logo
زامير: نتنياهو يريد إقالتي بعد رفض خطة احتلال غزة

زامير: نتنياهو يريد إقالتي بعد رفض خطة احتلال غزة

الجزيرةمنذ 3 أيام
أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال إيال زامير أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسعى لإقصائه من منصبه بعد أن رفض خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة.
وذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن زامير أبدى معارضة شديدة للخطة، محذرا من تبعاتها العسكرية والسياسية، وهو ما أثار خلافا متصاعدا بينه وبين نتنياهو في ظل استمرار الحرب على القطاع.
وأضافت الصحيفة أن رئيس الأركان يدرك تماما ما يحدث، ولن يضع الجيش في أيدي نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس.
وأعلن نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية بغزة- أمس الثلاثاء تسريع خطة احتلال غزة، وأكد أن إسرائيل تقترب من إنهاء المعركة، موضحا أن القوات ستتقدم "سريعا نسبيا" للسيطرة على مدينة غزة، التي وصفها بأنها المعقل الأخير لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مع التركيز على تحرير الأسرى المحتجزين في القطاع.
وحسب ما نشرته الصحافة الإسرائيلية، فقد شدد زامير خلال اجتماع أمني استمر 3 ساعات يوم الخميس الماضي، على أن خطة احتلال غزة بالكامل ستكون بمثابة فخ عسكري، يجبر الجيش على مواجهة حرب استنزاف طويلة ويعرّض حياة الأسرى للخطر، لا سيما مع وجود تقديرات أن عشرات منهم ما زالوا أحياء.
مع ذلك، أعلن مكتب نتنياهو عقب الاجتماع أن الجيش مستعد لتنفيذ أي قرار يُقرّه مجلس الأمن القومي، ما يعكس تباينا صارخا بين التقييمات المهنية العسكرية والقرارات السياسية المعتمدة.
وتجاوز مجلس الوزراء الأمني المعارضة العسكرية ووافق على خطة لاحتلال مدينة غزة، رغم تحذيرات القادة العسكريين من الخطر على الأسرى والجيش نفسه، وتضمنت الخطة تعطيل صلاحيات جيش الدفاع في بعض السيناريوهات.
وتأتي هذه التطورات وسط تباينات داخل المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية بشأن أهداف العملية في غزة ومستقبل إدارتها.
إعلان
وأدانت دول عربية وغربية خطة إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة، واعتبرتها تصعيدا خطيرا ومرفوضا وانتهاكا للقانون الدولي.
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 61 ألفا و599 شهيدا و154 ألفا و88 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، وكارثة إنسانية غير مسبوقة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

3 شخصيات في الظل صنعت نتنياهو المتطرف
3 شخصيات في الظل صنعت نتنياهو المتطرف

الجزيرة

timeمنذ 9 دقائق

  • الجزيرة

3 شخصيات في الظل صنعت نتنياهو المتطرف

في مقابلة أجراها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع قناة i24 العبرية، 12 أغسطس/آب 2025، ونقلها موقع "تايمز أوف إسرائيل"، أعرب عن اعتقاده بأنه في "مهمة تاريخية وروحية"، مؤكدا ارتباطه الشديد بـ"رؤية إسرائيل الكبرى". هذه الرؤية، وفق التعريف الإسرائيلي بعد حرب يونيو/حزيران 1967، تشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأجزاء من الأردن، ولبنان، وسوريا، ومصر. وعندما سُئل نتنياهو عما إذا كان يرى نفسه في "مهمة نيابة عن الشعب اليهودي"، أجاب بأنها "مهمة أجيال تحمل إرث اليهود الذين حلموا بالعودة إلى أرض إسرائيل، ويواصلون مشروعهم التاريخي جيلا بعد جيل". "مثلث الأيديولوجيا النتنياهوية" لفهم أعمق لتصريحات نتنياهو الأخيرة، لا بد من استكشاف الأسس الفكرية التي شكلت رؤيته السياسية. يسلط الباحثان بن كسبيت وإيلان كفير في كتابهما المرجعي "نتنياهو: الطريق نحو السلطة"، الضوء على ثلاث شخصيات أساسية كانت حاسمة في صياغة أيديولوجية نتنياهو: شقيقه يوني، ووالده بن تسيون نتنياهو، وجده الحاخام ناتان مليكوفسكي، "كل واحد من الثلاثة وثلاثتهم معا يمثلون في نظره تاريخ الصهيونية". جده الحاخام ناتان مليكوفسكي، كان من أوائل دعاة الصهيونية الدينية، ومقربا من الحاخام أبراهام كوك، وزئيف جابوتنسكي، وديفيد بن غوريون. عُرف مليكوفسكي برفضه القاطع لـ"خطة أوغندا" التي طُرحت كوطن بديل لليهود، معتبرا ذلك خيانة للشعب اليهودي الذي قدم الكثير من التضحيات من أجل هذه الأرض (فلسطين)، وسفكوا دماءهم من أجلها، وصلوا لألف سنة للعودة إليها، وربطوا أكثر آمالهم الحميمة بإحيائها، وأنها "خيانة أجيال اليهود الذين قاتلوا وماتوا من أجل هذه الغاية". عند وفاته، دُفن في جبل الزيتون في مدينة القدس، وأبّنه الحاخام الأكبر أبراهام إسحاق كوك؛ باعتباره يمتلك "قلبا مملوءا بحب التوراة، حب شعب إسرائيل، حب أرض إسرائيل". يصف نتنياهو جده ناتان مليكوفسكي، في كتابه "مكان تحت الشمس"، على النحو التالي: "كان جدي ناتان مليكوفسكي، الذي تجند للحركة الصهيونية في شبابه، في عقد التسعينيات من القرن الماضي (التاسع عشر)، واحدا من عدد لا يُحصى من المتحمسين لهذه البشرى، وأصبح أحد مبشري هذه الحركة الرئيسيين، ونشر مبادئها بين اليهود في شرق سيبيريا حتى مينيسوتا في الولايات المتحدة الأميركية. وبعد فترة من الوقت، في عام 1920، أثبت أنه ليس من الذين يقولون ولا يفعلون، إنما يقول ويفعل: حمل عائلته الكبيرة، وأبحر من ترايست إلى حيفا، واستوطن في أرض إسرائيل". والده بن تسيون نتنياهو، الذي غير اسم العائلة من مليكوفسكي إلى "نتنياهو" في سياق النزعة القومية العبرية، فلم يكن تغيير اسم العائلة مجرد تحول هوياتي، بل كان انعكاسا لتحول أيديولوجي جذري. انخرط بن تسيون بحماس في صفوف الحركة التنقيحية التي قادها زئيف جابوتنسكي، ليرسم معالم رؤية توسعية ستشكل فيما بعد أساس سياسات ابنه نتنياهو. لاحقا أصبح بن تسيون المساعد الشخصي لزئيف جابوتنسكي في الولايات المتحدة الأميركية. كان بن تسيون يرى في جابوتنسكي منقذا للشعب اليهودي، مؤمنا بثلاثة مبادئ أساسية: "التفوق اليهودي كحقيقة لا تقبل الجدل؛ ضرورة الكفاح المسلح لتحقيق الأهداف الصهيونية؛ الرفض المطلق لأي سلطة غير يهودية على الأرض المقدسة". تجلت رؤيته التوسعية في إيمانه الراسخ بـ"إسرائيل الكبرى" التي تمتد على ضفتي نهر الأردن، معتمدا على نظرية "الجدار الحديدي" التي تقضي بإجبار العرب على القبول بالوجود اليهودي عبر التفوق العسكري. في الجانب الاقتصادي، وقف بن تسيون ضد التيار الاشتراكي السائد في بداية تأسيس إسرائيل، مروجا لاقتصاد السوق الحر. وكانت لمعارضته الشرسة لقرار التقسيم عام 1947 دلالة واضحة على تصلبه الأيديولوجي، حيث رأى أن القرار لا يمنح إسرائيل ما يكفي من الأرض لضمان أمنها. بلغت معارضته ذروتها بنشر إعلان صادم في نيويورك تايمز تحت عنوان "التقسيم لن يحل مشكلة فلسطين"!، في خطوة تعكس تصميمه على رؤيته التوسعية التي سيرثها ابنه لاحقا. شقيقه الأكبر يوناتان (يوني) نتنياهو، الضابط في وحدة النخبة الإسرائيلية "سايريت متكال"، الذي قُتل في عملية عنتيبي 1976، وتحول إلى رمز بطولي في المخيلة الإسرائيلية. هذا الحدث شكل نقطة تحول في حياة بنيامين نتنياهو، الذي تبنى منذ ذلك الوقت إرث شقيقه كجزء من مشروعه السياسي. وارتبط مقتل يوني بتطور فلسفة نتنياهو ونظرته إلى العالم. في أعقاب مقتله، قام نتنياهو وأخوه عيدو بتجميع الرسائل التي كتبها يوني منذ الستينيات (وتحديدا منذ 1963) إلى ما قبيل مقتله (1976)، وكتبا له خلاصة تُبين رؤيتهما لمكانة أخيهما في التاريخ اليهودي. و"رسائل يوني" عبارة عن رسائل كان يوني يبعثها إلى عائلته، وخاصة والده. ولم تخلُ من رسائل وجهها إلى بنيامين نتنياهو نفسه. ففي خاتمة كتاب "رسائل يوني" كتب الشقيقان عيدو وبنيامين (محررا الكتاب) ما يلي: "طبعا فإن خيار يوني لم يكن ممكنا لولا (…..) أنه رأى بعينيه انتماءه للشعب اليهودي ولأرض إسرائيل. لقد نظر إلى نفسه على نحو واضح كممثل التاريخ الرائع لشعب إسرائيل، كوريث تراث المكابيم وباركوخبا (مجموعة يهودية عسكرية خُلدت في الذاكرة اليهودية المعاصرة مقرونة بمفاهيم الشجاعة والتضحية)، وكمكمل في نضال البطولة لشعب إسرائيل الذي لا مثيل له بوجوده وخصوصيته". فقد جسد شقيقه الأكبر يوني مع جده ووالده "القالب الأيديولوجي الذي من خلاله فهم نتنياهو العالم وشكل معتقداته الخاصة حول الصهيونية الحديثة، والعودة إلى أرض إسرائيل، والأيديولوجية اليمينية المناضلة في مقابل الانهزامية اليسارية". باختصار، يُظهر الاستقراء التاريخي أن شخصية بنيامين نتنياهو السياسية والفكرية تشكلت ضمن إطار يمكن تسميته بـ"مثلث الأيديولوجيا النتنياهوية"، وهو مزيج مركب من ثلاثة روافد أساسية: أولها النزعة الدينية القومية المتشددة الموروثة عن الجد، الحاخام ناتان مليكوفسكي، الذي رأى في أرض فلسطين جوهر المشروع الإلهي للشعب اليهودي. ثانيها الرؤية التوسعية الصهيونية التنقيحية التي حملها الأب، بن تسيون نتنياهو، المنخرط في تيار جابوتنسكي، والذي تبنى عقيدة "الجدار الحديدي"، واعتبر الاستيطان على ضفتي نهر الأردن حقا غير قابل للتنازل. وثالثها الروح العسكرية القتالية التي جسدها الشقيق الأكبر يوني نتنياهو، الضابط في وحدة النخبة "سايريت متكال"، الذي تحول مقتله في عملية عنتيبي إلى رمز بطولي عميق التأثير على وعي بنيامين نتنياهو ومشروعه السياسي. إن هذا المزيج الأيديولوجي لم يكن مجرد تراكم لخبرات عائلية، بل اندمج في شخصية نتنياهو ليشكل رؤيته الإستراتيجية، التي تقوم على إيمان مطلق بالتفوق العسكري كشرط للبقاء، ورفض التنازلات السياسية، والسعي لفرض وقائع ميدانية تجسد فكرة "إسرائيل الكبرى". ومن هنا، تصبح تصريحاته الأخيرة ليست مجرد خطاب سياسي ظرفي أو محاولة لكسب دعم اليمين الصهيوني، بل هي امتداد مباشر لجذور أيديولوجية عميقة تعود إلى الإرث العائلي الذي حمله نتنياهو.

السلطة الفلسطينية وجدوى الإصلاح في ظل الإبادة والضم
السلطة الفلسطينية وجدوى الإصلاح في ظل الإبادة والضم

الجزيرة

timeمنذ 41 دقائق

  • الجزيرة

السلطة الفلسطينية وجدوى الإصلاح في ظل الإبادة والضم

تقترب حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية على قطاع غزة من نهاية عامها الثاني، بموازاة استهداف ممنهج ومتسارع لا يقل خطورة في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، في مسعى من الاحتلال لفرض واقع يصفه بحسم الصراع. في المقابل، تبرز العديد من الخطوات من قبل القيادة السياسية الفلسطينية ممثلة بالسلطة، تحت عنوان "الخطوات الإصلاحية"، مثل الدعوة إلى إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني قبل نهاية العام الجاري. تأتي هذه الخطوات استجابة للضغوط التي تمارس عربيا وإقليميا ودوليا على الفلسطينيين، في ظل وعود بحل الدولتين دون أن تترجم إلى قرارات فعلية على الأرض، تجبر الاحتلال الإسرائيلي على القبول بها، أو منح الفلسطينيين أملا حقيقيا بتتويج مسيرتهم للوصول إلى الاستقلال. على العكس، فإن كل هذه الوعود تأتي في ظل حالة قضم ومصادرة للأرض، وفرض سيادة إسرائيلية تنذر باستحالة إقامة أي كيان سياسي فلسطيني على أرض الواقع. ما هو المطلوب فلسطينيا؟ في ظل كل ذلك، ينشر موقع الجزيرة نت بالتعاون مع مركز رؤية للتنمية السياسية آراء مجموعة من النخب السياسية والخبراء، في محاولة لتحديد الخيارات التي يمكن أن تلجأ إليها السلطة الفلسطينية لمواجهة كل هذه التحديات. وقد تم استعراض الآراء من خلال المحاور والأسئلة التالية: ما هي خيارات السلطة الفلسطينية لمواجهة خطط الإبادة الجماعية في غزة ومخططات الضم في الضفة؟ ما هي أهداف قيادة السلطة الفلسطينية من إطلاقها ما يسمى خطوات الإصلاح، وآخرها الدعوة لانتخابات المجلس الوطني في ظل شروط فرضتها على من يريد المنافسة في هذه الانتخابات؟ ما الذي يمنع السلطة الفلسطينية من الدعوة إلى حل نفسها لفرض تحد أمام المجتمع الدولي لوقف خطط الاحتلال؟ ما المطلوب فلسطينيا العمل عليه كأولويات في ظل مخططات الاحتلال؟ هل أصبح مطلب الوحدة الفلسطينية أمرا بعيد المنال؟ ويمكن تلخيص آراء الخبراء بما يلي: تعاملت السلطة بسياسة النأي بالنفس خشية من دفع ثمن لا تستطيع تحمله في هذه المرحلة، وهذا تقدير خاطئ لسياسات الاحتلال وأهدافه الآن. لدى السلطة خيارات كثيرة لو رغبت بذلك، أولها تعزيز الجبهة الداخلية الفلسطينية لأن جميع الفلسطينيين في دائرة الاستهداف، ولأن الاحتلال يسعى لشطب القضية الفلسطينية برمتها. تقف السلطة الفلسطينية أمام اختبار وجودي لا يتعلق بجدوى أدوارها التقليدية فقط، بل بمشروعية بقائها بصيغتها الراهنة. "التكيّف" مع إجراءات الاحتلال واعتماد الحراك الدبلوماسي الدولي، جزء من خيارات السلطة لامتصاص مخططات الاحتلال، في ظل عدم القدرة على دفع ثمن المواجهة المباشرة. الدعوة لانتخابات المجلس الوطني هي ترجمة للضغوط الدولية التي تسعى لتأهيل السلطة للمرحلة والظروف الجديدة، لتتناسب مع دورها في المرحلة القادمة. ما يجري اليوم ليس حربًا على غزة، بل محاولة علنية لإعادة تعريف القضية الفلسطينية برمّتها، من قضية تحرر وطني إلى أزمة إنسانية وسكانية، يُعاد ترتيبها وفق اشتراطات الاحتلال. ليس المطلوب الذهاب لخيار حل السلطة، بل تعديل وتغيير وظيفتها بما يحقق الأهداف التي أسست عليها، والمتمثلة في التأسيس للدولة من خلال التنمية والبناء المؤسساتي. كل ما كان قبل هذه الحرب من أدوات أصبح فاقدا لجدواه، والمطلوب شيء مختلف ومتغير، وخاصة البقاء على الأرض وعدم الغياب كليا، ويجب أن تأخذ الدعوة لمفهوم الوحدة ذلك بالاعتبار. هناك غياب لتصور واضح لما بعد السلطة، وانعدام ثقة في إمكانية بناء بديل جامع يعيد ترتيب الصف الوطني. الأولوية الآن فلسطينيا لوقف حرب الإبادة بغزة، ومنع تحويل مخططات الاحتلال بالضفة والقدس إلى واقع، والدعوة لانتخابات مجلس وطني الآن تمثل قفزا على هذه الأولويات. واضح أن السلطة الفلسطينية اختارت سياسة النأي بالنفس عما يجري على الأرض، بدلا عن التركيز على الخيارات التي تعزز الصمود، وتعمل على توحيد الجهود لمواجهة المخططات الإسرائيلية. هذا يجعل من خياراتها حتى اللحظة غير فاعلة من جانب، ولا تشكل حالة تعزيز للصمود من جانب آخر؛ بل هي حالة من التكيف مع الحقائق والواقع الذي يفرضه الاحتلال على الأرض، مما جعلها تخشى من معارضته بشكل عملي، وتفضّل التصريحات والمواقف الدبلوماسية التي لا تكلفها الثمن الكبير. فحتى الدعوة لانتخابات المجلس الوطني، لا يمكن أن يبنى عليها كخطوة فعالة وعملية، وإنما النية عدم إجراء الانتخابات، بدليل أن المرسوم الرئاسي الذي صدر حول الدعوة لانتخابات المجلس الوطني، تضمّن اشتراطات للمشاركة، متمثلة بالالتزام ببرنامج منظمة التحرير والشرعية الدولية. وهذا يتعارض مع مضمون ومفهوم الانتخابات، التي يفترض أن تكون حرة ونزيهة، وتعكس حاجة المجتمع وتطلعاته، لا أن تنساق وراء ما يفرض علينا من الاحتلال، أو من الأطراف الدولية، وهذا يمثل حالة إذعان وإقصاء، ولا يندرج ضمن مفهوم الإصلاح. باعتقادي أنه لن تكون هناك انتخابات، بل عملية تعيين تحت تبرير أن الظروف الحالية لا تسمح بالانتخابات، وهذا سيكون على حساب مفهوم الوحدة، لأن السلطة الآن تخشى من دفع ثمن الوحدة الداخلية الفلسطينية. أما إمكانية أن تذهب السلطة لحل نفسها كخيار للمواجهة، فهذا لن يحدث، لأنه لا يوجد سلطة تحل نفسها، فالسلطة الفلسطينية قائمة على مبدأ مراكز القوى بداخلها، والمعادلات السياسية الداخلية والمصالح، وستواجه هكذا خطوة برفض من داخل السلطة نفسها. المطلوب اليوم ليس بالضرورة حل السلطة، وإنما تغيير شكلها ووظائفها، فالسلطة قامت بعد اتفاقيات أوسلو على أساس التمهيد لبناء كيان سياسي ومؤسسات فلسطينية تمهيدًا لبناء الدولة، لكن ما جرى أن السلطة ابتلعت المنظمة ومؤسساتها، وهذا يتعارض مع جوهر إقامتها. ويمكن تحقيق إعادة بناء وظيفة السلطة من خلال إعادة توزيع الموازنة؛ لتعزيز الأسس التي يمكن تقويتها لا تقويضها، بما يحقق حالة التنمية لمواجهة مخططات الاحتلال، لأنه إذا ما انهارت السلطة في لحظة المواجهة مع الاحتلال، عندها يمكن للشعب الفلسطيني أن يخلق بدائل لتعزيز حالة الصمود، من خلال تفعيل اللجان والنقابات التي تتولى دور إدارة الحالة الفلسطينية. منذ اليوم الأول بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قال نبيل أبو ردينة "إن السلطة ليس لها علاقة بما يجري في غزة"، بالتالي فقد أخذت السلطة الفلسطينية موقف النأي بالنفس تحت ذرائع كثيرة، منها عدم القدرة، أو الاتفاقيات الموقعة، أو ألا تتحول الضفة إلى غزة. هذه الذرائع كلها، وبعد عامين من الحرب، أُسقطت بشكل أو بآخر، لأن ما يجري بالضفة، وتحديدا في مخيمات الشمال، وتعزيز الاستيطان ، غيّر كل شيء. السلطة لديها خيارات كثيرة لو رغبت بذلك، لكنها عزفت عن الذهاب إليها. فمثلا الخيار الرئيسي الذي كان يمكن العمل عليه، والذي يجب أن ينبع من القناعة بأن الكل في دائرة الاستهداف، التجهّز لمواجهة مخططات الضم من خلال تعزيز وتقوية الجبهة الداخلية، ومنح المجال للمقاومين بالعمل، والعمل على توحيد الموقف الفلسطيني من خلال الحوارات. لكن للأسف هذا الخيار لم ترغب به السلطة، وبقيت تسوّق ذات الموقف الذي تريده، حتى وصل الحال إلى توافق توجهات السلطة مع مطالب الاحتلال بسحب سلاح المقاومة، والإذعان لمطالب إبعاد جزء من الشعب الفلسطيني عن المشاركة في القرار، من خلال الشروط التي وضعها الرئيس محمود عباس لمن يريد المشاركة بالانتخابات المقبلة. فيما يتعلق بالدعوة لانتخابات المجلس الوطني، تأتي منفصلة عن الواقع، فلا يمكن فهم الإعلان عنها في ظل حرب الإبادة في غزة، وعنف المستوطنين والتهويد الذي يجري بالقدس والضفة. والأولوية يجب أن تكون لوقف حرب الإبادة وإغاثة المجوّعين. إضافة إلى ذلك، فإن استبعاد كل من يختلف بموقفه السياسي مع منظمة التحرير والشرعية الدولية، يعني فعليا استبعاد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني عن المشاركة بالانتخابات، علما أن كل فلسطيني هو عضو طبيعي في منظمة التحرير، ومن حقه ممارسة ما يريد وفقا لقناعته السياسية. كان بالإمكان العودة لنتائج الحوارات التي جرت على مدار سنوات طويلة، وآخرها وثيقة بكين وبمشاركة الجميع، والذهاب لانتخابات شاملة، رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، بظروف غير الظروف الحالية. إذا كان هناك اعتقاد لدى السلطة أن هذه الانتخابات ستكون بمثابة ورقة اعتماد لتأهيلها والقبول بها للدخول إلى مرحلة سياسية جديدة يتحدث عنها الأميركان وغيرهم، فهذا يعتبر حالة وهم، لأن الولايات المتحدة، وخلفها الدول الأوروبية، هي شريك أو على الأقل توفر مبررات للحرب على غزة، ولا يهمها حالة الإصلاح الفلسطينية بقدر ما ترغب في إحداث تغيير تحت دافع الابتزاز السياسي. فالإصلاح يأتي فقط بقرار وبرغبة وطنية فلسطينية، وليس خضوعا لاشتراطات، وهذا ما حصل مع الرئيس الراحل ياسر عرفات قبل اغتياله. السلطة الفلسطينية هي نتاج اتفاقات مع الاحتلال والأميركان، كان الهدف منها التأسيس للوصول للدولة، لكن للأسف لم نصل للدولة، بل تآكلت السلطة، وقرار حلها ليس فلسطينيا، واليوم يراد لها من الأميركي والإسرائيلي حصر دورها في مراكز المدن، وضمن رؤى محدودة جدا. خيارات السلطة الفلسطينية لمواجهة الإبادة الجماعية في غزة ومشروع ضم الضفة الغربية ، لا تتجاوز الاعتماد على الوسطاء، وممارسة الضغوط الدولية السياسية والدبلوماسية، وتحاول السلطة التكيّف أو امتصاص الحملات والممارسات الإسرائيلية، وتسعى للتلويح بما يسمى بالمقاومة الشعبية، التي لم تشكل حالة قوية حتى الآن. لهذا السبب، هوامش السلطة ضيّقة في مواجهة الخطط الإسرائيلية. إعلان الدعوة لانتخابات المجلس الوطني هي ترجمة للضغوط الدولية والاستحقاقات المحلية، بهدف تأهيل السلطة للمرحلة والظروف الجديدة القادمة، والتحديات المحيطة بها، لهذا السبب، الانتخابات هي محاولة لإرضاء الطلبات والضغوط، وهي إعادة إنتاج لنظام يراد له أن يكون مناسبا للمراحل القادمة، التي يأخذنا إليها مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. أما المطلوب عمله، فالواضح أن كل ما تم من جهد دبلوماسي سابق، قد تجاوزته الأحداث. المطلوب الآن شيء مختلف ومتغير، أهم الأولويات هي البقاء على الأرض وعدم الغياب كليا، وهذا يتطلب أساليب وعقليات وأدوات جديدة، ويحتاج الكثير من النقاش، فالبقاء والصمود أمر فضفاض وغامض، وهو بحاجة إلى خطط وتفاصيل، وليس هروبا من الواقع. هذه الحرب غيرت السلوك والأولويات والمفاهيم، فوسط الدعوات لتغييب حماس عن الساحة، وتكييف السلطة مع الشروط الجديدة، يبدو الحديث عن الوحدة الوطنية مختلفا، وبالتالي يجب البحث عن صياغة جديدة للنجاح، وعدم التفكير بذات المنهجية السابقة، فكل مرحلة لها وجوهها وقياداتها ومعطياتها. إن أي مطالبة لإصلاح السلطة هي ذر للرماد في العيون، فالمطلوب هو تغيير في السلطة وتغيير في منظمة التحرير، ودون ذلك سيكون مضيعه للوقت، فالسلطة تعتبر نفسها محايدة، أو متفرجة، وحتى أنها لم تكتف ببيانات الشجب والاستنكار، بل أصبحت تتخذ مواقف تسهل على الاحتلال سياساته من خلال تبني خطاب يهاجم المقاومة، والدعوة لسحب سلاحها. بالتالي لا يمكن التعويل على موقف السلطة، فلا خيارات لديها في هذا الجانب. حتى فيما يجري بالضفة، فإن السلطة تمارس دور المحايد، فماذا فعلت تجاه قرار الكنيست بضم الضفة، وتهجير ما يزيد عن 35 ألف مواطن من مخيمات الشمال، وماذا فعلت تجاه جرائم المستوطنين من قتل وحرق وتدمير في قرى رام الله؟، فلا رهان على السلطة لتكون ضمن أي مواجهة. أما بشأن الدعوة لانتخابات المجلس الوطني، فهذا مطلب فلسطيني منذ 16 عاما، ولم تتم الاستجابة له. ما يجري اليوم ليس له علاقة بانتخابات حقيقية وإنما ترسيخ النظام القائم، وإعادة إنتاجه. الأولوية الفلسطينية تتعلق بوقف العدوان على غزة، ووقف جريمتي الإبادة والتجويع، وكذلك الأمر وقف حالة التدمير والتهجير التي تجري بالضفة، وليست الأولوية الآن الذهاب إلى الانتخابات، خصوصا أن من عطل الانتخابات في العام 2021، عندما كان بالإمكان إجراء الانتخابات هو الرئيس أبو مازن. اليوم نحن أمام فرز؛ فمن جهة هناك من وقف إلى جانب الحقوق الوطنية ودافع عنها وقاوم الاحتلال، ومن جهة أخرى هناك من فرط بهذه الحقوق، فالمعيار ليس الحديث عن الوحدة فقط، بل من يعمل من أجل هذه الوحدة؛ لكي يطبقها بشكل حقيقي على الأرض. تقف السلطة أمام اختبار وجودي لا يتعلق بجدوى أدوارها التقليدية فقط، بل بمشروعية بقائها بصيغتها الراهنة. ما يجري اليوم ليس حربًا على غزة، بل محاولة علنية لإعادة تعريف القضية الفلسطينية برمّتها، من قضية تحرر وطني إلى أزمة إنسانية وسكانية، يُعاد ترتيبها وفق اشتراطات الاحتلال. تبدو السلطة عالقة بين انسداد الأفق السياسي من جهة، وضغوط دولية تحاصر أي محاولة انفكاك من مسار التسوية من جهة أخرى. ومع ذلك، لا تزال تطرح سردية الإصلاح وإجراء انتخابات للمجلس الوطني. دعوات الإصلاح، رغم ما تحمله من شعارات التجديد، تطرح تساؤلات جدية حول الهدف الحقيقي منها، فهل تسعى إلى استعادة المشروع الوطني، أم إلى تكييف بنية النظام السياسي مع الأمر الواقع الجديد؟ حيث تنفصل غزة عن المعادلة، وتُدار الضفة وفق حدود ما يسمح به الاحتلال. في المقابل، تبدو الخيارات البديلة أكثر جدية وإن بدت أكثر كلفة. فإعلان فشل مشروع السلطة بشكل صريح، والدعوة إلى حلّها كخطوة سياسية ضاغطة، قد يشكّل لحظة فاصلة تُربك حسابات الاحتلال والمجتمع الدولي على حد سواء. ومع ذلك، لم تُقدم القيادة على هذه الخطوة، ليس فقط بفعل الضغوط الخارجية، بل أيضًا لغياب تصور واضح لما بعد السلطة، وانعدام الثقة في إمكانية بناء بديل جامع يعيد ترتيب الصف الوطني. ورغم هذا التردد، فإن الزمن لا ينتظر. فالمطلوب الآن ليس فقط إعادة تعريف وظائف السلطة، بل إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني برمّته. إعلان يجب أن يتحول الاهتمام من الحفاظ على الكيان الإداري، إلى استنهاض أدوات الفعل الوطني، من توحيد التمثيل السياسي بين الضفة وغزة والشتات، إلى تفعيل المقاومة الشعبية، إلى تدويل الجرائم الإسرائيلية على أسس قانونية لا تفاوضية، وصولًا إلى إعادة بناء منظمة التحرير كمرجعية جامعة قائمة على الشراكة، لا على التفرد والاحتواء. في خضم هذا كله، تظل الوحدة الفلسطينية شرطًا لا غنى عنه، لا بوصفها حلا مثاليًا، بل كإطار ضروري لمواجهة التفكيك الشامل الذي تتعرض له القضية. السلطة الفلسطينية، إذا أرادت أن تبقى فاعلًا لا عبئا، عليها أن تخرج من موقع المتفرج إلى موقع المشتبك، وأن تتصالح مع مهمتها الأصلية: التعبير عن طموح شعب تحت الاحتلال، لا عن منطق إدارة أزمته وفق شروط الاحتلال. عند الحديث عن دور "القيادة الرسمية الفلسطينية"، فقيادة السلطة هنا هي نفسها قيادة المنظمة، ولو دققنا أكثر سنجد أننا نتحدث عن فريق قيادي وليس عن هيئات قيادية، أي أننا نتحدث عن المتنفذين وأصحاب القرار، وليس عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أو المجلس المركزي والمجلس الوطني، ولا عن اللجنة المركزية لفتح، ولا عن الحكومة. وعلى الرغم من وجود تداخل بين هذه الهيئات والشخوص، فإن الهيئات يبدو أنها آخر من يعلم، فهي إما مشلولة أو مغيّبة، أو يجري استدعاؤها عند الحاجة لنيل مصادقتها على توجهات مقررة أصلا. يمكننا تقييم دور السلطة من خلال مواقفها السياسية المعلنة، كما من خلال خطواتها العملية، وأقول بكل أسف إن مواقفها السياسية العامة، كانت تتراوح بين الشلل والعجز، أو الاكتفاء بإصدار مواقف لفظية ومناشدات مجردة. وفي بعض الأحيان صدرت مواقف بالغة السلبية والضرر عن قيادة السلطة، وصلت إلى حد الدعوة إلى محاسبة قيادة المقاومة، والادعاء بأن المقاومة هي التي منحت إسرائيل ذرائع لتنفيذ حرب الإبادة، والأنكى من ذلك القيام بحملات قمع في الضفة، مثل الحملة الأمنية في جنين، وتنفيذ اعتقالات سياسية بشكل واسع. مما سبق نستنتج أن دور السلطة في مواجهة حرب الإبادة، كان محدودا بل وسلبيا، وهي التي امتنعت عن تنفيذ قرارات الإجماع الوطني في ظروف كانت أكثر ملاءمة، أو لأن السلطة محكومة بعقلية أنها مطالبة بإثبات جدارتها وحسن سلوكها لكي يتم قبولها، مع أن الأحداث تثبت أنه كلما أظهرت السلطة استعدادا للتنازل والتكيف مع المخططات الجارية، كلما تعرضت لمزيد من الضغوط، كما نرى في ممارسات إسرائيل في الضفة. حين نتحدث عن الإصلاح يجب أن نشير إلى مصدرين لهذه الدعوات، وهما مصدران متناقضان ومتنافران. فهناك الدعوات الصادرة عن قوى وفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، وشخصيات فلسطينية وهيئات أهلية وأكاديمية، وكلها دعوات تطالب ببناء الوحدة الوطنية، ودمقرطة مؤسسات منظمة التحرير، وترتيب البيت الفلسطيني. ولكن هناك في المقابل دعوات أخرى على شكل ضغوط أميركية وأوروبية تدعو لإصلاح من نوع آخر، وهو إصلاح يلبي الشروط الأميركية الأوروبية، القريبة بل المتطابقة مع الشروط الإسرائيلية، من قبيل إصلاح المناهج، والمالية العامة ومنع التحريض، واختيار نائب رئيس، ومكافحة الفساد (مع أن الفساد مسكوت عنه إذا كان في صالح تعزيز السيطرة الإسرائيلية). من الواضح أن إسرائيل لن توافق على إجراء الانتخابات في القدس، فضلا عن استحالة إجرائها في غزة، وكذلك الحال في الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، وخاصة الأردن وسوريا ولبنان. فيما يتعلق بخيار حل السلطة، أعتقد أنه غير واقعي أو منطقي؛ لأن خيار حل السلطة قد يضر الشعب الفلسطيني أكثر مما يحرج إسرائيل والمجتمع الدولي، وإسرائيل بالمناسبة لديها خيارات جاهزة كي تستخدمها بدائل للسلطة، من قبيل عصابات أبو شباب، أو بعض الأطراف الإقليمية أو العربية، وحتى إمكانية التعامل المباشر مع مجالس محلية بلدية وقروية منتخبة. وهناك اتجاه يتنامى في صفوف اليمين الإسرائيلي يدعو صراحة إلى تقويض السلطة، مع أن الاتجاه المركزي في إسرائيل ما زال يريد سلطة ضعيفة خاضعة، تعفيه من أعباء التعامل مع ملايين الفلسطينيين. بتقديري المطلوب حاليا تغيير وظائف السلطة وليس حلها، أي حصر وظائف السلطة في الجوانب الخدمية، وبمعزل عن الدور الوطني والسياسي والمفاوضات التي يجب أن تكون من اختصاص منظمة تحرير موحدة تضم الجميع. والمطلوب هنا جملة من الخطوات والإجراءات، بعضها سياسي مركزي، وبعضها عملي تنفيذي، ويمكن البدء بتنفيذ الجوانب العملية الملحة الواردة في اتفاق بكين، وأبرزها تفعيل هيئة إصلاح، والتي يمكن أن تضطلع بدور الهيئة القيادية المؤقتة للمنظمة التحرير وإعادة بنائها تحضيرا للدعوة لانتخابات شاملة. أما بالنسبة للإجراءات، فأعتقد أن الأولوية القصوى هي لوقف حرب الإبادة، وإغاثة شعبنا في غزة، واضطلاع قيادة المنظمة بدور رئيسي في الجهود من أجل وقف الحرب وإغاثة غزة، وذلك على قاعدة توافق وطني تستند لقرارات الحوار وليس لشروط تعجيزية. من الخطوات العملية إعادة الاعتبار لدور الحركة الجماهيرية، من خلال تنظيم فعاليات موحدة في كل المحافظات، وتركيز الجهود على مواجهة انفلات المستوطنين وعربدتهم، ونصرة غزة وإغاثتها، بالإضافة لقضايا القدس والمستوطنات واللاجئين، وقضايا الحريات العامة والديمقراطية، وهي مهام تفرض نفسها على تجمعات شعبنا في الشتات أيضا. ومن المهام الملحة كذلك، إعادة بناء جميع الاتحادات الشعبية والنقابات المهنية والعمالية على أسس ديمقراطية صحيحة، بعيدا عن أشكال "التواطؤ" بالكوتا. لا أعتقد أن من حقنا كمثقفين أو محللين أو ناشطين، أن نتخلى عن مطلب الوحدة الضروري والحيوي، صحيح أن هناك عقبات جدية تعترض الوحدة، ولكن تحقيق الوحدة في حد ذاته، هو عملية نضالية تراكمية مستمرة، وهي ليست مرهونة، ولا ينبغي أن تكون مرهونة، بقناعات الأطراف المختلفة، بل هي مسؤولية كل القوى المجتمعية والأهلية، وليست مسؤولية الفصائل فقط. أعتقد أن السلطة أفقدت نفسها كل الخيارات، ووضعت نفسها بعيدة عن القدرة على المناورة، فمن عمق حالة الانقسام الذي كان قائما، هو عدم تنفيذ اتفاق بكين، فقد كان بمثابة الفرصة التي كان يمكن من خلالها دعوة العالم للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الواحد والموحد، وبرنامج سياسي مقاوم متفق عليه. ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح؛ لأن واقع الحال والصراعات الداخلية طغت على المأساة والوجع. وبالتالي أفقدت السلطة ومنظمة التحرير والقوى المنضوية تحتها تعددية الخيارات. أيا كانت المحاولات الفلسطينية لإيجاد نظام سياسي جديد، فإنه يبقى هناك معيق أساس متمثل في الاحتلال الإسرائيلي. فما أطلقه نتنياهو بمعارضة حكم فتح أو حماس، يؤكد أن لا وجود في عقلية الاحتلال لأي جسم أو مظلة سياسية فلسطينية، وهذا الموقف للأسف مدعوم من قبل الدول الغربية التي تدعم الاحتلال. لست مع خيار حل السلطة بهذا التوقيت، لأنه سيمنح فرصه للاحتلال لتبرير أي فعل يريد، بل علينا أن نحميها ونقويها، فنحن أمام أشكال متعددة من الكفاح بما فيها الكفاح السياسي والدبلوماسي، فالعالم اليوم يقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإنه بدلا من أن نلغي السلطة يجب أن نستخدمها كرافعة معترف بها. المطلب الأساس والوحيد الآن، ليس أن يتحد الفلسطينيون بالمعنى التنظيمي، بل الاتحاد بالمعنى السياسي على برنامج وطني، وبالشعار الذي يمكن أن يشكل عنوانا لهذه المرحلة، فهو بحاجة إلى برنامج وطني سياسي كفاحي يوحد الجميع. هذا يمكن أن يكون رافعة للعمل السياسي، وبشكل مواز للعمل الكفاحي، ودعوة المجتمع الدولي والضغط عليه لتنفيذ خطوات فاعلة ضد الاحتلال. ودون أن نكون بهذه الصورة وبهذا البرنامج، فإننا سنكون أمام كارثة، فالإرادة الوطنية الفلسطينية هي التي يمكن أن تمنحنا القدرة على أن نخطو إلى الأمام، ما عدا ذلك سنبقى مشتتين وتائهين، ونتلقى كل هذه الضربات والاستهدافات.

الأردن يدين تجميد إسرائيل حسابات بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس
الأردن يدين تجميد إسرائيل حسابات بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

الأردن يدين تجميد إسرائيل حسابات بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس

أدان الأردن، أمس السبت، بأشد العبارات تجميد إسرائيل حسابات بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس ، معتبرا ذلك انتهاكا للوضع التاريخي والقانوني القائم في مقدسات المدينة المحتلة. وفي بيان لوزارة الخارجية، أكد الأردن رفض المملكة المطلق وإدانتها الشديدة للإجراءات الإسرائيلية غير القانونية، في ظل تواصل اعتداءاتها على المدن الفلسطينية ومقدساتها في القدس المحتلة، في انتهاك فاضح للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وشددت وزارة الخارجية الأردنية على أن لا سيادة لإسرائيل على الضفة الغربية ومقدساتها العربية الإسلامية والمسيحية. وجددت دعوة المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وقف عدوانها على قطاع غزة بشكل فوري. كما دعت إلى وقف إجراءاتها الأحادية اللا شرعية في الضفة الغربية المحتلة، وانتهاكاتها للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني. والجمعة، قالت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، في بيان، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أقدمت الخميس، على تجميد حسابات البطريركية، وفرض ضرائب باهظة على ممتلكاتها، في خطوة تهدد قدرتها على تقديم خدماتها الروحية والإنسانية والمجتمعية، وتشكل خرقا فاضحا للوضع القائم التاريخي، وانتهاكا صارخا للقانون الدولي والاتفاقيات المعمول بها. وفي السنوات الأخيرة صعدت السلطات الإسرائيلية من إجراءاتها بمطالبة الكنائس التاريخية في القدس بدفع ضرائب. كما تقول الكنائس إن السلطات الإسرائيلية تسهل استيلاء جماعات استيطانية إسرائيلية على ممتلكات كنسية في المدينة كما يحدث في منطقة باب الخليل بالبلدة القديمة في القدس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store