
عقب زيارة القاهرة... هل زال التوتر من علاقات مصر بـ«حماس»؟
وتباينت ردود الفعل بشأن الأزمة، بين من يرى أنها انتهت أو ضُخّمت أو لم أنها تكن قائمة بالأساس؛ وفي ضوء ذلك يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن استقبال مصر للحركة يؤكد أن الانتقاد الذي صدر عن «حماس» قد طُويت صفحته، مشيرين إلى أن مصر تضع مصالح القضية الفلسطينية وأمنها القومي في الأولوية دائماً.
ونقلت قناة «القاهرة الإخبارية»، الثلاثاء، عن مصادر وصول وفد من قيادات حركة «حماس» برئاسة خليل الحية إلى مصر للتشاور بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.
استبق ذلك انتقادات مصريين على وسائل التواصل الاجتماعي لتصريحات الحية التي قال فيها: «يا أهل مصر، يا قادة مصر، يا جيش مصر، وعشائرها وقبائلها وعلماءها وأزهرها وكنائسها ونخبها، أيموت إخوانكم في غزة من الجوع وهم على حدودكم وعلى مقربة منكم؟!»، مضيفاً: «غزة لن تموت جوعاً، ولن نقبل أن يُبقي العدو معبر رفح مغلقاً أمام حاجات أهل غزة».
ووقتها عقَّب مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة قطعاً غضبت من التصريحات الصادرة عن الحية، لأنه بذلك يقول بوضوح إن مصر هي التي تغلق المعبر، رغم أنه يعلم الحقيقة، وأن المعبر مفتوح في جانبه المصري ولم يُغلق قط، وأن من يعرقل المساعدات هي إسرائيل التي تحتل المعبر في جانبه الفلسطيني».
وقبيل الزيارة تحدثت تقارير إعلامية عن وساطة تركية لتقريب وجهات النظر واستئناف اللقاءات عقب أزمة تصريحات الحية، لكن مصدراً من «حماس» قال لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إنه «لا يوجد أي مبرر أو مجال للحديث عن وساطة بين القاهرة و(حماس)، ولا أحد يمكن أن يسمح بذلك، فالعلاقة بين مصر و(حماس) علاقة وطيدة وراسخة، تتجاوز كل الضوضاء الإعلامية، والتواصل بينهما لم ينقطع، وليست هناك أزمة إطلاقاً».
طفل يحمل عبوتين ملأهما بالمياه من نقطة توزيع بمدينة غزة يوم الثلاثاء وسط أجواء شديدة الحرارة (أ.ب)
غير أن الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، اللواء سمير فرج، يرى أنه لا يزال هناك توتر وغضب لا سيما بالشارع المصري مما ذكرته «حماس» مؤخراً، مستدركاً: «لكن مصر دولة كبيرة حريصة على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، تترفع عن تلك الصغائر. واستقبال (حماس) اليوم تأكيد على ذلك».
وقال المحلل السياسي الفلسطيني، حسام الدجني، إن مصر «أكبر من أن تلتفت لأي توترات تصنعها وتضخمها منصات السوشيال ميديا، وتتعامل بمسؤولية كبيرة في إطار القضية الفلسطينية»، لافتاً إلى أن حركة «حماس» معنية ومهتمة بالدور المصري في مسار دعم القضية. وأضاف: «الزيارة اليوم تأتي تأكيداً على أنه ليس هناك أي أزمة إطلاقاً مع القاهرة».
وقبل زيارة «حماس» كادت الأزمة تلوح مجدداً بعدما تضمَّن بيان صدر، السبت، حاملاً توقيع «فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني»، توجيه دعوة إلى الشعب المصري لـ«التحرك وقيادة الجماهير نحو معبر رفح؛ للضغط من أجل فتحه فوراً، وإدخال المساعدات، وكسر الحصار عن غزة».
وانتقد المدوّن المصري المقرب من السلطات، لؤي الخطيب، عبر حسابه على منصة «إكس»، هذه الدعوة، وعدَّها «تحريضاً مباشراً من جانب حركة (حماس) ضد الاستقرار في مصر».
وشهد تاريخ العلاقة بين الحركة ومصر توتراً كبيراً عقب أحداث 2011، حينما اتهمت القاهرة «حماس» بتهديد الأمن القومي المصري، واختراق الحدود، والمساعدة في الهجوم على مؤسسات مصرية، خصوصاً المؤسسات الشرطية، وتم تنفيذ محاكمات لمتهمين بمصر بتهم التخابر مع «حماس»، قبل أن تُستأنف الاتصالات في السنوات الأخيرة.
وشدد اللواء فرج على أن مصر ستسعي في كل الأحوال تجاه ما يضمن أمنها القومي، ويحفظ القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وأنها تحدد مواقفها في إطار ذلك، «وعلى الطرف الآخر أن يضبط تصريحاته وأفعاله».
وتوقع الدجني أن تشهد الفترة المقبلة دعماً من القاهرة نحو مزيد من التوافق بما يحقق مصالحها ومصالح الشعب الفلسطيني وقضيته، داعياً لمزيد من الحرص في دعم مسار التوافق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
محاولة لبعث فكرة عدم الانحياز بصيغة جديدة
هل تتذكرون حركة عدم الانحياز التي ابتدع فكرتها في ستينيات القرن الماضي الثلاثي عبدالناصر ونهرو وتيتو (زعماء مصر والهند ويوغسلافيا على التوالي)، قائلين إنها الطريقة المثلى للتعامل مع الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في حربهما الباردة؟ بينما كان الواقع يقول إن الدول المنخرطة في الحركة توقع تحالفات استراتيجية مع أحد القطبين وتعيش على معوناته الاقتصادية وتحارب بسلاحه وتتبنى توجهاته ومواقفه في المحافل الدولية. كنت أحسب أن الحركة وفكرتها ماتت وانتفت ضرورتها بانهيار الاتحاد السوفييتي وزوال الثنائية القطبية وانتهاء الحرب الباردة، فإذا بي أكتشف أن هناك من يريد إحياءها بصيغة جديدة ومصطلحات مختلفة، زاعماً أن المتغيرات العالمية الكثيرة خلال السنوات الماضية منذ العام 2020 ثم الأحداث المستجدة التالية (مثل الحرب الأوكرانية وحرب غزة وسياسات ترامب العدائية والحمائية) تفرض التفكير ببعث فكرة عدم الانحياز من سباتها وطرحها بمضامين جديدة تلائم وتواكب الواقع الدولي في القرن الحادي والعشرين. جاء ذلك في كتاب صدر بالإسبانية في العام 2020 تحت عنوان «عدم الانحياز النشط» (Active Nonalignmen for Latin America) من تأليف خورخي هاين سفير تشيلي السابق في الصين وجنوب أفريقيا وأستاذ الأبحاث الحالي بجامعة بوسطن الأمريكية بالاشتراك مع زميليه كارلوس فورتين وكارلوس أومينامي. فما الجديد في طرحهم يا ترى؟ استبدل المؤلفون الثلاثة مصطلح «الحياد الإيجابي» الذي شاع في الستينيات بمصطلح «الحياد النشط»، وأزالوا الاتحاد السوفييتي ووضعوا مكانه الصين كقطب عالمي منافس للولايات المتحدة، وزعموا أن حركة عدم الانحياز القديمة التي تزعمتها دول فقيرة وضعيفة من العالم الثالث آنذاك. سوف تقودها في صيغتها الجديدة دول الجنوب الصاعدة التي أصبحت قوية وقادرة على اتخاذ قرارات من منطلق مصالحها الوطنية وليس من منطلق خوفها أو رضوخها لهذا القطب أو ذاك، ضاربين المثل بدول مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا وتركيا وباكستان وإندونيسيا ومصر وإثيوبيا، التي باتت «في وضع أفضل بكثير من الماضي لجهة الثقل الاقتصادي والموارد المالية والنفوذ العالمي»، بحسب قولهم، ومستبعدين دولاً عربية خليجية تملك النفوذ والموارد والثقل فعلاً، بل أكثر من غيرها. أصحاب فكرة بعث عدم الانحياز الجديد، قالوا أيضاً إنها مختلفة عن الفكرة القديمة لأنها ليست عقيدة أيديولوجية، وبالتالي يمكن أن تتبناها وتنخرط فيها الحكومات اليمينية واليسارية والوسطية، مؤكدين أن النظام العالمي مفكك. الأمر الذي يسمح لدول الجنوب بأن تنزل إلى الملعب للبحث عن الفرص والمزايا المتاحة وتضع مصالحها الخاصة في مقدمة أولوياتها وترفض الانحياز إلى أي طرف في صراع القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين. ولم ينسوا، بطبيعة الحال، الإشارة إلى أن «عدم الانحياز النشط» يعني أن تحوط الدول رهاناتها من خلال استغلال قوة عظمى ضد الأخرى لجني المكاسب القصوى لنفسها، وبعبارة أخرى أنْ تنحاز في بعض القضايا إلى الولايات المتحدة. وفي قضايا أخرى إلى الصين. وهذا بحسبهم لم يكن متاحاً في الصيغة القديمة لفكرة عدم الانحياز، إذ كانت دول العالم الثالث مخيرة ما بين اتخاذ موقف قوي ضد إحدى القوتين العظميين (وهو ما لم تكن قادرة عليه بسبب ضعفها اقتصادياً وعسكرياً) أو السير في ركاب إحداهما والاستقواء بها على الآخر (وهو ما فعلته مضطرة). إن فكرة تقديم عدم الانحياز في ثوب جديد داعبت خيال مروجيها خلال إدارة دونالد ترامب الأولى، وفي سياق ما تعرضت له أمريكا اللاتينية من ضغوط اقتصادية أمريكية، وما فرضته جائحة كورونا من مصاعب اقتصادية مضاعفة وانخفاضات حادة في حجم الناتج المحلي. الأمر الذي جعل أمريكا اللاتينية تشهد أكبر ركود اقتصادي منذ 120 عاماً، ففكروا في طرح «عدم الانحياز النشط» كدليل عمل لأقطار أمريكا اللاتينية لتجاوز تلك اللحظات الصعبة، وكبوصلة للإبحار في عالم مضطرب للغاية. أما ما شجعهم على المضي قدماً في الترويج للفكرة فتمثل، طبقاً لهم، في أربعة تطورات عالمية كانت «المواقف منها متباينة، وكشفت عن ازدواجية في المعايير الأخلاقية» وهي: الأزمة الأوكرانية، وحرب غزة، وبروز مجموعة بريكس كمنتدى عالمي للجنوب وتوسيع أطرها وأهدافها وعضويتها، وحروب ترامب التجارية «الخارقة لمبادئ التجارة الحرة والقانون الدولي». كما قالوا. الحقيقة، التي لا بد من التصريح بها، في ختام المقال هي أن هذه الصيغة لفكرة عدم الانحياز، منحازة لأوضاع أمريكا اللاتينية وظروفها التي تختلف عن أوضاع وظروف مناطق أخرى في العالم، وإنْ قيل خلاف ذلك. وإذا كنا نتفق مع مؤلفي الكتاب في أن عالم اليوم تغير كثيراً عن عالم الخمسينيات والستينيات، فإن الأمر يستوجب طرح أفكار جديدة تخاطب الواقع الجديد، لا أن يُعاد طرح أفكار قديمة فاشلة في قوالب ومصطلحات مبتكرة للإيهام بأنها الدواء والعلاج.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
مخاوف من إزالة قبة «الحجازية» بجبانة القاهرة التاريخية
جددت واقعة هدم السور المحيط بقبة الحجازية ذات الطراز المعماري الفريد بجبانة الإمام الشافعي بالقاهرة، ونهب أبوابها ونوافذها مخاوف آثاريين ومهتمين بالتراث المصري بشأن هدم هذه القبة النادرة على غرار عدد كبير من الأضرحة المميزة بالمنطقة، من أجل شق جسر جديد يربط بين محاور القاهرة المرورية بالمنطقة. القبة التي يرجع تاريخ إنشائها إلى عصر أسرة محمد علي باشا في القرن التاسع عشر الميلادي، بناها سليم باشا الحجازي، وزير دفاع محمد علي، ودفن فيها مع زوج ابنته «شاهين كنج»، وكان أيضاً أحد القادة البارزين في تلك الفترة، وقد بنيت على الطراز العثماني السائد وقتها. ولم تحسم وزارة السياحة والآثار المصرية الجدل بشأن أثرية القبة، إذ لم تصدر أي بيانات حول ذلك، ورغم تأكيد باحثين على أثريتها وتسجيلها ضمن قوائم الآثار الإسلامية، فإن آخرين يقولون إنها مسجلة ضمن قوائم الطراز المعماري المميز فقط. إبراهيم طايع، عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية والمهتم بدراسة تراث الجبانات القديمة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كنا في زيارة للمكان، واكتشفنا هدم سور القبة ونهب الباب والنوافذ». قبة سليم باشا الحجازي تتميز بطرازها المعماري الفريد (الشرق الأوسط) وتعتبر قبة الحجازي ذات طراز معماري نادر، فهي واحدة من قبتين مهمتين في منطقة الجبانات ولا يأتي قبلها في الأهمية، وفق قول طايع، سوى القبة الخاصة بالإمام الشافعي، «هي إذن فريدة من نوعها من ناحية التصميم، أضف إلى ذلك الشخصيات المدفونة فيها، هناك اثنان من نظّار الجهادية، وهما شاهين كنج، وقبله كان سليم باشا الحجازي، وكانت محل سكن لعائلتين غادرتا المكان فور بدء الهدم الذي طال أيضاً مدافن عبد الرحيم صبري، والد الملكة نازلي، وكانت من التحف التي لا يمكن تعويضها، وإلى جوارها كانت قبة حليم، وجميعها تقع في نهر الطريق الجديد». الدكتورة نسمة سيف الإسلام، عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ذكرت أن القبة تعرضت لعمليات نهب وتشويه في الفترة الأخيرة، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «من واجب الباحثين والمؤرخين إبراز وتسليط الضوء على مثل هذه المنشآت والتعريف بأهميتها، كما يجب ربطها بالحاضر، حتى يدرك المسؤول أن هذه الآثار ما زالت مهمة ويمكن أن يكون لها دور في خدمة الحاضر كما كانت من قبل». وتعد قضية زيادة الوعي بالآثار وتنميتها على رأس اهتمامات «نسمة سيف الإسلام»، وتراه كفيلة بحماية الجبانات والقباب وغيرهما من السرقة والتشويه. مخاوف من هدم القبة التي يعود تاريخ إنشائها إلى القرن التاسع عشر (الشرق الأوسط) وقالت نسمة سيف الإسلام إن «السرقات تحدث في كل دول العالم، لكن الوعي هو ما يمكن أن يحد منها، وهذا ما يجب الاهتمام به، وهو أساس صيانة الأثر ومنع التعدي عليه». ويؤكد الباحث في شؤون الآثار الإسلامية عمر النعماني أن «عمليات الهدم بدأت بالحرم الخاص بالقبة الحجازية، قبل اختفاء الباب والنوافذ، وهو دليل على قرب تدميرها، رغم أنها ثاني قبة في منطقة القرافة بعد قبة الإمام الشافعي من ناحية الحجم، وتقع قبلها بنحو مائتي متر تقريباً». وينتظم النعماني مع مجموعة من رفاقه من الباحثين في توثيق مناطق الإمام الشافعي، والسيدة عائشة، والسيدة نفيسة، حيث صوروا كل المواقع التي تواجه العديد من المشكلات، مثل تنازع الملكية بين الآثار والأوقاف، والملكيات الخاصة، كما أصدروا بعض الكتابات والأبحاث التي تناقش قضية الآثار الإسلامية في الفترة الأخيرة، لكن هذا من وجهة نظر النعماني «لم يكن كافياً لوقف المأساة التي تتعرض لها المدافن والقباب في منطقة الجبانات». ويضيف النعماني لـ«الشرق الأوسط»: «نأمل أن يكون هناك مسار زيارة داخل القرافة أسوة بالدول التي تملك مقابر مماثلة، لكن هذا لم يحدث رغم الإرث المعماري الكبير الذي نمتلكه، لكننا بدلاً من أن نحافظ عليه نقوم بهدمه مثل قبة الأمير محمد عبد الحليم نجل محمد علي باشا، وكان بجوارها قبة ومسجد محمود باشا الفلكي، وجميعها تمت تسويتها بالأرض بما فيها قبة (كلزار) هانم، وهو ما دعا أبناء عائلتي الدرمللي ورشوان باشا عبد الله للاتجاه للقضاء من أجل حماية المدافن الخاصة بهم». قبة الحجازي بعد إزالة بابها وشرفاتها وهدم سورها (الباحث إبراهيم طايع) وعَدَّ الدكتور أحمد سلامة، أستاذ الحضارة والآثار الإسلامية بجامعة الأزهر، قبة سليم باشا الحجازي بالقرافة من المعالم الأثرية المهمة في القاهرة، فهي تمثل «نموذجاً لفنون العمارة العثمانية في مصر خلال القرن التاسع عشر»، ونشأت باعتبارها «ضريحاً لسليم باشا الحجازي، الذي كان من الشخصيات العسكرية البارزة في عصر أسرة محمد علي، وتتميز بزخارفها الدقيقة وقبتها المهيبة المبنية على الطراز العثماني الممزوج بالتأثيرات المحلية المملوكية». وتكتسب القبة أهميتها الحضارية لكونها تُعدّ شاهداً على مرحلة تاريخية شهدت تداخل الطرازين العثماني والمصري في العمارة الجنائزية، وأيضاً لارتباطها بشخصية تاريخية لعبت دوراً إدارياً وسياسياً في فترة حساسة من تاريخ مصر، ورغم أن القبة تنتمي زمنياً للقرن الـ19، لكن بعض عناصر عمارتها - خصوصاً الزخارف، والتكوينات الهندسية، ونسب القبة – قد تأثر بالطراز المملوكي، وهذا (وفق قول سلامة)، أمر شائع في عمارة القبور العثمانية بمصر؛ لأن المعماريين استمروا في استخدام أساليب مملوكية حتى بعد نهاية الحكم المملوكي، ما يعني أن ارتباط القبة بالمماليك هنا فني ومعماري فقط، وليس ارتباطاً تاريخياً بحقبتهم الزمنية.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
ما المساعدات التي ترفض إسرائيل دخولها إلى غزة؟
تمكن اليأس من السائق محمد صقر، في أن يصل «بسكويت» تحمله شاحنته إلى الأطفال في قطاع غزة، بعدما عبر به 3 مرات، من مدينة رفح المصرية إلى معبر «كرم أبو سالم»، خلال الأسبوعين الماضيين، وكانت القوات الإسرائيلية ترفض دخوله كل مرة، دون أسباب معلنة، فيما يرجع السائق ذلك إلى «تعنت بمنع كل ما يعتبرونه رفاهية». قبل يومين، كانت المرة الثالثة التي يعود فيها صقر خائب الآمال، بعد ساعات طويلة من التفتيش داخل المعبر الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال، تحت حرارة شمس حارقة. بعدها وضع المساعدات القادمة من الأردن، في مخازن بالعريش، لتتكدس مع غيرها، عائداً إلى عائلته في محافظة الغربية (دلتا النيل)، خصوصاً أن الحمولة الأخيرة «عصية على المرور»، وفق تصريحه لـ«الشرق الأوسط». صورة التقطها السائق محمد صقر من معبر كرم أبو سالم ما واجهه صقر قصة تتكرر يومياً، ضمن جهود مصرية لإدخال المساعدات إلى القطاع المحاصر، عقب حدوث انفراجة في 27 يوليو (تموز) الماضي، باتفاق مصري-إسرائيلي برعاية أميركية، على إدخال المساعدات. والأربعاء، أعلن «الهلال الأحمر المصري»، تجهيز القافلة الرابعة عشرة من رفح إلى «معبر كرم أبو سالم»، محملة بـ«أكثر من 112 ألف سلة غذائية في عدد من شاحنات المساعدات الغذائية والطبية». يلعب «الهلال الأحمر المصري» الدور الرئيسي في التنسيق، واختيار الشاحنات التي ستمر إلى القطاع، بالتواصل مع المؤسسات الدولية والمحلية المختلفة، التي ترغب في تقديم المساعدات...يعلن عن كمية المساعدات التي يعتزم تمريرها، لكن «الكثير من الشاحنات يعود بعد رفض إسرائيل دخوله»، وفق محمود السيد، وهو سائق يوجد في العريش منذ 8 شهور، مع حمولة من «أكياس الموتى». شاحنات المساعدات من أمام معبر رفح على الجانب المصري (الهلال الأحمر المصري) يقول السيد لـ«الشرق الأوسط»: «أولوية (الهلال الأحمر) حالياً تمرير الأغذية»، متوقعاً أن تمر الشحنة دون صعوبة بمجرد قدوم دوره، إذ سبق ومر بشحنة مماثلة العام الماضي من أول مرة، فيما عادت شاحنات أخرى محملة بأدوية وأغذية. «لا توجد قوائم معلنة للممنوعات من الجانب الإسرائيلي. المساعدات ترفض لأسباب واهية مثل أن التغليف ليس جيداً، وفي الغالب ترفض دون إبداء أسباب»، وفق ما قاله مصدر من العاملين في مجال إرسال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. يضيف المصدر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «الكثير من المساعدات تعود. مرور الشحنة من رفح إلى كرم أبو سالم لا يعني أنها ستصل للقطاع، فالغالبية ترجع ونعيد إرسالها مرات ومرات». وكانت المديرة التنفيذية لـ«الهلال الأحمر المصري»، الدكتورة آمال إمام، قالت خلال مؤتمر صحافي من أمام معبر رفح، الأسبوع الماضي، إن «نحو 800 شاحنة مساعدات فقط، تحمل 8 آلاف طن مساعدات أغلبها غذائية، هي التي دخلت فعلياً إلى قطاع غزة منذ 27 يوليو (تموز) الماضي من أصل أكثر من ألف شاحنة مرت من مصر». شاحنة مساعدات من الهلال الأحمر المصري قبل مرورها للقطاع (الهلال الأحمر المصري) وتأتي الأدوية والمستلزمات الطبية على رأس المساعدات التي «تتعنت ضدها إسرائيل»، وفق المصدر، خصوصاً «الأدوات التي تستخدم في العمليات، أو أسرة نقل المرضى من مواقع القصف إلى المستشفيات». أما أدوات «النظافة الشخصية»، فأفضل حظاً وفق المصدر من المستلزمات الطبية، وترفض بصورة أقل، وتتضمن «فوطاً شخصية للنساء، وحفاظات للأطفال، وأدوات نظافة شخصية، وفوطاً، وملابس داخلية وغيرها من المستلزمات»، وإن كان «حجم هذه الأدوات ليس كبيراً وسط الشحنات فالتركيز حالياً على إدخال الأغذية». وعادة ما تمر الشاحنة بأكملها أو تُرفض بأكملها، بعد خضوعها لعمليات عدة من التفتيش، وفق السائقين، بداية من التفتيش من الجانب المصري قبل المرور من رفح، ثم ساعات التفتيش الطويلة في «كرم أبو سالم»، عبر آلات ومعدات، وتفتيش يدوي وباستخدام كلاب بوليسية، في عملية تمتد ساعات، والأغلبية يعود، وقد ينجح في المرور المرة التالية.