جلسة البرلمان: قروض دوليّة وصدام انتخابيّ في عقدٍ استثنائيّ
غداة دعوة الرئيس نبيه برّي لانعقاد الهيئة العامّة عند الحادية عشرة قبل ظهر غدٍ الاثنين 30 حزيران 2025، تتقاطع المعطيات على أنّ الجلسة ستنطلق بنصابٍ مكتمل، لأنّ معظم الكتل تحتاج تمرير الحزمة الماليّة المُدرجة، على الرغم من التوتّر السّياسيّ الذي يسبقها.
ثلاثة عشر بندًا وُضعت على ِالطاولة، نصفها ذو طابع ماليّ يدور حول قروضٍ دوليّة واعتماداتٍ إضافيّة، ونصفها الآخر يتعلّق بتنظيم الحياة العامّة من الإيجارات غير السكنيّة إلى إعادة الإعمار، غير أنّ حرارة النقاش تتكثّف أساسًا حول بندٍ غائبٍ حاضر: قانون الانتخاب. وبينما يتقدّم التخبّط الدستوريّ وشبح الإبطال أمام المجلس الدستوريّ، تبدو الجلسة أشبه بـ"بروفة" مبكرة للمعركة التشريعيّة الكبرى الّتي ستسبق الانتخابات النيابيّة المقبلة.
العقد الاستثنائيّ
يستمدّ المجلس مشروعيّته في الانعقاد من مرسومٍ رئاسيّ حَصَر جدول الأعمال بما تطلبه الحكومة أو يراه مكتب المجلس طارئًا. لكنّ ما حدث عمليًّا هو أنّ هيئة المكتب اجتمعت في 23 حزيران لصوغ جدولٍ ابتدائيّ يضمّ تسعة بنود، ثمّ أضيفت أربعة بنود أخرى ليلة السّادس والعشرين، بقرارٍ منفردٍ من الرئيس برّي، من دون إعادة أخذ رأي الهيئة. ورأى مراقبون أن هذا التصرّف يخرق حرفيًّا المادّة 8 من النظام الداخليّ الّتي تُنيط بهيئة المكتب سلطة وضع الجدول، ويصطدم أيضًا بالفقرة الواضحة في المادّة 33 من الدستور الّتي تُقيِّد العقد الاستثنائيّ بما نصّ عليه المرسوم الرئاسيّ. إنّها إذًا سابقةٌ دستوريّة يتوقّع مراقبون أن تُفتح أمامها أبواب المجلس الدستوريّ طعنًا وإبطالًا، ولا سيّما أنّ البنود الأربعة المضافة تمنح إعفاءاتٍ وتمويلاتٍ تتخطّى صلاحيات الدورة الاستثنائيّة.
جدولٌ بطعم القروض والاعتمادات
يتصدّر الشقّ الماليّ جدول الأعمال؛ فالحكومة تطلب الموافقة على قرضين ضخمين من البنك الدوليّ: 250 مليون دولار لتعزيز الطاقة المتجدّدة وتدعيم شبكة الكهرباء، و200 مليون دولار لمشروع "التحوّل الأخضر للأغذية الزراعيّة". ويُضاف إلى ذلك سلّة اعتماداتٍ اجتماعيّة تقارب 210 ملايين دولار توزَّع على صناديق تعاضد القضاة وأساتذة الجامعة اللبنانيّة والعسكريّين العاملين والمتقاعدين. في المقابل، تتقدّم مشاريع إصلاحيّة أخرى كتنظيم "علوم الأشعّة"، والانضمام إلى بروتوكول مدريد لحماية العلامات التجاريّة، وتعديل قانون الصيدلة لفتح باب الإعلان لبعض المنتجات. غير أنّ الأنظار ستبقى شاخصة إلى اقتراح تعديل قانون الإيجارات غير السكنيّة، المطعون فيه أصلًا أمام المجلس الدستوريّ، وإلى مشروع "تمكين البلديّات" الذي يرفع الرسوم البلديّة عشرات الأضعاف بلا أيّ دراسة لأثره الماليّ والاجتماعيّ.
اشتباك قانون الانتخاب
ورغم الطابع الماليّ البحت المُعلن، تحوّل قانون الانتخابات إلى العنصر الأكثر تفجرًا. فـ"القوّات اللّبنانيّة" ومعها "الكتائب" و"الاشتراكيّ" وعدد من النواب التغييريّين أعدّوا اقتراحًا مُعجَّلًا لإلغاء المادة 122 من القانون 44/2017 كي يصوّت اللبنانيون غير المقيمين لكلّ نوّابهم الـ128، بدلًا من حصرهم بستة مقاعد جديدة ابتداءً من دورة 2026. الكتلة جمعت توقيع 68 نائبًا وتقول إنّها مستعدّة لطرح الاقتراح "من خارج الجدول". بينما يرفض الرئيس برّي هذا المسار جملةً وتفصيلًا. وفي الكواليس تهديدٌ مبطَّن بالمقاطعة قد يُطيح النصاب القانونيّ إن انضمت كتلٌ وازنة إلى موقف "الجمهوريّة القويّة". ومهما يكن، فإنّ إثارة هذا الموضوع الآن تعني فتح معركةٍ مبكرة على قواعد اللعبة الانتخابيّة، وسط خشية السلطة التقليديّة من أن يُعيد المغتربون خلط الأوراق وتوزيع المقاعد.
إذًا، الخلفية حسابية بامتياز: دراسات ما بعد الانتخابات البلدية أظهرت أنّ الصوت الاغترابيّ يصبّ بغالبيته في مصلحة الأحزاب المسيحيّة المعارضة، فيما يتخوّف الثنائي الشيعيّ من عراقيل لوجستية وأمنيّة تُقلِّص حصة ناخبيه في دول الخليج والأميركيتين. الثنائيّ الشيعيّ يردّ بمشروع موازٍ يجعل لبنان دائرة واحدة على أساس النسبيّة ويستحدث مجلس شيوخ مُناصفًا، وهو طرح يروّج له نوّاب حركة "أمل" و"حزب الله" في اللجان المشتركة. أمّا "التيار الوطنيّ الحرّ" فيرفض المساس بمقاعد الاغتراب لكنه لم يحسم خياره حيال الدائرة الواحدة، مفضّلًا المقايضة على خفض سنّ الاقتراع وكوتا النساء.
إجرائيًّا، يحتاج إدراج أي اقتراح عاجل على الهيئة العامّة إلى أغلبية 65 نائبًا وفق النظام الداخليّ؛ فإذا توفّرت تُطرح صفة العجلة ثم يُصوَّت على النّصّ نفسه. لكن لرئيس المجلس صلاحية إحالة الاقتراح فورًا إلى اللجان، وهو ما لمّح إليه مقرّبون منه، معتبرين أنّ الخطوة "تسجيل موقف" لا أكثر. وفي الكواليس تراجع حديث "القوات" عن تعطيل النصاب، لأنّ حلفاءها لا يرغبون بإسقاط الجلسة وحرمان القطاعات المستفيدة من الاعتمادات، الأمر الذي يُرجّح سيناريو مناقشة حادّة تنتهي بتجميد الملف في اللجان المشتركة مرّة جديدة.
أمّا إذا أصرّ النواب على طرح تعديل قانون الانتخاب ونجحوا في انتزاع التصويت على العجلة، فسيكون لبنان أمام اختبار جدّي لأوزان الكتل بعد الحرب وعشيّة الاستحقاق النيابيّ 2026، لأنّ أيّ خريطة دوائر جديدة أو تعديل على مقاعد الاغتراب سيقلب حسابات التحالفات من الآن وحتى ربيع السنة الانتخابيّة. وعلى خطٍّ موازٍ، تواصل اللجنة الفرعيّة الّتي يرأسها نائب الرئيس إلياس بو صعب درس أربعة اقتراحات انتخابيّة أبرزها الدائرة الواحدة وإنشاء مجلس الشيوخ. بو صعب أكّد بعد آخر اجتماع أنّ الحكومة لم تُرسل بعد مشروعها الإصلاحيّ برغم التزاماتها مع صندوق النقد، واعدًا بتحديد جلسة حاسمة بعد أسبوعين إذا استمرّ التعطيل الحكوميّ. وبذلك صار البرلمان أمام مسارين متوازيين: مواجهة علنيّة في الهيئة العامة حول اقتراع المغتربين، وحوار تقنيّ طويل في اللجنة حول هندسة النظام برمّته.
في خارج القاعة يتقدّم المجتمع المدنيّ كعنصر ضغط. فـجمعية "LADE" سلّمت اقتراحًا يطالب بالمساواة الكاملة بين الناخبين المقيمين وغير المقيمين، واعتماد التصويت الإلكتروني وإتاحة التسجيل بستّ لغات لتشجيع الجيل الثاني من المهاجرين. كما رفعت عريضة وقّعها أكثر من 13 ألف مغترب إلى رئاسة المجلس. من جهتها، تنسّق مجموعات مراقبة الانتخابات لإصدار تقارير فورية غدًا ترصد أيّ محاولة "انتقائيّة" تمسّ الحقوق التمثيليّة.
إعادة الإعمار وإعفاء المتضرّرين
في صلب النقاش البرلمانيّ يبرز اقتراح إعفاء المتضرّرين من الحرب الأخيرة من الضرائب والرسوم، مع فتح مسارب أسرع لإعادة الإعمار. ورغم التوافق المبدئيّ، انزلق المشروع منذ نيسان إلى ما يُشبه لعبة شدّ حبال بين السّراي وساحة النجمة: إذ أنّ الحكومة تؤكّد أنّها أحالت نصًّا متكاملًا، فيما أمانة المجلس تنكر وصوله. غدًا يعود الاقتراح بصفة العجلة وقد أقرّته لجنة المال بعد تنقيحٍ طفيف في الإعفاءات وتثبيت حقّ المتضرّرين بالسكن شرط صون الملكيّة العامّة وردع التعدّيات. حظوظ مروره مرتفعة، لكنّ عيون المعارضة ستلاحق بند التمويل: هل تتوافر الموارد فعلًا أم نُعلِّق آمال الناس على وعودٍ جوفاء؟
المشاريع الإنمائيّة والاجتماعيّة
وتحت شعار "تفعيل البلديّات" أقرّت اللجان المشتركة زيادة مضاعفة في الرسوم البلديّة وأرفقتها بسلسلة غرامات مستحّدثة، غرامات وصفها المراقبون بأنّها، من دون رؤية استثماريّة واضحة أو إصلاح جذريّ لآليّات جمع النفايات والخدمات، ما جعل البلديّات تُدفع دفعًا إلى لعب دور جابي الضرائب، محرومةً من أيّ أفق تنمويّ. أمّا الأخطر فإنّ هذا الاقتراح استُدرج لفرض رسم على الأراضي الّتي تشغلها خيم اللاجئين السّوريّين، فصار القانون الماليّ كأنّه أداة ضغط اجتماعيّ وسياسيّ في آن.
في المقابل، وفي مجال الطاقة المتجدّدة، رُصدت 250 مليون دولار لإنشاء محطة بقدرة 150 ميغاوات في القاع–رأس بعلبك مع إمكانيّة رفعها إلى 200 ميغاوات ضمن التمويل نفسه، على أنّ يرتبط التنفيذ بإصلاحات داخل مؤسّسة كهرباء لبنان وتدقيق ماليّ يبدأ من عام 2021. أمّا مشروع GATE الزراعيّ فخصِّص له قرض بقيمة 200 مليون دولار لتحسين شبكات الريّ ودعم نحو 80 ألف مزارع. وعلى صعيد المخصّصات، رُصدت اعتمادات تبلغ 1,500 مليار ليرة لصندوق تعاضد القضاة، و1,320 مليارًا لصندوق أساتذة الجامعة، و15,900 مليارًا لمنح شهريّة للعسكريّين، كاعترافٍ ضمنيّ بأنّ سلسلة الرواتب القديمة انهارت تحت وطأة التضخّم. فيما يطرح اقتصاديون تساؤلات عن مصادر تمويل هذه الاعتمادات وأثرها في عجز الموازنة وإمكان مطالبة قطاعات أخرى بمعاملات مماثلة.
والحال فإنّ جلسة الثلاثين من حزيران ليست محطةً عابرة؛ فهي تتقاطع مع ثلاثة مسارات: الحاجة الملحّة لإجراءات توقف الانهيار، إصرار القوى الإصلاحيّة على تحديث الإطار الرقابيّ، وافتتاح المعركة المبكّرة لقانون الانتخاب. ستكشف المداولات موازين القوى الحقيقيّة واستعداد الطبقة السياسيّة للخروج من رفاهية المساومات إلى مسؤولية التشريع. غدًا يتبيّن أين سيستقرّ ميزان السياسة، وأيُّ مسارٍ ستسلكه البلاد في الثمانية عشر شهرًا الفاصلة عن الانتخابات المقبلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النشرة
منذ ساعة واحدة
- النشرة
فصل 4 موظفين يوتر العلاقة بين "الأونروا" والقوى الفلسطينية في لبنان
توترت العلاقة بين " الأونروا " و القوى الفلسطينية في لبنان، على خلفية قيام الوكالة بفصل أربعة موظفين من مديري المدارس والمعلمين العاملين لديها، تحت ذريعة "مخالفة الحيادية"، ما يعني حرمانهم من تعويضاتهم الماليّة، ومنها نهاية الخدمة. وتوتر العلاقة بين الطرفين ليس للمرة الأولى، إذ شهدت السنوات الماضية مراحل من المدّ والجزر مع المديرة العامة دوروثي كلاوس، على خلفية إصرارها على تنفيذ قرارات وبرامج دون التشاور مع القوى الفلسطينية أو إبلاغها، ما أدى إلى إقفال مكاتب الوكالة في المدن والمخيمات الفلسطينية، وتنظيم اعتصام مفتوح أمام المقر الرئيسي في بيروت. ووفقًا لمصادر مسؤولة لـ"النشرة"، فإن القوى الفلسطينية تبدو عالقة في عنق الزجاجة، إذ تتمسك بالوكالة على اعتبارها شاهدًا حيًا على النكبة وحق العودة، وترفض كل محاولات تصفيتها، وإنهاء عملها، وحصارها السياسي والمالي، وفي الوقت نفسه ترفض تقليص الخدمات وتراجع تقديماتها ودمج مؤسساتها، تحت ذريعة العجز المالي الذي وصل في العام الحالي 2025 إلى نحو 200 مليون دولار. وترى المصادر أن قرارات الفصل في الداخل والخارج تأتي في سياق الإذعان والاستجابة للضغوط الإسرائيلية على إدارة الوكالة، بعدما اتُّهم موظفون فيها بالمشاركة في عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول 2023، أو الانتماء لقوى سياسية فلسطينية مناهضة لها، رغم الانتقادات بأنها تجرد الموظفين من حق التعبير عن قضيتهم. والمفصولون الأربعة هم: مدير مدرسة "القدس" في بيروت حسان السيد، مدير مدرسة "حطين" في صيدا إبراهيم مرعي، المدرّس في ثانوية "عمقا" في مخيم نهر البارد ماهر طويه، والمدرّس في ثانوية "الناصرة" في مخيم البداوي أسامة العلي. وقد صدر قرار فصلهم من الوكالة رسميًا في 23 حزيران الجاري. وأوضحت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن "الأونروا" كانت قد أوقفت المعلمين الأربعة عن العمل منذ تشرين الأول 2023، وأخضعتهم لتحقيق أجرته لجنة من خارج لبنان، على خلفية ما اعتبرته الوكالة خرقًا لمبدأ الحياد، بعد نشرهم تعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبّروا فيها عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في غزة خلال العدوان الإسرائيلي. في المقابل، أصدرت وكالة "الأونروا" بيانًا توضيحيًا أكدت فيه أن قرار الفصل صدر عن الرئاسة العامة في عمّان–الأردن، نتيجة ما وصفته بـ"انتهاكات لمبادئ الوكالة الإنسانية"، إضافة إلى "حالات أخرى من سوء السلوك المهني". وأشارت إلى أن الإجراءات التأديبية اتُّخذت عقب تحقيق داخلي معمّق، نزيه، وموضوعي، أجرته "دائرة خدمات الرقابة الداخلية" في رئاسة "الأونروا"–عمّان، مع ضمان كامل حقوق الموظفين بموجب الأنظمة المرعية، بما في ذلك منحهم فرصة الرد على الاتهامات الموجهة إليهم، واطلاعهم على تقارير التحقيق ونتائجها. وشدد البيان على أن الإجراءات التي تم اتخاذها في 23 حزيران، تتماشى مع الإطار القانوني لـ"الأونروا" وسياستها القائمة على "عدم التسامح مطلقًا" مع أي خرق لأنظمتها، أياً كان الفاعل. وأضاف: "في حين تحترم الأمم المتحدة حق الموظفين في امتلاك آراء شخصية ومعتقدات سياسية ودينية، ومشاعر وطنية والتعبير عنها، فإن جميع الموظفين ملزمون بالامتثال الكامل لسياسات وأنظمة وقوانين الوكالة". وختم البيان بالقول إن "تقديم الدعم الإنساني للمدنيين في غزة، ومناصرة أوضاعهم الإنسانية المأساوية، والتعبير عن مشاعر الانتماء الوطني – بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي – لا يُعدّ انتهاكًا للإطار التنظيمي للأونروا، لكن يجب أن يتم ذلك بطريقة تنسجم مع واجباتهم كموظفين لدى الأمم المتحدة، وتتماشى مع السياسات الرسمية لها". ردّ المعلمين المفصولين بالمقابل، ردّ المعلمون الأربعة على بيان الوكالة، مؤكدين أن قرار فصلهم سياسي وانتقامي، جاء بسبب مواقفهم الوطنية وتضامنهم مع غزة وحقوق زملائهم، وليس بناءً على أي مخالفات مهنية كما زُعم. وفي بيان شديد اللهجة، وصف المعلمون التحقيق الداخلي الذي استندت إليه الوكالة بأنه "صوري"، مؤكدين أنهم لم يُمنحوا حق الدفاع أو الاطلاع على الأدلة، وأن القرار كان معدًّا سلفًا، فيما استخدمت الوكالة "مصطلحات فضفاضة" مثل "سوء السلوك المهني" لتبرير قرارها. ورفض المعلمون الاتهامات بالإخلال بمبدأ الحياد، معتبرين أن التعبير عن التضامن مع شعبهم لا يندرج تحت هذه التهمة. كما اتهموا "الأونروا" بحرمانهم من تعويضاتهم المالية، معتبرين ذلك إجراءً غير قانوني وغير إنساني. وأشاروا إلى تناقض الوكالة بين ادعائها احترام حرية التعبير ، ومعاقبة من يمارس هذا الحق، مؤكدين مواصلة تحركاتهم للدفاع عن كرامتهم وكشف ما وصفوه بالظلم. مؤكدين على أن "الصوت الحر لا يُفصل، والكرامة لا تُفصل". قضية راي عام وفيما تحوّلت قضية الفصل إلى قضية رأي عام داخل المجتمع الفلسطيني ، وسط تضامن شعبي واسع وشعور بالمظلومية، دانت القوى الفلسطينية على اختلافها القرار ودعت إدارة الوكالة إلى التراجع الفوري عن القرار، معتبرين أن من حق أبناء الشعب الفلسطيني التعبير عن مواقفهم الوطنية المشروعة في وجه العدوان الإسرائيلي، والوقوف إلى جانب قضاياهم وحقوقهم. ورفض أمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان، يوسف حسن يوسف، قرارات فصل عدد من الموظفين والمعلمين، واعتبرها إجراءات تعسفية وغير إنسانية تنتهك حقوق الأفراد وتندرج ضمن سياسة العقاب الجماعي . وطالب بالتراجع عنها، مؤكدًا أنها تحرم العائلات من مصدر رزقها في ظل الأزمات المتفاقمة. واعتبر نائب الأمين العام لمنظمة "الصاعقة" ومسؤولها في لبنان وائل ميعاري، أن قرار فصل الموظفين يُعد استهدافًا للهوية الوطنية الفلسطينية ومحاولة لقمع الحريات داخل الأونروا، داعيًا إلى موقف موحد من الفصائل والقوى الشعبية لوقف هذا التوجه، وطالب الأونروا بالتراجع والالتزام بدورها في خدمة اللاجئين، لا في ضرب وعيهم الوطني.


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
الإقتصاد اللّبناني بين الحرب والعقوبات : أزمة متعدّدة الجبهات
في ظلّ ما نشهده من تقاطع أزمات متزامنة يواجه الإقتصاد اللبناني في الآونة الأخيرة إختناقا' غير مسبوق ، من إستمرار للعدوان الإسرائيلي وما يحمله من تداعيات أمنية وإنسانية وإقتصادية جسيمة من جهة ، وتشديد العقوبات الغربية على مؤسسات وقطاعات حيوية ترتبط بملفات بملفات إقليمية ودولية من جهة أخرى ، ما يهدّد إستقراره المهنك ويدفع بإقتصاده إلى مفترق طرق خطير من أزمات جديدة قد تعصف بما تبقّى من ركائز إقتصادية وإجتماعية. إقتصاد تحت الحرب البنية التحتية عقب الحرب الإسرائيلية على غزة ( أكتوبر ٢٠٢٣) تصاعدت التوترات على الحدود الجنوبية للبنان وتوسعت العمليات العسكرية إلى حرب شرسة شنّت على لبنان .ووفق تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في اوكتوبر ٢٠٢٤ ، تم تسجيل أكثر من ١،٥ مليون نازح داخلي ، فيما تعرضت أكثر من ٨٥ بلدة لأضرار مباشرة ودمار شبه كامل نتيجة القصف الإسرائيلي بالإضافة تضرر بنى تحتية حيوية كمحطات كهرباء ومراكز صحية ومؤسسات تربوية. وأشار تقرير البنك الدولي ( مارس ٢٠٢٥) إلى الأضرار المباشرة في البنية التحية في الجنوب قدّرت بأكثر من ١،٢ مليار دولار ،مما يعمّق الفجوة التمويلية في موازنة البلديات والدولة المركزية . القطاعات الانتاجية وفق وزارة الزراعة اللبنانية ،إنّ الخسائر الزراعية في الجنوب خلال العام ٢٠٢٤ بلغت أكثر من ٤٥٠ مليون دولار وتجدر الإشارة إلى أنّ القطاع الزراعي الذي يشكل عصب الإقتصاد الجنوبي تعرّض لضربة قاسية نتيجة للقضاء على آلاف الدنومات المزروعة والتي باتت غير قابلة للإستصلاح والزراعة نتيجة للقصف وانتشار الألغام . أما القطاع الصناعي ،فقد شهد توقف أكثر من ٩٠ منشأة صغيرة ومتوسطة في محافظتي الجنوب والنبطية ،حسب تقرير جمعية الصناعيين اللبنانيين ،مما أدّى إلى تسريح آلاف العمال قسرا' . العقوبات وتجميد الدورة المالية تندرج العقوبات الغربية ضمن حزمة من السياسات الرّدعية تجاه فاعلين سياسيين وعسكريين محليين ومؤسسات ، وتشير وزارة الخزانة الأميركية إلى أنّ أكثر من ١٢٠ كيانا' وشخصية لبنانية خاضعة حاليا' للعقوبات المالية منذ ٢٠١٩ منها مصارف وشركات صيرفة ،ما أدّى إلى تضييق الخناق على القطاع المصرفي اللبناني الذي يعاني من أزمة سيولة حادّة ،فحسب جمعية المصارف اللبنانية إنّ أكثر من ٣٩% من التحويلات المصرفية الخارجية باتت مرفوضة أو مؤجلة بسبب شبهة إرتباطها بالجهات المعاقبة . وفي تقرير لبنك بيبلوس ( أبريل ٢٠٢٤) فإنّ إستمرار هذه الإجراءات أدّى إلى تراجع في حجم الودائع الأجنبية بنسبة ٢٢% خلال عام واحد وارتفاع كلفة التحويلات من الخارج بما يصل إلى ٧%. نموّ الإقتصاد الموازي بات الإقتصاد غير الرسمي ، يمثّل منافسا' غير شرعي للكثير من القطاعات ومتنفّسا' للكثير من الفئات .بحسب صندوق البنك الدولي ( ديسمبر ٢٠٢٤) أنّ حجم الإقتصاد غير الرسمي في لبنان تجاوز ٥٥% من الناتج المحلي الإجمالي. الأزمة المركّبة دفعت إلى ازدهار شبكات محلية ودولية تتجاوز الرقابة المالية التقليدية ، ما وضع لبنان تحت مجهر التصنيفات الدولية . في فبراير ٢٠٢٤ أصدرت مجموعة العمل المالي (FATF ) تقريرا' يحذّر من وضع لبنان على 'قائمة المتابعة المكثّفة' بسبب ضعف الإجراءات الرقابية على قطاعات المصارف والحدود والجمعيات ، ويتقاطع هذا التصنيف مع إدراج لبنان على اللائحة الأوروبية السوداء مطلع الأسبوع الماضي حزيران ٢٠٢٥ . تراجع الإستثمارات وتهديد الأمن الشّامل تأثير الحرب والعقوبات لم يقتصر على المناخ الإستثماري بل انسحب إلى الأمن الغذائي والإجتماعي أيضا' ، في تقرير UNCTAD عن الإستثمار العالمي ٢٠٢٤ تراجع تدفق الإستثمارات الأجنبية المباشرة إلى لبنان بنسبة ٦٨% مقارنة بالعام ٢٠٢٢ ، في أدنى مستوى له منذ عام ٢٠٠٥ كما انسحبت شركات خليجية وأجنبية من مشاريع في البنى التحتية والسياحية.بالمقابل تسبب النزوح الداخلي جراء الحرب والضغوط على شبكة الدعم الإجتماعي في ظل إنهيار سعر الصرف إلى إرتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة ٤٠٠% منذ ٢٠١٩ بحسب برنامج الأغذية العالمي (WFP ) ، ويشير تقرير (المرصد اللبناني لحقوق الإنسان ٢٠٢٤) إلى أنّ أكثر من من ٨٢% من السكان أصبحوا تحت خط الفقر بينما ٣٦% يعيشون فقرا' مدقعا' منذ العام ٢٠١٩ مما عمّق فجوة الإنتقام الطّبقي ، وهدّد الإستقرار الإجتماعي وفتح الباب أمام موجات هجرة جديدة في حين بقيت غالبية المساعدات الدّولية موجّهة إلى برنامج الإغاثة واللاجئين وتخضع لشروط الحوكمة مقابل استبعاد كيانات مصنّفة ضمن العقوبات . لبنان بين العجز والضغط الدّولي في ظل إستمرار العمليات العسكرية والتصعيد الإسرائيلي في المنطقة وتعقّد العلاقات المالية والإقتصادية مع الغرب يواجه لبنان سيناريوهات صعبة أبرزها إنكماش إقتصادي مستمرّ حيث يتوقع صندوق النقد الدّولي أن يبقى النمو الإقتصادي دون ١% مع إحتمال تسجيل إنكماش فعليّ وصولا' إلى معدلات نمو إنكفائية في حال توسّع رقعة النزاع. من جهتها أعلنت الحكومة اللبنانية أنّ عجز الموازنة لعام ٢٠٢٤ تجاوز ٥،٨ مليار دولار ،أي ما يفوق ١٨% من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة تراجع الإيرادات وزيادة النفقات الطارئة الإجتماعية ، إلى جانب تقييد التحويلات بسبب العقوبات الذي يؤدي إلى إنكماش النقد الأجنبية ما سيرفع أسعار الموارد المستوردة ويحدّ من قدرة الدولة على التخطيط لمشاريع تنموية أو إعادة الإعمار في الجنوب ويساع الإنهيار الإجتماعي. في لحظة حرجة من تاريخ لبنان الحديث يواجه الإقتصاد اللبناني تداعيات الحرب الإسرائيلية التي آمتدّت آثارها على كامل النسيج الإقتصادي والإجتماعي في البلاد وضغوط العقوبات الغربية التي تخنق ما تبقى من الدورة المالية الرسمية ، وتدفع البلاد نحو إقتصاد غير رسمي . من هنا ،تبدو الخيارات المتاحة أمام الدولة اللبنانية محدودة ،إذ أنّ الخروج من الأزمة المزدوجة يتطلّب توافقا' سياسيا' داخليا' على الإصلاح أولا' والإلتزام بتطبيق القرارات الدولية وإعادة بناء الثّقة بالمؤسسات الإقتصادية والمالية ،إضافة إلى مقاربة تنموية ترتكز على العدالة الإجتماعية والشفافية ، لا إلى التوازنات الطائفية والسياسية التي رمت بثقلها على البلاد لعقود .


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
التنمية المحلية: مجلس النواب يناقش اتفاقية لإنشاء مركز محاكاة متكامل للتدريب
شاركت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية ، اليوم في الجلسة العامة لمجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي وحضور وكيلي مجلس النواب وأعضاء المجلس و المستشار محمود فوزى وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، لمناقشة قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 240 لسنة 2025 بشأن الموافقة على "محضر مناقشات لتنفيذ مشروع إنشاء "مركز محاكاة متكامل للتدريب وبناء القدرات في مصر" الممول بمنحة قيمتها 7.481.481 مليون دولار بين حكومة جمهورية مصر العربية وجمهورية كوريا. وشهدت الجلسة استعراض تفاصيل الاتفاقية، والتي يلتزم فيها الجانب الكوري بإعادة تأهيل المباني القائمة لإنشاء مركز تدريب متكامل يضم قاعات تدريب مزودة بتقنيات المحاكاة، وغرف لإعداد المدربين، وغرفة خوادم، مع نقل المعدات الحالية وتأهيل المناطق الجديدة. وستقوم وزارة التنمية المحلية، وفقاً للقوانين المعمول بها، بضمان التنفيذ الناجح للمشروع، من خلال توفير المواقع اللازمة وتطوير البنية التحتية المطلوبة، كما ستعمل الوزارة على دعم عمليات المشروع، من خلال تأمين الكوادر التنظيمية والإدارية المطلوبة، والمشاركة في أنشطة بناء القدرات، ومراقبة المشروع بالتنسيق مع الجانب الكوري، كما ستوفر الوزارة أي دعم إضافي يسهم في نجاح تنفيذ المشروع والذي سيكونه موقعه مركز تدريب الادارة المحلية بسقارة وكذا موقع شبرامنت ، وأن ميزانية المشروع (قيمة المنحة) تعادل 7.48 مليون دولار وأن المشروع سيتم تنفيذه خلال عامي 2024 و2026 . ومن المقرر ان يسهم المشروع في تعزيز مفاهيم الاستدامة البيئية، وإعادة التدوير، ورفع كفاءة العاملين في قطاع المخلفات، كما أنه يمثل فرصة لتعظيم الاستفادة من المنح الدولية دون تحميل الدولة أعباء مالية إضافية، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. وتقر الاتفاقية إنشاء مركز محاكاة متكامل للتدريب وبناء القدرات في مصر لنقل التكنولوجيا الكورية فى الإدارة المتكاملة للمخلفات وبناء قدرات الأطراف ذات الصلة من العاملين بالمنظومة من منتسبى الوحدات المحلية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى المعنية للنهوض بإدارة النفايات وإدخال نظام إعادة تدوير المواد مما يعظم من القيمة المضافة لأصول المنظومة على ارض المحافظات المصرية ." ومن جانبها أكدت الدكتورة منال عوض علي الاهتمام الذي توليه لملف تدريب وتأهيل الكوادر المحلية في الديوان العام للوزارة ومختلف محافظات الجمهورية والتحسين المستمر للبيئة التدريبية بمركز التنمية المحلية للتدريب بسقارة وبناء صف قيادي ثان وثالث بالإدارة المحلية ، لتحقيق خطة واستراتيجيات بناء الإنسان المصري بأسلوب علمي ، مشيرة إلي حرصها علي الاستفادة من الخبرات الأجنبية المختلفة في ملفات عمل الإدارة المحلية وتوفير بعض الفرص والمنح التدريبية للعاملين بالمحليات في بعض الدول بالخارج . وخلال الجلسة رحب أعضاء مجلس النواب الذين تحدثوا عن الاتفاقية لأنها منحة، وتخدم رفع كفاءة العنصر البشري بالإدارة المحلية وفي ختام الجلسة وافق مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي علي الاتفاقية .