logo
«أمازون» تتحدى إيلون ماسك بأقمار «كويبر» لمنافسة «ستارلينك»

«أمازون» تتحدى إيلون ماسك بأقمار «كويبر» لمنافسة «ستارلينك»

عكاظ٢٩-٠٤-٢٠٢٥

تابعوا عكاظ على
دخلت «أمازون» رسمياً سباق الإنترنت الفضائي بإطلاق أول دفعة من أقمارها الصناعية ضمن مشروع «كويبر»، لتوفير إنترنت عالي السرعة عبر الأقمار الصناعية.
يهدف المشروع، الذي تبلغ تكلفته 10 مليارات دولار، إلى منافسة «ستارلينك» التابعة لشركة «سبيس إكس»، التي تهيمن حالياً على سوق الإنترنت منخفض المدار الأرضي.
ومع إطلاق 27 قمراً صناعياً من فلوريدا، تسعى «أمازون» لسد الفجوة الرقمية وتقديم خدمة إنترنت موثوقة للمناطق النائية والمؤسسات حول العالم.
وأطلقت «أمازون» أول دفعة من أقمار «كويبر»، وهي 27 قمراً صناعياً، على متن صاروخ «أطلس V» التابع لشركة يونايتد لونش ألاينس (ULA) من قاعدة كيب كانافيرال الفضائية في فلوريدا.
كان الإطلاق، الذي تأخر من 9 أبريل بسبب سوء الأحوال الجوية، قد تم بنجاح في الساعة 7 مساء (الإثنين) بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وفقاً لبث مباشر من ULA.
هذه الأقمار هي الخطوة الأولى في بناء كوكبة تضم 3236 قمراً صناعياً في مدار أرضي منخفض (LEO) على ارتفاع 392 ميلاً (630 كيلومتراً)، تسافر بسرعة 17000 ميل في الساعة، وتدور حول الأرض كل 90 دقيقة تقريباً.
مشروع «كويبر» الذي أُعلن عنه في 2019، يهدف إلى تقديم إنترنت عالي السرعة ومنخفض التأخير للأفراد، الشركات، والحكومات، خصوصاً في المناطق التي تفتقر إلى البنية التحتية التقليدية.
وفقا لـ«أمازون»، سيبدأ تقديم الخدمة التجارية للعملاء لاحقاً هذا العام، بمجرد نشر 578 قمراً صناعياً، مع التزام الشركة بإطلاق نصف الكوكبة (1618 قمراً) بحلول يوليو 2026، وفقاً لاشتراطات لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC).
أخبار ذات صلة
وتتميز أقمار «كويبر» بتقنيات متقدمة، بما في ذلك هوائيات المصفوفة الطورية، وأنظمة الدفع الكهربائية، وروابط بصرية بين الأقمار الصناعية، كما تم طلاؤها بفيلم عاكس كهربائي فريد يقلل من انعكاس ضوء الشمس، ما يحد من التأثير على المراصد الفلكية.
وتقدم «أمازون» ثلاثة أنواع من أجهزة الاستقبال الأرضية: جهاز محمول بحجم سبع بوصات بسرعة تصل إلى 100 ميغابت/ثانية، وجهاز منزلي بحجم 11 بوصة بسرعة تصل إلى 400 ميغابت/ثانية، وجهاز تجاري بسرعة تصل إلى 1 غيغابت/ثانية.
وتخطط «أمازون» لإنتاج هذه الأجهزة بتكلفة أقل من 400 دولار، ما يجعلها منافسة لأجهزة «ستارلينك».
وتواجه «أمازون» تحدياً كبيراً أمام «ستارلينك»، التي أطلقت أكثر من 7000 قمر صناعي ولديها أكثر من 5 ملايين مستخدم في 125 دولة، ومع ذلك، يرى جيف بيزوس، رئيس مجلس إدارة «أمازون»، أن هناك طلباً لا نهائياً على الإنترنت، مشيراً إلى إمكانية نجاح كلا الخدمتين.
ولنشر كوكبتها، حصلت «أمازون» على 80 عملية إطلاق مع شركاء مثل ULA، أريان سبيس، بلو أوريغين، وحتى سبيس إكس، على الرغم من المنافسة بين بيزوس وإيلون ماسك.
وتخطط ULA لإطلاق ما يصل إلى خمس بعثات إضافية لـ«كويبر» هذا العام، كما أكدت «أمازون» أنها ستبدأ اختبارات تجارية للشركات في وقت لاحق من 2025، مع إتاحة الخدمة للأفراد تدريجياً.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أوبك تتوقع تباطؤ نمو إمدادات النفط من منافسيها في 2025
أوبك تتوقع تباطؤ نمو إمدادات النفط من منافسيها في 2025

سعورس

timeمنذ 2 ساعات

  • سعورس

أوبك تتوقع تباطؤ نمو إمدادات النفط من منافسيها في 2025

وحافظت أسعار النفط على انخفاضها السابق بعد تقرير منظمة أوبك، حيث تم تداول خام برنت القياسي العالمي عند أقل بقليل من 66 دولارًا للبرميل. في 5 مايو، استقر خام برنت عند مستوى يقارب 60 دولارًا أمريكيًا، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2021. في التقرير، توقعت أوبك انخفاض الاستثمار في الاستكشاف والإنتاج خارج أوبك + في عام 2025 بنحو 5 % على أساس سنوي. وفي عام 2024، ارتفع الاستثمار بنحو 3 مليارات دولار على أساس سنوي ليصل إلى 299 مليار دولار، وفقًا للمنظمة. وأشار التقرير إلى أن "التأثير المحتمل على مستويات الإنتاج في عامي 2025 و2026 لانخفاض استثمارات النفط في عمليات الاستكشاف والإنتاج سيشكل تحديًا، على الرغم من تركيز الصناعة المستمر على تحسين الكفاءة والإنتاجية". في حين أنه من المتوقع أن تقود الولايات المتحدة نمو العرض، تتوقع أوبك ارتفاع إجمالي إنتاج النفط بنحو 300 ألف برميل يوميًا هذا العام. وفي الشهر الماضي، توقعت نموًا قدره 400 ألف برميل يوميًا. وأبقت أوبك على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير في عامي 2025 و2026، بعد تخفيضات الشهر الماضي، مشيرةً إلى تأثير بيانات الطلب في الربع الأول والرسوم الجمركية. وأضافت أوبك: "تشير اتفاقية التجارة التي مدتها 90 يومًا بين الولايات المتحدة والصين إلى إمكانية إبرام اتفاقيات أكثر استدامة، مما يدعم على الأرجح تطبيع تدفقات التجارة، ولكن بمستويات تعريفات جمركية مرتفعة محتملة مقارنةً بتصعيدات ما قبل أبريل". كما وجد تقرير أوبك أن إنتاج النفط الخام من قِبل مجموعة أوبك + الأوسع نطاقًا انخفض في أبريل بمقدار 106 آلاف برميل يوميًا ليصل إلى 40.92 مليون برميل يوميًا، ويعزى ذلك جزئيًا إلى انخفاض إنتاج كازاخستان، التي تتعرض لضغوط لتعزيز التزامها بحصص أوبك +. وكان انخفاض إنتاج كازاخستان، الذي تجاوز باستمرار هدف أوبك +، الأكبر في أوبك +، والذي بلغ 41 ألف برميل يوميًا، على الرغم من أن البلاد لا تزال أعلى بكثير من حصتها في أوبك +. وأظهر التقرير أن دولًا أخرى، منها إيران وليبيا ونيجيريا، خفضت إنتاجها. وكان من المقرر أن ترفع أوبك + إنتاجها في أبريل، وفي مايو ويونيو بأكثر مما كان مخططًا له في الأصل، كجزء من خطة لإنهاء أحدث تخفيضات في الإنتاج، والتي وُضعت لدعم السوق. وفي تحركات أسعار النفط الخام، انخفضت قيمة سلة أوبك المرجعية، في أبريل، بمقدار 5.02 دولار، أو 6.8%، على أساس شهري، ليصل متوسط سعرها إلى 68.98 دولار للبرميل. وانخفض عقد برنت في بورصة إنتركونتيننتال في لندن للشهر الأول بمقدار 5.01 دولارات، أو 7.0 %، على أساس شهري، ليصل متوسط سعره إلى 66.46 دولارا للبرميل، وانخفض عقد غرب تكساس الوسيط في بورصة نايمكس في نيويورك للشهر الأول بمقدار 4.98 دولارات، أو 7.3 %، على أساس شهري، ليصل متوسط سعره إلى 62.96 دولارا للبرميل. وانخفض عقد عُمان في بورصة جي إم إي للشهر الأول بمقدار 4.65 دولارات، أو 6.4 %، على أساس شهري، ليصل متوسط سعره إلى 67.85 دولارا للبرميل. في الوقت نفسه، تقلص فارق سعر خام برنت في بورصة إنتركونتيننتال في لندن للشهر الأول بمقدار 3 سنتات أمريكية، على أساس شهري، ليصل متوسط سعره إلى 3.50 دولارات للبرميل. وشهدت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط في بورصة نايمكس، وخام عُمان مزيدًا من القوة خلال شهر أبريل، على أساس شهري، مع تحول فروق أسعار أقرب شهر إلى اتجاه تنازلي أقوى، مما يعكس تفاؤل المتداولين بشأن آفاق السوق على المدى القصير. في الاقتصاد العالمي، يواصل الاقتصاد العالمي تحقيق نمو مطرد على الرغم من التطورات الأخيرة المتعلقة بالرسوم الجمركية. وقد تم تخفيض توقعات النمو الاقتصادي العالمي لعام 2025 بشكل طفيف إلى 2.9 %، إلا أن توقعات النمو لعام 2026 لا تزال عند 3.1 %. وفي أعقاب تراجع النمو الاقتصادي الذي شهدناه في الربع الأول من عام 2025، خُفِّضت توقعات النمو الاقتصادي الأمريكي إلى 1.7 % لعام 2025 و2.1% لعام 2026. وظلت توقعات النمو الاقتصادي الياباني دون تغيير عند 1 % لعام 2025 و0.9 % لعام 2026. ونظرًا للأداء الأفضل من المتوقع في الربع الأول من عام 2025، رُفِعَت توقعات النمو الاقتصادي لمنطقة اليورو لعام 2025 بشكل طفيف إلى 1 %، لكنها بقيت عند 1.1 % لعام 2026. أما توقعات النمو الاقتصادي للصين لعامي 2025 و2026، فقد ظلت دون تغيير عند 4.6 % و4.5 % على التوالي. وبالمثل، ظلت توقعات النمو الاقتصادي للهند دون تغيير عند 6.3 % لعام 2025 و6.5 % لعام 2026. وظلت توقعات النمو الاقتصادي للبرازيل دون تغيير عند 2.3 % لعام 2025 و2.5% لعام 2026. كذلك، ظلت توقعات النمو الاقتصادي لروسيا لعامي 2025 و2026 دون تغيير عند 1.9 % و1.5% على التوالي. في توجهات الطلب العالمي على النفط، من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط في عام 2025 بمقدار 1.3 مليون برميل يوميًا، على أساس سنوي، دون تغيير عن تقييم الشهر الماضي. وأُجريت بعض التعديلات الطفيفة في الربع الأول من عام 2025، ويعود ذلك أساسًا إلى استلام البيانات الفعلية. وفي دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط بنحو 0.1 مليون برميل يوميًا، بينما من المتوقع أن يرتفع الطلب من الدول غير الأعضاء بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا في عام 2025. وفي عام 2026، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمقدار 1.3 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي، دون تغيير أيضًا عن تقييم الشهر الماضي. ومن المتوقع أن ينمو الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنحو 0.1 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي في عام 2026، بينما من المتوقع أن يرتفع الطلب من الدول غير الأعضاء بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا على أساس سنوي.

«عاهات الاشتراكية» أم «عاهات الرأسمالية»؟ تضليل اقتصادي برعاية غرفة تجارة دمشق
«عاهات الاشتراكية» أم «عاهات الرأسمالية»؟ تضليل اقتصادي برعاية غرفة تجارة دمشق

قاسيون

timeمنذ 3 ساعات

  • قاسيون

«عاهات الاشتراكية» أم «عاهات الرأسمالية»؟ تضليل اقتصادي برعاية غرفة تجارة دمشق

إلى جانب سكوللاند، اعتلى المنصة كل من رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، عصام الغريواتي، الذي أكد أن هذه اللقاءات «تمثل ركيزة أساسية في مسيرة التعافي الاقتصادي والانفتاح نحو مستقبل أكثر إشراقاً»، ومستشار وزير الاقتصاد والصناعة، مازن الديروان، وهو صاحب التصريحات الأخيرة، التي لاقت استهجاناً واسعاً داخل البلاد، حول ضرورة أن تتخلى الدولة السورية بالكامل عن دورها في إدارتها للاقتصاد وأن يتم بيع القطاع العام السوري بالكامل. ألقى الديروان مداخلة افتتاحية، عرف فيها المحاضرة الضيفة، وأشار إلى أن «التجربة الصينية في الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر» تُعد واحدة من أبرز النماذج العالمية الجديرة بالدراسة والتأمل، ودعا للتسريع في عملية «التحول نحو اقتصاد السوق» في سورية، واصفاً السياسات الاقتصادية لنظام الأسد بأنها «عاهات الاشتراكية التي كبلت الاقتصاد السوري». بدورها، تمحورت محاضرة سكوللاند التي تضمنت الكثير من الحديث عن «تجربتها» و«انطباعاتها» الشخصية خلال فترة حياتها في الصين، على ثلاث أفكار أساسية يمكن اعتبارها نقاط انطلاق في تحليلها عموماً: أولاً، أن الصين انتقلت من نظام شيوعي إلى نظام رأسمالي صرف يعتمد اقتصاد السوق الحر. ثانياً، أن الصين «تخلت عن نموذجها الاقتصادي المركزي الصارم». ثالثاً، أن انتشال الصينيين من الفقر جاء بفضل «التخلي الصيني» عن هذا النموذج. وهي الأفكار الثلاث التي سنحاول التطرق لها بإيجاز في هذا المقال. هل الصين «دولة رأسمالية صرفة»؟ يختلف النموذج الاقتصادي الصيني عن الرأسمالية - التي تُعتبر في جوهرها سعياً دائماً نحو الربح الأقصى - في جوانب أساسية عدة، حيث تلعب المؤسسات المملوكة للدولة، والتي بلغ عددها 867,000 ومثلت نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2020، دوراً مركزياً في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، مع إعطاء الأولوية للأهداف الوطنية الاجتماعية على الربح. وعلى عكس الاقتصادات الرأسمالية، تحدد الخطط الخمسية الصينية، مثل الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021-2025)، الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، وتوجه الموارد لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأجل بدلاً من المكاسب المالية قصيرة الأجل. وهذا يتناقض جذرياً مع الاقتصادات الرأسمالية، حيث يتحكم السوق بقرارات الاستثمار. ويتضمن نهج الصين في تنظيم الاقتصاد تدخلاً حكومياً كبيراً لضمان الاستقرار الاجتماعي، ما يتعارض مع مبدأ السعي نحو الربح الأقصى في الرأسمالية. بالإضافة إلى ذلك، إذا نظرنا إلى ضوابط رأس المال والقيود على الاستثمار الأجنبي في الصين، نجد أنها تُعاكس النموذج النظري الصافي لاقتصاد السوق الحر. في الواقع، يعطي النموذج الاقتصادي الصيني الأولوية للأهداف الاستراتيجية والاجتماعية على الربح الأقصى، ما يبيّن انحرافاً جذرياً عن المبادئ الرأسمالية. ومن الأمثلة الأولية على ذلك: أولاً: شبكة السكك الحديدية عالية السرعة في الصين، والتي امتدت لأكثر من 40,000 كيلومتر في عام 2023، وتطلّب إنجازها استثمارات حكومية ضخمة مع خسائر مالية أولية. وكان الهدف تعزيز الربط، وتنشيط الاقتصادات المحلية، ودعم التنمية طويلة الأجل، وليس الربح الأقصى الفوري. ثانياً: مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقت في عام 2013، وشملت مليارات الدولارات على شكل قروض واستثمارات في مشاريع البنية التحتية في آسيا وأفريقيا وأوروبا. ورغم أن هذه المشاريع انطوت على مخاطر مالية كبيرة، إلا أن الصين استمرت فيها في سبيل ربط الاقتصادات المعنية. ثالثاً: في عام 2022، استثمرت الصين 546 مليار دولار في الطاقة النظيفة، وهو ما يعادل نحو نصف الإنفاق العالمي على الطاقة منخفضة الكربون، وذلك لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. وشمل ذلك تشغيل قدرة طاقة شمسية كهروضوئية في عام 2023 تعادل ما أنجزه العالم كله في عام 2022، وكان هذا مدفوعاً بأهداف بيئية وإنمائية بدلاً من الأرباح قصيرة الأجل. رابعاً: خلال الأزمة المالية العالمية 2008، وبعدها في جائحة كورونا 2020، قدمت الصين نموذجاً مختلفاً تماماً عما جرى في الاقتصادات الرأسمالية التي أعطت الأولوية لمصالح الشركات في تخفيض التكاليف من خلال عمليات تسريح الموظفين. حيث وجهت المؤسسات المملوكة للدولة في الصين للحفاظ على مستويات التوظيف، حتى على حساب تقليل الأرباح والنمو، وذلك لضمان الاستقرار الاجتماعي. الخلاصة أنه من الصحيح أن الصين اعتمدت إلى إصلاح نموذجها الاقتصادي وفتحت مجالاً للسوق منذ عام 1978، لكن نموذجها ظلّ متميزاً عن الأنظمة الرأسمالية أو أنظمة السوق المفتوح بسبب الدور الواسع للدولة في الحياة الاقتصادية، والتركيز على الأهداف الاستراتيجية الضامنة للاستقرار الاجتماعي ومعيشة الناس. باختصار، الربح في الصين مُرحب به ضمن حدود خدمة أهداف النمو الاقتصادي، لكن عندما يتعارض الربح مع أولويات مثل توسيع البنى التحتية أو الحفاظ على البيئة أو القضاء على الفقر، يتنحى الربح جانباً. هل تخلت الصين عن النموذج الاقتصادي المركزي المخطط؟ يتسم النموذج الاقتصادي الصيني بشكل جوهري بالتخطيط المركزي، سواء في نماذجه السابقة خلال القرن العشرين، أو في صيغته المعاصرة المعروفة باسم «اقتصاد السوق الاشتراكي» الذي يُعبّر عنه رسمياً بشكلٍ صريح بوصفه تمهيداً أو «مرحلة أولية» لتطوير الاشتراكية. إلا أن هذا التخطيط لا يقتصر على الإدارة التقنية للشؤون الاقتصادية، بل يشمل أيضاً التزاماً رسمياً بتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه للمواطنين. ففي الممارسة، يعني الاقتصاد المخطط في الصين أن الدولة تلعب دوراً توجيهياً في كل نتيجة اقتصادية كبرى، بدءاً من تحديد أهداف النمو الاقتصادي، ووصولاً إلى إعادة توزيع الثروة بين المناطق والطبقات الاجتماعية. يلاحظ الباحث الاقتصادي الفرنسي، ريمي هيريرا، أن النظام الاقتصادي الصيني يستند إلى «تخطيط قوي ومُحدَّث» وإلى إطار سياسي يتيح «خيارات جماعية» في السياسات الاقتصادية. وهذا يعني عملياً أن الحكومة تتدخل بانتظام في الأسواق، حيث توجه الإنفاق إلى القطاعات الإنتاجية وتُدير أسعار الصرف وتدفقات رأس المال، وتحدِّد اتجاهات الاستثمار وفق أولوياتها. ولا تزال الدولة الصينية تحتفظ بالحصص الأكبر في البنوك والشركات الكبرى، ما يسمح لها بتوجيه النتائج الاقتصادية. بالتالي، فإن «الاقتصاد المخطط» الصيني اليوم هو مزيج من النشاط السوقي والتوجيه الحكومي، وهو نموذج هجين وفريد حيث يرسم التخطيط المسار وتُستخدم الأسواق كأداة لجرّ العربة في الاتجاه الضروري اجتماعياً. فعلياً، تتدخل الدولة بشكل مباشر لتوزيع فوائد النمو الاقتصادي ومنع التفاوت الشديد في توزيع الثروة. من الأمثلة الأساسية على هذا التدخل هو إعادة توزيع الثروة بين المناطق المختلفة. فالمخططون الصينيون يعيدون توزيع الثروة من المقاطعات الساحلية الغنية إلى المناطق الداخلية الفقيرة من خلال التحويلات المالية وبرامج «التوأمة والمساعدة»، حيث تُربط المدن المزدهرة في الشرق بمقاطعات أقل نمواً في الغرب لتقديم الدعم والاستثمار والخبرة، وهي مبادرة تضامنية تنظمها الدولة ولا نظير لها في أنظمة «اقتصاد السوق الحر». تُحدد الحكومة الصينية أهدافاً عامة، مثل نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي، أو سقف معدل التضخم، أو هدف خفض الفقر، أو الحد من كثافة استهلاك الطاقة، وتستخدم أدوات التخطيط للتأثير في النتائج. وبدلاً من فرض ما تنتجه كل منشأة، قد تقرر بكين مثلاً أن الصناعات التكنولوجية يجب أن تُشكّل 10% من الناتج المحلي بحلول عام معين، ثم توجّه البنوك والجامعات والشركات لحشد الموارد نحو هذا القطاع من خلال الدعم والتمويل البحثي. كذلك يسمح النظام المخطط في الصين بتعبئة الموارد لإنجاز مشاريع كبرى ذات قيمة اجتماعية. سواء كان الأمر يتعلق ببناء شبكة سكك حديدية عالية السرعة على مستوى البلاد، أو تنفيذ مبادرة «الحزام والطريق»، أو إطلاق حملات الصحة العامة (كما حدث في الاستجابة المركزية السريعة لتفشي كورونا في ووهان). كيف جرى انتشال الصينيين من الفقر المدقع؟ شهدت الصين خلال العقود الأربعة الماضية تحولاً اجتماعياً غير مسبوق: فقد خرج نحو 800 مليون شخص من دائرة الفقر المدقع. ولم يكن هذا التحول، من بلد كان معظم سكانه يعيشون بأقل من دولارين يومياً في أوائل الثمانينيات إلى اقتصاد من الشريحة العليا من الدخل المتوسط اليوم، نتيجة للتحول نحو «اقتصاد السوق الحر»، بل جاء بفعل سياسات وتدخلات حكومية هدفت إلى تخفيف الفقر واستخدمت أدوات الاقتصاد المخطط لمصلحة القوى المنتجة. ووفقاً للبنك الدولي، فقد انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر الدولي (1.90 دولار في اليوم) في الصين بنحو 800 مليون مواطن بين عامي 1981 و2021. وبذلك ساهمت الصين - وحدها - بنحو ثلاثة أرباع جميع من خرجوا من الفقر المدقع في العالم خلال تلك الفترة. وبالمناسبة، تستخدم خط فقر وطني أكثر صرامة من خط الفقر الدولي، ووفقاً لهذا الخط، تم إخراج نحو 770 مليون شخص من الفقر في 40 عاماً. تشير مؤشرات التنمية البشرية إلى عمق هذا التغير: فقد ارتفع متوسط العمر المتوقع في الصين من نحو 66 عاماً عام 1978 إلى 78 عاماً بحلول عام 2020، كما أصبحت الأمية شبه معدومة بفضل توسيع فرص التعليم. وقد سجلت الأمم المتحدة أن الصين هي الدولة الوحيدة التي انتقلت من فئة «التنمية البشرية المنخفضة» في 1990 إلى «التنمية البشرية العالية» خلال بضعة عقود فقط. وفي عام 2020، أعلنت الصين رسمياً أنها قضت على الفقر المدقع في الأرياف، وحققت بذلك الهدف الأول من «أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030» قبل عشر سنوات من الموعد. كانت الدفعة الأخيرة في مسيرة القضاء على الفقر في الصين حملة «التخفيف المخطط للفقر» بين عامي 2013 و2020، والتي تُعد نموذجاً حياً لتطبيق الاقتصاد المخطط بقيادة الدولة على الأرض. فقد أعلن الرئيس الصيني الهدف الطموح المتمثل في القضاء التام على الفقر المدقع في الريف بحلول عام 2020، وجعل من هذه المهمة محوراً أساسياً. لتحقيق هذا الهدف، اتبعت الحكومة نهجاً دقيقاً: أنشأت قاعدة بيانات وطنية تضم كل فرد وأسرة فقيرة في البلاد، مع توثيق الأسماء والاحتياجات. وجاب ملايين الموظفين القرى لإجراء مسح شامل حول الدخل والظروف المعيشية. وبحلول عام 2014، كانت الحكومة قد سجّلت 89.9 مليون فقير ضمن 29.5 مليون أسرة، موزعين على 128 ألف قرية و832 محافظة فقيرة، وهي الأرقام التي شكّلت لاحقاً مرجعية التنفيذ والتقييم. وكانت التدخلات متنوعة ومصممة حسب الحاجة: في بعض الحالات تم تقديم قروض صغيرة أو منح لإطلاق مشاريع مثل تربية الحيوانات أو افتتاح محلات تجارية. وفي حالات أخرى، تم تدريب الأفراد أو توفير وظائف في المصانع القريبة. ولعبت البنية التحتية دوراً كبيراً: فشُقّت طرق جديدة لربط القرى النائية، ووُفِّرت مساكن آمنة لمن يعيشون في بيوت متهالكة. ونُقل نحو 10 ملايين شخص من مناطق غير صالحة للحياة، مثل الجبال المعرضة للانهيارات أو الصحارى القاحلة، إلى بلدات وأحياء جديدة مجهزة بالخدمات. وتضمنت عملية النقل منح العائلات مساكن حديثة وفرص عمل بديلة، ومولت الدولة هذه العمليات بالكامل، بمساهمة من مقاطعات غنية تولّت رعاية بعض هذه المجتمعات الجديدة. ماذا عن سورية؟ في ضوء ما كُشف عنه في التجربة الصينية من قدرة الدولة على توجيه الاقتصاد نحو أهداف اجتماعية وإنمائية كبرى، يبرز التساؤل: هل يصلح تبني اقتصاد السوق الحر في سورية ما بعد الحرب؟ الإجابة ببساطة: لا. بل إن هذا النموذج، إذا ما طُبق سيكون وصفة لتعميم الفقر، وتعميق التهميش، وتعطيل النمو الاقتصادي. اقتصاد السوق الحر الذي يجري الترويج له في سورية اليوم مطابق لوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، ويقوم على مجموعة من المبادئ المدمرة: تحرير الأسعار، خصخصة القطاع العام، تقليص دور الدولة في العملية الاقتصادية، فتح الأسواق أمام رأس المال الأجنبي. ورغم أن هذه المبادئ قد تبدو «حديثة» في ظاهرها، إلا أنها كارثية في سياق بلد منهك وممزق اجتماعياً، ويعاني من غياب المؤسسات، ولا وجود لشبكات أمان اجتماعي. فتح السوق في هذه الظروف ليس انفتاحاً على الفرص، بل انكشافاً أمام النهب المنظم والاحتكار والإفساد، وهو ما شهدنا نتائجه بفعل سياسات سلطة الأسد التي روجت لهذا النموذج طويلاً. سوريا تحتاج إلى اقتصاد مخطط ومنتج وموجه نحو العدالة الاجتماعية وإعادة الإعمار على أسس وطنية. تحتاج إلى استثمارات عامة، وإلى دعم الإنتاج الوطني، وإلى مشاريع تنموية تدمج الفقراء في الاقتصاد، لا تُقصيهم باسم «الكفاءة» الزائفة. والتجربة الصينية تؤكد شيئاً واضحاً: ليست الحرية الاقتصادية هدفاً في ذاتها، بل وسيلة تُقاس بمدى خدمتها للمجتمع وللناس. أما «التحرير» الاقتصادي المنفلت، خاصة في الدول شديدة الهشاشة، فهو مجرد تغطية لتجريف ما تبقى من الدولة.

«التنمية الإنسانية» تحتضر.. والمانحون مفلسون
«التنمية الإنسانية» تحتضر.. والمانحون مفلسون

قاسيون

timeمنذ 3 ساعات

  • قاسيون

«التنمية الإنسانية» تحتضر.. والمانحون مفلسون

يواجه القطاع الإنساني مستقبلاً قاتماً وسط خفض كبير في تمويل كبار المانحين. يسعى هذا القطاع اليوم لفهم تداعيات المستقبل في ظل تقليص أبرز مانحيه لحجم تمويلهم بشكل كبير. تسلط بيانات جديدة الضوء على الاتجاهات التي كانت خفية خلف هيمنة التمويل الأمريكي، وتوضح أهمية المانحين الصغار، وتكشف عما ينتظرنا في عام 2025 وما بعده. وفقاً لبيانات أولية صدرت في 16 نيسان 2024 عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، انخفض التمويل الرسمي للتنمية للمرة الأولى منذ خمس سنوات. حيث قدّم أعضاء لجنة المساعدة الإنمائية التابعة للمنظمة– وهم في الغالب من دول الشمال العالمي– ما مجموعه 212.1 مليار دولار كمساعدات إنمائية، منها 24.2 مليار دولار كمساعدات إنسانية. وهذا يمثل انخفاضاً بنسبة 7.1% في التمويل الإنمائي، و9.6% في التمويل الإنساني مقارنة بالعام السابق. لكن الأرقام تكشف أن التراجع الحقيقي بدأ قبل الخفض الأمريكي الأخير، وتُظهر اختلافات في أولويات المانحين، مما يجعل التنسيق بين هذه القرارات أكثر إلحاحاً الآن. وإذا كان تمويل عام 2024 هو آخر صورة للنظام الإنساني كما نعرفه، فإن هناك دروساً لا بد للقطاع الإنساني أن يستخلصها من أجل التكيف مع منظومة تمويلية أكثر تقشفاً في المستقبل. رغم أن العنوان البارز لبيانات 2024 هو تراجع المساعدات الإنسانية بنسبة 9.6%، فإن هذا الرقم لا يعكس الصورة الكاملة. الأرقام الأهم تظهر عند استثناء التمويل الأمريكي والمساعدات الموجهة لأوكرانيا– أكبر جهة مانحة وأكبر جهة متلقية. فعند تجاهل التمويل الأمريكي والتركيز على باقي المانحين، نلاحظ أن التمويل الإنساني بلغ ذروته في عام 2022، حيث زادت المساعدات بنسبة 52% مقارنة بعام 2015. لكن عند إدراج التمويل الأمريكي، استمر الارتفاع حتى 2023، ثم بدأ الانخفاض. عوّض التمويل الأمريكي المرتفع في 2023 عن التراجع في تمويل الحكومات الأخرى، مما جعل المساعدات الإنسانية الرسمية تبلغ أعلى مستوياتها على الإطلاق، بزيادة قدرها 66% عن مستويات 2015. بعبارة أخرى، غطى التمويل الأمريكي على حالة الجمود في باقي المساعدات الإنسانية. وقد كان واضحاً في ذلك الحين أن اعتماد القطاع على حكومة واحدة لتوفير أكثر من ثلث التمويل العالمي أمر غير مستدام، لكن قلة فقط توقعت السرعة التي سيُجبر بها القطاع على التخلص من اعتماده على الدولار الأمريكي. ومع انهيار ميزانيات المساعدات هذا العام، من المرجّح أن تنخفض الأرقام أكثر في 2025. وتتوقع المنظمة تراجعاً في المساعدات الرسمية للتنمية يتراوح بين 9 و17% العام المقبل. قطرة في بحر ثروات المانحين رغم أنه يُستخدم كثيراً من قبل الساسة اليمينيين كهدف للهجوم، فإن التمويل الإنمائي الرسمي لا يمثل سوى نسبة ضئيلة من إنفاق الحكومات المانحة، بل ويكاد لا يُذكر عند مقارنته بدخلها القومي الإجمالي، خصوصاً في مجال المساعدات الإنسانية. وكمثال، هناك هدف تطوعي حدّده مجلس الاتحاد الأوروبي لدوله الأعضاء يقضي بتخصيص 0.07% من الدخل القومي الإجمالي كمساعدات إنسانية. لكن حتى هذا الهدف المتواضع– والذي يمثل عُشر الهدف الأشمل والأكثر طموحاً ببلوغ 0.7% من الدخل القومي الإجمالي– لا تحققه سوى أربع دول فقط من أعضاء لجنة المساعدة الإنمائية: لوكسمبورغ، والنرويج، والسويد، والدنمارك. الاتجاه العام لم يتغير خلال عقد كامل. في 2015 أيضاً، لم يكن هناك سوى أربع دول فقط حققت عتبة 0.07%، ويبدو أن هذا الرقم لن يرتفع كثيراً في المستقبل القريب. رغم الخطاب المتكرر حول ما يسمى «الترابط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام» خلال العقد الماضي، فإن الاتجاهات الحديثة تظهر تراجعاً في تمويل التنمية والسلام مقارنة بالمساعدات الإنسانية في البيئات الهشة للغاية. وقد ظهر هذا الاتجاه بوضوح في الاقتراح الأمريكي بإنشاء «وكالة المساعدة الإنسانية الدولية» لتحل محل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID. وأثار هذا المقترح قلقاً من دخول حلقة مفرغة: فإذا ما انسحب المانحون من دعم التنمية والسلام في البيئات الهشة، فإن الطلب على المساعدات الإنسانية سيزداد مع تفاقم الأزمات. لكن بيانات 2024 تروي قصة مختلفة: فقد خفّض معظم المانحين تمويلهم الإنساني بنسبة أكبر مقارنة بخفضهم للمساعدات الإنمائية عموماً. من الصعب التنبؤ بكيفية تطور هذه الاتجاهات في 2025، خاصة مع ميل بعض الدول– وعلى رأسها أمريكا– للتركيز على الإغاثة الإنسانية على حساب التعاون التنموي. لكن أرقام 2024 لا تُظهر أن المانحين يخططون لاستخدام التنمية كاستراتيجية خروج لتعويض تقليص المساعدات الإنسانية. بل على العكس، بقيت المساعدات الإنسانية الشكل الرئيس للتمويل في البيئات الهشة، والتراجع فيها لن يُعوَّض بأشكال أخرى من التمويل. في ظل اقتراب انعقاد اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن، يجب أن يكون الحفاظ على التعاون التنموي في البيئات الهشة، ومنع أزمات الديون في الدول المعرضة للكوارث، على رأس الأولويات. فرصة أو فوضى؟ أصبح من الضروري أكثر من أي وقت مضى فهم كيفية تخصيص المانحين لأموالهم وسط تقليص التمويل العالمي. ويواجه النظام الإنساني أسئلة محورية: ما الشكل الحقيقي لنظام تمويلي قائم على الاحتياجات؟ وما الذي يجب أن يُعطى الأولوية؟ طالما وُجِّهت الانتقادات للمانحين بأنهم يميلون لاستخدام أجندات سياسية عند تخصيص المساعدات. لكن الأرقام تكشف بأنّ الاستخدام السياسي أعلى بكثير من المتداول. على سبيل المثال: تعتبر الاستجابات في أوكرانيا وفلسطين من أبرز الأزمات الإنسانية ذات الأبعاد الجيوسياسية في السنوات الأخيرة. لكن تعامل المانحين معها كان متبايناً. فلم يخصص أي من أكبر عشرة مانحين أكثر من 40% من مساعداته الإنسانية لهذين الملفين مجتمعَين. في المقابل، تبنّى المانحون الأصغر استراتيجيات مختلفة، حيث خصّص ستة منهم أكثر من 40% من تمويلهم لأوكرانيا وفلسطين، بينما اتجه آخرون لتمويل أزمات أقل شهرة أو دعماً، في محاولة لتعظيم أثر مساهماتهم المحدودة. قد تكون هذه المرونة مفيدة في مواضع محددة، ولكنّها ليست ممكنة إلّا في وجود مانح ضخم يوفّر قاعدة تمويلية واسعة. والآن، مع تغير التمويل الأمريكي، بات من الواضح أن البيئة التمويلية تغيّرت بالكامل. لم يعد هناك متسع للخطأ أو الهدر، ولا مبرر لتكرار الجهود أو التركز المفرط على أزمات تحظى بالتغطية الإعلامية. والسؤال الأهم اليوم: كيف يمكن للمانحين الصغار ومتوسطي الحجم تعزيز كفاءتهم الجماعية لضمان توزيع التمويل بشكل أكثر عدالة عبر الأزمات المختلفة؟ تواجه الحكومات المانحة ضغوطاً هائلة، ويُطلب منها اتخاذ قرارات مثالية وسط تدقيق شديد من شركائها في القطاع، وقادتهم السياسيين، وأحياناً وسائل إعلامهم المحلية. لسنوات طويلة، تم تجاهل نقاشات ضرورية حول مدى استدامة وصحة النظام التمويلي الإنساني. أما اليوم، فتحدث هذه النقاشات بشكل متسارع، لكن في حالة من السقوط الحر. ولا بد من الاعتراف أن التحديات الراهنة لا تنبع فقط من الاعتماد الزائد على مصدر تمويل واحد، بل أيضاً من خلل جوهري في هيكل النظام التمويلي. عناصر كانت تُعتبر مقبولة سابقاً– مثل: غياب التنسيق بين المانحين، أو الميل السياسي في تخصيص الأموال– أصبحت الآن تشكّل خطراً كبيراً على الكفاءة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store