
زيادة الضرائب وهبوط القوة الأميركية!
قبل أكثر من 40 عاماً، كتب عالم العلاقات الدولية الأميركي روبرت جلبن (Robert Gilpin) كتابه الشهير «الحرب والتغيير في السياسة العالمية» (War and Change in World Politics)، الذي تناول فيه كيفية هبوط القوى العظمى. من بين الظواهر التي أشار إليها في كتابه، ذكر جلبن، أن أحد المؤشرات على هبوط القوى العظمى هو لجوء تلك الدول إلى زيادة الضرائب. في سياق شرحه، تحدث عن ما أسماه «الدورة الإمبريالية»، وهي المرحلة التي تجد فيها الدولة العظمى نفسها محاطة بالالتزامات الخارجية التي تتجاوز عوائدها، ما يدفعها إلى البحث عن مصادر بديلة للتمويل، مثل الدخول في الحروب والصراعات من أجل إعادة تنشيط نفسها. وفي الوقت ذاته، تلجأ إلى زيادة الضرائب. وقد أكد جلبن، أن هذه السياسات لن تكون قادرة على إنقاذ الدولة العظمى من الهبوط، بل قد تسرع من انهيارها.
لم يكن روبرت جلبن، هو الوحيد الذي تنبأ بذلك. بل يشاركه العديد من المفكرين المختصين في هذا المجال، مثل بول كينيدي (Paul Kennedy) في كتابه المشهور «صعود وسقوط القوى العظمى» (The Rise and Fall of the Great Powers)، وإيمانويل والرشتاين (Immanuel Wallerstein) في كتابه «النظام العالمي الحديث» (The Modern World-System)، ومانسور أولسن (Mancur Olson) في كتابه «صعود وانحدار الأمم: النمو الاقتصادي، الركود التضخمي، والجمود الاجتماعي» (The Rise and Decline of Nations: Economic Growth, Stagflation, and Social Rigidities).
من المواضيع البارزة التي تناولها مانسور أولسن، في كتاب آخر بعنوان «القوة والازدهار: تجاوز الديكتاتوريات الشيوعية والرأسمالية» (Power and Prosperity: Outgrowing Communist and Capitalist Dictatorships) هو مفهوم «قاطع الطرق المتجول Roving Bandit وقاطع الطرق المستقر Stationary Bandit»، حيث استخدمهما لتوضيح كيف تتبع بعض الحكومات سياسات اقتصادية متناقضة. الفرق بين هذين النوعين من قطاع الطرق في نظرية أولسن، هو أن اللص المتجول يسعى إلى استنزاف الثروات لصالحه ونخبته، بينما اللص المستقر هو الذي يسعى إلى فرض الضرائب بهدف انعاش الاقتصاد.
في السياق الأميركي الحالي، يمكن تصور أن سياسات الرئيس ترامب تتشابه مع سلوك المتجول من حيث سعيه لسياسة تقليل الضرائب على الشركات الأميركية الكبرى بهدف انعاش الاقتصاد الأميركي، والتي تتقاطع مصالحها مع مصالحه كونه رجل أعمال قبل أن يكون رئيساً للولايات المتحدة. ومع ذلك، يمكن أيضاً أن ينطبق عليه مفهوم المستقر في سعيه لفرض الضرائب الجمركية، بهدف تحقيق النمو وزيادة العوائد للاقتصاد الأميركي وتحقيق توازن تجاري عادل منصف لدولته مثلما يعتقد.
رغم الاختلافات بين الأدبيات المشار إليها، إلا أن هناك أمراً مشتركاً بينها، وهو أن زيادة الضرائب الجمركية تُعد بداية لنهاية دولة عظمى بغض النظر عن مكانها وزمانها فقد تكررت هذه الظاهرة في الدولة الرومانية والعثمانية والبريطانية وغيرهم. وبناء عليه، يمكن القول إن تخفيف الضرائب على الشركات الأميركية الكبرى وزيادة العوائد من الضرائب الجمركية يمكن أن يؤدي إلى انتعاش الاقتصاد الأميركي في البداية. ولكن على المدى المتوسط، قد يؤدي ذلك إلى تأثير عكسي عليها كدولة عظمى، حيث سيسبب ركوداً اقتصادياً عالمياً سينعكس بشكل أكبر على الولايات المتحدة خاصة في ظل تعقد ظاهرة الاعتماد الاقتصادي المتبادل، ما قد يقودها إلى الهبوط من سلم القوى الدولية لتصبح دولة عظمى عادية، بدلاً من أن تظل مهيمنة.
لذلك، من المتوقع أن يشهد العالم تحولاً كبيراً في المرحلة المقبلة نحو حقبة دولية جديدة، لها هيكلها وقواعدها ومعادلاتها الخاصة، ما يترتب عليه ضرورة الاستعداد لهذه التحولات الكبيرة لكونها تتصل بمنظور الأمن القومي الشامل للدول.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 29 دقائق
- البيان
مطار الشارقة يودع ضيوف الرحمن
ودع مطار الشارقة، صباح أمس، أفواج الحجاج المغادرين إلى الأراضي المقدسة بالمملكة العربية السعودية، لأداء مناسك فريضة الحج لعام 1446 هـ، وسط استعدادات مكثفة من مختلف الجهات المعنية، لضمان راحة الحجاج وسلامتهم، منذ لحظة وصولهم إلى المطار وحتى صعودهم إلى الطائرة، وتوفير تجربة سفر سلسة بالتنسيق الكامل مع الشركاء الاستراتيجيين. وشهدت صالة المغادرين في المطار توافد الحجاج، حيث استقبلهم فريق عمل متخصص من موظفي المطار، لتوفير تجربة سفر سلسة ومرنة، وتم تخصيص منطقة لاستراحتهم داخل المطار، إلى جانب تعزيز الطواقم التشغيلية، وفرق الدعم للتوجيه والمساعدة داخل المرافق، بالإضافة إلى تفعيل عدد من المناضد ونقاط الخدمة وتسجيل الحقائب والبوابات الذكية لإنجاز الإجراءات بسرعة ودقة. كما تم توفير مجموعة إضافية من عربات نقل الأمتعة، لضمان سهولة التحميل والمناولة، بالإضافة إلى توزيع منشورات توعوية وإرشادات مبسطة بلغات متعددة، فضلاً عن تقديم الضيافة العربية والهدايا التذكارية للحجاج، في لفتة تعبر عن عمق البعد الإنساني والرعاية، التي يوليها المطار لضيوف الرحمن. وتحرص هيئة مطار الشارقة الدولي، عبر مركز مطار الشارقة الطبي، وبالتعاون مع وزارة الصحة ووقاية المجتمع، على توفير الرعاية الصحية الوقائية للحجاج، وذلك من خلال إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، وتقديم الإرشادات الصحية الواجب اتباعها، لضمان سلامتهم طوال فترة السفر، بما يشمل إعداد وتوزيع كُتيب «الدليل الصحي للحجاج»، الذي يتضمن مجموعة من النصائح والإرشادات والتوجيهات المهمة، التي تغطي مختلف مراحل الرحلة إلى بيت الله الحرام، لرفع مستوى الوعي الصحي لدى الحجاج. وفي مبادرة تعكس حرص الهيئة على تهيئة الحجاج دينياً وروحياً جرى التنسيق مع دائرة الشؤون الإسلامية بالشارقة، لتوفير واعظ ديني للحجاج للإجابة عن الاستفسارات الفقهية، وتقديم الإرشادات المتعلقة بأداء المناسك على الوجه الصحيح.


البيان
منذ 29 دقائق
- البيان
«شؤون الحجاج»: استعدادات مبكرة لتقديم خدمات متميزة لضيوف الرحمن
كشف مكتب شؤون الحجاج عن الجاهزية والاستعداد المبكر لتقديم أفضل الخدمات والرعاية لحجاج الدولة في الأراضي المقدسة وتلبية جميع احتياجاتهم، والعناية بشؤونهم بمسؤولية وتفانٍ وإخلاص. وأكدت وزارة الخارجية أنها أنهت كافة الترتيبات المتعلقة بمتابعة شؤون الحجاج لا سيما كبار المواطنين خلال موسم الحج، بدءاً من الاستعدادات قبل السفر، مروراً بأداء المناسك، وحتى العودة إلى أرض الوطن، بما في ذلك تحديث صفحة إرشادات السفر حسب كل وجهة عبر موقعها الإلكتروني وتطبيقها الذكي، لتوفير معلومات دقيقة ومحدثة تشمل المتطلبات التي ينبغي الالتزام بها، داعيةً الحجاج إلى تسجيل أنفسهم أو أسرهم في خدمة «تواجدي» عبر الموقع الإلكتروني أو التطبيق الذكي أو الواتساب، والاحتفاظ برقم الطوارئ المخصص للمواطنين: 0097180024، لتوفير الدعم الفوري عند الحاجة. كما أوصت الوزارة بضرورة حمل نسخة من الوثائق الثبوتية الرسمية، لتسهيل إجراءات إصدار «وثيقة العودة» في حال فقدان أو تلف أو ضياع جواز السفر، وذلك خلال 30 دقيقة. وأطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع قبل موسم الحج «حملة اتصالية توعوية موحدة» عن موسم الحج تحت شعار «حج صحي وآمن»، بالتعاون مع الجهات الصحية في الدولة، لتسليط الضوء على الإرشادات الصحية الضرورية التي يجب على الحجاج اتباعها قبل السفر وخلاله وبعد العودة. وتتضمن «الحملة» توفير خدمات متعددة تشمل توفير دليل إرشادي توعوي قابل للتحميل عبر الموقع الإلكتروني للوزارة بعدة لغات والرد عن استفسارات الحجاج الصحية، والتواصل المستمر مع الفرق الطبية المرافقة، لتزويدهم بالأدوية والاستشارات الطبية، وتقديم الدعم النفسي والإرشادي. كما تسلّط الحملة الضوء على أهمية الحصول على اللقاحات الأساسية قبل السفر، مثل لقاحات الالتهاب السحائي، والإنفلونزا الموسمية، والمكورات الرئوية، إضافة إلى نشر التوعية حول أهمية اتباع الإرشادات الوقائية طوال فترة الحج. متابعة متواصلة وأكد الدكتور عصام الزرعوني، عضو لجنة الشؤون الصحية في مكتب شؤون حجاج، أن اللجنة تتولى متابعة الحالة الصحية لحجاج الدولة قبل وصولهم إلى المملكة العربية السعودية وبعده، وذلك من خلال إجراء الفحوص الطبية اللازمة، وتقديم التطعيمات الوقائية، إلى جانب تزويدهم بالتوجيهات والإرشادات المتعلقة بكيفية أداء المناسك بطريقة صحية وسليمة. وقال: إن اللجنة تضم طاقماً طبياً متخصصاً ومجهزاً بكامل الأجهزة والمعدات اللازمة، لتقديم الخدمات الصحية الضرورية في جميع مخيمات المشاعر المقدسة، حيث تتوافر الأدوية والمحاليل الطبية بكميات كافية، مشيراً إلى أنه إذا استدعت حالة الحاج نقله إلى المستشفى فيتم تحويله إلى إحدى المستشفيات المتخصصة، بالتنسيق مع الجهات المختصة في المملكة مع استمرار متابعة حالته من قبل الفريق الطبي التابع للجنة. خطة متكاملة وأشارت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة إلى وضع خطة متكاملة لضمان أداء حجاج الدولة مناسك الحج بكل سهولة ويسر هذا العام، تشمل تعزيز وعيهم بمناسك الفريضة بطريقة مبتكرة. كما كشف «المكتب» عن بدء مغادرة حجاج بيت الله والحملات الوطنية من مطارات الدولة المختلفة، إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما تزامن معه تفعيل المرحلة الثانية من منظومة الإجراءات الطبية المعتمدة للتعامل مع حجاج الدولة خلال فترة تواجدهم في الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج. وأفاد المكتب بأن المرحلة الأولى من الإجراءات الطبية المعتمدة تم تنفيذها داخل الدولة، وتضمنت التواصل مع أطباء الحملات لإعداد قوائم تشمل توصيف وتصنيف شامل للحالات المدرجة ضمن كل حملة والرفع بقوائم لأصحاب الأمراض المزمنة وأمراض الشيخوخة والنساء الحوامل، إضافة إلى أصحاب الهمم وكبار المواطنين. وأوضح أن المنظومة ألزمت أطباء الحملات بعقد ورش توعوية وتثقيفية للحجاج كل حسب حالته ووضعه الصحي، ثم توثيق تلك الحالات بتقارير طبية محدثة بحسب الحالة الطبية، والتأكد من كفاية الأدوية ونوعيتها، والتحقق من حصول الحالات على التطعيمات الطبية المناسبة. وأكد المكتب أن المرحلة الثانية التي تم الشروع في تفعيلها اليوم تبدأ بمتابعة اللجنة الطبية في مكتب شؤون الحجاج للحالات الطبية المدرجة في كل حملة بالتواصل مع أطباء الحملات والتحقق من كفاءة الإجراءات المتبعة، قبل البدء في أداء مناسك الحج. كما أوضح أنه ومع بدء التحرك باتجاه المناسك في كل من مِنى وعرفة ومزدلفة، تعمل اللجنة الطبية على التنسيق مع الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية الشقيقة للاستفادة من جميع التسهيلات والخدمات المقدمة من السلطات السعودية. وكشف المكتب عن تفاصيل المرحلة الثالثة من المنظومة الطبية، والتي تبدأ فور بدء التحرك نحو المشاعر المقدسة، وتشمل توفير عيادات متخصصة للنساء وأخرى للرجال في منى، إضافة إلى تحريك الفرق الطبية المتنقلة بين الحملات والخيم، وتفعيل الخطوط الساخنة للتواصل مع الحجاج وأطباء الحملات للرد على الاستفسارات الطبية العاجلة، إضافة إلى الدور الرقابي المتمثل في فرق التفتيش الطبي الميداني المعنية بالتحقق من تفعيل وتطبيق المعايير الطبية في كل حملة.

البيان
منذ 29 دقائق
- البيان
الصين: مقارنة ماكرون وضع تايوان بأوكرانيا غير مقبولة
نددت الصين بتصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي شبه الوضع في أوكرانيا بوضع تايوان. وأعلنت السفارة الصينية في سنغافورة، حيث أدلى الرئيس الفرنسي بتصريحاته أن «مقارنة ملف تايوان بالنزاع في أوكرانيا أمر غير مقبول، فالملفان مختلفان، ولا يمكن المقارنة بينهما بتاتاً»، وقالت الخارجية الصينية في بيان، على فيسبوك: «هناك صين واحدة في العالم، وتايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية». وفي تطورات الأوضاع الميدانية بين روسيا وأوكرانيا ذكرت وكالة «ريا نوفوستي» الروسية الرسمية للأنباء، أمس، نقلاً عن وزارة الدفاع، أن القوات الروسية سيطرت على قريتين في شرق أوكرانيا هما: نوفوبيل في منطقة دونيتسك، وفودولاجي في منطقة سومي. إلى ذلك أصدرت سلطات سومي أوامر إخلاء على نحو إلزامي لإحدى عشرة قرية، بسبب تعرضها للقصف والخشية من وقوع هجوم روسي في المنطقة. وقالت إدارة سومي الإقليمية: «اتُخذ هذا القرار في ضوء التهديد المستمر لأرواح المدنيين جراء قصف البلدات الحدودية». وأعلن مسؤولون أوكرانيون أن قصفاً جوياً روسياً على جنوب أوكرانيا أسفر خلال الليل عن مقتل رجل وفتاة تبلغ من العمر تسع سنوات في هجومين منفصلين. وقال إيفان فيدوروف، رئيس الإدارة العسكرية الإقليمية في منطقة زابوريجيا: «قصف الروس منطقة سكنية بقنابل جوية موجهة»، ما أسفر عن مقتل الفتاة، وإصابة صبي يبلغ من العمر 16 عاماً. وأضاف أن الانفجار أدى إلى تدمير منزل وتضرر عدة منازل أخرى. وفي هجوم منفصل على مدينة خيرسون كتب أوليكساندر بروكودين، حاكم المنطقة على تلغرام: «أصيب رجل يبلغ من العمر 66 عاماً بجروح أدت إلى وفاته» جراء قصف روسي. وأفاد رئيس بلدية مدينة خاركيف الأوكرانية بوقوع إصابة واحدة في غارة جوية روسية بطائرة مسيرة. وفي روسيا أسفرت هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية عن إصابة 10 أشخاص في منطقة كورسك خلال الليل، وفقاً لما ذكره القائم بأعمال الحاكم ألكسندر خينشتاين. إلى ذلك دعا رئيس ديوان المستشارية في برلين، تورستن فراي، إلى دراسة معمقة لمسألة ما إذا كان يمكن مصادرة الأصول الحكومية الروسية المُجمّدة في الاتحاد الأوروبي لصالح أوكرانيا. وقال فراي في تصريحات لصحيفة فرانكفورتر ألجماينه زونتاجس تسايتونج الألمانية رداً على سؤال حول ما إذا كان ينبغي لأوكرانيا استلام تلك الأموال: «يقضي كل إحساس بالعدل إلى ضرورة هذا الأمر في ضوء الدمار الهائل والمعاناة الإنسانية، التي تُسببها روسيا في أوكرانيا. نشهد حالياً أعنف قصف منذ اندلاع الحرب، لذلك من الإنصاف استخدام الأموال الروسية لأغراض الدفاع».