
الرحيمي يكتب: خطاب الملك.. عبارات تعزف على وتر السلام
جفرا نيوز -
بقلم: مفلح الرحيمي الحراحشة
حين اعتلى جلالة الملك عبدالله الثاني منصة البرلمان الأوروبي يوم السابع عشر من حزيران 2025، لم يكن مجرّد زعيم يخاطب العالم من قلب أوروبا، بل كان إنساناً يبوح بما يختلج في ضمير البشرية جمعاء. لم تكن كلمات الملك مجرّد خطاب سياسي، بل كانت مرآة لقيم الأردن وهويته الأخلاقية التي تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة.
بدأ حديثه باسم الله، ففاح من عباراته أولاً عبق الطمأنينة، كأن قلوب الأوروبيين وجدت في تلك البداية مفتاحاً لفهم رجل لا يمثل دولة فحسب، بل يُجسّد ضمير أمة ووصيّة تاريخ.
توالت عباراته، ومع كل جملة كان يلامس الأرواح. بشكره لرئيسة البرلمان وأعضائه، زرع في القاعة بسمة متواضعة، خفيفة على القلب، ثقيلة في معناها. لقد وقف ملك، ووقف له التاريخ معه. وقف له البرلمان الأوروبي، تصفيقاً لا يُجيد تقديمه إلا من أنصت بصدق وتأثر بعمق.
حين تحدث عن الصراعات التي مرت منذ خمس سنوات، وعن الاضطرابات السياسية والتكنولوجية، كان كمن يروي الحكاية عن قرب، بشفافية من عاش الألم وعرف الدرس. لم يكتفِ بالتشخيص، بل قدّم وصفة أخلاقية عنوانها أن القيم هي البوصلة في عالم ضاع فيه الاتجاه.
عباراته لم تكن صدى ماضي، بل كانت حواراً مباشراً مع الحاضر، ونداءً للمستقبل. "إن العالم يفقد بوصلته الأخلاقية'، قالها الملك، فاهتزت لها النفوس، ليس من وقع التحذير بل من صدق التجربة. لم يتحدث بصوت القوة، بل بقوة الصدق.
كل فقرة من خطابه كانت نبضة إنسانية: عن أهمية الرحمة، عن جوهر السلام، عن حقوق الشعوب، عن القدس، عن غزة، عن أطفال العالم الذين يستحقون العدل والأمان. كانت كلماته كأنها صلاة، دعاءٌ سياسي بملامح إنسانية، يختزل في مضمونه مشاعر الأرض التي تقف دوماً مع المظلومين.
وعندما قال إن الأمن لا يصنعه السلاح بل القيم، كانت عبارته تعزف على وتر السلام العالمي، في زمن تكاد الأصوات المعتدلة تغيب فيه. تحدث عن أوروبا ليس كمن يُلقي دروساً، بل كمن يمتدح تجربة ويشجع على البناء فوقها بشراكة نزيهة. أوروبا عنده ليست الآخر، بل الشريك، والصديق، والمسؤول في لحظة الحقيقة.
أما حين أشار إلى القدس والوصاية الهاشمية، فقد قالها بثقة العارف بتاريخه، المدافع عن إرثه، والمُصرّ على أن المقدسات ليست مجرد حجارة، بل روح وهوية ورسالة حضارية.
اختتم جلالته خطابه كما بدأه: بمزيج من الإيمان والواقعية، بالتفاؤل لا بالوهم، بالحكمة لا بالشعارات. دعا إلى الأمل، لا كترف شعري، بل كضرورة سياسية وأخلاقية. قدّم الأردن شريكًا للعالم لا يبحث عن مصلحة ضيقة، بل عن مستقبل مشترك يستحق أن يُبنى.
ذلك اليوم لم يكن مجرد خطاب في سجل البرلمانات، بل لحظة وقف فيها التاريخ احتراماً لملك يتقن فن الكلام بقدر ما يتقن فن الصمت النبيل. وقف له النواب لأنهم رأوا فيه ليس فقط زعيمًا، بل ضميرًا متحدثًا باسم الإنسان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
نفخر ونعتز بخطاب جلالة الملك في البرلمان الأوروبي
كلنا فخر واعتزاز بالترحاب الحار اثناء استقبال رئيسه الاتحاد البرلماني الاروبي واعضاء البرلمان لجلاله الملك والذي يجسد الاحترام الكبير لجلالته بما يحمله من سداد الرأي وصدق المواقف والقيم العاليه والنبيله التي تهدف الى اعلاء قيم الحريه والعداله ومحاربه الظلم والتطرف وبناء فكر جمعي عالمي يستند على المحبه والتسامح والاحترام. فقد أكد جلاله الملك في خطابه الشهير امام النواب الاروبيين على الكثير من المعاني والقيم العاليه على المجتمع الدولي ان يتحلى بها لانها المنطلق الرئيسي لحياه الشعوب والعيش بسلام واستقرار، كما شدد جلالته على بند الحروب والصراعات التي انهكت العالم. حيث شكل خطاب جلالته نداءاً عالمياً بتذكير المجتمع الدولي وقاده العالم بأن الأنسانيه والبناء والتقدم لا تقام ألا بالعداله والابتعاد عن العنف والتسلط. وذّكر جلالته قبل هذا التاريخ كان قد تحدث في هذا المكان عن الحاجه الملحه لايجاد حلول للصراعات، واستعاده الثقه بالعداله الدوليه وان الامن للعالم لايستقيم بقوه الجيوش بل بقوه القيم المشتركه وأن السلام الذي تفرضه القوه لا يدوم، ولما كانت القضيه الفلسطينيه حاضره في فكر جلالته يحملها في كل المحافل الدوليه اذ ان السلام لايمكن ان يتحقق بدون قيام دوله فلسطينيه لشعب مضى على معاناته عقوداً طويله وكما ذّكر جلالته بمعاناه اهل غزه والتي خذلها العالم ومضى عليها اكثر من عشرين شهراً. وتساءل جلالته كيف يعقل ان نسمح بان يصبح ما لم يكن يتصوره امراً اعتيادياً باُن تستخدم المجاعه كسلاح ضد الاطفال والمدنيين او استهداف العاملين بالقطاع الصحي والصحفي وان ما يحدث في غزه اليوم يتنافى مع القوانين الدوليه والمعايير الاخلاقيه. كما أكد جلالته في خطابه التاريخي بأن إيمان الاردن بالقيم المشتركه بين جميع الديانات السماويه متجذر في تاريخنا وتراثنا وهو ما تؤكد عليه مبادئنا المبنيه على التسامح والاحترام المتبادل وهذه القيم تترجم في الوصايه الهاشميه على المقدسات الاسلاميه والمسيحيه والتي تعهدنا بحمايه هويتها التاريخيه متعدده الاديان من اي اعتداء مستنداً جلالته في خطابه الى عمق ديني وتاريخي واخلاقي مذكراً العالم بالعهده العمريه للخليفه العادل عمر بن الخطاب والتي امر بها اهل القدس المسلمون احترام اماكن العباده المسيحيه وعدم ايذاء كاهن او طفل او شيخ وكيف ان المبادئ الاسلاميه التي وثقتها العهده العمريه قبل الف عام هي نفسها التي اعتمدتها اتفاقيه جنيف لحمايه المدنيين في زمن الحروب. ان خطاب جلاله الملك لم يكن موجهاً الى اوروبا بل الى جميع دول العالم لتقوم بواجباتها في العمل على احترام حقوق الانسان والاًستناد الى قيم العداله ورفض الظلم والتطرف ، وان خطاب جلالته سيسجل بأنه افضل ما كتب وما قيل عن خارطه طريق يعيش فيه العالم في امن وسلام ومحبه وتسامح وحياه بعيده عن الحروب والنزاعات يحكمها ميزان العداله لا ميزان القوه. حفظ الله جلاله مليكنا قائداً ملهماً وهو يرفع رؤوسنا عالياً في جميع انحاء العالم ، حاملاً رسائل الخير والمحبه والسلام لبني البشر جميعا.

عمون
منذ 2 ساعات
- عمون
نفاخر بك الدنيا ..
في لحظة تختزل معاني الكرامة والمسؤولية التاريخية، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، مخاطبًا العالم بلغة الحكمة والحق. لم يكن الخطاب مجرد موقف سياسي أو دبلوماسي، بل كان نداءً إنسانيًا من قلب قائدٍ يحمل همّ أمته، وينطق بلسان شعبه، ويعبّر عن ضمير أمة ما زالت تنشد العدل في زمن التنازلات. كلمات جلالته كانت واضحة، صادقة، وحازمة. حملت في طياتها رسالة أخلاقية قبل أن تكون سياسية، وأكد فيها أن السلام لا يمكن أن يُبنى على الخوف، ولا أن يُفرض بالقوة، وأن العدالة هي الأساس لأي استقرار دائم. الملك عبدالله الثاني، الذي لطالما عبّر عن مواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، أعاد أمام أوروبا التأكيد على حق الفلسطينيين في نيل حريتهم وإقامة دولتهم المستقلة. تحدث عن معاناة غزة، والانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية، وذكّر العالم بأن الإنسانية لا يمكن أن تتجزأ، ولا أن تخضع لمعايير مزدوجة. كما شدد جلالته على أهمية حماية القدس ومقدساتها، مجددًا دور الأردن التاريخي كوصي على الأماكن المقدسة، وكمصدر للتوازن والاعتدال في محيط مضطرب. خطاب الملك لم يكن دفاعًا عن قضية واحدة، بل دفاعًا عن القيم التي يجب أن توحد الشعوب: الحرية، الكرامة، والعدل. كانت كلماته بمثابة مرآة تعكس واقعًا مؤلمًا، لكنها أيضًا تزرع الأمل بأن صوت العقل لا يزال حاضرًا، وأن المبادئ لا تموت مهما اشتدت العواصف. لقد عبّر جلالته عن الأردنيين جميعًا، وعن كل عربي حر، وعن كل إنسان يؤمن بالحق والعدالة. ولأننا نعرف من هو مليكنا ، نرفع رؤوسنا فخرًا ونقول: نحن نفاخر بك الدنيا يا سيدي، لأنك صوت من لا صوت له، وضمير من سكت عنهم العالم. حمى الله الأردن، وحمى مليكه المفدى.


أخبارنا
منذ 2 ساعات
- أخبارنا
القس سامر عازر يكتب : فخر بكوننا موطنًا لموقع عمّاد السيد المسيح، وبلدنا المسلم موطنًا لمجتمع مسيحي تاريخي
أخبارنا : القس سامر عازر حين وقف جلالة الملك عبدالله الثاني في قلب البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ يوم الثلاثاء ٢٠٢٥/٦/١٧، لم يكن فقط يُقدّم خطابًا سياسيًا، بل شهادة حيّة عن الأردن، وطن الرسالة والكرامة، حين قال: "نفخر بكوننا موطنًا لموقع عمّاد السيد المسيح، وبلدنا المسلم موطن لمجتمع مسيحي تاريخي... ". هذه الكلمات تختصر هوية وطننا، وتنبض الحقيقة التي نحياها يوميًا في هذا الشرق المتعب، بأنَّ أرضنا المقدسة ما زالت تحمل في عمقها جذور اللقاء، لا الصراع، ورسالة الرجاء، لا اليأس. نحن، أبناء هذا البلد المبارك، نعرف أنَّ مياه نهر الأردن لم تكن مجرد مجرى مائي، بل حبلًا سريًا يربط الأرض بالسماء، حين جاء السيد المسيح ليعتمد من يوحنا المعمدان في بيت عنيا عبر الأردن، فتقدّس الماء، وانفتحت السماوات، وامتلأت الأرض من مجد الرب. هذا الموقع، الذي نعتز به كأردنيين، ليس مجرد شاهد على حدث تاريخي، بل هو مرآة تعكس هوية بلدنا الروحية، ومكانة الأردن الدينية، وحالة الوئام الديني والعيش المشترك. ونغمة هذا الخطاب تتجلّى بأنَّ التعددية بأبعادها هي ثروة وغنى، ففي أردنّنا نُصغي لصوت الأذان ونرنّم للميلاد في آنٍ واحد. نحتفل معًا بالأعياد، ونحزن معًا حين يُصاب الجسد الوطني، وننهض معًا لأننا نؤمن أننا عائلة واحدة في وطن واحد، لا تفصلنا المذاهب ولا تقسمنا الأديان، بل يجمعنا حبّ الله، ووحدة المصير، وكرامة الإنسان. والمسيحيون في الأردن، كما يؤكد الملك دومًا، ليسوا ضيوفًا، ولا أقليّة، ولا هامشًا. إنهم جزء أصيل من نسيج هذه الأرض، شركاء في بناء الدولة، وفي حفظ القيم، وفي الدفاع عن العدالة. إنهم شهود للعيش المشترك، ومواطنون يعملون في الخدمة العامة، والتربية، والرعاية الصحية، والدفاع عن الوطن، حاملين مع إخوتهم المسلمين أمانة الوطن، وراية المحبة. وفي عمق هذا الخطاب نجد الدعوة لمواجهة خطاب الكراهية والتطرّف الذي يفتك بالعالم، فالصراع ليس بين المسلمين والمسيحيين، بل صراعا بين قوى الإعتدال والتطرف، وبين من يقيمون ورنا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني من جانب وبين من يتبعون ازدواجية المعايير من جانب آخر. وها نحن في الأردن نؤكد، بالفعل لا بالقول فقط، أن التلاقي بين الأديان ممكن على قاعدة المحبة والقيم المشتركة، وأن الاحترام المتبادل ليس شعارات، بل ممارسة نعيشها ونورثها لأبنائنا. وقد حمل جلالته، كما العادة، أمانة القدس، حين قال: "إننا نتحمل كهاشميين مسؤولية حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس." إنها وصاية لا تُمارَس من منطلق السياسة فحسب، بل من منطلق الإيمان، والتاريخ، والعدالة. والقدس، بكل قدسيتها، تبقى عنوانًا للسلام، وأمانة في أعناقنا، نحن المسيحيين والمسلمين معًا، لأنّها بيت صلاة لجميع الأمم. إننا، كمسيحيين في هذا الوطن، نعتزّ بما قاله جلالته، ونشهد له، لا فقط لأنّه ملك، بل لأنه صوت من يحمل الرسالة، ويحفظ الوصيّة، ويفتح نوافذ الرجاء في عالم مضطرب. ونحن بدورنا، نحمل هذه المسؤولية أيضًا، أن نكون شهودًا للرجاء، وخدّامًا للوحدة، ورسلاً للمحبة، حتّى يبقى الأردن منارةً وصوتًا للحكمة في زمن الصخب. ليكن هذا البلد المبارك، بأهله الطيّبين، وقيادته الهاشمية، وأصالة رسالته الإنسانية، موطنًا دائمًا للسلام، وواحة حقيقية للعيش الكريم. وليبقَ نهر الأردن جاريًا في أرواحنا، لنشهد لقيم المحبة والعدالة والسلام.