logo
خطى واثقة نحو الاكتفاء الذاتيالعسل السعودي.. مسار واعد نحو العالمية

خطى واثقة نحو الاكتفاء الذاتيالعسل السعودي.. مسار واعد نحو العالمية

الرياضمنذ 17 ساعات

في مشهد يتنامى فيه الاهتمام العالمي بالمنتجات الطبيعية والغذاء الصحي، تضع المملكة قدميها بثقة على خارطة التميز في إنتاج العسل، مستندة إلى إرث طويل من تربية النحل، وبيئات جغرافية غنية، واستراتيجية وطنية تنظر إلى هذا القطاع بوصفه أحد الموارد الاقتصادية الواعدة. فلم يعد العسل مجرد منتج شعبي تقليدي، بل أصبح اليوم أحد عناصر التنمية الزراعية المستدامة، ومحورًا رئيسًا في جهود تنويع مصادر الدخل الوطني ضمن رؤية السعودية 2030. هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة لخطة محكمة وضعتها وزارة البيئة والمياه والزراعة لتطوير قطاع تربية النحل وإنتاج العسل، سعت من خلالها إلى تحقيق الريادة الإقليمية والدولية، عبر مبادرات مدروسة تشمل تحسين السلالة المحلية، وزيادة كفاءة الإنتاج، وتطوير أدوات التربية والتسويق، وصولاً إلى خلق فرص العمل وتوطين المهنة. وقد أثمرت هذه الجهود عن نمو واضح في أعداد النحالين المسجلين، الذين تجاوزوا حاجز 20 ألف نحال ونحالة، فيما وصل عدد خلايا النحل في المملكة إلى أكثر من مليوني طائفة، بإنتاج سنوي يزيد عن 5 آلاف طن من العسل. هذا الزخم في الإنتاج ترافق مع دعم حكومي نوعي، تمثل في برنامج التنمية الريفية المستدامة 'ريف السعودية'، الذي قدم دعماً مباشراً للقطاع بأكثر من 140 مليون ريال، واستفاد منه أكثر من 10.5 آلاف نحال، إلى جانب دعم 11 مشروعًا متخصصًا بأكثر من 100 مليون ريال في مختلف مناطق المملكة، بهدف تمكين النحالين وتحقيق استدامة للقطاع وتعزيز دوره الاقتصادي.
بيئة مثالية للإنتاج
وتبرز مناطق عسير والباحة كنماذج حية على نجاح التجربة السعودية في تربية النحل، بفضل خصائصها البيئية الفريدة، التي تجعل منها بيئات مثالية لإنتاج العسل عالي الجودة. ففي جبال عسير، تنتج سراة عسير أجود أنواع العسل بفضل مناخها المعتدل وأمطارها المنتظمة وتنوع غطائها النباتي، حيث تشير التقديرات إلى وجود مليوني خلية نحل في المنطقة. أما الباحة، فتنتج أكثر من 800 طن سنويًا من العسل من خلال 125 ألف خلية يديرها نحو 1600 نحال، وتشتهر بإنتاج أنواع متعددة مثل السدر والطلح والمجرى والضرم، إضافة إلى استضافتها السنوية لمهرجان العسل الدولي، الذي يعكس تطور القطاع ويعزز حضور المنتج السعودي في الأسواق المحلية والدولية. وعلى المستوى الخليجي والعربي، تُعد السعودية في طليعة الدول المصدّرة للعسل، بحصة تبلغ 70% من صادرات دول الخليج، و57% من مجمل صادرات الدول العربية، وفق ما أوضحه رئيس جمعية النحالين التعاونية في الباحة أحمد الخازم الغامدي، مشيرًا إلى الجهود الحثيثة التي تقودها الوزارة لتوطين المهنة وتطوير أدواتها ورفع جودة الإنتاج.
فجوة في السوق المحلي
ولا يُغفل الخبراء البعد الاقتصادي لهذا القطاع، إذ يؤكد الخبير الاقتصادي جمال بنون أن قيمة إنتاج العسل السعودي تتجاوز 176 مليون دولار سنوياً، لكنه في الوقت نفسه يشير إلى فجوة قائمة في السوق المحلي، حيث تستورد المملكة قرابة 25 ألف طن سنويًا من العسل لتغطية الطلب المتنامي، وهو ما يعكس الحاجة الماسة لتعزيز الإنتاج المحلي ورفع الكفاءة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. ويرى بنون أن قطاع العسل مرشح لأن يكون أحد أعمدة الاقتصاد الزراعي الحديث في المملكة، خاصة مع ارتفاع معدل استهلاك الفرد السعودي للعسل إلى نحو 320 غراماً سنوياً، وهو ما يعادل ضعف المتوسط العالمي، ويؤكد على أهمية دعم الإنتاج الوطني والاستثمار فيه. ويقول :" إن ما يحدث اليوم في قطاع العسل بالمملكة ليس مجرد توسع في حجم الإنتاج أو ارتفاع في أعداد النحالين، بل هو نموذج حي لتحويل قطاع تقليدي إلى صناعة متقدمة ذات قيمة اقتصادية مضافة، تجمع بين الجذور التراثية والآفاق التنموية الحديثة. وبينما تتجه المملكة بخطى واثقة نحو الاكتفاء الذاتي في إنتاج العسل، فإنها ترسم أيضاً مساراً واعداً نحو العالمية، يجعل من العسل السعودي علامة جودة تُصدّر للعالم، لا مجرد منتج محلي يُستهلك في الداخل.
الوعي خط الدفاع الأول
يؤكد الدكتور إبراهيم العريفي، وهو خبير في علوم الأغذية والمشرف العام على مختبر جودة العسل بالرياض، أن العسل الطبيعي يُعد من أغنى الأغذية الطبيعية بالمركبات النشطة التي تفيد صحة الإنسان. ويشير إلى أن العسل يحتوي على أكثر من 181 مركبًا بين إنزيمات وأحماض أمينية ومعادن وفيتامينات ومضادات أكسدة، ما يجعله أقرب إلى صيدلية متكاملة. ويشرح أن تناول ملعقة عسل على الريق يساهم في تقوية المناعة وتحسين الهضم وتهدئة السعال، كما يدعم صحة القلب ويعمل كمضاد للالتهابات والبكتيريا. ويرى أن العسل الحقيقي لا يحتاج إلى إضافات أو تحسينات، ويحذر من خلطه بالمكسرات أو الأعشاب، لأن ذلك قد يؤدي إلى تخمر الخليط وفقدان خصائصه العلاجية. كما ينبه إلى أن تسخين العسل أو إذابته في ماء مغلي يفقده كثيرًا من فوائده، نظراً لتأثر المركبات الحساسة بالحرارة العالية. ويؤكد الدكتور العريفي أن الكثير من أنواع العسل في السوق غير مطابقة للمواصفات، وأن بعض المنتجات تعتمد على التسويق أكثر من الجودة، ولذلك يشدد على أهمية شراء العسل من مصادر موثوقة وفحصه في مختبرات معتمدة إن أمكن. ويعتبر أن وعي المستهلك هو خط الدفاع الأول في مواجهة الغش التجاري، وينصح بعدم الانجراف وراء الإعلانات المبالغ فيها. العريفي ألّف كتابًا بعنوان 'أطلس العسل'، يُعد مرجعًا علميًا يوثق خصائص أنواع العسل المختلفة وفوائدها الصحية ويُبرز التفاوت في الجودة بين المنتج النقي والمغشوش.
تهديد جودة العسل
يحذر المهندس صالح الجربوع، رئيس جمعية النحالين بمنطقة القصيم، من تفشي ظاهرة غش العسل في الأسواق السعودية، ويصفها بأنها من أبرز التحديات التي تهدد استقرار هذا القطاع الحيوي، وتضعف ثقة المستهلكين، بل وتسيء إلى سمعة المنتج الوطني في الداخل والخارج. ويشير إلى أن انتشار هذا النوع من الممارسات يرتبط بعدة عوامل، أبرزها ضعف الوعي لدى شريحة كبيرة من المستهلكين، بالإضافة إلى صعوبة التمييز بين العسل الطبيعي والمغشوش، خاصة في ظل التطور الملحوظ في أساليب الغش وطرق التلاعب التي بات بعض الباعة يتقنونها لدرجة قد تُربك حتى المتخصصين في المجال. ويروي الجربوع تجربة شخصية مر بها، تعكس بدقة حجم التحدي، حيث قام بشراء جالون عسل بسعة 28 كيلوغرامًا مقابل 560 ريالًا، ليتضح لاحقًا أن العسل غير طبيعي، بل وتم بيعه بفاتورة غير ضريبية، في مخالفة صريحة تعكس مدى تفشي الغش وتدني مستوى الرقابة في بعض منافذ البيع. هذه الحادثة، رغم بساطتها، تؤكد أن الغش يمكن أن يطال حتى أهل الخبرة، في ظل غياب أدوات فحص دقيقة في الأسواق، وندرة المختبرات المجهزة للكشف عن الغش بطرق علمية معتمدة. ويضيف الجربوع أن المشكلة لا تقتصر على المستهلكين فقط، بل تمتد إلى المختبرات ذاتها، حيث إن بعض أنواع الغش قد لا تُكتشف بسهولة، حتى من خلال التحاليل المخبرية الأولية. فالعسل المغشوش قد يتطابق مع العسل الطبيعي في خصائص مثل اللون والكثافة ونسبة السكريات، مما يصعب عملية كشف التزوير، إلا أن الفحوص الدقيقة التي تركز على المؤشرات الحيوية، مثل نسبة الإنزيمات والمواد الفعالة، قد تكون وحدها القادرة على رصد التلاعب.
المستهلك الحلقة الأضعف
ويؤكد الجربوع أن هذا الغياب للوضوح والدقة يجعل المستهلك الحلقة الأضعف في معادلة السوق، ويفتح الباب أمام انتشار المنتجات المقلدة. ومن هذا المنطلق، يشدد الجربوع على أهمية تكثيف الرقابة وتطوير الأنظمة التنظيمية والفنية التي تحكم سوق العسل، بدءًا من ضبط جودة المعروض، مرورًا بتشديد إجراءات الفحص، ووصولاً إلى رفع مستوى الوعي العام. ويؤكد أن جزءًا كبيرًا من الحل يكمن في التثقيف، سواء للمستهلك أو النحال، مشيرًا إلى أن العسل المحلي يتمتع بجودة عالية ومواصفات عالمية عندما يُنتج ويُسوق وفق الأطر السليمة. لذا فإن دعم النحالين المحليين لم يعد رفاهية، بل ضرورة وطنية لحماية المنتج من الغش وتحفيز المنافسة الشريفة داخل السوق. ويستعرض الجربوع في هذا السياق الدور الذي تلعبه جمعية النحالين في القصيم، موضحًا أنها تسعى لتكون جزءًا من الحل من خلال إطلاق برامج توعوية موجهة للمستهلكين، بالإضافة إلى إقامة ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة للنحالين بهدف تطوير مهاراتهم الفنية وتحسين جودة المنتج. كما تعمل الجمعية على التنسيق مع الجهات المختصة لتطوير البيئة التنظيمية والرقابية لأسواق العسل، وتحسين ظروف البيع، وتعزيز حضور المنتج المحلي في مختلف مناطق المملكة.
ويختتم الجربوع بالتأكيد على أن مواجهة ظاهرة غش العسل تتطلب تكاتفاً واسع النطاق بين جميع أطراف المنظومة؛ من الجهات الرقابية المسؤولة عن ضبط الأسواق، إلى المنتجين الذين يتحملون مسؤولية الحفاظ على جودة ما يُقدم للمستهلك، وصولًا إلى المستهلك نفسه، الذي يجب أن يكون أكثر وعياً وحرصاً في اختياراته. فالعسل السعودي ليس مجرد سلعة غذائية، بل منتج يرتبط بتراث المملكة وهويتها الزراعية، ويستحق أن يُحمى من كل ما يسيء إليه أو يُفقده ثقة السوق.
رقابة علمية صارمة
في ظل تصاعد المطالبات المجتمعية والرقابية بضبط جودة العسل المتداول في الأسواق السعودية، اتخذت الهيئة العامة للغذاء والدواء موقفًا حازمًا مدعومًا بالعلم والمنهجية، مؤكدة أن تقييم جودة هذا المنتج الحيوي لا يمكن أن يتم اعتمادًا على الوسائل التقليدية أو التجارب الشخصية، بل يحتاج إلى أدوات فنية وتحاليل مخبرية دقيقة تعتمد على معايير علمية معترف بها دوليًا. هذا التوضيح يأتي في سياق جدل واسع شهدته الفترة الأخيرة حول انتشار العسل المغشوش في السوق المحلي، وسط تضارب في الآراء والمفاهيم المتداولة بين المستهلكين، حول كيفية التمييز بين العسل الطبيعي النقي، والعسل المضاف إليه سكريات أو المصنّع بطرق تفتقر إلى المصداقية.
وفي مواجهة هذا اللبس الذي تتسبب فيه المفاهيم الشعبية المتوارثة، أكدت الهيئة في تصريحات رسمية أن بعض السمات التي يظن البعض أنها تدل على جودة أو فساد العسل، مثل التبلور أو التجمد عند انخفاض درجات الحرارة، لا يمكن اعتبارها مؤشرات موثوقة أو علمية. فالعسل الطبيعي قد يتبلور أو يتغير قوامه بفعل عوامل مناخية أو أساليب التخزين، دون أن يؤثر ذلك سلبًا على سلامته أو قيمته الغذائية. وقد جاء هذا التصريح في محاولة لتفنيد العديد من الشائعات التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتربط بشكل خاطئ بين القوام أو اللون أو درجة اللزوجة وبين مدى نقاء المنتج، وهي معتقدات تتناقلها الألسن ولا تستند إلى أساس علمي موثوق.
ص
تحاليل مخبرية دقيقة
وفيما يتعلق بمسألة الغش، أوضحت الهيئة أن العلامات الفعلية التي تشير إلى تلاعب في تركيبة العسل لا تُكتشف بالعين المجردة، ولا من خلال الاختبارات المنزلية الشائعة مثل استخدام النشا أو الماء الساخن أو الورق، والتي لا تحمل أي قيمة علمية في كشف الغش. وأكدت أن السبيل الوحيد الموثوق لكشف الغش يكمن في التحاليل المخبرية الدقيقة، التي تُظهر التركيب الكيميائي الحقيقي للعسل، وتكشف مؤشرات رئيسية مثل نسب السكريات الأحادية والمركبة، والأنزيمات الطبيعية، والرطوبة، وغيرها من المركبات الدقيقة التي تعكس مدى طبيعية المنتج وجودته. ولضمان ضبط جودة العسل المعروض في الأسواق، تنفذ الهيئة حملات رقابية وتفتيشية على منافذ البيع بشكل دوري، وتقوم بجمع عينات عشوائية من المنتجات المعروضة لتحليلها في مختبرات متخصصة. وتُجرى هذه التحاليل وفقاً للمواصفات السعودية والخليجية والدولية المعتمدة، لضمان عدم وجود مخالفات تؤثر على صحة المستهلك أو تشكل إخلالاً في معايير الجودة. وتشير تقارير الهيئة إلى أن بعض الأنواع المتداولة لا تستوفي تلك الاشتراطات، ما يستوجب سحبها من السوق أو إعادة تصنيفها وفقًا لمستوى مطابقتها، في خطوة تؤكد جدية الهيئة في فرض رقابة صارمة على هذا القطاع. لكن دور الهيئة لا يقتصر على الرقابة الفنية وسحب المنتجات المخالفة، بل يمتد إلى رفع مستوى وعي المجتمع من خلال نشر محتوى تثقيفي وتوعوي عبر منصاتها الرسمية، يشرح للمستهلكين الفروق الدقيقة بين العسل الطبيعي والمغشوش، ويوضح الطرق العلمية لتقييم الجودة. كما تعمل الهيئة على تعزيز الشراكات مع الجهات المهنية، مثل جمعية النحالين السعوديين، لتطوير منظومة إنتاج العسل بدءًا من النحال وحتى نقاط البيع، عبر تحديث المعايير المعتمدة للإنتاج والتخزين والتسويق، بما يضمن جودة المنتج ومطابقته لأفضل الممارسات العالمية.
منظومة دعم متكاملة
وبينما يعاني النحالون المحليون من ضغط المنافسة غير العادلة مع منتجات مستوردة منخفضة الجودة، ترى الهيئة أن الطريق الأمثل لمواجهة هذا التحدي لا يكمن فقط في تقديم الدعم المالي أو الترويجي للنحالين، بل في بناء منظومة متكاملة تشمل رقابة صارمة على السوق، وتوفير مختبرات تحليل معتمدة في مختلف المناطق، وتقديم خدمات فحص سريعة وموثوقة تساعد في تعزيز الثقة بين المنتج والمستهلك. كما تدعو الهيئة إلى تمكين النحالين من الحصول على شهادات جودة معترف بها محليًا ودوليًا، تسهم في رفع تنافسية المنتج السعودي وتحميه من الغش التجاري.
وفي ختام مواقفها، تؤكد الهيئة العامة للغذاء والدواء التزامها الراسخ بحماية المستهلك السعودي من المنتجات المخالفة أو المغشوشة، وتدعو إلى تعزيز الثقافة الغذائية المبنية على الحقائق العلمية، بعيدًا عن الموروثات المتداولة التي قد تكون مضللة. كما تحث الجميع على التحقق من مصادر شراء العسل، ومراجعة المعلومات الموثوقة، إدراكًا لأهمية هذا المنتج الذي يُعد من الكنوز الغذائية والصحية ذات القيمة العالية، وأحد الموارد الاقتصادية التي تراهن عليها المملكة في سياق رؤيتها الطموحة نحو 2030.
تلاشي الثقة الموعودة
يتحدث عبد الله الغملاس عن تجربة وصفها بالغريبة، حدثت معه أثناء محاولته شراء عسل طبيعي من أحد المحال المعروفة. يقول: "كنت أبحث عن عسل نقي لاستخدامه لأغراض صحية، ودخلت متجراً لفتني فيه إعلان كبير على الواجهة يقول: '100 ألف ريال لمن يثبت أن عسلنا مغشوش'. الإعلان كان يوحي بثقة مطلقة في المنتج، وهذا ما جذبني للدخول. تجولت داخل المحل وسألت البائع عن أفضل الأنواع، فاقترح عسل السدر الجبلي والطلح، مؤكداً أنهما من مصادر برية نقية. اخترت عسل السدر وطلبت نصف كيلو. لكن قبل الدفع، أخبرته بأني سآخذ العينة إلى مختبر معتمد للتحليل. وهنا بدأت الغرابة. فجأة تغيّرت ملامح البائع، وبدأ يبرر بشكل غريب أن التحاليل قد لا تكون دقيقة، وأن المختبرات أحياناً تُخطئ، وأن العسل الطبيعي قد يتغير لونه أو طعمه بسبب التخزين. كل هذا فقط لأنني قررت التحقق من نقاوة المنتج! شعرت أن هناك ما يُخفى، وتساءلت: إذا كان العسل فعلاً بهذه الجودة، فلماذا الخوف من التحليل؟ خرجت دون أن أشتري شيئاً، فالثقة التي حاول الإعلان أن يبنيها، هدمها البائع بكلامه المرتبك وسلوكه المتناقض.
اهتزاز ثقة الشراء
تقول منيرة الدايل، وهي سيدة تهتم بشراء المنتجات الطبيعية لاستخدامها في منزلها، إن ثقتها في العسل المتوفر في الأسواق لم تعد كما كانت في السابق. وتضيف: "كنا في الماضي نشتري العسل من محال معينة أو من باعة معروفين في المناطق الريفية، وكان الطعم والجودة واضحين من أول ملعقة. لكن اليوم، أصبحت الأسواق مليئة بأنواع متعددة، وكل علبة تحمل وعوداً بالجودة والنقاء، ومع ذلك لا يمكن الوثوق بكل ما يُقال. وتتابع: "ما يزيد الشك أن بعض المحال تعرض جوائز ضخمة لمن يثبت أن العسل مغشوش، وهذا بحد ذاته يجعلني أتساءل: لماذا هذا الأسلوب المبالغ فيه؟ إذا كنتم واثقين من منتجاتكم، اتركوها تتحدث عن نفسها. وترى الدايل أن المستهلك أصبح بحاجة إلى وعي أكبر ومعرفة بالطرق الصحيحة لاختبار العسل، وتؤكد أنها أصبحت تعتمد على الشراء من مصادر موثوقة ومجربة فقط. وتختم حديثها قائلة: 'العسل منتج حساس ومهم للصحة، ولا يجب أن ننجرف خلف الدعاية والإعلانات، بل علينا أن نبحث عن الحقيقة بأنفسنا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصر تبحث مع السعودية إعادة فتح الباب لتصدير البصل نظرًا لجودته وسمعته العالمية
مصر تبحث مع السعودية إعادة فتح الباب لتصدير البصل نظرًا لجودته وسمعته العالمية

مباشر

timeمنذ 9 دقائق

  • مباشر

مصر تبحث مع السعودية إعادة فتح الباب لتصدير البصل نظرًا لجودته وسمعته العالمية

القاهرة - مباشر: استقبل علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، الدكتور هشام الجضعي الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية، والوفد المرافق له، بحضور الدكتور طارق الهوبي رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء، والسفير صالح بن عيد الحصيني السفير السعودي بالقاهرة، والمهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة وعدد من قيادات الوزارة. وبحث الاجتماع الموسع، سبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات المتعلقة بالزراعة والغذاء، بما في ذلك تبادل الخبرات والمعلومات حول سلامة الغذاء وجودة المنتجات الزراعية، وتسهيل تبادل وانسياب السلع الزراعية بين البلدين الشقيقين، وفقا لبيان صحفي صادر، اليوم الجمعة. ولفت الوزير المصري، إلى أهمية هذا اللقاء في توطيد العلاقات الاستراتيجية بين مصر والمملكة العربية السعودية، خاصة فيما يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي لكلا الشعبين الشقيقين، فضلًا عن ضمان سلامة الغذاء. كما أعرب "فاروق"، عن تطلعه لتعزيز التعاون المشترك، وتيسير الإجراءات التي من شأنها المساهمة في انسياب حركة السلع والحاصلات الزراعية والغذائية بين البلدين، فضلًا عن إزالة العقبات لإنجاح سبل التعاون المشترك، في كافة المجالات المرتبطة بالأمن الغذائي، والحفاظ على صحة المواطنين. واستعرض وزير الزراعة الجهود التي تقوم بها وزارة الزراعة لضمان جودة الصادرات الزراعية إلى الخارج، وموقف الصادرات الزراعية المصرية إلى المملكة العربية السعودية، والتي تمثل أكثر من 12% من إجمالي الصادرات إلى مختلف دول العالم، حيث تعتبر بذلك المملكة العربية وجهة هامة للصادرات المصرية والتي تغزو حاليًا أكثر من 160 سوقًا على مستوى العالم. وأشار الوزير خلال اللقاء أيضًا إلى القرار السعودي الخاص بوقف استيراد البصل من مصر منذ العام الماضي، لافتًا إلى الجودة العالية والسمعة الطيبة التي يتمتع بها البصل المصري في الأسواق العالمية، كما أن المملكة العربية السعودية تعد من أهم الأسواق التي تستقبل البصل المصري. ومن ناحية أخرى تم استعراض أدوار المعامل المرجعية المعتمدة دوليًا التابعة لمركز البحوث الزراعية، والتي تقوم بدور هام في الكشف عن جودة تلك المنتجات، وإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة لضمان ذلك، باستخدام أحدث الأجهزة والتقنيات المتطورة. وأكد وزير الزراعة أيضًا، على أهمية زيادة فرص الاستثمار الخليجي وخاصة السعودي في مصر بالقطاع الزراعي، وخاصة بعد الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية مؤخرًا لتحسين مناخ الاستثمار الأجنبي، ذلك بالإضافة إلى أن مصر تمتلك العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في هذا القطاع. ومن جانبه، أعرب الرئيس التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء بالمملكة العربية السعودية عن تقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكدًا على حرص المملكة على تعزيز التعاون مع مصر في مختلف المجالات، خاصة فيما يتعلق بسلامة الغذاء والمنتجات الزراعية. وأشار، إلى أهمية التكامل والتنسيق المشترك لضمان أعلى معايير السلامة والجودة الغذائية في المنطقة. وتطرقت المناقشات أيضًا إلى الإجراءات الخاصة بالمنتجات ذات الأصل الحيواني، والجهود التي تقوم بها الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ومعهد بحوث الصحة الحيوانية في ذلك الأمر، كما تم الإشارة إلى اعتماد حوالي 38 منشأة مصرية معزولة للإنتاج الداجني، فضلًا عن أنه يجري حاليًا اعتماد 18 منشأة أخرى، والتصدير منها إلى الخارج. كما بحث الاجتماع أيضًا إمكانيات أن تكون مصر هي المصدر الرئيسي لتصدير السلع والحاصلات الزراعية والمنتجات ذات الأصل الحيواني، إلى المملكة العربية السعودية، نظرًا للسمعة التي تتمتع بها الصادرات الزراعية المصرية، بما يحقق أيضًا التكامل بين البلدين الشقيقين. وفي نهاية الاجتماع تم الاتفاق على تشكيل لجان فنية مشتركة لدراسة المقترحات وسبل تعزيز التعاون المشترك ووضع آليات لتفعيل هذا التعاون في القريب العاجل. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي

تحوّل صناعي في المملكة تقوده "رؤية 2030" وتمكّنه بنية تحتية صناعية متقدمة
تحوّل صناعي في المملكة تقوده "رؤية 2030" وتمكّنه بنية تحتية صناعية متقدمة

صحيفة سبق

timeمنذ ساعة واحدة

  • صحيفة سبق

تحوّل صناعي في المملكة تقوده "رؤية 2030" وتمكّنه بنية تحتية صناعية متقدمة

تشهد المملكة تحولًا تاريخيًّا غير مسبوق، إذ تُعيد رسم ملامح اقتصادها ببوصلة جديدة تقود اتجاهاتها رؤية المملكة 2030، فبينما كان النفط يشكل لعقود طويلة العمود الفقري للاقتصاد الوطني، تتجه المملكة اليوم نحو تنويع مصادر دخلها، وتوفير القيمة المضافة في مختلف القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الصناعي. ولتحقيق تلك المستهدفات تعمل المملكة على تأسيس قاعدة صناعية متينة تنافس عالميًّا، تقوم على توطين الصناعات الإستراتيجية المتقدمة، وتمكين التقنية والمعرفة والابتكار، بالاعتماد على بنية تحتية ذكية ومتطوّرة. وتنفذ هذا التحول الصناعي في المملكة منظومة صناعية متكاملة وشاملة تقودها وزارة الصناعة والثروة المعدنية، يُبنى على مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للصناعة التي تعد المحرك الأساسي للنهضة الصناعية السعودية، التي ظهرت ملامحها جلية في المدن الصناعية والتجمعات المتخصصة المتقدمة في مختلف مناطق المملكة، حيث تركز تلك المدن والتجمعات على قطاعات حيوية كصناعة الطيران، والسيارات، والصناعات الغذائية، والصناعات التعدينية، والبتروكيماويات. وبلغ عدد المدن الصناعية (40) مدينة، كما وصل عدد المصانع إلى (12) ألف مصنع بنهاية عام 2024، مع سعي المملكة إلى الوصول إلى (36) ألف مصنع بحلول عام 2035. ولا تقتصر مستهدفات هذه المدن والتجمعات على التصنيع والإنتاج، بل تعد نواة لمراكز اقتصادية قائمة على الربط الذكي بين مواقع التصنيع والأسواق المحلية والعالمية عبر شبكة من الموانئ الحديثة، وخطوط السكك الحديدية، والطرق البرية المتطورة. وإدراكًا منها لأهمية التنويع الاقتصادي وتطوير القطاعي الصناعي، ضخَّت المملكة استثمارات نوعية لتطوير بنية تحتية متكاملة قوية، عبر بناء مدن صناعية وتجمعات متخصصة، تستهدف رفع القيمة المضافة في الصناعة الوطنية، وتوطين تقنيات التصنيع المتقدمة. وفي هذا السياق، تبرز مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان قطبين رئيسين في قطاع البتروكيماويات العالمي، فيما أصبحت مدينة رأس الخير على سواحل الخليج مركزًا محوريًّا للصناعات التعدينية، وتحتضن مجمعًا لمعادن الألومنيوم، يعد أحد أكبر وأشمل المجمعات الصناعية عالميًّا، بالإضافة إلى إنتاج الفوسفات والمعادن الأخرى. وفي الجنوب الغربي من المملكة، تتقدم مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية بوصفها مركزًا للصناعات الثقيلة والأنشطة كثيفة الاستهلاك للطاقة، إلى جانب الصناعات الغذائية والأنشطة الزراعية. وفي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية "KAEC"، يبرز نموذج صناعي فريد يدمج بين التصنيع واللوجستيات، حيث تضم أحد أكثر الموانئ تطورًا في العالم، مما يعزز مكانتها مركزًا للتجارة العالمية. وفي قلب المملكة، تأتي مدينة سدير للصناعة والأعمال باعتبارها منطقة صناعية ولوجستية متخصصة، تستقطب استثمارات مهمة في الصناعات الدوائية والغذائية والتصنيع الخفيف، وتسهم في تطوير سلسلة الإمداد الوطني. ودعمًا لتنافسية القطاع الصناعي عالميًّا، وتوطين الصناعات الواعدة؛ أطلقت المملكة عددًا من التجمعات الصناعية المتخصصة التي تمثل محاور إستراتيجية لتطوير صناعات المستقبل. ودشنت المملكة في جدة، وتحديدًا في واحة "مدن"، "أيرو بارك الأولى"، التي تُعد أول تجمع متخصص لصناعة وصيانة الطائرات، وتمتد على مساحة (1.2) مليون متر مربع، وتُقام بالتعاون بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية، والهيئة العامة للطيران المدني، بهدف توطين التقنيات المتقدمة وتوفير بيئة استثمارية محفزة لصناعة الطيران، عبر منشآت تصنيع حديثة ومراكز بحث وتطوير متقدمة تركز على مكونات الطائرات، وأنظمة الدفاع والتقنيات الفضائية، معززًا بموقع إستراتيجي قريب من مطار الملك عبدالعزيز الدولي وميناء جدة الإسلامي. ويأتي هذا التوجه في إطار رؤية أشمل تستهدف تحويل المملكة إلى مركز إقليمي وعالمي للنقل الجوي، بقدرة استيعابية تصل إلى (30) مليون مسافر وسعة شحن سنوية تبلغ مليونا طن. وفي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، يأتي مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات ليوفر بيئة ومتكاملة ومحفزة لتصنيع السيارات التقليدية والكهربائية، عبر توطين التقنيات واستقطاب رواد الصناعة العالميين لإنتاج (300) ألف سيارة سنويًّا في مجمع صناعي واحد. ويهدف هذا التجمع إلى جعل المملكة لاعبًا رئيسًا في قطاع التنقل المستدام، من خلال شراكات إستراتيجية مع كبرى الشركات العالمية لتوطين الإنتاج ونقل التقنيات، وتطوير سلاسل الإمداد بشكل متكامل. وأطلقت المملكة عدة تجمعات لصناعة الغذاء تعزز الأمن الغذائي، شملت أكبر تجمع من نوعه في العالم لتصنيع الأغذية بمدينة جدة، يقام على مساحة (11) مليون متر مربع، ويضم (75) مصنعًا بمساحات تصل إلى (107) آلاف متر مربع، ومستودعات ضخمة بمساحة (134) ألف متر مربع. وجرى تطوير هذا التجمع باستثمارات تصل إلى (20) مليار ريال، بهدف دعم الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الواردات، وخفض التكاليف التشغيلية بنسبة تتراوح بين (5و12%)، بفضل تكامل الخدمات والبنية التحتية المتطورة، ويستهدف التجمع استقطاب أكثر من (800 ) مصنع بحلول عام 2035 في (10) أنشطة نوعية ضمن قطاع الصناعات الغذائية، بما يعزز مكانة المملكة في خارطة تصنيع وتصدير الأغذية عالميًّا. وفي شهر أبريل الماضي أطلقت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" مجمعًا صناعيًّا للألبان في المدينة الصناعية بالخرج، الذي يمثل خطوة مهمة في تعزيز الأمن الغذائي للمملكة، ويغطي المجمع مساحة مليون متر مربع؛ يشمل مصانع للألبان والأعلاف، ومرافق للتعبئة والتغليف، ووحدات للتخزين، ويوفر المجمع الجديد بيئة إنتاج صناعي مستدامة ومتكاملة تضم مصانع جاهزة ومستودعات للتبريد. ويشكل إنتاج محافظة الخرج من الألبان (70%) من إنتاج المملكة، ويُلبي الطلب في الأسواق المحلية والإقليمية. وفي مجال البنية التحتية اللوجستية تلعب الموانئ والسكك الحديدية دورًا محوريًّا في دعم هذه التحولات الصناعية، حيث يواصل ميناء جدة الإسلامي أداءه بصفته أهم منفذ للصادرات والواردات الغذائية، بينما يعزز ميناء الملك عبدالله موقعه في خدمة الصناعات عالية القيمة، ويمثل ميناء رأس الخير منفذًا مهمًا لصادرات المعادن، في حين يخدم ميناء جازان المدينة الصناعية ويسهل الصادرات نحو القارة الأفريقية. إلى جانب ذلك، يمثل خط الشمال - الجنوب أحد أهم مشروعات السكك الحديدية في المملكة، حيث يربط مناطق التعدين بالمدن الصناعية والموانئ، فيما يجري الإعداد لمشروع الجسر البري الذي يُعد من أكثر المشروعات طموحًا، إذ سيربط البحر الأحمر بالخليج العربي، ويعزز من دور المملكة ممرًا رئيسيًا للتجارة الإقليمية والدولية. ولا يُمثل التحول الصناعي في المملكة مجرد إستراتيجية، بل رؤية بدأ تنفيذها على أرض الواقع، من مصانع تتبنى أحدث التقنيات، وتجمعات صناعية متخصصة في الصناعات المتقدمة مثل الطيران والغذاء والسيارات، حيث تعمل المملكة بوتيرة متسارعة على بناء اقتصاد يتكئ على المعرفة والابتكار، يقوم على بنية تحتية متقدمة وخطط نمو متكاملة. وبفضل منظومة متكاملة - تشمل موانئ عصرية، وشبكة نقل حديثة، وحوافز استثمارية ذكية - تواصل المملكة استقطاب الاستثمارات النوعية المحلية والعالمية، وتعزيز بيئة أعمال تنافسية تسهم في تمكين تلك الاستثمارات، توفر القيمة المضافة منها في القطاع الصناعي. ومع التقدم المتواصل في تنفيذ مستهدفات رؤية السعودية 2030، تتجه المملكة نحو موقع متقدم على خارطة الصناعة العالمية، لتتحول إلى قوة صناعية رائدة عالميًّا، تُنتج، وتُبدع، وتُصدٍّر، حيث إن ما تشهده المملكة ليست مجرد مرحلة انتقالية لقطاعها الصناعي، بل ثورة صناعية سعودية شاملة، تحكي قصة وطن اختار أن يصنع مستقبله بسواعد أبنائه؛ ليثبت أن الرؤية حين تتحول إلى تنفيذ، يصبح الطموح واقعًا يُبنى عليه الغد.

هاربون من "الضجيج الرقمي" يقفزون بواردات الهواتف التقليدية في السعودية 210%
هاربون من "الضجيج الرقمي" يقفزون بواردات الهواتف التقليدية في السعودية 210%

الاقتصادية

timeمنذ 2 ساعات

  • الاقتصادية

هاربون من "الضجيج الرقمي" يقفزون بواردات الهواتف التقليدية في السعودية 210%

رغم استقرار واردات السعودية من الهواتف التقليدية "غير الذكية" في 2024 ووصولها إلى 884 ألف جهاز مستورد، وهو مقارب جدا للعام السابق عند 890 ألف جهاز بحسب بيانات رسمية حصلت عليها " الاقتصادية" من الهيئة العامة للإحصاء إلا أن هذا الاستقرار يأتي بعد قفزة نوعية في استيراد هذه الجوالات. وظهرت القفزة في العامين الماضيين، ففي 2024 صعد استيراد هذه الأجهزة 210%، مقارنة بعام 2022 وحينها لم تتجاوز الأجهزة المستوردة 285 ألف جهاز فقط. تبرز هذه الزيادة نموا بنسبة أكثر من الضعف في حجم الواردات خلال عامين، ما يشير إلى تغيرات محتملة في أنماط الطلب أو توجهات السوق، سواء لأغراض الاستخدام المؤسسي، أو لشرائح معينة من المستهلكين مثل العمالة الوافدة أو كبار السن، وفي ظل تصاعد وتيرة الابتكار في صناعة الهواتف الذكية، حيث تتسابق الشركات العالمية على تقديم شاشات مطوية، وعدسات احترافية، وتقنيات ذكاء اصطناعي مدمجة، تسجل السوق سلوكا معاكسا من فئة من المستخدمين من حيث عودة تدريجية لكنها ملحوظة للهواتف التقليدية "الجوال"، وفقا لمختصين تحدثوا لـ"الاقتصادية". هذاه الزيادة في أعداد الأجهزة المستوردة شهدت مفارقة تراجع القيمة السعرية لهذه الأجهزة، حيث بلغ قيمة ما استوردته السعودية من الهواتف التقليدية في 2022 أكثر من 301 مليون ريال ، في حين بلغت 108ملايين ريال و73 مليون ريال في العامين 2023 و 2024 على التوالي. وأرجع مختصون في قطاع التقنية والاتصالات، ارتفاع أسعار الهواتف التقليدية في 2022 ، رغم انخفاض أعدادها إلى العرض المحدود نتيجة توقف أو تقليص عدد من الشركات المصنعة لإنتاج هذه الهواتف لصالح الهواتف الذكية، إضافة إلى مشكلات في سلاسل الإمداد العالمية بعد جائحة كورونا نتج عن ذلك ارتفاع في الأسعار انخفاض الإنتاج، والتركيز على إنتاج الهواتف الذكية ما أوجد ندرة نسبية في الهواتف التقليدية رغم ندرة استخدامها . بعد استقرار سلاسل الإمداد العالمية بعد جائحة كورونا الجائحة حدثت وفرة في المواد الخام وتحسن تكاليف الشحن الدولي أدى إلى انخفاض تكاليف الإنتاج تدريجيا، وظهرعلى أسعار التجزئة ، كما أن عودة الشركات لإنتاج أجهزة جديدة من الفئة نفسها استجابة للطلب النسبي على الهواتف التقليدية خاصة الشركات الصينية، فأصبحت الأجهزة الجديدة متاحة بسعر أرخص من الأجهزة التقليدية، وبتقنيات محسنة . التوجه نحو أجهزة الهواتف التقليدية لم يعد مجرد حنين إلى أجهزة مثل "نوكيا 3310" أو "موتورولا رازر"، بل يظهر تحولا سلوكيا لدى شريحة من المستخدمين الباحثين عن "الهدوء الرقمي". هكذا قال علي البلوي، موظف في قطاع التعليم، قرر شراء هاتف نوكيا بـ250 ريال فقط عبر موقع إلكتروني، معللا: "أردت جهازا يرن فقط حين يتصل أحدهم بي، لا أكثر ." فهد السعد، مختص في قطاع الاتصالات أشار إلى أن بعض الشركات أعادت إحياء طرازات قديمة من الهواتف التقليدية مع تعديلات بسيطة مثل دعم شبكات الجيل الرابع أو إضافة كاميرا أساسية استجابة لطلب متزايد، ولا سيما من فئة كبار السن وأولياء الأمور الباحثين عن هواتف آمنة للأطفال . الطلب لا يرتكز فقط على الحنين، بل هناك دوافع عملية تتمثل في عمر بطارية طويل، بساطة الاستخدام، وسعر منخفض، حسب ما قاله يوسف الحربي، أحد المستخدمين لأجهزة الهاتف التقليدية، ورغم تراجع الاعتماد على شبكات الجيل الثاني عالميا، فإن شركات الاتصالات السعودية لا تزال تحتفظ بالبنية التحتية التي تدعم هذه الأجهزة، مستهدفة شرائح لا تزال تعتمد عليها مثل كبار السن وسكان المناطق الريفية والنائية . ويقول ضاحي الشمري، صاحب محل لبيع الهواتف، أن أجهزة الهواتف التقليدية لا تزال تلقى رواجا، فهناك من يرى في الرنين البسيط والرسالة النصية الناقصة نوعا من الرفاهية النفسية في زمن "الضجيج الرقمي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store