
جامعات رابطة اللبلاب على خط المواجهة مع إدارة ترامب
منذ الأشهر الأولى من ولايته الرئاسية الثانية بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تنفيذ أحد أبرز وعوده الانتخابية لعام 2024، والمتمثل في "إصلاح التعليم العالي" مع تركيز واضح على جامعات "رابطة اللبلاب".
وبينما بدت المواجهة مألوفة بين إدارة ترامب وتلك المؤسسات العريقة جاءت هذه الجولة أكثر حدة، إذ لجأت الإدارة إلى أدوات ضغط مباشرة شملت التهديد بوقف التمويل الفدرالي وفتح تحقيقات رسمية، في محاولة للضغط على الجامعات المستهدفة ودفعها إلى الالتزام بتوجهات الإدارة وسياساتها.
جامعات الرابطة
و رابطة اللبلاب تجمّع يضم 8 جامعات خاصة عريقة في شمال شرق الولايات المتحدة، وتُعرف بتميزها الأكاديمي وشروطها الصارمة للقبول، إلى جانب تاريخها المؤثر في الحياة السياسية والاجتماعية الأميركية.
وتضم الرابطة جامعات براون وكولومبيا وكورنيل وكلية دارتموث وهارفارد وبرينستون وبنسلفانيا وجامعة ييل.
وتعود أصل التسمية إلى ثلاثينيات القرن الماضي عندما كان هذا الوصف يُستخدم خلال البطولات الرياضية بين هذه الجامعات التي تميزت مبانيها بجدرانها المغطاة بنبات اللبلاب، قبل أن يتحول الاسم لاحقا إلى مرادف للنفوذ الأكاديمي والرمزية الثقافية.
ولطالما ساد الاعتقاد بأن الدراسة في جامعات رابطة اللبلاب تمهد الطريق إلى دوائر السلطة والنفوذ، فمن بين خريجيها رؤساء سابقون مثل باراك أوباما وجورج بوش الأب والابن وبيل كلينتون، وحتى الرئيس الحالي دونالد ترامب، هذا إلى جانب أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي وعدد من المسؤولين الفدراليين من ذوي المناصب الرفيعة.
لماذا الهجوم على الرابطة؟
يجادل مراقبون بأن الدور الذي تلعبه هذه المؤسسات مبالغ فيه ويغفل المشاركة الواسعة في المسارات القيادية من مؤسسات تعليمية أخرى.
ويرون أن الحملة الحالية التي تشنها الإدارة الأميركية ضد مؤسسات التعليم المرموقة في البلاد هي حلقة جديدة في سلسلة صراع ممتد منذ سنوات يتعلق بتسييس التعليم العالي والدور الذي تضطلع به الجامعات في تشكيل الرأي العام الأميركي.
في المقابل، يرى المحافظون الأميركيون أن الرابطة -التي تضم أعرق الجامعات في الولايات المتحدة- قد تجاوزت دورها الأكاديمي لتتحول إلى مراكز لبث الأفكار الليبرالية وصناعة توجهات سياسية مناهضة لهم.
لذلك، لا يعتبرون وقف المنح الفدرالية وغيرها من الإجراءات استهدافا سياسيا، بل تصحيحا لمسار منحرف عن الحياد الأكاديمي.
استقلالية فكرية
وتدافع جامعات الرابطة عن استقلاليتها الفكرية، مؤكدة أن انفتاحها على القضايا السياسية والاجتماعية من زوايا متعددة لا يعني بالضرورة انحيازا، بل تجسيدا لرسالتها الأكاديمية واتباعا لتعددية الرأي.
وفي السياق ذاته، جاءت دراسة صادرة عن معهد مانهاتن في أكتوبر/تشرين الأول 2024 لتبدد الصورة النمطية عن سيطرة الجامعات العريقة على إعداد السياسيين الأميركيين.
ويشير معد الدراسة الباحث آندي سماريك إلى أن القيادة السياسية في الولايات المتحدة ليست حكرا على خريجي الجامعات المرموقة، بل تأتي من خلفيات أكاديمية أكثر تنوعا.
وأظهرت الدراسة -على سبيل المثال- أن نسبة لا تتجاوز 14% من قضاة المحاكم العليا في الولايات يحملون شهادات قانونية من جامعات "رابطة اللبلاب" مقابل 45% تخرجوا في كليات حقوق تابعة لجامعات حكومية كبرى.
ضغوط متعددة الجبهات
منذ بداية الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب شرعت الإدارة الأميركية في تنفيذ ما وصفتها بـ"خطوات إصلاحية" تستهدف قطاع التعليم العالي، في محاولة لإعادة ضبط العلاقة بين الجامعات ومجتمعها الأكاديمي على أسس جديدة.
وجاءت أولى هذه الخطوات من خلال إصدار ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى مكافحة معاداة السامية، خاصة في المؤسسات التعليمية، وكلف الوكالات الفدرالية بمراجعة السلطات المدنية والجنائية المتاحة لمواجهة معاداة السامية، بالإضافة إلى تحليل لجميع الشكاوى والقضايا المتعلقة بالتمييز ضد اليهود في الجامعات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وبحسب رؤية الحكومة في واشنطن، فإن بعض الجامعات -وفي مقدمتها مؤسسات "رابطة اللبلاب"- غضت الطرف عن تصاعد الخطاب المعادي لليهود عبر ما سمحت به من احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي إطار حملتها الواسعة للحد مما وصفته بخطاب الكراهية في الحرم الجامعي بدأت الإدارة الأميركية بممارسة ضغوط متصاعدة على الجامعات العريقة عبر التهديد بوقف التمويل الفدرالي كوسيلة للضغط والتأثير.
وبرز هذا الاتجاه في حالة جامعة كولومبيا التي تحولت إلى مركز للاحتجاجات عند بداية الحرب على قطاع غزة، لتجد الجامعة نفسها مهددة بخسارة نحو 400 مليون دولار من التمويل الحكومي كإجراء عقابي بعد أن وُجهت إليها اتهامات بالفشل في حماية الطلاب اليهود.
ولم تكن جامعة كولومبيا وحدها، بل طالت الإجراءات جامعات بارزة أخرى ضمن الرابطة مثل بنسلفانيا وبرينستون وبراون، حيث وُجهت إليها تحذيرات مماثلة تتعلق بمكافحة معاداة السامية وإعادة النظر في برامج التنوع والمساواة والشمول.
وبالتزامن مع ذلك، فتحت السلطات الفدرالية تحقيقات مع طلاب شاركوا في مظاهرات تضامنية مع القضية الفلسطينية، كان من أبرزهم محمود خليل خريج الدراسات العليا، والذي تم اعتقاله ويواجه حاليا خطر الترحيل من الولايات المتحدة بعد إلغاء إقامته الدائمة.
ولم تقتصر الضغوط الفدرالية على التهديد بوقف التمويل فقط، بل اتسعت لتطال واحدا ممن الامتيازات التي حظيت بها الجامعات المستهدفة، وهو امتياز الإعفاءات الضريبية، ففي منشور على منصته "تروث سوشيال" أعلن الرئيس الأميركي في الثاني من مايو/أيار الماضي إلغاء الإعفاء الضريبي الممنوح لجامعة هارفارد، مع التأكيد بأن "هذا ما يستحقونه!".
ويرى خبراء قانونيون أن القرار يعد سابقة قضائية، وقد يواجه مسارا طويلا قبل أن يصبح قابلا للتنفيذ.
من جهتها، أكدت جامعة هارفارد في بيان أن التهديد لا يستند إلى أساس قانوني متين، مشددة على التزامها بالمعايير المتبعة في إدارتها المالية.
التمويلات الخارجية
ومع تراكم الضغوط القانونية والسياسية والمالية أعادت الإدارة الأميركية فتح ملف كان موضع جدل يتعلق بالتمويلات الأجنبية، إذ اتهمت عددا من الجامعات المرموقة بعدم الإفصاح الكامل عن المنح والتبرعات التي تتلقاها من جهات خارجية.
ولوحت وزارة التعليم بفرض عقوبات مالية صارمة على المؤسسات التي لا تتعاون، وطالبتها بتقديم وثائق وبيانات دقيقة عن مصادر التمويل الأجنبي.
وأشارت الوزارة إلى أن جامعة هارفارد قدّمت "معلومات ناقصة وغير دقيقة" عن التبرعات، في حين تخضع حاليا جامعات أخرى مثل جامعة كاليفورنيا لتحقيقات فدرالية مماثلة بشأن مصادر تمويلها.
وامتدت الحملة لتطال الطلاب الأجانب عبر سلسلة إجراءات وصفها مسؤولون في واشنطن بأنها ضرورية لحماية الأمن القومي شملت تعليق إصدار التأشيرات وتوسيع المراقبة الرقمية.
وبحسب وكالة رويترز، وجهت وزارة الخارجية الأميركية في 27 مايو/أيار الماضي تعليمات إلى بعثاتها الدبلوماسية في الخارج بوقف جدولة المواعيد الجديدة لمقدمي طلبات التأشيرات الطلابية، بالتزامن مع استعدادها لتوسيع نطاق الفحص الإلكتروني والنشاط على وسائل التواصل الاجتماعي للطلاب الأجانب.
ووقّع الرئيس الأميركي إعلانا يعلق دخول الطلاب الأجانب إلى الولايات المتحدة الذين يسعون للدراسة أو المشاركة في برامج التبادل في جامعة هارفارد مدة 6 أشهر، قائلا إن دخول مواطني بعض الدول "يضر بالمصالح الأميركية ما لم يتم اتخاذ تدابير"، وإن القرار يحمي البلاد من التهديدات الأمنية.
لم تعد جامعة هارفارد مجرد مؤسسة أكاديمية مرموقة وسط الجامعات في الولايات المتحدة، بل تحولت -وفقا لمحللين- إلى رمز للصراع السياسي والثقافي بين الإدارة الأميركية والتيار المحافظ من جهة ومؤسسات التعليم العالي من جهة أخرى.
ويرى هؤلاء أن الهجوم الشرس على الجامعة يتجاوز حدود الخلاف مع جهة تعليمية، ليصبح أداة سياسية تعبئ القاعدة الشعبية لحركة "اجعلوا أميركا عظيمة مجددا" (ماغا) التي أوصلت ترامب إلى الحكم مرتين.
وتمثل هارفارد في نظر الحركة نموذجا لنخبة تعليمية وثقافية تعارض سياسات الرئيس، ويعتقد هذا التيار أن الإدارة الحالية لن تحرز تقدما حقيقيا في معركتها ضد جامعات النخبة دون إخضاع هارفارد.
وتجد الجامعة نفسها في خضم معارك قانونية وتحقيقات متواصلة، إلى جانب ضغوط تمس جوهر استقلالها الأكاديمي، منها ما يتعلق بمحاولات فرض تغييرات في مناهجها.
وفي وقت استجابت فيه جامعات أخرى مثل كولومبيا لبعض المطالب الحكومية حفاظا على التمويل الفدرالي تمسكت هارفارد بخط دفاع صارم.
وفي تصريح علني، شدد رئيس الجامعة آلان غاربر على أن "هارفارد لن تتنازل عن استقلالها وحقوقها الدستورية"، مؤكدا أن الجامعة "لن تقبل استيلاء الحكومة الفدرالية على قرارها الأكاديمي، ولن تخضع لشروط تتجاوز السلطة القانونية للإدارة الحالية أو أي إدارة قادمة".
ورغم التهديد الصريح بفقدان التمويل الذي قد يصل إلى مليارات الدولارات فإن الجامعة أبدت موقفا واضحا بعدم التراجع.
في المقابل، دعا ترامب الجامعة إلى أن "تحسن التصرف"، متهما إياها بـ"قلة احترام بالغة" تجاه الولايات المتحدة، قائلا "كل ما يفعلونه هو التورط أكثر فأكثر".
ولدعم رؤيته بشأن ما يعتبره فشلا مؤسسيا في توفير فرص تعليم عادلة، أعلن من البيت الأبيض أنه يدرس إعادة توزيع المنح السنوية المقدرة بـ3 مليارات دولار لصالح المدارس المهنية والتقنية، مؤكدا أنه "بهذا المال يمكننا تمويل أفضل المدارس التجارية في العالم"، كما دعا الجامعات إلى زيادة قبول الطلاب الأميركيين بدلا من الأجانب.
إشادات بموقف هارفارد
ولقي موقف هارفارد إشادة من أوباما الذي وصفه بأنه "نموذج لمؤسسات التعليم العالي الرافضة لمحاولات غير قانونية وغير مدروسة لقمع الحرية الأكاديمية".
وعبر أوباما في تصريحات سابقة عن قلقه من استهداف الجامعات النخبوية، منتقدا الدعوات إلى الكشف عن أسماء الطلاب الذين يمارسون حقهم في التعبير.
من جهته، انضم السيناتور المستقل بيرني ساندرز إلى الأصوات المدافعة عن الجامعة، وكتب في منشور على منصة "إكس" مشيدا بـ"رفض هارفارد التنازل عن حقوقها الدستورية أمام استبداد ترامب"، داعيا الجامعات الأخرى إلى أن تحذو حذوها في الدفاع عن استقلالها الأكاديمي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
أعمال عنف ونشر ألفين من قوات الحرس.. ماذا يحدث بولاية كاليفورنيا؟
اندلعت مساء الجمعة احتجاجات في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا بعد أن نفذ ضباط من وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك عمليات في المدينة واعتقلوا 44 شخصا على الأقل بتهمة ارتكاب مخالفات لقوانين الهجرة، وسرعان ما تطورت الاحتجاجات التي استمرت حتى اليوم الأحد إلى أعمال عنف مما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأحد إلى إصدار أوامر بشر ألفي عنصر من قوات الحرس الوطني في المدينة لموجهتها. فما سبب الأزمة وكيف بدأت شرارة الأحداث؟ وما هو موقف الإدارة الأميركية من تلك الأحداث؟ كذلك ما هو موقف الديمقراطيين الذين يديرون لوس أنجلوس؟ وما دور النقابات بعد اعتقال رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية في ولاية كاليفورنيا؟ ما سبب الأزمة؟ جعل ترامب من اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة سمة مميزة لولايته الثانية، وبدأ عمليات ترحيل لعشرات آلاف المهاجرين، الأمر الذي وضع الديمقراطيين في مواجهة إدارة ترامب، خاصة مع تزايد الاحتجاجات على الاعتقالات في معاقل الديمقراطيين، وتصاعد الأمر بوصول حملة ترامب إلى لوس أنجلوس -التي يديرها الديمقراطيون- والتي يشكل ذوو الأصول اللاتينية والمولودون في الخارج جزءا كبيرا سكانها. بدأت الاحتجاجات بعد ظهر يوم الجمعة الماضي بعد احتجاز أكثر من 40 شخصا في عمليات مداهمة للهجرة في جميع أنحاء لوس أنجلوس في وقت سابق من ذلك اليوم، مما أثار اشتباكات بين الضباط والمتظاهرين تحولت إلى أعمال عنف وأسفرت عن قيام الشرطة بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع في وسط الحشد. ما هو موقف الادارة الأميركية وسلطات إنفاذ القانون: بحسب وصف صحيفة بوليتيكو فقد سعى مسؤولو إدارة ترامب إلى تصوير أحداث يوم الجمعة باعتبارها هجوما عنيفا على مسؤولي الهجرة الفيدراليين، مدفوعا بسياسيين ديمقراطيين كانوا صريحين في إدانتهم لسياسة الهجرة التي تنتهجها الإدارة. وقال توم هومان، مسؤول الحدود في البيت الأبيض، لشبكة فوكس نيوز يوم أمس السبت إن إنفاذ قوانين الهجرة يجعل لوس أنجلوس أكثر أمانا، وأنه وسط الاحتجاجات "سنقوم باستدعاء الحرس الوطني الليلة". واعتبرت المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي تريشيا ماكلولين في بيان ان الوضع الذي حدث كان نتيجة مباشرة "للتشويه المتكرر وتشويه سمعة إدارة الهجرة والجمارك" من قبل السياسيين الديمقراطيين، بما في ذلك حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم وعمدة لوس أنجلوس كارين باس. وأضافت أن "الاستهداف العنيف لرجال إنفاذ القانون في لوس أنجلوس من قِبل مثيري الشغب الخارجين عن القانون أمرٌ حقير، ويجب على عمدة كاليفورنيا باس وحاكم كاليفورنيا نيوسوم المطالبة بإنهائه. لقد خاطر رجال ونساء إدارة الهجرة والجمارك بحياتهم لحماية المواطنين الأمريكيين والدفاع عنهم"، مشددة بأن "الخطاب العنيف" لـ"سياسيي الملاذ الآمن" أمرٌ مرفوض. وقد عززت إدارة الهجرة والجمارك موقفها وحذرت من أن أحداث يوم الجمعة لم تكن بأي حال من الأحوال نهاية حملتها على الهجرة. ما هو موقف النقابات في كاليفورنيا؟ مع تصاعد الموقف، أُلقي القبض على رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية في كاليفورنيا، ديفيد هويرتا، حيث أصيب بجروح خلال احتجازه استدعت دخوله المستشفى لفترة وجيزة، وفقًا لبيان صادر عن النقابة. ووفقا لبيان صادر عن اتحاد عمال الخدمات الدولي مساء الجمعة، أُطلق سراح هويرتا من المستشفى، لكنه لا يزال رهن الاحتجاز. وقال هويرتا في بيان: "ما حدث لي لا يتعلق بي؛ إنه يتعلق بأمر أكبر بكثير. يُعامل الكادحون، وأفراد عائلتنا ومجتمعنا، كالمجرمين. علينا جميعا الاعتراض على هذا الجنون، لأن هذا ليس عدلا، بل ظلم. وعلينا جميعا أن نقف إلى جانب الحق". وتدفقت صرخات الاستنكار يوم السبت من جانب المنظمات الليبرالية الكبرى -بما في ذلك اتحاد العمال العملاق "الاتحاد الأميركي للعمل ومؤتمر المنظمات الصناعية" وفرع اتحاد الحريات المدنية الأميركي في جنوب كاليفورنيا – والتي أدانت المداهمات وطالبت بالإفراج عن رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية في كاليفورنيا، ديفيد هويرتا. ما هو موقف الديموقراطيين؟ في أعقاب الاشتباكات التي وقعت يوم الجمعة، قالت مجموعة من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين من منطقة لوس أنجلوس إنهم مُنعوا يوم السبت من زيارة المبنى الفيدرالي حيث يُزعم احتجاز أشخاص في مراكز احتجاز المهاجرين . وقالت النائبة لوز ريفاس (ديمقراطية من كاليفورنيا) في بيان: "إن التقارير عما يحدث داخل مبنى رويال الفيدرالي تُعدّ انتهاكًا صارخًا لقوانيننا ووصمة عار على قيمنا كدولة". وأضافت: "لقد منعتني إدارة ترامب وزملائي من أداء واجباتنا الرقابية في الكونغرس بشأن الانتهاكات والإهمال المُبلّغ عنه في هذه المنشأة". إلى أين تتطور الأحداث؟ أمر الرئيس الأميركي اليوم الأحد بنشر ألفي عنصر من قوات الحرس الوطني في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، وقال البيت الأبيض في بيان إن ترامب وقع مذكرة رئاسية لنشر قوات الحرس الوطني "لمعالجة الفوضى التي سُمح لها بالتفاقم". وقال كبير مسؤولي إنفاذ القانون في إدارة ترامب في جنوب كاليفورنيا إن قوات الحرس الوطني ستصل إلى لوس أنجلوس خلال الساعات الـ24 القادمة، لقمع المحتجين الرافضين لموقف إدارة ترامب من الهجرة. كما أعلن ترامب، اليوم الأحد، حظر ارتداء الأقنعة في المظاهرات التي تشهدها لوس أنجلوس ضد حرس الحدود، وكتب في منشور على منصة "تروث سوشال" التي يملكها: "من الآن فصاعدا سيمنع ارتداء الأقنعة في المظاهرات، ماذا يريد هؤلاء الناس إخفاءه ولماذا؟". يرى بعض المسؤولين الأميركيين أن ترامب قد يستند -إذا اضطر- إلى قانون العصيان الذي يعود لعام 1807 ويعطي الرئيس حق نشر الجيش الأميركي لإنفاذ القانون وكبح الاضطرابات المدنية، مما يجعل الأحداث تأخذ منحا آخر أكثر خطورة.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
الحظر الأميركي على دخول مواطني 12 دولة يدخل حيز التنفيذ غدا
يبدأ منتصف الليلة في الولايات المتحدة سريان أمر تنفيذي أصدره الرئيس دونالد ترامب بحظر دخول مواطني 12 دولة إلى الأراضي الأميركية بدعوى حماية الأمن القومي. ويشمل القرار مواطني كل من إيران وليبيا والصومال والسودان واليمن وأفغانستان وميانمار وتشاد وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وإريتريا وهاييتي. كما فرضت الإدارة الأميركية قيودا جزئية على دخول مواطني 7 دول إضافية هي بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان وفنزويلا. وبرر ترامب القرار بأن الدول الخاضعة لأشد القيود "لديها وجود واسع النطاق للإرهابيين، وتعاني من عجز في التحقق من هوية المسافرين، ولا تتعاون بشكل كاف في أمن التأشيرات". كما أشار إلى ارتفاع معدلات البقاء في الولايات المتحدة بعد انتهاء التأشيرات بالنسبة إلى رعايا هذه الدول. وضرب ترامب مثالا بواقعة بولدر في ولاية كولورادو الأسبوع الماضي حين ألقى مواطن مصري قنابل حارقة على حشد مؤيد لإسرائيل، مشيرا إلى أن الحادثة تبرز الحاجة إلى تشديد القيود، علما بأن مصر ليست ضمن الدول المشمولة بالحظر. إدانات وردود غاضبة وفي أعقاب الإعلان عن القرار توالت ردود الفعل الدولية الرافضة، إذ أدانت إيران القرار بشدة، واصفة إياه بأنه "عنصري". إعلان وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الإجراء "يعكس عداء عميقا تجاه الشعب الإيراني، وينتهك مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان". أما تشاد فردت السلطات بإجراءات مماثلة، حيث أعلن رئيس البلاد محمد إدريس ديبي عن تعليق إصدار تأشيرات دخول للمواطنين الأميركيين "وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل". كذلك، وجّه رئيس الوزراء الأفغاني محمد حسن آخوند -أمس السبت- دعوة علنية إلى الأفغان الذين فروا من البلاد بالعودة إلى وطنهم، متعهدا بعدم التعرض لهم بسوء. وقال آخوند في رسالة نشرها بمناسبة عيد الأضحى على منصة "إكس" "يجب على الأفغان الذين تركوا البلاد العودة إلى وطنهم، ولن يضرهم أحد". وأضاف "عودوا إلى أراضي أجدادكم، وعيشوا في مناخ سلمي"، موجها المسؤولين الأفغان بضمان توفير الخدمات اللازمة للعائدين، ومنحهم المأوى والدعم. وفي يناير/كانون الثاني الماضي علّقت إدارة ترامب أحد برامج اللجوء الرئيسية الخاصة بالأفغان، باستثناء الطلبات المقدمة من أولئك الذين خدموا إلى جانب القوات الأميركية. وفي الداخل الأميركي، وجّه مشرعون ديمقراطيون انتقادات لقرار الحظر، وقال النائب الديمقراطي رو خانا عبر منصة إكس "حظر ترامب سفر مواطني أكثر من 12 دولة قاس وغير دستوري، من حق الناس طلب اللجوء". ويأتي القرار في إطار سياسة ترامب المتشددة تجاه الهجرة واللاجئين، والتي أعادت إلى الأذهان حظر السفر الذي فرضه خلال ولايته الأولى على رعايا 7 دول ذات أغلبية مسلمة، وأثار حينها موجة احتجاجات واسعة. وبينما يرى منتقدو هذه السياسة أنها "تمييز عنصري مقنن" و"إجراء غير فعال في حماية الأمن القومي" تؤكد إدارة ترامب أن الحظر الجديد "ضروري لمنع دخول الإرهابيين وتقليص التهديدات على الأراضي الأميركية".


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
يزيد العجز بـ2.4 تريليون دولار فلماذا يُصر ترامب على مشروعه "الكبير والجميل"
واشنطن – منذ ولايته الأولى، لم يتوقف الرئيس دونالد ترامب عن تكرار أنه يسعى لترشيد الإنفاق الحكومي، وفي سبيل ذلك عهد لرجل الأعمال الشهير وأغنى رجل في العالم، إيلون ماسك بالمساهمة في تحقيق هذا الهدف من خلال إدارة الكفاءة الحكومية قبل أن تدب الخلافات بين الرجلين عندما انتقد ماسك مشروع القانون لترامب المعروف باسم "التشريع الكبير والجميل" الذي يشمل خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي بشكل كبير. ووسط قلق الخبراء المبرر من زيادة الدين العام، يدافع ترامب باستمرار عن حجم ونطاق هذا التشريع واصفا ضخامة الإنفاق بأنها استثمارات ستعيد لأميركا عظمتها. ووصف ترامب القانون بأنه أهم تشريع في ولايته الثانية، وهو مشروع قانون واحد من شأنه أن يمهد لتنفيذ أجندته الداخلية بأكملها. ولكن مع توجه مشروع القانون من مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ، يُتوقع أن يواجه الكثير من المعارضة. وكشف تقرير صدر من "معهد مراقبة الميزانية" المستقل في واشنطن أن مشروع القانون سيضيف 2.4 تريليون دولار إلى الدين الوطني على مدى العقد المقبل. ويدفع القانون الأعضاء الجمهورين بالكونغرس للرد على سؤال صعب عن جدوى هذا التشريع، خاصة مع تمتعهم بحكم البيت الأبيض، والسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ. و"مشروع القانون الكبير والجميل"، هو حزمة تشريعية شاملة قدمها ترامب قبل أسابيع، وتم تمريره في مجلس النواب بفارق ضئيل في 22 مايو/أيار، بأغلبية 215 صوتا مقابل 214 صوتا جاءت على أساس حزبي صارم. وجاء تمرير القرار في لحظة محورية في أجندة ترامب التشريعية، مما يعكس أولويات سياسته والانقسامات العميقة داخل الحزب الجمهوري. أبرز مزايا مشروع القانون الجديد سيتضمن القانون 4 مجالات أساسية تؤدي لرفع الإنفاق، وخفض الضرائب على النحو التالي: خفض الضرائب يسعى المشروع لجعل التخفيضات الضريبية التي سُنت خلال ولاية ترامب الأولى، والتي كان من المقرر أن تنتهي في نهاية العام الجاري، دائمة سواء ما يتعلق بالأفراد أو الشركات. وإلغاء الضرائب على البقشيش، والعمل الإضافي وفوائد قروض السيارة. ويقلل المشروع معدلات الضرائب على الأفراد في كل شريحة دخل فردية، وكذلك للشركات، مما يقلل معدل ضريبة الشركات من 25% إلى 21%. ومن المتوقع أن تضيف هذه التدابير ما يقرب من 4 تريليونات دولار إلى الدين الوطني على مدى العقد القادم. تشمل التغييرات المهمة في برنامج "ميديكيد" (Medicaid)، الذي يوفر التأمين الصحي لما يقرب من 70 مليونا من فقراء أميركا، ومقاتليها السابقين. ويضع القانون الجديد شروطا صعبة، منها فرض 80 ساعة شهريا من العمل أو التعليم أو الخدمة المجتمعية للبالغين الأصحاء جسديا. وتتوقع تقارير أن يقلل المشروع الإنفاق على هذه البرامج بما يقدر بـ700 مليار دولار على مدى 10 سنوات، إلا أن مكتب الميزانية في الكونغرس يقدر أن 8.6 ملايين شخص قد يفقدون التأمينات الصحية. يخصص مشروع القانون 70 مليار دولار لأمن الحدود، منها 46.5 مليار لبناء وصيانة الحواجز على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ويخصص القانون مليارات الدولارات لزيادة أعداد ضباط دوريات الحدود وضباط الجمارك، لتعزيز قدرات تنفيذ قوانين الهجرة. وأخيرا يخصص القانون مليارات الدولارات لتسريع إجراءات الترحيل والاحتجاز، وبناء مراكز احتجاز تسمح بإيواء 100 ألف مهاجر إضافي. يخصص مشروع القانون 150 مليار دولار إضافية للإنفاق الدفاعي، ويخصص منهم 25 مليار دولار لتطوير نظام الدفاع الصاروخي " القبة الذهبية". وتخصيص 34 مليار دولار لتوسيع الأسطول البحري، ومشاريع بناء السفن الجديدة. كما يتم تخصيص 21 مليار دولار لإعادة مخزونات الذخيرة لتجديد وتحديث احتياطيات الذخيرة في البلاد. "الكبير والجميل" بين دعم ومعارضة الجمهوريين وبعد حصول مشروع القانون على دعم كل الجمهوريين في مجلس النواب، وتحمس له بشدة الأعضاء الذين يدافعون عن التخفيضات الضريبية وسياسات التشدد تجاه المهاجرين، لا يمكن التكهن بنتائج تبني المشروع على ما تبقى من حكم ترامب. ويقدر مكتب الميزانية في الكونغرس أن مشروع القانون سيزيد العجز الفدرالي بنحو 2.4 تريليون دولار خلال العقد المقبل. بينما يجادل المؤيدون بأن التخفيضات الضريبية ستحفز النمو الاقتصادي، ويؤكد النقاد أن الآثار المالية طويلة الأجل يمكن أن تكون ضارة. وانتقد مشروع القانون 3 فئات أساسية، فئتان جمهوريتان، والثالثة ديمقراطية على النحو التالي: المحافظون الماليون من الجمهوريين، فقد أعرب عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، مثل السيناتور ريك سكوت، من ولاية فلوريدا، والسيناتور رون بول من ولاية كنتاكي، عن مخاوفهما من أن تخفيض الإنفاق على مشروع القانون غير كافية، وأنها ستؤدي إلى تفاقم الدين القومي. إيلون ماسك وإدارة الكفاءة الحكومية "دوج" (DOGE)، حيث انتقد ماسك بحدة مشروع القانون، واعتبره إهدارا لجهوده في تقليص الهدر الحكومي، ووصل لدرجة وصفه بأنه تشريع "بغيض مثير للاشمئزاز". الديمقراطيون والمدافعون عن حق الرعاية الصحية، وتركز معارضة هذا الفريق على الخسارة المحتملة للتأمينات الصحية للفقراء التي يتمتع بها ملايين الأميركيين، إضافة لهؤلاء المنزعجين من تخفيضات برامج الرعاية. وعلى النقيض، يواجه العديد من الأعضاء الجمهوريين معضلة في أن قانون ترامب يلغي عمليا قانون "خفض التضخم" الذي مرر في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وترك آثارا إيجابية على تغير المناخ، وتوفير ضمانات ائتمانية ضريبية لمشاريع الطاقة النظيفة، وإعادة تأهيل البنية التحتية. واستفادت الكثير من المقاطعات الجمهورية من مشاريع مختلفة منها مشاريع الطاقة النظيفة أو بناء مصانع لبطاريات السيارات الكهربائية. من هنا لا يتوقع أن يوافق أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين على الجزء المتعلق بإلغاء قوانين الرئيس السابق بايدن. تتحكم خلفية ترامب، كرجل أعمال ومطور عقاري، في رؤيته للإنفاق الحكومي، ويعتمد عالم العقارات على الاستفادة من الديون، حيث يقترض المطورون للبناء، متوقعين أن تتجاوز قيمة مشاريعهم في نهاية المطاف تكلفة الاقتراض. ويرى ترامب أن الإنفاق الحكومي الضخم الآن سيؤتي ثماره في المستقبل، ويستحق عناء رفع معدلات القروض، مع إيمانه أن النتيجة النهائية كانت تستحق العناء. ولا توافق النخبة الجمهورية في أغلبها على هذا الطرح، وحذر صقور الجمهوريين من أن الاقتراض غير الخاضع للرقابة من شأنه أن يثقل كاهل الأجيال القادمة. لكن بالنسبة لترامب، فإن النتائج السياسية والاقتصادية تفوق تلك المخاوف. وبالنسبة لحسابات ترامب السياسية، يمكن الترويج إلى أن التخفيضات الضريبية دليل على أنه يراعي الطبقة الوسطى على عكس ما يكرره منتقدو ترامب من أن مشروع القانون يخدم الأثرياء. كما يمكن لترامب أن يشير إلى أن رفع حجم الإنفاق العسكري دليل على عهده بجعل "أميركا أولا". من ناحية أخرى، كشف تحمس ترامب لمشروع قانون "الكبير والجميل" عن انقسامات ضخمة داخل الحزب الجمهوري. وشعر الجمهوريون المحافظون التقليديون، الذين دافعوا عن ميزانيات متوازنة منذ عهد الرئيس رونالد ريغان، بالفزع من استعداد ترامب لتراكم المزيد من الديون. وحذر أعضاء مجلس الشيوخ مثل راند بول ورئيس مجلس النواب السابق بول رايان من أن الدين الوطني سيتجاوز 30 تريليون دولار، وهو ما حدث بالفعل. ورغم مخاوف الجمهوريين، لم يصوت أي نائب جمهوري في مجلس النواب ضد التشريع. ولا يتوقع أن يستمر هذا التأييد الجمهوري الكامل بهذه الصورة في مجلس الشيوخ الذي يتمتع فيه الديمقراطية بأغلبية 3 أصوات فقط. في النهاية، تمكن الرئيس ترامب من التغلب على تحفظات الجمهوريين في مجلس النواب عندما يتعلق الأمر بإلغاء قانون خفض التضخم. والآن بعد أن توجه مشروع القانون هذا إلى مجلس الشيوخ، والذي يجب أن يمرره حتى يصبح مشروع القانون هذا لديه فرصة ليصبح قانونا مطبقا بالفعل، يواجه ترامب اختبارا عسيرا ضاعف من أهميته الخلاف الحاد مع ماسك.