
ملتقى القاهرة الأدبي... أدباء من العالم لتعزيز المبادرات الثقافية المستقلة
وسط أجواء مميزة، من داخل ساحة قبة الغوري في القاهرة الفاطمية، أحد أعرق المواقع التاريخية المصرية، تقام فعاليات ملتقى القاهرة الأدبي الدولي في دورته السابعة، والذي تنظمه "صفصافة للثقافة والنشر" عبر عشر فعاليات في الفترة من (12 إلى 17 نيسان/ أبريل) الجاري.
وتعقد دورة هذا العام تحت شعار "واقعية الخيال"، وتركّز على مناقشة الأسئلة المختلفة حول تبادلات تأثير الواقع المُعاش في هذه اللحظات التاريخية المعقّدة على الأدب وأهمية الذاكرة الثقافية ودور الكتاب في حفظها. ويشارك في الدورة أدباء وكتّاب من ألمانيا والجزائر والنمسا والسودان وتونس ومالطا وهولندا؛ إضافة إلى مشاركات مميزة مصرية.
وتحاول دورة هذا العام استعادة حوار الأدب مع أسئلة العصر وقضايا الواقع المعاصر، وتسلّط العديد من الجلسات الضوء على أعمال توثق التاريخ الثقافي للنساء المقاومات.
كما ينفتح ملتقى هذا العام على جمهور جديد من طلبة الجامعات والشباب بشكل خاص، إذ يولي اهتماماً خاصاً للشراكة مع المؤسسات التعليمية والدعاية في منصات التواصل الاجتماعي لجذب هذا القطاع من الجمهور.
ويؤكد انعقاد الملتقى على مدار دوراته المتتابعة أهمية دور العمل الثقافي الأهلي المستقل في إثراء المشهد الأدبي والثقافي العربي، عبر استضافة كُتّاب ومبدعين من مختلف أنحاء العالم، وتقديم برنامج حافل بالفعاليات الأدبية والنقاشات الفكرية.
العمل الثقافيّ الأهليّ ضرورة
اعتمدت الحركة الثقافية العربية منذ قرون على المبادرات الأهلية بشكل كبير، وانطلقت عبر جهود أفراد من خارج الإطار الرسمي، وحلت مصر في طليعة البلدان التي شهدت صعود نماذج ثقافية مستقلة لعبت دوراً في تشكيل الوعي ونشر المعرفة، خصوصاً أنه قبل ثورة تموز- يوليو 1952، لم يكن في مصر وزارة ثقافة أو جهاز ثقافي رسمي، واعتمدت الحياة الثقافية على المؤسسات الثقافية الأهلية، ولعلّ أبرز النماذج التي أسهمت في ذلك هي دور النشر المستقلة مثل "دار المعارف" التي أُسّست في القاهرة عام 1890، و"مكتبة الخانجي" عام 1885، و"دار الهلال" عام 1892، وعربياً برزت إسهامات "دار صادر" في بيروت التي أنشأها إبراهيم صادر عام 1863. كما ساهمت المجلات الأدبية المستقلّة في تشكيل المشهد الثقافي، مثل "مجلة أبولو" (1932) التي أسّسها أحمد زكي أبو شادي، ومجلة "الرسالة" التي رأس تحريرها أحمد حسن الزيات، ومجلة "الكاتب المصري" التي ترأّس تحريرها طه حسين، كما برزت الجمعيات الثقافية والصالونات الأدبية مثل صالون مي زيادة وصالون العقاد.
وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس الشرفي للملتقى، الكاتب إبراهيم عبد المجيد عبر "النهار" عن دعمه الكبير للملتقى، معتبراً إيّاه "نتاجاً حقيقياً للعمل الأهلي"، الذي لطالما لعب دوراً محورياً في إثراء المشهد الثقافي المصري والعربي. وقال: "أتابع الملتقى منذ انطلاقته الأولى، وأحرص على المشاركة فيه بشكل دائم دعماً لجهود القائمين عليه".
وأضاف: "العمل الأهلي قدم إسهامات عظيمة للثقافة في مصر عبر التاريخ، فقبل ثورة تموز 1952 لم تكن هناك وزارة ثقافة، وانطلق كلّ النشاط الثقافي من مجلات وندوات ومؤتمرات عبر مبادرات أهلية، وثمّة مبادرات ثقافية أهلية تحمل الروح نفسها مثل جائزة ساويرس، وتنبع أهمية النشاط الأهلي الثقافي من مساهمته في إثراء الحياة الثقافية، وأتمنى ازدهاره والتوسع في نشاطاته".
من فعاليات الملتقى.
وأكّد عبد المجيد أهمية تنوع النشاطات، داعياً دور النشر والمؤسسات الثقافية إلى ابتكار مبادرات جديدة في مجالات متعدّدة مثل الشعر والمسرح والنقد الأدبي. كما توقّف عبد المجيد عند الطابع المكاني للملتقى قائلاً: "اختيارات الأماكن رائعة، خصوصا في منطقة المعز والحسين، فتلك الأماكن الأثرية تمنح الملتقى خصوصية وطابعا مختلفين".
امتداد لتاريخ طويل من المبادرات المستقلة
خلال السنوات التي تلت ثورة 2011، شهدت مصر انتعاشاً ملحوظاً في العمل الثقافي الأهلي والمبادرات الثقافية، لكنها تراجعت مع تراجع مصادر الدعم والتمويل، خصوصاً الأوروبيّ، ما ألقى بثقله على استمرارية بعض المشاريع.
وقال مدير ملتقى القاهرة الأدبي محمد البعلي لـ"النهار": "نرى أنفسنا امتداداً لحركة النشر العربي المستقل، والمجلات الأدبية المستقلة التي ظهرت عبر التاريخ مثل "أبولو" و"الرسالة" و"الكاتب"، رغم أنّ النشاط الفعلي للفعاليات الأدبية كان محدوداً في تلك الفترات"، مضيفاً: "يمثّل الملتقى نموذجاً واضحاً للعمل الثقافي الأهلي المستقل، الذي كان ولا يزال حجر الأساس في بناء الحركة الثقافية العربية منذ عقود".
وعن أبرز التحدّيات التي تواجه تنظيم الملتقى بوصفه عملاً مستقلاً، أوضح البعلي أن التحديات المالية هي الأصعب، فـ"تكلفة السفر والإقامة والدعاية والتسويق، كلّها تحتاج إلى موارد مالية كبيرة، وهذه التحديات نواجهها سنوياً، لكنّنا نتعامل معها بمرونة وابتكار"، كما أشار إلى وجود تحديات إدارية متكرّرة، خصوصاً في ما يتعلّق بحجز الأماكن والتعامل مع البيروقراطية أحياناً، وقال:"بعض الأعوام تمرّ بسلاسة، وأخرى قد تواجه بعض التعقيدات."
القاهرة مركز جذب أدبيّ
يستضيف الملتقى سنوياً أسماء أدبية مرموقة عربياً ودولياً، وشاركت في دورة هذا العام الكاتبة الألمانية جيني ايربينبيك، الفائزة بجائزة "البوكر" الدولية عام 2024. وأكد البعلي أنّ ذلك يعتمد على الثقل الثقافي للقاهرة، قائلاً:"حين ندعو كاتباً إلى حضور ملتقى في القاهرة، نلمس اهتماماً واضحاً، فالمدينة في حدّ ذاتها تملك جاذبية حضارية، ونحن كمؤسسة نتمتع بثقة دولية نتيجة عملنا الطويل مع كتّاب وناشرين ومؤسسات ثقافية حول العالم."
ملتقى القاهرة الأدبي.
واختتم البعلي حديثه بالإشارة إلى قيمة الأماكن التاريخية التي يحتضنها الملتقى، قائلاً: "اختيار قبّة الغوري وغيرها من المواقع في القاهرة التاريخية ليس عشوائياً، إذ تضيف هذه المواقع عمقاً ثقافياً وروحياً يتناغم مع رسالة الملتقى".
يذكر أن الدورة الأولى من الملتقى أقيمت عام 2015 تحت اسم "مهرجان القاهرة الأدبيّ"، وتواصلت فعالياته سنوياً حتى ألغيت دورة 2020 مع تفشّي وباء كورونا، وتعثّرت محاولات إقامته سنوات تالية عدّة حتى استأنف نشاطه العام الماضي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- المدن
جنس وكحول وفنون وأمور أخرى
قبل نحو 40 عاماً، باشرت طلائع الثورة الخمينية في لبنان العمل: رمت الأسيد على فتيات يكشفن عن مفاتنهن. بشّرت النساء بالتشادور. فجّرت متاجر بيع الكحول. حرّمت الاستماع إلى الموسيقى والرقص. ورذلت الأفلام (عدا فيلم "الرسالة" وما يشبهه). في مناخ الأسلمة، المسلحة وغير المسلحة، قفرت مدن وضواح من دور السينما والمسارح ومطاعم مازات العرق والحانات والفنادق وأماكن السهر، وانحسر اختلاط الذكور بالإناث، وتعممت تعاسة الليل والنهار وتكاثرت صور "الشهداء" طبقات فوق طبقات على الجدران، وقُتلت نساء وفتيات كثيرات باسم الشرف. وراح المجتمع الفاضل المتخيل هذا، يفور بالعنف والذكورية الموتورة والكبت الجنسي الذي سرعان ما يُصرف بالمزيد من الهوس بضبط أجساد الإناث، عدا عن منع أسباب الضحك والمسرات واللهو، والتمتع بالفنون. بطبيعة الحال والنفاق، ازدهرت خارج أسوار تلك المدن والضواحي محلات بيع الكحول وأماكن السهر، المخصصة لـ"المتسربين" من مجتمع الفضيلة، الذين يعودون فجراً مترعين بمشاعر الذنب إلى سرير الطهارة وحضن تقوى الأهل. فيما يُحرم المراهقون والشباب والشابات من أي علاقات صحية وعلنية، ويصير الحب سراً غامضاً وصعباً وأقرب إلى الخطيئة والرذيلة. وسرعان ما تنقلب "العفة" إلى عنّة متفشية يكون تمويهها بالمزيد من الذكورية الاستعراضية العنيفة. وبعد عقود من حملات الأسلمة، استتب عمران العشوائيات الباطونية، والسكن الأهلي المتراص والقائم على صلات القرابة والعلاقات الريفية، وانتشرت الأمية الثقافية، وقلّت مظاهر التمدن، وتعاظم الفقر والبطالة المعممة، وانتعشت العصابات وحبوب الهلوسة، و"تمليشت" حياة الشبان الذكور المزهوين بالسلاح والموت، وحوريات الجنة. هكذا، نجحت الخمينية في إنجاز ما حلم به المؤسس: إقامة سور يمتد إلى السماء ما بين أبناء الثورة والعالم "الفاسد" بأسره. في مصر، وبعد نضال استمر لأكثر من 80 عاماً، وصل "الأخوان المسلمون" إلى السلطة، بعد ثورة شعبية واستفتاءات وانتخابات ديموقراطية، انتصروا فيها تتويجاً لجهودهم الجبارة في "الأسلمة" المؤدلجة والممولة بسخاء منذ مطلع السبعينات. ومع وصولهم إلى السلطة، تبدى أن لا سياسة لهم سوى استكمال "توبة" الفنانات، وتغطية النساء بالأثواب المهلهلة والتفنن بأغطية وحجابات الرأس والحيرة وما يحمله هذا التفنن من حيرة بين الإغواء والستر والانحراف الإيروتيكي "الفيتشوي"، وتعفيف الفتيات وكبت غرائزهن المخيفة والخطرة، والتشدد في بيع الكحول وتحقير شاربيها، والسعي لإغلاق ملاهي شارع الهرم والكازينوهات، ومطاردة الراقصات، وتشديد الرقابة على الأفلام والكتب والرسوم.. إلخ. أما ما تطلبه مصر من تعليم وصحة وتنمية وبنى تحتية وإدارة رشيدة وازدهار اقتصادي.. فكان الأمر متروكاً للعناية الإلهية والغيب. وصاحب كل هذا تفشي التحرش الجماعي والاغتصاب والاعتداء على النساء، وحملات التبشير بتعدد الزوجات، واضطهاد غير المتدينين، وتحقير "السافرات"، ومنافسة السلفيين في الإسراع رجوعاً إلى القرن الهجري الأول. وهكذا، بقيت مصر المزدحمة بأكثر من 120 مليون نسمة، بعيدة كل البعد عن تلك المنافسة مع اليابان ذات مرة في أواخر القرن التاسع عشر. أما في إيران نفسها، فتنتصب فيها مسألتان متساويتان في الأهمية: السيطرة على أجساد النساء وأغطية رؤوسهن.. والبرنامج النووي والصاروخي. وكانت خلاصة الخمينية بعد 45 عاماً، وعدا الاستبداد الديني، تصدير أكبر عدد من الحروب وتصنيع أكبر عدد من الميليشيات، ونشر نسخة من الأسلمة العنيفة والمعادية للحداثة والغرب، من ناحية، وتحريم الكحول والفنون والسيطرة على الأجساد واللباس، للذكور والإناث معاً. وعدا عن النسخة الطالبانية في أفغانستان، وهي الأسوأ أو الأفظع في مسائل الجنس والكحول والفنون، وحجب النساء وتحويلهن فعلاً إلى "قوارير" مخبأة، أو إلى مؤودات في بيتوهن، أو إلى "أشباح".. أفضت الأسلمة المؤدلجة في البلاد العربية، إلى مجتمعات بطالة وأمية وعنف وذكورية فظة وكراهية للتمدن وتعصب ديني وحروب أهلية واستبدادات قاتلة. والباعث اليوم على هذا السرد، تباشير الجماعة الحاكمة في سوريا، وبرنامجها السياسي الفعلي، الذي بدأته على ما يبدو في اضطهاد غير المسلمين أو الذين يخالفون المذهب والمعتقد. وهو اضطهاد يعيد إنتاج المذابح على صورتيها، التاريخية الغائرة في ذاكرة "الأقليات"، والأسدية الموغلة بأجساد مئات آلاف السوريين. وبالتزامن مع هذا، كانت البداية في حملات الفصل بين الجنسين في الإدارات العامة وفي وسائل النقل. تبعها مطاردة العشاق والتنكيل بهم في الشوارع والحدائق العامة، وسوق المراهقين إلى السجون. وتعاظمت في الآونة الأخيرة إلى حد اقتحام الملاهي الليلية والاعتداء على الساهرين، والانتشاء "الفيتشوي" في ضرب النساء، ثم إطلاق الرصاص على ساهرين وقتل راقصة عمداً. مرة أخرى، لا يقدم هذا الإسلام السياسي، سوى مشاهد تفجير ناطحات السحاب وأنفاق المترو، وارتكاب المجازر في الملاعب والملاهي والمسارح، وإشعال حروب أهلية شديدة الدموية بالسيارات المتفجرة والإنتحاريين وقطع رؤوس الرهائن، ورمي المثليين من سطوح المباني، وكره النساء واحتقار الثقافة والسينما والرسم والرقص والموسيقى وكل الفنون. ذات مرة، نجح الخمير الحمر، في فرض "المجتمع الفاضل" على كمبوديا، فكانت الحصيلة الوحيدة، موت نحو مليوني إنسان، إعداماً وجوعاً ومرضاً. كانت الفضيلة مرادفة للإبادة. على نحو مماثل من أفغانستان إلى ديارنا المنكوبة، لا يقدم الإسلام السياسي، الذي يخاف من الحب والمتعة والكحول والثقافة، أي سياسة. فقط الموت والتصحر.


النهار
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- النهار
ملتقى القاهرة الأدبي... أدباء من العالم لتعزيز المبادرات الثقافية المستقلة
وسط أجواء مميزة، من داخل ساحة قبة الغوري في القاهرة الفاطمية، أحد أعرق المواقع التاريخية المصرية، تقام فعاليات ملتقى القاهرة الأدبي الدولي في دورته السابعة، والذي تنظمه "صفصافة للثقافة والنشر" عبر عشر فعاليات في الفترة من (12 إلى 17 نيسان/ أبريل) الجاري. وتعقد دورة هذا العام تحت شعار "واقعية الخيال"، وتركّز على مناقشة الأسئلة المختلفة حول تبادلات تأثير الواقع المُعاش في هذه اللحظات التاريخية المعقّدة على الأدب وأهمية الذاكرة الثقافية ودور الكتاب في حفظها. ويشارك في الدورة أدباء وكتّاب من ألمانيا والجزائر والنمسا والسودان وتونس ومالطا وهولندا؛ إضافة إلى مشاركات مميزة مصرية. وتحاول دورة هذا العام استعادة حوار الأدب مع أسئلة العصر وقضايا الواقع المعاصر، وتسلّط العديد من الجلسات الضوء على أعمال توثق التاريخ الثقافي للنساء المقاومات. كما ينفتح ملتقى هذا العام على جمهور جديد من طلبة الجامعات والشباب بشكل خاص، إذ يولي اهتماماً خاصاً للشراكة مع المؤسسات التعليمية والدعاية في منصات التواصل الاجتماعي لجذب هذا القطاع من الجمهور. ويؤكد انعقاد الملتقى على مدار دوراته المتتابعة أهمية دور العمل الثقافي الأهلي المستقل في إثراء المشهد الأدبي والثقافي العربي، عبر استضافة كُتّاب ومبدعين من مختلف أنحاء العالم، وتقديم برنامج حافل بالفعاليات الأدبية والنقاشات الفكرية. العمل الثقافيّ الأهليّ ضرورة اعتمدت الحركة الثقافية العربية منذ قرون على المبادرات الأهلية بشكل كبير، وانطلقت عبر جهود أفراد من خارج الإطار الرسمي، وحلت مصر في طليعة البلدان التي شهدت صعود نماذج ثقافية مستقلة لعبت دوراً في تشكيل الوعي ونشر المعرفة، خصوصاً أنه قبل ثورة تموز- يوليو 1952، لم يكن في مصر وزارة ثقافة أو جهاز ثقافي رسمي، واعتمدت الحياة الثقافية على المؤسسات الثقافية الأهلية، ولعلّ أبرز النماذج التي أسهمت في ذلك هي دور النشر المستقلة مثل "دار المعارف" التي أُسّست في القاهرة عام 1890، و"مكتبة الخانجي" عام 1885، و"دار الهلال" عام 1892، وعربياً برزت إسهامات "دار صادر" في بيروت التي أنشأها إبراهيم صادر عام 1863. كما ساهمت المجلات الأدبية المستقلّة في تشكيل المشهد الثقافي، مثل "مجلة أبولو" (1932) التي أسّسها أحمد زكي أبو شادي، ومجلة "الرسالة" التي رأس تحريرها أحمد حسن الزيات، ومجلة "الكاتب المصري" التي ترأّس تحريرها طه حسين، كما برزت الجمعيات الثقافية والصالونات الأدبية مثل صالون مي زيادة وصالون العقاد. وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس الشرفي للملتقى، الكاتب إبراهيم عبد المجيد عبر "النهار" عن دعمه الكبير للملتقى، معتبراً إيّاه "نتاجاً حقيقياً للعمل الأهلي"، الذي لطالما لعب دوراً محورياً في إثراء المشهد الثقافي المصري والعربي. وقال: "أتابع الملتقى منذ انطلاقته الأولى، وأحرص على المشاركة فيه بشكل دائم دعماً لجهود القائمين عليه". وأضاف: "العمل الأهلي قدم إسهامات عظيمة للثقافة في مصر عبر التاريخ، فقبل ثورة تموز 1952 لم تكن هناك وزارة ثقافة، وانطلق كلّ النشاط الثقافي من مجلات وندوات ومؤتمرات عبر مبادرات أهلية، وثمّة مبادرات ثقافية أهلية تحمل الروح نفسها مثل جائزة ساويرس، وتنبع أهمية النشاط الأهلي الثقافي من مساهمته في إثراء الحياة الثقافية، وأتمنى ازدهاره والتوسع في نشاطاته". من فعاليات الملتقى. وأكّد عبد المجيد أهمية تنوع النشاطات، داعياً دور النشر والمؤسسات الثقافية إلى ابتكار مبادرات جديدة في مجالات متعدّدة مثل الشعر والمسرح والنقد الأدبي. كما توقّف عبد المجيد عند الطابع المكاني للملتقى قائلاً: "اختيارات الأماكن رائعة، خصوصا في منطقة المعز والحسين، فتلك الأماكن الأثرية تمنح الملتقى خصوصية وطابعا مختلفين". امتداد لتاريخ طويل من المبادرات المستقلة خلال السنوات التي تلت ثورة 2011، شهدت مصر انتعاشاً ملحوظاً في العمل الثقافي الأهلي والمبادرات الثقافية، لكنها تراجعت مع تراجع مصادر الدعم والتمويل، خصوصاً الأوروبيّ، ما ألقى بثقله على استمرارية بعض المشاريع. وقال مدير ملتقى القاهرة الأدبي محمد البعلي لـ"النهار": "نرى أنفسنا امتداداً لحركة النشر العربي المستقل، والمجلات الأدبية المستقلة التي ظهرت عبر التاريخ مثل "أبولو" و"الرسالة" و"الكاتب"، رغم أنّ النشاط الفعلي للفعاليات الأدبية كان محدوداً في تلك الفترات"، مضيفاً: "يمثّل الملتقى نموذجاً واضحاً للعمل الثقافي الأهلي المستقل، الذي كان ولا يزال حجر الأساس في بناء الحركة الثقافية العربية منذ عقود". وعن أبرز التحدّيات التي تواجه تنظيم الملتقى بوصفه عملاً مستقلاً، أوضح البعلي أن التحديات المالية هي الأصعب، فـ"تكلفة السفر والإقامة والدعاية والتسويق، كلّها تحتاج إلى موارد مالية كبيرة، وهذه التحديات نواجهها سنوياً، لكنّنا نتعامل معها بمرونة وابتكار"، كما أشار إلى وجود تحديات إدارية متكرّرة، خصوصاً في ما يتعلّق بحجز الأماكن والتعامل مع البيروقراطية أحياناً، وقال:"بعض الأعوام تمرّ بسلاسة، وأخرى قد تواجه بعض التعقيدات." القاهرة مركز جذب أدبيّ يستضيف الملتقى سنوياً أسماء أدبية مرموقة عربياً ودولياً، وشاركت في دورة هذا العام الكاتبة الألمانية جيني ايربينبيك، الفائزة بجائزة "البوكر" الدولية عام 2024. وأكد البعلي أنّ ذلك يعتمد على الثقل الثقافي للقاهرة، قائلاً:"حين ندعو كاتباً إلى حضور ملتقى في القاهرة، نلمس اهتماماً واضحاً، فالمدينة في حدّ ذاتها تملك جاذبية حضارية، ونحن كمؤسسة نتمتع بثقة دولية نتيجة عملنا الطويل مع كتّاب وناشرين ومؤسسات ثقافية حول العالم." ملتقى القاهرة الأدبي. واختتم البعلي حديثه بالإشارة إلى قيمة الأماكن التاريخية التي يحتضنها الملتقى، قائلاً: "اختيار قبّة الغوري وغيرها من المواقع في القاهرة التاريخية ليس عشوائياً، إذ تضيف هذه المواقع عمقاً ثقافياً وروحياً يتناغم مع رسالة الملتقى". يذكر أن الدورة الأولى من الملتقى أقيمت عام 2015 تحت اسم "مهرجان القاهرة الأدبيّ"، وتواصلت فعالياته سنوياً حتى ألغيت دورة 2020 مع تفشّي وباء كورونا، وتعثّرت محاولات إقامته سنوات تالية عدّة حتى استأنف نشاطه العام الماضي.


صوت لبنان
٠٩-٠٣-٢٠٢٥
- صوت لبنان
بعد فراق دام 20 عاما.. لقاء مؤثر بين النجمة السورية منى واصف وابنها
اجتمع شمل الفنانة السورية منى واصف بابنها الناشط عمار عبدالحميد، بعد عقدين من الزمن، في لقاء عاطفي وثقته عدسات الكاميرات وانتشر سريعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وظهرت منى واصف في الفيديو المتداول وهي تحتضن ابنها بحرارة، بعد أن فرقتهما المسافات لمدة 20 عاما، حيث غادر سوريا بسبب مواقفه السياسية المعارضة لنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد. وطوال السنوات الماضية، لم تخف منى واصف اشتياقها لابنها الوحيد، إذ تحدثت عنه في أكثر من لقاء، واصفة إياه بأنه "قصيدة حياتها"، مؤكدة أن بينهما الكثير من الصفات المشتركة مثل الالتزام، الحنان، والكرم. وخلال حديثها في لقاء متلفز في وقت سابق، قالت النجمة السورية إن أمنيتها الوحيدة هي رؤية ابنها بعد هذا الغياب الطويل. وكشفت أنها كانت منشغلة بتصوير أعمالها الفنية، عندما كان عمار صغيرا، مما جعلها تعتمد على حماتها في تربيته، لا سيما خلال فترة دراسته. وأشارت إلى أنها شعرت بتأنيب الضمير عندما اضطرت لتركه لفترات طويلة أثناء تصوير فيلم "الرسالة" الذي استمر لعامين، لكنها أكدت أن النجاح لا يلغي مسؤوليات الأمومة.