logo
خطة ماكرون الجديدة في أفريقيا

خطة ماكرون الجديدة في أفريقيا

الجزيرةمنذ 19 ساعات
منذ وصول إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه 2017، شهدت السياسة الفرنسية تجاه أفريقيا تغيرات ملحوظة في الخطاب والممارسة.
ورغم الحديث المتزايد عن انسحاب فرنسا من القارة الأفريقية، وخاصة من مناطق نفوذها التقليدية في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، فإن العلاقة بين باريس والقارة السمراء قديمة وتعود إلى الحقبة الاستعمارية في القرن التاسع عشر، حين سيطرت فرنسا على مساحات شاسعة من غرب ووسط أفريقيا.
وحتى بعد استقلال الدول الأفريقية، حافظت فرنسا على نفوذ سياسي واقتصادي وعسكري قوي من خلال شبكات مصالح معقدة.
يتناول المقال سياسة إيمانويل ماكرون تجاه أفريقيا باعتبارها امتدادا لسياسات استعمارية مغلفة بلغة جديدة، ويرصد فشل ماكرون في إعادة ترميم صورة فرنسا في القارة السمراء رغم محاولاته تقديم خطاب مختلف.
فهل انسحاب فرنسا من مناطق نفوذها حقيقي، أم إنها عمدت فقط إلى تغيير أدوات الهيمنة لضمان استمرارها وحماية مصالحها؟
سياسة قديمة بشعارات جديدة
رغم الضربات التي تلقتها فرنسا في كل من مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، وتشاد، والسنغال بإغلاق قواعدها العسكرية وإنهاء تواجدها العسكري في دول كانت إلى عهد قريب عبارة عن محميات فرنسية ونقاط ارتكاز للنفوذ الفرنسي في القارة السمراء، فإن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حدث هذا التصدع في عهده، لم يجد سبيلا للتعاطي مع الكارثة إلا بوضعها في سياق بناء شراكة وتعاون عسكري فرنسي- أفريقي بمعايير جديدة؛ بهدف التحكم والسيطرة على حجم الخسائر التي تتكبدها فرنسا؛ بسبب التحولات الكبرى التي تشهدها القارة السمراء.
فماكرون أدرك أن أفريقيا اليوم ليست أفريقيا الأمس، وأن الظروف والشروط تغيرت جذريا، وأن الرياح التي هبت على أفريقيا لم تعد تناسب السياسات القديمة التي تبنتها فرنسا في الحقب الماضية، وخاصة تلك النزعة الاستعمارية التي أرساها الجنرال شارل ديغول مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، وأشرف عليها مستشاره في الشأن الأفريقي جاك فوكار، الذي ظل يرعاها من 1958 إلى أن وافته المنية 1997.
فهذه السياسات الاستعمارية فجرت في العديد من الدول الأفريقية نقمة كبيرة لدى النخب الجديدة التي أصبحت تطالب فرنسا بالاعتذار وجبر الأضرار على مرارة السنين الطويلة التي تجرعت فيها الشعوب كل صنوف الإذلال وجشع السياسات التي تركت ندوبا غائرة على جسد البلدان التي احتلتها فرنسا واستغلت ثرواتها وأفقرت شعوبها.
فالاتفاقيات التي كانت تربط فرنسا بالدول الأفريقية لم تكن مجحفة فقط، وإنما كان تنفيذها أكثر إجحافا واستغلالا، وخلفت وراءها صورا ومشاهد وممارسات قاسية لن تستطيع السنون محوها من الذاكرة الجمعية لشعوب أفريقيا.
فماكرون، الذي زار 18 دولة أفريقية منذ وصوله إلى قصر الإليزيه 2017، كان أطلق خطة فرنسا الجديدة في أفريقيا 2023، وهو يعي أن التحديات كبيرة؛ بسبب المنافسة الشديدة التي بات منسوبها قويا، خاصة من الصين، وروسيا، والهند، وتركيا.
وبدلا من صورة فرنسا القوية ذات النفوذ الاستعماري القديم، حاول ماكرون الترويج لعلاقات مختلفة، تقوم على مبدأ الشراكة والانتقال من منطق تقديم المساعدات إلى منطق الاستثمار والمنافع المشتركة.
ورغم أن هذه الخطة حاولت مسايرة الأوضاع الجديدة التي عبّر فيها العديد من الدول الأفريقية عن رغبتها في إنهاء التواجد العسكري الفرنسي، فإن باريس كانت تدرك أن ساعة إعلان نهاية هذا القوس قد أزفت، وأن زمن احتواء الأزمات لم يعد ممكنا.
لكن ماكرون، الذي حاول الترويج لخطته الجديدة، ظهر كمن يدعو إلى الفضيلة والرذيلة في الوقت نفسه. فمع شبه إقراره بضرورة تغيير أسلوب فرنسا في التعامل مع الدول الأفريقية، لم يجد غضاضة في مطالبتها بتقديم الشكر لفرنسا على جميل ما قدمت وأسدت من خدمات لهذه الدول، التي- بحسبه- ما كانت لتكون على هذه الحال لولا الانتشار العسكري الفرنسي الذي حال دون وقوعها تحت أيدي الجماعات الإرهابية.
وهي التصريحات التي صبت الزيت على النار المشتعلة أصلا في النفوس المليئة بالاستياء من السياسات المتعالية والنظرة الدونية التي تستبطنها فرنسا الاستعمارية.
فباريس تعمل جاهدة ولن تفرط بسهولة في حدائقها الخلفية. فقد قامت في يونيو/حزيران 2024 بإنشاء قيادة فرنسية جديدة لأفريقيا (CPA) تحت قيادة الجنرال باسكال ياني، وتستهدف من ورائها تجاوز الصورة النمطية الاستعمارية إلى بناء صورة جديدة تقوم على التعاون والتنسيق وبناء شراكات أمنية تخدم المصالح المشتركة لفرنسا والدول الأفريقية.
هل تقترب فرنسا من خسارة هيمنتها النقدية بحلول 2027؟
"الاستقلال السياسي يظل منقوصا ما لم يترافق باستقلال نقدي". مقولة لم يقتصر ترديدها على الساسة ونشطاء المجتمع المدني في أفريقيا، بل امتدت إلى النخب الحاكمة التي لم تعد تجد تفسيرا للهيمنة الفرنسية على العملة النقدية لدول غرب أفريقيا إلا عدم اكتمال السيادة الوطنية.
والحال أن التداول على مستوى الدول الأفريقية التي توجد تحت رحمة التحكم النقدي الفرنسي بدأ منذ سنوات، وأرجأته أثقال ماضٍ أليم يحتاج إلى قرارات مفصلية، لكن كذلك إلى شركاء جدد يساعدون هذه الدول على كسر سلاسل هذا الارتباط، الذي جعل من هذه الدول عبارة عن ملحقات تابعة ومنزوعة التصرف في إمكاناتها ومقدراتها.
وإذا تمكنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، من إنجاح خارطة الطريق الجديدة لطرح عملة موحدة بحلول 2027، فإن اقتصاد فرنسا سيتلقى ضربة موجعة.
فإطلاق "الإيكو" كعملة موحدة داخل غرب أفريقيا سينهي حقبة كاملة لسيطرة فرنسا النقدية في مجالها وحدائقها الخلفية من الزمن الاستعماري القديم.
ولا ننسى أن الفرنك الأفريقي، الذي ظل يرزح تحت رحمة البنك المركزي الفرنسي طوال عقود، شكل ولا يزال رافعة أساسية لتكريس التبعية وإدامة تحكم فرنسا في مخزون دول غرب أفريقيا من العملات الصعبة، وفي مبادلاتها التجارية الخارجية.
فالفرنك الأفريقي وُلد مع الحقبة الاستعمارية، وتحديدا عام 1945، ليصبح أداة ضاربة في التحكم النقدي والاقتصادي لفرنسا بمستعمراتها السابقة.
والغريب أن المقابل بالنسبة للدول الأفريقية لم يكن شيئا مذكورا، فكل ما قدمته فرنسا هو الحفاظ على سعر ثابت للفرنك الأفريقي مع شروط مجحفة، تقضي بإيداع نسبة 50% من احتياطات هذه الدول من العملات الأجنبية في بنكها المركزي.
وهو ما أثار ردود فعل قوية، حيث اعتبرت استقلالها السياسي منقوصا ما لم تتحرر من قبضة الفرنك الأفريقي ومن الإملاءات الفرنسية النقدية التي ترهن مستقبل هذه الدول، وتعطل انطلاقها نحو التنمية والتحرر.
الفرانكفونية في تراجع مستمر
يتراجع النفوذ الفرنسي الثقافي واللغوي بعد أن أعلنت مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر انسحابها من منظمة الفرانكفونية، وهي المنظمة التي يوجد مقرها في باريس وتعمل على تعزيز حضور اللغة الفرنسية، ودعم التنوع الثقافي واللغوي ونشر السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان وتشجيع التعليم.
وهي الشعارات التي لم تجد صداها في واقع الدول الأفريقية التي بقيت تعيش في الأزمنة الغابرة وكأن عقارب الزمن توقفت عند هذه القارة التي نالت قدرا وافيا من العذاب والإقصاء.
فالتوجه العام بدأ يعيد النظر في الارتباط باللغة الفرنسية كلغة معتمدة في التدريس، خاصة في ظل الحصيلة الضعيفة التي أبقت التعليم متخلفا وبعيدا عن التطورات العلمية والمعرفية، التي تعتبر اللغة حاملا أساسيا لها.
فرواندا مثلا انتقلت من الفرنسية إلى الإنجليزية، والتحول ذاته جارٍ في السنغال، فالرئيس الحالي باسيرو فاي دافع عن اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية بديلة عن الفرنسية.
وتجمع الأوساط الأكاديمية في السنغال، على أن القرارات التي اتخذتها العديد من الدول ستنهي قريبا اللغة الفرنسية من القارة الأفريقية.
أفريقيا تريد أفعالا لا أقوالا
رغم كل الخطب والخطط الجديدة التي حاول ماكرون ترويجها من أجل إعادة بناء صورة مختلفة عن فرنسا داخل مستعمراتها القديمة، فقد ظلت قولا تذروه الرياح.
فما تحتاجه دول غرب أفريقيا هو التحرر والاستقلال الكامل من الهيمنة الفرنسية، واعتراف بالانتهاكات والجرائم التي ارتكبت في حق شعوبها، والتي ساهمت في تأخر مشاريع التنمية وتعطيل قطارها.
فالإقرار بالماضي وآلامه يتطلب من باريس اعتذارا رسميا وتقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بدول غرب أفريقيا. فالرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك قال قبل رحيله نهاية سبتمبر/أيلول 2019: "لا تنسوا أن جزءا من الأموال التي بحوزتنا، مصدره استغلالنا أفريقيا، والمسؤولية والحس السليم يُمليان علينا إرجاع ما أخذناه، وهذا على الأقل يمكن أن يجنبنا الكثير من المصاعب والاضطرابات". بدون ذلك ستظل فرنسا تحمل أثقالا تنوء بحملها الجبال.
على سبيل الختم
إن إعلان فرنسا "الانسحاب" من أفريقيا في عهد إيمانويل ماكرون، رغم كونه ظاهرة حقيقية على المستوى العسكري، فإنه يمثل عمليا إعادة تموضع إستراتيجي للقوة الفرنسية في القارة السمراء، من خلال استبدال الأدوات التقليدية للهيمنة العسكرية بأدوات أكثر مرونة مثل الاقتصاد، والدبلوماسية، والثقافة. ففرنسا تسعى إلى الحفاظ على مصالحها الحيوية، مع تخفيض تكاليف وأعباء الوجود المباشر.
في النهاية، يبقى نجاح هذه السياسة مرتبطا بقدرة فرنسا على تجاوز الإرث التاريخي من التبعية والاستعمار، وبناء علاقات متوازنة تحترم مصالح الشعوب الأفريقية وتلبي تطلعاتها نحو السيادة والتنمية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ألبانيزي: حماس حركة سياسية وليسوا قتلة كما يصورهم البعض
ألبانيزي: حماس حركة سياسية وليسوا قتلة كما يصورهم البعض

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

ألبانيزي: حماس حركة سياسية وليسوا قتلة كما يصورهم البعض

قالت المفوضة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيزي إن كثيرين ليس لديهم معرفة حقيقية واضحة عن ماهية حركة حماس ، وكونها حركة سياسية لا مجموعة من القتلة. وأضافت ألبانيزي أن "حماس حركة سياسية وصلت إلى حكم غزة عبر انتخابات وُصفت بأنها الأكثر ديمقراطية، وليست مجموعة من القتلة، كما يصورها البعض". وأوضحت أن "الناس يواصلون تكرار نفس الرواية بخصوص حماس لكنني لا أعتقد أن كثيرين لديهم فكرة واضحة عمّا هي". وتابعت ألبانيزي بالقول إن "حماس قوة سياسية وصلت للسلطة بعد فوزها في انتخابات عام 2006 التي وصفت بأنها الأكثر ديمقراطية. شئنا أم أبينا، وقد قامت حماس ببناء مدارس ومنشآت عامة ومستشفيات، وكانت ببساطة السلطة القائمة بحكم الأمر الواقع". وشددت على أنه "من الضروري أن نفهم أنه عند الحديث عن حماس لا يجب بالضرورة التفكير في جماعة من القتلة المتعطشين للدماء أو المقاتلين المدججين بالسلاح فالأمر ليس كذلك". وكانت ألبانيزي تعرضت إلى عقوبات أميركية، حيث أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إدراجها على قائمة العقوبات على جهودها لدفع المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات ضد الولايات المتحدة وإسرائيل. ودعت البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة في بيان مطلع يوليو/تموز الجاري، إلى إدانة ألبانيزي وإقالتها من منصبها، زاعمة أنها صعّدت أخيرا خطابها "المعادي للسامية" و"المعادي لإسرائيل". كما طالبت الولايات المتحدة الأميركية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإقالة ألبانيزي من منصبها.

وول ستريت جورنال: مؤسس "بلاك ووتر" يعود بقوة إلى عالم المرتزقة
وول ستريت جورنال: مؤسس "بلاك ووتر" يعود بقوة إلى عالم المرتزقة

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

وول ستريت جورنال: مؤسس "بلاك ووتر" يعود بقوة إلى عالم المرتزقة

قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن مؤسس بلاك ووتر السابق إريك برنس بات يمتلك شركة جديدة لتقديم خدمات عسكرية وأمنية خارجية لا يرغب البيت الأبيض في توليها، وهي تنشط حاليا في عدة دول بأميركا اللاتينية وأفريقيا. وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم بينوا فوكون وفيرا بيرجينغروين- أن مؤسس بلاك ووتر وزعيمها السابق المثير للجدل مطلوب حاليا لإرساء القانون والنظام في جبال منطقة بونو الغنية بالذهب في بيرو. وقد سافر إدوين أجاوانا، وهو مالك منجم للذهب في أعالي جبال الأنديز، لمدة 23 ساعة برا للقاء إريك برنس، آملا أن يحمي عماله وممتلكاته، وانضم إلى أصحاب أعمال آخرين، وقال لبرنس إن "ظهور الموتى على الطرق وفي مكبات النفايات، وفي صناديق القمامة مستمر. بالنسبة لنا، الدولة شبه معدومة، لقد تم التخلي عنا". وأطلق برنس، الذي باع بلاك ووتر عام 2010، شركته الجديدة "فيكتوس غلوبال"، كعلامة تجارية عالمية لشبكة من الشركات التي أسسها للقيام بأعمال أمنية في الإكوادور وجمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي، وهي الآن في طليعة صناعة ناشئة تستفيد من تخفيضات ترامب للمساعدات الخارجية. وأشارت الصحيفة إلى أن جندي البحرية السابق كان جاهزا لعرض خدماته، وقد أظهر لقطات من طائرة مسيرة لمرتزقته في هايتي وهي تساعد في مطاردة وقتل أعضاء عصابات مزعومة بموجب عقد حكومي أبرمه في مارس/آذار، مقابل مبلغ لا يقل عن 10 ملايين دولار سنويا، تدفعه الحكومة أو تحالف من المصالح الخاصة. وقال برنس إنه يستطيع فعل الشيء نفسه في دولة الذهب في بيرو، بنشر فريق لتعطيل الشبكات الإجرامية التي تبتز وتقتل عمال المناجم، على حد تعبيره. يحظى باهتمام ترامب ويعتقد برنس أن مرتزقته قادرون على تعويض النقص في وظائف الأمن الدولي التي تفضل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عدم دفع أجورها، ويقول إنه يريد تحقيق ربح في الدول التي تحتاج بشدة إلى المساعدة الأميركية، بحسب الصحيفة. وصرح المرشح الرئاسي السابق في ليما، هيرناندو دي سوتو الذي يستضيف برنس، أن مؤسس بلاك ووتر "يحظى باهتمام ترامب"، مما يمنح بيرو أفضل فرصة لتكون على رادار البيت الأبيض، للحصول على مساعدة أمنية وجذب انتباه المستثمرين الأميركيين القلقين من المشاكل الأمنية في الخارج. وقال برنس: "لست قريبا من ترامب، لكنني قريب من موظفيه"، بمن فيهم وزير الدفاع بيت هيغسيث ، الذي سبح معه في نهر هدسون، والذي سعى في السابق للعفو عن 4 من متعاقدي بلاك ووتر المحكوم عليهم بالسجن لقتلهم 14 مدنيا في العراق. وذكرت الصحيفة بأن بلاك ووتر، التي كانت في يوم من الأيام أكبر قوة مرتزقة في أميركا، فقدت مكانتها في الولايات المتحدة بعد الكشف عن تجاوزات عنيفة خلال حرب الرئيس السابق جورج بوش الابن على الإرهاب، ولكن برنس (56 عاما) حقق ثروة طائلة من تقديم المساعدة الأمنية في أماكن حول العالم، وفي بعض الأحيان خارج نطاق القانون، كما تقول الصحيفة. صفقة هايتي وفي الوقت الذي رفض فيه البيت الأبيض التعليق على علاقات برنس بالإدارة، يحاول رجل الأعمال ملء الفراغ الذي خلفته سياسة ترامب الانتقائية "أميركا أولا" في أميركا اللاتينية وأفريقيا -كما تقول الصحيفة- وتوظف شركة برنس الجديدة العشرات، لكن طموحاته عالية، وشعار شركة فيكتوس غلوبال هو "لا ننصح فحسب، بل ننفذ". وعندما سئل برنس عمن يمكن أن يكون النظير الأميركي لمرتزقة مجموعة فاغنر الروسية، قال إنه سيكون هو وشركته، وأضاف "مع بدء الشركات الأميركية بالتوجه إلى الخارج لمشاريع الطاقة والمعادن والبنية التحتية"، سأكون معهم هناك. وتحت الضغط، ركزت "فيكتوس" تسويقها الأولي في أميركا اللاتينية، مما يعكس الموقف المتشدد لإدارة ترامب تجاه أمن الحدود والعصابات والاتجار بالمخدرات، وبالفعل عزز برنس علاقاته مع رئيس السلفادور نجيب أبو كيلة ، بالإضافة إلى الرئيس الإكوادوري دانيال نوبوا الذي تعاقد معه. وقالت وزارة الخارجية الأميركية: "علمنا أن برنس سافر إلى الإكوادور بصفته مواطنا عاديا. حكومة الولايات المتحدة ليست متورطة في عمليات مكافحة المخدرات التي تقوم بها شركات الأمن الخاصة في البلاد". ومن بين أحدث جهود برنس، تعد صفقة هايتي بعقد أمني لمدة عام الأكثر فتكا، وقد استأجر برنس مرتزقة سلفادوريين لمساعدة الشرطة المحلية في استهداف العصابات بطائرات مسيرة جاهزة محملة بالمتفجرات، وباستخدام تقنيات طورت في حرب أوكرانيا، تؤكد وول ستريت جورنال. ونقلت عن الأمم المتحدة قولها هذا الشهر إن المسيّرات قتلت ما لا يقل عن 233 من أفراد العصابات و3 مدنيين، وأضافت أن امرأة قتلت عندما لجأ اثنان من أفراد العصابة إلى منزلها، وانفجرت مسيّرة كانت تطاردهما. وقال رئيس الوزراء الهايتي أليكس ديدييه فيس إيميه: "لقد أوقفت المسيّرات النزيف"، وأضاف أن زعماء العصابات كانوا في السابق يتباهون بجرائمهم على وسائل التواصل الاجتماعي، أما الآن، فهم مختبئون، وأوضح أن المبلغ الذي ستدفعه هايتي لبرنس بموجب العقد يعادل حوالي 1% من مليار دولار أنفقتها الأمم المتحدة والحكومات السابقة في السنوات الأخيرة على الأمن، تتابع الصحيفة الأميركية. علاقات وثيقة ومع ذلك قال دان فوت، الدبلوماسي الأميركي الذي شغل منصب المبعوث الخاص لهايتي عام 2021، إن نهج برنس ينذر بتفاقم حالة عدم الاستقرار، وأضاف أن تدخل الأمن الخاص في هايتي سيفشل إذا أداره أجانب غير مسؤولين أمام القوانين والشعب الهايتي. المبلغ الذي ستدفعه هايتي لبرنس بموجب العقد يعادل حوالي 1% من مليار دولار أنفقتها الأمم المتحدة والحكومات السابقة في السنوات الأخيرة على الأمن بواسطة أليكس ديدييه فيس إيميه وقد أعربت الحكومة الكندية عن قلقها إزاء "تقارير عن عمليات إعدام خارج نطاق القضاء" في هايتي، كما طلبت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين من وزارتي الخارجية والأمن الداخلي تفاصيل حول عمليات برنس. إعلان وبحسب الصحيفة، عين رئيس الكونغو فيليكس تشيسيكيدي في ديسمبر/كانون الأول برنس لحماية جباة الضرائب المسؤولين عما يصل إلى 40 منجما، بما في ذلك معادن حيوية لصناعة السيارات والإلكترونيات الأميركية مثل الكوبالت. ويشمل عقد برنس مهمة ثانية لوقف تهريب المعادن ومساعدة السلطات على تأمين حدود الكونغو، كما أن هناك شائعات عن محادثات مع برنس أيضا بشأن استقدام مرتزقة سلفادوريين لتأمين القصر الرئاسي في العاصمة كينشاسا. وللحفاظ على تحالف فيكتوس مع إدارة ترامب، يحافظ برنس -حسب الصحيفة- على علاقات وثيقة مع حلفاء الرئيس داخل الحكومة وخارجها، كما زار منذ انتخاب ترامب، منتجع مارالاغو الخاص بالرئيس، وقال إنه يبقي أعضاء فرق الأمن القومي والدبلوماسية التابعة لترامب على اطلاع بمشاريعه في أفريقيا وأميركا اللاتينية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store