logo
الغاز بين الصين وأوروبا.. تراجع هنا وإنقاذ هناك

الغاز بين الصين وأوروبا.. تراجع هنا وإنقاذ هناك

صحيفة الخليج٣٠-٠٣-٢٠٢٥

شهدت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال تراجعاً ملحوظاً هذا العام، ما وفّر كميات تُساعد أوروبا على إعادة ملء مخزوناتها المتناقصة بسرعة بعد شتاءٍ قاسٍ.
ومن المتوقع أن تنخفض واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 22% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري مقارنةً ب 2024، لتصل إلى 15.8 مليون طن متري، وهو أدنى مستوى لها منذ عام 2020، بحسب شركة التحليلات «كبلر».
ويعود هذا الانخفاض إلى مجموعةٍ من العوامل، منها تراجع الطلب على التدفئة المنزلية في شمال الصين نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، وضعف الطلب الصناعي، وارتفاع إنتاج الغاز المحلي، وزيادة واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب.
وقد يكون من المغري ربط هذا الانخفاض في واردات الطاقة بالحرب التجارية المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة. حيث فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عدة جولات من التعريفات الجمركية على بكين، التي ردت بفرض رسومها الخاصة على الواردات الأمريكية، بما في ذلك تعريفة بنسبة 15% على الغاز الطبيعي المسال.
وأوضحت «كبلر» أن الغاز الطبيعي المسال الأمريكي لم يشكل سوى 1%، أو 62 ألف طن، من إجمالي واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال في مارس، مقارنة ب 3%، أو 188 ألف طن، في يناير. ولكن هناك أدلة محدودة تشير إلى أن الحرب التجارية المتنامية قد أثرت في النشاط الاقتصادي الصيني أو واردات الطاقة - أو حتى أنها مسؤولة عن انخفاض اعتماد البلاد على الغاز الأمريكي.
وبدلاً من ذلك، فإن انخفاض الواردات من الولايات المتحدة ينبع على الأرجح من حقيقة أن الغالبية العظمى من الشحنات الأمريكية تُباع دون أي قيود على وجهتها النهائية، وهي ميزة لا يقدمها موردون آخرون مثل قطر أو بعض المنتجين الأستراليين. وهذا يعني أنه إذا لم يحتج التجار الصينيون إلى جميع كميات الغاز الطبيعي المسال الأمريكي التي التزموا بشرائها، فيمكنهم إعادة بيع هذه الشحنات إلى جهات خارجية، مثل المشترين الأوروبيين.
على أي حال، يأتي التباطؤ الحاد في مشتريات الصين في وقت مناسب لأوروبا، مع اقتراب فصل الشتاء من نهايته في نصف الكرة الشمالي، ما يعني أن المنطقة بحاجة إلى إعادة ملء مخزوناتها من الغاز.
وتزداد الحاجة إلى ذلك بشكل خاص هذا العام. فقد أدى شتاء أبرد من المعتاد، إلى جانب توقف آخر خط أنابيب رئيسي ينقل الغاز الروسي إلى المنطقة، إلى انخفاض حاد في مخزونات أوروبا، التي بلغت 33.9% فقط من طاقتها بحلول 21 مارس، وهو أقل بكثير من نسبة 60% المسجلة العام الماضي، وفقاً لبيانات رسمية.
علاوة على ذلك، أصبحت حوافز تخزين الغاز محدودة منذ نوفمبر بسبب تشوه أسعار الغاز الأوروبية، حيث يتم تداول أسعار الغاز الآجلة للصيف بعلاوة على أسعار الشتاء المقبل. ويُعزى انعكاس الأسعار إلى حد كبير إلى قواعد الاتحاد الأوروبي التي تُلزم الدول الأعضاء بملء مخازنها إلى 90% من سعتها بحلول نوفمبر.
وأدت كل هذه العوامل إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال الأوروبية القياسية إلى أعلى مستوى لها في عامين، حيث بلغت قرابة 60 يورو لكل ميغاواط/ساعة بحلول 10 فبراير، متجاوزةً بذلك الأسعار الآسيوية بكثير. وقد أدى ذلك إلى خلق نافذة تحكيم استغلها كثير من البائعين.
في الواقع، تم تحويل العديد من الشحنات المتجهة أصلاً إلى آسيا في الأشهر الأخيرة إلى أوروبا، ما يُبرز مدى ارتفاع السيولة والمرونة في سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي.
وبينما انخفضت أسعار الغاز الأوروبية بشكل حاد عن أعلى مستوياتها الأخيرة، سواءً بسبب تحويل الإمدادات إلى المنطقة أو بسبب أنباء عن احتمال تعديل الاتحاد الأوروبي لقواعد سعة التخزين الخاصة به، استمرت الواردات الكبيرة لأوروبا. وبالتالي، يبدو أن التجار يراهنون على تغيير في ديناميكيات التسعير الأوروبية.
وارتفعت واردات الغاز الطبيعي المسال للقارة العجوز في مارس إلى 10.8 مليون طن، وهو رقم قياسي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام. وشكلت الشحنات الأمريكية 54% من الإجمالي. وربما عكس ارتفاع الواردات بالفعل اتجاه انخفاض المخزونات، التي سجلت في 22 مارس أول زيادة لها - بنسبة 0.06% - منذ بداية نوفمبر.
ويعني الانخفاض الحاد في المخزونات هذا العام أن المنطقة ستضطر إلى استيراد 20 مليون طن متري إضافية، أو حوالي 250 شحنة من الغاز الطبيعي المسال، مقارنة بالعام الماضي لتحقيق أهداف التعبئة، وفقاً لحسابات رويترز.
الخبر السار هو أنه من المقرر بدء تشغيل كميات كبيرة من إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في وقت لاحق من هذا العام وعلى مدى السنوات القليلة المقبلة، ومعظمها من قطر والولايات المتحدة. الأمر الذي سيضيف سيولة إلى سوق الغاز الطبيعي المسال سريع النمو، ويوفر للمتداولين المزيد من فرص المراجحة التي قد تساعد على الحد من تقلبات الأسعار الإقليمية.
ولكن في الوقت الحالي، يمنح التباطؤ في واردات الصين أوروبا شريان حياة تحتاج إليه بشدة في مواجهة التحدي المتمثل في إعادة ملء مخزوناتها المستنفدة من الغاز بحلول الشتاء المقبل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يمدد الموعد النهائي لبيع تيك توك
ترامب يمدد الموعد النهائي لبيع تيك توك

الاتحاد

timeمنذ 2 ساعات

  • الاتحاد

ترامب يمدد الموعد النهائي لبيع تيك توك

قال البيت الأبيض اليوم إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيمدد مهلة تنتهي في 19 يونيو لشركة بايت دانس الصينية لبيع أصول تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة 90 يوماً، وذلك على الرغم من وجود قانون يلزم ببيعه أو إغلاقه في حالة عدم إحراز تقدم يذكر. كان ترامب قد منح بالفعل مهلة مؤقتة مرتين لتنفيذ الحظر الذي فرضه الكونجرس على تيك توك والذي كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في يناير. وقالت كارولاين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض "سيوقع الرئيس ترامب أمراً تنفيذياً إضافياً هذا الأسبوع للإبقاء على استمرار عمل تيك توك".

هل ينجو «تيك توك» من الحظر الأميركي؟
هل ينجو «تيك توك» من الحظر الأميركي؟

الاتحاد

timeمنذ 9 ساعات

  • الاتحاد

هل ينجو «تيك توك» من الحظر الأميركي؟

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء إنه من المحتمل أن يمدد الموعد النهائي لشركة بايت دانس ومقرها الصين للتخارج من أصولها في الولايات المتحدة بتطبيق المقاطع المصورة القصيرة «تيك توك». وكان أعلن في مايو أنه سيمدد الموعد النهائي الذي ينقضي في 19 يونيو بعد أن ساعده التطبيق في استقطاب الناخبين الشباب في انتخابات 2024. وأكد الأمر في تعليقاته للصحفيين على متن طائرة الرئاسة اليوم الثلاثاء. وقال ترامب عندما سُئل عن تمديد الموعد النهائي «ربما، نعم... ربما يتعين الحصول على موافقة الصين، لكنني أعتقد أننا سنحصل عليها. أعتقد أن الرئيس شي سيوافق في النهاية». ومنح ترامب بالفعل مهلة مرتين لتأجيل تطبيق الحظر الذي فرضه الكونجرس على «تيك توك»، والذي كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في يناير. وألزم القانون «تيك توك» بالتوقف عن العمل بحلول 19 يناير ما لم تكمل بايت دانس تصفية أصول التطبيق في الولايات المتحدة.

تخفيف الاتحاد الأوروبي للضوابط البيئية لا يجعله مناصراً للتنمية
تخفيف الاتحاد الأوروبي للضوابط البيئية لا يجعله مناصراً للتنمية

البيان

timeمنذ 9 ساعات

  • البيان

تخفيف الاتحاد الأوروبي للضوابط البيئية لا يجعله مناصراً للتنمية

ألان بيتي يبدي الاتحاد الأوروبي دعماً واضحاً لفكرة أن التجارة ليست مجرد وسيلة لتحقيق المكاسب، بل أداة لتصدير القيم الأوروبية. وعلى مدار العقد الماضي، أسفرت الضغوط التي مارسها النشطاء على المصدرين الأوروبيين – والتي اقترنت أحياناً بنزعات حمائية مستترة – عن تحميل هؤلاء، ومن ثم المصدرين الأجانب، سلسلة من الالتزامات الجديدة، مما أفرز الكثير من الاختصارات التنظيمية. وفي طليعة هذه الاختصارات، تأتي «CBAM»، وهي آلية تعديل الحدود الكربونية التي تهدف إلى وقف الواردات كثيفة الانبعاثات الكربونية التي تقوض الإنتاج الخاضع لضريبة الكربون في الاتحاد الأوروبي، وكذلك «EUDR»، وهي لائحة مكافحة إزالة الغابات والتي تحظر بيع منتجات، بما في ذلك زيت النخيل، والقهوة، واللحوم، التي يتم إنتاجها في أراضٍ خضعت لإزالة الغابات أخيراً، وهناك أيضاً «CSDDD»، وهو توجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، الذي يحمل الشركات مسؤولية الانتهاكات البيئية والعمالية في سلاسل توريدها العالمية. وبغض الطرف عن ماهية النية من وراء ذلك، إلا أنها كلها تسببت في قدر كبير من البيروقراطية ومعها الكثير من السخط، خصوصاً في أوساط الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، التي تصف هذه الاختصارات بأنها عنوان لإمبريالية جديدة في غلاف من التقدمية. ويعني ذلك أنه في سبيل حصول مزارع صغير يعمل على إنتاج زيت النخيل على مصادقة، وهناك ملايين عدة منهم، فينبغي زيارة مفتش يحمل بيانات الموقع الجغرافي لكل مزرعة على حدة، وهو ما يحدث بناءً على طلب الدول الأوروبية التي أزالت هي نفسها غاباتهم قبل قرون. وربما شهدت الفترة الأخيرة إعادة للنظر في ذلك، وهو ما يعود الفضل فيه إلى الهشاشة الواضحة للتجارة العالمية، والتهديد بفرض تعريفات جمركية عقابية من جانب ترامب، وهو الذي يعتبر مثل هذه المعايير نوعاً من الحمائية التجارية، علاوة على ردود الفعل السلبية بصفة عامة تجاه القواعد التنظيمية البيئية. وقد قرر الاتحاد الأوروبي بالفعل في العام الماضي أن يؤجل بدء العمل بلائحة مكافحة إزالة الغابات لمدة عام حتى 2026. وفي أبريل الماضي، أصدر التكتل توجيهات جديدة بسطت القواعد التنظيمية إلى حد كبير، بينما يرى البعض أن التوجيهات أضعفت هذه القواعد. وانضم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أخيراً، إلى ألمانيا، في الدعوة للتخلي عن توجيهات العناية الواجبة. لذلك، من المرجح أن ينتهي بها الحال إلى نسخة مخففة كثيراً. وعند الوضع في الاعتبار أن فرنسا كانت واحدة من أبرز الجهات الدافعة إلى اعتماد هذه التوجيهات، فإن ذلك يمثل انعكاساً جذرياً للمواقف. إذن، فقد وضع الاتحاد الأوروبي مخاوف الدول النامية في اعتباره، ويمكن الآن لحقبة جديدة من التجارة المشتركة والرخاء أن تبدأ، أليس كذلك؟ ليس الأمر كذلك بالتحديد، بل إن الإجابة تميل إلى لا، خصوصاً أن الضغوط التي مارستها رابطات الشركات الأوروبية كانت أكثر تأثيراً تقريباً في إرجاء لائحة مكافحة إزالة الغابات وتخفيفها مقارنة باحتجاجات الأسواق الناشئة. وإذا كنت في المكان المناسب، لوجدت أن وجهة نظر بعض الدول النامية لا تبدو سيئة في الوقت الراهن. وقد تحدثت أخيراً إلى أودريك روابووغو، المستشار الاقتصادي للرئيس الأوغندي، يوويري موسيفيني. وقد أوضح لي أن أوغندا لطالما صدرت حبوب قهوة غير معالجة إلى الاتحاد الأوروبي وواجهت صعوبة في ترقي سلسلة القيمة، وهو ما يعود إلى شركات تحميص القهوة العالمية الكبيرة التي تتردد في تأسيس مصانع هناك. وتسببت لائحة مكافحة إزالة الغابات في تهديد صادرات أوغندا الحالية، لكن يبدو أن هذا قد تلاشى مع إرجاء المواعيد النهائية وتخفيف معايير امتثال الشركات. وقال روابووغو: «لم يعد هناك الكثير من الضجيج بشأن هذا الأمر من الاتحاد الأوروبي، ونأمل في انتهاء الأمر على نحو حسن»، وتابع: «لا نتلقى الكثير من المطالبات بشأن الورش، ولا إنذارات بشأن مواعيد نهائية كنا نرزح تحت وطأتها لنحو ستة أو سبعة أشهر مضت. ومن بين مليوني أسرة تعمل في مجال زراعة القهوة، يوجد لدينا حالياً قرابة 970.000 أسرة ممتثلة للائحة مكافحة إزالة الغابات». ويبقى هناك الكثير من التحفظات والفرص الضائعة، فالامتثال للائحة مكافحة إزالة الغابات لا يعني أن الاتحاد الأوروبي يساعد أوغندا على إنشاء سلسلة للقيمة. وذكر روابووغو: «تدور النقاشات حول إمكانية التتبع، والأمر فيه الكثير من الاستغلال، فإن أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيترك 50% من سلسلة القيمة في بلادنا، فلن يكون بحاجة إذن إلى أن يأمرنا بفعل شيء مثل لائحة مكافحة إزالة الغابات، لأن ذلك سيكون في صالحنا». وأشار روابووغو إلى عدم وجود مؤشرات على نضوب ينبوع الدعم بعد. غير أن المملكة المتحدة قلصت المساعدات الإنمائية الخارجية إلى 0.3% من الدخل القومي الإجمالي من نسبة 0.5% المخفضة بالفعل، وتضمن فيها، وبصورة مضللة، تكاليف البت في طلبات اللجوء إلى بريطانيا باعتبارها دعماً. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد أعاد فعلياً توجيه المساعدات من دعم التنمية في أفريقيا جنوب الصحراء إلى تدعيم نظام احتجاز تعسفي تجاه المهاجرين في ليبيا وتونس. إن الساسة الأوروبيين لا يزالون يتحدثون بين الحين والآخر عن عقد شراكة مع البلدان النامية في أفريقيا، لكن عادة لا يعني هذا أي شيء. تعد الأنباء بشأن تخفيف قواعد لائحة مكافحة إزالة الغابات محل ترحاب من الدول منخفضة ومتوسطة الأجر، لكن فرض حواجز أمام صادرات الدول الناشئة إلى أوروبا ثم رفعها لا يشكل استخداماً مستنيراً للتجارة الداعمة للتنمية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store