logo
لبنان يدخل عصر الجراحات الروبوتية: الطب بلا حدود

لبنان يدخل عصر الجراحات الروبوتية: الطب بلا حدود

المدن١٢-٠٥-٢٠٢٥

وسط عالم الطب الذي يشهد تحوّلات متسارعة، ويُعيد صياغة معاييره من جديد، يبرز لبنان كلاعب فاعل في حقل الجراحة المتطوّرة، مستندًا إلى رؤية علميّة، وقدرة أكاديميّة، وشراكة تكنولوجية استراتيجية.
هذا ما يستشف من إدخال نظام الجراحة الروبوتية المتقدّم (Versius) إلى مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، وكليّة الطب في جامعة القديس يوسف، (USJ) بالتوازي. ويشكّل خطوة تأسيسية في مسار جديد للرعاية الصحيّة وتعليم اختصاص الطب في المنطقة.
طورت شركة "كامبريدج ميديكال روبوتيكس" نظام (Versius) ويُعدّ من بين أحدث الابتكارات عالميًا في مجال الجراحة بالحد الأدنى من التدخل البشري ويتميّز هذا النظام بمرونة استثنائية في التصميم، وقدرة على محاكاة حركة اليد البشريّة، بما يمنح الجراحين حريّة غير مسبوقة ودقة عالية، تُترجم مباشرة إلى نتائج علاجية محسّنة، ومضاعفات أقل، وفترة إقامة أقصر للمرضى في المستشفى، كما يشرح لـ"المدن" عميد كلية الطب في الجامعة اليسوعية ورئيس قسم المسالك البوليّة في مستشفى "أوتيل ديو" البروفيسور إيلي نمر.
تدريب واقعي يُصقل مهارة الجراح
استقدم مستشفى أوتيل ديو وكليّة الطب في "الجامعة" روبوتَين مؤخراً. وباشرت الفرق الجراحية استخدام أحدهما في جراحات المسالك البولية، تمهيدًا لتوسيع نطاق العمليات ليشمل الجراحة العامة والجراحة النسائية. أحد الجهازين مخصص لإجراء العمليات الجراحية على المرضى، والثاني مخصص لتدريب الأطباء المتخصصين والمتدربين ضمن مركز المحاكاة، كما أفاد نمر.
وشرح البروفيسور نمر أن التجربة التعليميّة لم تعد تختصر على النظرية أو التدريب المباشر على المرضى. فمع دخول الروبوت إلى عالم الطب "يبدأ التدريب على نظام (Versius) من محاكاة افتراضية، ثم ينتقل إلى محاكاة سريريّة حقيقيّة باستخدام نماذج حيوانية تمر بمراحل تشبه تمامًا ما يحدث في جسم الإنسان. ولا يقتصر البرنامج التدريبي على الجراحين، بل يشمل طواقم التمريض وأطباء التخدير الذين تلقّوا تدريبًا مكثفًا في الخارج".
استخدامه في كلية الطب
تدريب فريق العمل بأكمله يُشكّل خطوة محوريّة في بناء ديناميكية متكاملة داخل غرفة العمليات، للمساهمة في خفض نسبة الأخطاء الطبيّة ورفع فعاليّة فريق العمل. ويشدد نمر على أهميّة التفاعل المتقن بين أعضاء الطاقم الطبي.
ولأن نقل الخبرات لا يتم بمعزل عن التبادل الأكاديمي، حصل مركز التدريب أو المحاكاة (Simulation Center) في الجامعة، الذي يمتد على مساحة 2400 متر، على اعتماد الجمعيّة الأميريكية للمحاكاة الطبيّة (SSH)، ما يفتح الباب أمام تعاون إقليميّ ودوليّ واسع.
وعن استخدام هذه التقنيات في كلية الطب، أكد نمر أن الكلية خصصت تدريباً للأطباء المتدربين الذين أنهوا الاختصاص لتمكينه على كيفية استخدامه في غرف العمليات. يجري إدخال هؤلاء المتدربين إلى غرفة العمليات خلال إجراء الجراحات، كنوع من الدروس التطبيقية.
شراكة مستقبلية على مستوى المنطقة
في زمن تتداخل فيه الحاجة بالمعرفة، يكتب لبنان فصلاً جديدًا في تاريخ جراحته، ينطلق من بيروت. فبين روبوت يَعمل وآخر يُدرّب، وخبرات تنتقل من غرفة العمليات إلى قاعات المحاكاة، يرسم لبنان ملامح مستقبله الطبي بتأنٍ وثقة. فهل نشهد ولادة مدرسة تدريبيّة محليّة تُسهم في تصدير الكفاءات؟ وهل يتحوّل هذا المركز إلى مرجعيّة في منطقة الشرق الأوسط؟
يقول البروفيسور نمر: "إن تجربة (Versius) في لبنان لا تختصر على إدخال آلة، بل تعبّر عن جرأة في تجديد النموذج التعليميّ، وتأكيد على أن الطب، في جوهره، لا يتوقف عند حدود العلم، إنما ينطلق من رؤية ومسؤوليّة. وشرح أن هناك توجهاً لاستقبال أطباء متدربين من المنطقة، فالجراحة الروبوتية أصبحت اختصاصًا مرغوبًا بشكل متزايد، ولبنان قادر على لعب دور محوري في هذا المجال. وأكد أن مركز التدريب في "الجامعة"، يستقبل في منتصف حزيران المقبل أطباء متدربين من دول الخليج والدول العربية ومن المغرب ودول أوروبية، منها فرنسا. وهذه الفاعلية التي ستستمر ليومين مخصصة لتدريب هؤلاء الأطباء المتدربين.
تحديّات ماديّة واستجابات علميّة
في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، تُطرح تساؤلات حول كلفة هذه العمليات ومدى إدراجها في التغطيات الصحيّة. فهل تُعتبر الجراحة الروبوتية اليوم خيارًا متاحًا؟
يشرح البروفيسور نمر أن كلفة العمليات الجراحية بنظام (Versius) باهظة الثمن، إلا أن بعض شركات التأمين بدأت تدريجيًا بإدراج هذا النوع من الجراحات ضمن سياساتها، بينما لا تزال المؤسسات الرسميّة الضامنة تحتاج إلى درس إمكانياتها في هذا المجال نظرًا إلى الأوضاع الماديّة التي تتخبط بها.
رغم ذلك، فإن تراجع فترة الإقامة في المستشفى وانخفاض المضاعفات يثبّتان الجدوى الاقتصادية على المدى البعيد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعاون صحي وإنساني بين مستشفى أوتيل ديو وكاريتاس لبنان لتشغيل العيادة النقالة
تعاون صحي وإنساني بين مستشفى أوتيل ديو وكاريتاس لبنان لتشغيل العيادة النقالة

النشرة

timeمنذ 4 أيام

  • النشرة

تعاون صحي وإنساني بين مستشفى أوتيل ديو وكاريتاس لبنان لتشغيل العيادة النقالة

وقّع كل من مستشفى أوتيل ديو دو فرانس ورابطة كاريتاس لبنان مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية الميدانية، من خلال تشغيل عيادة طبية نقالة. وتم التوقيع في المستشفى من قبل رئيس رابطة كاريتاس لبنان الأب ميشال عبود، ومن جهة أوتيل ديو كل من رئيس مجلس الإدارة البروفسور الأب سليم دكاش، و المدير العام نسيب نصر. وبموجب مذكرة التفاهم، يلتزم مستشفى أوتيل ديو بتوفير العيادة النقالة التابعة له، بالتعاون مع كاريتاس لبنان وAster، لإجراء زيارات طبية ميدانية مشتركة. يجسّد هذا التعاون شراكة متينة بين القطاع الصحي والمؤسسات الاجتماعية، تهدف إلى خدمة الإنسان وتعزيز حقه في الحصول على الرعاية الصحية، خصوصًا في المناطق النائية والمهمّشة.

لبنان يدخل عصر الجراحات الروبوتية: الطب بلا حدود
لبنان يدخل عصر الجراحات الروبوتية: الطب بلا حدود

المدن

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • المدن

لبنان يدخل عصر الجراحات الروبوتية: الطب بلا حدود

وسط عالم الطب الذي يشهد تحوّلات متسارعة، ويُعيد صياغة معاييره من جديد، يبرز لبنان كلاعب فاعل في حقل الجراحة المتطوّرة، مستندًا إلى رؤية علميّة، وقدرة أكاديميّة، وشراكة تكنولوجية استراتيجية. هذا ما يستشف من إدخال نظام الجراحة الروبوتية المتقدّم (Versius) إلى مستشفى أوتيل ديو دو فرانس، وكليّة الطب في جامعة القديس يوسف، (USJ) بالتوازي. ويشكّل خطوة تأسيسية في مسار جديد للرعاية الصحيّة وتعليم اختصاص الطب في المنطقة. طورت شركة "كامبريدج ميديكال روبوتيكس" نظام (Versius) ويُعدّ من بين أحدث الابتكارات عالميًا في مجال الجراحة بالحد الأدنى من التدخل البشري ويتميّز هذا النظام بمرونة استثنائية في التصميم، وقدرة على محاكاة حركة اليد البشريّة، بما يمنح الجراحين حريّة غير مسبوقة ودقة عالية، تُترجم مباشرة إلى نتائج علاجية محسّنة، ومضاعفات أقل، وفترة إقامة أقصر للمرضى في المستشفى، كما يشرح لـ"المدن" عميد كلية الطب في الجامعة اليسوعية ورئيس قسم المسالك البوليّة في مستشفى "أوتيل ديو" البروفيسور إيلي نمر. تدريب واقعي يُصقل مهارة الجراح استقدم مستشفى أوتيل ديو وكليّة الطب في "الجامعة" روبوتَين مؤخراً. وباشرت الفرق الجراحية استخدام أحدهما في جراحات المسالك البولية، تمهيدًا لتوسيع نطاق العمليات ليشمل الجراحة العامة والجراحة النسائية. أحد الجهازين مخصص لإجراء العمليات الجراحية على المرضى، والثاني مخصص لتدريب الأطباء المتخصصين والمتدربين ضمن مركز المحاكاة، كما أفاد نمر. وشرح البروفيسور نمر أن التجربة التعليميّة لم تعد تختصر على النظرية أو التدريب المباشر على المرضى. فمع دخول الروبوت إلى عالم الطب "يبدأ التدريب على نظام (Versius) من محاكاة افتراضية، ثم ينتقل إلى محاكاة سريريّة حقيقيّة باستخدام نماذج حيوانية تمر بمراحل تشبه تمامًا ما يحدث في جسم الإنسان. ولا يقتصر البرنامج التدريبي على الجراحين، بل يشمل طواقم التمريض وأطباء التخدير الذين تلقّوا تدريبًا مكثفًا في الخارج". استخدامه في كلية الطب تدريب فريق العمل بأكمله يُشكّل خطوة محوريّة في بناء ديناميكية متكاملة داخل غرفة العمليات، للمساهمة في خفض نسبة الأخطاء الطبيّة ورفع فعاليّة فريق العمل. ويشدد نمر على أهميّة التفاعل المتقن بين أعضاء الطاقم الطبي. ولأن نقل الخبرات لا يتم بمعزل عن التبادل الأكاديمي، حصل مركز التدريب أو المحاكاة (Simulation Center) في الجامعة، الذي يمتد على مساحة 2400 متر، على اعتماد الجمعيّة الأميريكية للمحاكاة الطبيّة (SSH)، ما يفتح الباب أمام تعاون إقليميّ ودوليّ واسع. وعن استخدام هذه التقنيات في كلية الطب، أكد نمر أن الكلية خصصت تدريباً للأطباء المتدربين الذين أنهوا الاختصاص لتمكينه على كيفية استخدامه في غرف العمليات. يجري إدخال هؤلاء المتدربين إلى غرفة العمليات خلال إجراء الجراحات، كنوع من الدروس التطبيقية. شراكة مستقبلية على مستوى المنطقة في زمن تتداخل فيه الحاجة بالمعرفة، يكتب لبنان فصلاً جديدًا في تاريخ جراحته، ينطلق من بيروت. فبين روبوت يَعمل وآخر يُدرّب، وخبرات تنتقل من غرفة العمليات إلى قاعات المحاكاة، يرسم لبنان ملامح مستقبله الطبي بتأنٍ وثقة. فهل نشهد ولادة مدرسة تدريبيّة محليّة تُسهم في تصدير الكفاءات؟ وهل يتحوّل هذا المركز إلى مرجعيّة في منطقة الشرق الأوسط؟ يقول البروفيسور نمر: "إن تجربة (Versius) في لبنان لا تختصر على إدخال آلة، بل تعبّر عن جرأة في تجديد النموذج التعليميّ، وتأكيد على أن الطب، في جوهره، لا يتوقف عند حدود العلم، إنما ينطلق من رؤية ومسؤوليّة. وشرح أن هناك توجهاً لاستقبال أطباء متدربين من المنطقة، فالجراحة الروبوتية أصبحت اختصاصًا مرغوبًا بشكل متزايد، ولبنان قادر على لعب دور محوري في هذا المجال. وأكد أن مركز التدريب في "الجامعة"، يستقبل في منتصف حزيران المقبل أطباء متدربين من دول الخليج والدول العربية ومن المغرب ودول أوروبية، منها فرنسا. وهذه الفاعلية التي ستستمر ليومين مخصصة لتدريب هؤلاء الأطباء المتدربين. تحديّات ماديّة واستجابات علميّة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، تُطرح تساؤلات حول كلفة هذه العمليات ومدى إدراجها في التغطيات الصحيّة. فهل تُعتبر الجراحة الروبوتية اليوم خيارًا متاحًا؟ يشرح البروفيسور نمر أن كلفة العمليات الجراحية بنظام (Versius) باهظة الثمن، إلا أن بعض شركات التأمين بدأت تدريجيًا بإدراج هذا النوع من الجراحات ضمن سياساتها، بينما لا تزال المؤسسات الرسميّة الضامنة تحتاج إلى درس إمكانياتها في هذا المجال نظرًا إلى الأوضاع الماديّة التي تتخبط بها. رغم ذلك، فإن تراجع فترة الإقامة في المستشفى وانخفاض المضاعفات يثبّتان الجدوى الاقتصادية على المدى البعيد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store