
ماذا يعني تشكيل حكومة موازية في غرب السودان؟
وفي فبراير/شباط الماضي، وقَّعت قوات الدعم السريع وقوى سياسية وحركات مسلحة أبرزها الحركة الشعبية -شمال بزعامة عبد العزيز الحلو في العاصمة الكينية نيروبي ميثاقا سياسيا لتشكيل حكومة موازية تحت شعار "السلام والوحدة".
وبعد شهر من إقرار الميثاق، وقعت فصائل التحالف على دستور انتقالي نص على أن السودان "دولة علمانية ديمقراطية لامركزية ذات هوية سودانوية، تقوم على فصل الدين عن الدولة".
وأعلن المتحدث باسم التحالف علاء الدين نقد، من نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور في بيان عبر منصة إكس، أن الهيئة القيادية للتحالف عقدت اجتماعا قرر تشكيل مجلس رئاسي يتألف من 15 عضوا برئاسة قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" ، ورئيس الحركة الشعبية- شمال عبد العزيز الحلو نائبا له، ومحمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء.
أين يقع نفوذ الحكومة الموازية التي لم يكتمل تشكيلها بعد؟
تراجعت مساحات انتشار قوات الدعم السريع بشكل متسارع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2024 بتحرير الجيش ولاية سنار ثم ولاية الجزيرة واستكمال سيطرته على ولاية الخرطوم ، ثم شمال ولاية النيل الأبيض وجنوب نهر النيل، والنيل الأزرق وجنوب ولاية شمال كردفان.
إعلان
أما في الولايات الأخرى، فلم يعد لقوات الدعم السريع وجود إلا في أجزاء من ولايتي شمال وغرب كردفان، وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة إلى 4 ولايات من ولايات إقليم دارفور الخمس.
أين توجد قوات الحركة الشعبية- شمال وهي الشريك الثاني في تحالف "تأسيس"؟
منذ انفصال جنوب السودان عن شماله عام 2011، تسيطر الحركة الشعبية- شمال على مناطق جنوب غرب ولاية جنوب كردفان، وتشمل محليات البرام وأم دورين وهيبان، وتتخذ من منطقة كاودا المحصنة وسط الجبال مقرا وقاعدة لها، وشكلت إدارات مدنية في تلك المحليات التي تعيش أوضاعا إنسانية سيئة وتعتمد على المنظمات الأجنبية في التعليم والصحة.
ما موقف الحكومة السودانية والجيش من السلطة الجديدة في مواقع سيطرة الدعم السريع؟
قالت الخارجية السودانية إنها تدين بأشد العبارات ما ذهبت إليه "مليشيا الدعم السريع الإرهابية" بإعلان "حكومة وهمية" تزعم فيها توزيع مناصب حكومية لإدارة السودان. وعدّت إعلانها "على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي خير دليل على انكسارها ودحرها على يد القوات المسلحة".
وطالبت دول الجوار والمجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية، والهيئات الحكومية والتنظيمات كافة، بإدانة هذا الإعلان، ودعت إلى عدم الاعتراف أو التعامل مع "التنظيم غير الشرعي الذي أعلنته المليشيا"، واعتبرت "التعامل مع التنظيم تعديا على الحكومة السودانية وسيادتها على كامل أراضيها".
كذلك قال الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني نبيل عبد الله إن الحكومة الموازية المزعومة هي "محاولة بائسة لشرعنة مشروع إجرامي"، متعهدا بإحباط أجندتها.
وذكر عبد الله -في بيان- أن "حكومة المليشيا المزعومة هي محاولة خداع حتى لشركائهم في الخيانة، والمشروع الحقيقي لآل دقلو هو الاستيلاء على السلطة لتحقيق طموحهم الذاتي غير المشروع ومشروعهم العنصري".
من جانبه، علّق حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي -عبر منصة فيسبوك- قائلا إنه لم يجد في إعلان الحكومة الموازية "شيئا جديدا يستدعي التعليق، سوى أنه يُجسّد تقاسم الانتهاكات وتوزيع الجرائم بين مليشيا الدعم السريع وحلفائها بالتساوي".
ما أولوية السلطة الموازية تجاه المواطنين في مناطق سيطرة الدعم السريع في إقليمي دارفور وكردفان؟
يقول مهدي الهادي دبكة -الأمين العام لتحالف القوى المدنية المتحدة "قمم" والقيادي في تحالف "تأسيس"- إن "حكومة الوحدة والسلام" تستطيع أن تدير الأمور استنادا إلى تجربة الإدارات المدنية، وإن لديها برنامجا وخطة واضحة لفتح مسارات سياسية ودبلوماسية، وكذلك في التبادل التجاري مع العالم الخارجي، وإنهاء الحرب عبر المبادرات الدولية والإقليمية.
ويوضح دبكة -في حديث للجزيرة نت- أن حكومته ستطبع عملة جديدة وتشغّل الجهاز المصرفي وتصدر جوازات وتعدّ سجلا مدنيا للمواطنين كافة، وتعمل لإعادة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم وتعويض من تضرروا من الحرب.
بناء على تجربة الإدارات المدنية للدعم السريع، هل تتوفر موارد تمكنها من تغيير الأوضاع لمصلحة المواطن هناك؟
يوضّح الباحث السياسي محمد علاء الدين أن قوات الدعم السريع أنشأت إدارات مدنية في 4 من ولايات دارفور، إضافة إلى ولاية غرب كردفان، لكن الأوضاع الأمنية وحالة الفوضى هي السمة البارزة حتى في نيالا العاصمة الإدارية للحكومة الموازية. كما لم تستطع تلك الإدارات توفير خدمات المياه والكهرباء والصحة.
إعلان
ويقول الباحث للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع تملك موارد من مناجم الذهب، بجانب تهريب الثروة الحيوانية والصمغ العربي والسمسم والفول السوداني، لكنها لم توظف ذلك لمصلحة المواطنين.
ووفق الباحث، تفتقر هذه القوات إلى الكوادر الإدارية والفنية المؤهلة، وعجزت عن توفير أي خدمات لمواطني غرب البلاد الذين غادروا ديارهم هربا من تدهور الأوضاع الأمنية وغياب الخدمات.
هل يمكن أن تجد الحكومة الموازية اعترافا من المنظمات الإقليمية والدولية أو الدول؟
ووفقا للباحث علاء الدين، فإن الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والهيئة الحكومية للتنمية " إيغاد" والولايات المتحدة ودولا أخرى أعلنت في وقت سابق أنها لن تعترف بحكومة في مناطق الدعم السريع، وعدّتها خطوة لتمزيق البلاد. غير أن بعض الدول -خاصة المرتبطة بمصالح مع قوات الدعم السريع والدول الإقليمية التي تقف خلفها- يمكن أن تتعامل معها من دون أن تعترف بها، لأن الاعتراف ربما يشجع كيانات ومليشيات أخرى في المنطقة، مشيرا إلى حكومة شرق ليبيا وأرض الصومال.
كيف تنظر القوى السياسية المعارضة لإنشاء سلطة موازية؟
يرى ياسر عرمان، رئيس الحركة الشعبية– التيار الثوري، والقيادي في التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود"، أن البلاد تعيش لأول مرة منذ استقلالها عام 1956 تحت وطأة حكومتين متنافستين داخل الدولة الواحدة، تتصارعان على السلطة والموارد والشرعية، في مشهد ينذر بإطالة أمد الحرب وتعقيد فرص الحل السياسي.
ويعتقد عرمان -في منشور عبر صفحته على فيسبوك- أن هذا الوضع غير المسبوق يمثل تهديدا مباشرا لوحدة السودان واستقراره، محذرا من تكرار النموذج الليبي الذي أدى إلى انهيار الدولة هناك.
هل توجد تعقيدات سياسية أو أمنية يمكن أن تترتب على الواقع الذي سيفرضه التطور الجديد في غرب البلاد؟
من ناحيته، يرى الكاتب والمحلل السياسي أسامة عبد الماجد أن تشكيل حكومة موازية محاولة بائسة لإضفاء الشرعية على واقع مرفوض شعبيا ووطنيا، وتكرار النموذج الليبي، في مسعى لفرض واقع سياسي مشوّه يدفع نحو التفاوض من موقع "مليشيا"، لا من منطلق الدولة.
وحسب حديث الكاتب للجزيرة نت، فإن هناك سعيا لتعقيد المشهد الأمني والسياسي، ومحاولات لفرض حظر جوي شامل على دارفور وتوسيع نطاقه ليشمل الأراضي السودانية كافة. واتهم فصائل في التحالف بأنها تخطط لفصل دارفور، وهو "أمر سيبوء بالفشل والهزيمة".
ما ردود الفعل الخارجية على خطوات تحالف "تأسيس" الجديدة؟
لم تصدر تعليقات رسمية من دول ومنظمات بعد، لكن الدبلوماسي الأميركي السابق ومستشار مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن كاميرون هديسون تحدث عن محادثات وشيكة لوقف إطلاق النار في السودان، عبر لقاء مرتقب في واشنطن يضم المجموعة الرباعية "الولايات المتحدة، والسعودية، ومصر والإمارات" إلى جانب قطر وبريطانيا.
ويرى هديسون -عبر منشور على منصة إكس- أن إيجاد حكومة جديدة إنما هي محاولة لتحسين صورة الدعم السريع، تمهيدا للجلوس إلى طاولة المفاوضات، وإظهار القوات بمظهر رسمي.
لكنه وصفها بأنها محاولة مكشوفة لتجميل واجهة "مليشيا غير شرعية"، مضيفا أنه "مهما بلغ عدد الشهادات وربطات العنق التي يرتدونها، فإنهم لا يزالون مجرد حفنة من القتلة"، على حد تعبيره.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
المقاومة تستهدف قوات الاحتلال شمالي غزة وإسرائيل ترصد تصاعدا بالعمليات النوعية
استهدفت المقاومة الفلسطينية قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة مواقع شمالي قطاع غزة، في حين تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عما قالت إنها محاولة اقتحام موقع محصن للجيش الإسرائيلي بخان يونس جنوبي القطاع أمس الاثنين. وقالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، في منشور عبر تليغرام، اليوم الثلاثاء، إن مقاوميها -بعد عودتهم من خطوط القتال- أكدوا أنهم دمروا آلية عسكرية لجيش الاحتلال خلال توغلها في شارع حمدان بمنطقة الفالوجا غرب مخيم جباليا بتفجير عبوة "ثاقب" شديدة الانفجار. وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد أعلنت قبل يومين أن مقاتليها أكدوا بعد عودتهم من خطوط القتال أنهم استهدفوا برج دبابة ميركافا بقذيفة تاندوم شرق مدينة جباليا بتاريخ 21 يوليو/تموز الجاري. وبثت سرايا القدس، اليوم، مشاهد لتفجير آلية عسكرية إسرائيلية شرق حي التفاح بمدينة غزة والاستيلاء على طائرة مسيّرة لجيش الاحتلال خلال تنفيذها مهام استخبارية. من ناحية أخرى، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عما قالت إنها محاولة اقتحام موقع محصن للواء كفير بالجيش الإسرائيلي جنوبي خان يونس بعد ظهر أمس الاثنين. ووفقا لهيئة البث الإسرائيلية ، فإن "كارثة" كادت تقع عندما حاول مسلحون اختراق الموقع الذي وصفته بأنه منطقة استراحة وتدريب لقوات لواء كفير. وقال مراسل الهيئة إن جنديا عند بوابة الموقع رصد مسلحا في نقطة قنص بالخارج فأطلق النار عليه وقتله. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يرصد تصاعدا واضحا في محاولات عناصر حماس تنفيذ عمليات نوعية ضمن تكتيك حرب العصابات، خاصة في ظل استمرار المحادثات بشأن وقف إطلاق النار. وتصاعدت في الآونة الأخيرة عمليات المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي في مختلف محاور التوغل على امتداد قطاع غزة، ولا سيما في خان يونس و رفح جنوبا، مخلفة العديد من القتلى والجرحى. وبثت كتائب القسام مشاهد لعملية نوعية نفذها مقاتلوها السبت الماضي في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس، حيث استهدفوا ناقلتي جند بعبوتين داخل قمرتي القيادة ثم هاجموا ناقلة ثالثة بقذيفة "الياسين 105". وأسفرت العملية عن مقتل 3 جنود إسرائيليين على الأقل وإصابة آخرين، وفق تقارير إسرائيلية.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
منظمات أممية: السودان بحاجة ماسة للدعم مع عودة 1.3 مليون نازح
قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه "رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا". وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن "أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، و الخرطوم بنسبة 8%". وتوقع بلبيسي عودة "نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب". ومنذ بدء الصراع الحالي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023 نزح قسرا أكثر من 12 مليون شخص، بمن فيهم ما يقارب 5 ملايين شخص لجؤوا إلى الدول المجاورة، مما يجعل حرب السودان أكبر أزمة نزوح في العالم. وخلال زيارة قام بها مؤخرا ممثلو الأمم المتحدة إلى الخرطوم اقترب منهم رجل مسن ليؤكد أن احتياجاتهم بسيطة، وهي "الغذاء والماء والرعاية الصحية والتعليم، فهذا هو مستقبل أطفالنا، ونحن بحاجة ماسة للاستثمار فيه". إعادة تأهيل العاصمة تبذل السلطات السودانية ومنظمات إغاثية محلية ودولية جهودا حثيثة لدعم العائدين إلى الخرطوم، وفي مقدمتها إزالة الأنقاض، وتوفير الخدمات الأساسية كالمياه النظيفة والكهرباء، وتعزيز قدرات المرافق الصحية، لمنع انتشار الأمراض الفتاكة كالكوليرا. وأوضح الممثل المقيم ل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان لوكا ريندا للصحفيين أن هناك نحو 1700 بئر ماء بحاجة إلى إعادة التأهيل، بالإضافة إلى توفير الكهرباء للمنازل باستخدام ألواح الطاقة الشمسية. وقال ريندا إن الأمم المتحدة أطلقت برنامجا يهدف إلى تطوير حلول طويلة الأمد للنازحين جراء الحرب لتأمين سبل العيش والخدمات الأساسية، لافتا إلى أن هناك ما لا يقل عن 6 مستشفيات تحتاج إلى إعادة تأهيل وإصلاح عاجلين، بالإضافة إلى عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية. كما أكد أن المساعدات النقدية توزع لشراء الغذاء ومستلزمات النظافة والأدوية والملابس على الفئات الأكثر ضعفا. وشدد ريندا على أن إزالة الألغام تعد تحديا ملحا آخر تواجهه إعادة التأهيل والإعمار في العاصمة، قائلا "حتى في مكتبنا عثرنا على مئات الذخائر غير المنفجرة". وأضاف أن هناك مئات الآلاف إن لم يكن أكثر من الذخائر غير المنفجرة في المدينة، مؤكدا أن الهيئة المحلية لمكافحة الألغام بدعم من دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام بدأت بالفعل عملية الإزالة. وسيستغرق تطهير المدينة بالكامل من مخلفات الحرب المميتة سنوات، ويقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام ستحتاج إلى ما لا يقل عن 10 ملايين دولار، لتتمكن من نشر العدد المطلوب من فرق إزالة الألغام للعمل بالشراكة مع السلطات الوطنية وتوعية السكان بمخاطر الذخائر غير المنفجرة. وحتى 21 يوليو/تموز 2025 لم تتلق الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون سوى 23% من مبلغ 4.2 مليارات دولار المطلوب لتقديم مساعدات منقذة للحياة إلى ما يقارب 21 مليون شخص معرّضين للخطر داخل السودان. أزمة النزوح ورغم عمليات العودة الأخيرة فإن مئات الأشخاص لا يزالون يفرون يوميا -سواء داخل السودان أو عبر حدوده- بسبب الصراع الدائر، وينطبق هذا بشكل خاص على ولايتي دارفور وكردفان، وفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وقال منسق اللاجئين الإقليمي لأزمة السودان لدى المفوضية مامادو ديان بالدي إن عدد اللاجئين من منطقة دارفور وحدها بلغ أكثر من 800 ألف لاجئ منذ بداية الصراع، وهذا العدد في تصاعد مستمر. ووفقا لمفوضية اللاجئين، هناك حاجة إلى 1.8 مليار دولار لدعم 4.8 ملايين شخص فروا من السودان إلى الدول المجاورة، ولكن لم يوفر سوى 17% من هذا التمويل. وأكد بالدي أن اللاجئين لا يزالون بحاجة إلى "دعم أكبر من جانبنا" وإلى السلام لينتهي "هذا الصراع الوحشي".


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
هل سيكون لليث البلعوس دور في الحد من نفوذ الهجري؟
دمشق- في خطوة تعكس تصاعد الدور السياسي والأمني للقائد الدرزي ليث البلعوس، أجرى زعيم "قوات شيخ الكرامة" في السويداء سلسلة اتصالات مع نواب أميركيين بارزين خلال يوليو/تموز الجاري، لدعم استقرار المنطقة ومواجهة التدخلات الخارجية. وتمت الاتصالات بتيسير من منظمة "مواطنون من أجل أميركا آمنة"، وركزت على نزع فتيل التوترات الطائفية وتعزيز التعاون مع الحكومة السورية، والتصدي لنفوذ الشيخ حكمت الهجري ، الذي يتهمه البلعوس بتنفيذ أجندات خارجية. ليث البلعوس، ابن الشيخ وحيد البلعوس مؤسس " حركة رجال الكرامة"، اغتيل والده عام 2015. بعد انشقاقه عن الحركة عام 2016، أسس "قوات شيخ الكرامة"، وهي فصيل يضم نحو 50 مقاتلا، يركز على حماية السويداء من التدخلات والحفاظ على وحدة سوريا. وفي يوليو/تموز الجاري، تصاعدت التوترات بسبب اشتباكات درزية-بدوية، وهذا دفعه لتكثيف جهوده السياسية. اتصالات مثمرة أجرى السيناتور الجمهوري جو ويلسون محادثة هاتفية مع البلعوس وُصفت بـ"المثمرة"، ركزت على إنهاء العنف الطائفي، ومنع التدخلات الإسرائيلية ودعم استقرار الطوائف السورية. وأشاد ويلسون بشجاعة البلعوس، وعبّر عن قلقه من "المجازر الطائفية"، وعن غضبه من الغارات الإسرائيلية خلال مكالمة لاحقة مع السفير الإسرائيلي في واشنطن. كما شملت الاتصالات لقاءات مع أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ، بما في ذلك مكاتب السيناتورين جيم ريتش وجين شاهين. وناقش البلعوس "اختطاف قرار الحرب والسلم للطائفة من قبل مجموعة صغيرة بقيادة الهجري"، متهما إياه بتنفيذ أجندات خارجية، خاصة إسرائيلية. وأكد تنسيقه مع الحكومة السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع لتفعيل الأمن في السويداء بمشاركة أبناء المحافظة. وقال بكر غبيس من منظمة "مواطنون لأجل أميركا آمنة"، وهي منظمة سورية أميركية عاملة في الولايات المتحدة، للجزيرة نت إن "لقاءً مهما جرى مؤخرا بين البلعوس ومكتب لجنة العلاقات الخارجية، لعرض مستجدات الأوضاع". وأضاف: "اللقاء كان بهدف إيصال صوت الشارع في السويداء، وقد شارك فيه الشيخ ليث كونه من أبناء المحافظة وله رصيد شعبي وثوري معروف، خاصة بين السوريين الذين كانوا مشاركين في الثورة ضد نظام بشار الأسد. لقد وجدنا أن من الضروري إيصال هذه المعطيات بشكل مباشر إلى أعضاء لجنة العلاقات الخارجية، خصوصا في مجلس الشيوخ الأميركي، نظرا لتأثيرهم واطلاعهم على مجريات الأحداث في المنطقة". وأوضح أن "البلعوس قدّم شرحا مفصلا لتقديره حول الوضع في السويداء، وكان هناك تفاعل كبير من أعضاء اللجنة مع النقاط التي طرحها، وعبروا عن تفهمهم لهمومه ومخاوفه. بعضهم أبدى تفهما لوجهة النظر الإسرائيلية فيما يتعلق بحماية حدودها، ولكنهم في الوقت نفسه شددوا على رفضهم القاطع للهجمات الإسرائيلية على سوريا، بل وأدانوها بشكل صريح". وأكد غبيس أن أعضاء اللجنة تعهدوا بمواصلة الضغط السياسي للتوصل إلى حل مستدام وسريع، وطالبوا باستمرار التواصل لمتابعة التطورات. البلعوس والهجري يُعد الشيخ حكمت الهجري شخصية مثيرة للجدل واتهمه البلعوس بمحاولة فرض سيطرة على قرارات الطائفة الدرزية وتأجيج الصراعات، خاصة عبر علاقات مزعومة مع أطراف خارجية. وأشار البلعوس إلى أن الهجري "يسعى لإشراك الدروز في صراعات لا تخدمهم، مما يهدد استقرار السويداء". وأكد التزامه بالعمل تحت مظلة الحكومة السورية، "مما يعزز موقفه كقائد وطني يرفض التدخلات، بعكس الهجري". في المقابل، هاجم مسؤول في "حركة رجال الكرامة" -رفض الكشف عن اسمه لدواع أمنية- ما وصفه بـ"محاولات إعلامية" لزج اسم الحركة في مواقف لا تمت لها بصلة، مشيرا إلى "الترويج الكاذب" لليث البلعوس كقيادي فيها. وقال للجزيرة نت "للأسف، يستمر الإعلام الرسمي وبعض المنصات المتواطئة في تضليل الرأي العام عبر تقديم البلعوس على أنه قيادي في الحركة. هذه الادعاءات باطلة جملة وتفصيلا. البلعوس ليس من صفوفها منذ عام 2016، ولا يملك أي صفة تنظيمية أو رمزية داخلها. بل على العكس، مواقفه وتحركاته الفردية تتناقض تماما مع مبادئنا ومسارنا الوطني". وتابع: "ما حدث في السويداء مؤخرا كان نتيجة مباشرة لنقض قوات النظام للعهد. نحن في الحركة نرفض أي تبرير لانتهاك كرامة أبناء الجبل، ولا نقبل أن يتم استخدام اسم الحركة كغطاء سياسي أو إعلامي لأي مشروع مشبوه". أما قتيبة شهاب الدين من "قوات شيخ الكرامة" فقال للجزيرة نت إن ليث ورث عن والده التمسك بالمشروع الوطني السوري، وإن الطريق الوحيد للسويداء هو العاصمة دمشق، "بعكس الهجري الذي زج السويداء في حرب طائفية مدعومة من الخارج، وخصوصا إسرائيل". وأضاف: "من المؤسف أن الهجري يتحالف اليوم مع ضباط من نظام الأسد، وتجار مخدرات، ولصوص، وقتلة، ويتلقى دعما من قوات سوريا الديمقراطية وإسرائيل، وكل ذلك فقط لعرقلة اندماج السويداء في إطار الدولة السورية، ليكون أداة بيد الخارج، على عكس الشيخ ليث الذي أدرك حجم المخططات ويحاول مواجهتها". تحولات بارزة من جهته، قال الباحث السوري باسل المعراوي للجزيرة نت إن هناك تحولات بارزة في النظرة الأميركية والإسرائيلية للملف السوري بعد إسقاط النظام السابق وبروز عهد سياسي جديد. وأوضح أن الولايات المتحدة كانت تنظر تقليديا إلى الشأن السوري من منظور إسرائيلي، لكن المقاربة بدأت تتغير، خصوصا في مسألة التمثيل الدرزي جنوب سوريا. وأشار إلى أن إسرائيل تسعى لاختزال التمثيل الدرزي بشخص الهجري، معتبرا إياه "متماهيا مع السياسات الإسرائيلية، ويسعى لتشكيل مليشيا درزية شبيهة بمليشيا أنطوان لحد في لبنان، وهو ما يتعارض مع السياسة الأميركية الجديدة". ووفق المعراوي، يتمحور الصراع في السويداء بين تيارين: وكشف أن الحكومة السورية اتخذت قرارا بعدم التعاون مع الهجري بسبب دعوته لقصف دمشق، معتبرة أن البلعوس يمثل المكوّن الدرزي الجدير بالشراكة، مما قد يسهم في إعادة الاستقرار. وأشار الباحث المعراوي إلى أن الجالية السورية في أميركا تدعم الحكومة "رغم ضعف خبرتها"، وأن تواصل النواب الأميركيين مع البلعوس قد يحد من الهيمنة الإسرائيلية. وختم بالتأكيد على أن واشنطن تميل الآن لدعم الاستقرار عبر المؤسسات الشرعية، بعيدا عن الكيانات الطائفية.