logo
تسريب يكلف بريطانيا 7 مليارات استرليني.. 25 ألف أفغاني حصلوا على اللجوء «بسبب خطأ»

تسريب يكلف بريطانيا 7 مليارات استرليني.. 25 ألف أفغاني حصلوا على اللجوء «بسبب خطأ»

صحيفة الخليج١٥-٠٧-٢٠٢٥
كشفت المحكمة العليا في لندن، بعد رفع أمر قضائي صارم (Super Injunction)، عن أن الحكومة البريطانية منحت اللجوء سراً لنحو 25 ألف أفغاني من الجنود السابقين وأسرهم، نتيجة تسريب بيانات يُعد الأخطر في تاريخ البلاد.
التسريب، الذي ظل طي الكتمان لأكثر من عامين، أجبر الحكومة على تخصيص 7 مليارات جنيه استرليني لتوطين هؤلاء اللاجئين على مدى خمس سنوات، مما يُنذر بحدوث أزمة مالية جديدة في ميزانية الدولة، بحسب صحيفة تليغراف.
كيف وقع التسريب؟
أرسل ضابط في مشاة البحرية الملكية في فبراير 2022، بريداً إلكترونياً جماعياً لأفغان متقدمين بطلبات لجوء ضمن برنامج إعادة التوطين.
وأرفق ملفاً عن طريق الخطأ يحتوي على بيانات 25 ألف أفغاني، من بينهم جنود عملوا إلى جانب القوات البريطانية خلال حرب أفغانستان.
وبقي الأمر طي الكتمان حتى أغسطس 2023، عندما كتب أحد المواطنين البريطانيين إلى نائبين في البرلمان قائلاً:
«أنا أمتلك نسخة من الملف، وطالبان أيضاً».
بعد ثلاثة أيام من تداول التسريب على فيسبوك، تدخلت وزارة الدفاع وطلبت من شركة Meta حذف المحتوى، لكنها اضطرت لاحقاً إلى منح اللجوء للمذكورين في الملف، خوفاً من تعرضهم للانتقام.
الأرقام الرسمية من وزارة الدفاع
سيُعلن وزير الدفاع، جون هيلي، أمام البرلمان اليوم، أن الحكومة ستستقبل 6,900 أفغاني نتيجة مباشرة للتسريب، ضمن برنامج خاص أُنشئ لمعالجة آثاره، منهم:
•4,500 وصلوا أو في طريقهم إلى المملكة المتحدة
•2,400 ما زالوا بانتظار السفر

كما تم اكتشاف أن 17 ألف أفغاني آخرين تأثروا بالتسريب ضمن برامج إعادة توطين منفصلة، مثل برنامج ARAP وبرنامج إعادة توطين المواطنين الأفغان، ومنهم:
•14 ألفاً وصلوا أو في الطريق
•3 آلاف بانتظار المغادرة

ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي المتضررين من التسريب بين 80 ألفاً إلى 100 ألف شخص، وفقاً لمحكمة الاستئناف.
خاضت الحكومة البريطانية طوال عامين معركة قضائية لإخفاء الأمر، مستخدمة «Super Injunction» وهو الذي يمنع حتى الإشارة إلى وجود قضية قانونية في أي منصة عامة.
لم يتمكن أعضاء البرلمان من طرح أي سؤال حول الواقعة، حتى تم رفع الحظر اليوم الثلاثاء ظهراً.
وتفوق الواقعة في خطورتها تسريبات إدوارد سنودن عام 2013، التي كشفت عن برامج تجسس إلكترونية.
من هم الجنود الأفغان المُستهدفون؟
بعد الغزو الغربي لأفغانستان عام 2001، قامت بريطانيا بتشكيل وتجهيز وحدات أفغانية محلية، أهمها:
•ATF444
•CF333

وهما وحدتان عملتا مع القوات الخاصة البريطانية (SAS وSBS)، وكان يُطلق عليهما مجتمعتين اسم تريبلز«Triples».
ظلّت CF333 آخر وحدة وفية للحكومة الأفغانية المدعومة من الغرب حتى انسحاب القوات في 2021.
قتل العديد من عناصر «التريبلز» على يد طالبان، بينهم رياض أحمدزاي، الذي اغتيل في جلال آباد عام 2023.
ضغوط اقتصادية وتداعيات سياسية
الضابط المسؤول عن التسريب أرسل نفس الملف مرتين عن طريق الخطأ في فبراير 2022، وكان الهدف من الرسالة التحقق من هويات المتقدمين لبرنامج ARAP، عبر أشخاص موثوقين.
لكن بدلاً من التأكد، تسرّبت بيانات شاملة تحتوي على:
•الأسماء
•وسائل الاتصال
•التفاصيل الشخصية
•أسماء مسؤولين حكوميين بريطانيين أيضاً

ولم تعرف وزارة الدفاع عن التسريب إلا بعد 18 شهراً، عقب تحذير من شخص يعمل مع اللاجئين الأفغان في بريطانيا.
تصل التكلفة المتوقعة لإعادة توطين هذا العدد الكبير إلى 7 مليارات جنيه استرليني، مما قد يُجبر الحكومة على رفع الضرائب في الخريف، في ظل عجز متزايد.
من المتوقع أن يلقي هذا الكشف بظلاله على خطاب المستشارة راشيل ريفز الليلة في قصر مانشن هاوس، حيث كانت تعد خطة مالية جديدة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كير ستارمر يناقش "خطة السلام" في اجتماع طارئ لمجلس الوزراء البريطاني
كير ستارمر يناقش "خطة السلام" في اجتماع طارئ لمجلس الوزراء البريطاني

البيان

timeمنذ 5 ساعات

  • البيان

كير ستارمر يناقش "خطة السلام" في اجتماع طارئ لمجلس الوزراء البريطاني

عقد رئيس الوزراء البريطاني، السير كير ستارمر، اليوم الثلاثاء، اجتماعًا طارئًا لمجلس الوزراء لمناقشة خطة السلام وجهود المساعدات في قطاع غزة، وذلك في ظل تحذيرات من حدوث مجاعة جماعية تهدد المنطقة وفقا لــ بي بي سي وقدّم رئيس الوزراء خطة سلام تهدف إلى الحد من تدهور الأوضاع في القطاع، خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في اسكتلندا. ويأتي ذلك بعد اتصال هاتفي أجراه مع زعماء فرنسا وألمانيا خلال عطلة نهاية الأسبوع، وذلك عقب انهيار المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، وفقًا لما أعلنه مكتب رئيس الوزراء البريطاني، "داونينج ستريت". وفي سياق متصل، يتصاعد الضغط الدولي والداخلي على الحكومة البريطانية للاعتراف الفوري بدولة فلسطين، إلا أن "داونينج ستريت" لم يُفصح بعد عن تفاصيل خطة السلام، واعدًا بأن الخطوات المستقبلية ستُوضح عقب اجتماع مجلس الوزراء. وكان البرلمان البريطاني قد استأنف عطلة الصيف الأسبوع الماضي، إلا أن رئيس الوزراء البريطاني قرر استدعاء وزرائه مرة أخرى إلى وستمنستر، لمناقشة سبل التخفيف من الوضع الإنساني في غزة، والدفع باتجاه وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل. وفي تصريح سابق، قال متحدث باسم رئيس الوزراء ستارمر إن المقترحات ستُعرض أيضًا على الحلفاء، بما في ذلك الدول العربية، خلال الأيام المقبلة. وفي مقال نُشر على قناة "بي بي سي"، شبّه رئيس الوزراء خطة السلام بمبادرة "الائتلاف المستعد" لدعم أي اتفاق محتمل لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وفي سياق متصل، أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل يوم الخميس الماضي سحب وفودها التفاوضية من قطر، حيث صرح ترامب بأن حركة حماس "لم تكن راغبة حقًا في التوصل إلى اتفاق"، فيما أفادت إسرائيل بأنها ستبحث عن "خيارات بديلة" لتحرير الرهائن. وفي تصريح له، قال متحدث باسم رئيس الوزراء ستارمر إن المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا تعمل على اقتراحات "لتقديم الإغاثة العاجلة للمحتاجين على الأرض". وأضاف أن هذه الخطط تستند إلى التعاون بين الدول الثلاث حتى الآن، وأنها ستُظهر أيضًا "مسارًا نحو السلام وطريقًا مستدامًا لحل الدولتين"، وفقًا لما أدلى به المتحدث. وفي الوقت ذاته، ركز ترامب على أن الهدف الأهم هو إدخال المساعدات إلى غزة، قبل مناقشة خطط السلام المستقبلية، قائلاً خلال لقائه مع ستارمر: "قبل أن نصل إلى المرحلة الثانية، وهي ما سيحدث بعد ذلك، نريد أن نطعم الأطفال". كما أبلغ متحدث باسم ستارمر الصحفيين أن الحق الفلسطيني في إقامة دولة "غير قابل للتصرف"، وأن الأمر يتعلق بـ 'متى" وليس "هل" ستعترف المملكة المتحدة بهذا الحق. وفي حديثه لقناة "بي بي سي بريكيفست"، أكد وزير العلوم، بيتر كايل، أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية "يجب أن يكون جزءًا من عملية محسوبة، ويُستخدم بحكمة، ويُتخذ في الوقت المناسب لتحقيق أقصى تأثير". وأضاف أن هذه الاعتبارات كانت في ذهن رئيس الوزراء ووزير الخارجية، وكانت جزءًا من المناقشات التي يجريها مع الرئيس الأمريكي. ويأتي ذلك بعد توقيع 255 نائبًا في البرلمان على رسالة تطالب الحكومة بالاعتراف الفوري بدولة فلسطين، بزيادة عن 221 توقيعًا خلال الأسبوع الماضي. ويشمل ذلك 147 نائبًا من حزب العمال، أي أكثر من نصف نواب الحزب. وجاءت هذه المبادرة بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن فرنسا تنوي الاعتراف بدولة فلسطين خلال الأشهر القادمة. ويعد الاعتراف الفلسطيني من قبل العديد من الدول، والذي يبلغ عددها حوالي 139 دولة، خطوة رسمية، على الرغم من أن العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة تفضل أن يكون ذلك جزءًا من مسار طويل الأمد لحل الصراع. وفي العام الماضي، قامت إسبانيا وأيرلندا والنرويج رسميًا بهذه الخطوة، على أمل ممارسة ضغط دبلوماسي لوقف العدوان في غزة. ويُسمح لممثلي فلسطين بالمشاركة بشكل محدود في أنشطة الأمم المتحدة، ويُعترف بالقطاع من قبل منظمات دولية عديدة، بما في ذلك جامعة الدول العربية. ويشكك بعض المراقبين في جدوى الاعتراف الرمزي، إذ يرون أنه لن يحدث فرقًا جوهريًا ما لم يُعالج أولًا مسائل القيادة ومدى شرعية الدولة الفلسطينية. وفي مؤتمر صحفي، اتفق كل من ترامب و رئيس الوزراء البريطاني ستارمر على ضرورة زيادة المساعدات لدخول غزة. وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن سوء التغذية في القطاع بلغ مستويات "مقلقة"، مع وجود "مسار خطير" للمعدلات، وذلك مع استئناف عمليات إسقاط المساعدات الجوية. وأعلنت المملكة المتحدة عن تعاونها مع الأردن لإنشاء خطة لإسقاط المساعدات جويًا في غزة. كما أعلنت إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع أنها ستوقف القتال في ثلاثة مناطق من القطاع لمدة 10 ساعات يوميًا، مع فتح طرق آمنة لإيصال المساعدات. وفي سياق متصل، وصف رئيس الوزراء البريطاني، ستارمر، خلال حديثه عن صور الأطفال الجائعين في غزة بأنها "مقززة". وأكد الطرفان، وفقًا لبيان "داونينج ستريت"، أن "إجراء عاجل" ضروري لإنهاء المعاناة في القطاع. وفيما بدأ الاجتماع، اقترح ترامب أن تقوم الولايات المتحدة بإنشاء مراكز غذائية جديدة في غزة بدون أسوار، بعد تقارير شبه يومية عن مقتل فلسطينيين أثناء انتظارهم الطعام، تحت الترتيبات الحالية التي تقودها واشنطن. وتتهم إسرائيل حركة حماس بأنها تعرقل مفاوضات السلام، وتصف الجماعة بأنها "صعبة جدًا في التعامل معها"، وتتهمها بسرقة المساعدات من المدنيين. وحذر زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين، سير إد ديفي، رئيس الوزراء من قبول "كلمات طيبة" من رئيس أمريكي "غير متوقع". وقال: "في أوكرانيا والشرق الأوسط، الوضع لا يُطاق على الإطلاق، ويجب أن يعمل رئيس الوزراء مع حلفائنا لوضع خطة مناسبة، حتى نتمكن من القيادة، حتى لو استمر دونالد ترامب في رفض التحرك". وفي 7 أكتوبر 2023، شنت القوات الإسرائيلية حملة عسكرية في غزة ردًا على هجوم حماس على جنوب إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، وأُخذ 251 آخرون كرهائن. ووفقًا للوزارة الصحية في القطاع، الذي تديره حماس، بلغ عدد القتلى في القطاع منذ ذلك الحين على الأقل 59,821 شخصًا.

هادلي غامبل تنضم إلى IMI في منصب كبير المذيعين الدوليين
هادلي غامبل تنضم إلى IMI في منصب كبير المذيعين الدوليين

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 6 ساعات

  • سكاي نيوز عربية

هادلي غامبل تنضم إلى IMI في منصب كبير المذيعين الدوليين

وتتمتع غامبل بخبرة واسعة في مجال إعداد التقارير السياسية والاقتصادية، حيث أجرت خلال مسيرتها المهنية المتميزة على مدى 20 عاما، مقابلات مع مجموعة من أبرز الشخصيات السياسية والاقتصادية والثقافية، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ووزير الخارجية الأميركي الأسبق مايك بومبيو، ورجل الأعمال بيل غيتس. وستباشر مهامها الجديدة انطلاقا من لندن ، حيث ستمثل المجموعة على الساحة الدولية وتقود خطة جديدة لإنتاج محتوى على كافة المنصات يخاطب مختلف الفئات. وبهذا الصدد، أعربت هادلي غامبل عن سعادتها بالانضمام إلى مجموعة IMI ، مشيرة إلى أن "العمل ضمن مؤسسة إعلامية ذات حضور عالمي ورؤية تحريرية واضحة يمثل فرصة مميزة". وأضافت: "أتطلع إلى التعاون مع فريق العمل في ذا ناشونال وسكاي نيوز عربية وCNN الاقتصادية والعين الإخبارية لتقديم محتوى صحفي نوعي يثري وعي الجمهور في مختلف أنحاء العالم ويحفزه على التفاعل". وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية الشركة الرامية إلى تعزيز حضورها الدولي وتوسيع قاعدة جمهورها العالمي. إذ تدير المجموعة أعمالها في 15 دولة، وتضم فريقا مكوّنا من أكثر من 400 صحفي في دولة الإمارات ولبنان ومصر والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وتواصل الاستثمار في إنتاج المحتوى الأصلي واستقطاب الكفاءات العالمية ودعم الصحافة المؤثرة.

التاريخ في قبضة السياسة: الغرب بين إرث الاستعمار ومطالب التعويض
التاريخ في قبضة السياسة: الغرب بين إرث الاستعمار ومطالب التعويض

صحيفة الخليج

timeمنذ 14 ساعات

  • صحيفة الخليج

التاريخ في قبضة السياسة: الغرب بين إرث الاستعمار ومطالب التعويض

تتصاعد في الغرب اليوم دعوات تطالب بمحاسبة تاريخية عن العبودية والاستعمار، تتراوح بين المطالبة بالتعويضات وفرض الاعتذار الرمزي. لكن وسط هذا الزخم، يبرز تساؤل جوهري: هل يمكن إنصاف الماضي بمعايير الحاضر؟ وهل تكفي التعويضات لتسوية إرث معقد تتداخل فيه الأخلاق بالسياسة والذاكرة؟ في خضم الجدل العالمي المتصاعد حـــول العدالــــة التاريخية والإرث الاستعماري، يأتي كتاب الفيلسوف البريطانــي نايجل بيغــار الجديد «التعويضـــات: استبـــــداد الذنــــب المتخيل» ليضع علامات استفهام جريئة حول مطالب إعادة الاعتبار والتعويضات المالية التي تُوجّه إلى الدول الغربية، خاصة تلك التي كانت في صلب المشروع الاستعماري العالمي. الكتاب، الصادر عن دار نشر جامعة أكسفورد في 2025، هو امتداد فكري لعمله السابق «الاستعمار: مراجعة أخلاقية» ويشكّل حلقة جديدة في مسار فكري يسعى إلى تفكيك ما يراه بيغار «روايات أخلاقية انتقائية تُبنى على شعور تاريخي غير مدقق بالذنب». ينطلق الكتاب من تساؤل مركزي: لماذا تُطرح اليوم، بإلحاح متزايد، دعوات تطالب الدول الغربية بتقديم تعويضات عن أفعال وقعت قبل قرون؟ ويرى المؤلف أن هذا الحراك الجديد لا يمكن فصله عن اللحظة السياسية الراهنة، التي تتسم بتجدد الخطاب الهوياتي وتصاعد مطالب مراجعة الماضي الكولونيالي، لا سيما في بريطانيا والولايات المتحدة. لكنه، في المقابل، لا يتعامل مع هذه المطالب بوصفها بديهية أخلاقية، بل يخضعها لتحليل نقدي صارم، يجمع بين السياق التاريخي والنظر الأخلاقي المقارن. بيغار، المعروف بدفاعه عن قراءة متوازنة لتاريخ الإمبراطورية البريطانية، لا ينكر وقوع مظالم في حق شعوب المستعمرات، بل يُقر بذلك بوضوح، لكنه يرفض تحويل الماضي إلى منصة أخلاقية مطلقة تعفي الحاضر من مسؤولية الفهم التاريخي المعقّد، فهل من المنطقي -يتساءل- أن تُحمَّل أجيال اليوم وزر أفعال ارتكبتها نخب سياسية واقتصادية في عصور مختلفة؟ وهل يمكن تسوية حسابات التاريخ عبر تحويلها إلى تعويضات مالية وكأنها دعاوى قانونية في محكمة معاصرة؟ يتحدى الكتاب المفهوم السائد حول «الذنب التاريخي»، واصفاً إياه بـ«الذنب المتخيل» حين يُستثمر كأداة ضغط سياسي لا كمنطلق لفهم عقلاني للتاريخ، فوفقاً لبيغار، ليس من العدل ولا من الحكمة أن يتم احتكار السردية الأخلاقية لماضي الاستعمار والعبودية من طرف واحد، بل يجب الاعتراف بتعقيدات هذا الماضي، بما فيها العوامل المحلية وأدوار بعض النخب في المجتمعات المستعمَرة ذاتها. وفي الجانب الأخلاقي، يُقدّم الكتاب ما يشبه الرد الفلسفي المضاد على تيارات العدالة التصالحية، فبدلاً من التركيز فقط على تصحيح الأذى، يدعو بيغار إلى التفكير في المسؤولية المشتركة والزمن السياسي للفعل وحدود التعويض كأداة للمصالحة. قد لا يكون كتاب «التعويضات» الصادر عن دار «فورم» في 224 صفحة باللغة الإنجليزية، مريحاً للقارئ المتعاطف تلقائياً مع قضايا ما بعد الاستعمار، لكنه ضروري في أي نقاش جاد حول التاريخ والسياسة والأخلاق، لأنه يحاول إعادة تعريف العلاقة بين الذاكرة والمسؤولية، بين الماضي والحاضر، بين التوبة السياسية والتبصّر التاريخي. وفي عالم تزداد فيه المطالب بإصلاح التاريخ، يقدم نايجل بيغار عملاً يُذكِّر بأن العدالة لا تتحقق بالشعارات ولا بالثأر الرمزي، بل بالفهم النقدي المتوازن، حتى عندما يكون هذا الفهم مزعجاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store