
فطور الصباح الفرنسي… عادة سيئة ورثها الجزائريون
يعد فطور الصباح في نمطه الحالي من العادات المتوارثة التي رسّخها الاستعمار الفرنسي في أذهان الجزائريين، وهو من المخلفات الكولونيالية التي أضحت عادة ألفتها العائلات الجزائرية، فالحليب عند الجزائريين ليس مجرد غذاء، بل تقليد لا يستقيم اليوم من دونه، وعشق جماعي متوارث، يتجلّى كل صباح في فنجان قهوة بالحليب، إلى جوار قطعة كعك أو خبز أبيض مدهون بالزبدة أو الشوكولاطة الصناعية، أو فطيرة هلالية (كرواصون). إنها الوجبة التي لا يساوم فيها أحد، وإن كانت علميا وصحيا من أكثر العادات خطورة على الصحة العامة.
لا شك أن فطور الصباح يشكّل محطة مهمة في روتين الجزائريين، لكنه أيضا أصبح يمثل إشكالية صحية معقّدة بسبب مكوناته الفقيرة غذائيا والغنية بالسكريات والدهون. فبعيدا عن الصورة الوردية لفنجان القهوة الدافئ ورائحة الحليب التي تعيدنا إلى دفء الطفولة، يخفي هذا الفطور ما هو أخطر بكثير من مجرد عادة يومية، إنه أنموذج غذائي غير متوازن، يؤثر مباشرة على صحة القلب والجهاز الهضمي، ويسيء إلى استقرار نسبة السكر في الدم، خصوصا مع استهلاكه يوميا وعلى مدى سنوات طويلة.
وجبة كولونيالية تحوّلت إلى عادة يومية
ومنذ أن رسّخ المستعمر الفرنسي ثقافته الغذائية، خاصة في المدن الكبرى، بدأ أنموذج الفطور الفرنسي القائم على الحليب والقهوة، والمخبوزات الصناعية يفرض نفسه على العادة الصباحية في الجزائر، حتى صار مع الوقت جزءا من يوميات الجزائريين.
هذا الأنموذج لا يزال حاضرا بقوة، ليس فقط في البيوت، بل في المقاهي، والمدارس والجامعات وأماكن العمل، وحتى في المستشفيات. تكفي جولة صغيرة في أحد الأحياء صباحا لتدرك أن أغلب الوجبات المقدّمة تتكرر فيها نفس العناصر المكونة من كوب حليب أو قهوة بالحليب، خبز أبيض، وقطعة حلوى أو كعك محشو بالسكر والدهون المهدرجة، مع غياب شبه تام لأي مصدر طبيعي للألياف والفيتامينات، أو البروتين الحيوي، وهو ما يجعل هذه الوجبة وصفة مثالية لمشاكل التمثيل الغذائي والسمنة وأمراض الجهاز الهضمي.
وقد تبنّى الجزائريون هذا الأنموذج من الفطور، رغم أن تركيبتهم الغذائية قبل الاستعمار كانت أكثر توازنا وتنوّعا، حيث يشير المؤرخون إلى أن الفطور التقليدي في الجزائر، قبل دخول التأثيرات الأوروبية، كان يعتمد على الحبوب الكاملة والحليب الطبيعي الطازج غير المعالج صناعيا والتمر وزيت الزيتون، والعسل الطبيعي، وهي مكونات تتماشى مع البيئة المحلية واحتياجات الجسم.
من هنا يبدأ يومك
وإذا كانت معظم الدراسات الطبية الحديثة تجمع على خطورة الفطور الصباحي الفرنسي، فهناك دراسة نشرتها المجلة الأوروبية للتغذية عام 2022، تشير إلى أن الإفراط في تناول مشتقات الحليب المعالج والسكريات البسيطة في فطور الصباح يؤدي إلى تقلبات حادة في نسبة السكر في الدم، ويؤثر على المزاج والتركيز، وحتى الأداء الدراسي والذهني. الدراسة نفسها لاحظت أن الأشخاص الذين يتناولون فطورا يحتوي على بروتينات وألياف طبيعية يكونون أكثر نشاطا، وأقل عرضة للهبوط الحاد في الطاقة خلال النهار.
من جهته، يؤكد الدكتور عساس حسان، المختص في أمراض الجهاز الهضمي، في تصريح لـ'الشروق'، أن 'فطور الجزائريين كارثي بكل المقاييس الصحية، ويحتوي أحيانا على نسب غير مبررة من الدهون المشبّعة. واستهلاك الحليب يؤدي إلى مشاكل هضمية مثل الانتفاخ والإسهال، مع متاعب صحية بسبب سكر اللاكتوز الذي يعجز الجسم عن تفكيكه عند الأشخاص البالغين، وقد يتسبّب الحليب في طفح جلدي، وفي انتشار حب الشباب، وعكس ما يعتقده البعض، فإن الحليب قد يتسبّب في هشاشة العظام عن طريق تسريب الكالسيوم لكثرة البروتينات الحيوانية'.
عشق غير مباح لحليب الصباح
أشارت إحصائيات رسمية حديثة إلى أن معدل استهلاك الفرد الجزائري من الحليب ومشتقاته يبلغ حوالي 130 لتر سنويا، وهو رقم يفوق المعدلات الموصى بها عالميا من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والتي لا تتجاوز 90 لترا للفرد. هذا الإقبال الكبير، رغم التحذيرات، يعكس التعلّق الرمزي والنفسي العميق الذي يربط الجزائريين بالحليب، كمادة لا غنى عنها في حياتهم اليومية.
وتعود العلاقة العاطفية بين الجزائريين والحليب إلى سياق اجتماعي معقّد، حيث أصبح ينظر إليه كرمز للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وربما حتى العائلي، فلقطات الطفولة التي يبدأ فيها اليوم بكوب دافئ من الحليب، غالبا ما ترتبط عند الكثيرين بالإحساس بالراحة والأمان، الأمر الذي صعّب من مهمة التخلي عن هذه العادة، حتى بعدما تبيّنت أضرارها علميا، بل إن بعض العائلات تعتبر فطورا بدون حليب لا يعد فطورا على الإطلاق، أو بمثابة حرمان من شيء أساسي، وهي ثقافة متجذّرة يصعب التخلي عنها في الوقت الحالي.
من زاوية أخرى، تلعب المنتجات الصناعية دورا محوريا في تثبيت هذه العادة غير الصحية، فالكعك المعلب والخبز الأبيض والهلاليات والمواد المحلاة والمصنعة، يروّج لها على أنها 'مثالية' لفطور صباحي سريع وخفيف، رغم أنها بعيدة كل البعد عن مواصفات الوجبة الصحية المتوازنة. والأخطر من ذلك أن هذه المنتجات تستهلك بكميات مقلقة من طرف الأطفال، الذين يفتتحون يومهم بوجبة فقيرة جدا غذائيا، ما ينعكس سلبا على تحصيلهم العلمي ونموهم العقلي والجسدي.
ويرى المختصون أن البدائل متوفرة في وجبات متوازنة تعتمد على عناصر بسيطة كالخبز المصنوع من الشعير أو القمح الكامل وزيت الزيتون والبيض والفواكه الموسمية، والمكسرات أو التمر. ويمكن استبدال الحليب بمشروبات نباتية أو أعشاب دافئة تساعد على الهضم من دون أن تثقل الجهاز الهضمي. كما يعد الفطور الإنجليزي أرحم بالصحة، لاحتوائه على البيض والخضر والشاي، وهي المكونات الأقرب إلى الوجبة المتوازنة.
إذا كان أغلب الجزائريين يربطون فطور الصباح بالحنين والجلسات العائلية المتوارثة، فإن هذا الموروث له أصول استعمارية فرنسية، وبما أننا في عهد القطيعة مع كل ما هو فرنسي، وفك الرباط مع باريس، فإن الفرصة مواتية للتخلّص من الفطور الفرنسي، فلا يمكن اعتبار الفطور عادة مقدسة بقدر ما هو قرار صحي يومي، يحدّد، إلى مدى بعيد، كيف ستكون بقية يومنا، بل مستقبلنا الصحي بأكمله.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الخبر
منذ 12 ساعات
- الخبر
دراسة مقلقة تربط بين قلة النوم وأمراض القلب
كشفت دراسة حديثة من جامعة أوبسالا السويدية النقاب عن آلية مقلقة تربط بين قلة النوم وأمراض القلب. وتوصل الباحثون إلى أن ثلاث ليال فقط من النوم المتقطع (حوالي 4 ساعات في الليلة) كفيلة بإحداث تغيرات خطيرة في الدم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وفي هذه الدراسة الدقيقة التي أجريت على 16 شابا يتمتعون بصحة جيدة، لاحظ الباحثون ارتفاعا ملحوظا في مستويات البروتينات الالتهابية في الدم بعد فترات الحرمان من النوم. وهذه البروتينات التي ينتجها الجسم عادة كرد فعل للتوتر أو مكافحة الأمراض، تتحول إلى خطر حقيقي عندما تظل مرتفعة لفترات طويلة، حيث تساهم في تلف الأوعية الدموية وترفع احتمالات الإصابة بقصور القلب وأمراض الشرايين التاجية واضطرابات نظم القلب. والمثير للقلق أن هذه التغيرات السلبية ظهرت حتى لدى الشباب الأصحاء، وبعد بضعة ليال فقط من النوم غير الكافي. كما اكتشف الباحثون أن التمارين الرياضية تفقد جزءا من فوائدها المعتادة عندما لا يحصل الجسم على قسط كاف من النوم، حيث ضعفت الاستجابة الطبيعية للبروتينات الصحية مثل "إنترلوكين-6" و"عامل التغذية العصبية المستمد من الدماغ" (BDNF)، التي تدعم صحة القلب والدماغ. والأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فقد وجد الفريق البحثي أن توقيت سحب عينات الدم يلعب دورا مهما في النتائج، حيث اختلفت مستويات البروتين بين الصباح والمساء بشكل أكثر وضوحا في حالات الحرمان من النوم. ويسلط هذا الاكتشاف الضوء على مدى تعقيد العلاقة بين الساعة البيولوجية للجسم وعملياته الكيميائية الحيوية. وتأتي هذه الدراسة كجرس إنذار يؤكد أن أجسادنا تدفع ثمنا باهظا للتضحية بساعات النوم من أجل العمل أو السهر أمام الشاشات. وبالتالي، فإن النوم الجيد ليلا ليس مجرد راحة، بل استثمار حقيقي في عمر أطول وأكثر صحة.


الشروق
منذ 16 ساعات
- الشروق
فطور الصباح الفرنسي… عادة سيئة ورثها الجزائريون
يعد فطور الصباح في نمطه الحالي من العادات المتوارثة التي رسّخها الاستعمار الفرنسي في أذهان الجزائريين، وهو من المخلفات الكولونيالية التي أضحت عادة ألفتها العائلات الجزائرية، فالحليب عند الجزائريين ليس مجرد غذاء، بل تقليد لا يستقيم اليوم من دونه، وعشق جماعي متوارث، يتجلّى كل صباح في فنجان قهوة بالحليب، إلى جوار قطعة كعك أو خبز أبيض مدهون بالزبدة أو الشوكولاطة الصناعية، أو فطيرة هلالية (كرواصون). إنها الوجبة التي لا يساوم فيها أحد، وإن كانت علميا وصحيا من أكثر العادات خطورة على الصحة العامة. لا شك أن فطور الصباح يشكّل محطة مهمة في روتين الجزائريين، لكنه أيضا أصبح يمثل إشكالية صحية معقّدة بسبب مكوناته الفقيرة غذائيا والغنية بالسكريات والدهون. فبعيدا عن الصورة الوردية لفنجان القهوة الدافئ ورائحة الحليب التي تعيدنا إلى دفء الطفولة، يخفي هذا الفطور ما هو أخطر بكثير من مجرد عادة يومية، إنه أنموذج غذائي غير متوازن، يؤثر مباشرة على صحة القلب والجهاز الهضمي، ويسيء إلى استقرار نسبة السكر في الدم، خصوصا مع استهلاكه يوميا وعلى مدى سنوات طويلة. وجبة كولونيالية تحوّلت إلى عادة يومية ومنذ أن رسّخ المستعمر الفرنسي ثقافته الغذائية، خاصة في المدن الكبرى، بدأ أنموذج الفطور الفرنسي القائم على الحليب والقهوة، والمخبوزات الصناعية يفرض نفسه على العادة الصباحية في الجزائر، حتى صار مع الوقت جزءا من يوميات الجزائريين. هذا الأنموذج لا يزال حاضرا بقوة، ليس فقط في البيوت، بل في المقاهي، والمدارس والجامعات وأماكن العمل، وحتى في المستشفيات. تكفي جولة صغيرة في أحد الأحياء صباحا لتدرك أن أغلب الوجبات المقدّمة تتكرر فيها نفس العناصر المكونة من كوب حليب أو قهوة بالحليب، خبز أبيض، وقطعة حلوى أو كعك محشو بالسكر والدهون المهدرجة، مع غياب شبه تام لأي مصدر طبيعي للألياف والفيتامينات، أو البروتين الحيوي، وهو ما يجعل هذه الوجبة وصفة مثالية لمشاكل التمثيل الغذائي والسمنة وأمراض الجهاز الهضمي. وقد تبنّى الجزائريون هذا الأنموذج من الفطور، رغم أن تركيبتهم الغذائية قبل الاستعمار كانت أكثر توازنا وتنوّعا، حيث يشير المؤرخون إلى أن الفطور التقليدي في الجزائر، قبل دخول التأثيرات الأوروبية، كان يعتمد على الحبوب الكاملة والحليب الطبيعي الطازج غير المعالج صناعيا والتمر وزيت الزيتون، والعسل الطبيعي، وهي مكونات تتماشى مع البيئة المحلية واحتياجات الجسم. من هنا يبدأ يومك وإذا كانت معظم الدراسات الطبية الحديثة تجمع على خطورة الفطور الصباحي الفرنسي، فهناك دراسة نشرتها المجلة الأوروبية للتغذية عام 2022، تشير إلى أن الإفراط في تناول مشتقات الحليب المعالج والسكريات البسيطة في فطور الصباح يؤدي إلى تقلبات حادة في نسبة السكر في الدم، ويؤثر على المزاج والتركيز، وحتى الأداء الدراسي والذهني. الدراسة نفسها لاحظت أن الأشخاص الذين يتناولون فطورا يحتوي على بروتينات وألياف طبيعية يكونون أكثر نشاطا، وأقل عرضة للهبوط الحاد في الطاقة خلال النهار. من جهته، يؤكد الدكتور عساس حسان، المختص في أمراض الجهاز الهضمي، في تصريح لـ'الشروق'، أن 'فطور الجزائريين كارثي بكل المقاييس الصحية، ويحتوي أحيانا على نسب غير مبررة من الدهون المشبّعة. واستهلاك الحليب يؤدي إلى مشاكل هضمية مثل الانتفاخ والإسهال، مع متاعب صحية بسبب سكر اللاكتوز الذي يعجز الجسم عن تفكيكه عند الأشخاص البالغين، وقد يتسبّب الحليب في طفح جلدي، وفي انتشار حب الشباب، وعكس ما يعتقده البعض، فإن الحليب قد يتسبّب في هشاشة العظام عن طريق تسريب الكالسيوم لكثرة البروتينات الحيوانية'. عشق غير مباح لحليب الصباح أشارت إحصائيات رسمية حديثة إلى أن معدل استهلاك الفرد الجزائري من الحليب ومشتقاته يبلغ حوالي 130 لتر سنويا، وهو رقم يفوق المعدلات الموصى بها عالميا من قبل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، والتي لا تتجاوز 90 لترا للفرد. هذا الإقبال الكبير، رغم التحذيرات، يعكس التعلّق الرمزي والنفسي العميق الذي يربط الجزائريين بالحليب، كمادة لا غنى عنها في حياتهم اليومية. وتعود العلاقة العاطفية بين الجزائريين والحليب إلى سياق اجتماعي معقّد، حيث أصبح ينظر إليه كرمز للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وربما حتى العائلي، فلقطات الطفولة التي يبدأ فيها اليوم بكوب دافئ من الحليب، غالبا ما ترتبط عند الكثيرين بالإحساس بالراحة والأمان، الأمر الذي صعّب من مهمة التخلي عن هذه العادة، حتى بعدما تبيّنت أضرارها علميا، بل إن بعض العائلات تعتبر فطورا بدون حليب لا يعد فطورا على الإطلاق، أو بمثابة حرمان من شيء أساسي، وهي ثقافة متجذّرة يصعب التخلي عنها في الوقت الحالي. من زاوية أخرى، تلعب المنتجات الصناعية دورا محوريا في تثبيت هذه العادة غير الصحية، فالكعك المعلب والخبز الأبيض والهلاليات والمواد المحلاة والمصنعة، يروّج لها على أنها 'مثالية' لفطور صباحي سريع وخفيف، رغم أنها بعيدة كل البعد عن مواصفات الوجبة الصحية المتوازنة. والأخطر من ذلك أن هذه المنتجات تستهلك بكميات مقلقة من طرف الأطفال، الذين يفتتحون يومهم بوجبة فقيرة جدا غذائيا، ما ينعكس سلبا على تحصيلهم العلمي ونموهم العقلي والجسدي. ويرى المختصون أن البدائل متوفرة في وجبات متوازنة تعتمد على عناصر بسيطة كالخبز المصنوع من الشعير أو القمح الكامل وزيت الزيتون والبيض والفواكه الموسمية، والمكسرات أو التمر. ويمكن استبدال الحليب بمشروبات نباتية أو أعشاب دافئة تساعد على الهضم من دون أن تثقل الجهاز الهضمي. كما يعد الفطور الإنجليزي أرحم بالصحة، لاحتوائه على البيض والخضر والشاي، وهي المكونات الأقرب إلى الوجبة المتوازنة. إذا كان أغلب الجزائريين يربطون فطور الصباح بالحنين والجلسات العائلية المتوارثة، فإن هذا الموروث له أصول استعمارية فرنسية، وبما أننا في عهد القطيعة مع كل ما هو فرنسي، وفك الرباط مع باريس، فإن الفرصة مواتية للتخلّص من الفطور الفرنسي، فلا يمكن اعتبار الفطور عادة مقدسة بقدر ما هو قرار صحي يومي، يحدّد، إلى مدى بعيد، كيف ستكون بقية يومنا، بل مستقبلنا الصحي بأكمله.


البلاد الجزائرية
منذ 3 أيام
- البلاد الجزائرية
اكتشاف: يمكن التنبؤ بموعد ظهور أعراض الزهايمر - الوطني : البلاد
البلاد.نت/ شعير.جميلة- كشفت دراسة حديثة عن إمكانية التنبؤ بموعد ظهور أعراض مرض الزهايمر لدى الأفراد، مما يفتح الباب أمام استراتيجيات وقائية جديدة قد تؤخر أو تحدّ من تطور هذا المرض العصبي الفتاك. وحسب ما أورده موقع Psychologies نقلاً عن المنصة العلمية Psypost، فإن علماء الأحياء العصبية حددوا ثلاثة جينات رئيسية ترتبط بظهور مرض الزهايمر الوراثي. وقد أظهرت نتائج الدراسة أن تحليل التغيرات في هذه الجينات يمكن أن يحدد بدقة متى من المحتمل أن تبدأ أعراض المرض في الظهور، تمامًا كما لو كان الأمر "ساعة بيولوجية موقوتة". ركزت الدراسة على البروتينات المعروفة باسم "بيبتيدات بيتا-أميلويد"، التي تتراكم على شكل لويحات لزجة في الدماغ، وتعيق الاتصال بين الخلايا العصبية، وهو ما يعتبر أحد أبرز سمات مرض الزهايمر. وأظهرت النتائج أنه من خلال تعديل بسيط لا يتجاوز 12% في توازن هذه البروتينات، من الممكن تأخير ظهور الأعراض لمدّة تصل إلى خمس سنوات. وتعد هذه النتائج بارقة أمل للمرضى المعرضين وراثيًا للزهايمر، بل وقد تكون بداية ثورة في طرق التشخيص المبكر والوقاية. وبحسب ما نقلته مجلة Psychologies، فإن الباحثين يأملون في تطوير علاجات تستهدف هذه التعديلات الجينية والبيوكيميائية قبل ظهور الأعراض. ورغم عدم توفر علاج شافٍ حتى الآن، فإن الجمع بين الأدوية المهدئة للأعراض وبين تقنيات التحفيز العقلي والنشاط البدني والدعم النفسي أثبت تأثيرًا إيجابيًا على جودة حياة المرضى. كما يؤكد الأطباء أن الاكتئاب غالبًا ما يكون أولى علامات المرض، ما يستوجب مزيدًا من اليقظة الطبية.