
فاجأت الاحتلال.. قوات صنعاء تُربك الحسابات وتكسر الخطوط الحمراء
بينما كانت الأنظار تتجه نحو الجنوب اللبناني تحسبًا لانفجار مواجهة شاملة مع حزب الله، وتترقب صراع مفتوح بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت الذي اعتقد فيه الاحتلال الإسرائيلي أنه حسم ملف الجبهات الإقليمية الكبرى – من الجنوب اللبناني إلى سوريا وحتى العمق الإيراني – برزت جبهة اليمن كتحول استراتيجي غير محسوب، قلب طاولة التوازنات على حسابات حكومة الاحتلال والإدارة الأمريكية، وفرض معادلة ردع إقليمية جديدة، أعادت رسم خريطة المواجهة في العدوان المستمر على قطاع غزة.
ففي خضمّ الحرب العدوانية المستعرة على غزة، لم تكتف قوات صنعاء بإعلان موقف داعم، بل فتحت جبهة عملياتية فعالة قلبت موازين الصراع، ووسّعت ساحات الاستنزاف ضد الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه في البحر الأحمر.
فجأة، دخل اليمن معادلة الردع بقوة، واضعًا خطوطًا حمراء جديدة، ومجبرًا واشنطن وتل أبيب على التعامل مع جبهة لم تكن ضمن حساباتهم العاجلة، وهكذا، برز اليمن لا كحليف في محور المقاومة فقط، بل كقوة إقليمية فرضت حضورها الفعلي في قلب المعركة، وأعادت تعريف من هو الشريك الحقيقي في مواجهة المشروع الصهيوني.
فمنذ مطلع 2024، بات واضحًا أن قوات صنعاء انتقلت من موقع الدعم الرمزي إلى الفعل المباشر، عبر فتح جبهة جديدة انطلاقًا من سواحل البحر الأحمر استهدفت عمق المصالح الإسرائيلية والغربية في البحر الأحمر، وضرب العمق الاستراتيجي للاحتلال، ليس فقط عسكريًا، بل اقتصاديًا وسياسيًا، الأمر الذي دفع ناطق كتائب القسام 'أبو عبيدة' إلى توجيه تحية استثنائية لليمن في خطابه الأخير، قائلاً: 'نتوجه بالتحية لشعبنا العزيز في يمن الحكمة والإيمان، ولقواته المسلحة، ولإخوان الصدق أنصار الله' حد قوله، مؤكدًا أن هذه الجبهة 'فرضت على العدو جبهة فاعلة أقامت الحجة على القاعدين والخانعين'.
ومنذ اندلاع العدوان على غزة في أكتوبر 2023، كانت أنظار الاحتلال تتجه إلى ثلاث جبهات أساسية: حزب الله في لبنان، ونظام الأسد في سوريا، ثم إيران كفاعل رئيسي في محور المقاومة، أما صنعاء – رغم عضويتها الصريحة في هذا المحور – فلم تكن ضمن 'بنك التهديدات العاجلة' في التقديرات الإسرائيلية.
ووفق تقديرات 'إسرائيلية' كان ذلك خطأ فادحًا لحسابات الاحتلال ومن خلفه أمريكا والغرب؛ فبينما كان الاحتلال الإسرائيلي يستعد لتنفيذ حرب الشمال ضد لبنان وتدمير مقدرات الجيش السوري وضربة استباقية على منشآت إيرانية النووية، كانت الصواريخ والمسيّرات اليمنية تستهدف سفن الدعم اللوجستي لحلفاء الاحتلال الإسرائيلي، وتضرب موانئه وخطوط تجارته البحرية، وتشل حركة الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب ومضيق باب المندب، لتعود في العام الجاري لتفرض حصارًا جويًا بعد تهديد الملاحة في مطار 'بن غوريون' في منطقة اللد.
بل إن صنعاء – بحسب تصريحات قيادات دبلوماسية وعسكرية يمنية – تلقت عروضًا أمريكية مغرية، تتضمن رفع الحصار عن اليمن ووقف الحرب مقابل وقف دعمها لغزة وعدم فتح جبهة البحر الأحمر.
لكن صنعاء، بحسب ما أفاد به قادة فصائل المقاومة الفلسطينية، رفضت تلك المقايضات على حساب دماء الشعب الفلسطيني، وفضّلت خوض معركة الكرامة إلى جانب الشعب الفلسطيني، رغم التبعات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
في سابقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، نجحت صنعاء في أن تكون أول قوة إقليمية تُجبر واشنطن على الدخول في مفاوضات تهدئة مباشرة، بعد أن فشلت كل محاولات كسر دفاعاتها الجوية والبحرية.
وهذه ليست معركة رمزية أو مجرد رسائل نارية، بل حرب استنزاف استراتيجية بكل المقاييس، فقد أجبرت القوات الأمريكية على سحب حاملات الطائرات من البحر الأحمر وخليج عدن وبعض قواعدها في دول الخليج.
وتوقفت بفعل ضرباتها معظم خطوط الملاحة المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي عبر البحر الأحمر، وصولا إلى انهيار السياحة في 'إيلات'، وتضرر الاقتصاد الإسرائيلي بأكثر من 15 مليار دولار حتى مايو الماضي، وفق تقديرات 'إسرائيلية'، وصولًا إلى اضطرار واشنطن توقيع اتفاق تهدئة جزئي مع صنعاء في يونيو الماضي، بعد عجز تحالفها عن تحقيق أي تقدم ميداني يُذكر.
هذه النتائج النوعية وغير المسبوقة دفعت فصائل المقاومة، وفي مقدمتها كتائب عز الدين القسام، إلى التأكيد على أن 'جبهة اليمن لم تكن فقط مساندة، بل فاعلة ومؤثرة، وأجبرت الاحتلال على إعادة تقييم استراتيجي شامل'.
اللافت في الموقف اليمني – كما أشار أبو عبيدة – أنه 'أقام الحجة على القاعدين والخانعين'، في إشارة إلى الأنظمة العربية التي اختارت الصمت أو التواطؤ، حيال المشاهد اليومية من المجازر والتجويع في قطاع غزة.
فبينما اكتفت معظم العواصم العربية ببيانات الإدانة الشكلية أو بيانات دعم إنساني، فتحت صنعاء جبهة قتال حقيقية خاضت فيها معركة مباشرة مع القوات الأمريكية و'الإسرائيلية'، ودفعت ثمنًا عسكريًا وسياسيًا كبيرًا، وقد مثّل ذلك إحراجًا بالغًا لمنظومة التطبيع، وكشف زيف الشعارات الداعية لـ 'السلام الإقليمي'.
وهو ما يفسر الغضب الأمريكي و'الإسرائيلي' من التحركات اليمنية، وارتفاع وتيرة الغارات والتهديدات خلال الأشهر الماضية، والتي لم تفلح في كسر إرادة صنعاء أو تحييدها عن المعركة.
ورغم كثافة الغارات الأمريكية و'الإسرائيلية'، والتهديدات المتكررة، بقيت صنعاء ثابتة على موقفها، تؤكد في كل خطاب رسمي أنها لن تساوم على دماء أطفال غزة، ولن تتراجع عن دعم المقاومة حتى لو اشتعل البحر الأحمر بالكامل
يؤكد محللون عسكريون وخبراء استراتيجيون في تصريحات لقنوات إخبارية إقليمية ودولية أن انخراط اليمن في الحرب الإقليمية يمثل تحولًا في طبيعة الصراع، أعاد تعريف مفاهيم الردع والتكافؤ الاستراتيجي، حيث لم تعد 'مراكز القوة التقليدية' هي وحدها من تصنع المعركة، بل الإرادة والقدرة على توجيه الضرر الاستراتيجي للمصالح المعادية.
وباتت معادلة الردع الجديدة تعتمد على القدرة على تهديد المصالح الحيوية للعدو بعيدًا عن الجغرافيا التقليدية، والجرأة في اتخاذ قرار الاشتباك رغم الحصار والانكشاف السياسي، فضلًا عن التوازن بين الفعل العسكري والخطاب السياسي الأخلاقي.
وفي هذا السياق، بدا واضحًا أن قوات صنعاء تجاوزت منطق 'الرد الرمزي'، إلى فعلٍ حقيقي أثّر على سير الحرب، وعلى معنويات العدو، وحتى على خطوط التموين والدعم الأمريكي والإسرائيلي، وأربك الحسابات اللوجستية والدبلوماسية للعدو، ووضع الاحتلال في حالة استنزاف لم يعهدها منذ حرب السادس من أكتوبر 1973.
آفاق المرحلة المقبلة
وبينما يخوض الفلسطينيون معركتهم الأسطورية في غزة ضد آلة الإبادة، شكّلت صنعاء جبهة ضاغطة أربكت حسابات الحلفاء الغربيين للاحتلال الإسرائيلي، وأعادت تعريف مفهوم 'الشراكة في المقاومة'، وأحرجت كل المتفرجين على الهامش، بل يمكننا القول، إن اليمن لم يكن مجرد داعم، بل لاعبًا إقليميًا يُعيد هندسة توازنات المنطقة بقرار مستقل وإرادة صلبة.
قد يشهد البحر الأحمر في المرحلة المقبلة تحولات جديدة، وقد تجد الولايات المتحدة نفسها أمام معادلة استنزاف طويلة الأمد، تقودها أطراف غير تقليدية، وغير قابلة للابتزاز أو الاحتواء، وفي المحصلة، أثبتت صنعاء أنها لم تكن فقط دولة داعمة، بل كانت شريكًا استراتيجيًا فرض على العدو معركة من نوع آخر، وجعل من البحر الأحمر خطًا أحمرًا جديدًا في المعادلة الإقليمية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


26 سبتمبر نيت
منذ 2 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
الحرب مستعـرة والإبادة مستمرة
في هذا الزمان الكالح، حيث تندثر المعاني بين كذب الأنظمة وخنوع الشعوب المتفرجة، يقف قلب المؤمن مشتعلاً بنار الألم، لكنه موصولٌ بيقينٍ لا يبرد. تحت سماءٍ قاتمة برائحة الدم، وأرضٍ أنهكها الحصار، تُحاصر غزة ليس فقط بقذائف العدو، بل بصمت الجار، وخذلان القريب، وتواطؤ الراكعين لأصنامهم البشرية. لكنّنا _ والله _ نرى ما وراء الدم، ونسمع ما فوق أزيز الطائرات، ونوقن أن لهذا الكون ربًّا لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. هو الذي له الأمر من قبل ومن بعد، وهو الذي وعد عباده المستضعفين، حيث قال تعالى: { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِى ٱلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَٰرِثِينَ} صدق الله العظيم . في ظل هذا الوضع المأساوي يعلن العدو الصهيوني _كذبا_إدخال شاحنات المساعدات إلى غزة وتأتي الطائرات لتُسقِط "بعض المعلبات". رزمٌ من الطعام تُرمى من علياء الموت، وكأنها تُكفّن المجاعة، لا تُسعفها. علبٌ تُلقى على مخيماتٍ ناحلة، وجراحٍ مفتوحة، وأطفالٍ يشربون الماء من الطين، فيها من الإهانة وإهدار الكرامة والاستهتار بالشعب الفلسطيني ما فيها. ثم تخرج الأبواق المأجورة، من دول الطوق، من عواصم الخنوع، تهلل وتبشّر: "انتهت الأزمة!" "العدو سمح بالمساعدات!" "غزة في خير!" كذبًا وزورًا وتزييفًا لجرحٍ لم يندمل، ومذبحةٍ لم تتوقّف، ومجاعةٍ تزداد عمقًا في أحشاء البسطاء. لكنّا _بحمد الله _لم نكن من أولئك الذين قعدوا على الأرائك، واكتفوا بالدعاء الخافت والقلق المُرتبك. لم نكن ممن مرّت عليهم المجازر كخبرٍ عابر، أو كسطرٍ في صحيفة صفراء. منذ اليوم الأول للعدوان، رفعنا الصوت، وسلكنا درب النصرة، تحرّكنا في كل ميدانٍ أتيح، بالصواريخ والمسيّرات، والمسيرات المليونية والوقفات الاحتجاجية بعد كل جمعة وفي كل مدينة وقرية. ووقفنا بالكلمة، بالصرخة، بالمقاطعة، بجمع تبرّعات، بفضح المتواطئين، فَضْلٌ من الله لا فَضلٌ لأنفسنا. لقد منّ الله علينا بهذا الاصطفاء والاختيار دون باقي شعوب العالم؛ أن لا نكون شهود زور، ولا مجرّد متفرّجين. والله يعلم، كم تساوي كلمةٌ صادقةٌ تُكتب في زمن الخرس، وكم يزن موقفٌ جريءٌ في ميزان الحقّ حين تهوي الأمم في بئر الصمت. وإنّا لنشكر الله، لا لأن البلاء هان، بل لأننا لم نُبتلَ بالصمت والتفرجة، ولا أصابنا العمى عن الموقف العملي الذي يجعلنا نلقى الله بما يبيض وجوهنا يوم العرض عليه. نشكره أن قيض لنا قيادةً مؤمنة وأبقى لنا قلوباً مفعمة بالإيمان، وسلك بنا السبيل إليه في نصرة عباده، نشكره أن جعل لنا ميدانًا نقف فيه، ورمحًا نرفعه في وجه الطغيان. نشكره أن لم يُذهب إيماننا مع طوفان الإعلام، ولم يُجمّد ضمائرنا مع صقيع العجز. أما العدوّ، فإنه يُسقِط القمح، لا حبًا، بل خوفًا. يرتجف من صيحة أحرار العالم، ومن صدى الانتفاضات الشعبية التي توشك أن تُحرّك الحجر في عواصم الخنوع. يرتجف من الصور التي عرّت وجهه أمام العالم، فيريد أن يُرمّم ما لا يُرمَّم، ويجمّل ما لا يُجمَّل. لكنّا نعرفه، ونعرف خُدَعه. ونعرف من أعانه، ومن زيّن له مذبحة الحصار. ونعرف أن العدوّ لا يُملي إرادته على من آمن بالله، ولا يُرهب من جعل موقفه لله وحده. غزة لم تُنقَذ بعد.. ما زالت في مجاعة قاتلة.. وما يُلقى من السماء ليس خلاصًا، بل قيدٌ جديد. غزة تريد كسر الحصار لا تجميل القفص. غزة تريد أن تُفتح لها المعابر لدخول مئات الشاحنات يوميا لا أن يُقذَف لها السُكّر من الجوّ. غزة تريد الحياة، الكاملة، الكريمة، الحرة، التي كتبها الله للمؤمنين. وسينتصر الحقّ، ولو طال الباطل. وسيبقى المؤمن، سيفًا مشهرًا في وجه الزيف، وسيبقى الشكر موصولًا لله أن جعلنا من أهل النصرة، وسيبقى وعد الله هو النور الذي لا يُطفئه الليل، ولا تُخفيه غمامة الأعداء. وما النصر إلا من عند الله. وسينتصر الحق، لا لكثرة عديده وعتاده، بل لأننا نؤمن أن الله لا يُسلم عباده للمجرمين.


26 سبتمبر نيت
منذ 2 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 48)
ملاحظة: الصراعات السياسية والعسكرية والحروب الأهلية ما منها إلا الموت والدمار فالحروب الأهلية كما أسلفت سابقاً لا يوجد فيها منتصر، المنتصر خاسر وتجاربنا في اليمن تؤكد ذلك. شعوب كثيرة سوداء وبيضاء وصفراء جربت الصراعات مرة واحدة وعادت إلى جادة الصواب أما نحن اليمنيون فإن صراعاتنا لم تنته بعد من تاريخ موغل في القدم، تاريخ ما قبل الميلاد إلى اليوم الله أعلم متى نخترج؟؟؟ عودة إلى الموضع موضوع آخر محطة جادة قبل الوحدة اليمنية والفترة الممتدة من 30 نوفمبر من عام 1989م إلى 21 مايو من عام1990م أما بعد 22مايو عام 1990م فنستطيع تسميتها بمنعطفات وأحداث وكوابح وتسميات أخرى حلوة ومرة . في 30 نوفمبر من عام 1989م بدأ تنقل المواطنين بين الشطرين بالبطاقة الشخصية أو العسكرية أو الجواز وكانت الفرحة كبرى للتنقل بين مناطق الشطرين بحرية بعد سنين طويلة من القطيعة وقد أهتم بهذا التنقل أكثر من غيرهم المعارضين لسلطة الشمال القاطنين في الجنوب وكذلك المعارضين لسلطة الجنوب القاطنين في الشمال جميعهم أفرحتهم جداً هذه الخطوة التاريخية التي مكنتهم من زيارة أهلهم وذويهم في الشطرين ومعظم المعارضين كان لهم انطباعات بائنة حول التغييرات التي حصلت في مناطقهم أثناء غيابهم بل ولهم حكايات وروايات واقعية عرفتها آنذاك مما سمعت أو مما عرفت بشكل مباشر شفهياً من أصحابها وصعب الآن أدونها بأسماء أصحابها لسببين السبب الأول أنني لم أعد أعرف عناوين وتلفونات أصحابها بعد مرر سنوات طويلة لغرض الاستئذان منهم بتدوين حكاياتهم ورواياتهم وهي واقعية ولو أدونها هنا قد يكونوا غير موافقين ، السبب الثاني استأذن إدارة الصحيفة واستميح القراء عذراً بأن اكتفي بحكاية شخصين فقط لا غير وهي علي النحو التالي: الشخص الأول: أنا أحمد مسعد علي القردعي المولود بتاريخ 6 يناير من عام 1960م أنتمي جغرافياً إلى الشطر الشمالي من الوطن لكنني درست وعملت في الشطر الجنوبي ومعارض لسلطة الشمال واسميها سلطة رجعية وهي رجعية فعلاً. الشخص الثاني: راجح عوض راجح اليافعي المولود بتاريخ 15 مارس من عام 1959م ينتمي جغرافياً إلى الشطر الجنوبي من الوطن لكنه درس الكلية الحربية وعمل وسكن في الشطر الشمالي من الوطن ومعارض لسلطة ونظام الشطر الجنوبي وكان يُسميه النظام الشيوعي حسب تعبيره لكن لا هو شيوعي ولا اشتراكي إنه نظام توجه اشتراكي، الأخ راجح اليافعي هو صديق عزيز لي وعلي تعرفت عليه عام 1972م وكنت آنذاك أدرس في مدرسة النجمة الحمراء في منطقة العند التابعة للمحافظة الثانية محافظة لحج حالياً وهو كان يدرس في مدنية الحوطة عاصمة المحافظة الثانية محافظة لحج حاليا وقد سافر إلى صنعاء عام 1978م ليلتحق بوالده وأخوه الكبير وهم من عناصر المعارضة في الجنوب من عام 1970م وهما أعضاء في جبهة التحرير أي أن أفكار صديقي راجح يمينية وأفكاري يسارية ومع ذلك فإن صداقتنا عميقة ومستمرة من عام 1972م إلى اليوم أي 53عاماً أما الاختلاف السياسي والفكري بيننا فلن يفسد للود قضية. ملاحظة: استأذنت من الأخ راجح اليافعي بنشر بعض آراءه ومواقفه حول الوحدة وغيرها في هذه الصحيفة لهذا العدد وأعداد قادمة فوافق دون تردد قائلاً :" ولا بد من تدوين حقائق التاريخ" عودة إلى الموضوع: إن المحطة الجادة من محطات الوحدة اليمنية هي الفترة من 30 نوفمبر من عام 1989م إلى 21مايو من عام 1990م والمتمثلة في إجراء حرية التنقل بين الشطرين بالبطاقة الشخصية حيث شعر المواطنون وأحسوا بأنهم شعب واحد في دولتين أما الآن كلك نظر ،إن خطوة أو محطة إجراء تنقل المواطنين اليمنيين بين مناطق اليمن بدون قيود تعتبر خطوة رائعة رسخت الألفة والود بين أبناء الوطن الواحد شمالاً وجنوباً كما أنها مكنت المواطنين من تلمس الأحوال كما هي على الطبيعة وجها لوجه واختبار إيجابيات وسلبيات كل شطر بدون تصنع أو تهوين أو تهويل. هامش: مدرسة النجمة الحمراء : هي أول مكون وحدوي تكونت عام 1970م كان نصف طلابها تقريباً من الشطر الجنوبي والنصف الآخر تقريباً من الشطر الشمالي من الوطن، كان يُدرس فيها المنهج التربوي المعتاد إضافة إلى دروس وتدريبات عسكرية وكان لها مديران مدير للجانب التربوي ومدير للجانب العسكري لقد كانت طوال عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي المدرسة النموذجية بمعنى الكلمة ومن ينكر ذلك فإنه مصاب بعمى الألوان لا يرى غير الأسود منها.


26 سبتمبر نيت
منذ 2 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
مأساة غزة.. وبيان الغرب المخادع !!
بعد عام وتسعة أشهر من الصمت والتماهي الغربي مع العدوان الإرهابي الصهيوني على غزة وحصيلته المرعبة من الضحايا والدمار لم يجد أدعياء الإنسانية وحقوق الإنسان في الغرب المنافق أي حيلة أو وسيلة لمداراة فضيحتهم المدوية التي هزت العالم وعرّت إنسانيتهم المزيفة سوى التحرك أخيراً وعلى عجل والمبادرة بإصدار بيان إدانة لا يُسمن ولا يغني من جوع رغم الاحتفاء الذي قوبل به في الأوساط الإعلامية والسياسية.. والملاحظ إذا ما تمعنا في هذا البيان الصادر عن 26 دولة غربية على رأسها بريطانيا الشريك في العدوان على اليمن على خلفية عمليات الإسناد لغزة سنجد أنه لم يتجاوز في مضمون حدود لإدانة والمطالبة بوقف العدوان ولم يتضمن أي عبارات تلوّح باتخاذ مواقف عملية جادة ضد العدو المجرم في حال لم ينصاع واستمر في ارتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي والتجويع في غزة. وهو ما يؤكد بجلاء بأن الموقف الغربي من العدوان على غزة لم يتغير كما يتصور البعض وما تحركه هذا بعد عام وتسعة أشهر من الصمت والسكوت المتعمد إزاء ما يفعله العدو المجرم إلا نوع من أنواع الخداع الذي دأب عليه، وهو لا يعدو عن كونه مجرد محاولة مفضوحة لاحتواء تداعيات الزلزال الكبير الذي حركته المأساة والكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من إنسانيتهم المزعومة الملطخة بدماء الأبرياء من أبنائها الذين قضوا قتلاً وتجويعاً.. أقول هذا الكلام ليس تشاؤماً ولا تحاملاً ولكنه الواقع والحقيقة التي لا يمكن أبداً تجاهلها أو القفز عليها ومن لم يصدق فعليه أن يسأل نفسه.. ماذا لو أن ما حدث لغزة من عدوان وإبادة ودمار حدث لإسرائيل؟! ماذا سيكون موقف الغرب؟! هل سيصمت كل هذه المدة دون أن يحرك ساكناً؟! وهل سيكتفي قادة دوله بإصدار بيان إدانة في نهاية المطاف كما فعلوا تجاه ما جرى ويجري لغزة؟! الجواب بالتأكيد كلّا لن يصمتوا أبداً ولن ينتظروا ولو لبضعة أيام.. بل أنهم سيقيمون الدنيا ولن يقعدوها وسيتحركون على عجلة من أمرهم وسيحركون جيوشهم وطائراتهم للتدخل دون تردد لصالح إٍسرائيل، ولن يقف الأمر عند حدود الردع، بل سيتجاوزه إلى شن عدوان شامل على الدولة المهاجمة خصوصاً إذا كانت دولة عربية أو إسلامية وسيمضون في عدوانهم بكل حقد لإسقاط نظامها وتدميرها ولن يكون في وارد حساباتهم أي مجال لإصدار بيانات الشجب والإدانة كما فعلوا الآن بعد كل الذي جرى ويجري لغزة.. لذا فإن علينا كأمة كرمها الله بالإسلام والجهاد أن نعي ذلك جيداً وأن نتحرك كما أمرنا سبحانه لدعم وإسناد إخواننا في غزة وألا نركن أبداً غلى بيانات رفع العتب الغربية لإنقاذهم.. فالغرب والمجتمع الدولي المنحط شركاء في العدوان وسفك الدم الفلسطيني.