logo
تعبوا من التشرّد... سوريون ينصبون خيماً قرب أنقاض منازلهم بعد معاناتهم من النزوح

تعبوا من التشرّد... سوريون ينصبون خيماً قرب أنقاض منازلهم بعد معاناتهم من النزوح

النهارمنذ 5 أيام

بعدما قاسى حياة النزوح لنحو 14 عاما، عاد عارف شمطان إلى قريته ‏المدمرة في شمال غرب سوريا بعد سقوط حكم بشار الأسد، مفضّلا خيار ‏العيش في خيمة على أطلال منزله المدمّر، عوض البقاء مشردا في ‏المخيمات.‏
فور إطاحة الأسد، عاد شمطان البالغ 73 عاما بلهفة مع ابنه الى قريته ‏الحواش الواقعة عند أطراف محافظة حماة، متفقدا ما تبقى من منزله ‏وأرضه الزراعية للمرة الأولى منذ نزوحه على وقع المعارك الى مخيّم ‏عشوائي قرب الحدود مع تركيا.‏
وبعدما تمكّن من تأمين بعض احتياجاته، قرر قبل نحو شهرين مغادرة ‏المخيم مع عائلته وأحفاده للاستقرار في خيمة متواضعة نصبها قرب ‏منزله الذي تصدّعت جدرانه وبات من دون سقف. وبدأ زرع بستانه ‏بالقمح والخضار.‏
ويقول الرجل وهو يفترش الأرض أمام الخيمة المحاذية لحقله، محتسيا ‏كوبا من الشاي، لوكالة "فرانس برس": "أشعر بالراحة هنا، ولو على ‏الركام".‏
ويضيف "العيش على الركام أفضل من العيش في المخيمات" التي بقي ‏فيها منذ عام 2011.‏
في قريته التي كانت تحت سيطرة الجيش السوري السابق، وشكّلت خطّ ‏مواجهة مع محافظة إدلب، التي كانت معقلا للفصائل المعارضة لا سيما ‏هيئة تحرير الشام، اختفت معالم الحياة تماما. ولم يبق من المنازل الا ‏هياكل متداعية موزعة بين حقول زراعية شاسعة.‏
ورغم انعدام مقومات الحياة والبنى التحتية الخدمية، وعجزه عن إعادة ‏بناء منزله لنقص الإمكانات المادية، يقول شمطان بينما تجمّع حوله ‏أحفاده الصغار "لا يمكننا البقاء في المخيمات وأماكن النزوح"، حتى لو ‏كانت "القرية كلها مدمرة... لا أبواب فيها ولا نوافد والحياة معدمة".‏
ويتابع "قررنا أن ننصب خيمة ونعيش فيها إلى حين أن تُفرج، ونحن ‏ننتظر من المنظمات والدولة أن تساعدنا" إذ أن "المعيشة قاسية ‏والخدمات غير مؤمنة".‏
‏"لا خدمات ولا مدارس" ‏
في العام 2019، حين اشتدّ قصف الجيش السوري السابق على القرية، ‏غادر المختار عبد الغفور الخطيب (72 عاما) على عجل مع زوجته ‏وأولاده، ليستقر في مخيم قريب من الحدود مع تركيا.‏
وبعد إطاحة الأسد في الثامن من كانون الاول/ديسمبر، عاد على عجل ‏أيضا. ويقول "كنت أود فقط الوصول إلى بيتي. ومن شدّة فرحتي ‏‏(...)عدت ووضعت خيمة مهترئة، المهم أن أعيش في قريتي".‏
ويكمل الرجل "يود الناس كلهم أن يعودوا"، لكن "كثرا لا يملكون حتى ‏أجرة سيارة" للعودة، في بلد يعيش تسعون في المئة من سكانه تحت خط ‏الفقر.‏
ويضيف بينما افترش الأرض في خيمة متواضعة قرب بقايا بيته "لا ‏شيء هنا، لا مدارس ولا مستوصفات، لا مياه ولا كهرباء"، ما يمنع ‏كثرا من العودة كذلك. لكنه يأمل "أن تبدأ إعادة الإعمار ويعود الناس ‏جميعا، وتفتح المدارس والمستوصفات" أبوابها.‏
وشرّد النزاع الذي بدأ العام 2011 بعد قمع السلطات لاحتجاجات شعبية ‏اندلعت ضدّ حكم عائلة الأسد، قرابة نصف عدد سكان سوريا داخل البلاد ‏وخارجها. ولجأ الجزء الأكبر من النازحين الى مخيمات في إدلب ‏ومحيطها.‏
وبعد إطاحة الأسد، عاد 1,87 مليون سوري فقط، من لاجئين ونازحين، ‏الى مناطقهم الأصلية، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التي أشارت إلى ‏أن "نقص الفرص الاقتصادية والخدمات الأساسية يشكل التحدي الأبرز" ‏أمام عودتهم.‏
ولا يزال نحو 6,6 ملايين شخص نازحين داخليا، وفق المصدر ذاته.‏
ومع رفع العقوبات الغربية عن سوريا، لا سيما الأميركية، تعوّل ‏السلطات الجديدة على دعم الدول الصديقة والغربية لإطلاق مرحلة ‏الاعمار، والتي قدرت الأمم المتحدة كلفتها بأكثر من 400 مليار دولار.‏
‏"تغيّر كل شيء" ‏
بعدما نزحت مرارا خلال السنوات الأخيرة، عادت سعاد عثمان (47 ‏عاما) مع بناتها الثلاث وابنها إلى قريتها الحواش منذ نحو أسبوع.‏
وتقول المرأة التي تؤمن قوتها اليومي من أعمال يدوية تؤمن لها أجرا ‏بسيطا "تغيّر كل شيء، البيوت تدمرت ولم يبق شيء في مكانه".‏
ومع أن سقف منزلها انهار وتصدعت جدرانه، لكنها اختارت العودة اليه. ‏على جدار متهالك، كدّست المرأة فرشا ووسائد للنوم على خزانة قديمة. ‏في العراء، وضعت سريرا صغيرا قرب لوحين شمسيين، لا يحميه شيء ‏سوى بطانيات علّقت على حبال غسيل.‏
في الجوار، وعلى ركام منزلها، أقامت المرأة موقدا لتطهو عليه الطعام.‏
وتوضح "استدنت ثمانين دولارا ثمن بطارية" لتوفير الإضاءة مع غياب ‏شبكات الكهرباء.‏
وتشرح السيدة التي فقدت زوجها خلال الحرب "نعرف أن المكان هنا ‏مليء بالأفاعي والحشرات. لا يمكننا أن نعيش من دون ضوء في الليل".‏
قرب قرية قاح المحاذية للحدود التركية في محافظة إدلب المجاورة، يخلو ‏أحد المخيمات تدريجا من قاطنيه في الأشهر الأخيرة. وتظهر صور ‏جوية التقطها مصور "فرانس برس" عشرات الخيم التي بقيت فقط ‏جدرانها المبنية من حجارة الطوب.‏
ويوضح جلال العمر (37 عاما) المسؤول عن جزء من المخيم المتهالك، ‏إن نحو مئة عائلة غادرت المخيم الى قريته التريمسة في ريف حماه، لكن ‏نحو 700 عائلة أخرى لم تتمكن من العودة جراء ضعف إمكاناتها ‏المادية.‏
ويتحدث عن غياب البنى التحتية الضرورية، على غرار إمدادات المياه ‏والأفران. ويوضح "لشراء الخبز، يتوجّه الناس إلى محردة التي تبعد 15 ‏كليومترا أو إلى سقيلبية" المجاورة.‏
ويضيف "لا ترغب الناس بالبقاء في المخيمات، يريدون العودة إلى ‏قراهم، لكن فقدان أبسط مقومات الحياة من بنى تحتية وشبكات كهرباء ‏وصرف صحي.. يمنعها من العودة".‏
ويقول "يسألني كثر لماذا لم تعد؟ لا منزل لدي وأنتظر فرصة لتأمين ‏مكان يؤوني في القرية".‏

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غوتيريش يدعو لتحقيق مستقل بمقتل أكثر من 30 فلسطينياً في رفح، وستارمر يؤكد ضمان تلقي غزة مزيداً من المساعدات
غوتيريش يدعو لتحقيق مستقل بمقتل أكثر من 30 فلسطينياً في رفح، وستارمر يؤكد ضمان تلقي غزة مزيداً من المساعدات

سيدر نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • سيدر نيوز

غوتيريش يدعو لتحقيق مستقل بمقتل أكثر من 30 فلسطينياً في رفح، وستارمر يؤكد ضمان تلقي غزة مزيداً من المساعدات

قُتل 14 فلسطينياً، بينهم أطفال ونساء، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة جباليا شمالي قطاع غزة، ظهر الإثنين، وفق ما أعلن الدفاع المدني في القطاع. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، لوكالة فرانس برس، إن '14 شهيداً نُقلوا جراء استهداف الاحتلال منزل عائلة البرش في جباليا'، مشيراً إلى أن من بين الضحايا '6 أطفال و3 سيدات'. فيما ذكرت سلطات الصحة في غزة أن أكثر من 30 فلسطينياً قُتلوا وأصيب نحو 170 يوم الأحد في جنوب القطاع قرب نقطة لتوزيع المساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى 'تحقيق مستقل' بعد مقتل العشرات خلال توزيع مساعدات في غزة، وقال شهود إن جنوداً إسرائيليين أطلقوا النار على أشخاص كانوا يحاولون تسلم المساعدات الغذائية، فيما نفى الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على المدنيين. وذكرت مؤسسة غزة الإنسانية ومقرها الولايات المتحدة أنه لم تقع أي حوادث خلال عملية توزيع المساعدات يوم الأحد عند نقطة التوزيع في رفح، وأن الأمور سارت بشكل طبيعي دون سقوط قتلى أو مصابين. ونشرت المؤسسة لقطات مصورة لا تحمل تاريخاً، وقالت إنها لعمليات توزيع المساعدات في أحد المواقع دون الإبلاغ عن أي مشكلات، ولم يتسن التحقق من صحة اللقطات بشكل مستقل، والتي أظهرت عشرات الأشخاص يتجمعون حول أكوام من الصناديق على ما يبدو. وقال شهود إن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على آلاف الفلسطينيين الذين تجمعوا لتسلم المساعدات الغذائية، وقال الجيش إن تحقيقاً أولياً خلص إلى أن الجنود لم يطلقوا النار على مدنيين في أثناء تواجدهم بالقرب من موقع التوزيع أو داخله. وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن 31 شخصاً قتلوا بأعيرة نارية إسرائيلية في الرأس والصدر أثناء تجمعهم في منطقة توزيع المساعدات بحي العلم في رفح، وأضافت أن 169 شخصا أصيبوا. وقال سكان ومسعفون إن دبابة إسرائيلية أطلقت النار على آلاف الأشخاص الذين كانوا في طريقهم إلى مركز توزيع المساعدات في رفح. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن المستشفى الميداني التابع لها في رفح استقبل 179 مصاباً معظمهم أصيبوا بطلقات نارية أو تعرضوا لشظايا. وأضافت اللجنة 'أفاد جميع المصابين بأنهم كانوا يحاولون الوصول إلى موقع توزيع المساعدات، وهذا أكبر عدد من الإصابات الناجمة عن أسلحة في واقعة واحدة منذ إنشاء المستشفى الميداني قبل أكثر من عام'. وأعلنت الأمم المتحدة أن معظم سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة معرضون لخطر المجاعة بعد أن منعت إسرائيل دخول المساعدات إلى القطاع على مدار 11 أسبوعا. وأطلقت مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية أولى مواقعها الخاصة بالتوزيع الأسبوع الماضي، وقالت إنها ستطلق المزيد، وقال الجيش الإسرائيلي إن مؤسسة غزة الإنسانية أقامت أربعة مواقع حتى الآن. وتعرضت المؤسسة لانتقادات واسعة من المجتمع الدولي إذ قال مسؤولون في الأمم المتحدة إن خططها الإغاثية لن تؤدي إلا إلى تهجير الفلسطينيين قسراً وإثارة المزيد من العنف. وشهدت مواقعها الأسبوع الماضي فوضى عارمة، حيث اندفع الفلسطينيون إليها، وأفادت حماس بوقوع وفيات وإصابات خلال الاضطرابات، وقالت إسرائيل إن قواتها أطلقت أعيرة تحذيرية. وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني على منصة إكس إن فرقا طبية دولية في غزة أشارت إلى وجود 'خسائر بشرية كبيرة، منهم عشرات الجرحى والقتلى من المدنيين الجوعى بسبب إطلاق النار'. وأضاف لازاريني في بيان أن 'توزيع المساعدات أصبح مصيدة للموت'، وبين أن توزيع المساعدات يجب أن يتم 'فقط من خلال الأمم المتحدة بما في ذلك الأونروا'. واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسرائيل باستخدام المساعدات كسلاح 'لاستغلال المدنيين الجائعين وجمعهم قسراً في مناطق قتل مكشوفة يديرها ويراقبها الجيش الإسرائيلي'. وقال مسعف يدعى أبو طارق في مجمع ناصر الطبي في خان يونس 'في شهداء، في إصابات، إصابات متعددة. الوضع كارثي في المكان هذا، أنصحهم ولا واحد يروح (إلى نقاط توزيع المساعدات). بيكفّي خلاص'. وتنفي إسرائيل أن يكون سكان غزة يعانون من الجوع بسبب عملياتها وتقول إنها تسهل تسليم المساعدات مشيرة إلى تأييدها لمراكز التوزيع التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية وموافقتها على دخول شاحنات مساعدات أخرى إلى غزة. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي إن الكثير من سكان غزة 'يتضورون جوعاً'. وتتهم إسرائيل حماس بسرقة الإمدادات المخصصة للمدنيين واستخدامها لتعزيز قبضتها على غزة، فيما تنفي الحركة نهب الإمدادات وأعدمت عدداً من اللصوص المشتبه بهم. وقال شاهد عيان لبي بي سي 'ّرحنا على منطقة مخصصة للمساعدات للحصول على الغذاء، ليس لدينا لا غذاء ولا ماء، وبالأمس ذهبنا وقاموا بإطلاق النار، وكذلك اليوم نفس القصة لا نعرف لماذا يفعلون بنا ذلك'. وقال ثانٍ 'كل يوم نذهب للحصول على المساعدات ونعود في آخر اليوم ليس في جعبتنا شيء، ولا نعرف ماذا نفعل، نذهب للموت كي نحصول على المساعدات، والوضع صعب جداً'. وقالت رضا أبو جازر إن شقيقها قُتل بينما كان ينتظر لاستلام الطعام من مركز توزيع مساعدات في رفح. وأضافت بينما تجمع فلسطينيون لأداء صلاة الجنازة أنه يتعين أن 'يوقفوا هذه المجازر، يوقفوا الإبادة هادي. بيبيدوا فينا، قاعدين بيموتونا'. وبدأت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة عقب هجوم قادته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه تسبب في مقتل 1200 شخص واقتياد 251 رهينة إلى غزة. وقتلت الحملة الإسرائيلية ما يزيد عن 54 ألف فلسطيني ودمرت مساحات واسعة من غزة بما في ذلك معظم المباني في القطاع ودفعت معظم سكانه للنزوح والعيش في مخيمات مؤقتة. ستارمر: الوضع في قطاع غزة يزداد سوءاً يوماً بعد يوم قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم الاثنين إن الوضع في قطاع غزة 'يزداد سوءاً يوماً بعد يوم' وإن من المهم ضمان تلقي القطاع الفلسطيني مزيداً من المساعدات الإنسانية على نحو عاجل. وأضاف ستارمر للصحفيين في اسكتلندا 'لهذا السبب نعمل مع الحلفاء… لنكون واضحين تماماً بشأن ضرورة دخول المساعدات الإنسانية بسرعة وبكميات لا تدخل في الوقت الحالي، ما يسبب دماراً مطلقاً'. وقال الرئيس التشيلي جابرييل بوريتش، الأحد إنه سيعمل على تكثيف الضغوط على إسرائيل بسبب حربها في غزة إلى جانب عدد من المبادرات الأخرى خلال الأشهر التسعة الأخيرة من فترته الرئاسية. وقال بوريتش في خطابه السنوي الأخير إنه سيقدّم مشروع قانون لحظر الواردات من 'الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني'، كما سيدعم الجهود التي تبذلها إسبانيا لفرض حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

أميركا وسوريا: زمن المعجزات
أميركا وسوريا: زمن المعجزات

المركزية

timeمنذ 7 ساعات

  • المركزية

أميركا وسوريا: زمن المعجزات

من ينظر إلى صور توم براك، سفير الولايات المتحدة إلى تركيا والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والصديق القريب من الرئيس دونالد ترامب، وهو يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب برفقة ضباط أميركيين كبار، ومن يحدق في مشهد رفع علم الولايات المتحدة في مقر السفير الأميركي بالعاصمة السورية لاعتقد للحظة أن هذه الصور هي من فبركات وابتكارات الذكاء الصناعي. ولكن من يتمعن في هذه الصور يدرك حجم التغييرات الكبيرة التي حصلت في الشرق الأوسط في الأشهر الماضية. قبل سقوط النظام السوري وفرار بشار الأسد لم يكن أحد يتصور أن يرى ضباطاً أميركيين يتجولون برفقة مبعوث الرئيس ترامب في دمشق ويلتقون الرئيس السوري في قصر الرئاسة. "عرين المقاومة" فالعاصمة السورية التي كانت معقلاً ل"محور المقاومة" حيث جعلها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والميليشيات التابعة لإيران مقراً ومصانع للصواريخ والمسيرات بحجة مواجهة إسرائيل، تحولت بفعل هذه المواجهة وما تبعها إلى دولة هي الأولى على لائحة الدول المرشحة للتطبيع مع الحكومة الإسرائيلية. وسوريا التي حكمها آل الأسد لعدة عقود بقبضة السلاح الروسي المستورد من الإتحاد السوفياتي ومن بعده روسيا أصبحت، ورغم استمرار وجود القواعد الروسية في طرطوس، أكثر التصاقاً بالولايات المتحدة مما هي عليه حال دول عربية أخرى تعد في الفلك الأميركي. التحول الكبير لم يكن أحد ليتخيل أن يجتمع الرئيس الأميركي في السعودية بأحمد الشرع، رئيس هيئة تحرير الشام السابق والذي كان مصنفاً على لائحة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة خصوصاً بعد أن كانت القوات الأميركية قد اعتقلته في العراق بين عامي 2006 و2011 لقيامه بعمليات إرهابية ضدها. ولم يكن أحد يتوقع أن يرفع البيت الأبيض العقوبات الأميركية المتعددة على سوريا بهذه السرعة التي فاجأت الجميع بمن فيهم العديد من كبار المسؤولين الأميركيين. ولكن وكما يقول المثل اللبناني "ما إلك صديق إلا بعد قتال". فإذا بأحمد الشرع يتحول ويصبح بفعل الرعاية التركية والسعودية والقطرية رئيساً قريباً من أميركا بعدما وافق على شروطها. وكان البيت الأبيض قد حدد هذه الشروط بشكل مسبق وهي: - الاعتراف دبلوماسياً بإسرائيل والانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم - طرد جميع الإرهابيين الأجانب من سوريا - مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية - تحمل مسؤولية مراكز الاحتجاز التي تضم أعضاء يُشتبه بانتمائهم إلى داعش - وحماية الأقليات في سوريا. وقد أدت موافقة النظام السوري الجديد على هذه الشروط إلى إعادة فتح الأبواب الدولية أمامه. فرفعت العقوبات عن الحكومة السورية بعد سنوات من فرضها وستزال سوريا في المستقبل القريب عن لائحة الدول الداعمة للإرهاب. وظهرت باكورة التعاون والتقارب بين دمشق وواشنطن عبر توقيع الحكومة السورية مع شركة كونسورتيوم أميركية تركية وقطرية اتفاقاً للطاقة بقيمة سبعة مليارات دولار لإدارة ملف النفط والطاقة على الأراضي السورية. وبدأ الاقتصاد السوري ينفتح على الأسواق العربية والدولية والإستثمارات الأجنبية. كل تلك الخطوات والقرارات تبشر بمستقبل زاهر لسوريا وشعبها بفعل الثروات والطاقات البشرية والطبيعية التي تمتلكها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي. إنه زمن المعجزات والمستحيلات في سوريا والمنطقة وللبقية تتمة.

أميركا وسوريا: زمن المعجزات
أميركا وسوريا: زمن المعجزات

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 9 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

أميركا وسوريا: زمن المعجزات

من ينظر إلى صور توم براك، سفير الولايات المتحدة إلى تركيا والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والصديق القريب من الرئيس دونالد ترامب، وهو يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الشعب برفقة ضباط أميركيين كبار، ومن يحدق في مشهد رفع علم الولايات المتحدة في مقر السفير الأميركي بالعاصمة السورية لاعتقد للحظة أن هذه الصور هي من فبركات وابتكارات الذكاء الصناعي. ولكن من يتمعن في هذه الصور يدرك حجم التغييرات الكبيرة التي حصلت في الشرق الأوسط في الأشهر الماضية. قبل سقوط النظام السوري وفرار بشار الأسد لم يكن أحد يتصور أن يرى ضباطاً أميركيين يتجولون برفقة مبعوث الرئيس ترامب في دمشق ويلتقون الرئيس السوري في قصر الرئاسة. "عرين المقاومة" فالعاصمة السورية التي كانت معقلاً ل"محور المقاومة" حيث جعلها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والميليشيات التابعة لإيران مقراً ومصانع للصواريخ والمسيرات بحجة مواجهة إسرائيل، تحولت بفعل هذه المواجهة وما تبعها إلى دولة هي الأولى على لائحة الدول المرشحة للتطبيع مع الحكومة الإسرائيلية. وسوريا التي حكمها آل الأسد لعدة عقود بقبضة السلاح الروسي المستورد من الإتحاد السوفياتي ومن بعده روسيا أصبحت، ورغم استمرار وجود القواعد الروسية في طرطوس، أكثر التصاقاً بالولايات المتحدة مما هي عليه حال دول عربية أخرى تعد في الفلك الأميركي. التحول الكبير لم يكن أحد ليتخيل أن يجتمع الرئيس الأميركي في السعودية بأحمد الشرع، رئيس هيئة تحرير الشام السابق والذي كان مصنفاً على لائحة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة خصوصاً بعد أن كانت القوات الأميركية قد اعتقلته في العراق بين عامي 2006 و2011 لقيامه بعمليات إرهابية ضدها. ولم يكن أحد يتوقع أن يرفع البيت الأبيض العقوبات الأميركية المتعددة على سوريا بهذه السرعة التي فاجأت الجميع بمن فيهم العديد من كبار المسؤولين الأميركيين. ولكن وكما يقول المثل اللبناني "ما إلك صديق إلا بعد قتال". فإذا بأحمد الشرع يتحول ويصبح بفعل الرعاية التركية والسعودية والقطرية رئيساً قريباً من أميركا بعدما وافق على شروطها. وكان البيت الأبيض قد حدد هذه الشروط بشكل مسبق وهي: - الاعتراف دبلوماسياً بإسرائيل والانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم - طرد جميع الإرهابيين الأجانب من سوريا - مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية - تحمل مسؤولية مراكز الاحتجاز التي تضم أعضاء يُشتبه بانتمائهم إلى داعش - وحماية الأقليات في سوريا. زمن المستحيلات وقد أدت موافقة النظام السوري الجديد على هذه الشروط إلى إعادة فتح الأبواب الدولية أمامه. فرفعت العقوبات عن الحكومة السورية بعد سنوات من فرضها وستزال سوريا في المستقبل القريب عن لائحة الدول الداعمة للإرهاب. وظهرت باكورة التعاون والتقارب بين دمشق وواشنطن عبر توقيع الحكومة السورية مع شركة كونسورتيوم أميركية تركية وقطرية اتفاقاً للطاقة بقيمة سبعة مليارات دولار لإدارة ملف النفط والطاقة على الأراضي السورية. وبدأ الاقتصاد السوري ينفتح على الأسواق العربية والدولية والإستثمارات الأجنبية. كل تلك الخطوات والقرارات تبشر بمستقبل زاهر لسوريا وشعبها بفعل الثروات والطاقات البشرية والطبيعية التي تمتلكها وموقعها الجغرافي الاستراتيجي. إنه زمن المعجزات والمستحيلات في سوريا والمنطقة وللبقية تتمة. بقلم : ميشال غندور انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store