
الجزائر: وجهاء من عهد بوتفليقة يغادرون السجون
شهدت السجون في الجزائر، في الآونة الأخيرة، إفراجات متتالية عن عدد من المسؤولين البارزين خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)، وكان آخرهم مدير الأمن الداخلي اللواء بشير طرطاق الذي قضى في سجن البليدة العسكري (50 كلم جنوب العاصمة) 6 سنوات كاملة بتهمة «استغلال النفوذ» الذي توفر له بفضل منصبه ورتبته العسكرية.
وتداولت حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي، الاثنين، أن «منسق المصالح الأمنية لدى رئاسة الجمهورية» سابقاً، السبعيني طرطاق، غادر السجن العسكري إثر انتهاء محكوميته. وأكد هذا الخبر الموقع الإخباري «توالى» المعروف بجديته في نشر الأخبار واستقائها من مصادرها الصحيحة.
مدير الأمن الداخلي سابقاً بشير طرطاق (متداولة)
وتم توقيف طرطاق في مايو (أيار) 2019 في إطار سلسلة من الاعتقالات طالت رئيس الاستخبارات العسكرية سابقاً محمد مدين الشهير بـ«توفيق»، وسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل ومستشاره الخاص، ولويزة حنون رئيسة «حزب العمال» اليساري. وتمت إحالتهم إلى القضاء العسكري بتهمة «التآمر على سلطة الدولة والجيش»، على أساس أنهم كانوا وراء مناورة لخلع قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي توفي بأزمة قلبية نهاية 2019.
وحكم القضاء العسكري على الأشخاص الأربعة بالسجن 15 سنة مع التنفيذ، وبرأتهم محكمة الاستئناف العسكرية من السجن بعد أشهر قليلة. غير أن طرطاق وسعيد لم يغادرا السجن بخلاف حنون ومدين، وذلك لاتهامهما من طرف القضاء المدني في ملفات أخرى تتعلق بـ«الفساد» و«استغلال النفوذ بغرض التربح».
رجال أعمال في السجن بتهمة الفساد
ودانت محكمة بالعاصمة في مايو (أيار) 2023 سعيد بوتفليقة بالسجن 12 سنة. وقبلها بأقل من سنة كانت محكمة أخرى قد أنزلت عقوبة سجن بست سنوات بحق طرطاق بناء على تهم في «قضية الابنة المزعومة للرئيس الراحل بوتفليقة» الشهيرة. وهي سيدة خمسينية تسمى زليخة نشناش، كانت مقربة من الرئيس وعائلته ففتحت لها أبواب المشروعات المربحة بطرق غير قانونية، وكان طرطاق شريكاً لها في بعضها؛ حيث أدى دور حاميها والمحافظ على استثماراتها من التحقيقات الأمنية التي استهدفت المصادر المشبوهة لأموال كبار المسؤولين ورجال الأعمال.
رئيس الوزراء سابقاً أحمد أويحي (الشرق الأوسط)
وعندما سقط طرطاق جرّ معه في سقوطه ضباطاً في الأمن، وردت أسماؤهم في تحريات «الفساد» أيضاً.
وتجدر الإشارة إلى أن محاسبة طرطاق كانت جزءاً من سلسلة من المحاكمات استهدفت رموز النظام، في إطار الحراك الشعبي (2019) الذي طالبت فيه فئات واسعة من الجزائريين بتغيير النظام وإقرار الديمقراطية والحريات.
وأول من غادر السجن من كبار المسؤولين الذين تم اعتقالهم بعد تنحي بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان) 2019، هو وزير التجارة عمارة بن يونس وذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، بعد صدور حكم من محكمة الاستئناف بالعاصمة غطى المدة التي قضاها وهي سنة، فيما كان الحكم الابتدائي ضده عامين مع التنفيذ.
رئيس الوزراء سابقاً عبد المالك سلال (الشرق الأوسط)
تلاه وزير الصناعة محجوب بدة، في يوليو (تموز) 2021، بعد أن أكمل عقوبته وهي سجن لعامين مع التنفيذ. ولم تدم مدة «استوزار» بدة أكثر من شهرين، حيث عزله بوتفليقة في تعديل حكومي أطاح بطاقم رئيس الوزراء عبد المالك سلال (في السجن حالياً) في يونيو (حزيران) 2017، الذي استخلفه في رئاسة الحكومة عبد المجيد تبون وزير السكن يومها، والذي سيصبح بعد عامين ونصف العام رئيساً للبلاد.
رئيس الوزراء سابقاً نور الدين بدوي (الشرق الأوسط)
وفي يونيو 2022 أنهى وزير النقل بوجمعة طلعي مدة محكوميته، بعد أن قضى 3 سنوات في السجن. وتوفي في أغسطس (آب) من السنة نفسها متأثراً بالمرض.
وفي يوليو من عام 2022 غادرت وزيرة الثقافة خليدة تومي السجن، مستفيدة من «إفراج مشروط» قبل عام من انتهاء عقوبة 4 سنوات سجناً مع التنفيذ، حيث اتهمها القضاء بـ«الفساد» فيما يخص أموالاً ضخمة أنفقت على مشروعات وتظاهرات ثقافية وفنية نظمتها الجزائر خلال أكثر من 10 سنوات قضتها المناضلة من أجل حقوق المرأة سابقاً، في الوزارة. وقد عُرفت بأنها من أشد رجال السلطة ونسائها وفاءً لبوتفليقة.
وقالت صديقة لها، رفضت نشر اسمها، لـ«الشرق الأوسط»، إن تقليص مدة سجنها كان لـ«أسباب إنسانية» تخص والدتها المسنَّة والمريضة، فخليدة هي من كانت ترعى شؤونها، حسب صديقتها.
وضمن تدابير «الإفراج المشروط» نفسها، استعاد وزير العمل السبعيني محمد غازي حريته في أغسطس 2022، بعد أن كان قد قضى 3 سنوات فقط من حكم بالسجن مدته 10 سنوات. وصرّح محاموه للصحافة بأن القضاء أخذ بملف «خبرة عقلية» يثبت أن غازي فقد الذاكرة بشكل كامل لإصابته بألزهايمر داخل زنزانته.
وطالب غالبية وجهاء النظام، الذين يطلق عليهم قطاع من الإعلام وصف «العصابة»، بالاستفادة من تدابير «الإفراج المشروط»، لكن «اللجنة» التي تتبع لوزارة العدل المكلفة بالفصل في طلباتهم، رفضتها كلها.
مدير المخابرات العسكرية سابقاً محمد مدين (متداولة)
ومن أبرز المسؤولين الذين قدموا ملفات طبية تتضمن الضوابط التي تتيح لهم الخروج من السجون قبل استنفاد العقوبة، رئيسا الوزراء عبد المالك سلال وأحمد أويحي اللذان يواجهان متاعب صحية، وقد نُقل كلاهما للعلاج في مصحات خارجية عدة مرات، علماً بأنهما يقضيان عقوبة السجن 12 سنة مع التنفيذ.
كما أكد أبناء وزير التضامن جمال ولد عباس الذي شارف سنه على التسعين، أنهم قدموا الطلب نفسه أربع مرات، وفي كل مرّة كان يأتيهم الرد سلبياً من «اللجنة» المتخصصة.
ولا يزال حالياً في السجن كل من: رئيس الوزراء نور الدين بدوي، ووزير الأشغال العامة عمر غول، ووزير النقل عبد القادر قاضي، ووزير الطاقة يوسف يوسفي، إلى جانب رجال الأعمال الذين كانوا الذراع المالية للرئيس بوتفليقة خلال فترة حكمه التي دامت 20 سنة، وأبرزهم علي حداد والإخوة خنينف الثلاثة والأخوان عولمي، ومحمد معزوز ومحي الدين طحكوت.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Asharq Al-Awsat
2 hours ago
- Asharq Al-Awsat
مرشحون لـ«الحكومة الليبية الجديدة» يعرضون برامجهم على «النواب»
تغاضى مجلس النواب الليبي عن تحذيرات سابقة أطلقها عدد من أعضائه من الإقدام على تشكيل «حكومة جديدة»، واستمع، الثلاثاء، إلى سبعة مرشحين لرئاستها، من بين 14 شخصية، تحدثوا عن برامجهم لقيادة البلاد وإجراء انتخابات عامة. ودفع الاقتتال، الذي شهدته العاصمة طرابلس مؤخراً، عقيلة صالح، رئيس المجلس، إلى المسارعة لتشكيل «حكومة جديدة»، وقال حينها إن هذه الخطوة باتت تمثل «أولوية وطنية مُلحة، وتهدف إلى معالجة أسباب الأزمات والصراعات، التي تمر بها البلاد، وليس تنظيم الانتخابات فقط». جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الإعلامي لعقيلة صالح) وأمام الجلسة، التي عقدها البرلمان في بنغازي، اليوم الثلاثاء، قال عبد الحكيم بعيو، أحد المرشحين لرئاسة الحكومة، إنه يهدف إلى تنظيم الانتخابات العامة في ليبيا، والعمل على تشكيل حكومة من التكنوقراط، «دون أي التزامات مالية على الدولة، أو المطالبة بأموال لباب التنمية». وأوضح بعيو، وهو رجل أعمال من مدينة مصراتة (غرب)، أنه في حال الموافقة عليه لتشكيل الحكومة، فإنه سيعمل أيضاً على تقسيم ليبيا إلى محافظات، وهو المقترح الذي سبق أن تحدث عنه موسى الكوني، النائب بالمجلس الرئاسي الليبي، وأحدث وقتها ردود فعل متباينة داخل الأوساط السياسية والاجتماعية. عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز) غير أن بعيو ركز على ضرورة توحيد المؤسسات الليبية، ومحاربة الفساد، على أن تكون مدة عمل الحكومة المقترحة من عام إلى عام ونصف العام. يشار إلى أن بعيو سبق أن ترشح للانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة نهاية 2021 لكنها أُجلت. وكان 26 عضواً بالبرلمان قد عبروا عن رفضهم تشكيل «حكومة جديدة» من قبل مجلسهم بشكل منفرد، ومن دون توافق سياسي، ورأوا أن هذه الخطوة «إجراء غير مشروع سياسياً ولا وطنياً»، وقالوا إن إقالة حكومة حمّاد «دون توافق سياسي شامل، يُعد مخالفة صريحة للاتفاق السياسي الليبي»، لا سيما في ظل انقسام المجلس الأعلى للدولة في طرابلس. عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية (الوحدة) وليبيا منقسمة بين حكومتين الأولى: في طرابلس العاصمة بقيادة عبد الحميد الدبيبة، والثانية تسيطر على شرق ليبيا وبعض أجزاء من جنوبها، وهي مدعومة من البرلمان برئاسة أسامة حمّاد. وعرض المرشح الآخر لرئاسة «الحكومة الجديدة»، يفضيل الأمين، رئيس مجلس التطوير الاقتصادي السابق، رؤيته، وقال إنه سيستهدف عقد انتخابات رئاسية ونيابية متزامنة. وأوضح الأمين أمام المجلس أن برنامجه سيركز على ثلاثة محاور (سياسية ودستورية وأمنية)، لكنه أشار إلى ضرورة وجود سلطة تنفيذية موحدة معترف بها دولياً لقيادة ليبيا. الأمين الذي سبق أن ترشح أيضاً للانتخابات الرئاسية عام 2021 تطرق كذلك إلى الميليشيات والانقسام العسكري في ليبيا، وقال إنه سيعمل على «حل المجموعات المسلحة غير المنضبطة»، وتوحيد المؤسستين الأمنية والعسكرية، وتشكيل لجنة تتولى صياغة القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات العامة. وانضم إلى قائمة المرشحين لرئاسة الحكومة أيضاً، الليبي محمد المزوغي، الذي قال في سياق عرض برنامجه إنه سيعمل على «تنفيذ خريطة طريق خلال فترة محددة، بالتعاون مع الأجسام التشريعية والسياسية، تؤدي إلى إجراء الانتخابات». كما أكد العمل على حل الأزمات، التي تمر بها ليبيا، والتي أدت - حسبه - إلى صعوبة الأوضاع المعيشية للمواطنين. كما استمع مجلس النواب إلى المرشحين محمد المنتصر، وعثمان البصير، وعلي ساسي، وعبد الكريم مقيق، قبل أن يرفع صالح الجلسة، ويعلن استكمال الاستماع إلى باقي المرشحين، الذين يستعرضون برامجهم، الأربعاء. وعلاوة على النواب الرافضين لفكرة تشكيل «حكومة جديدة» من دون توافق سياسي، كانت تشكيلات مسلحة بغرب ليبيا تتبع هذا التوجه، كما شددت البعثة الأممية على ضرورة الابتعاد عن «القرارات الأحادية»، لما لها من تأثير سيئ على البلاد. من جلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة (المجلس) ويرى بعض السياسيين أن تشكيل «حكومة جديدة» سيزيد الأمور تعقيداً، خاصة أنها لا تلقى دعماً دولياً، وترفضها أطراف ليبية عديدة، من بينها سلطات غرب ليبيا، ممثلة في المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة»، وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة المنقسم.


Mubasher
10 hours ago
- Mubasher
"نزاهة": إجراء 2775 جولة رقابية خلال مايو وإيقاف 120 مواطناً ومقيماً بتهم فساد
الرياض – مباشر: أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد "نزاهة"، اليوم الثلاثاء، عن مباشرة عدد من القضايا الجنائية والإدارية خلال شهر مايو/ أيار الجاري. وباشرت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد اختصاصاتها ومهامها من خلال عمل 2775 جولة رقابية، والتحقيق مع 435 مشتبهاً به، من ضمنهم موظفين من وزارات (الداخلية، الدفاع، البلديات والإسكان، الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، النقل والخدمات اللوجستية، والصحة) وهيئة الزكاة والضريبة والجمارك، خلال شهر مايو/ أيار. ونوهت "نزاهة"، بأنه تم إيقاف 120 مواطناً ومقيماً؛ وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية منهم من أطلق سراحه بالكفالة الضامنة؛ لتورطهم بتهم الرشوة، واستغلال النفوذ الوظيفي، وجارٍ استكمال الإجراءات النظامية تمهيداً لإحالتهم للقضاء. ودعت الهيئة إلى المساهمة في حماية المال العام بالإبلاغ عن أي شبهات فساد مالي أو إداري، من خلال وسائل تلقي البلاغات الآتية: الهاتف المجاني: (980). الموقع الإلكتروني: لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام ترشيحات:


Sabq
12 hours ago
- Sabq
رشوة واستغلال نفوذ.. "نزاهة" تعلن توقيف 120 من 6 جهات بينها "الداخلية والدفاع والصحة"
كشفت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد "نزاهة"، عن أنها باشرت خلال شهر مايو 2025م، اختصاصاتها ومهامها من خلال عمل 2775 جولة رقابية، والتحقيق مع 435 مشتبهاً فيه؛ من ضمنهم موظفون من وزارات: (الداخلية، الدفاع، البلديات والإسكان، الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الصحة، النقل والخدمات اللوجستية). وقالت: إنه جرى توقيف 120 متهماً؛ وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية؛ منهم مَن أُطلِق سراحه بالكفالة الضامنة؛ لتورُّطهم في تهم: "الرشوة، استغلال النفوذ الوظيفي". وأشارت إلى أنه يجري استكمال الإجراءات النظامية؛ تمهيداً لإحالتهم إلى القضاء.