
التعويضات معلّقة… مأساة أهالي الضاحية بين الوعود والانتظار
في أحياء الضاحية الجنوبية، وبين المباني التي تحمل ندوب الحروب يعيش السكان مأساة مستمرة بفعل الأضرار الكبيرة التي لحقت بمنازلهم خلال الحرب الأخيرة. في منطقة المريجة والسانت تيريز، يقف الأهالي أمام واقع مؤلم من بيوت مهدّمة، وتعويضات معلّقة، ووعود لم تُنفّذ، في حين تتوقف مشاريع إعادة الإعمار وسط غموض شديد يلفّ الملف.
وعود كاذبة وواقع مؤلم في المريجة
في منطقة المريجة، حيث لا تزال آثار الدمار واضحة على جدران البيوت، تحدث علي، أحد السكان، لـ«الشرق الأوسط» عن وضع منزله الذي تعرّض لدمار شبه كامل. وقال: «بعد أن تضرّر منزلي بالكامل، قيل لنا إن هناك خطة عاجلة لإعادة الإعمار، وإنّ التعويضات ستُصرف في غضون أشهر قليلة. لكن الواقع مختلف تماماً. كل ما حصلنا عليه فعلياً كان بدل إيواء لأربعة أشهر فقط، بدءاً من شهر يناير (كانون الثاني)، بقيمة إجمالية لا تتجاوز ألفي دولار. بعد ذلك، توقفت المساعدات كلياً، ولم نتلقَّ أي دعم مالي لإصلاح ما تهدّم».
وحول حجم الخسائر قال: «منزلي لم يعد صالحاً للسكن. تضرّر بشكل كامل، من الجدران إلى الأرضيات، ومن شبكات المياه والكهرباء إلى الأثاث الذي تلف بالكامل. لم أتمكن من استرجاع شيء تقريباً. ومع ذلك، لم أتلقَّ أي تعويض عن الخسائر. منذ وقوع الضرر وأنا أتحمّل كل التكاليف من جيبي الخاص. دفعت حتى الآن أكثر من عشرة آلاف دولار، ومع ذلك ما زلت في أول الطريق. بحسب تقديري، أحتاج إلى ما لا يقل عن ثلاثين ألف دولار إضافية لإعادة المنزل إلى وضع قابل للسكن».
لكن الصدمة الكبرى جاءت مع إبلاغهم بشكل رسمي، خلال الأسابيع الماضية، بتوقف أعمال الترميم في المبنى «حتى إشعار آخر». إذ أوضح أنّ الجهة المسؤولة عن التنفيذ، والمكلّفة من قبل «حزب الله» أوضحت و«قالت لنا صراحة إنّ التمويل متوقف، وبالتالي لا يمكن استكمال أي عمل. كل ما أنجزوه هو ترميم حائط دعم في الطابق الأرضي، ثم توقفوا وغادروا، وكأنّ شيئاً لم يكن».
المبنى أصبح مهدداً بالكامل، وعائلات عديدة إما هُجّرت أو تعيش في ظروف غير إنسانية. وحول ما أبلغوه من الجهات المسؤولة قال: «كل مراجعاتنا تُقابل بجواب موحّد: (لا يوجد تمويل حالياً، انتظروا)».
وبحسرة من فقد ذاكرته قال علي: «نحن لا نطلب أكثر من حقّنا. خسرنا منازلنا، خسرنا أثاثنا، خسرنا استقرارنا. وكل ما نسمعه عبارة عن وعود مؤجلة وتعابير غامضة مثل الصبر والمتابعة. لا نعلم من المسؤول، ولا متى تنتهي هذه المهزلة».
ثمانيني ينتظر الفرج بعد دمار بيته وذكرياته
في منزل آخر بالضاحية، يروي محمد، وهو رجل ثمانيني، تفاصيل معاناة كبيرة مع تعويضات لم تصل حتى اليوم. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «دمّروا بيتي وذكرياتي… منزلي الذي عشت فيه طوال حياتي أصبح غير صالح للسكن؛ فقد تهدمت الجدران والسقف، فضلاً عن أن شبكة المياه والكهرباء تعرضت لأضرار جسيمة ولم تُصلح حتى الآن».
وعن الأمور التي لم تُنجز أفصح: «المصعد الذي تكفلت الجهات المعنية بإصلاحه لم يُستكمل تشغيله حتى اليوم، بالرغم من أنه كان أحد الشروط الأساسية لضمان إمكانية العيش في هذا المبنى، خاصة بالنسبة لي وأنا في هذا العمر».
وأشار إلى أن تعويضات الأثاث التي حصل عليها لم تتجاوز 8 آلاف دولار، رغم أن الخسائر الحقيقية في الأثاث تتخطى 15 ألف دولار، في حين أن إعادة تأهيل المنزل تتطلب نحو 25 ألف دولار، «ومع كل ذلك لم أتلقَ أي تعويض عن الأضرار التي لحقت بالبناء نفسه».
وأضاف محمد أنه بدل الإيواء الذي كان يُصرف لمدة أربعة أشهر فقط قد انتهى، ولم يتسلم أي مبلغ يعوّضه عن الفترة التي تلت ذلك. كاشفاً أنه «بعد مراجعات عديدة للجهات المعنية، كدنا نصل إلى قناعة بأن التعويضات توقفت أو شبه معدومة، وأن الوعود المتكررة لا تتحقق».
وبمرارة أضاف: «أنا مضطر لأن أبدأ ترميم منزلي على نفقتي الخاصة، لأنني لا أستطيع البقاء بعيداً عن بيتي، وأفضل العودة إليه مهما كان وضعه على أن أعيش في مكان غريب بعيداً عن كل ذكرياتي».
وختم قائلاً: «كل ما نريده هو إنصاف حقيقي، وتعويض عادل يمكننا من استعادة بيوتنا، والعيش فيها بأمان وكرامة».
مالك المنزل محروم من حقه في التعويض
في منطقة السانت تيريز، يقف قاسم، مالك منزل كان يؤجره، أمام مأساة مالية وإنسانية كبيرة. إذ ذكر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «خسرت منزلي ولم أتلقَ أي تعويض. كان هذا المنزل جزءاً من دخلي الأساسي، إذ كنت أعتمد على بدل إيجاره لدفع بدل المنزل الذي أقطنه حالياً مع عائلتي، إضافة إلى تغطية جزء من قسط مدرسة بناتي. هذا الدخل كان يشكل أماناً لنا، لكن مع فقدانه تغيرت حياتنا بشكل جذري».
وأضاف: «رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها، صرفت التعويضات للمستأجرين فقط، وعندما راجعت الجهات المعنية عدّة مرّات، أخبروني أن تعويضات المالكين ستصرف في مرحلة مستقبلية وغير محددة المدى».
وتابع: «نعيش اليوم في منزل مستأجر أقل تكلفة، وأتحمل كامل نفقات الإيجار، إلى جانب أعباء تعليم بناتي التي ازدادت صعوبة بعد فقدان مصدر الدخل الأساسي. حاولت مراراً استرداد حقي، لكن كل ما ألقاه هو وعود الانتظار دون أي خطوات عملية ملموسة».
وختم قائلاً: «كل ما أريده هو إنصاف أصحاب المنازل، وتأمين تعويضات عادلة تمكننا من إعادة بناء حياتنا وتأمين مستقبل أفضل لأطفالنا في ظل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها»

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


OTV
منذ 18 دقائق
- OTV
باراك: نزع سلاح حزب الله يتطلّب مزيجًا من سياسة 'الجَزَر والعِصِيّ'
Post Views: 24 أكّد الموفد الأميركيّ إلى بيروت توم باراك، أنّ تنفيذ عملية نزع سلاح 'حزب الله' يتطلّب مزيجًا من سياسة 'الجَزَر والعِصِيّ'. وأوضح، في حديث إلى صحيفة نيو يورك تايمز، أنّ الخطة التي كان قدمها إلى الحكومة اللبنانية تتضمّن تنفيذ الجيش اللبنانيّ عمليات تفتيش منزلية، بحثًا عن أسلحة، في خطوة قد تواجه مقاومة من بعض المجتمعات الشيعية، التي لطالما نظرت إلى حزب الله كمدافع عن لبنان و'المقاومة' في مواجهة إسرائيل ولاحتواء هذه المخاوف. ولفت باراك إلى أنّ الولايات المتحدة تعمل على تأمين دعم ماليّ من كلّ من السعودية وقطر، يركّز على إعادة إعمار المناطق المتضررة في جنوب لبنان. وقال: 'إذا حصل المجتمع الشيعيّ في لبنان على شيء من هذا، فسيكون متعاونًا'. وأكد، في تصريحات إلى نيويورك تايمز، أنّ الإدارة الأميركية تسعى إلى انضمام سوريا إلى اتفاقات أبراهام، رغم إدراكها لحساسية الموقف داخليًا بالنسبة للرئيس السوريّ أحمد الشرع. وقال إنّ الولايات المتحدة غيّرت نهجها تجاه سوريا، مركّزة على أهداف تدريجية بدلًا من فرض شروط قاسية، وتشمل هذه الأهداف إيجاد تسوية مع إسرائيل، ودمج القوات الكردية المدعومة أميركيًا، وكشف مصير الأميركيين المفقودين خلال الحرب. وشدّد باراك على أنّ التقدّم في ملفات الحكم الديمقراطي لن يكون شرطًا أساسيًا في المرحلة الحالية في المقابل، كشف مصدرٌ سوريّ رسميّ أنّ التصريحاتِ في شأنِ توقيعِ اتفاقيةِ سلامٍ مع إسرائيل سابقة لأوانها.


النهار
منذ 22 دقائق
- النهار
غارة على خلدة... الجيش الإسرائيلي: استهدفنا عنصراً يعمل لمصلحة "فيلق القدس" (صور وفيديو)
أعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي اليوم الخميس استهداف "مخرّب كان يعمل في مجال تهريب الأسلحة والدفع بمخطّطات إرهابية ضد مواطنين إسرائيليين وقوّات جيش الدفاع نيابة عن فيلق القدس الإيراني". واستهدف الجيش الإسرائيلي بصاروخ من مسيّرة سيارة على أوتوستراد بيروت – خلدة، ما أدى إلى سقوط ضحية. 🚨 لحظة استهداف سيارة في خلدة، لبنان — Annahar النهار (@Annahar) July 3, 2025 وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة في وزارة الصحة، في بيان، أنّ غارة جوية نفّذها العدو الإسرائيلي واستهدفت سيارة في منطقة خلدة، أسفرت في حصيلة أولية عن سقوط شهيد وإصابة ثلاثة أشخاص بجروح. — Annahar النهار (@Annahar) July 3, 2025 وتواصل الجهات المختصة متابعة الوضع ميدانيًا لتقييم الأضرار وتقديم الإسعافات اللازمة للمصابين. المشهد من مكان استهداف السيارة على طريق خلدة (تصوير حسام شبارو) — Annahar النهار (@Annahar) July 3, 2025 انتشرت صور وفيديو للسيارة بعد استهدافها. يُذكر أن هذا هو الاغتيال الثاني منذ وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. ولفتت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى "هجوم غير مألوف من جانبين: عمق الهجوم - حوالي 75 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل، وبضعة كيلومترات من مطار بيروت". تستمر الخروقات الإسرائيلية في لبنان مع تواصل احتلالها لـ5 نقاط في الجنوب اللبناني. وقدّمت الولايات المتحدة اقتراحاً إلى الدولة اللبنانية تتضّمنت ملف سلاح "حزب الله" وتسليمه للجيش. ويترّقب لبنان زيارة المبعوث الاميركي إلى سوريا توم برّاك الأسبوع المقبل لتسلّم الرد اللبناني على الورقة المقترحة. يتابع براك الملف اللبناني بعد مغادرة نائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس منصبها. الصّور بعدسة الزميل أحمد منتش


IM Lebanon
منذ 34 دقائق
- IM Lebanon
لبنان يعمل على خطين… الاصلاحات الاجتماعية ضرورية
كتبت يولا هاشم في 'المركزية': قدّم الموفد الاميركي توماس برّاك للبنان، بحسب المعلومات المتداولة، ورقة من 6 صفحات تقوم على تسليم حزب الله لسلاحه بالكامل، في مهلة لا تتجاوز شهر تشرين الثاني او نهاية السنة على ابعد تقدير، مقابل انسحاب اسرائيل من النقاط الخمس، والافراج عن اموال اعادة الاعمار. وفي حين شكّل لبنان لجنة ثلاثية لدراسة الورقة وصياغة الردّ المناسب، من المتوقع، بحسب المعلومات المتداولة، أن يبلغ 'حزب الله' جوابه النهائي اليوم بهذا الخصوص لرئيس المجلس النيابي نبيه بري.فهل تلتقي مصلحة الحزب لمرة واحدة مع مصلحة لبنان، لعدم تفويت الفرصة الذهبية، ام يبقى ارتباطه بإيران اوثق واعمق؟ يقول عضو 'اللقاء الديمقراطي' النائب بلال عبدالله لـ'المركزية': 'صحيح أننا نتحرّك ببطء لكن بخطوات ثابتة. ويقوم رئيس الجمهورية مع رئيسي الحكومة ومجلس النواب بجهد استثنائي، بالتعاطي مع هذا الملف الدقيق، في ظلّ المتغيرات الاقليمية والزلزال الذي حصل في المنطقة، بما يحفظ المصلحة الوطنية والاستقرار والسيادة اللبنانية، لذلك لا يجب التأخر في هذا الموضوع كما لا يجب الاستعجال في الوقت نفسه، وان كان الوقت يضيق، ولبنان بحاجة لأن يتنفس ويستفيد من المناخ الاقليمي والدولي من خلال تخفيف الضغوطات عليه واستقطاب المساعدات والاستثمارات إليه'. ويضيف: 'لبنان يعمل على خطين، من جهة بدأ ببعض الاصلاحات، المطلوبة داخليًا قبل الخارج، ونأمل في القريب المنظور ان تواكب الاصلاحات المالية أيضًا إصلاحات اجتماعية، لأن لا قيمة لأي اصلاحات مالية من دون ان يكون الشأن الاجتماعي والرعاية الاجتماعية مؤمنة للشعب اللبناني. وفي الملف الأمني الاساسي من جهة أخرى، لدينا ثقة برئيس الجمهورية لاستكمال هذا الموضوع، وقناعة وأمل بأن يكون كل الفرقاء اللبنانيين قد استوعبوا ان لا مستقبل لأي سلاح خارج الشرعية، وضروري ان تبسط الدولة اللبنانية سيادتها على كافة الاراضي بما فيها المخيمات الفلسطينية وأي قواعد عسكرية أخرى، لكي نؤمّن الحدّ الأدنى من الاستقرار الداخلي في إطار الوحدة الوطنية، وليس في إطار التحدي والاستفزاز لأي فريق في لبنان. إذًا المطلوب إجماع وطني حول هذا الملف، وتوحيد كل القوى والجهود كي نعيد تأسيس الدولة القوية العادلة القادرة على بسط سيادتها وهيبتها على الأراضي اللبنانية، لكي تكون في موقف مفاوض قوي أيضًا مع الخارج، ونحفظ خاصرة لبنان في هذا المناخ الجديد الذي نحتاج فيه الى الاستثمار والانفتاح والى وجود ودور للبنان في اقتصاد المنطقة'. وردا على سؤال حول عدم شعور المواطن بأي تحسّن ملموس، يجيب عبدالله: 'عتبنا على الحكومة أنها لا ترافق الاصلاحات الاقتصادية مع اصلاحات اجتماعية وبنيوية، خاصة نظام التغطية الصحية الشامل الذي مضى عام ونصف ونحن ندرسه في مجلس النواب وأنجزناه، والمطلوب إنجازه في مجلس الوزراء في فترة قريبة ان شاء الله'. وعن رد لبنان على ورقة برّاك يقول: 'هناك أمور مطلوبة من حزب الله ولبنان، لكن في المقابل ثمة ما هو مطلوب أيضًا من الخارج للضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها على الاراضي اللبنانية والانسحاب من الاراضي المحتلة، من أجل تحقيق توازن من الجهتين، وان يُنجز في الوقت عينه الملف الذي يعمل عليه رئيس الجمهورية واللجنة التي تساعده، كي تستكمل الدولة بسط سيادتها على كامل الاراضي اللبنانية'.