
حرب غزة تدخل مرحلتها الأعنف فكيف بدا المشهد الإنساني؟
المرصد
دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة مرحلتها الأعنف على صعيد القتل والعنف والتدمير مع بدء جيش الاحتلال عملية عسكرية برية جديدة سماها 'عربات جدعون'.
المصدر : الجزيرة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 11 دقائق
- الجزيرة
قصف متواصل على غزة وارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين
أفادت مصادر طبية باستشهاد 13 فلسطينيا فجر اليوم الخميس وإصابة آخرين في قصف على شمالي غزة ، في حين ارتفع عدد الشهداء من الصحفيين في القطاع إلى 221. ونقل مراسل الجزيرة عن مصادر طبية قولها إن الشهداء منذ فجر اليوم بينهم 3 أطفال وامرأة إلى جانب إصابة عدد آخر إثر قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وروضة للأطفال في شارع غزة القديم وميدان الحلبي في جباليا البلد شمالي القطاع. وأفاد مراسل الجزيرة، بنقل الشهداء والجرحى إلى مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، فيما تواصل طواقم الخدمات الطبية والدفاع المدني البحث عن مفقودين أسفل الركام. كما أعلنت طواقم الخدمات الطبية في غزة أنها تمكنت من انتشال جثمان شهيد عقب قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية منزلًا يعود لعائلة أبو الكاس قرب مفترق السنافور في حي التفاح شرق مدينة غزة. وذكرت الطواقم أن هناك ما يقارب 20 شخصًا ما زالوا تحت الأنقاض، وسط صعوبات كبيرة في عمليات إنقاذهم نتيجة القصف المتواصل ونقص المعدات اللازمة. وكانت وزارة الصحة في غزة قد أفادت باستشهاد 63 شخصا جراء القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من قطاع غزة، أمس الأربعاء. كما أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 5 فلسطينيين وإصابة آخرين، بينهم أطفال، في غارة إسرائيلية استهدفت مركبة تابعة لمؤسسة خيرية كانت تقدم المساعدات والطعام للنازحين، في شارع النفق بمدينة غزة. وقد أظهرت صور حصلت عليها الجزيرة قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بقصف ونسف أحياء سكنية في منطقة تل الزعتر بمخيم جباليا شمالي القطاع مما أسفر عن دمار واسع في المكان. شهداء الحقيقة من جهة أخرى، أعلنت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن عدد الصحفيين الشهداء ارتفع في قطاع غزة إلى 221 شهيدا عقب استشهاد الصحفي معتز محمد رجب مساء الأربعاء. وأدانت نقابة الصحفيين في بيان لها جريمة اغتيال الصحفي معتز رجب الذي استشهد أثناء تأديته تغطية الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، حيث استهدفت طائرات الاحتلال مركبة مدنية في شارع النفق بمدينة غزة، مما أدى إلى استشهاده على الفور. ويأتي ذلك في حين يواصل الاحتلال حربه بعد أن انقضت 600 يوم منذ بدئه حرب الإبادة على غزة وإغلاقه المعابر ومنعه إدخال المساعدات في ظل شبح المجاعة الذي أودى بحياة عدد من أطفال القطاع. وترتكب إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
في سوريا: ترامب يدعم الشرع أم نتنياهو؟
رفعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جزءًا كبيرًا من العقوبات المفروضة على سوريا، بهدف تعزيز نهجها الجديد القائم على دعم استقرار حكم الرئيس أحمد الشرع، والاستفادة من الفرص التي تقدمها سوريا الجديدة لإحداث تحول تاريخي في العلاقات مع دمشق، وإعادة صياغة دورها في الشرق الأوسط. من بين الجوانب التي تبدو غامضة في السياسة الأميركية تجاه سوريا حاليًا، الهوة الواضحة بينها وبين السياسة الإسرائيلية. وتتجلى هذه الهوة في مؤشرات متضاربة؛ فمن جهة، يتعارض نهج ترامب مع السياسة الإسرائيلية التي اعتبرت حتى وقت قريب الحكم الجديد في سوريا تهديدًا إستراتيجيًا، وتبنت تصورات مثل إبقاء سوريا دولة ضعيفة والدفع نحو إقامة فدراليات طائفية كمدخل لتقسيمها. ومن جهة أخرى، تُظهر إدارة ترامب اهتمامًا كبيرًا بالمصالح الإسرائيلية، وترى في التحول السوري فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل في المستقبل. علاوة على ذلك، لا تقتصر هذه الهوة على النظرة إلى حكم الرئيس أحمد الشرع. ففي الوقت الذي تحرص فيه إدارة ترامب على تعزيز الانخراط التركي والسعودي في سوريا، ترى إسرائيل في الوجود التركي تهديدًا جيوسياسيًا. إن هذا التعارض بين حليفين وثيقين يُعد أمرًا نادرًا في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكنه يصبح أكثر وضوحًا عند النظر إلى الدوافع المتعددة التي تشكل نهج ترامب. يمكن تلخيص هذه الدوافع في أربعة محاور رئيسية: أولًا، يوفر التحول السوري فرصة تاريخية للولايات المتحدة لتحويل سوريا إلى حليف جديد في الشرق الأوسط، بعد عقود من تموضعها في المعسكر المناهض لها. ومن شأن هذا التحول إعادة تعريف النفوذ الأميركي في الجغرافيا السياسية الإقليمية، إذ يشكل أيضًا قاعدة انطلاق للتأثير على دول مجاورة مثل لبنان والعراق. ومن هذا المنظور، يُشكل النهج الإسرائيلي، الذي يسعى إلى إبقاء سوريا في حالة فوضى، تهديدًا كبيرًا لهذه الفرصة. ثانيًا، يندرج اهتمام الرئيس دونالد ترامب بتعزيز انخراط دول المنطقة، وفي مقدمتها تركيا والسعودية، في سوريا، ضمن رغبة الولايات المتحدة في تقليص انخراطها المباشر في الشرق الأوسط، وتمكين القوى الحليفة من إدارة شؤون المنطقة بدرجة أكبر من الاستقلالية. وبالتالي، فإن انضمام سوريا إلى تكتل الدول الحليفة لأميركا في المنطقة يعزز قوة النظام الإقليمي الجديد الذي تطمح إليه واشنطن. وعليه، فإن النهج الإسرائيلي في سوريا لا يدعم تشكيل هذا النظام الإقليمي، بل يُضيف ضغوطًا جديدة على سياسة ترامب في الشرق الأوسط. ثالثًا، تعتقد الولايات المتحدة أن انخراطها القوي في سوريا والانفتاح على حكم الرئيس أحمد الشرع يحدان من مخاطر انهيار الاستقرار السائد في البلاد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد. إن سيناريو انهيار الاستقرار قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل اندلاع حرب أهلية تشكل بيئة خصبة لعودة تنظيم الدولة، مما يعقد هدف ترامب بالانسحاب العسكري من المنطقة، فضلًا عن احتمال عودة روسيا وإيران إلى سوريا، وتصاعد التوتر الجيوسياسي بين تركيا وإسرائيل إلى مواجهة عسكرية. ومن هذا المنظور، فإن النهج الإسرائيلي يزيد من هذه المخاطر بدلًا من الحد منها. رابعًا، يرى ترامب، الذي يولي أهمية كبيرة في ولايته الثانية لتوسيع اتفاقيات السلام بين دول المنطقة وإسرائيل، أن استقطاب سوريا إلى معسكر الأميركي في المنطقة يوفر فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات السورية- الإسرائيلية على المدى البعيد. ويُشكل هذا الهدف فائدة إستراتيجية كبيرة لإسرائيل. وانطلاقًا من ذلك، فإن محاولات إسرائيل زعزعة استقرار الحكم الجديد ستؤدي حتمًا إلى نتائج عكسية. تتجلى ثلاثة مؤشرات واضحة تشير إلى تحول في النهج الإسرائيلي نتيجة سياسة ترامب، وهي: تراجع ملحوظ في النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا مؤخرًا مقارنة بالفترة التي أعقبت الإطاحة بنظام الأسد. تغير النبرة الإسرائيلية تجاه الحكم الجديد بعد بدء محادثات غير مباشرة معه. دخول إسرائيل في حوار مع تركيا لتهدئة التوترات في سوريا والتوصل إلى تفاهمات لإدارتها. مع ذلك، فإن استقرار السياسة الإسرائيلية في سوريا على مسار واضح يظل مرهونًا بمجموعة من العوامل، أبرزها تطور العلاقات الأميركية السورية. ويمكن النظر إلى فترة الستة أشهر التي حددتها واشنطن لرفع العقوبات عن سوريا على أنها مصممة بشكل رئيسي لاختبار الرئيس أحمد الشرع، وتهيئة الأرضية لعلاقات جديدة، وفي الوقت ذاته، فرصة للتوصل إلى تفاهمات واضحة تعالج التهديد الذي تشكله إسرائيل لسوريا. ورغم أن هدف الرئيس دونالد ترامب بتحقيق تطبيع سوري- إسرائيلي يبدو بعيد المنال في المستقبل القريب، فإن السياق الجديد لسوريا والانخراط الأميركي القوي فيها يعملان حاليًا على تجميد التحدي الإسرائيلي لسوريا، بما يُعزز من قدرة الرئيس أحمد الشرع على التفرغ للتحديات الداخلية والاستفادة من رفع العقوبات للشروع في عملية الإنعاش الاقتصادي الذي يُشكل بوابة ضرورية للاستقرار الأمني والسياسي والمجتمعي. كما يوفر الانخراط الأميركي فرصة لتركيا وإسرائيل للتفاهم على آليات عمل تتجاوز الحد من مخاطر التصعيد إلى التعاون في سوريا. وهذا ما يطمح إليه ترامب، الذي يسعى إلى جعل سوريا أرضية لنظام إقليمي جديد يحافظ على النفوذ الأميركي في المنطقة، مع تقليص انخراطها المباشر فيها في الوقت ذاته.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
طبيبة تفقد 9 من أولادها.. 10 قصص مبكية من القتل الجماعي لأطفال غزة
ليس في فلسطين أسرة إلا ولها قصة مع الفقد وتاريخ مع الأسى، وفي كل خافقة تئد الصواريخ طيف طفل طال انتظاره، وتطبع بحرقة اللهب والفقد على قلب أم مكلومة في الزوج والوالدين ثم الأبناء. للموت أكثر من عنوان وصورة في فلسطين ، وله هوس مجنون بالأطفال، يأخذهم دارجين ورضّعا، بل يأخذهم وهم أجنة في بطون أمهاتهم قبل أن تبتسم لهم الحياة. ومع محنة الطوفان وما سقيت به الأرض بعدها من لهب بات عداد الموت يأخذ بالجملة، ولا يرضى دون ما فوق منتهى الجموع من الأكباد الرطبة والأجساد الوديعة. آلاء النجار.. الرقم الأعلى والصبر الجميل لم تكن الطبيبة آلاء النجار أول فلسطينية يفجعها الاحتلال الإسرائيلي في فلذات أكبادها، لكنها كانت الأكبر حظا من الألم والأكبر نصيبا من المأساة، وصاحبة الرقم الأعلى بين أمهات فلسطين حينما تلقت على حين غرة ودون أي ميعاد جثامين أبنائها التسعة الذين قضوا حرقا في غارة جوية حانقة بحي قيزان في مدينة خان يونس. كانت الأم -التي تعمل طبيبة في مجمع ناصر الطبي- يملأ قلبها الأسى لما ترى من أهوال ومصائب وأجساد تحولت إلى مزع، قبل أن يكون قلبها المفعم حبا مسرحا لحرقة لا تنتهي. وإذا كانت آلاء قد تسنمت العالي من حرق المأساة، والأقسى من لهب الفقد فقد تسنمت أيضا العالي من درجات الصبر، فكان ردها عند الصدمة الأولى عندما بلغها أن تسعتها الناضرين قد تحولوا إلى حمم وذكريات وأشلاء "هم أحياء عند ربهم يرزقون". إعلان يحيى، راكان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين، لقمان، سيدرا، كانت سيدرا هي الصغرى، قدمت إلى الحياة تحت اللهب، وقبل 6 أشهر فقط كانت قد التقطت أولى صور الحياة، لتعود إلى الخلود شهيدة تأخذ مكانها في طابور طويل من الأطفال الذين اقتطف اللهب الإسرائيلي أعمارهم وهم دون السنة، أما يحيى فقد كان الأكبر بين أخوته، ولم يكن يزيد على 12 سنة. ومن الجميع لم يبق لآلاء غير ابنها آدم الذي نجا بصعوبة من الموت، وما زال تحت العناية المركزة بعد عمليتين مستعجلتين. وأخشى ما تخشاه أسرة آلاء أن تهد صدمة الفقد جبل صبرها المكين، أو أن يلحق آدم بأخوته الراحلين، وبين ذلك ملاذ من الصبر تأوي إليه أمهات فلسطين وهن مسافرات في مداءات الكفاح، وترميهن الجراح إلى الجراح. الشهيد هنية.. أبو الشهداء وسابقهم إلى الخلود أخذ بيت الشهيد إسماعيل هنية نصيبا غير منقوص من الفقد، وجالت بين أرجائه راجمات اللهب، فأخذتهم وهم في ميعة الصبا وعنفوان الطفولة عندما استشهد في 10 أبريل/نيسان 2024 أحفاد خمسة كانوا في سيارتهم يجوبون مخيم الشاطئ، صلة لرحم ماسة وتهنئة بعيد الفطر الذي لم يفطر فيه الفلسطينيون بغير الدم والفقد، كان من بين الشهداء الخمسة 3 من أبناء الشهيد هنية واثنان من أحفاده، ليؤدي ضريبة القيادة والمواطنة في غزة، وهي ضريبة لا تقدر بغير الدم والشهداء. العم أحمد.. قربان من 11 شهيدا بين ابن وحفيد لم تكن الشقق الخمس لبيت العم أحمد غير سعي حثيث من أب حنون ليحيط نفسه ببنيه وأحفاده، قسّم بيته ذا المساحة الكبيرة إلى 5 شقق عامرة بالأبناء والأحفاد، كان البيت مجمع مدخرات العمر ومنتدى الذكريات ومستقر الشيخوخة التي أرادها العم أحمد عامرة بالعطف والحنان والاحتضان. لكن صواريخ الاحتلال الإسرائيلي كانت تحمل رأيا آخر ونارا حارقة، فأتى اللهب الشقق الخمس من كل جانب وحوّلها إلى ما يشبه "الكفتة" وفق تعبير الشيخ المكلوم، توالت 3 صواريخ فأحالت البيت رمادا، وضجيج الفرح الذي كان يغمره دماء وعويلا وأشلاء ممزقة. ومضى العم أحمد في سيارة إسعاف، وبعد 4 عمليات أفاق على الخبر المأساة، فقد استشهد بذلك اللهب الحارق 11 شخصا من أبنائه وأحفاده، ثم امتدت للحزن آماد لا تنتهي، وذوت زهرة الحياة في جسد خرقه حديد المنزل المنهار، وروح اكتوت بـ11 جرحا و11 ذكرى مؤلمة. الملائكة الصغار.. دم طفولي يصبغ جدران الكنيسة لم تكن الكنائس في غزة أكثر أمنا من مساجدها، ليس فوق تلك الأرض ما يستحق غير الموت والإحراق وفق العقيدة والسياسة الإسرائيلية الحالية. في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أوى العشرات إلى كنيسة برفيريوس (أقدم كنائس غزة) فاحتضنتهم صور يسوع، قبل أن تحرقهم صواريخ إسرائيل ، قضى في تلك الحادثة 18 شخصا، من بينهم 3 أفنان صغيرة، هم رامز السوري وجولي وماجد، كان أكبرهم في الـ14 والأصغر في العاشرة. ضم الوالد إليه الجثامين الممزقة وهو يبكي بحرقة من خذله المكان الذي كان يعتقد فيه الأمان" "لقد قصفوا ملائكتي دون إنذار، قتلوا أطفالنا، أطفال الأقارب". يوسف شرف.. موت يعم كل الأرحام تطوع شرف في لجان الإنقاذ، كان يحمل روحه في راحة، ويحمل في الأخرى طعاما وماء وبسمة يوزعها على النازحين من غزة، قبل أن يتلقى صباح 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 خبر استشهاد والديه وابنه وبناته الثلاث وإخوته وعماته وخالاته، وكأن الموت كان يصول بين الأرحام ليقطع حظها من الحياة. لم يكن حزن شرف على بناته الثلاث وابنه أشد من حزنه على أخيه وزوجته وابنهما الصغير الذي وُلد قبل القصف بأيام بعد 16 سنة من الانتظار، وفي بيت شرف كان 13 آخرون من أبناء إخوته وأخواته بين شهداء البرج الذي كانوا يسكنون فيه. لانا (16 عاما)، وهالة (11 عاما)، وجانا (9 أعوام)، وجوري (6 أعوام)، وتولين (4 أعوام)، وكريم (عامان)، وعبيدة الذي لم يزد عمره على عام واحد. لم تكن هذه الأسماء وتلك الأرقام غير سطر في كتاب عريض من أسماء الأطفال الذين أحرقتهم إسرائيل وأحرقت من ورائهم قلوب من لم يسبقهم إلى الشهادة من آباء وإخوة وأرحام. أم محمود.. عويل على ضفة الدم في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 فقدت أم محمود 5 من أبنائها إثر قصف تعرّض له منزل العائلة في شمال غزة غير بعيد عن مستشفى كمال عدوان الشاهد على كثير من المآسي. لم تطق الأمة المكلومة صدمة الفقد المفاجئ، فهوت تحتضن الركام وتلوذ بالأنقاض معولة تنادي من لن يرد عليها (محمود وبراء وتيسير ومعتز وآية)، كان الحزن يأكل ذلك القلب المحترق، ولم يُجدِ النداء، فقد أسرج الشهداء الصغار خيل الرحيل وحلقت بهم إلى الخلود تاركين قلب أمين مكلوم، ربما تكون قد التحقت بهم في الشهداء، وخلف الجميع قصة أخرى من قصص لا تنتهي ما لم تضع الحرب المجنونة في غزة أوزارها. أبو القصمان.. رحلت مع 8 من أبنائها وأحفادها "نحنا بخير، ديروا بالكم على حالكم" ولم يكن الأمر كذلك، بل كانت رسالة وداع لترحل فاتن أبو القمصان مع 17 آخرين من أسرتها، من بينهم 5 من أولادها و3 أحفاد. تلقى شقيقها الرسالة، ولم يطل الانتظار حتى تلقى الخبر القاتل، حاول أن يعوذ من ألمه بما يرى من يوميات الفقد، لكن دفقات الأسى كانت أكبر من الصمود العاطفي "كيف لي أن أعبّر عما يختلج صدري من ألم وقهر، نعم نحن في غزة اعتدنا على الموت، لكن أيا يكن فراق الأحبة صعب". مضت في تلك المأساة 18 نفسا زكية، من بينها 9 أطفال، وبقيت لساعات أو أيام 6 تحت الأنقاض، من بينهم 3 أطفال آخرين، ومضت قصة أخرى وصفحة حمراء من ديوان الموت المجنون في غزة. إياد الرواغ.. صوت الأقصى الذي رحل مع 11 من أفراد عائلته "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اضطرت زوجتي للسفر مع ابني المصاب، واضطرت لظروف ترك طفلها الرضيع بغزة معي، ويبدو أن رحلة العلاج ستطول لأكثر من شهرين، لذلك أبحث عن شخص من مرافقي المصابين يستطيع أخذ ابني الرضيع معه من غزة وإيصاله إلى والدته في سيناء". إعلان كان ذلك آخر ما دوّن إياد على فيسبوك، ثم جاءت إسرائيل بالحل السريع، فقصفته ليستشهد فورا هو و4 من أولاده هم طفله الرضيع أحمد وأخوته لؤي وندى ويزن. ولم يبق من الذكرى غير الألم الذي أخرجته أم لؤي من غربتها في مصر ، وأحرقت به قلوب عالم مُبَنَّج منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. إسلام أبو جزر.. أم 5 أبناء في قطار الشهادة السريع أخذت مدينة رفح نصيبها من كل ما تعرضت له غزة من قصف ودمار وشهادة، وكانت الشهيدة إسلام أبو جزر وأطفالها الخمسة حسن وإبراهيم ونور وسيلين وسيلا خليل حسن أبو جزر إحدى قصص الفقد المروعة في غزة. ومرة أخرى يخون المكان الذي كانت إسلام تظن أنه آخر مثوى للأمان، لكن حضنها لم يخن أطفالها، فجمعها وإياهم اللهب الغادر، وألقت بهم صواريخ الاحتلال إلى لائحة طويلة من الشهداء الأطفال والأمهات الداميات المحاجر. حضن الجدة.. قبر صغير لـ4 أشقاء شهداء في خان يونس كان أحد المنازل الصغيرة يكتب قصة عناق بين الأجيال، تتوكأ الجدة على عكاز الأيام وتحتضن أحفادها الأشقاء الأربعة، ليتحول إلى عناق طويل من الدم ورحلة استشهاد جماعية، ليكون للفقد صوته وصيته في كل بيت غزي. تلك 10 قصص من مآسي الفقد وفظائع اللهب الحاقد، وما هي إلا عينة صغيرة ونموذج من نهر الدم الأحمر الذي يجرف غزة منذ أكثر من عام ونصف في واحدة من أفظع مآسي التاريخ وأفظع حروب الغدر والانتقام الهمجي من الحياة وكل ما يمت إليها بصلة.