
السلطات الأميركية تعتقل طالبة فلسطينية بجامعة كولومبيا
اعتقلت سلطات الهجرة الأميركية طالبة ثانية على علاقة بالتظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة كولومبيا الأميركية، بزعم بقائها في الولايات المتحدة لمدة تتجاوز المسموح لها بها بموجب تأشيرتها الطلابية، وفق ما ذكر مسؤولون فيدراليون الجمعة، فيما قررت طالبة كندية بالجامعة "ترحيل نفسها طوعياً"، باستخدام تطبيق الهجرة، بعد تفتيش عملاء فيدراليين لمسكنها الجامعي.
واعتقلت السلطت لقاء كردية، وهي فلسطينية من الضفة الغربية، في نيوراك الخميس، في ثاني اعتقال من نوعه لطالب بجامعة كولومبيا، بعدما اعتقلت الأسبوع الماضي، الطالب الفلسطيني محمود خليل، الذي قالت إنه ساهم في تنظيم الحركة الاحتجاجية.
وقالت وزارة الأمن الداخلي إن السلطات ألغت تأشيرة لقاء كردية في يناير 2022، وأشارت إلى أن شرطة نيويورك ألقت القبض عليها، أبريل الماضي، بسبب دورها في تظاهرات الحرم الجامعي، وفق ما نقلت "نيويورك تايمز".
وجاء القبض على كردية، وسط أسبوع مضطرب في جامعة كولومبيا، التي شهدت سلسلة من الأزمات المتصاعدة منذ اعتقال محمود خليل، خريج الجامعة حديثاً وأحد الشخصيات البارزة في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الحرم الجامعي، من قبل عملاء الهجرة الفيدراليين نهاية الأسبوع الماضي.
طالبة ترحل نفسها
ونشرت وزيرة الأمن الدخلي كرسيتي نوم مقطع فيديو الجمعة، يُظهر طالبة أخرى في جامعة كولومبيا، قالت إن اسمها رانجاني سرينيفاسان، أثناء سيرها في مطار لاجوارديا، استعداداً للمغادرة والتوجه إلى كندا بعد إلغاء تأشيرتها الدراسية في الولايات المتحدة.
وقالت نويم إن سرينيفاسان استخدمت تطبيق الجمارك وحماية الحدود الأميركي للإبلاغ عن نيتها مغادرة البلاد طوعاً.
كما أكدت محامية الطالبة وزميلتها في السكن أن غرفتها بالجامعة، كانت من بين الغرف التي تم تفتيشها على يد عملاء فيدراليين الخميس.
وقالت نويم في بيانها: "الحصول على تأشيرة للدراسة والعيش في الولايات المتحدة هو امتياز، وليس حقاً".
وأكد ناثان يافي، أحد أعضاء الفريق القانوني لسرينيفاسان، أن العملاء الفيدراليين دخلوا غرفتها في السكن الجامعي الخميس، في محاولة لاحتجازها أو الحصول على معلومات حول مكان وجودها. ولم يتم تحديد محامٍ للقاء كردية على الفور.
وقالت "نيويورك تايمز"، إن تصريحات كريستي نويم تشكل تصعيداً من إدارة الرئيس دونالد ترمب في تركيزها على جامعة كولومبيا، التي شهدت العام الماضي احتجاجات بسبب الحرب في غزة.
احتجاجات خارج أبواب الجامعة
وتجمع أكثر من 200 طالب خارج البوابات الرئيسية للجامعة للاحتجاج على تعامل الإدارة مع اعتقال محمود خليل.
وارتدى المتظاهرون الكوفية الفلسطينية، ولوّحوا بالأعلام الفلسطينية، وحملوا لافتات تحمل شعارات مثل "حرروا محمود"، "إدارة الهجرة خارج حرمنا الجامعي"، و"كولومبيا، لا يمكنك الاختباء".
وجاء الاحتجاج بعد أقل من 24 ساعة، من إعلان الرئيسة المؤقتة للجامعة كاترينا أرمسترونج أن فيدراليين فتشوا مقرين لسكن الطلاب بالجامعة.
وجاء التفتيش بعد ساعات من إرسال إدارة ترمب رسالة إلى جامعة كولومبيا تطالبها فيها بتغيير سياساتها المتعلقة بالانضباط واشتراطات قبول الطلاب.
وجاء في الرسالة الصادرة عن وزارة التعليم وإدارة الخدمات العامة ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية أنه يتعين على الجامعة تطبيق سلسلة من التغييرات قبل إجراء محادثات بشأن استئناف منح وعقود فيدرالية بقيمة 400 مليون دولار أُلغيت الأسبوع الماضي.
وذكرت أرمسترونج في بيان الخميس، أن عمليات التفتيش أجريت بعد أن سلم عملاء من وزارة الأمن الداخلي الجامعة مذكرتين موقعتين من قاض فيدرالي تسمح لهم بدخول السكنيين الطلابيين وتفتيشهما. وأضافت أن السلطات لم تعتقل أو تحتجز أي شخص ولم تُصادر أي أغراض ولم تُتخذ إجراءات أخرى.
وأشارت كريستي نويم، في منشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الجمعة، إلى أن جامعة كولومبيا لا تزال تحت رقابة إدارة ترمب.
تقويض حرية التعبير بالجامعات
في المقابل، أعرب نشطاء الحريات المدنية عن قلقهم من أن مطالب الحكومة قد تقوض حرية التعبير والحرية الأكاديمية في جامعة كولومبيا، بل وستؤثر سلباً على الجامعات الأميركية عموماً.
وقال جميل جعفر، مدير معهد التعديل الأول في كولومبيا، في بيان: "إخضاع الجامعات لسلطة الحكومة هو سمة من سمات الأنظمة الاستبدادية".
كما أثار البعض مخاوف بشأن تعريف معاداة السامية الذي تسعى الحكومة لفرضه، حيث يرون أنه قد يؤدي إلى معاقبة الأصوات الناقدة لإسرائيل.
وقال تايلر كاورد، المستشار القانوني لمجموعة مؤسسة الحقوق والتعبير الفردي، بأن الرسالة الحكومية تمثل "خريطة طريق لتعزيز الرقابة في الجامعات الأميركية."
وأضاف: "الجامعات في جميع أنحاء البلاد تقرأ هذه الرسالة هذا الصباح، وتفكر بأنها قد تكون التالية إذا لم تقيد حرية التعبير".
ورداً على ذلك، قالت متحدثة باسم جامعة كولومبيا، مساء الخميس، إن الجامعة "تراجع الرسالة بعناية".
وأضافت: "نحن ملتزمون دائماً بتحقيق رسالتنا، ودعم طلابنا، والتصدي لجميع أشكال التمييز والكراهية داخل الحرم الجامعي".
إجراءات تأديبية بحق الطلاب
في خطوة منفصلة الخميس، أعلنت جامعة كولومبيا عن إجراءات تأديبية ضد الطلاب الذين احتلوا مبنىً داخل الحرم الجامعي الربيع الماضي، شملت الطرد والإيقاف المؤقت وسحب الدرجات مؤقتاً، وهي إجراءات كانت إدارة ترمب قد طالبت بها في رسالتها.
وذكرت الجامعة أن العقوبات شملت تعليق الدراسة لعدة سنوات، وسحب الدرجات مؤقتاً، وطرد بعض الطلاب، لكنها لم تحدد عددهم.
ومن بين الذين تم طردهم جرانت ماينر، وهو طالب يهودي في مرحلة الدراسات العليا، وكان جزءًا من ائتلاف طلابي يدعو الجامعة إلى سحب استثماراتها من الشركات المرتبطة بإسرائيل، وفقاً لاتحاد الطلاب في الجامعة، التي يرأسها ماينر.
واتهم الاتحاد إدارة الجامعة باستهداف أعضائه بسبب مواقفهم السياسية. إلا أن متحدثة باسم كولومبيا ردّت الجمعة، بقولها إن من "المؤسف محاولة الاتحاد خلط مسائل التأديب الطلابي بالقضايا المتعلقة بالتوظيف"، معتبرة أن هذا الاتهام لا أساس له.
وفي بيان له، قال ماينر، وهو طالب دكتوراه في الأدب الإنجليزي والمقارن: "هذه محاولة فاضحة لسحق النقابة وإسكات الحركة المناهضة للإبادة الجماعية في فلسطين."
وأضاف: "لن يتم إسكاتنا أو ترهيبنا على أي جبهة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
غاز كردستان... شراكات "منقوصة" وثروة محاطة برقابة 4 دول
في خطوة وُصفت بأنها الأضخم في تاريخ استثماراته بقطاع الطاقة وقع إقليم كردستان العراق اتفاقين بقيمة إجمالية تصل إلى 110 مليارات دولار مع شركتين أميركيتين في واشنطن لتطوير حقلين رئيسين للغاز الطبيعي في الإقليم. ومع أنها تنعش الآمال بتعزيز أمن الطاقة المحلي، لكنها تعيد وبقوة إشعال فتيل الخلاف المستعصي بين حكومتي بغداد وأربيل حول إدارة الثروات الطبيعية لتفتح الباب مجدداً أمام تساؤلات حول توقيتها وشرعيتها القانونية وجدواها الاقتصادية وما تفرزه من تداعيات جيوسياسية في ظل التجاذب القائم بين الولايات المتحدة وإيران. وشكَّل الـ19 من مايو (أيار) الجاري منعطفاً مهماً في مساعي إقليم كردستان إلى ترسيخ مكانته كلاعب في سوق الطاقة الإقليمية، ففي العاصمة الأميركية واشنطن، وتحديداً في مقر غرفة التجارة الأميركية، وضع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني توقيعه على اتفاقين استراتيجيين مع شركتي (HKN Energy) و(Western Zagros) الأميركيتين، ويحمل اختيار مكان التوقيع دلالات سياسية واضحة تعكس رغبة أربيل في الحصول على دعم وغطاء أميركي لهذه الخطوة. ويستهدف الاتفاقان تطوير حقلين واعدين للغاز الطبيعي يقعان في منطقة كرميان التابعة لمحافظة السليمانية، وهي منطقة تخضع تقليدياً لنفوذ حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة بافل طالباني، الشريك الرئيس في حكومة أربيل التي يقودها الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني، وتقدر احتياطات الحقل الأول وهو حقل "كوردمير" بنحو 3.6 تريليون قدم مكعبة من الغاز، أما الحقل الثاني فهو حقل "طوبخانة" الذي يحوي ما يقدر بـ1.8 تريليون قدم مكعبة من الغاز. سجال جديد قديم تؤكد أربيل أن الهدف من الصفقة هو تعزيز وتأمين الحاجات المحلية المتزايدة، وأن نطاقها قد يتوسع مستقبلاً ليشمل مناطق أخرى من العراق، في محاولة لتصوير الصفقة على كونها ذات منفعة وطنية مشتركة، كما شددت على أنها امتداد لتفاهمات وعقود سابقة، وأن ما جرى هو مجرد "استبدال للشركات المنفذة ضمن الأطر القانونية"، وأن الشركتين المعنيتين تعملان بالفعل في الإقليم منذ سنوات. وأكدت أربيل أن هذا الحق في إدارة ثرواتها مكفول للإقليم دستورياً ككيان فيدرالي ضمن العراق الموحد، فيما عبر مسرور بارزاني عن امتعاضه مما وصفه بـ"تفسيرات خاطئة في بغداد من دون مبرر"، مؤكداً أن الخطوة تتماشى مع الحقوق الدستورية للإقليم، وأن حكومته ستستمر في تنفيذ هذه الحقوق. ولم تكد تمضي ساعات قليلة على الإعلان حتى جاء الرد سريعاً من بغداد عبر صدور بيان شديد اللهجة من وزارة النفط العراقية أعلنت فيه رفضها القاطع للخطوة، واعتبرتها مخالفة صريحة لقرارات سابقة أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في البلاد، وشددت على أن أي استثمار في قطاع الطاقة يجب أن يمر حصراً عبر قنوات الحكومة الاتحادية. وجاء ذلك في ظل استمرار إخفاق الحكومتين في استئناف صادرات النفط من كركوك وحقول الإقليم المتوقفة منذ نحو عامين عبر ميناء جيهان التركي جراء الخلافات وألحقت خسائر تقدر بنحو 20 مليار دولار، عقب صدور حكم عام 2022 من المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية قانون النفط والغاز المعمول به في الإقليم، وألزم حكومة أربيل بتسليم إمداداتها إلى الحكومة الاتحادية، ليشكل الأساس القانوني الذي تستند إليه بغداد. تجاوز للصلاحيات ويثير المشهد القانوني المحيط بالاتفاقين جدلاً محموماً، ذلك أن صفة حكومة مسرور هي حكومة تصريف أعمال، وقد تأخر تشكيل الحكومة على رغم مرور سبعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية الكردية، ليبرز تساؤل جوهري حول مدى الصلاحيات القانونية الممنوحة لإبرام اتفاقات استراتيجية طويلة الأمد ذات قيمة مالية ضخمة. يشير خبراء قانونيون منهم رئيس منظمة "رونبين" لشفافية عمليات النفط والغاز يادكار كلالي إلى أن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، وفقاً للمادة 64 من الدستور العراقي، تنحصر في إدارة الشؤون اليومية للدولة ولا تمتد لتشمل اتخاذ قرارات استراتيجية أو إبرام اتفاقات تتطلب موافقة البرلمان. ويحذر كلالي من أن مثل هذه الاتفاقات قد تكون عرضة للإلغاء لاحقاً، كما أنها قد تواجه طعناً قانونياً أمام المحكمة الاتحادية، مستشهداً بحالات سابقة حدثت في عهد حكومة مصطفى الكاظمي. علاوة على ذلك يرى المحلل السياسي رواء موسى أن عقوداً بهذا الحجم تتطلب بالضرورة موافقة برلمان كردستان نفسه، حتى لو كانت الحكومة منتخبة وليست موقتة، مشيراً إلى أن "الحصول على موافقة البرلمان الكردستاني يتطلب تصويت 66 نائباً من أصل 100، وهذا لم يحدث"، مضيفاً أنه طالما لا يوجد دستور خاص بإقليم كردستان، فإنه يظل محكوماً بالدستور الاتحادي العراقي الذي يضع قيوداً على صلاحيات الإقليم في عقد اتفاقات دولية بصورة منفردة، بخاصة في قطاع استراتيجي كالطاقة". عودة على بدء هذه الشكوك والتحفظات القانونية تفتح الباب أمام احتمالات لجوء بغداد مجدداً إلى التحكيم الدولي أو المحاكم الدولية لمقاضاة الإقليم، كما حدث سابقاً في نزاعات نفطية أخرى، كما أنها قد تتحول إلى ورقة سياسية تستخدمها القوى المختلفة في بغداد لاستمالة الناخبين مع اقتراب موعد الانتخابات الاتحادية المقررة قبل نهاية العام الحالي عبر إظهار الحزم في الدفاع عن "حقوق العراق" وثرواته. ومع ذلك لا يستبعد البعض إمكان أن تغض بعض الأطراف مثل تيار رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني النظر عن هذه الإشكاليات وتتجنب التصعيد، أملاً في كسب ود ودعم القوى الكردية لضمان الفوز بولاية ثانية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لم تقتصر التساؤلات على الجوانب القانونية والسياسية، بل امتدت لتشمل الشركتين المعنيتين، فقد شككت بعض الآراء في الأهمية الفعلية لهذه الشركات وفي حجم التضخيم الإعلامي الذي رافق الإعلان عن الاتفاقين. ويشير الباحث القانوني قهرمان حسن إلى أن الاتفاق أبرم "مع شركات خاصة وليس مع الحكومة الأميركية بصورة مباشرة، مما يقلل من البعد الاستراتيجي الرسمي للصفقة"، مضيفاً أنها تثير شكوكاً حول المقار الفعلية والخبرة السابقة لهاتين الشركتين، ويلفت الانتباه إلى أن معظم شركات النفط والغاز العاملة في الإقليم تأسست تزامناً مع تطور قطاع النفط فيه، ولم يكن لكثير منها خبرة سابقة واسعة في هذا المجال قبل دخولها السوق الكردية. مراهنة محفوفة بالأخطار وتتوافق رؤية المحلل السياسي دلشاد أنور مع هذه الشكوك، إذ يرى أن القيمة المعلنة للعقدين تبدو "مبالغاً بها" بالنظر إلى حجم الحقلين المشمولين بالاتفاق، ويتساءل عن كيفية احتساب الأرباح والنفقات على مدى العقود الطويلة القادمة في ظل التقلبات المستمرة لأسعار الطاقة العالمية. ويضيف أنور أن أربيل ربما تحاول استغلال وجود مسؤول مقرب من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في إحدى الشركتين للحصول على دعم أميركي، لكنه يحذر من خطورة "المقامرة" والمراهنة على إدارة ترمب التي لا يمكن التنبؤ بسياساتها. وتزداد الشكوك عمقاً مع الإشارة إلى تحقيق نشره مركز "ستاندر" للتحليل الاقتصادي الذي أشار إليه المتخصص الاقتصادي نبيل المرسومي، ويفيد هذا التحقيق بأن الشركتين لا تمتلكان مكاتب فعلية في الولايات المتحدة، وأن إحداهما مسجلة باسم جندي أميركي متقاعد، بينما الأخرى مسجلة بأسماء أشخاص غير معروفين، وليس لهما تأثير يذكر على دوائر صنع القرار في الحكومة الأميركية. ويذهب التحقيق إلى حد الإيحاء بأن ما جرى هو مجرد "تغطية لإضفاء الشرعية" على عمليات قد تكون أربيل هي المالك الرئيس فيها، بخاصة أن نشاط الشركتين يقتصر تقريباً على العمل داخل كردستان. رسائل واشنطن لطهران من زاوية أخرى يربط المراقبون الخطوة بالسياق الجيوسياسي الإقليمي والدولي المعقد، وبصورة خاصة عن علاقة الولايات المتحدة بكل من العراق وإيران، ويحمل الموقف الأميركي الرسمي، الذي بدا مسانداً لخطوة أربيل، في طياته رسائل سياسية موجهة إلى بغداد. وتذهب بعض القراءات إلى أن واشنطن تحاول من خلال دعمها لأربيل في ملف الطاقة، ممارسة نوع من الضغط على الحكومة العراقية لتقليل اعتمادها الكبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، حيث تعطي واشنطن العراق استثناءات متكررة من العقوبات المفروضة على طهران، مما يثير امتعاض دوائر أميركية ترى في ذلك "تقاعساً" من بغداد عن إيجاد حلول بديلة. وما يعزز هذا التوجه ما قاله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، عندما شدد على ضرورة "ضمان الحكم الذاتي للأكراد" والسماح لهم بتأمين "شريان اقتصادي" خاص بهم، مع تأكيد أهمية احترام الشركات الأميركية العاملة في العراق واستقلالية الأكراد، وأشار إلى رفض بلاده استمرار "النفوذ الإيراني على بعض قطاعات الحكومة العراقية". ورقة لكبح بغداد هذه التصريحات فسرت على أنها تمثل تحولاً في السياسة الأميركية، أو في الأقل تكثيفاً للجهود، لمصلحة دعم الأكراد كأداة لمواجهة النفوذ الإيراني في العراق وإثناء بغداد عن الاعتماد المفرط على طهران في مجال الطاقة. وأشار الباحث قهرمان حسن إلى أن السياسة الأميركية التقليدية كانت تهدف إلى الحفاظ على إقليم كردستان ككيان فيدرالي مستقر ضمن عراق قوي وموحد، لكن يبدو أن هناك تحولاً نحو محاولة "مأسسة قطاع الطاقة" في الإقليم بهدف "قطع الأموال عن إيران"، وذلك عبر التركيز أولاً على تلبية الحاجات المحلية من الطاقة في كردستان، ثم استخدام أي فائض مستقبلي كأداة في المفاوضات مع بغداد. من ناحية أخرى يرى المحلل سردار عزيز أن هذا التحول قد يكون مرتبطاً بسياسة الرئيس الأميركي السابق ترمب التي ركزت على جذب الاستثمارات الخارجية إلى الولايات المتحدة وتشجيع الشركات الأميركية على الاستثمار في الخارج، لكنه يطرح تساؤلات حاسمة حول رد فعل بغداد المحتمل، وكيف سيكون الرد الأميركي إذا ما اعترضت بغداد بقوة، أو إذا مارست واشنطن ضغوطاً فعلية لدعم أربيل، محذراً من أنه إذا لم تتحقق هذه السيناريوهات، فقد تواجه العقود عقبات كبيرة وتتعقد العلاقة بين أربيل وبغداد بصورة أكبر.


الوئام
منذ 2 ساعات
- الوئام
خبير سياسي لـ'الوئام': العقوبات الأمريكية أداة 'قوة ناعمة' للسيطرة على السودان
الوئام – خاص أعلنت الإدارة الأمريكية أنها بصدد فرض عقوبات جديدة على السودان، على خلفية مزاعم باستخدام الجيش السوداني غازات محرّمة دوليًا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن بلادها توصلت، في أبريل الماضي، بموجب 'قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية'، إلى أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية في عام 2024، وفق تعبيرها. العقوبات الأمريكية: أداة ضغط سياسي في هذا السياق، يؤكد الدكتور عادل عبدالعزيز الفكي، الخبير في الشأن السوداني، أن العقوبات الأمريكية على السودان تمثل نهجًا تقليديًا تتبعه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بهدف التحكم في المشهد السياسي السوداني، عبر استخدام سلاح العقوبات كجزء من مفهوم 'القوة الناعمة'. ويضيف 'الفكي' في حديث خاص لـ'الوئام': الولايات المتحدة فرضت، منذ عام 1988، عقوبات شاملة على السودان، ثم قامت برفعها جزئيًا في عام 2017، وتم إنهاؤها نهائيًا في 20 مايو 2021. لكن في أكتوبر من العام نفسه، أعلنت الخارجية الأمريكية تعليق مساعداتها للسودان، على خلفية اعتقال مسؤولين مدنيين، وقررت وقف تقديم مساعدات بقيمة 700 مليون دولار من المخصصات الطارئة'. عقوبات دولية تتبع النهج الأمريكي ويشير الخبير السوداني إلى أن المؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إضافة إلى الدول الغربية، تبنّت الموقف الأمريكي نفسه، مشروطةً تقديم أي قروض أو منح للسودان بوجود حكومة مدنية تقود البلاد. 'القوة الناعمة' لإخضاع السودان ويؤكد 'الفكي' أن عرقلة مسار إعفاء الديون، وإيقاف القروض والمعونات من مؤسسات بريتون وودز (الخاضعة للنفوذ الأمريكي)، يُعدّ جزءًا من أدوات القوة الناعمة التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد السودان والجيش السوداني في الوقت الراهن. حكومة مدنية… ولكن العقوبات مستمرة ويختتم الدكتور عادل الفكي حديثه بالقول: 'كان من المتوقع، بعد تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء، وبدئه في ترشيح وزراء مدنيين من التكنوقراط، أن تنتفي الأسباب التي استُند إليها في تعليق التعاون الدولي مع السودان'. وأضاف: ' لكن من الواضح أن الإعلان عن عقوبات جديدة، دون معلومات دقيقة أو منطق واضح، يُعدّ قطعًا لمسار جديد كان يُنتظر أن يُبنى مع تعيين حكومة مدنية. وهذا ما يتطلب إرادة وطنية قوية لإعادة تخطيط العلاقات الاقتصادية الخارجية، والتركيز على التعاون مع دول الشرق وأصدقاء السودان، لتجاوز الهيمنة الغربية'.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
موسم الهجرة إلى بريطانيا... طلبات الأميركيين للإقامة غير مسبوقة
خلال الـ12 شهراً التي سبقت مارس (آذار) الماضي تقدم أكثر من 6000 مواطن أميركي بطلبات للحصول على الجنسية البريطانية أو الإقامة والعمل في البلاد بصورة دائمة، وهو أعلى رقم منذ بدء تسجيل بيانات مماثلة عام 2004، وفقاً لبيانات صادرة عن وزارة الداخلية البريطانية. وخلال هذه الفترة قدم 6618 أميركياً طلبات للحصول على الجنسية البريطانية من بينها أكثر من 1900 طلب بين يناير (كانون الثاني) ومارس، وهو ما تزامن مع بداية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثانية. شكل الارتفاع الكبير في الطلبات في بداية عام 2025 أعلى عدد يسجل لأي ربع سنة على الإطلاق، وتأتي هذه الأرقام في وقت تسعى فيه السلطات البريطانية، تحت حكم حكومة حزب العمال، إلى خفض معدلات الهجرة إلى البلاد. وتعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بـ"استعادة السيطرة على حدودنا"، محذراً من أن الهجرة غير المنضبطة يمكن أن تجعل البلاد "جزيرة للغرباء، وليست أمة تسير قدماً معاً". وتظهر الأرقام البريطانية أن صافي الهجرة إلى بريطانيا انخفض بنحو النصف عام 2024، ليصل إلى 431 ألفاً، مقارنة بعام 2023. حملة صارمة ضد الهجرة ويأتي الارتفاع الكبير في طلبات الإقامة من المواطنين الأميركيين في وقت يقول فيه محامو الهجرة في الولايات المتحدة إنهم يشهدون زيادة في الاستفسارات. ويشير بعضهم إلى المناخ السياسي المنقسم بشدة في الولايات المتحدة بقيادة ترمب الذي يواصل هو الآخر شن حملة صارمة ضد الهجرة. وقال محامي الهجرة في شركة "ويلسونز سوليسيتورز" بلندن موهونثان بارامسفاران لصحيفة "نيويورك تايمز" إن الاستفسارات في شأن الإقامة في بريطانيا قد زادت "في أعقاب الانتخابات مباشرة وما صاحبها من تصريحات متفرقة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأضاف بارامسفاران "هناك بالتأكيد زيادة في استفسارات المواطنين الأميركيين. بعض الذين كانوا يعيشون هنا قد يكونون يفكرون. أريد خيار الحصول على الجنسية المزدوجة في حال لم أرغب في العودة إلى الولايات المتحدة". من جانبها كانت الشريكة في مكتب "لورا ديفاين إميغريشن" المتخصص في الهجرة من الولايات المتحدة إلى بريطانيا زينة لوشوا أكثر صراحة في الإشارة إلى "المشهد السياسي" في ظل حكومة ترمب، وقالت لصحيفة "التايمز" إن الارتفاع في الطلبات لا يقتصر على المواطنين الأميركيين فحسب، بل يشمل أيضاً جنسيات أخرى مقيمة هناك. وأوضحت لوشوا "الاستفسارات التي نتلقاها ليست بالضرورة متعلقة بالجنسية البريطانية، بل تتعلق أكثر بالسعي إلى الانتقال للعيش هنا". ارتفاع عدد طلبات الأميركيين ومع ذلك قد لا يعكس ارتفاع عدد طلبات الأميركيين للإقامة في بريطانيا بالضرورة الأوضاع السياسية في أي من البلدين. فمن بين 5521 طلب إقامة دائمة قدمها مواطنون أميركيون العام الماضي، كان معظمها من أشخاص مؤهلين بسبب روابط عائلية أو زواج. وأشار بارامسفاران إلى أن مثل هذه الطلبات من المرجح أن تواصل الارتفاع، بعدما مددت الحكومة البريطانية فترة التأهل من 5 أعوام إلى 10 أعوام قبل التقديم على الإقامة الدائمة، لكن سياسيين في حكومة حزب العمال لمحوا إلى إمكان تمتع بعض المتقدمين بفرص لتجاوز هذه المتطلبات. ويعكس هذا جانباً من تفكير ترمب في الولايات المتحدة، إذ طرح فكرة "بطاقة ذهبية" للهجرة، وهي بمثابة توسيع لبرنامج EB-5 الذي يمنح البطاقات الخضراء للمستثمرين الأجانب وعائلاتهم. وفي وقت سابق من مايو (أيار) الجاري قالت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر أمام البرلمان، "سيكون هناك أحكام تتيح تأهيلاً أسرع، تأخذ في الاعتبار مساهمات الأشخاص"، مشيرة إلى أن الحكومة البريطانية "ستقدم متطلبات لغوية جديدة وأعلى" لأن "القدرة على التحدث بالإنجليزية أمر أساس لتمكين الجميع من الإسهام والاندماج".