
الصين تدعو أميركا لإنهاء "القيود التمييزية".. وواشنطن تستعد للتصعيد
حثت الصين، الجمعة، الولايات المتحدة على إنهاء "القيود التمييزية" ضد بكين، داعيةً للتعاون في الحفاظ على "التوافق" الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات رفيعة المستوى التي جرت في جنيف، فيما ذكر البيت الأبيض، أن واشنطن تستعد لاتخاذ إجراءات جديدة تستهدف الصين.
وقال المتحدث باسم السفارة الصينية في الولايات المتحدة، ليو بنجيو، في بيان، إنه "منذ المحادثات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة في جنيف، حافظ الجانبان على التواصل بشأن مخاوف كل منهما في المجالين الاقتصادي والتجاري في فعاليات ثنائية، ومتعددة الأطراف على مستويات متعددة".
وأضاف: "مؤخراً، أعربت الصين مراراً عن قلقها للولايات المتحدة بشأن إساءة استخدامها لإجراءات الرقابة على الصادرات في قطاع الرقائق الإلكترونية وغيرها من الممارسات ذات الصلة"، داعياً واشنطن لـ"تصحيح أفعالها الخاطئة فوراً، وإنهاء القيود التمييزية".
في المقابل، قال نائب رئيس موظفي البيت الأبيض للشؤون السياسية، ستيفن ميلر، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تستعد لاتخاذ إجراءات جديدة تستهدف الصين، وذلك بعد اتهام ترمب لبكين بأنها "انتهكت" اتفاقها التجاري مع واشنطن.
واعتبر ميلر للصحافيين بالبيت الأبيض، أن "هذا يفتح المجال أمام الولايات المتحدة لاتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان الامتثال في المستقبل".
وفي مقابلة مع شبكة CNN، أكد ميلر، أن "هناك تدابير تم اتخاذها، وهناك تدابير ستتخذ، وأخرى قيد الدراسة"، لافتاً إلى أنه "سيكون من غير الحكمة أن تواصل الصين هذا النهج، بدلاً من أن تسلك طريق التعاون".
"إجراءات عقابية"
وأفاد 3 مسؤولين في إدارة ترمب لشبكة CNN، بأن سلسلة "الإجراءات العقابية" الأخيرة ضد الصين، جاءت نتيجة اعتقاد مسؤولين أميركيين بأن بكين لم تفِ بالتزاماتها التي قدمتها خلال المحادثات التجارية التي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري.
واتخذت الإدارة الأميركية، الأسبوع الجاري، خطوات لإلغاء تأشيرات دخول الطلاب الصينيين، كما علّقت بيع بعض التقنيات الحيوية للشركات الصينية.
وأعرب المسؤولون عن "إحباطهم" من عدم التزام الصين بالتعهدات التي كان من المفترض أن تخفف من حدة الخلاف التجاري بين البلدين، في الوقت الذي يسعون فيه للتوصل إلى اتفاق شامل قبل منتصف أغسطس المقبل، وهو موعد إنتهاء مهلة تعليق الرسوم الجمركية.
وتسلط هذه الخلافات الضوء على العلاقة المتوترة بين أكبر اقتصادين في العالم. فعلى الرغم من اتفاق الجانبين بعد محادثات سويسرا على خفض الرسوم الجمركية المرهقة، إلا أن الفجوة اتسعت بشأن سلاسل التوريد التي تعتبرها كل دولة ضرورية لأمنها القومي.
ترمب: الصين انتهكت الاتفاق
وقال ترمب في منشور على منصة "تروث سوشيال"، صباح الجمعة، إن الصين "قد انتهكت بالكامل الاتفاق المبرم معنا"، مضيفاً: "لقد أبرمت اتفاقاً سريعاً مع الصين لإنقاذهم من وضع كنت أعتقد أنه سيكون سيئاً للغاية"، لكنه استدرك معبراً عن غضبه: "وداعاً للطيبة".
وبعد محادثات جنيف، وهي أول اجتماع لبحث القضايا التجارية منذ فرض ترمب الرسوم الجمركية، كان المسؤولون الأميركيون يتوقعون من الصين أن تخفف من قيود التصدير على المعادن النادرة، وهي من المكونات الأساسية في صناعة هواتف آيفون، والسيارات الكهربائية، والأسلحة المهمة مثل مقاتلات F-35 وأنظمة الصواريخ.
لكن القيود لم تُرفع، ما أثار استياءً شديداً داخل إدارة ترمب، كما دفعها إلى اتخاذ الإجراءات الأخيرة ضد الصين، وفقاً للمسؤولين الثلاثة.
وتكشف قرارات واشنطن بتقييد مبيعات التكنولوجيا الحيوية للصين، والحد من عدد الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة مدى أهمية هذه "الحرب التجارية" في سياسة إدارة ترمب الخارجية تجاه الصين.
وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، إن "حجم الترابط بين هذه الإجراءات يمثل استراتيجية موحدة للإدارة"، متوقعاً أن يكون للإجراءات الأخيرة "تأثير كبير على شركات التكنولوجيا الصينية والطلاب الصينيين".
ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، الأربعاء الماضي، أن ترمب قطع الطريق أمام بعض الشركات الأميركية لبيع برامج تصميم الرقائق الإلكترونية إلى الصين.
مستقبل المحادثات التجارية
من جهته، شدد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الذي اختاره ترمب لقيادة المحادثات مع الصين وإدارة العلاقة الثنائية، على أهمية آلية التفاوض التي أسستها محادثات جنيف، مؤكداً على قيمة "الآلية" التي وضعت لمنع التصعيد الذي "قد يقوض المحادثات المستقبلية أو أي نتيجة محتملة".
وبيسنت، الذي قاد محادثات جنيف إلى جانب الممثل التجاري الأميركي جايمسون جرير، قال إن "اجتماعاً ثانياً بين الجانبين قد يُعقد مستقبلاً"، لكنه أوضح أن "الولايات المتحدة لا تنوي التراجع عن الجهود الاستراتيجية لفك الارتباط مع الصين في سلاسل التوريد التي تعتبرها ضرورية للأمن القومي الأميركي".
وقال بيسنت لشبكة "فوكس نيوز"، الخميس، إن المحادثات مع الصين حالياً "في حالة من الجمود"، وتابع: "أعتقد أننا سنجري المزيد من المحادثات معهم خلال الأسابيع المقبلة. وأعتقد أيضاً أنه قد تكون هناك مكالمة بين ترمب والرئيس الصيني شي جين بينج في مرحلة ما".
وذكر مسؤولون أميركيون، أن خطوة الصين لقطع إمدادات المعادن النادرة أثار القلق داخل الإدارة الأميركية التي تبحث من خلف الكواليس عن بدائل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 44 دقائق
- الشرق الأوسط
«غزة الإنسانية»... مؤشرات على تحول بنهج المساعدات العالمية في عهد ترمب
عمد دونالد ترمب منذ عودته إلى البيت الأبيض إلى خفض المساعدة الأميركية وإعادة توجيهها، لكن مبادرته المثيرة للجدل لتوفير مواد غذائية في قطاع غزة قد تعطي مؤشرات على مستقبل المساعدات في العالم، وسط تحذير المنظمات الإنسانية من نموذج «غير لائق» و«خطير». وتقوم «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي يديرها عناصر أمن أميركيون متعاقدون مع انتشار قوات من الجيش الإسرائيلي في محيط مراكزها، بتوزيع مواد غذائية في عدد من النقاط من القطاع المُحاصَر والمُدمَّر بفعل 20 شهراً من الحرب. شابت الفوضى أولى عمليات توزيع المواد الغذائية التي قامت بها «مؤسسة غزة الإنسانية» (أ.ف.ب) وباشرت المؤسسة الخاصة الغامضة التمويل، تسليم مساعدات غذائية، الاثنين، بعدما أطبقت إسرائيل حصارها على القطاع لأكثر من شهرين، وسط أزمة جوع متفاقمة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وأعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أنّ سكان قطاع غزة جميعاً معرَّضون لخطر المجاعة، في حين ترفض الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التعامل مع «مؤسسة غزة الإنسانية»، عادّة أن خطة عملها لا تراعي «المبادئ الأساسية» للمساعدة الإنسانية، وهي «عدم الانحياز، والحياد والاستقلالية»، وأنها تبدو مصممة لتلبية الأهداف العسكرية الإسرائيلية. الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث بينما يلوح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد اجتماع في البيت الأبيض... 7 أبريل 2025 (رويترز) وقال نائب رئيس البرامج الدولية في لجنة الإغاثة الدولية كيران دونيلي: «ما شهدناه فوضوي، مأساوي. نرى مئات آلاف الأشخاص يجهدون في ظروف غير لائقة وغير آمنة للوصول إلى كمية ضئيلة من المساعدات». كما دعا إلى العمل، بالتعاون مع المدارس أو المستوصفات، لتوزيع المساعدة حيث يحتاج الناس إليها، وليس في مراكز خاضعة لتدابير عسكرية. وقال: «إن كنا نريد حقاً توزيع المساعدة بصورة شفافة ومسؤولة وفاعلة، فيجب استخدام خبرة المنظمات الإنسانية التي تقوم بذلك منذ عقود وبنيتها التحتية». وبينما تؤكد المنظمات الإنسانية، منذ أشهر، أن كميات هائلة من المساعدات تبقى عالقةً خارج القطاع، لفت دونيلي إلى أن لجنة الإغاثة الدولية وحدها لديها 27 طناً من المساعدات تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع المُحاصَر. «الخط الأحمر الأخطر» من جانبه، قال يان إيغلاند، رئيس المجلس النروجي للاجئين، إن منظمته توقَّفت عن العمل في غزة عام 2015 عندما اقتحم عناصر من «حماس» مركزها. وتساءل: «لماذا ندع الجيش الإسرائيلي يقرِّر كيف وأين ولمَن نعطي مساعداتنا في إطار استراتيجيته العسكرية الرامية إلى تشريد الناس في غزة؟!». وتابع إيغلاند الذي كان مسؤولاً عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة: «هذا انتهاك لكل ما ندافع عنه. إنه الخط الأحمر الأخطر الذي لا يمكننا تخطيه». وشابت الفوضى أولى عمليات توزيع المواد الغذائية التي قامت بها «مؤسسة غزة الإنسانية»، إذ أفادت الأمم المتحدة بإصابة 47 شخصاً بجروح، معظمهم برصاص القوات الإسرائيلية، الثلاثاء، حين هرعت حشود يائسة وجائعة إلى المركز، بينما أكد مصدر طبي سقوط قتيل على الأقل. وينفي الجيش الإسرائيلي أن يكون أطلق النار. كما تنفي المنظمة وقوع إصابات، وهي تؤكد أنها وزعت 2.1 مليون وجبة غذائية، منذ يوم الاثنين. ورأى العضو في «المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي» جون هانا، الذي قاد دراسة حدَّدت المبادئ التي قامت عليها «مؤسسة غزة الإنسانية»، أن على الأمم المتحدة أن تعي ضرورة اعتماد نهج جديد للمساعدات، بعدما أقامت «حماس» ما وصفها بـ«مملكة من الرعب» في غزة، وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية». وسبق لإسرائيل أن فرضت قيوداً هائلة على عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، متهمةً عدداً من العاملين معها بالضلوع في هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وفي هذا الصدد، قال هانا، وهو مسؤول أميركي سابق: «أخشى أن يكون الناس على وشك أن يدعوا الأفضل يكون عدو الجيد، بدل أن يروا كيف يمكنهم المشارَكة في هذا المجهود وتحسينه وجعله أفضل وتعزيزه». ودافع هانا عن استخدام متعاقدين من القطاع الخاص، مؤكداً أن كثيراً منهم شاركوا في «الحرب على الإرهاب» التي قادتها الولايات المتحدة في المنطقة. يحمل الناس صناديق إغاثة من «مؤسسة غزة الإنسانية» في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب) وأضاف: «كنا نتمنى لو كان هناك متطوعون من قوات وطنية موثوقة وقادرة (أخرى)... لكن الواقع أن لا أحد يتطوع». وقال إنه يفضِّل أن يتم تنسيق المساعدات مع إسرائيل بدل «حماس»، موضحاً: «على أي مجهود إنساني في منطقة حرب أن يقوم ببعض المساومات مع السلطات الحاكمة التي تحمل السلاح». وكانت الدراسة التي أجراها العام الماضي نصحت بعدم تولي إسرائيل دوراً كبيراً في المساعدة الإنسانية في غزة، داعياً إلى ضلوع الدول العربية؛ لإعطاء العملية مزيداً من الشرعية.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
نصيحة زوجية من ترمب لماكرون: أبق باب الطائرة مغلقاً (فيديو)
نصح الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ«إبقاء باب الطائرة مغلقاً»، عقب الضجة التي أثارها مقطع فيديو له ولزوجته بريجيت لدى وصولهما إلى فيتنام، ظهر فيه أن السيدة الأولى تصفع زوجها. وأثار المقطع الملتقط من داخل الطائرة الرئاسية الفرنسية بعيد هبوطها في هانوي في بداية جولة آسيوية ضجة واسعة على الشبكات الاجتماعية. وأكد ماكرون أن اللقطة لا تعدو كونها «مزاحاً» بينهما وليست «شجاراً» عائلياً، داعياً إلى الهدوء. ورداً على سؤال عما إذا كان يوجه نصيحة إلى ماكرون «من زعيم عالمي إلى زعيم عالمي»، قال ترمب: «احرص على إبقاء باب (الطائرة) مغلقاً»، وذلك خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض أمس (الجمعة). وأضاف الرئيس الأميركي الذي تزوج ثلاث مرات: «لم يكن ذلك جيداً». وأظهرت مشاهد التقطتها وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية الأحد في مطار هانوي باب الطائرة وهو يُفتح، وظهر عبره ماكرون وهو لا يزال داخل الطائرة. وفي تلك اللحظة، شوهدت بريجيت كأنها توجه صفعة إلى زوجها، من دون أن تظهر هي نفسها من خلف الباب. وبدا ماكرون (47 عاماً) متفاجئاً، لكنه سرعان ما التفت إلى الخارج ليلقي التحية. وعندما بدأ الزوجان النزول على سلم الطائرة، مدّ ماكرون ذراعه لبريجيت (72 عاماً) كعادته، لكنها لم تمسكها، بل تمسكت بحافة السلم. وقال ماكرون للصحافيين في وقت لاحق: «كنت وزوجتي نتبادل المزاح كما نفعل في كثير من الأحيان...». وأكد ترمب (78 عاماً) أنه تواصل مع نظيره منذ انتشار الفيديو. وأضاف: «تحدثت إليه. هو على ما يرام. هما على ما يرام. هما شخصان جيدان بالفعل. أعرفه بشكل وثيق»، لكنه أكد أنه «لا يعرف» حقيقة ما جرى بينهما. وخلال المؤتمر الصحافي الذي أقيم في المكتب البيضاوي لمناسبة مغادرة إيلون ماسك هيئة الكفاءة الحكومية، استغل الأخير الفرصة للمزاح بشأن الفيديو. ورداً على سؤال عن كدمة حول عينه اليمنى، قال ماسك: «لم أكن في أي مكان قرب فرنسا»، موضحاً أن سببها لكمة من طفله.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
مع الذكاء الاصطناعي... اطمئنوا
بما أن «الإنسان أكثر شيء جدلاً» بما يستهلك ويُنتج، فإنه يُشعل الجدل بـ «الذكاء الاصطناعي». بالكاد، تجد صحيفةً وموقعاً إلكترونياً يَغفل عن تناول حديث الساعة: الذكاء الاصطناعي وتأثيره على البشرية، إلى الحد الذي دفع وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، إلى ألا يغادر الدنيا إلا وقد أدلى بدلوه حول «عصر الذكاء الاصطناعي ومستقبلنا البشري» في كتاب مشترك مع خبيرين تكنولوجيين؛ إريك شميت (مدير تنفيذي لشركة «غوغل») ودانييل هوتنلوشر (عضو مجلس إدارة «أمازون»)، بعد سلسلة مقالات «كيسنجرية» تحث على إعادة النظر في كيفية مجابهة البشر لتحديات هذا التأثير وكيفية التحكم به. فرض هذا الذكاء انبعاث تساؤلات وجودية تخص العاملين بمجمل الحقول من مختلف العقول؛ فمن كاتب يخشى مصير قلمه، إلى موظف يتخوف على وظيفته، فمساعد موعود بالطرد... هذه المخاوف البشرية تذكِّر بما شاع يوم انتشرت موضة «الروبوت» أو الرجل الآليّ، ثم «العقول الإلكترونية» التي اختُرعت من قبل -صارت الآن تحتوي برامج الذكاء الاصطناعي- من دون إلغاء وجود الرجل الطبيعي والعقل البشري. فاطمئنوا. التوجس الفطري من كل جديد هو سبب الفزع من أي مُخترَع جديد يشق طريقه وسط عالم يملأه ويُغنيه البشر. البشر الذين مِنهم مَن اخترع وابتكر هذه العناصر المرعبة لبشر آخرين. كلما انتشر مخترَع خشيَ ذوو المخترِع على أنفسهم؛ متناسين أن الآلة والاختراع أبداً لا يغنيان البشر بعضهم عن بعض. مثلما لا يُلغي أي مصنوع وجود الطبيعة ومنافعها، ولا يُفني الجديد الاختراعات السابقة كلها. نتبين هذا من جردة سريعة لمخترعات سابقة: هل أغنى السُلَّم الكهربائي تماماً عن السُلَّم الحجري أو الخشبي؟ هل تلاشت النسخ الورقية من الكتب والصحف جراء شيوع النسخ الإلكترونية؟ أعجبتني مقارنة أحد الأصدقاء وتشبيهه الكتب الورقية والإلكترونية، بالسلم الحجري والكهربائي. هل منع تعدد وسائل النقل والمواصلات الحديثة من بقاء وسائل نقل ومواصلات قديمة؟ أبداً... وجود الإنسان وابتكاراته القديمة والجديدة، وسيلة تنافس وسباق على خدمة ونفع بني الإنسان. قمة الغباء البشري الاستسلام للظن والافتراض بأن الذكاء الاصطناعي وغيره من الابتكارات يفرض التخلي عن تعاون بني الإنسان. بل هو يؤكد ضرورة هذا التعاون الإنساني على الخير؛ مثله مثل تفشي حالات «تخادم عفويّ» على نشر الشر وضرّ البشر. لذا أوصى كيسنجر بضرورة ضبط هذا الذكاء وابتداع «فلسفة توجيهية لهذا التطور التقني» نمضي معها «إلى تحسين حياتنا لا أن نجعل حياتنا أسوأ». جرِّبوا سؤال الذكاء الاصطناعي في تطبيق «تشات جي بي تي chat gpt» عمَّا يُقلقكم، لتطمئنوا أكثر... فمن يسأل عمّا «إذا كانت هذه التقنية تقضي على فرص عمل البشر»، يلقى الإجابة أنها «لن تقضي تماماً على فرص العمل، لكن ستغيِّر شكل سوق العمل بشكل جذري»، مشيراً إلى أن التركيز على صناعات معينة يخلق فرصاً أخرى لـ«توفير وظائف جديدة. تعزيز الإنتاجية لا الإقصاء»، معززاً «طلب مهارات إنسانية لا تستطيع التقنية محاكاتها». قدمت المحادثة عبر «التشات» حلاً لهذه الأزمة المتخيَّلة في ذهن البعض، بإرشاد السائلين إلى سبل المعالجة والحل، المتمثل أهمها في: «التعليم وإعادة التأهيل المهني» بناءً على «الاستعداد لهذا التغير بالتعلم والتكيف». مَن لا يتكيف ينقرض، وأصل التكيف إدراك حقيقة ما يوفره الذكاء الاصطناعي وكل ابتكار جديد، من فرص يقتنصها الأذكياء الذين يحرصون على تحسين الحياة في المنطقة.