
الأوركسترا الشرق-عربية بقيادة أندريه الحاج تتجلى في إهدن مع جهاد عقل كمانًا وندين عواد غناءً (صور)
تجسّد هذه الاستراتيجية إيماناً راسخاً بأن الموسيقى ليست ترفاً، بل هي ركيزة أساسية في بناء الهوية الوطنية وتعزيز التماسك الاجتماعي. فمن خلال حضور الكونسرفتوار بأوركستراته العريقة وموسيقييه المبدعين في كل منطقة ومدينة، يسعى المعهد إلى مد جسور التواصل الفني والثقافي. وقد كانت هذه الأمسية في إهدن خير دليل على هذه الرؤية الثاقبة، حيث اجتمع جمهور الموسيقى ليشهد سموّ الفن في أبهى صوره.
افتتحت الأمسية بالنشيد الوطني عزفاً، وتلاه عرض فيديو عن "مشروع أجيال"، ثم كانت كلمة لرئيسة الكونسرفتوار الدكتورة هبة القواس ألقتها نيابةً عنها، لغيابها بداعي السفر، المستشارة الإعلامية في الكونسرفتوار الشاعرة ماجدة داغر، وجاء فيها:
"باسم رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى الدكتورة هبة القواس وباسمي شخصياً كفردٍ من هذا الصرح التعليمي والفني والثقافي العريق، أقف اليوم أمامكم في قلب إهدن الشامخة، هذه البلدة التي لطالما كانت منارة للعلم، وواحة للثقافة. نحن هنا لنشاركَكم هذه اللحظة الموسيقية البهية، التي تجمعنا على ضفاف النغم الساحر، وتنسج من خيوط الإبداع المتجدد وشاحاً يكلّل أرواحنا.
يسعدنا هذا التعاون الملهِم مع جمعية " مشروع أجيال"، الذي يجسد إيماننا الراسخ بأن الفن هو الجسرُ الأسمى للتواصل بين الأجيال، والخيطُ الذهبي الذي ينسج وشائج التآلف بين الثقافات. فمن خلال لقائنا الليلة، نؤكد مجدداً أن الموسيقى هي لغةٌ كونية لا تعرف حدوداً، ولا تعترف بالحواجز، وهي قادرةٌ على توحيدنا وإلهامنا في لحظات من السمو الروحي والإبداع المتجدد. إنها دعوة مفتوحة للتلاقي، للتفاعل الوجداني، ولرسم لوحة فنية مشتركة تسكن أعماق الوجدان وتُخلَّد في صفحات الذاكرة".
وأكملت السيدة ماجدة داغر حديثها قائلة: "ومن هذا المنبر، نؤكد على أهمية الشراكات الثقافية والفنية التي تثري نسيجَ مجتمعنا. إنّ لقاء الجهود بين الكونسرفتوار و"مشروع أجيال" هو نموذج يحتذى به لكل من يؤمن بقوة الفن في بناء الإنسان وصقل النفوس وتشييد صروح المجتمعات الراقية، وخلق مساحات رحبة للتعبير الصادق والارتقاء بالذائقة الفنية على مساحات أرجاء الوكن، لتكريسِ الرسالة الثقافية التي يضطلع بها الكونسرفتوار الوطني، وهي نشر الموسيقى والثقافة في أبعد نقطة من لبنان. فصرحنا الثقافي الوطني الرائد يسعى جاهداً إلى نشر الوعي الفني والموسيقي في كل بقعة من الوطن، مؤمنين بأن الفن ليس مجردَ رفاهية تضاف إلى الحياة، بل هو حقٌّ أساسيُّ أصيل للجميع، وأنه أداةٌ رئيسية وفعالة في بناء مجتمعٍ مثقفٍ، واعٍ، ومتحضر، حاضرٍ لتقدير الجمال والإبداع في أسمى صُوره وأبهى تجلياته".
وأضافت السيدة ماجدة داغر: "يسعدُنا ويشرفنا أن نكون في إهدن اليوم مع الأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق -عربية، بقيادة المايسترو أندريه الحاج، الذي لطالما أثرى المشهد الموسيقي اللبناني والعربي برؤيته الفنية المختلفة وإبداعاته التي لا تُحدّ. كما سيتوِّج الحفلَ اليوم حضورُ عازف الكمان العالمي، المبدع جهاد عقل، ليضيفَ إلى هذه الأمسية بعداً فنياً عالمياً يمزج ببراعةٍ فائقة بين عراقة الأصالة وروح المعاصَرة المتألقة. وتزيد هذه الأمسية بهاءً ورونقاً مشاركةُ الفنانة ندين عواد، التي تحمل بصوتها الآسر عبقَ الأصالة والرّقي. ختاماً، نودّ الإشارة إلى أن حضورَ الكونسرفتوار الليلة في إهدن، سيكون بدايةً لتعاون مقبل من خلال أمسيات وحفلات نسعى أن نقدمها هذا الصيف، مع أوركستراتنا الشرقية والغربية ومع الأنسمبلات الموسيقية المتنوعة، على أن يكونَ هذا التعاون بمثابةِ تقليد دائم تكريساً لدور منطقة إهدن العزيزة على قلوبنا جميعاً".
في قلب هذا المشهد الموسيقي، الذي نُقل مباشرة عبر شاشتَي "تلفزيون لبنان" وLB2 تألقت الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق- عربية كياناً فنياً متكاملاً يحمل على عاتقه إرثاً حضارياً عريقاً، فأثبتت تحت قيادة المايسترو القدير أندريه الحاج، أنها مرآة تعكس الروح اللبنانية الأصيلة، وتجسّد دقة الأداء التقني وعمق الإحساس الفني الذي تتميز به الموسيقى العربية. كل قسم في الأوركسترا – من أوتار العود والقانون الحانية، إلى الإيقاعات، ومروراً بالنسيج الغني للآلات الوترية – عزف بنفَس واحد، ليرسموا معاً لوحة صوتية تأخذ المستمع في رحلة عبر الوجدان وعبق الموسيقى اللبنانية والعربية المعاصرة.
فمع قيادة المايسترو الحاج، التي تتسم بالوقار والعمق الفني، كانت التوجيهات عبارة عن حوار صامت ومدروس بينه وبين كل موسيقي. فاستطاع أن يستخلص من كل آلة أعمق مشاعرها وأبهى تعبيراتها، محولاً النوتات المكتوبة إلى نغم ملهم مقترن بحدسه الموسيقي الذي أسفر عن أداءٍ فنّي وتقني محترف. بالإضافة إلى بصمته المعتادة في إشراك الجمهور في غناء بعض الأعمال من البرنامج، مما أضفى حيوية ونبضاً مختلفاً على الحفل، كما حدث مع أغنيتي "قديش كان في ناس" و"بكتب إسمك يا حبيبي" اللتين أمتعتا الحضور بالمشاركة غناءً مع الأوركسترا، وبمرافقة كورال القسم الشرقي في المعهد تحت إدارة السيدة عايدة شلهوب.
وفي إطلالته المميزة، أضاف عازف الكمان المبدع جهاد عقل طبقة أخرى من البريق إلى الأمسية. كعازف منفرد، أظهر عقل براعة فنية عالية، تمزج بين التقنية والإحساس الموسيقي. ناسجاً من كمانه خطوطاً لحنية رشيقة، ترقص، أحياناً فوق العزف الأوركسترالي، ومنفردةً أحياناً أخرى لتكون صوتاً إضافياً يروي حكايات نغمية. مظهراً قدرةً جاذبة على إيصال اللحنين اللبناني والشرقي الأصيلين في مقطوعات "حياتي"، "طريق النحل"، "حبيتك تنسيت النوم" و"أول همسة" في القسم الأول، و"على قد الشوق"، "التوبة"، "إنت عمري"، و"دارت الأيام" في القسم الأخير، ما حصد تفاعلاً كبيراً مع الحضور المتعطش دوماً إلى الفن الذهبي مع موسيقيين عرفوا كيف يحافظون على أصالة الموسيقى ومواكبة المعاصرة في آن واحد.
وبصوتها الذي يمزج بين الرزانة والرقة، والرهافة والامتلاء بانسجام فريد، أضفت الفنانة المتألقة ندين عواد بعداً آخر من نبل الغناء على الأمسية. صوت عواد، حمل على جناحيه ألحان عبد الوهاب ومنير مراد والموجي، في توليفة للعندليب الأسمر "أهواك"، "أول مرة"، و"كامل الأوصاف"، متميزةً بقدرة أكاديمية وعمق شعوري، إلى جانب تحكمها الصوتي وأدائها التعبيري الآسر. فكان صوتها جسراً يوصل روح الموسيقى إلى الجمهور بأناقة لافتة وخَفر موحٍ وهدوءٍ واتزان، بعيداً من الافتعال.
وفي لفتة وطنية مؤثرة، وزعت الأعلام اللبنانية على الحضور، الذي شارك في الختام، مع الأوركسترا والمايسترو والفنانين وكورال القسم الشرقي في الكونسرفتوار، ملوّحاً بالأعلام على وقع أغنيتي راجع يتعمر وتسلم يا عسكر لبنان، كبيان موسيقي دائم للانتماء الوطني والولاء الأبدي لأرض لبنان من جبله الشمالي، من إهدن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صيدا أون لاين
منذ 35 دقائق
- صيدا أون لاين
صيدا تستعد لمهرجاناتها السياحية بنسختها السادسة واللجنة المنظمة تتابع التحضيرات على رصيف المرفأ القديم
انطلقت على رصيف مرفأ صيدا القديم وعند أسوار قلعتها البحرية التحضيرات الميدانية لمهرجانات صيدا السياحية 2025 التي تنظمها اللجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية خلال الفترة من 6 الى 9 آب 2025 . بعد انقطاع قسري لسنوات كبرنامج متكامل ( منذ العام 2019 ) ، ولعامين بعد حفل واحد أحياه الفنان غي مانوكيان في العام 2023 في خان الإفرنج، تعود مهرجانات صيدا الدولية اليوم لتتوج بها اللجنة المنظمة مسيرة سنوات من الإنجاز والتميز ، بإرادة واصرار من رئيسة وعضوات اللجنة على نشر ثقافة الحياة التي باتت شعاراً يلازم المهرجانات منذ اعادة احيائها رسمياً في العام 2016 ، بمبادرة من 12 سيدة سطرن طيلة خمسة مواسم سابقة قصة نجاح للمهرجانات وبدعم من فاعليات المدينة، وبهدف اعادة وضع صيدا على الخارطة السياحية في لبنان عبر تسليط الضوء على ما تمتلكه من مقومات طبيعية ومن مخزون تاريخي وتراثي والمساهمة في تحفيز النشاط السياحي والإقتصادي فيها . والى البرنامج الغني والمنوع ، يميز المهرجانات هذا العام عودتها الى بحر صيدا ومحيط قلعتها بعد نسخة العام 2019 التي أقيمت أمام مدخل القلعة ، لكن هذه المرة في موقع اكثر التصاقاً بالبحر على رصيف المرفأ القديم بمحاذاة حوض ميناء الصيادين ، وقبالة واجهة المدينة القديمة النابضة بتاريخ وتراث يحكي قصص حضارات مرت عليها وبينهما بولفارها البحري بما يشكل من شريان حياة يضخ حركة رواد وزوار الى قلب المدينة ومرافقها السياحية . ويتضمن برنامج المهرجانات هذا العام: في الليلة الأولى 6 آب أمسية موسيقية غنائية استثنائية بعنوان "راجعين بلحن جديد" بالشراكة مع اوركسترا المعهد الوطني العالي للموسيقى " الكونسرفتوار" برئاسة الدكتورة هبة قواس وبقيادة المايسترو أندريه الحاج ومشاركة الفنان المتميز غسان صليبا، وفي الليلة الثانية في 7 آب حفلاً فنياً تحييه الفنانة نانسي عجرم في اطلالتها الثانية على جمهور مهرجانات صيدا منذ انطلاقتها، وفي الليلة الثالثة في 8 آب امسية عزف موسيقية لفرقة " أيام الليرة " ، وتتوج المهرجانات في ليلتها الأخيرة في 9 آب بحفل يحييه الموسيقار الكبير الفنان مارسيل خليفة الذي تربطه بصيدا ذكريات وأغنية تحولت أيقونة رسخت في ذاكرة أجيال ومناضيلن، هي اغنية " يا بحرية هيلا هيلا". وعلى بعد أيام من موعد انطلاقتها ، أشرفت رئيسة اللجنة الوطنية لمهرجانات صيدا الدولية نادين كاعين وأعضاء اللجنة على ورشة تأهيل وتحضير الموقع الذي ستقام فيه على رصيف مرفأ صيدا القديم وتأهيل بوابته الرئيسية بالتعاون مع ادارة المرفأ ، وشملت هذه الورشة حتى الآن تنظيف الرصيف بالتعاون مع شركة NTCC ورفع ونقل الصخور والآليات التي كانت عليه بالتعاون مع الوكلاء البحريين" ترياقي وبشاشة ورنو"، وتحضير وتمهيد الأرض بالتعاون مع شركة دنش. على أن تستكمل بقية الأعمال تباعاً قبل البدء بتركيب المسرح والمدرجات التي ستستقبل اكثر من ألفي شخص في كل ليلة .

LBCI
منذ ساعة واحدة
- LBCI
"استثنائي ومتمرد"... زاهي وهبي في حديث عن أهمية إرث زياد الرحباني: هذا ما قاله للـLBCI (فيديو)
استضافت الإعلامية ندى اندراوس في هذه الحلقة الخاصة من البرنامج الصباحي "Morning Talk" الإعلامي والشاعر زاهي وهبي للحديث عن الفنان الراحل الكبير زياد الرحباني. وفي التفاصيل، تحدث زاهي وهبي عن إرث زياد الرحباني والرحابنة وأهميته، حيث اعتبر أنه من الضروري أن يُدرّس في المناهج الدراسية. واعتبر زاهي وهبي أنه من الضروري الحفاظ على هذا الإرث وأن يكون متاحًا أمام الطلاب والجامعات والنقاد، لدراسة أهميته. وقال زاهي وهبي إن زياد الرحباني انطلق من المؤسسة الرحبانية لكنه تمتع بهوية فنية لا تشبه سواها، واصفًا إياه بالاستثنائي والمتمرد. وتحدث زاهي وهبي عن رقيّ السيدة فيروز في مختلف المواقف وخصوصا الحزن، وتكلّم عن مدى ذكائها وسرعة البديهة التي تتمتع بها وحبّها للحياة والناس.


LBCI
منذ ساعة واحدة
- LBCI
وزير الثقافة للـLBCI: لا سوابق رسمية لإعلان الحداد أو تنكيس الأعلام على رحيل فنان..والوزارة تضع نفسها بتصرّف ورثة زياد
رأى وزير الثقافة غسان سلامة أن "الراحل زياد الرحباني كان ظاهرة استثنائية، وهو جزء لا يتجزّأ من السردية الرحبانية الغنيّة في كلّ العالم العربي والمشرق". وقال في حديث للـLBCI "وزارة الثقافة رافقت أحوال زياد الرحباني الصحيّة، وحاولت نشله من صعوباته الصحية، وقدمت الدولة واجب العزاء كما منحت وسام الارز من درجة كومندور لعائلته". واضاف "تكريم الراحل زياد الرحباني لن يتوقّف فهذا المساء سنفتتح "ليلة المتاحف" في وزارة الثقافة بتحيّة له من المتحف الوطني، كما سيُفتتح مهرجان السينما في أيلول بيوم مخصّص لأعماله، ونبحث في تنظيم تكريم أوسع له خلال فصل الخريف". وتابع " وزارة الثقافة تضع نفسها بتصرّف ورثة الراحل زياد الرحباني كونهم أصحاب الحقوق الفكرية لأعماله، وإذا رغبوا في تخليد إرثه فلهم الحق الكامل وفي حال أوكلوا هذه المهمة إلى الدولة فإن الوزارة مستعدة وجاهزة لذلك برغبة كاملة وإمكانات متوفّرة". وعن مطالبة جمهور الراحل بيوم حداد على روحه، علّق سلامة " المطالبة بيوم حداد تعكس محبة جمهوره وحماستهم، وهو أمر مشروع ومحترم، لكن لا سوابق رسمية لإعلان الحداد أو تنكيس الأعلام عند رحيل فنان إذ لم يحصل ذلك حتى مع رحيل كبار كوديع الصافي وصباح وأفهم الحماسة لكن يجب أن نتعامل مع الأمر بواقعية".