانتاج سخانات الماء بسعات مختلفة فضلاً عن انتاج مبردات الهواء ومضخات الماء، فضلا عن وجود مصنع متكامل تابع للشركة يختص بانتاج المصابيح ومواد الانارة الحديثة الموفرة للطاقة، إذ يتم انتاج مصابيح بمختلف الأحجام والألوان".
وتنوه إلى "وجود منافذ تسويقية للشركة في محافظات بغداد وديالى وبابل وواسط وكركوك، وثمة تعاون ملموس في هذا الاطار بين الشركة والقطاع الخاص".
وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أعلن في 2 آيار/ مايو 2023، خلال مؤتمر الاستثمار المعدني الذي أقيم في بغداد، إن "العراق قادر على إنتاج صناعة وطنية تضاهي ما ينتج في الدول العربية.. ولن نبقى متفرجين ببقاء العراق سوقا استهلاكية بل سيكون هنالك إنتاج وطني".
يشار إلى أن العراق يمتلك شركات رسمية ما زالت فاعلة ومنتجة، مثل النسيج والصناعات الكهربائية، التي تحمل أسماء 'عشتار' و'القيثارة' لمنتجاتها، فضلا عن المواد الغذائية، مثل الألبان.
من جانبه، يبين الخبير الاقتصادي منار العبيدي، لوكالة شفق نيوز، أن "إعادة شعار"صنع في العراق" يتطلب مجموعة عوامل ومقومات من أجل انتاج صناعات محلية قادرة على التنافس مع المنتجات الخارجية".
ويضيف، "تتمثل هذه العوامل في الدرجة الاولى بإعادة الثقة بالمنتج العراقي، ولاتتوفر هذه الثقة إلا من خلال طرح منتجات رصينة ومتينة تناسب قدرة دخل الفرد العراقي".
ويلفت إلى أن "هناك ضرورة لتوفر مجموعة من العوامل المهمة لتفعيل الصناعة الوطنية تتعلق في آلية الكلف، حيث ان كلف اي منتج محلي عالية مقارنة مع الكلف المالية في الدول المجاورة مثل تركيا وايران او الدول الاخرى كالصين".
ويؤكد، أهمية "إعادة النظر في التعرفة الجمركية للسلع المستوردة من اجل خلق القدرة التنافسية للمنتج العراقي، بالرغم من ان ذلك سيؤدي الى ارتفاع بعض السلع في السوق المحلية وسيؤثر على قدرة المواطن العراقي".
وينوه، "نحتاج الى استراتيجية واضحة تعتمد على الثقة وتوفير العوامل الأساسية للمنتجات المحلية، وتقليل الكلف المالية لتصبح المنتجات الوطنية قادرة على التنافس مع السلع الأجنبية".
يشار إلى أن وزير الصناعة خالد بتال النجم، أقر يوم أمس السبت، بصعوبة منافسة المنتج المحلي للبضائع المستوردة من البلدان المجاورة اضافة الصين بسبب انخفاض تكلفة الإنتاج لديها وارتفاعها في العراق.
جاء ذلك خلال استضافته في انطلاق قمة الأعمال العراقية IBS والتي تُعقد في العاصمة بغداد بمشاركة مؤسسات اقتصادية وشركات استثمارية محلية ودولية، حيث قال: "نحن محاطون ببلدان لديها مشاكل اقتصادية"، مؤكدا أن "أكثر استيرادات العراق من ايران وتركيا والصين".
وأضاف أن "العملة الايرانية شبه منهارة، وتكلفة الانتاج لديها أقل بكثير للغاية من تكلفة الإنتاج في العراق، وعلى سبيل المثال كلفة الطاقة التشغيلية لإدارة أي مشروع صناعي في البلاد تبلغ تقريبا 30 بالمئة من تكلفة الإنتاج".
كما أشار النجم الى أن الحصار الاقتصادي المفروض على ايران أدى الى انخفاض تكلفة الإنتاج لديها كما كان الوضع في العراق أيام الحصار في تسعينيات القرن المنصرم، وكذلك تركيا ايضا تشهد انخفاضا بالعملة المحلية، وسوريا ستلتحق بالبلدين إذا استقر الوضع لديها، ونعود بالتعامل معها الى ما قبل الأحداث، وتدخل المنتجات السورية الى السوق العراقية.
ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.
إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي علي دعدوش، أن "من العسير جداً عودة الصناعة المحلية في ظل سياسة الباب المفتوح للاستيرادات وضعف ضبط الحدود ووجود منافذ غير رسمية".
ويوضح لوكالة شفق نيوز، أن "اتجاه التجار والمستثمرين نحو تحقيق الربح السريع عبر الاستيراد، وهو ما حول العراق إلى بلد مستورد لكل شيء بكل بمعنى الكلمة".
ويؤكد، أن "السلع المستوردة رخيصة، وهو ما أثر سلباً على الصناعة المحلية، خاصة وأن التصنيع المحلي يحتاج إلى كلف مالية مرتفعة"، لافتا إلى أنه "في حال رغب العراق بعودة سياسة التصنيع المحلي، فعليه مراجعة القوانين الخاصة بالمنافذ الحدودية، وعدم إعطاء استثناءات لاستيراد السلع والخدمات بشكل تدريجي، بما يعني تفعيل أدوات السياسة التجارية بالتزامن مع وضع سياسة اقراضية للمستثمرين المحلين الذين يرومون العمل وصناعة السلع والخدمات في الداخل، مع تعطيل استيفاء الضرائب لأول عامين من بدء المشروع".
ويتابع، أن "اتخاذ هذه الخطوات الجريئة من شأنه تفعيل الصناعة المحلية واعادتها الى الواجهة من جديد".
ويعزف اصحاب الشركات والمحال التجارية عن جلب بضائع كهربائية ومنزلية محلية الصنع الى شركاتهم ومحالاتهم لاسباب تتعلق بالجودة والكلف المالية التي لاتسمح بتحقيق ارباح كبيرة، فضلا عن زهد المواطنين في اقتناءها.
وبهذا الصدد يؤكد عباس عدنان، صاحب شركة استيراد مواد كهربائية ومنزلية، أن "عدم وجود منتجات عراقية الصنع في شركتنا يعود الى عوامل عديدة، أبرزها ان البضائع المستوردة ارخص ثمنا من المنتجات المحلية".
ويوضح لوكالة شفق نيوز، أن "المجمدة على سبيل المثال تصل الى الشركة مع الجمرك بسعر 200 ألف دينار، فيما تباع المجمدة محلية الصنع على الشركة بسعر 275 ألف دينار، وإذا اضفنا لها أرباح بقيمة 50 الف دينار او اكثر عند ذاك يصبح سعرها ضعف سعر المجمدة المستوردة أو قريبا من ذلك، مايجعل تسويقها صعبا للغاية".
ويلفت عطوان إلى "فقدان المواطنين الثقة في المنتج المحلي، ولذا هم يفضلون البضائع المستوردة على البضائع المحلية، وتلقى هذه البضائع ترويجاً وتسويقا دائما وهو مايشجع التجار واصحاب الشركات على استيرادها"، مبينا أن "الحكومة يجب ان تدخل كطرف داعم للمنتج الوطني عبر منح خصومات مالية للتجار، بدل ان تدخل كطرف منافس وطرح اسعار باهظة لاتقوى العديد من الشرائح الاجتماعية على تحمل اعبائها".
ويعود زهد العديد من المواطنين بالصناعات الكهربائية والمنزلية المحلية الى عدم كفاءة الاجهزة المنتجة محلياً فضلا عن ارتفاع اسعارها، حسب قولهم، إذ تقول المواطنة سناء حمزاوي (39 عاماً) من منطقة الزعفرانية، أنه "لا يوجد قياس بين الصناعات الكهربائية العراقية التي كانت تنتج في فترة السبعينيات والثمانينيات عن المنتجات الكهربائية التي تنتج حالياً".
وتشير حمزاوي، لوكالة شفق نيوز، إلى أن "جدها كان قد اقتنى مجمدة عراقية نوع "عشتار" صمدت امام الزمن مايقرب من 40 عاما دون ان تدخل ورشة صيانة، فيما لايقام هذا النوع من الثلاجات والمجمدات لاكثر من عام واحد، وفي ذلك مفارقة شديدة بالنسبة للصناعة المحلية".
وقد لا يكون اسعار البضائع المستوردة الدافع الوحيد للمستهلكين، فثمة المتانة واتقان الصنع والاستجابة السريعة لاصلاح العطل الطارئ في الاجهزة، من الاسباب المهمة في المفاضلة بين الاجهزة الكهربائية المحلية والمستوردة.
حيث يوضح علي علوان الخفاجي (34 عاما) من منطقة الدورة، لوكالة شفق نيوز، أن "ارتفاع الثمن غير مهم بالنسبة للبضاعة الجيدة، لان اقتناء اجهزة رصينة بسعر مرتفع قليلاً افضل من اقتناء اجهزة ليست فيها أي متانة وتتعرض للعطل باستمرار".
ويضيف أنه "من الغرابة ان تكون المنتجات الكهربائية المحلية غالية الثمن رغم بساطة تصنيعها، فيما تكون الاجهزة الكهربائية المستوردة مع رصانتها ومتانتها رخيصة الثمن".
ويؤكد "تدفع هذه المفارقة الغريبة كثيرا من الناس للإقبال على الأجهزة المستوردة، دون أن يخدش ذلك حسهم الوطني".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 8 ساعات
- شفق نيوز
الذهب يرتفع ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر
شفق نيوز/ يتجه الذهب خلال تعاملات، اليوم الجمعة، لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار وتزايد المخاوف إزاء أوضاع المالية العامة في أكبر اقتصاد في العالم إلى دعم الإقبال على الملاذ الآمن. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة إلى 3299.79 دولاراً للأونصة (الأوقية) بحلول الساعة الـ 0014 بتوقيت غرينتش. وارتفع المعدن النفيس بنحو ثلاثة بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل أبريل. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2 بالمئة أيضا إلى 3299.60 دولاراً. وهبط الدولار بأكثر من واحد بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن ويتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ السابع من أبريل، مما يجعل الذهب المسعر به أرخص لحائزي العملات الأخرى. ووافق مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، على مشروع قانون شامل للضرائب والإنفاق أمس الخميس، بما يضمن تنفيذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب ويضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي. وينتقل مشروع القانون بهذا إلى مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون بهامش 53 إلى 47 مقعدا. وعادة ما يُنظر للذهب كملاذ آمن في أوقات الضبابية السياسية والمالية. وفي غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية عن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في أعقاب تقرير لشبكة (سي.إن.إن) الأميركية أفاد بأن إسرائيل تستعد لشن ضربات على إيران. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة في المعاملات الفورية عند 33.07 دولاراً للأونصة، وصعد البلاتين 0.1 بالمئة إلى 1082.47 دولاراً، ونزل البلاديوم 0.3 بالمئة إلى 1012.00 دولاراً.


شفق نيوز
منذ 8 ساعات
- شفق نيوز
انخفاض أسعار النفط بفعل ارتفاع الدولار وتوقعات زيادة أوبك+ للانتاج
شفق نيوز/ انخفضت أسعار النفط ، خلال التعاملات المبكرة، اليوم الجمعة، على خلفية صعود الدولار واحتمالية قيام تحالف أوبك+ بزيادة إنتاجه من النفط الخام بصورة أكبر. وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 37 سنتا إلى 64.07 دولاراً للبرميل بحلول الساعة الـ 0015 بتوقيت غرينتش. ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 39 سنتا إلى 60.81 دولارا. وانخفض خام برنت اثنين بالمئة منذ بداية الأسبوع وحتى الآن، فيما هبط خام غرب تكساس 2.7 بالمئة. وصعد الدولار أمام سلة من العملات أمس الخميس بدعم من موافقة مجلس النواب على مشروع قانون طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لخفض الضرائب والإنفاق. وعادة ما يتم تداول النفط بشكل عكسي مع الدولار لأن ارتفاع الدولار يزيد التكلفة على المشترين من خارج الولايات المتحدة. ودفع تقرير من "بلومبرغ نيوز" أفاد بأن تحالف أوبك+ سيدرس زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج خلال اجتماع في الأول من يونيو حزيران أسعار النفط للانخفاض أيضا. ونقل التقرير عن مندوبين أن زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميا في يوليو من بين الخيارات المطروحة، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي. وذكرت وكالة "رويترز" سابقا أن تحالف أوبك+ سيسرع وتيرة إنتاج النفط. وضغط ارتفاع كبير في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة في وقت سابق من الأسبوع كذلك على أسعار النفط. ووفقا لبيانات من شركة ذا تانك تايجر، ارتفع الطلب على تخزين النفط الخام في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية لمستويات مماثلة لما كان عليه الوضع خلال كوفيد-19، في وقت يستعد فيه المتعاملون لزيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة من منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها.


شفق نيوز
منذ 17 ساعات
- شفق نيوز
مصباح "علاء الدين" الصيني يعيد الأمل لعراق أخضر ووقود أزرق
شفق نيوز/ سلط موقع "شبكة بيغ نيوز" الصادر بالانجليزية، الضوء على التغيير العميق الذي احدثته محطة حلفاية لمعالجة الغاز الطبيعي الذي استثمرته الصين وتولت تنفيذه في محافظة ميسان جنوبي العراق، في حياة عشرات الآلاف من العائلات العراقية، مشيرا الى انه يعكس الآمال المتجددة في العراق من خلال استغلال الغاز المصاحب لتزويد المنازل بالطاقة. وتناول تقرير الموقع، الذي يتخذ من دبي وسيدني كمقرين له، قصة الفلاح حيدر، الذي ما ان ينبلج ضوء الصباح ويخترق الضباب فوق نهر دجلة، حتى يدخل الى المطبخ كعادته يوميا، ويشعل موقد الغاز. مصباح "علاء الدين" ونقل التقرير عن حيدر، قوله وهو يملأ إبريق الشاي بالمياه، إن "هذا اللهب الازرق يشبه الجني في مصباح علاء الدين، حيث يعيد ايقاد الامل في نفوس العراقيين، فالطهي اصبح اكثر سهولة، ولم يعد هو وجيرانه الخوف من انقطاع الكهرباء المتكرر في حرارة الصيف". ورأى التقرير، ان حياة عشرات الالاف من العائلات العراقية، تبدلت بهدوء وبشكل عميق، بفضل محطة حلفاية لمعالجة غاز، وهو مشروع ضخم بقيمة مليار دولار استثمرت فيه شركة "بتروتشاينا حلفاية"، وتولت تنفيذه شركة "الصين للهندسة والانشاءات البترولية". واشار التقرير الى انه برغم ان العراق يمتلك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز، الا انه افتقر دائما الى القدرة على تكرير النفط ومعالجة الغاز، في حيت تسببت عقود من الصراعات وقلة الاستثمارات، بجعل العراق معتمدا على استيراد الغاز والكهرباء، وخصوصا من ايران. وتابع التقرير ان هذا الاعتماد تحول الى عبء في اذار/مارس الماضي، عندما الغت الولايات المتحدة الاعفاء الممنوح للعراق لشراء الكهرباء من ايران، كجزء من حملة "الضغط الاقصى" على طهران، وذلك الى جانب الضغوط التي مارستها واشنطن على بغداد لوقف واردات الغاز الايراني، مما دفع الحكومة العراقية للبحث عن مصادر بديلة بشكل عاجل، مشيرا الى ان محطة الحلفاية جاءت في الوقت المناسب. رمز صمود واوضح التقرير، ان محطة حلفاية اصبحت منذ انطلاقها في حزيران/يونيو الماضي، اكثر من مجرد بنية تحتية صناعية، لانها تحولت الى رمز للصمود والتعاون ومستقبل الطاقة الانظف في العراق، مضيفا ان المحطة تعتبر اول مشروع متكامل واسع في العراق لمعالجة النفط والغاز، حيث انها تعالج حوالي 3 مليارات متر مكعب من الغاز المصاحب سنوياً، والذي ينتج من الحقول النفطية ويحرق هباء ويساهم في تلويث الهواء. والان، لفت التقرير الى ان هذا الغاز المصاحب يتم التقاطه ومعالجته ليتحول الى الى مصدر وقود قابل للاستخدام بحجم يصل الى نحو 2.25 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المعالج سنويا، والذي بمقدوره توليد 5 مليارات كيلوواط/ساعة من الكهرباء، وهو ما يكفي لنحو 4 ملايين منزل عراقي، والذي يشكل طوق نجاة لهذا البلد الذي عانى لسنوات من الانقطاعات المستمرة والعجز في الطاقة. وبالاضافة الى ذلك، اشار التقرير الى انه الى جانب الكهرباء، فان المحطة تساهم في تنويع اقتصاد الطاقة في العراق، مضيفا ان المحطة تنتج حوالي 860 الف طن من الغاز النفطي المسال سنويا، ويتم توزيعه بالشاحنات فيميسان والى محافظات اخرى، مشيرا الى ان المحطة تنتج ايضا نحو 900 الف طن من الهيدروكربونات الخفيفة و15 الف طن من الكبريت الصناعي سنويا. ونقل التقرير عن السيدة العراقية زينب، وهي مهندسة تعمل في المحطة، قولها ان "العراق كان يحرق في الماضي الغاز المصاحب ليلا ونهاراً، وكنا نشعر وكأننا نلقي بمستقبلنا في السماء، الا ان الامور تغيرت منذ اكتمال المحطة"، مشيرة الى ان الشاحنات تصطف الان لنقل الغاز الى البلدات والمحافظات القريبة حيث ان هذا الغاز لم يعد مهدورا، بل اصبح موردا ذهبيا". عراق أخضر وبعدما لفت التقرير الى ان مشروع محطة حلفاية بمقدوره ان يحسن سمعة العراق البيئية بتلائمه مع المعايير العالمية، نقل عن المدير العام لفرع "شركة الصين للهندسة والانشاءات البترولية" في الشرق الاوسط جيانغ فينغ قوله ان "هذا المشروع ليس انجازا هندسيا فحسب، بل نموذجاً للتنمية المستدامة، لقد أتينا بالتكنولوجيا الصينية الرائدة، الى جانب رؤية لمسؤولية بيئية طويلة المدى". وأعرب جيانغ، كما نقل عنه التقرير، عن فخره بكيفية تحويل الطاقة التي كانت مهدورة الى منتجات تشغل المنازل وتدعم الصناعات وتطور حياة الناس، وفي الوقت نفسه، تخفض من كميات ثاني اكسيد الكربون وثاني اكسيد الكبريت المنبعثة سنويا. وذكر التقرير بانه خلال افتتاح المشروع في حزيران/يونيو الماضي، قام رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بتشغيل صمام تشغيل المحطة شخصيا، واصفا اياه بانه نموذج للتعاون بين العراق والصين، في حين تحدث وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، خلال الاحتفال نفسه قائلا ان "افتتاح هذه المحطة يشكل اضافة نوعية لقطاع الطاقة من خلال استغلال الغاز المصاحب بدلا من حرقه وتحويله الى طاقة مفيدة". وبحسب التقرير فان جهود الشركة الصينية تتخطى هذا الانجاز، اذ ان حقل حلفاية النفطي يقع بالقرب من اهوار الحويزة، الخاضعة للحماية من منظمة اليونسكو وتعتبر حيوية للتنوع البيولوجي في المنطقة. ونقل التقرير عن رئيس "شركة بتروتشاينا حلفاية" فانغ جياجونغ قوله ان "شركتنا التزمت طوال 15 عاما، بمفهوم التنمية الخضراء في حقل حلفاية، ونحن نراقب بانتظام المياه والتربة والهواء والتنوع البيولوجي في اهوار الحويزة"، مضيفا: "هدفنا هو ضمان ان وجودنا يعزز النظام البيئي، لا ان يلحق الضرر به". كما نقل التقرير، عن زينب المهندسة العاملة في المحطة، قولها وهي تشير الى الطيور المهاجرة في السماء قرب المحطة، ان "الشركات الصينية تضرب مثلا يحتذى به هنا.. احترامهم للبيئة ليس مجرد امر رائع، بل هو ضروري لمستقبلنا". أما المزارع حيدر، فيقول وهو يبتسم بينما يسكب كوبا من الشاي، انه "بفضل هذه المحطة، لم نحصل على الغاز فقط، وانما استعدنا كرامتنا".