logo
تغير المناخ يهدد تربية النحل في سوس ماسة: إنتاج العسل في تراجع والنحالون يدقون ناقوس الخطر

تغير المناخ يهدد تربية النحل في سوس ماسة: إنتاج العسل في تراجع والنحالون يدقون ناقوس الخطر

أكادير 24٢٦-٠٧-٢٠٢٥
سكينة نايت الرايس
تواجه تربية النحل في جهة سوس ماسة تحديات متزايدة بفعل التغيرات المناخية المتسارعة، التي باتت تؤثر بشكل مباشر على مردودية الإنتاج وجودة العسل. ويؤكد المهنيون أن هذه التحولات المناخية لم تعد مجرد ظواهر موسمية، بل تحوّلت إلى نمط جديد مناخي فرض واقعًا مقلقًا على القطاع، انعكست تداعياته على مختلف مراحل دورة تربية النحل، من نشاط الطوائف إلى وفرة الأزهار وجودة المراعي.
وتعد تربية النحل نشاطًا فلاحيًا حيويًا في جهة سوس ماسة، نظرًا لما توفره من فرص شغل ومساهمة في الدورة الاقتصادية المحلية. إلا أن هذا النشاط أضحى مهددًا اليوم في عمقه بفعل اختلالات مناخية متكررة، تشمل تغير توقيت الفصول، وندرة التساقطات، وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مألوفة، وهي عوامل تؤثر سلبًا على الإزهار الطبيعي، وبالتالي على النظام البيئي الداعم للنحل، مما يقلص فرص الإنتاج ويهدد استمرارية هذه السلسلة الحيوية.
ويضطر مربو النحل في ظل هذا الواقع إلى اعتماد تدابير استثنائية، أبرزها الترحال الموسمي نحو مناطق أكثر رطوبة واعتدالًا، وتعديل طرق التربية والرعاية، بما فيها تحسين التهوية داخل الخلايا، وترشيد الزيارات الميدانية، والبحث عن مصادر بديلة للرحيق، في محاولة للحفاظ على الحد الأدنى من الإنتاج وضمان البقاء في السوق.
وفي هذا السياق، سجل عدد من مربي النحل خلال الموسم الصيفي الحالي تراجعًا واضحًا في إنتاج العسل، نتيجة موجات الحرارة المرتفعة، والجفاف المتواصل الذي أثر على نمو النباتات وتنوع الغطاء النباتي. وقد ساهم هذا الوضع في خسائر كبيرة على مستوى خلايا النحل، إلى جانب ضعف جودة الرحيق، مما أدى إلى تدني مردودية النحالين واضطرارهم إلى تغيير عدد من ممارساتهم التقليدية، للتأقلم مع التحولات البيئية المفروضة.
تربية النحل في أرقام: بين المؤهلات والضغوط
يتوفر المغرب على مؤهلات طبيعية كبيرة في مجال تربية النحل، بفضل تنوع موارده العلفية من الغابات الطبيعية، كالأوكاليبتوس والأرگان، إلى الزراعات الصناعية مثل عباد الشمس والكولزا، بالإضافة إلى النباتات الجبلية العطرية والطبية، كإكليل الجبل، والزعتر، والدغموس. هذا الغنى النباتي يجعل من المغرب موطناً لإنتاج أكثر من سبعة أصناف مرمزة من العسل، تختلف باختلاف المناطق والبيئة المناخية.
وتحتل جهة سوس ماسة مكانة متميزة على المستوى الوطني في هذا المجال، إذ تُعرف بإنتاج نوعين ذوي قيمة عالية: عسل الزعيترة، وعسل الدغموس، وهما منتوجان يتمتعان بخصوصيات طبية وغذائية مطلوبة في الأسواق المحلية والدولية.
ووفق معطيات وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات (2019)، يبلغ حجم إنتاج العسل بالجهة حوالي 2250 طناً سنوياً، بقيمة مضافة تصل إلى 203 ملايين درهم، وتوفر سلسلة الإنتاج ما يفوق 643,943 يوم عمل، موزعة بين الإنتاج المباشر، والخدمات اللوجستية، والأنشطة المرتبطة بالبيع والتسويق.
غير أن هذه المؤشرات، حسب مهنيين، تشهد تراجعاً مستمراً خلال السنوات الأخيرة، بسبب التغيرات المناخية التي أضرت بانتظام مواسم الإزهار، وجودة المراعي الطبيعية. وأصبح النحالون يواجهون موسماً بعد آخر خطر تراجع الإنتاج، وفقدان أصناف مميزة، مثل عسل الزعيترة الذي سجل غياباً شبه تام في الموسم الحالي، وهو ما ينذر بانكماش متسارع في قطاع لطالما ساهم في استقرار الاقتصاد التضامني.
تغيرات مناخية تعصف بالإنتاج وتقلص نشاط النحالين
أكد لحسن، نحال من جماعة إضمين بعمالة أكادير إداوتنان، أن التغيرات المناخية أثرت بشكل مباشر على قطاع تربية النحل، مشيرًا إلى أن سنوات الجفاف المتتالية، وموجات الحر الشديدة، تسببت في تراجع الإنتاج وموت أسراب النحل في بعض المناطق. كما أوضح أن التساقطات المطرية المسجلة خلال شهري مارس وأبريل الماضيين منحت بعض الأمل للمربين، غير أن الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة بعدها أحبط تطلعاتهم من جديد وأعاد الأزمة إلى الواجهة.
من جهته، أفاد سعيد، نحال من إقليم اشتوكة آيت باها، بأن ارتفاع درجات الحرارة دفع النحالين إلى تقليص نشاطهم الميداني، مضيفًا أن النحل نفسه يعزف عن مغادرة خلاياه بسبب الحرارة الشديدة، مما يؤثر سلبًا على إنتاج العسل. كما أدى ضعف الغطاء النباتي إلى تراجع كبير في تنوع الأزهار، وهو ما انعكس مباشرة على مردودية النحالين.
وأضاف النحالان أن غياب عسل الزعيترة الذي تشتهر به الجهة بشكل شبه كلي هذا الموسم، وتراجع كميات عسل الدغموس والعرعار، يعكسان حجم الأزمة التي يعيشها القطاع. كما أصبحت المراعي الطبيعية للنحل عرضة لأمراض مرافقة للتغيرات المناخية، خصوصًا خلال فترات الحر الشديد، ما يزيد من حجم الخسائر المسجلة سنويا.
دعوات متكررة للتدخل وتوفير دعم مستدام
يرى محمد العميري، رئيس الجمعية الإقليمية لمربي النحل بأكادير إداوتنان، أن تداعيات التغيرات المناخية لم تعد مجرد مخاوف نظرية، بل تحولت إلى واقع يومي يعيشه المربون، خاصة في مناطق مثل إيموزار إداوتنان وأمسكرود، حيث سُجلت حالات موت لطوائف نحل بأعداد مقلقة. وأشار إلى أن هذا الوضع يعمّق من أثر ظاهرة انهيار خلايا النحل التي برزت بشكل واضح سنتي 2021 و2022، مضيفًا أن العديد من النحالين اضطروا لترك المهنة مؤقتا أو نهائيا، بحثا عن موارد أخرى لتغطية مصاريفهم المتزايدة.
من جانبه، أكد محمد بن الشيخ، المنسق الجهوي للنقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب، أن التساقطات المطرية المسجلة خلال سنة 2025 أسهمت جزئيا في تجديد الغطاء النباتي، إلا أن ذلك غير كافٍ لتعويض الخسائر. وأضاف أن تجاوز هذه الأزمة المناخية يتطلب استمرار التساقطات لثلاث أو أربع سنوات متتالية، إلى جانب إجراءات داعمة لتحسين مناعة النحل الذي أصبح أكثر عرضة لأمراض خطيرة مثل 'الفارواز' و 'تكيس الحضنة' (LE COUVIN SACCIFORM).
A beekeeper at work.
واعتبر ذات المتحدثان أن الترحال الموسمي بات ضرورة وليس اختيارًا، لتفادي الخسائر المرتبطة بالجفاف والتقلبات الجوية، حيث قد تصل خسائر النحالين غير المترحلين إلى 60% من الإنتاج، مشددين على ضرورة تدخل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات من أجل إقرار دعم مستدام يستجيب لحاجيات المهنة، من خلال توفير الأدوية البيطرية والمكملات الغذائية التي تساعد على رفع مناعة النحل، وتعزيز قدرته على مقاومة آثار التغيرات المناخية.
وفي انتظار تدخل فعلي من الجهات المعنية، يعتمد المهنيون على إجراءات وقائية في تسيير مناحلهم، من بينها تقليص فترات الزيارة، وتفادي فتح الخلايا في ذروة الحرارة، واعتماد صناديق معزولة حرارياً، وتوفير مياه باردة ونظيفة قرب المناحل، وتوسيع المسافات بين الإطارات لتفادي التكدس، إلى جانب تجنب عمليات الفحص أو فرز العسل خلال الأيام شديدة الحرارة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اليماني: أسعار المحروقات بالمغرب كان يجب ألا تتجاوز 10 دراهم للتر في غشت 2025
اليماني: أسعار المحروقات بالمغرب كان يجب ألا تتجاوز 10 دراهم للتر في غشت 2025

عبّر

timeمنذ 24 دقائق

  • عبّر

اليماني: أسعار المحروقات بالمغرب كان يجب ألا تتجاوز 10 دراهم للتر في غشت 2025

قال الحسين اليماني، منسق الجبهة الوطنية لإنقاذ شركة سامير، إن أسعار المحروقات في المغرب خلال النصف الأول من شهر غشت 2025 كان يفترض أن تكون أقل بكثير من الأسعار المعلنة حاليًا، استنادًا إلى متوسط الأسعار العالمية، وسعر صرف الدولار، وتكاليف النقل والتخزين. وأوضح اليماني، في تصريح صحفي، أن سعر لتر الغازوال في الموانئ المغربية لا يتجاوز 5.8 درهم، بينما لا يتعدى سعر البنزين حدود 5.1 درهم، ما يعني أنه بعد إضافة الضرائب ومصاريف التوزيع، ينبغي أن تكون الأسعار النهائية في محطات الوقود في حدود 9 دراهم للغازوال و10 دراهم للبنزين كحد أقصى. ومع ذلك، أكد المتحدث أن أسعار المحروقات في المغرب والمعلنة حاليًا في السوق تتراوح حول 11.1 درهم للغازوال و12.9 درهم للبنزين، ما يكشف عن هوامش ربح مرتفعة للغاية تتجاوز درهمين عن كل لتر، وهو ما يمثل فرقًا كبيرًا مقارنة بالفترة التي سبقت تحرير سوق المحروقات. وأضاف اليماني أن عملية تحرير أسعار المحروقات لم تؤدّ إلى خفض الأسعار كما كان متوقعًا، بل أدّت إلى ارتفاعها وتحقيق أرباح سنوية تقدّر بـ18 مليار درهم لفائدة شركات التوزيع، وهو ما يخالف تمامًا الأهداف التي حددها المشرّع عند إقرار التحرير، والتي كانت تروم تعزيز المنافسة وضبط هوامش الربح. وانتقد المسؤول النقابي ما ورد في تقارير مجلس المنافسة، مؤكدًا أن الحسابات الاقتصادية البسيطة تكشف تناقضها مع الواقع، داعيًا الحكومة إلى سحب ملف تنظيم أسعار المحروقات من اختصاص المجلس وإحالته على وكالة وطنية لتقنين قطاع الطاقة. كما شدد على ضرورة إعادة إدراج المحروقات ضمن لائحة المواد المقننة إلى حين توفر شروط السوق التنافسية العادلة، وفي مقدمتها إعادة تشغيل مصفاة 'سامير' لإحياء صناعة تكرير البترول محليًا وتعزيز السيادة الطاقية للمملكة.

احتياطي المعاشات في المغرب يسجل 59 مليار درهم
احتياطي المعاشات في المغرب يسجل 59 مليار درهم

المغرب اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • المغرب اليوم

احتياطي المعاشات في المغرب يسجل 59 مليار درهم

قالت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح ، إن الصندوق المغربي للتقاعد يركز بشكل خاص على محور الرباط - الدار البيضاء، إذ يستثمر جزءًا كبيرًا من أمواله في مشاريع عقارية حيوية تشمل قطاعات الصحة والتعليم والعدل، بالإضافة إلى المكاتب الإدارية. وأوضحت الوزيرة أن الصندوق يتولى إدارة نظام المعاشات المدنية والعسكرية، إضافة إلى نظام تكميلي اختياري. وأضافت أن الرصيد الاحتياطي لنظام المعاشات المدنية بلغ في نهاية عام 2024 حوالي 58.8 مليار درهم كقيمة محاسبية، مقارنة بـ 70.12 مليار درهم كقيمة تداولية، وهو ما يعكس قيمة مضافة غير محققة تتجاوز 11 مليار درهم، وفق موقع "العمق" المغربي. وقالت الوزيرة، إن الاستثمارات العقارية تشكل حوالي 1.15% من إجمالي استخدامات الصندوق، لافتة إلى أن الصندوق يركز على هيئات التوظيف الجماعي العقاري، والتي تتضمن أصولًا خاضعة لعقود إيجار مع الدولة. وتابعت فتاح: "تعود هذه الاستثمارات إلى ضماناتها القوية وأدائها الجيد بفضل عقود الإيجار طويلة الأمد، حيث تمثل هذه الاستخدامات 18.81% من إجمالي الاستخدامات". وأوضحت أن قيمة الاستخدامات المخصصة للاستثمارات العقارية خلال الفترة بين 2019 و2024 بلغت 11.12 مليار درهم، موزعة على سبع هيئات للتوظيف الجماعي العقاري تديرها ست شركات معتمدة.

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الاثنين على تراجع طفيف وسط تداولات تجاوزت 350 مليون درهم
بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الاثنين على تراجع طفيف وسط تداولات تجاوزت 350 مليون درهم

أكادير 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • أكادير 24

بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الاثنين على تراجع طفيف وسط تداولات تجاوزت 350 مليون درهم

أنهت بورصة الدار البيضاء تعاملات جلسة الاثنين 4 غشت 2025 على منحى تنازلي، حيث سجل مؤشرها الرئيسي 'مازي' خسارة طفيفة بنسبة 0,12 في المائة، ليستقر بذلك عند مستوى 19.547,29 نقطة، مواصلاً بذلك مساره المتذبذب منذ مطلع الأسبوع. بدوره، تراجع مؤشر 'MASI.20″، الذي يعكس أداء أقوى 20 مقاولة مدرجة في السوق، بنسبة 0,16 في المائة، ليستقر عند 1.606,56 نقطة، كما انخفض مؤشر ' الخاص بالمقاولات ذات التصنيف البيئي والاجتماعي والحوكمي الأفضل، بنسبة 0,08 في المائة ليستقر عند 1.342,55 نقطة. في المقابل، سجّل مؤشر 'MASI Mid and Small Cap'، الذي يتتبع أداء أسعار الشركات الصغيرة والمتوسطة المدرجة، ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0,08 في المائة ليصل إلى 1.843,06 نقطة. وعلى صعيد المؤشرات الدولية، أغلق كل من مؤشر 'FTSE CSE Morocco 15' ومؤشر 'FTSE Morocco All-Liquid' على انخفاض، بنسبة 0,24 في المائة و0,19 في المائة على التوالي، ليستقرا عند 18.782,99 نقطة و16.838,76 نقطة. أما حجم التداول الإجمالي خلال الجلسة فقد بلغ أزيد من 350,91 مليون درهم، تحققت بالأساس في السوق المركزي (الأسهم)، حيث تصدرت شركة الأشغال العامة للبناء بالدار البيضاء قائمة القيم الأكثر نشاطًا بحجم تداول بلغ 67,38 مليون درهم، متبوعة بـاتصالات المغرب بـ40,02 مليون درهم، وجيت كونتراكتورز بـ24,69 مليون درهم. وقد بلغت رسملة السوق ما يناهز 1.031 مليار درهم. أقوى الانخفاضات سجلتها: الشركة النسبة السعر (درهم) الشركة المنجمية لتوسيت -4.21% 2.774 صوناسيد -2.82% 2.410 الشركة المعدنية إميطير -2.51% 2.720 إيكدوم -2.49% 1.175 ألومنيوم المغرب -2.05% 1.861 أقوى الارتفاعات سجلتها: الشركة النسبة السعر (درهم) سطوكفيس شمال إفريقيا +10.00% 91.34 فيني بروسيت +9.99% 481.75 ستروك للصناعة +9.98% 235.25 ميد بايبر +9.97% 36.29 إنفوليس +9.97% 174.85 ويعكس هذا الأداء تفاوتًا بين بعض الأسهم ذات الرأسمال الكبير التي واصلت تراجعها، في مقابل إقبال نسبي على أسهم شركات صغرى ومتوسطة، وسط ترقب المتعاملين لما ستسفر عنه المعطيات الاقتصادية القادمة محليًا ودوليًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store