
من غولدا مائير إلى نتنياهو: "صح النوم يا عرب"
بعد نصف قرن تقريبا، في ديسمبر/ كانون الأول 2017، وقف دونالد ترامب في البيت الأبيض ليعلن القدس عاصمة موحدة لـ"إسرائيل".. كان يعرف أن الخطوة تمثل خرقا فاضحا لكل قرارات الشرعية الدولية، وأنها تمس جوهر القضية الفلسطينية. قيل له إن العالم العربي سيشتعل، وإن العواصم الإسلامية ستغلي، لكنه وجد المشهد ذاته: غضب ورقي، بيانات، خطابات في المؤتمرات، ثم عودة إلى الروتين؛ فاطمأن أكثر، وتجرأ بعدها على توقيع مرسوم ضم الجولان المحتل إلى السيادة الإسرائيلية، وكأنه يختبر حدود الصمت ويجدها أوسع مما ظن.
واليوم، يتكرر المشهد مع بنيامين نتنياهو، وهو يعلن بوضوح غير مسبوق أن إقامة "إسرائيل الكبرى" هي مهمته التاريخية والروحية. لا يخفي الرجل خريطته، ولا يكتفي بالحدود التي اغتصبها من فلسطين، بل يمد نظره إلى لبنان وسوريا والأردن وأجزاء من مصر والسعودية والعراق والكويت.. يفعل ذلك في ذروة حرب إبادة على غزة، وفي ظل ممرات تطبيع مفتوحة، وركود عربي رسمي لا يقطع طريقا ولا يغلق سماء.
هنا تتضح القاعدة التي يدركها أعداؤنا أكثر مما ندركها نحن: أن الغضب العربي ما دام محصورا في البيانات، مهما بلغت حدته، فهو غضب يمكن احتواؤه وتجاوزه، بل والبناء عليه لابتلاع مساحات جديدة من الأرض والسيادة والقرار. نحن أمام حقيقة مُرّة، وهي أن الاكتفاء بردود الفعل اللفظية لا يوقف مشروعا توسعيا، بل يمنحه الوقت والمساحة ليكتمل، ويمنحنا وهْم أننا فعلنا شيئا، بينما نحن في حالة إلهاء جماعي.
اليوم، لسنا بلا خيارات، لسنا بين الحرب الشاملة والاستسلام المطلق، نحن نملك مساحة واسعة من الفعل تقع بينهما، إذا توفرت الإرادة السياسية والجرأة.. نملك القدرة على إلغاء اتفاقيات السلام الوهمية، التي تحولت إلى غطاء لتمدد الاحتلال.. نملك القدرة على سحب جيوشنا من لعب دور الحارس الأمين لحدود إسرائيل، وترك العدو في مواجهة الشعوب، وهو الاحتمال الذي لم يتجرع طعمه منذ عقود..
إن ما يجمع بين غولدا مائير في تلك الليلة التي أعقبت حرق المسجد، وترامب في قراراته، ونتنياهو مع تصريحاته اليوم، هو أنهم جميعا خاضوا اختبارا واحدا لرد الفعل العربي والإسلامي
على الصعيد الشعبي، يمكن أن يتحول الدعم العاطفي إلى فعل مؤثر: مقاطعة اقتصادية وثقافية وأكاديمية شاملة، حملات منظمة لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة في المحاكم الدولية، ضغوط جماهيرية على الحكومات لوقف أي تعامل مع كيان يرتكب الإبادة ويخطط لابتلاع المنطقة. التجارب التاريخية، من جنوب أفريقيا إلى فيتنام، تثبت أن إرادة الشعوب إذا نُظّمت قادرة على فرض التراجع حتى على أكثر المشاريع الاستعمارية شراسة.
لكن الأهم أن ندرك أن هذه ليست معركة على فلسطين وحدها، بل على شكل المنطقة كلها.. إذا انكسرت غزة، فلن تبقى القدس وحدها تحت الاحتلال، ولن تكون سيناء أو الجولان أو الأنبار أو تبوك في مأمن. مشروع "إسرائيل الكبرى" بطبيعته لا يعرف الاكتفاء، وكل خطوة يتجاوزها الصمت تتحول إلى قاعدة للخطوة التالية.
إن ما يجمع بين غولدا مائير في تلك الليلة التي أعقبت حرق المسجد، وترامب في قراراته، ونتنياهو مع تصريحاته اليوم، هو أنهم جميعا خاضوا اختبارا واحدا لرد الفعل العربي والإسلامي، ووجدوا النتيجة ذاتها: نوم مطمئن بعد ضجة مؤقتة! الفارق أننا هذه المرة لسنا أمام اختبار جديد، بل أمام الشوط الأخير من معركة وجودنا. وإذا لم نرتقِ من مستوى البيان إلى مستوى الفعل، فإننا نكتب بأيدينا خاتمة لا نريد قراءتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 18 دقائق
- الجزيرة
ديلي بيست: ترامب ينفجر غضبا بسبب التغطية السلبية لقمة بوتين
قال موقع ديلي بيست الأميركي إن نوبة غضب شديدة انتابت الرئيس دونالد ترامب عند الإفطار صباح الأحد بسبب التغطية الإعلامية السلبية للقمة التي جمعته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي وصفها الإعلام بالفاشلة. وأوردت الصحيفة أن وسائل الإعلام الأميركية أفادت بأن ترامب لم يحقق شيئا يذكر من لقائه التاريخي مع بوتين في أنكوراج بولاية ألاسكا، باستثناء محاضرة غامضة من بوتين عن "القضاء على جميع الأسباب الجذرية الرئيسية" لهجومه الشامل على أوكرانيا. وفي إحاطة بعد الاجتماع، تقول ديلي بيست إن ترامب قال "لا يوجد اتفاق حتى يكون هناك اتفاق، سأتواصل مع حلف الناتو ، وسأتواصل مع الأشخاص الذين أراهم مناسبين، وبالطبع سأتصل بالرئيس زيلينسكي وأطلعهم على اجتماع اليوم، الأمر في النهاية يعود إليهم". لكن من خلال منشوراته على منصته تروث سوشيال ، يبدو أن ترامب يشعر بالضغط لعدم قدرته على عقد أي اتفاق مع بوتين بعد أن كان يفتخر بنفسه سابقا باعتباره صانع الاتفاقات الرئيسي لأميركا، يوضح الموقع. وكتب ترامب "من المذهل كيف تشوّه الأخبار الزائفة الحقيقة بعنف عندما يتعلق الأمر بي. لا يوجد شيء أستطيع قوله أو فعله يدفعهم إلى الكتابة أو التقرير عني بصدق. لقد عقدت اجتماعا رائعا في ألاسكا حول حرب بايدن الغبية، حرب لم يكن ينبغي أن تحدث أبدا!!!". ومضاعفا غضبه صباح الأحد، أضاف ترامب: "إذا جعلت روسيا تتخلى حتى عن موسكو كجزء من الصفقة، فإن الأخبار الزائفة، والديمقراطيين اليساريين المتطرفين، سيقولون إنني ارتكبت خطأ فادحا واتفاقا سيئا للغاية، لهذا السبب هم الأخبار الزائفة!". ترامب: لا يوجد شيء أستطيع قوله أو فعله يدفعهم إلى الكتابة أو التقرير عني بصدق جائزة نوبل وقبل اجتماع يوم الاثنين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من القيادات الأوروبية، حرص ترامب أيضا على الترويج لمحاولته المستمرة للحصول على جائزة نوبل للسلام، وكتب: "يجب عليهم أيضا الحديث عن الحروب الست وغيرها، التي أوقفتها أنا للتو!!! ماغا". ومع ذلك -يتابع الموقع- وحتى قبل فشل القمة، خرج خبراء "ماغا" ليقولوا إن ترامب يستحق الجائزة بغض النظر عن النتيجة. ونقل الموقع عن أحدهم وهو غيرالدو رايفيرا قوله "إذا كان لديك رئيس للولايات المتحدة يبذل جهدا كبيرا من أجل السلام، حتى لو لم ينجح تماما، فقط الجهد بحد ذاته واضح جدا، علني جدا، وقوي جدا. تعلمون أنه يستحق الاعتراف، على الأقل؛ لذلك". وأجمعت كبريات الصحف الأميركية على انتقاد قمة ألاسكا بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، فرأى بعضها أن ترامب لم يحصل على الكثير، وأكد البعض الآخر أن القمة فشلت، ولكن الأمر كان يستحق المحاولة. وبُعيد القمة، قالت واشنطن بوست إن القمة بدأت بسجادة حمراء وانتهت بخروج مبكر ورصين، ورأت وول ستريت جورنال أن ترامب فرش السجادة الحمراء لبوتين ولم يحصل على الكثير في المقابل، فيما أشارت فورين بوليسي إلى أن مناورة ترامب مع بوتين فشلت، ولكن الأمر كان يستحق المحاولة، ونقلت نيوزويك عن مسؤول أوكراني قوله إن القمة كانت فاشلة.


الجزيرة
منذ 18 دقائق
- الجزيرة
ترامب يستبق لقاء زيلينسكي بدعوته للتخلي عن استعادة القرم والانضمام للناتو
دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الاثنين نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى التخلي عن استعادة شبه جزيرة القرم وعن فكرة الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) عبر منشور على منصة "تروث سوشيال" فيما كتب زيلينسكي في منشور على منصة إكس "لا يمكن إلزام روسيا بالسلام إلا عبر القوة، والرئيس ترامب لديه هذه القوة". وقال ترامب قبيل استقباله اليوم زيلينسكي وقادة أوروبيين في البيت الأبيض إنه سيعقد معهم مباحثات مهمة في سبيل تحقيق السلام، معربا عن شعوره بالفخر إزاء استضافة هذا العدد من القادة الأوروبيين بالبيت الأبيض في وقت واحد. وأضاف أنه بإمكان الرئيس الأوكراني "إنهاء الحرب إذا أراد وبشكل فوري أو مواصلة القتال". ومضى قائلا "لا استعادة القرم التي منحها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لروسيا دون إطلاق رصاصة واحدة، ولا انضمام أوكرانيا إلى الناتو أمران واردان بالنسبة لأوكرانيا". والقادة الأوروبيون الذي سيلتقيهم ترامب في البيت الأبيض إلى جانب زيلينسكي، هم المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام للناتو مارك روته. ويأتي لقاء ترامب بالقادة الأوروبيين بعد قمة ألاسكا التي جمعت بينه وبين نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث بحث الزعيمان وقف إطلاق النار المحتمل بين روسيا وأوكرانيا، والعلاقات الثنائية. ضمانات أمنية من جانبه، أكد الرئيس زيلينسكي أن بلاده "مستعدة للعمل بشكل بناء على إحلال السلام"، وذلك عقب لقائه المبعوث الأميركي الخاص لأوكرانيا كيث كيلوج في واشنطن. وكتب على منصة إكس "لا يمكن إجبار روسيا على السلام إلا بالقوة، والرئيس ترامب يتمتع بهذه القوة". وأكد الرئيس زيلينسكي في منشور آخر أن جميع الأطراف المعنية بالحرب الدائرة بين بلاده وروسيا لديها رغبة في إنهاء الصراع وتحقيق السلام الدائم موضحا أنه سيعقد اجتماعا مع قادة أوروبيين بعد لقائه ترامب. وتابع قائلا لدينا جميعا رغبة في إنهاء الحرب بسرعة ويجب أن يكون السلام دائما، وأضاف "سيظل شعبنا ممتنا دائما للرئيس ترامب ولجميع شركائنا وحلفائنا على دعمهم ومساعدتهم القيمة"، مؤكدا على ضرورة أن تنهي روسيا الحرب التي بدأتها، معربا عن أمله في أن تجبر القوة المشتركة مع الولايات المتحدة وأصدقائنا الأوروبيين روسيا على تحقيق سلام حقيقي. وشدد زيلينسكي على أهمية وجود ضمانات أمنية موثوقة وأنه لا ينبغي مكافأة روسيا على حربها. وقال "يجب إنهاء الحرب وإن موسكو هي من يجب أن تسمع كلمة توقفوا" محذرا من الاتفاقيات غير الجدية لإنهاء الحرب في بلاده. من جهتها قالت الحكومة الألمانية إن أي سلام عادل ومستدام يتطلب أولا وقف القتل في أوكرانيا من جانب روسيا. وقالت الحكومة الألمانية إن اجتماع اليوم في واشنطن، قد يشكل لحظة مهمة لمستقبل الحرب في أوكرانيا وأمن أوروبا، مضيفة أن الهجمات الروسية أثناء المفاوضات تُعد عدم احترام بالغا. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف تدخلا في شؤونها.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
"بأي ذنب قتلت؟".. ناشطون يعلقون على استهداف الطفلة آمنة المفتي بصاروخ إسرائيلي
شبكات تفاعلت مواقع التواصل مع الطفلة آمنة المفتي التي استشهدت بعدما قصفتها مسيّرة إسرائيلية خلال توجهها لإحضار غالون مياه لأهلها، بعدما أصيب أبوها ولم يتمكن من الذهاب لإحضار المياه. اقرأ المزيد