logo
أركنساس.. أمل أمريكا في إزاحة قبضة الصين على الليثيوم

أركنساس.. أمل أمريكا في إزاحة قبضة الصين على الليثيوم

كشف تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إن جنوب غرب ولاية أركنساس وحده يحتوي على ما يصل إلى 19 مليون طن من موارد الليثيوم.
وتعد الكمية كافية لتلبية الطلب الأمريكي الحالي عدة مرات إذا تم استخراجها بكفاءة.
وفقًا لتقرير صادر عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن تكوين منطقة "سماك أوفر" الممتدة تحت أركنساس وعدة ولايات مجاورة، يحتوي على مياه مالحة جوفية غنية بالليثيوم -وهو عنصر حيوي في البطاريات القابلة لإعادة الشحن التي تُستخدم في السيارات الكهربائية والهواتف الذكية والتقنيات الدفاعية.
وتتسابق أكثر من 12 شركة -بما في ذلك عمالقة الطاقة مثل إكسون موبيل وأوكسيدنتال بتروليوم وإكوينور- لاستخراج هذه المياه المالحة باستخدام تقنية جديدة تُعرف باسم "الاستخراج المباشر لليثيوم" (DLE). ويقول المؤيدون إن هذه التقنية يمكن أن تُحدث تحولًا في صناعة الليثيوم الأمريكية، كما فعل التكسير الهيدروليكي في صناعة النفط قبل نحو عشرين عامًا. ويرى آندي روبنسون، المؤسس المشارك لشركة "ستاندرد ليثيوم"، أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تطلق قطاعًا محليًا بمليارات الدولارات.
تقنية حديثة
وعالميًا، تزداد شعبية DLE. وتتابع جامعة كولومبيا ما لا يقل عن 36 مشروع DLE قيد التطوير، منها 13 في الصين. وتتحول دول مثل تشيلي والأرجنتين من التبخير إلى DLE بسبب المخاوف البيئية.
وطورت شركة ستاندرد ليثيوم تقنيتها واختبرتها خلال خمس سنوات في منشأة تجريبية بالشراكة مع شركة لانكسس الألمانية. وفي هذه المنشأة، تتم معالجة المياه المالحة أولًا لاستخلاص البرومين، ثم تُرسل إلى نظام DLE التابع لشركة ستاندرد لاستخلاص الليثيوم باستخدام تقنية مرشحات مرخصة من شركة كوتش إندستريز، وهي مساهم في الشركة.
ويُعتبر DLE أسرع وأقل استهلاكًا للأراضي مقارنة بالطرق التقليدية مثل التعدين المكشوف أو برك التبخير. فبدلًا من انتظار تبخر المياه المالحة لأشهر، تستخدم تقنية DLE مذيبات أو مرشحات لاستخراج الليثيوم خلال ساعات. ويمكن أن تصل معدلات الاستخلاص إلى 90%، مقارنة بـ 40-60% في الطرق التقليدية، مما يجعل التقنية واعدة، خصوصًا في مناطق مثل أركنساس، حيث تركّز الليثيوم مرتفع والبنية التحتية متوفرة.
تحديات قائمة
لكن التحديات لا تزال قائمة. فبعض النقاد يرون أن DLE لم تُثبت نفسها تجاريًا على نطاق واسع بعد. وقد واجه مشروع مشابه في الأرجنتين تابع لشركة فرنسية تأخيرات خلال مراحل التشغيل. كما أن كل مصدر من المياه المالحة يتميز بتركيبة مختلفة، مما يتطلب معالجة مخصصة تزيد من التكلفة وتعقيد التشغيل. وتُقدر "بنشمارك مينيرال إنتليجنس" أن تكلفة إنتاج الطن من الليثيوم من مصادر المياه المالحة الأمريكية تبلغ حوالي 10,735 دولارًا -وهي أعلى بكثير من تكلفة الإنتاج في بعض مواقع التبخير التي لا تتعدى 6,000 دولار للطن.
إلى جانب ذلك، يمر سوق الليثيوم بتقلبات شديدة. فقد انخفضت الأسعار بنسبة 80% منذ ذروتها في عام 2022، ويرجع ذلك جزئيًا إلى زيادة العرض من الصين، التي تهيمن على سلسلة توريد الليثيوم العالمية. كما فرضت بكين قيودًا على تصدير بعض المواد والتقنيات الحيوية لمعالجة الليثيوم، مما أضاف بُعدًا جيوسياسيًا للمنافسة. وتزعم الشركات الأمريكية أن الصين تتلاعب بالسوق عمدًا لإبطاء المشاريع المنافسة.
ومع ذلك، تمضي الشركات الأمريكية قدمًا. وتقول ستاندرد ليثيوم إنها قادرة على إنتاج كربونات الليثيوم بدرجة بطارية بأقل من 6,000 دولار للطن من حيث تكاليف التشغيل المباشرة — باستثناء النفقات الرأسمالية — مما يجعل المشروع مجديًا اقتصاديًا حتى في ظل الأسعار المنخفضة الحالية، وكذلك بفضل الدعم الفيدرالي بما في ذلك منحة بقيمة 225 مليون دولار.
سباق في أركنساس
وفي الولايات المتحدة، تتصدر أركنساس المشهد. فقد أطلقت شركة إكسون موبيل مشروع "سولتويركس" لتطوير الليثيوم من منطقة سماك أوفر، مستهدفة إنتاج ما يكفي لتلبية احتياجات تصنيع مليون سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2030. ومع تزايد المشاريع، تشتد النزاعات حول ملكية الأراضي وحقوق المعادن، كما حدث في جلسة استماع عامة مؤخرًا حيث اعترض ملاك الأراضي على حقوق التنقيب.
وتُعد الإتاوات موضوعًا حساسًا آخر. حيث تقترح ستاندرد ليثيوم نسبة 2.5% من الإيرادات لأصحاب الأراضي، بينما يطالب البعض بنسبة تصل إلى 12.5%. وتُحذر الشركات من أن رفع الإتاوات قد يُقوّض القدرة التنافسية الأمريكية أمام الصين. فالصين، خلال عقد من الزمن، بنت شبكة ضخمة من تعدين ومعالجة الليثيوم، مما ساهم في جعل صناعة السيارات الكهربائية فيها رائدة عالميًا.
على مستوى الولاية، تسعى أركنساس لاستغلال الفرصة بالكامل. وقد أقرّ المجلس التشريعي للولاية حوافز ضريبية جديدة لجذب مستثمري الليثيوم. وتقول حاكمة الولاية، سارة ساندرز، إن أركنساس قد توفر ما يصل إلى 15% من احتياج العالم من الليثيوم، مما يعزز موقعها التنافسي ويدعم أمن الطاقة الوطني.
كما تعمل المؤسسات التعليمية المحلية أيضًا على سد الفجوة المهارية. على سبيل المثال، تقدم كلية جنوب أركنساس برامج تدريبية في تشغيل العمليات الكيميائية.
يمثل اندفاع الليثيوم في أركنساس تلاقياً نادراً بين الفرص الاقتصادية، والابتكار البيئي، والحاجة الجيوسياسية. وإذا نجح، فقد يُعيد إحياء مدينة بترولية سابقة، ويُسهم في تعزيز مكانة أمريكا في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، ويُوفر وظائف دائمة، ويُقلل من الاعتماد على سلاسل التوريد الأجنبية.
aXA6IDgyLjI3LjIyMC41OCA=
جزيرة ام اند امز
LV

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«كولوبا».. خبز تركي مقاوم للجفاف من رماد التاريخ (صور)
«كولوبا».. خبز تركي مقاوم للجفاف من رماد التاريخ (صور)

العين الإخبارية

timeمنذ يوم واحد

  • العين الإخبارية

«كولوبا».. خبز تركي مقاوم للجفاف من رماد التاريخ (صور)

تم تحديثه الثلاثاء 2025/5/27 07:27 م بتوقيت أبوظبي اكتشف علماء آثار خبزاً عمره 5 آلاف عام في تركيا، حيث أصبح يُنتَج مجدداً، مما أثار الاهتمام بزراعة أنواع قمح قديمة أكثر ملاءمة للجفاف. وقال عالم الآثار ومدير حفريات كولوبا الواقعة على بعد 35 كيلومتراً من مدينة إسكيشهير (وسط تركيا) مراد توركتيكي "هذا أقدم خبز مخمر ومخبوز اكتُشِف خلال عملية تنقيب عن الآثار، وبقي شكله إلى حد كبير على ما هو عليه". وأوضح لوكالة "فرانس برس" خلال حديث عن الاكتشاف الذي أُعلن عنه الأسبوع الفائت أن "العثور على خبز خلال التنقيب نادر. فعادةً، لا نجد سوى الفتات. لكن هنا، بقي الخبز محفوظاً بعد حرقه ودفنه". ويعود إلى سبتمبر/أيلول 2024 اكتشاف خبز كولوبا، وهو دائري ومسطح مثل الفطيرة ويبلغ قطره 12 سنتيمتراً، وكان متفحماً ومدفوناً تحت عتبة مسكن بني في العصر البرونزي، قرابة العام 3300 قبل الميلاد. ونُزعت قطعة من رغيف الخبز قبل حرقه ثم دفنه أثناء بناء المنزل. ولاحظ توركتيكي أن ذلك "يذكّر بطقوس الوفرة". تأثرنا كثيراً بهذا الاكتشاف ولا يزال الغموض يكتنف إلى حد كبير الحضارة الأناضولية في كولوبا، نظراً إلى عدم تَوافُر أية آثار مكتوبة توضحها، وينطبق ذلك على عادات سكانها في دفن منازلهم قبل الانتقال إلى مكان آخر أو بناء مساكن جديدة على الهياكل القديمة، وبالتالي تشكيل تلال. خلال العصر البرونزي، عاش الحثيون، وهم شعب من الأناضول سبق الحيثيين، في منطقة إسكيشهير. وشرح عالم الآثار دنيز ساري أن "كولوبا كانت مستوطنة حضرية متوسطة الحجم، ازدهرت فيها أنشطة التجارة والحرف والزراعة والتعدين، ومن الواضح أن نظاماً عائلياً واجتماعياً كان يسود فيها". وأظهرت التحاليل أن رغيف الخبز صُنِع من دقيق النشا المطحون خشناً، وهو نوع قديم من القمح، ومن بذور العدس، مع استخدام أوراق نبات غير محدد الهوية حتى الآن كخميرة. ويُعرض رغيف الخبز المحروق منذ الأربعاء في متحف إسكيشهير للآثار. وقالت رئيسة بلدية إسكيشهير عائشة أونلوجيه "لقد تأثرنا كثيراً بهذا الاكتشاف. أثناء حديثي مع مدير الحفريات، تساءلتُ إذا كان بإمكاننا إعادة إنتاج هذا الخبز". وللوصول إلى أقرب ما يمكن من الوصفة الأصلية، ارتأت البلدية، بعد تحليل الخبز الذي يعود تاريخه إلى آلاف السنين، استخدام قمح كافيلجا، وهو نوع قديم أيضاً مشابه للبرغل والعدس، نظراً إلى أن النشا القديم لم يعد موجوداً في تركيا. مقاوم للجفاف في "هالك إكمك" ("خبز الشعب" بالتركية)، وهو مخبز شعبي يقدم خبزا زهيد الثمن، كان الموظفون يعدّون يدويا 300 رغيف من خبز كولوبا يومياً على مدار الأسبوع الفائت. وقالت مديرة "هالك إكمك" سراب غولر إن "الجمع بين دقيق القمح التقليدي والعدس والبرغل يؤدي إلى خبز غني ويحقق الشبع، منخفض الغلوتين وخالٍ من المواد الحافظة". ولم تمض ساعات حتى نفدت الدفعة الأولى من أرغفة خبز كولوبا التي يزن الواحد منها 300 غرام ويباع بسعر 50 ليرة تركية (نحو دولار و27 سنتاً). وقالت سوزان كورو التي كانت بين الزبائن "عجّلتُ في الشراء مخافة ألا يبقى أي رغيف. لدي فضول لمعرفة مذاق هذا الخبز القديم". وعلّقت رئيسة بلدية إسكيشهير عائشة أونلوجيه قائلةً "لقد حفظت هذه الأرض رغيف الخبز هذا خمسة آلاف عام، ومنحتنا هذه الهدية. ومن واجبنا حماية هذا الإرث ونقله إلى الأجيال المقبلة". وتعاني محافظة إسكيشهير من الجفاف راهنا، بعدما كانت في ما مضى غنية بالكثير من مصادر المياه. وأضافت رئيسة البلدية التي تسعى إلى إحياء زراعة قمح كافيلكا في منطقتها، وهو قمح مقاوم للجفاف والأمراض "نواجه أزمة مناخية، لكننا ما زلنا نزرع الذرة وعباد الشمس اللذين يتطلبان كميات كبيرة من المياه. أسلافنا يُلقّنوننا درسا. علينا أن نتجه مثلهم نحو محاصيل أقل استهلاكا للمياه". ورأت أن ثمة "حاجة إلى سياسات عامة قوية جداً في شأن هذه القضية"، مشددةً على أن "زراعة القمح القديم ستكون خطوة رمزية إلى الأمام في هذا الاتجاه". aXA6IDgyLjI2LjI0My4yMjUg جزيرة ام اند امز GB

ثورة الذكاء الاصطناعي.. هل تنقذ الصحافة أم تزيحها؟
ثورة الذكاء الاصطناعي.. هل تنقذ الصحافة أم تزيحها؟

العين الإخبارية

timeمنذ 2 أيام

  • العين الإخبارية

ثورة الذكاء الاصطناعي.. هل تنقذ الصحافة أم تزيحها؟

في زمن تتسارع فيه التحولات ويشهد منافسة شرسة لا تأخذ بالاً بمن تخلف عن الركب، تتقدم الصحافة الحديثة نحو منعطف تاريخي قد يعيد تشكيل ملامحها. فمع اقتحام الذكاء الاصطناعي غرف الأخبار، لم تعد صناعة الإعلام كما عهدناها في مراحلها التقليدية من إنتاج المحتوى وتحريره ونشره، بل بدأت رحلة إعادة تشكيل جوهرها وصياغة آلياتها، من أول حرف يُكتب حتى آخر خبر يُبث، فالثورة الرقمية الراهنة تعيد تعريف الصحافة التقليدية من جذورها. فما كان يعتبر يوماً من ضروب الخيال العلمي، أضحى اليوم واقعاً يفرض نفسه في كل مفصل من مفاصل العمل الصحفي، أدوات ذكية تحرر وتدقق وتنتج وتنشر، في سرعة تكاد تدهش أكثر المتفائلين بتقدم التقنية، وفي ظل هذا العالم سريع التطور والتغير، لم تعد الصحافة بمنأى عن هذا التأثير، وهو ما أكدته دراسة حديثة لوكالة "أسوشيتد برس" نُشرت عام 2024، أظهرت أن 70% من المؤسسات الإعلامية حول العالم باتت تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة، ابتداء من تحرير مقاطع الفيديو، ومروراً بكتابة المسودات الأولية، وانتهاء بتصميم الرسوم البيانية التفاعلية، بل إن بعض المؤسسات العريقة كـ"رويترز" و"بي بي سي" خفضت زمن الإنتاج بنسبة تصل إلى 20% بفضل هذه الأدوات. ولم يكن هذا التحول سطحياً، بل عميقاً إلى حد أن واحداً من كل أربعة صحفيين بات يستخدم الذكاء الاصطناعي في جمع المعلومات وصياغة المحتوى، بحسب ذات الدراسة، أما تقرير "ماكينزي" فقد ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ توقع أن تزداد إنتاجية غرف الأخبار بنسبة 30% إذا ما أُحسن استخدام الأتمتة في المهام المتكررة كتحرير النصوص العاجلة، والتحقق الأولي من الأخبار. ومع كل ذلك، لم تقف الفائدة عند حدود السرعة والإنتاجية، بل امتدت إلى ساحة دقة المعلومات، إذ بات بمقدور الخوارزميات تحليل كم هائل من البيانات في لحظات، ما مكنها من رصد الأخبار الكاذبة بدقة متزايدة، في وقت تشير فيه تقارير مركز "بيو" إلى أن 62% من مستخدمي الإنترنت تعرضوا لمعلومات مضللة على الأقل مرة واحدة. أما عن الجانب الاقتصادي فحدث ولا حرج، فقد بلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام والترفيه نحو 13.34 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 26.9% ليصل إلى أكثر من 55 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقاً لتقرير "برايس ووترهاوس كوبرز"، الذي أكد أيضاً أن 85% من شركات الإعلام تخطط لزيادة استثماراتها في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث المقبلة. لكن كما هي الحال في كل ثورة، لا يخلو الطريق من عراقيل، فالتحديات الأخلاقية باتت تفرض نفسها بقوة لا يمكن تجاهلها، بدءاً من قضية التحيز الخوارزمي، مروراً بحماية الخصوصية، وليس انتهاء بالملكية الفكرية، إذ أظهرت دراسة لمعهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" أن بعض الخوارزميات قد تتأثر بانحيازات ضمنية تؤثر في زوايا التغطية الصحفية لبعض القضايا أو الفئات، لهذا تتزايد الدعوات لرقابة بشرية دقيقة. هذه المخاوف لم تأتِ من فراغ، فقد عبر 56% من الصحفيين عن تأييدهم لفرض قيود على استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى بالكامل، مطالبين بالإبقاء على الدور البشري ضماناً للمعايير المهنية، فيما رأى 45% من مديري غرف الأخبار ضرورة إعداد الصحفيين لمواجهة هذه المرحلة بتدريبات مكثفة، تضمن فهماً أخلاقياً دقيقاً لأدوات الذكاء الاصطناعي. وطبعاً مع ازدياد اعتماد غرف الأخبار على الذكاء الاصطناعي، يبرز تحدٍّ أخلاقي آخر متمثل في تحقيق التوازن بين الأتمتة والإنسانية، وقد يؤدي الاعتماد المفرط على الآلة إلى استبدال الوظائف التقليدية، ما يثير القلق بشأن مستقبل الصحفيين. وبين هذه المعطيات، تتبلور رؤية واضحة مفادها أن الذكاء الاصطناعي ليس عدواً، بل شريكاً محتملاً، داعماً لكن ليس بديلاً، نعم، قد تكتب الخوارزميات نصاً مترابطاً، لكنها لا تملك نبض الإنسان، ولا شغفه، ولا قدرته على التقاط لحظات الصدق في زوايا الحكايات، من هنا يأتي الحس الإنساني في السرد والتفسير، لتبقى القيم الصحفية كالدقة والنزاهة والاستقلالية مسؤولية بشرية بامتياز، لا تقبل التنازل أو التلقين. وفي هذا الإطار، أظهرت دراسة لمؤسسة "بوينتر" أن أقل من 7% من الصحفيين يشعرون بخطر فقدان وظائفهم لصالح الذكاء الاصطناعي، ما يدل على أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تستخدم كشريك مساند، لا كبديل، بل إن صحفاً كـ"الجارديان" البريطانية قررت احتضان هذه الثورة التكنولوجية عبر إشراك صحفييها في ورش متخصصة، ما أسفر عن رفع جودة التغطيات بنسبة 15% وتقليص الأخطاء التحريرية بنسبة 20%. لهذا سيظل دوماً التحدي الحقيقي هو المحافظة على البعد الإنساني في العمل الصحفي، فمهما بلغت سرعة الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات، فإن القلم البشري هو وحده القادر على منح القصة روحها، وعلى إيصال الحقيقة لا بوصفها رقماً، بل بوصفها تجربة تحمل ألماً وأملاً. الصحافة، في جوهرها، ليست مهنة فقط، بل رسالة تتصل بالوجدان الإنساني، والذكاء الاصطناعي رغم قوته في تقديم الأخبار بشكل أكثر دقة وسرعة، لكن لا يمكنه أن يحل محل الروح الإنسانية للصحفي التي تمنح القصة معناها الحقيقي وتأثيرها الدائم، فالصحافة ليست مجرد نقل معلومات فقط، بل هي إيصال الحقيقة بشكل واقعي وإنساني، لتبقى الصحافة بمثابة العمود الفقري للتعبير عن القضايا الإنسانية. لذا فإن المسألة ليست في منازعة بين آلة وإنسان، بل في كيفية بناء شراكة ذكية، يقودها الوعي، وتحكمها الأخلاق، ويتصدرها الإنسان، وبينما تعيد الخوارزميات رسم الخارطة الإعلامية، تبقى القيم الصحفية والضمير المهني هما البوصلة التي تحفظ للصحافة صدقها، وتدفع بها إلى مستقبل أكثر إنسانية، وعمقاً، وابتكاراً. في نهاية المطاف، لا يجب أن يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً للصحافة، بل فرصة لتطويرها وإعادة تعريفها بما يتماشى مع متغيرات العصر، ولكن نجاح هذا التحول مرهون بتحقيق توازن دقيق بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية الأخلاقية. نقلا عن "CNN الاقتصادية"

أركنساس.. أمل أمريكا في إزاحة قبضة الصين على الليثيوم
أركنساس.. أمل أمريكا في إزاحة قبضة الصين على الليثيوم

العين الإخبارية

timeمنذ 2 أيام

  • العين الإخبارية

أركنساس.. أمل أمريكا في إزاحة قبضة الصين على الليثيوم

كشف تقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية إن جنوب غرب ولاية أركنساس وحده يحتوي على ما يصل إلى 19 مليون طن من موارد الليثيوم. وتعد الكمية كافية لتلبية الطلب الأمريكي الحالي عدة مرات إذا تم استخراجها بكفاءة. وفقًا لتقرير صادر عن هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، فإن تكوين منطقة "سماك أوفر" الممتدة تحت أركنساس وعدة ولايات مجاورة، يحتوي على مياه مالحة جوفية غنية بالليثيوم -وهو عنصر حيوي في البطاريات القابلة لإعادة الشحن التي تُستخدم في السيارات الكهربائية والهواتف الذكية والتقنيات الدفاعية. وتتسابق أكثر من 12 شركة -بما في ذلك عمالقة الطاقة مثل إكسون موبيل وأوكسيدنتال بتروليوم وإكوينور- لاستخراج هذه المياه المالحة باستخدام تقنية جديدة تُعرف باسم "الاستخراج المباشر لليثيوم" (DLE). ويقول المؤيدون إن هذه التقنية يمكن أن تُحدث تحولًا في صناعة الليثيوم الأمريكية، كما فعل التكسير الهيدروليكي في صناعة النفط قبل نحو عشرين عامًا. ويرى آندي روبنسون، المؤسس المشارك لشركة "ستاندرد ليثيوم"، أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تطلق قطاعًا محليًا بمليارات الدولارات. تقنية حديثة وعالميًا، تزداد شعبية DLE. وتتابع جامعة كولومبيا ما لا يقل عن 36 مشروع DLE قيد التطوير، منها 13 في الصين. وتتحول دول مثل تشيلي والأرجنتين من التبخير إلى DLE بسبب المخاوف البيئية. وطورت شركة ستاندرد ليثيوم تقنيتها واختبرتها خلال خمس سنوات في منشأة تجريبية بالشراكة مع شركة لانكسس الألمانية. وفي هذه المنشأة، تتم معالجة المياه المالحة أولًا لاستخلاص البرومين، ثم تُرسل إلى نظام DLE التابع لشركة ستاندرد لاستخلاص الليثيوم باستخدام تقنية مرشحات مرخصة من شركة كوتش إندستريز، وهي مساهم في الشركة. ويُعتبر DLE أسرع وأقل استهلاكًا للأراضي مقارنة بالطرق التقليدية مثل التعدين المكشوف أو برك التبخير. فبدلًا من انتظار تبخر المياه المالحة لأشهر، تستخدم تقنية DLE مذيبات أو مرشحات لاستخراج الليثيوم خلال ساعات. ويمكن أن تصل معدلات الاستخلاص إلى 90%، مقارنة بـ 40-60% في الطرق التقليدية، مما يجعل التقنية واعدة، خصوصًا في مناطق مثل أركنساس، حيث تركّز الليثيوم مرتفع والبنية التحتية متوفرة. تحديات قائمة لكن التحديات لا تزال قائمة. فبعض النقاد يرون أن DLE لم تُثبت نفسها تجاريًا على نطاق واسع بعد. وقد واجه مشروع مشابه في الأرجنتين تابع لشركة فرنسية تأخيرات خلال مراحل التشغيل. كما أن كل مصدر من المياه المالحة يتميز بتركيبة مختلفة، مما يتطلب معالجة مخصصة تزيد من التكلفة وتعقيد التشغيل. وتُقدر "بنشمارك مينيرال إنتليجنس" أن تكلفة إنتاج الطن من الليثيوم من مصادر المياه المالحة الأمريكية تبلغ حوالي 10,735 دولارًا -وهي أعلى بكثير من تكلفة الإنتاج في بعض مواقع التبخير التي لا تتعدى 6,000 دولار للطن. إلى جانب ذلك، يمر سوق الليثيوم بتقلبات شديدة. فقد انخفضت الأسعار بنسبة 80% منذ ذروتها في عام 2022، ويرجع ذلك جزئيًا إلى زيادة العرض من الصين، التي تهيمن على سلسلة توريد الليثيوم العالمية. كما فرضت بكين قيودًا على تصدير بعض المواد والتقنيات الحيوية لمعالجة الليثيوم، مما أضاف بُعدًا جيوسياسيًا للمنافسة. وتزعم الشركات الأمريكية أن الصين تتلاعب بالسوق عمدًا لإبطاء المشاريع المنافسة. ومع ذلك، تمضي الشركات الأمريكية قدمًا. وتقول ستاندرد ليثيوم إنها قادرة على إنتاج كربونات الليثيوم بدرجة بطارية بأقل من 6,000 دولار للطن من حيث تكاليف التشغيل المباشرة — باستثناء النفقات الرأسمالية — مما يجعل المشروع مجديًا اقتصاديًا حتى في ظل الأسعار المنخفضة الحالية، وكذلك بفضل الدعم الفيدرالي بما في ذلك منحة بقيمة 225 مليون دولار. سباق في أركنساس وفي الولايات المتحدة، تتصدر أركنساس المشهد. فقد أطلقت شركة إكسون موبيل مشروع "سولتويركس" لتطوير الليثيوم من منطقة سماك أوفر، مستهدفة إنتاج ما يكفي لتلبية احتياجات تصنيع مليون سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2030. ومع تزايد المشاريع، تشتد النزاعات حول ملكية الأراضي وحقوق المعادن، كما حدث في جلسة استماع عامة مؤخرًا حيث اعترض ملاك الأراضي على حقوق التنقيب. وتُعد الإتاوات موضوعًا حساسًا آخر. حيث تقترح ستاندرد ليثيوم نسبة 2.5% من الإيرادات لأصحاب الأراضي، بينما يطالب البعض بنسبة تصل إلى 12.5%. وتُحذر الشركات من أن رفع الإتاوات قد يُقوّض القدرة التنافسية الأمريكية أمام الصين. فالصين، خلال عقد من الزمن، بنت شبكة ضخمة من تعدين ومعالجة الليثيوم، مما ساهم في جعل صناعة السيارات الكهربائية فيها رائدة عالميًا. على مستوى الولاية، تسعى أركنساس لاستغلال الفرصة بالكامل. وقد أقرّ المجلس التشريعي للولاية حوافز ضريبية جديدة لجذب مستثمري الليثيوم. وتقول حاكمة الولاية، سارة ساندرز، إن أركنساس قد توفر ما يصل إلى 15% من احتياج العالم من الليثيوم، مما يعزز موقعها التنافسي ويدعم أمن الطاقة الوطني. كما تعمل المؤسسات التعليمية المحلية أيضًا على سد الفجوة المهارية. على سبيل المثال، تقدم كلية جنوب أركنساس برامج تدريبية في تشغيل العمليات الكيميائية. يمثل اندفاع الليثيوم في أركنساس تلاقياً نادراً بين الفرص الاقتصادية، والابتكار البيئي، والحاجة الجيوسياسية. وإذا نجح، فقد يُعيد إحياء مدينة بترولية سابقة، ويُسهم في تعزيز مكانة أمريكا في التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، ويُوفر وظائف دائمة، ويُقلل من الاعتماد على سلاسل التوريد الأجنبية. aXA6IDgyLjI3LjIyMC41OCA= جزيرة ام اند امز LV

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store