logo
سيارة لكل مواطن ؟؟؟ يا له من شعار !!!

سيارة لكل مواطن ؟؟؟ يا له من شعار !!!

ألتبريس٠٥-٠٢-٢٠٢٥

محمد كرم
لأول مرة في حياتها، وبمجرد إحالتها على التقاعد النسبي و مغادرة أبنائها الثلاثة للبيت العائلي و انتشارهم في الأرض لأكثر من سبب، أبت جارتي المباشرة إلا أن تهدي لنفسها سيارة صغيرة جذابة و بمواصفات محترمة (بما في ذلك توفرها على وسائد الإنقاذ الهوائية التي يبدو أنها تمنع الموت بشكل فعال حتى عند الارتطام بقطار سريع أو عند السقوط في واد سحيق !!) مستغلة في ذلك عرضا مغريا لشركة متخصصة في تسويق ماركة أوروبية معروفة. أصبت بالذهول عندما شاهدت الجارة إياها و هي تتصارع مع المقود في محاولة لركن عربتها بمحاذاة إقامتنا المشتركة، إذ لم أكن أعلم بأنها أصبحت تتوفر على رخصة سياقة، كما أني عجزت عن فهم الغاية من اقتناء وسيلة النقل الجديدة. فضولي 'العلمي' دفع بي إلى انتهاز أول فرصة للتطرق إلى الموضوع مع الزوج الذي سبقها إلى التقاعد الكامل بفترة قصيرة. سألته عن السر الكامن وراء إضافة سيارة ثانية إلى سيارة العائلة الرسمية فأجابني ببساطة مذهلة قائلا : 'حتى يبقى كل واحد منا على راحته.'
لن أستغرب إطلاقا إذا انبرى شطر من القراء للشك في حسن نواياي من وراء تحرير هذا المقال بل و نعتي بالحسود الذي لا يحب أن يرى أثر النعمة على وجوه جيرانه و على أسلوب حياتهم اليومي.
أقول للمشككين : تصوروا معي ما سيكون عليه الحال لو تبنى معظم البالغين مقاربة هذا الجار و زوجته لمسألة التنقل داخل التجمعات الحضرية بشكل خاص. تصوروا طرقا بعدد طرق مدننا المغربية مثلا و هي تحتضن 20 مليون سيارة !!! و كم سيكون في تقديركم طول الأرصفة المطلوبة لركن هذا العدد الهائل من العربات ؟ و تصوروا معي فقط حجم المياه التي سيتطلبها غسل أسطول السيارات هذا….هذا ناهيك عن الأضرار البيئية الخطيرة الناجمة عن انبعاث الغازات السامة و الأضرار الصحية الناتجة عن الضغط النفسي الملازم للقيادة و خاصة في الظروف المتعبة.
من المستحيل حل معضلتي الاختناق المروري و التلوث البيئي بهذه العقلية و بشروط الشراء الحالية التي تجعل من اقتناء سيارة عملية لا تختلف في شيء عن اقتناء دراجة هوائية أو قميص (هل من العقل في شيء تمكين أي كان من امتلاك سيارة حتى و إن كان مفلسا ؟ هل من المنطقي أن تصبح صاحب سيارة فقط مقابل وضع توقيعك على مطبوع ورقي ؟) . أما هدف تنقية الأجواء فيظل هدفا بعيد المنال، و مبادرة 'يوم بدون سيارة' ببعض المدن تظل إجراء بائسا يفتقر إلى النجاعة و الاستدامة. لابد من إيجاد حلول مبتكرة أكثر صرامة. ليست هناك مدينة واحدة في العالم بإمكانها تفعيل شعار 'سيارة لكل مواطن'. في نيويورك و لندن، على سبيل المثال، أصبح الولوج إلى وسط المدينة مؤدى عنه ما خفف بشكل ملحوظ من حدة الازدحام به. و في برشلونة منعت السلطات البلدية السيارات القديمة من الجولان بمناطق معينة داخل المدار الحضري كما وضعت رهن إشارة سكان المدينة بطاقة تسمح بالاستعمال المجاني لوسائل النقل العمومي لمدة ثلاث سنوات لكل من وافق على إحالة سيارته القديمة على مقبرة السيارات. أما في أثينا ونيودلهي فـإن تراكم السحب السامة فوق مستوى معين يخول لشرطة المرور الحق في شل حركة العربات إلى حين استرجاع الهواء لجزء من صفائه .
نعم، إن الحل لا يكمن في توسيع الشوارع و الدليل على ذلك أن الاختناق المروري سرعان ما يعود ليفرض نفسه بعد كل عملية توسيع، و هذا أمر طبيعي مادام أن المشكل يجد تفسيره الأول في التزايد الصاروخي لعدد العربات التي تجوب الشوارع و الأزقة، كما أن الحل لا يكمن في إقامة المزيد من الجسور أو حفر المزيد من الأنفاق داخل المدن أو تعويض السيارات العاملة بالطاقة الأحفورية بالسيارات الهجينة أو الكهربائية بل يكمن أساسا في تغيير العقليات بالتخلي عن الأنانية المستشريةبالمجتمع (أولى أولويات شباب اليوم بعد التوظيف مباشرة هو اقتناء 'حديدة واعرة'!!)
و باستحضار فوائد النقل العمومي الجماعي و بتجند السلطات لتجويد هذا النوع من النقل و الرفع من جاذبيته حتى لا تجد شريحة مهمة من المواطنين مبررا لعدم الإقبال عليه. أما استمرار الناس في إشباع أنانيتهم و استمرار وقوف الدولة موقف المتفرج فلن يكون من نتائجهما غير تعميق أزمة المرور و تكريس التدهور البيئي الشيء الذي أضر كثيرا بصورة حواضر جميلة كثيرة و نال من سحرها.
و لعل من أبرز مؤشرات الأزمة ـ إضافة إلى الوقت الذي أصبحت تستغرقه التنقلات و الجهد المضاعف الذي أصبحت تتطلبه القيادة ـ التجاء عدد متزايد من أصحاب السيارات إلى وضع عرباتهم على الرصيف أو 'حجز' جزء من جانب الطريق بوضع صناديق أو عجلات ليضمنوا ركنها على مقربة من مقر سكناهم رغم علمهم بعدم قانونية فعلهم. هذا السلوك من شأنه تكريس التخلف و الزيادة في حدة التوتر الذي يطبع علاقات الجوار المعاصرة.
لست ضد توفر كل مواطن مهما كان مستواه المادي و الاجتماعي على سيارة، لكني ضد توفر كل عائلة بمسكن موحد على أكثر من سيارة واحدة ما لم تقتض الضرورة القصوى عكس ذلك. و من نافلة القول إن من يقتات من المهن و الأنشطة التجارية المرتبطة بالسيارات لن يهدأ له بال إلا بعد تمكين كل مواطن حتى من سيارتين : سيارة الصيف و سيارة الشتاء … و ربما حتى سيارة الربيع و سيارة الخريف !!! الدولة نفسها ليس من مصلحتها حث الناس على السير على النهج الذي أدعو إليه بحكم ما تدره عليها صناعة السيارات و تسويقها و استغلالها من فوائد مادية و اقتصادية لا يستهان بها. هناك بكل تأكيد إصرار من كل الجهات على إغراق الطرقات بالعربات و بكل الوسائل الممكنة بما فيها إرساء تسهيلات معتبرة في أداء ثمن الشراء و ابتكار تحفيزات للاستفادة من خدمات التأمين و الصيانة حتى أضحى التنقل ـ بل و العيش أيضا ـ داخل كل المدن الكبرى و العديد من المدن المتوسطة قطعة من جهنم و أصبح الاستقرار بالبادية حلم العديد من المتقاعدين . شركة 'تاتا نانو' الهندية كانت السباقة في العصر الحديث إلى إبداء الرغبة ـ من باب التعاطف ـ في تمكين ذوي الدخل المحدود من اقتناء سيارة حضرية في غاية الصغر لقاء مبلغ مالي لا يتجاوز 2000 دولار أمريكي. المنافحون عن صفاء البيئة بالهند لم يقفوا مكتوفي الأيدي و مارسوا الضغط اللازم على الشركة و الحكومة بهدف حملهما على التراجع عن المشروع حتى لا يتحول إلى أداة للانتحار الجماعي بالنظر إلى عواقبه الوخيمة إن على مستوى الهواء أو على مستوى الجولان. أما في إنجلترا فقد برزت في سبعينيات القرن الماضي جمعيات نادت بوقف مشاريع شق المزيد من الطرق السريعة للحيلولة دون إفساد جمالية الريف الإنجليزي. و من فرط الوعي بأهمية المحافظة على البيئة أصبحت المواجهات بين حماتها و قوات الأمن تكتسي طابعا داميا في بعض الأحيان.
فبأي منطق إذن نبدي تذمرنا من التغيرات المناخية و انعكاساتها على أكثر من قطاع و صعيد و نحن نساهم بوعي أو بدون وعي في تفاقمها ؟ كيف يمكن لأي عاقل يعاين ما يشهده العالم من حرائق غير مسبوقة و فياضانات حتى في عز الصيف و حرارة مفرطة حتى في عز الشتاء و يعلم جيدا أن ثاني أوكسيد الكربون هو أهم مسببات الاحتباس الحراري و يلح رغم ذلك على توفر عائلته الصغيرة على أكثر من سيارة واحدة ؟ كيف يعقل أن تحتل أسرة نووية شقة عادية بعمارة لكنها تحتاج إلى مساحة بجانب الرصيف قادرة على احتضان ثلاث سيارات أو أكثر ؟
قد أبدو ساديا، و لكن وجب الاعتراف بأني كنت مسرورا و أنا أرى أثمان المحروقات تتصاعد خلال السنين الأخيرة حتى بلغت مستويات غير مسبوقة. أما مبعث سروري فهو توقع تخلي الكثيرين عن عرباتهم مع ما يعنيه ذلك من تقلص في الازدحام المروري و تراجع في حدة الضوضاء و في درجة تلوث الأجواء. للأسف، ما توقعته لم يحصل و ظلت دار لقمان على حالها، بل هناك تقارير أفادت بارتفاع مبيعات البنزين و الغازوال خلال هذه الفترة و أفادت كذلك بعودة انتعاش مبيعات السيارات الجديدة بعد الإعلان الرسمي عن انتهاء الإجراءات الاحترازية التي رافقت الجائحة.
أنا أعلم علم اليقين أن قراءتي لواقع السيارات بالبلاد و توصياتي في الموضوع لن تروق للعديدين. رغم ذلك، كان لابد أن أضيف صوتي إلى أصوات من سبقوني إلى دق ناقوس الخطر عسى أن يصل رنينه إلى أكبر عدد ممكن من الآذان السليمة و تنفذ رسالته إلى أكبر عدد ممكن من العقول الراجحة الحاملة لهم صفاء بيئة جيل اليوم و الأجيال القادمة و المقتنعة بأن المواطنة الحقة تبدأ بنبذ الأنانية المقيتة… و يظل شعار 'سيارة لكل أسرة مقتدرة' الأكثر انسجاما مع منطق الأشياء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قضاء ألمانيا يحكم بعدم قانونية إعادة طالبي اللجوء عند الحدود
قضاء ألمانيا يحكم بعدم قانونية إعادة طالبي اللجوء عند الحدود

الجزيرة

timeمنذ 13 دقائق

  • الجزيرة

قضاء ألمانيا يحكم بعدم قانونية إعادة طالبي اللجوء عند الحدود

قضت محكمة الاثنين بأن سياسة الحكومة الألمانية الجديدة القائمة على إعادة طالبي اللجوء عند حدودها مخالفة للقانون، في ضربة لأحد أبرز إجراءات المستشار المحافظ فريدريش ميرتس. وقالت محكمة برلين الإدارية -في بيان- إنه "لا يمكن إعادة الأشخاص الذين يعربون عن رغبتهم في طلب اللجوء وهم عند نقطة تفتيش حدودية في الأراضي الألمانية" قبل أن يتم تحديد الدولة المسؤولة عن معالجة الطلب بناء على نظام "دبلن". ويأتي قرار الاثنين بعد طعن تقدّم به 3 صوماليين مروا بتدقيق للهجرة عند محطة قطارات عند الحدود البولندية، وعبّروا عن رغبتهم في طلب اللجوء، لكنهم أُعيدوا إلى بولندا في اليوم ذاته. وأُدخلت السياسة الجديدة القائمة على إعادة جميع المهاجرين غير الموثّقين تقريبا عند الحدود الألمانية، منهم طالبو اللجوء، بعد مدة قصيرة على تولي حكومة ميرتس السلطة مطلع الشهر الماضي. وشكّلت مسألة الحد من الهجرة غير النظامية جزءا أساسيا من حملة ميرتس في انتخابات فبراير/شباط العامة. وشهدت الانتخابات تحقيق حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتشدد أفضل نتيجة له على الإطلاق بلغت أكثر بقليل من 20%، في حين يصر ميرتس على أن التحرّك بشأن الهجرة هو السبيل الوحيد لوضع حد لصعوده.

هجوم مسلّح على معسكر للجيش المالي في تمبكتو وإطلاق نار كثيف يهز المدينة
هجوم مسلّح على معسكر للجيش المالي في تمبكتو وإطلاق نار كثيف يهز المدينة

العربي الجديد

timeمنذ 14 دقائق

  • العربي الجديد

هجوم مسلّح على معسكر للجيش المالي في تمبكتو وإطلاق نار كثيف يهز المدينة

يشهد معسكر للجيش المالي في وسط مدينة تمبكتو، صباح اليوم الاثنين، هجوماً مسلحاً لا يزال مستمراً، وسط دوي إطلاق نار كثيف هزّ أرجاء المدينة، وقد أكد مسؤولون عسكريون وإداريون محليون، إلى جانب عدد من سكان المدينة، في تصريحات لوكالة فرانس برس، أن الهجوم لا يزال متواصلاً، فيما تسود أجواء من التوتر والقلق في المنطقة. وقال مصدر عسكري لفرانس برس: "نواجه إرهابيين يهاجمون تمبكتو. نحن نرد على الهجوم، وقد استُهدف المعسكر الواقع في وسط المدينة مباشرةً". وتشهد مالي اضطرابات أمنية متواصلة منذ عام 2012، بفعل تصاعد أنشطة جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيمَي القاعدة وداعش، بالإضافة إلى انتشار عصابات إجرامية محلية. وأوضح مسؤول محلي أن "الإرهابيين وصلوا إلى تمبكتو بسيارة مفخخة صباح اليوم، وانفجرت قرب المعسكر"، مشيراً إلى أن "إطلاق النار لا يزال متواصلاً". أخبار التحديثات الحية مقتل عسكري فرنسي بهجوم في مالي وفي ظلّ تصاعد التوتر، تلقّى موظفو الأمم المتحدة في المدينة تعليمات بالاحتماء والابتعاد عن النوافذ، نظراً لاستمرار إطلاق النار في محيط المعسكر. من جهتهم، أفاد سكان محليون بسماع إطلاق نار عنيف يُعتقد أنه صادر من جهة المعسكر العسكري، وقال أحد السكان: "الأصوات كانت قريبة جداً، والوضع مقلق للغاية". كما قال صحافي محلي في اتصال هاتفي مع فرانس برس: "هذا الصباح، هاجمت جماعات إرهابية المدينة. سُمع إطلاق نار كثيف قرب المعسكر والمطار. اضطررنا جميعاً للبقاء في منازلنا. المدينة تحت النيران". يُذكر أن مدينة تمبكتو الواقعة شمال مالي كانت قد خضعت لسيطرة الجماعات المسلّحة في عام 2012، إذ أثارت تلك الجماعات استياءً واسعاً بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها، من بينها تدمير أضرحة تاريخية مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. (فرانس برس)

واشنطن توافق على ضم آلاف المقاتلين الأجانب إلى الجيش السوري الجديد
واشنطن توافق على ضم آلاف المقاتلين الأجانب إلى الجيش السوري الجديد

العربي الجديد

timeمنذ 14 دقائق

  • العربي الجديد

واشنطن توافق على ضم آلاف المقاتلين الأجانب إلى الجيش السوري الجديد

أعلن توم باراك، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن الولايات المتحدة وافقت على خطة طرحتها القيادة السورية الجديدة للسماح لآلاف المقاتلين الأجانب بالانضمام للجيش الوطني، شريطة أن يحدث ذلك بشفافية. وأضاف باراك، السفير الأميركي لدى تركيا ، والذي عُيّن مبعوثاً خاصاً لترامب إلى سورية الشهر الماضي: "أعتقد أن هناك تفاهماً وشفافية. من الأفضل إبقاء المقاتلين، وكثير منهم مخلصون جداً للإدارة السورية الجديدة، ضمن مشروع الدولة بدلاً من إقصائهم"، حسب ما نقلت وكالة رويترز، اليوم الاثنين. ونقلت الوكالة عن ثلاثة مسؤولين دفاعيين سوريين إنه بموجب الخطة، فإن نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الأويغور من الصين والدول المجاورة، سينضمون إلى وحدة جرى تشكيلها حديثاً، وهي الفرقة 84 في الجيش السوري، التي ستضم أيضاً سوريين. ورداً على سؤال من "رويترز" في دمشق عمّا إذا كانت واشنطن وافقت على دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد، قال باراك: "أعتقد أن هناك تفاهماً وشفافية". وكان مصير الأجانب الذين انضموا إلى "هيئة تحرير الشام" خلال الحرب التي استمرت 13 عاماً ضد نظام بشار الأسد، من أكثر القضايا الشائكة التي تعيق التقارب مع الغرب منذ أن أطاحت فصائل المعارضة، وفي طليعتها "الهيئة" بنظام الاسد واستولت على السلطة نهاية العام الماضي. تقارير عربية التحديثات الحية ملف المقاتلين الأجانب في سورية... مصدر قلق للخارج والداخل وكانت الولايات المتحدة حتى مطلع مايو/ أيار الماضي تطالب القيادة الجديدة باستبعاد المقاتلين الأجانب من قوات الجيش والأمن، لكن نهجها تجاه سورية شهد تغيراً كبيراً منذ جولة الرئيس ترامب في الشرق الأوسط الشهر الماضي. ووافق ترامب خلال هذه الجولة على رفع العقوبات المفروضة على سورية، والتقى بالرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض وعيّن باراك مبعوثاً خاصاً له. وقال مصدران مقربان من وزارة الدفاع السورية لـ"رويترز" إن الشرع والمقربين منه حاولوا إقناع واشنطن والأطراف الغربية بأن ضمّ مقاتلين أجانب إلى الجيش، سيكون أقل خطورة على الأمن من التخلي عنهم، الأمر الذي قد يدفعهم إلى الانضمام مجدداً لتنظيم القاعدة أو تنظيم "داعش". ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية ولا متحدث باسم الحكومة السورية بعد على طلبات للتعليق، وفق "رويترز". ولدى تواصل "العربي الجيد" مع مصدر مسؤول في وزارة الدفاع السورية، قال إنه لا علم للوزارة بهذه المعلومات. وكان الرئيس السوري أحمد الشرع بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" قبل يومين، يواجه معضلة، إذ يجب أن يُرضي هؤلاء المقاتلين كي لا ينقلبوا ضدّه أو ينفذوا عمليات انتقامية داخل البلاد، وألمح الشرع في مقابلة مع الصحيفة الأميركية إلى أن حكومته قد تمنح الجنسية السورية للمقاتلين الأجانب الذين عاشوا سنوات طويلة في سورية و"ثبتوا إلى جانب الثورة"، إلّا أن هذا الطرح يثير مخاوف لدى عدد من الدول الغربية، التي تخشى من أن تتحول سورية ملاذاً للمتطرفين، لكن الشرع سعى وفق الصحيفة، إلى طمأنتهم، مؤكداً التزامه بمنع استخدام الأراضي السورية لتهديد أي دولة أخرى. ورجح الباحث محمد أبو النور أن يجري إدماج معظم المقاتلين الأجانب في القوات العسكرية النظامية في سورية، باستثناء المتطرفين جداً أو الذين يرفضون ذلك. وأضاف أبو النور في حديث لـ"العربي الجديد" أن معظم هؤلاء المقاتلين، خصوصاً "الحزب الإسلامي التركستاني" (الإيغور) الذي يضم العدد الأكبر من هؤلاء المقاتلين، باتوا مندمجين فعلاً في المجتمع السوري في شمال غرب البلاد، وتزوجوا من سوريات، ولا يفكرون بالعودة إلى الصين، لأن يعملون أن مصيرهم غامض هناك، إذ تصنفهم حكومتهم مجموعةً إرهابية. وتتضارب المعلومات عن أعداد مقاتلي الحزب، الذين قدرتهم مجلة "فورين بوليسي" بنحو خمسة آلاف مقاتل، وأن عددهم الإجمالي مع عوائلهم نحو 15 ألفاً، وتشير معلومات أخرى إلى أن العدد الفعلي أقل من ذلك بكثير. وكان زعيم الحزب أبو محمد التركستاني ظهر خلال أحداث الساحل السوري في مارس/أذار الماضي على طريق اللاذقية ـ طرطوس إلى جانب عشرات المقاتلين الإيغور، لكن وزارة الدفاع السورية أبعدتهم عن المنطقة خشية تورطهم في ارتكاب انتهاكات ضد المدنيين، وطلبت منهم الانتشار على الطريق الواصل بين حمص وطرطوس لضبط الحدود ومنع عمليات تهريب السلاح والمخدرات. ومنحت السلطات السورية أبو محمد التركستاني، رتبة عميد في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وكان يقود الفرقة 133 في الجيش السوري الجديد، لكن وزارة الدفاع لم تأذن بإضافة المقاتلين الأجانب إلى تعداد الفرقة، وفضلت كما يبدو التروي إلى حين حل قضية هؤلاء المقاتلين مع الجهات الأجنبية ذات الصلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store