عوائد إعلانية بالملايين.. تفاصيل تكشف سر أرباح مشاهير التيك توك في مصر
وفي الوقت نفسه، شهدت الساحة المصرية حملات أمنية أسفرت عن القبض على عدد من المشاهير من البلوغرز بعد بلاغات تتعلق بمخالفات للقانون أو استغلال المنصات في إنشاء محتوى خادش للحياء.
وتعود التساؤلات في مصر حول ما إذا كانت أرباح السوشيال ميديا وحدها كفيلة بصناعة هذا الثراء الفاحش.
تعتمد منصات مثل يوتيوب وفيسبوك وتيك توك على نظام تقاسم الأرباح من الإعلانات والمشاهدات. بعض البلوغرز يحققون دخلًا كبيرًا من الإعلانات المباشرة والرعايات من الشركات، ومتوسط أرباح البلوغرز الواحد يمكن أن يتراوح بين آلاف إلى مئات الآلاف من الجنيهات شهريًا، حسب عدد المتابعين ونوعية المحتوى.
وقال المهندس محمود إدريس، صاحب شركة لأمن المعلومات وإدارة الأصول الرقمية، في تصريح خاص لـ«العربية نت» و«الحدث نت»، إن السوشيال ميديا حلت محل التلفزيون بشكل كبير، وأصبحت مصدر كسب لكثير من المستخدمين. وتعتمد الأرباح على الطريقة التي يربح بها كل شخص، مثل الإعلانات والمشاهدات، والإعلانات المباشرة من أشخاص بسبب شهرة البلوغرز . وتختلف كل منصة عن الأخرى؛ فمنصة يوتيوب تختلف عن تيك توك وفيسبوك. وأرباح يوتيوب تتراوح من نصف دولار إلى 6 أو 7 دولارات لكل ألف مشاهدة، بحسب الجمهور المشاهد من دول مختلفة.
وأشار إلى أن هذه الأرقام تختلف بشكل كبير حسب الجمهور المستهدف ونوعية المحتوى، مع الأخذ في الاعتبار أن عددًا كبيرًا من القنوات لا تحقق أي ربح. أما فيسبوك وإنستغرام، فتتيح أرباحًا قوية من خلال الشراكة مع شركة «ميتا» وتطبيق سياساتها الخاصة.
أما عن تيك توك، وهي المنصة الكبرى التي اتجه لها الكثير من البلوغرز ، لأنها تعتمد على أساليب أخرى منها البثوث المباشرة والهدايا من المشاهدين. فهدية الأسد على تيك توك تُعد من أغلى الهدايا، وثمنها يعادل حوالي 370 دولارًا أميركيًا. وعند إرسالها خلال البث المباشر، يحصل صانع المحتوى على ما بين 50% إلى 80% من قيمتها (بعد اقتطاع عمولة تيك توك). أما هدية الوردة، فقيمتها منخفضة تبلغ سعرها 22 جنيهًا مصريًا، والتكبيس هو النقر المتكرر أثناء البث المباشر لزيادة التفاعل.
كما أوضح أن الثراء الذي يظهر به بعض البلوغرز لا يأتي دائمًا من الإعلانات والمشاهدات وحدها. فـهناك مصادر أخرى تساهم في تحقيق هذا الدخل الكبير. فـيوجد العديد من المؤثرين يربحون مبالغ ضخمة من خلال عقود إعلانية مباشرة مع الشركات التي تستغل شهرتهم للترويج لمنتجاتها وخدماتها، أو من خلال الترويج لتطبيقات غير قانونية بمقابل مادي كبير جدًا يصل إلى آلاف الدولارات، مستغلين شهرتهم لجذب المستخدمين.
كما أكد أن السوشيال ميديا أصبح مكانًا لكسب المال بشكل كبير، وأموال تصل إلى ملايين الجنيهات، ويظهر هذا الثراء على البلوغرز. وأصبح الكثير منهم يتنافس على أن يتصدروا الترند من أجل كسب المال. وتوجد شركات متخصصة تستقطب البلوغرز الذين يسعون للربح السريع. هذه الشركات تتولى جميع جوانب صناعة المحتوى، بدءًا من الإنتاج والتصوير وصولًا إلى التسويق، بهدف الوصول إلى الترند وتحقيق أرباح هائلة. وفي هذه الحالة، يكون إظهار الثراء جزءًا من الخطة التسويقية لجذب المزيد من المتابعين.
وأكد المهندس شاكر الجمال، مسؤول أمن المعلومات بإحدى الشركات التكنولوجية الخاصة، في تصريح خاص لـ«العربية نت» و«الحدث نت»، أن أرباح السوشيال ميديا في مصر قد تصل إلى ملايين الجنيهات، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا من صناع المحتوى يعتمدون على عوائد الإعلانات والتسويق الإلكتروني للمنتجات مقابل مبالغ مالية كبيرة، وذلك استنادًا إلى شهرتهم وعدد متابعيهم على المنصات الرقمية.
وأوضح الجمال أن الاعتماد على السوشيال ميديا وحدها لا يكفي لتحقيق أرباح ضخمة، إذ يلجأ العديد من البلوغرز إلى تسويق منتجاتهم الخاصة أو المشاركة في حملات دعائية لمنتجات أخرى، ما يسهم في زيادة المبيعات وتحقيق عوائد مالية إضافية.
وأضاف خبير أمن المعلومات أن أرباح البلوغرز من فيسبوك ويوتيوب وتيك توك ليست كاملة لصالحهم، بل تخضع لاقتطاع نسبة من قبل إدارات هذه المنصات تصل إلى 30% وحتى 50% من إجمالي الإيرادات. كما أشار إلى وجود شركات متخصصة تعمل على دعم شهرة البلوغرز والترويج لهم مقابل الإعلان عن منتجات معينة، وهو ما يعزز فرصهم في تحقيق أرباح متزايدة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 6 دقائق
- صدى البلد
تيك توك تحت الحصار.. 16 مليون فيديو محذوف وخطر الإغلاق يهدد مستقبل الإبداع
في زمنٍ لم يعد فيه العالم الرقمي رفاهية، بل واقعًا يوميًا يتداخل مع تفاصيل حياة الناس، تبرز منصة "تيك توك" كأكثر من مجرد تطبيق ترفيهي. هي اليوم مسرح للإبداع، وسوق عمل، ومصدر دخل لآلاف الشباب في العالم العربي، وتحديدًا في مصر. لكن، بينما تحتفي المنصة بأرقام قياسية في ضبط المحتوى وحماية المجتمع الرقمي، يخيم في الأفق احتمال صادم.. حظر "تيك توك" في مصر. فهل هو قرار تنظيمي لحماية المجتمع؟ أم ضربة قاصمة لقطاع رقمي واعد يشكل متنفسًا للشباب؟ تقرير صرامة لا تساهل فيه.. 16.5 مليون فيديو محذوف في 5 دول كشفت منصة "تيك توك" مؤخرًا عن تقريرها الفصلي لإنفاذ إرشادات المجتمع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديدًا في الربع الأول من عام 2025. وجاء التقرير ليعكس حجم الجهد التقني والبشري المبذول في ضبط المحتوى المخالف، حيث قامت المنصة بحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو في خمس دول رئيسية هي: مصر، العراق، لبنان، الإمارات، والمغرب. التقرير لا يتحدث عن مجرد أرقام، بل عن استراتيجية صارمة لتأمين بيئة رقمية خالية من الإساءة، والتحريض، والمحتوى الضار. في وقت تتجه فيه الأنظار إلى كيفية تعامل المنصات مع ما يُنشر من مواد قد تترك أثرًا نفسيًا أو اجتماعيًا على المستخدمين. مصر في الصدارة.. ضبط استباقي ووتيرة استجابة مذهلة في مصر وحدها، تم حذف 2.9 مليون فيديو خلال الفترة من يناير إلى مارس 2025، بنسبة إزالة استباقية بلغت 99.6% أي أن معظم هذا المحتوى أُزيل قبل أن يُبلّغ عنه أصلًا. كما تمت إزالة 94.3% من المواد المخالفة خلال أقل من 24 ساعة من نشرها، وهو معدل يُعد ضمن الأعلى عالميًا. ولم تقتصر الرقابة على الفيديوهات فقط، بل امتدت إلى البث المباشر؛ حيث حظرت المنصة 347.935 مضيف بث مباشر وأوقفت 587.246 بثًا لمخالفتهم القواعد. الإمارات.. نموذج رقابة تقنية متطور في دولة الإمارات، بلغ عدد الفيديوهات المحذوفة أكثر من مليون فيديو (1,051,226)، بمعدل استباقي قوي عند 98.2%. كما تم حظر 86.790 مضيف بث مباشر، مع إيقاف 140.295 بثًا خلال الربع ذاته. المغرب.. تجاوب سريع ونظام رقابة حيوي أما المغرب فقد سجل حذف 1.04 مليون فيديو، بينما تم حظر 44.121 مضيف بث مباشر، في مؤشر على تصاعد استخدام المنصة، ومواكبة النظام الرقابي لوتيرة المحتوى. العراق الأعلى في الحذف.. والأكثر استرجاعًا العراق تصدّر قائمة الدول من حيث عدد الفيديوهات المحذوفة، بأكثر من 10 ملايين فيديو خلال ثلاثة أشهر فقط. وبلغ معدل الحذف خلال أقل من 24 ساعة 95.5%، مما يعكس شدة الحملات الرقابية هناك. اللافت أيضًا أن العراق كان في صدارة الدول من حيث استرجاع المحتوى المحذوف بعد الطعون، بما يزيد عن 209 ألف حالة استرجاع. لبنان.. دقة عالية رغم الحجم السكاني الأصغر رغم العدد السكاني الأصغر، فإن لبنان سجل حذف 1.3 مليون فيديو، بمعدل استباقي مرتفع وصل إلى 99.5%، واستجابة سريعة للغاية بلغت 96.9% خلال أقل من 24 ساعة. البث المباشر عالميًا.. تضييق الخناق على المحتوى العشوائي على مستوى العالم، أوقفت تيك توك أكثر من 19 مليون بث مباشر مخالف خلال الربع الأول من 2025، بزيادة 50% عن الربع السابق. في الدول الخمس فقط، تم تعطيل أكثر من 1.5 مليون بث، وهو ما يوضح حجم التحديات الرقابية التي تواجه المنصة. نظام الطعون.. آلية توازن بين الرقابة وحرية التعبير تيك توك لم تغفل عن جانب الشفافية، حيث أكدت في تقريرها تفعيل آلية الطعن في قرارات الحذف. وقد بلغ عدد المحتويات التي تم استرجاعها بعد مراجعة الطعون أكثر من 480 ألف حالة، في إشارة إلى اعتماد المنصة على مزيج من الذكاء الاصطناعي والتدخل البشري لتلافي الأخطاء. رأي خبير: الإغلاق ليس حلاً.. بل مخاطرة اقتصادية واجتماعية رغم كل ما سبق من جهود وانضباط، تتصاعد في مصر مؤخرًا أصوات تطالب بإغلاق التطبيق. وهو ما أشعل جدلًا واسعًا في الشارع الرقمي المصري، بين من يرى القرار ضرورة أمنية، ومن يراه تهديدًا لمورد دخل بات حيويًا لشريحة كبيرة من المجتمع. مصدر دخل رئيسي لآلاف الشباب قال الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بجامعة طنطا، إن "تيك توك" لم يعد مجرد تطبيق اجتماعي، بل تحول إلى منصة عمل حقيقية للآلاف من الشباب المصري. يعتمد عليه كثيرون في التسويق والإعلانات والبيع المباشر، ما جعله قناة فعّالة في دعم الاقتصاد غير الرسمي. ويضيف: "إغلاق التطبيق يعني حرمان شريحة واسعة من الشباب من مصدر دخل حيوي، في وقت تزداد فيه معدلات البطالة بين الخريجين". تهديد لأدوات التسويق منخفضة التكلفة وأكد معن أن العديد من الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة تستخدم "تيك توك" كوسيلة إعلان ذكية، منخفضة التكلفة وذات تأثير مباشر على الجمهور المستهدف. وأوضح أن هذه الفئة تعتمد على مرونة المنصة وسرعة الوصول للمستهلك، وهو ما يصعب تعويضه عبر الوسائل التقليدية. "إغلاق المنصة سيخلق فجوة حقيقية في أدوات التسويق الرقمي، خاصة لدى أصحاب الميزانيات المحدودة"، بحسب تعبيره. خسارة بيئة خصبة للإبداع والمواهب وأشار معن إلى أن "تيك توك" يمثل بيئة حيوية لنمو المحتوى الإبداعي وتطوير مهارات الشباب الإعلامية والتسويقية. "وجود التطبيق ساهم في خلق مساحة للتعبير والتجريب، ومنصة لاكتشاف المواهب الصاعدة"، يقول معن، محذرًا من أن إغلاقه قد يُثبط الابتكار، ويحد من فرص التدريب العملي في مجالات الإعلام الرقمي. إشارة سلبية للمستثمرين وتطرق الدكتور معن إلى الأثر غير المباشر على مناخ الاستثمار، مشيرًا إلى أن قرارًا مثل إغلاق "تيك توك" قد يُقرأ من قِبل الشركات التكنولوجية العالمية والمستثمرين الأجانب كمؤشر على بيئة غير مستقرة أو غير مشجعة للاستثمار في المجال الرقمي بمصر. هذا بدوره، قد يؤثر على فرص استقطاب رؤوس الأموال والمشروعات المستقبلية في قطاع التكنولوجيا. تأثير محدود على الاقتصاد الكلي... ولكن! ورغم كل ما سبق، أوضح معن أن التأثير المباشر على الاقتصاد الكلي سيكون محدودًا، لكن التداعيات طويلة الأجل على قطاعات الابتكار والإبداع الرقمي قد تكون أكثر عمقًا. "القلق يكمن في هروب الكفاءات الرقمية إلى الخارج بحثًا عن بيئة أكثر انفتاحًا وإتاحة، مما يُفقد مصر عقولًا شابة هي الأمل في اقتصاد المستقبل". أكثر من مجرد تطبيق في ظل هذا الجدل، يبرز "تيك توك" كنموذج معقّد لمنصة رقمية تجمع بين المرح، والتعبير، والعمل، والتسويق، والتأثير المجتمعي. قرار إغلاقها المحتمل ليس نقاشًا حول تطبيق فحسب، بل حول خيارات الدولة في التعامل مع الاقتصاد الرقمي، ورؤيتها للمستقبل. بينما لا يزال القرار النهائي بيد الجهات الرسمية، فإن ما هو مؤكد أن "تيك توك" لم يعد مجرد منصة لرقصات عشوائية أو مقاطع ترفيهية، بل أصبح متنفسًا واسعًا لشبابٍ يبحث عن فرصة، وإعلاميين شباب يصنعون محتوى من بيوتهم، ورواد أعمال يبنون مستقبلهم بخطى رقمية. في وقت نحتاج فيه إلى كل منفذ إبداعي، فإن أي قرار يجب أن يُبنى على ميزان دقيق... يراعي الأمان، ويحمي الطموح.


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
قصة حبّ غريبة... طلب يدها للزواج 43 مرة والأخيرة في قلب غرينتش!
وافقت سارة وينتريب (38 عاماً) أخيراً على الزواج بشريكها "الصبور" لوك وينتريب (36 عاماً) بعد 43 محاولة. وقد صدم الزوجان، اللذان تزوجا في 17 أيار/مايو 2025، الكثيرين بقصة حبّهما غير العادية. رفضت سارة في البداية عرض لوك الأول في عام 2018 بعد ستة أشهر فقط من المواعدة. كان كلاهما قد خرج أخيراً من علاقات جدية. وعلى الرغم من حبّهما لبعضهما البعض، لم تكن سارة مستعدة لالتزام آخر بهذه السرعة، خاصةً إذا كان الأمر يتعلّق ببناتها الثلاث. لكن بالنسبة إلى لوك... لم يُثنهِ ذلك. فمع كل "لا" كان يصبح أكثر إبداعاً، حيث تقدّم للزواج في قلاع مهجورة، واستأجر موسيقيين، ونظّم عشاء على ضوء الشموع. وفي إحدى طلبات الزواج في براغ، حوّل لوك قلعة مهجورة إلى مكان خياليّ، مع الشوكولاتة والشمبانيا والأضواء الخيالية. لكن حتى ذلك الحين، رفضته سارة! انتشرت مقاطع فيديو ل طلبات الزواج المتكررة من لوك على "تيك توك". جذبت العبارة "43 طلب زواج، والآن سنتزوج في غضون أسبوعين" آلاف المشاهدين. وافقت سارة أخيراً في عام 2023 بعد أن طلبت من لوك التوقف عن طلب الزواج وانتظار اللحظة المناسبة. جاءت تلك اللحظة في غرينتش، لندن حيث يلتقي نصف الكرة الشرقي والغربي لتشكيل أساس منطقة التوقيت الزمني لغرينتش، مع عازف شوارع مستأجر يعزف جميع أغانيها المفضّلة. "عندما تقدم لخطبتي، قال: "هذا هو مركز العالم وأنتِ مركز عالمي وأريدكِ أن تتزوجيني"... لقد فاز بقلبي أخيراً"، روت.


الميادين
منذ 2 ساعات
- الميادين
من "فيسبوك" إلى "تيك توك" – كيف تُعاد هندسة وعي المجتمعات؟
في زمنٍ تتسارع فيه التحوّلات الرقمية، يطلّ تطبيق "تيك توك" كأحد أكثر المنصات حضوراً ونفوذاً في منطقتنا، وخاصة في مصر. لكن ما يميّز حضوره هنا ليس فقط حجم الانتشار أو ساعات المشاهدة، بل طبيعة المحتوى الذي يسيطر على شاشاته، والذي يختلف جذرياً عن التجارب العالمية الأخرى. ففي حين تُستثمر المنصة في دول آسيوية وأوروبية وأميركية في تعزيز المحتوى التعليمي والإبداعي وتنمية المهارات، يغلب على نسختها المصرية – والعربية عموماً – محتوى يتسم بالتفاهة والسطحية، يتراوح بين الإيحاءات الفجة والمشاهد المثيرة والتمثيليات الساخرة من القيم الأسرية والاجتماعية. هذه الظاهرة لا يمكن قراءتها كمجرّد انعكاس لذوق عامّ أو فروق ثقافية، بل هي مؤشّر على إعادة توجيه ممنهجة لبوصلتنا القيمية. الأمر لا يقف عند حدود الترفيه المبتذل؛ فالمنصة باتت تروّج لأنماط سلوك تهدم مفهوم العمل الجادّ والإنجاز الفعلي، لتحلّ محلّها ثقافة "الترند" اللحظي، والربح السريع بلا إنتاج حقيقي. ومع كلّ مقطع ينتشر، تتسلل رسالة ضمنية بأنّ النجاح يقاس بعدد المشاهدات والإعجابات، لا بقيمة الجهد أو المحتوى. هذا التباين بين النسخ العالمية ونسختنا الإقليمية يفتح الباب أمام تساؤلات جادّة: هل نحن أمام صدفة بريئة نابعة من خصوصية اجتماعية؟ أم أنّ الخوارزميات موجّهة عمداً لدفع مجتمعاتنا نحو دوائر مغلقة من الاستهلاك الرقمي السطحي، كجزء من مشروع أوسع لإعادة تشكيل الوعي والسلوك في المنطقة؟ منذ أكثر من عقد، شهد العالم العربي انفجاراً رقمياً مع صعود "فيسبوك" وغيره من منصات التواصل، لتصبح ساحات التعبئة الشعبية والحشد السياسي. أدّت هذه المنصات دوراً بارزاً في إشعال شرارة "الربيع العربي"، لكنها كانت أيضاً المدخل إلى مرحلة جديدة من إعادة تشكيل الوعي الجمعي. فمن ساحات التظاهر المفتوحة إلى الفضاءات الافتراضية، بدأ التحوّل من الحشد الثوري إلى التوجيه الخفي للمجتمعات. اليوم، نجد أنفسنا أمام نسخة أكثر نعومة وخفاءً من هذا التأثير، تجسّدها منصة مثل "تيك توك". لم تعد المسألة تتعلّق فقط بحرية التعبير أو كسر احتكار الإعلام التقليدي، بل أصبحت مرتبطة بإدارة دقيقة للمزاج العام والقيم والسلوكيات، من خلال محتوى مصمّم خصيصاً لجذب الانتباه وإعادة برمجة الأولويات. الانتقال من "فيسبوك" الثوري إلى "تيك توك" الترفيهي ليس مجرّد صدفة زمنية؛ إنه مسار مدروس، حيث تحوّلت أدوات الحشد من خطاب سياسي مباشر إلى ترفيه مُعلّب يفرغ طاقات الأجيال في دوامة من المقاطع القصيرة واللحظات الزائفة. في هذه المساحة الجديدة، يصبح التحكّم في اتجاهات الفكر والسلوك أكثر انسيابية وأقلّ إثارة للشبهات، بينما يستمر المشروع الأوسع لإعادة صياغة هوية المنطقة ووعي شعوبها بوتيرة ناعمة ولكن ثابتة. لم يكن مصطلح "الشرق الأوسط الجديد" الذي تردّد في الخطاب السياسي الأميركي والإسرائيلي منذ مطلع الألفية مجرّد شعار للاستهلاك الإعلامي، بل كان تعبيراً عن رؤية استراتيجية متكاملة تهدف إلى إعادة رسم خرائط المنطقة جيوسياسياً وديموغرافياً وثقافياً. هذه الرؤية، التي استندت إلى نظرية "الفوضى الخلّاقة"، لم تعد تعتمد فقط على القوة العسكرية أو التدخّل المباشر، بل تبنّت أساليب أكثر نعومة وأطول أمداً، حيث تُزرع البذور في العقول قبل أن تُفرض على الخرائط. 29 تموز 12:03 3 حزيران 09:13 في هذا السياق، تحوّلت المنصات الرقمية إلى مسرح أساسي لتنفيذ هذه الاستراتيجية. فكما كانت الحروب التقليدية تفتح الأبواب لإعادة تشكيل السلطة والنفوذ، باتت الحروب الناعمة على الشاشات تمهّد الأرضية لإعادة تشكيل الهوية والثقافة. من "فيسبوك" الذي أدّى دور الشرارة الأولى في تحريك الشارع، إلى "تيك توك" الذي يُعيد صياغة السلوكيات والقيم اليومية، يمكن رؤية خيط واحد يربط بين أدوات الحشد المباشر وأدوات الترويض الناعم. إنّ ما نشهده اليوم ليس مجرّد صدفة في مسار تطوّر المنصات الرقمية، بل هو جزء من إعادة تموضع واسعة لآليات النفوذ في المنطقة. واللافت أنّ هذا التحوّل يجري في العلن، تحت لافتة "حرية التعبير" و"المحتوى الترفيهي"، بينما يحمل في جوهره عملية إعادة صياغة للعقول والأولويات بما يتماشى مع مصالح من صاغوا مشروع "الشرق الأوسط الجديد" في غرف التخطيط المغلقة. في بدايات العقد الثاني من الألفية، برز "فيسبوك" كمنصة الحشد الثوري الأبرز، حيث وفّر فضاءً مفتوحاً للشباب للتعبير عن آرائهم وتبادل الدعوات للتظاهر، بعيداً عن الرقابة التقليدية للإعلام الرسمي. لقد ساعد في كسر جدار الخوف، وربط بين أفراد وجماعات من مختلف المدن والقرى، ليصبح وقوداً أساسياً لشرارة "الربيع العربي". لكن خلف صورة الحرية والانفتاح، كان هناك بعد آخر أقلّ وضوحاً وأكثر تأثيراً. فقد أظهرت الخوارزميات قدرة هائلة على تضخيم الانقسامات، ودفع النقاشات نحو الاستقطاب الحادّ، وتغذية مشاعر الغضب والتوتر. وبالتوازي، أدّت جهات دولية وإقليمية دوراً في تدريب بعض النشطاء على أساليب الحشد الرقمي وإدارة الحملات عبر المنصة، مما جعلها أداة سياسية بامتياز. ومع انحسار الموجة الثورية، تحوّل "فيسبوك" من ساحة أمل للتغيير إلى مختبر لتفكيك الروابط الاجتماعية. فغياب البدائل المؤسسية، والانزلاق نحو صراعات الهوية والطائفية، فتح المجال أمام استغلال المنصة لإعادة تشكيل المجال العامّ بما يخدم مشاريع الهيمنة والنفوذ. هكذا، أتمّ "فيسبوك" انتقاله من كونه محفّزاً للثورات إلى أداة لإدارة الفوضى، وربما تكريسها. إذا كان "فيسبوك" قد أدّى دور شرارة الحشد الثوري، فإنّ "تيك توك" يمثّل اليوم مرحلة أكثر نعومة وخطورة من إعادة تشكيل الوعي. فالتطبيق الذي اكتسح الهواتف في المنطقة، وخصوصاً في مصر، لم يعد مجرّد منصة لمقاطع مرحة أو رقصات عابرة، بل تحوّل إلى فضاء ضخم يغلب عليه المحتوى المبتذل والسطحي، الموجّه أساساً نحو شرائح شابة واسعة. في قلب هذه الظاهرة، برز ما يُعرف بـ "التوبيرز" – نجوم تيك توك – الذين يجذبون ملايين المتابعين عبر مقاطع إيحائية أو ساخرة من القيم الاجتماعية، ويحقّقون أرباحاً طائلة من دون إنتاج ذي قيمة حقيقية. هذه الثقافة الرقمية تُرسّخ مفاهيم الربح السريع والنجاح اللحظي، مقابل تهميش ثقافة العمل الجادّ والإبداع المنتج. الخطر الحقيقي يكمن في أنّ هذا الانحدار القيمي لا يحدث في فراغ، بل في سياق أوسع من توجيه الخوارزميات نحو ما هو مثير وصادم، مع غياب شبه كامل للمحتوى الهادف والتعليمي في النسخة العربية للتطبيق. وبالمقارنة، تُظهر نسخ التطبيق في بلدان أخرى حضوراً قوياً للمحتوى العلمي والفني والتنموي، ما يطرح تساؤلات جدّية حول ما إذا كان هذا التباين مجرّد مصادفة ثقافية أم جزء من هندسة ممنهجة لإبقاء مجتمعاتنا أسيرة الترفيه السطحي والفوضى الناعمة. المواجهة لا تكون بالمنع الأعمى أو الرفض الانفعالي، بل برؤية استراتيجية تحصّن المجتمع من الداخل: - ترسيخ التربية الرقمية في المدارس والجامعات كجزء من المنهج، لفهم المنصات والتعامل الواعي مع محتواها. - الاستثمار في إنتاج محتوى عربي مؤثّر وهادف ينافس على جذب الانتباه بقوة المحتوى السطحي نفسه. - إنشاء آليات رقابة ذكية تحمي الوعي من الانحدار، من دون أن تخنق حرية التعبير. فالوعي ليس ترفاً فكرياً، بل هو الحصن الأخير للمجتمع. وإذا سقط، لن تُسعفنا التكنولوجيا ولا الشعارات في استعادة ما ضاع.