logo
حين يجتمع الكبار

حين يجتمع الكبار

الشروقمنذ 2 أيام
في آلاسكا الأمريكية التقى الرئيسان ترمب وبوتين، واحتفى الجمعان برمزية تاريخية تضعنا في خط سير مستقيم للسياسة الدولية، فالكبار فقط يصنعون مستقبل البشرية.
استحوذ النزاع في أوكرانيا على المحادثات، ويبدو أن الطبخة التي تمت بين الجانبين، لا تختلف عن قمة يالطا التي جمعت بين الاتحاد السوفياتي وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على سواحل البحر الأسود، والتي التأمت آنذاك لمناقشة تقسيم ألمانيا وتحديد غنيمة كل طرف من وليمة الحرب العالمية.
ورغم أن التسريبات بشأن اللقاء الذي جمع ترمب ببوتين شحيحة، فإن المرجح في هذا، لا يخرج عن الاتفاق على طريقة لتقسيم غنائم أوكرانيا، التي كانت قبل عقود جزءا من الاتحاد السوفياتي وكانت ضمن الفريق الذي يضع السياسات الدولية ويحددها، وها هي تتحول اليوم إلى فريسة لتلك السياسة.
اللقاء الأمريكي الروسي، جاء في توقيت مفصلي تسعى فيه أمريكا إلى تحييد روسيا عبر مساعدتها في تحقيق ما تراه ضمانا لأمنها القومي، وجعل أوكرانيا -أو ما بقي منها- مسافة آمنة تفصلها عن أوروبا الأطلسية التي انخرطت في العداء لروسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينيات؛ لكنها فشلت في تكرار ما حصل مع تركيا أو تركة 'الرجل المريض' التي شهدت سباقا واسعا من أجل اقتسام أقاليم الدولة العثمانية؛ وقد فازت بالغنيمة فرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص.
بوتين الذي أزاح معلمه يلتسين السكير، تمكّن من توجيه دفة روسيا بعيدا عن مضيق القروش، وبلغ شاطئ النجاة، وها هو يعود من بعيد حاملا حلم روسيا الكبرى، فكان ما سمّاه 'العملية الخاصة في أوكرانيا' في 24 فيفري 2022 والتي أعادت خلط الأوراق ورسم الأدوار على خشبة الركح الدولي. والواضح جدا أن الدور الروسي الآن مختلف تماما عما قبل 24 فيفري 2022؛ فالولايات المتحدة الأمريكية التي تيقّنت من استحالة هزيمة روسيا استراتيجيًّا بعد فشل دول الاتحاد الأوربي في تضييق الخناق اقتصاديًّا على بوتين، تسعى إلى احتواء العنفوان الروسي عبر التقارب وتقسيم أوكرانيا -ثروات لواشنطن وأراضي لموسكو- والأهم من ذلك السيطرة على التقارب بين الصين وروسيا، لأن المعركة السياسية والاقتصادية القادمة بين الولايات المتحدة وبكين ستكون شرسة وتحتاج فيها واشنطن إلى الإبقاء على الصين وحيدة.
في السياسة يقولون 'لا عدو دائم ولا صديق دائم، إنما هناك مصالح دائمة'، ولا نرى موقفا وأحداثا تعبِّر عن هذا، أكثر مما هو حاصل بين روسيا وأمريكا. وفي الاتجاه المعاكس لذلك تحوّلت قضيتهم الأولى إلى آخر اهتمامات الكبار، ومال الدعم للعدو الصهيوني واستشرت الخلافات بين هذا النسيج البشري الذي يتجاوز المليار، لكنهم غثاء كغثاء السيل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب وبوتين يتصافحان (فيديو)
ترامب وبوتين يتصافحان (فيديو)

الخبر

timeمنذ 8 ساعات

  • الخبر

ترامب وبوتين يتصافحان (فيديو)

تصافح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين وتبادلا التحية، مساء اليوم الجمعة، لدى وصولهما إلى قاعدة عسكرية في ألاسكا لحضور قمة مهمة بشأن الحرب في أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن الاجتماع الذي يعقد بصورة شخصية وجها لوجه المخطط له مسبقا بين ترامب وبوتين سيصبح الآن اجتماعا يضم ثلاثة أعضاء من كل جانب، حيث سيضم الوفد الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف. . @POTUS greets Russian President Vladimir Putin at their historic Alaska Summit — Rapid Response 47 (@RapidResponse47) August 15, 2025 ويشير هذا التغيير إلى أن البيت الأبيض يتخذ نهجا أكثر حذرا مقارنة باجتماع عام 2018 في هلسنكي، عندما التقى ترامب وبوتين لأول مرة على انفراد لمدة ساعتين بحضور مترجميهما فقط. وقال الكرملين إن القمة ستشمل أيضا اجتماع الوفدين واستمرار المحادثات على الغداء. ومن المتوقع أن يعقد الرئيسان مؤتمرا صحافيا مشتركا.

حين يجتمع الكبار
حين يجتمع الكبار

الشروق

timeمنذ 2 أيام

  • الشروق

حين يجتمع الكبار

في آلاسكا الأمريكية التقى الرئيسان ترمب وبوتين، واحتفى الجمعان برمزية تاريخية تضعنا في خط سير مستقيم للسياسة الدولية، فالكبار فقط يصنعون مستقبل البشرية. استحوذ النزاع في أوكرانيا على المحادثات، ويبدو أن الطبخة التي تمت بين الجانبين، لا تختلف عن قمة يالطا التي جمعت بين الاتحاد السوفياتي وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية على سواحل البحر الأسود، والتي التأمت آنذاك لمناقشة تقسيم ألمانيا وتحديد غنيمة كل طرف من وليمة الحرب العالمية. ورغم أن التسريبات بشأن اللقاء الذي جمع ترمب ببوتين شحيحة، فإن المرجح في هذا، لا يخرج عن الاتفاق على طريقة لتقسيم غنائم أوكرانيا، التي كانت قبل عقود جزءا من الاتحاد السوفياتي وكانت ضمن الفريق الذي يضع السياسات الدولية ويحددها، وها هي تتحول اليوم إلى فريسة لتلك السياسة. اللقاء الأمريكي الروسي، جاء في توقيت مفصلي تسعى فيه أمريكا إلى تحييد روسيا عبر مساعدتها في تحقيق ما تراه ضمانا لأمنها القومي، وجعل أوكرانيا -أو ما بقي منها- مسافة آمنة تفصلها عن أوروبا الأطلسية التي انخرطت في العداء لروسيا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينيات؛ لكنها فشلت في تكرار ما حصل مع تركيا أو تركة 'الرجل المريض' التي شهدت سباقا واسعا من أجل اقتسام أقاليم الدولة العثمانية؛ وقد فازت بالغنيمة فرنسا وبريطانيا على وجه الخصوص. بوتين الذي أزاح معلمه يلتسين السكير، تمكّن من توجيه دفة روسيا بعيدا عن مضيق القروش، وبلغ شاطئ النجاة، وها هو يعود من بعيد حاملا حلم روسيا الكبرى، فكان ما سمّاه 'العملية الخاصة في أوكرانيا' في 24 فيفري 2022 والتي أعادت خلط الأوراق ورسم الأدوار على خشبة الركح الدولي. والواضح جدا أن الدور الروسي الآن مختلف تماما عما قبل 24 فيفري 2022؛ فالولايات المتحدة الأمريكية التي تيقّنت من استحالة هزيمة روسيا استراتيجيًّا بعد فشل دول الاتحاد الأوربي في تضييق الخناق اقتصاديًّا على بوتين، تسعى إلى احتواء العنفوان الروسي عبر التقارب وتقسيم أوكرانيا -ثروات لواشنطن وأراضي لموسكو- والأهم من ذلك السيطرة على التقارب بين الصين وروسيا، لأن المعركة السياسية والاقتصادية القادمة بين الولايات المتحدة وبكين ستكون شرسة وتحتاج فيها واشنطن إلى الإبقاء على الصين وحيدة. في السياسة يقولون 'لا عدو دائم ولا صديق دائم، إنما هناك مصالح دائمة'، ولا نرى موقفا وأحداثا تعبِّر عن هذا، أكثر مما هو حاصل بين روسيا وأمريكا. وفي الاتجاه المعاكس لذلك تحوّلت قضيتهم الأولى إلى آخر اهتمامات الكبار، ومال الدعم للعدو الصهيوني واستشرت الخلافات بين هذا النسيج البشري الذي يتجاوز المليار، لكنهم غثاء كغثاء السيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store