
أميركا وسباق عالمي على المعادن النادرة
أميركا وسباق عالمي على المعادن النادرة
تُعدّ شركة «يو إس إيه راير إيرث» جزءاً من مسعى أميركي متأخر لإعادة تأسيس سلسلة توريد محلية للمغناطيسات عالية الأداء المستخدمة في منتجات مثل الطائرات المسيرة، والمركبات الكهربائية، والهواتف الذكية، والأجهزة الطبية، والأسلحة العسكرية.
وتُسابق الشركة الزمن لإنشاء خط إنتاج، وتوظيف عشرات المتخصصين المهرة، وتحسين تركيباتها العلمية استعداداً لإنتاج ملايين مغناطيسات النيوديميوم القوية، أو ما يُعرف بـ«نيو»، في أوائل عام 2026.
ورغم أن المخاطر الجيوسياسية مُثيرة للقلق، تسيطر الصين على سوق نوع من المعادن تُعرف باسم «العناصر الأرضية النادرة»، وهي ضرورية لصنع المغناطيسات، وكذلك تهيمن الصين على سوق المغناطيسات نفسها، لاسيما خلال الأسابيع الأخيرة عندما حرمت شركات صناعة السيارات الأميركية من الإمدادات اللازمة، للتأثير على محادثات التجارة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبعد فترة طويلة من ترك هذا السوق للصين، تشق الشركات الأميركية طريقها حالياً لاستعادة مكانتها، غير أن شركة «يو إس إيه راير إيرث»، التي طُرحت أسهمها للتداول العام في مارس الماضي، لا تزال في مرحلة التأسيس وتواجه عقبات تعكس حقيقةً مزعجة وهي أن واشنطن ستستغرق سنوات قبل أن تتمكن من التخلص من اعتمادها على خصمها الاستراتيجي الرئيس، ويجب أن يكون للحكومة الفيدرالية دور كثيف في ذلك.
وبدأت ملامح عملية التصنيع تتبلور داخل منشأة الشركة، التي تبلغ مساحتها 310 ألف قدم مربع، هنا في أوكلاهوما، والتي كانت ذات يوم موطناً لمطابع مجلة «رولينج ستون». وتحتوي على قطع ضخمة من المعدات، تم الحصول عليها من مصنع هيتاشي الذي أوقف تشغيل الأجهزة قبل عقد من الزمن بعد 18 شهراً فقط من الاستخدام.
وتعتزم الشركة البدء في إنتاج المغناطيس بنهج حذر ومتدرج بمعدل سنوي قدره 600 طن متري مطلع العام المقبل، قبل مضاعفة هذه الكمية بنهاية العام. ومن المتوقع أن ينتج هذا المصنع، بعد بضع سنوات من الآن، 5000 طن متري، أو مئات الملايين، من المغناطيس، وأن يحقق إيرادات سنوية قدرها 800 مليون دولار، وفقاً لتصريحات بالارد.
وبمجرد تشغيل المصنع بكامل طاقته، سيستقبل براميل مليئة بالمعادن الأرضية النادرة وزنها نصف طن من مورد كوري جنوبي. وستستخدم آلات هيتاشي القديمة غاز الهيدروجين لإضعاف رقائق المعدن، قبل طحنها إلى مسحوق خشن، ثم سحقها بنفثات عالية الضغط من النيتروجين لإنتاج مسحوق ناعم يشبه التلك.
سيُضغط هذا الخليط الحريري على شكل كتل مضغوطة، ويُخبز في فرن عالي الحرارة، ويُقطع إلى أشكال دقيقة باستخدام أسلاك مكسوة بالماس. ذا التصنيع المتقدم ليس جديداً، ولكنه يتطلب جهداً كبيراً. إذا كانت حبيبات المسحوق كبيرة أو صغيرة جداً، أو إذا تعرضت المادة للأكسجين ولو لفترة وجيزة، فقد تتلف الدفعة.
وعندما اخترع عالمان ياباني وأميركي أول مغناطيس «نيو» في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، كانت الولايات المتحدة آنذاك رائدة في إنتاج المغناطيس العالمي. ومع بروز الصين كمنتج منخفض التكلفة ومدعوم بقوة من الدولة، هاجرت الصناعة، والعديد من الصناعات الأخرى، إلى الخارج، وهو اتجاه يصر ترامب على عكسه، حيث تحاول الولايات المتحدة منذ عدة سنوات تشجيع تطوير بدائل للمصادر الصينية للمعادن الأرضية النادرة. وتحتوي هذه المواد الطبيعية على واحد من 17 عنصراً من عناصر الأرض النادرة، مثل النيوديميوم.
وتُعد شركة «إم بي ماتيريالز» إحدى الشركات الأميركية الأكثر تقدماً في القطاع، حيث تُشغل منجم المعادن الأرضية النادرة الوحيد النشط في الولايات المتحدة، وتُعرّف نفسها بأنها «البطل الوطني» لإنشاء سلسلة توريد محلية متكاملة. وحصل منجم الشركة، الواقع في ماونتن باس بكاليفورنيا، على 45 مليون دولار من إدارة بايدن في عام 2022. وتتوقع الشركة أن تبدأ إنتاج المغناطيس في وقت لاحق من العام الجاري لشركة «جنرال موتورز» في منشأة في فورت وورث.
وفي الأسواق المدنية والعسكرية، يجب إنتاج المغناطيسات الصناعية بأشكال وأحجام لا حصر لها تقريباً، وتلبية متطلبات متنوعة للعمل في درجات حرارة عالية أو منخفضة وظروف قاسية أخرى.
ويهدف نهج «يو إس إيه راير إيرث» المدروس إلى التحكم في المخاطر، إلا أن عقبات تواجه الشركة مثل إيجاد عدد كافٍ من العمال الموهوبين لإدارة سلسلة توريد غادرت الولايات المتحدة منذ سنوات، والحصول على دعم حكومي، ومنافسة المنتجين الصينيين منخفضي التكلفة.
والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بشأن مدى قدرة الشركة على تحقيق جدوى تجارية من رواسب المعادن التي تمتلكها في جبل راوند توب، بالقرب من الحدود المكسيكية جنوب شرق إل باسو، بعدما أثبتت الشركة احتواء الموقع على كميات ضخمة من عدة معادن أرضية نادرة، من بينها المعادن «الثقيلة» ذات القيمة العالية.
وعلى المدى البعيد، تهدف الخطة إلى استبدال المواد الخام المستوردة من كوريا الجنوبية بالمعادن الأرضية النادرة المستخرجة من مناجم الشركة. وتُعد سلسلة التوريد هذه، التي تُعرف بـ«من منجم إلى مغناطيس»، الهدف الأسمى للقطاع الصناعي. إلا أن العديد من معادن راوند توب الأرضية النادرة تُوزع بتركيزات منخفضة. ولم تبدأ الشركة بعدُ في إنتاج التعدين، كما يشكك بعض محللي الصناعة في إمكانية تحقيق الربح من استخراج هذه المعادن.
التفوق الصيني في سوق المعادن الأرضية النادرة يظهر أن التكلفة تمثل عاملاً محورياً، حيث يرى المحللون أنها ستتطلب تكثيف انخراط الحكومة الفيدرالية، بجانب منح دعم حكومي مباشر لمواكبة الدعم الذي تُقدّمه بكين لمنتجيها. ويأتي تسارع واشنطن بسبب سيطرة الصين على إمدادات المعادن الأرضية النادرة ودورها في الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين. ففي أبريل الماضي، وبعد يومين من إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على السلع المستوردة، وضريبة بنسبة 34% على الواردات الصينية، أعلنت الحكومة الصينية عن قيود جديدة على صادراتها من المعادن الأرضية النادرة.
وأثار هذا الإيقاف المفاجئ قلقاً بين الشركات المصنعة الأميركية التي تعتمد على الموردين الصينيين. فأغلقت شركة فورد، التي تستخدم مغانط صينية من المعادن الأرضية النادرة في محركات مسّاحات الزجاج الأمامي، مصنعها في شيكاغو لمدة سبعة أيام، مما أدى إلى توقف إنتاج سيارة فورد إكسبلورر.
وساعد تزايد المخاوف في إقناع إدارة ترامب بإحياء المحادثات مع الدبلوماسيين الصينيين للتوصل إلى هدنة تجارية. وبعد يومين من الاجتماعات في لندن، اتفقت الحكومتان على تخفيف الإجراءات الأخيرة، التي تشمل حظر الصين على المعادن الأرضية النادرة، واستئناف الجهود نحو حل شامل.
إلا أن المحادثات الأوسع تجري في ظل نفوذ الصين في مجال المعادن الأرضية النادرة. فبعد اتفاق لندن، بدأت بكين في منح تراخيص تصدير جديدة لمنتجات المعادن الأرضية النادرة. إلا أنها تستمر ستة أشهر فقط، مما ينذر بفترة توقف جديدة في وقت لاحق من العام الجاري.
وفي سياق مواز، أمر ترامب وزارة التجارة في أبريل الماضي بالتحقيق في التداعيات الناجمة عن استيراد المعادن الأساسية والمنتجات المصنوعة منها على الأمن القومي، ومن بينها المغانط، مما قد يؤدي إلى فرض تعريفات جمركية جديدة.
كما اتخذ ترامب خطوات لتسريع إصدار تصاريح عمليات التعدين الجديدة، كتلك التي تخطط لها شركة «يو إس إيه راير إيرث» لمناجمها المعدنية في تكساس. وتدرس إدارته إجراءات أخرى مثل التمويل، والإعفاءات الضريبية، والتزامات الشراء، وتخزين المعادن.
*كاتب متخصص في الشؤون المالية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
بن طوق ينصح الشباب بدراسة التخصصات الاقتصادية الجديدة
نصح وزير الاقتصاد والسياحة، عبدالله بن طوق المري، الشباب الإماراتي بدراسة التخصصات الاقتصادية الجديدة، التي وصفها بأنها قطاعات ذات أهمية كبيرة لدولة الإمارات في المستقبل، حيث تمكنت الإمارات من تحقيق نجاح كبير فيها، وعلى رأسها الاقتصاد الأخضر والهيدروجين والطاقة المتجددة والطاقة النووية والاستدامة وقطاع الفضاء، مشيراً إلى أن قطاع الفضاء أصبح قطاعاً اقتصادياً فعالاً، وتمكّن من جذب أكثر من 50 شركة خلال فترة قصيرة في مجالات عدة، أبرزها الأقمار الاصطناعية والتكنولوجيا. وقال بن طوق، في لقاء على منصة «بودكاست 100 موجه»، إن هناك العديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية التقليدية القوية التي نجحت فيها الإمارات، وستستمر في تحقيق المزيد من النجاح فيها وجذب المزيد من فرص العمل خلال الفترة المقبلة، وهي قطاعات الطيران والنقل والسياحة والفندقة والنفط والغاز، لافتاً إلى أن هذه القطاعات تحتاج إلى تخصصات عديدة تدعمها، مثل الهندسة والمحاماة والقضاء ومدققي الحسابات والتعليم والصحة والطب والنقل، وغيرها. وأشار إلى أن الكثير من الأنشطة الاقتصادية التقليدية توقف تماماً خلال جائحة «كورونا»، وظهرت قطاعات جديدة بعد الجائحة، أبرزها التجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والرعاية الصحية القائمة على التكنولوجيا، مؤكداً أن الإمارات نجحت في تطبيق أفضل العلاجات في العالم، ويوجد فيها حالياً أفضل مستشفيات العالم، نتيجة لرؤية القيادة في أن يصبح للإمارات جانب اقتصادي قوي في الرعاية الصحية والتكنولوجيا. وكشف وزير الاقتصاد والسياحة عن أن الوزارة أجرت مسحاً للاقتصاد الإماراتي، ووجدت أن هناك تكتلات اقتصادية عديدة في اقتصاد الدولة، حيث تم اختيار خمسة تكتلات اقتصادية صاعدة، وذلك بتوجيه من القيادة تحتاج للتركيز عليها خلال 10 سنوات مقبلة، لتحقيق نمو كبير بها، وهي تكتلات الغذاء والتصنيع الغذائي، الفضاء والدفاع، الخدمات المالية، السياحة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مشيراً إلى أن هناك فريق عمل في الوزارة معنياً بالتكتلات الاقتصادية، كما توجد إدارة خاصة بها. ودعا بن طوق الشباب الإماراتي إلى التركيز على هذه التكتلات لتقديم قيمة مضافة للاقتصاد، لاسيما تكتل الأمن الغذائي والتصنيع الغذائي، لأن 95% من غذاء الإمارات مستورد، لافتاً على سبيل المثال إلى شركة إماراتية تصنع معجون التمور، وتصدّر 500 طن منه سنوياً إلى الولايات المتحدة لاستخدامه في مجالات التغذية والتغذية العلاجية، بدلاً من تصديره كتمر خام، فأصبح له قيمة مضافة، كما أصبح منتجاً عالمياً مطلوباً في دول عدة.


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
مداهمات دائرة الهجرة الأميركية تضغط على الاقتصادات المحلية
لطالما كان مركز «أرتيغاز» اللاتيني، في نيوارك بولاية كاليفورنيا، مركزاً للتسوق والتواصل الاجتماعي لعقود وحتى وقت قريب، أما الآن فالممرات في المركز في الأغلب تكون هادئة، وموقف السيارات شبه فارغ. وقالت مالكة المركز، لوبي لوبيز، إن المحال والشركات المجاورة لا تختلف عن ذلك، فالمطاعم ومتاجر الحفلات والملابس، وحتى متاجر التجزئة الكبرى، تبدو فارغة منذ أن كثّفت إدارة الرئيس، دونالد ترامب، حملة الترحيل الجماعي، وداهمت الشركات في مختلف القطاعات، واستهدفت عمال اليومية في مواقف سيارات البيع بالتجزئة. وأضافت السيدة البالغة من العمر 68 عاماً: «الخوف محسوس في كل جانب، إذ لا أحد يقيم الحفلات، ولا أحد يذهب إلى أي مكان، والرفوف لاتزال على حالها». تحولات من متاجر البقالة في كاليفورنيا إلى سلاسل مطاعم الدجاج في ضواحي العاصمة واشنطن، تُبلغ الشركات التي تخدم أعداداً كبيرة من المهاجرين عن تحولات في سلوك المستهلكين، فقد لوحظ انخفاض عدد الزيارات إلى المتاجر، وزيادة في طلبات التوصيل، ما يهدد بتراجع الاقتصادات المحلية، وفقاً لمقابلات مع أصحاب الأعمال، إضافة إلى بيانات الإنفاق. وفي إطار الحملة على الهجرة غير الشرعية، التي أسهمت في فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، يسعى البيت الأبيض إلى طرد مليون مهاجر غير شرعي، على الأقل، في السنة الأولى. ونتيجة لذلك داهمت سلطات الهجرة الفيدرالية أماكن العمل في جميع أنحاء البلاد بشكل متزايد، ما أثار احتجاجات في لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وشيكاغو وأتلانتا ومدن أخرى، ونفذت نحو 200 عملية اعتقال يومياً، وفقاً لما صرّح به مسؤول الحدود في إدارة البيت الأبيض، توم هومان، لصحيفة «واشنطن بوست» الأسبوع الماضي. مخاوف الترحيل وبحسب لوبيز، فإن مخاوف الترحيل تؤثر في الأشخاص الذين يرتادون متاجرها، مشيرة إلى أن بعض زبائنها من المهاجرين غير الشرعيين يرسلون أطفالهم المولودين في الولايات المتحدة لشراء ما يحتاجون إليه. وقالت: «الأمر كذلك بالنسبة للمقيمين بشكل قانوني، إذ يخشون الخروج خلال النهار، ويحمل الكثير منهم جوازات سفرهم معهم تحسباً لأي توقيف»، مضيفة: «إذا لم يتوقف هذا، أشعر أنه سيدمر اقتصادنا». تأثرت المجتمعات التي تضم عدداً كبيراً من السكان اللاتينيين المولودين في الخارج بشكل خاص بمداهمات الهجرة، وفقاً لأصحاب الأعمال ومجموعات الأعمال ذات الأصول اللاتينية في جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث أجرى موظفو إدارة الهجرة والجمارك زيارات مكثّفة لمواقف سيارات ومغاسل السيارات والمطاعم. ويقلل المستهلكون ذوو الأصول اللاتينية من مشترياتهم من البقالة، حيث انخفضت مبيعات الأطعمة والمشروبات بنسبة 4.3% في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، بحسب بيانات الإنفاق من «كانتار»، وهي شركة متخصصة في تحليل بيانات التسويق، وينطبق الأمر نفسه على السلع الكمالية، مثل الملابس، التي انخفضت بنسبة 8.3% خلال الفترة ذاتها. نطاق واسع في المقابل، انخفض إنفاق غير ذوي الأصول اللاتينية على الأطعمة والمشروبات بنسبة 0.1%، بينما ارتفع في السلع الكمالية، مثل الملابس والسلع المنزلية بنسبة 1.9%. ويمكن أن تكون لهذه التحولات آثار في الاقتصاد الأوسع، بالنظر إلى أن المهاجرين على نطاق واسع شكلوا 18% من إجمالي الناتج الاقتصادي الأميركي في عام 2023، أو 2.1 تريليون دولار عام 2024، وفقاً لمعهد السياسة الاقتصادية ذي الميول اليسارية. وتصف بعض مجموعات الأعمال مناخاً من الخوف يسوده امتناع المهاجرين غير المسجلين، إضافة إلى أفراد عائلاتهم المقيمين هنا بشكل قانوني، عن الذهاب إلى العمل. وقالت غرفة تجارة أريزونا في مدينة فينيكس، حيث إن 42% من السكان من أصل لاتيني، وهناك واحد من كل خمسة مولود في الخارج، إن «هذا لا يعني أن أحداً يؤيد الحدود المفتوحة، ولا يعني أن جميع مخاوف القوى العاملة ناجمة عن توظيف عمال غير مصرح لهم»، مضيفة: «لكن عندما تهدد فرداً واحداً من أسرة متعددة الأوضاع، فإنك تهدد الأسرة بأكملها». غير أن مارك كريكوريان، المدير التنفيذي لمركز دراسات الهجرة، وهو مركز أبحاث يدعم تقليل أعداد المهاجرين وزيادة إنفاذ القوانين، بما في ذلك تكثيف مداهمات دائرة الهجرة والجمارك الأميركية، قال إن «أي خلل قد تسببه هذه الأساليب في الاقتصادات المحلية يجب أن يُنظر إليه على أنه ثمن للالتزام بقانون الهجرة»، وأضاف: «أي تحول كهذا سيسبب اضطرابات، وسيعاني البعض مشكلات إذا سمحنا بانتشار الممارسات غير القانونية من دون عقاب لسنوات». من المرجح أن تكون لنهج ترامب في إنفاذ قوانين الهجرة آثار أكبر في الاقتصادات المحلية مقارنة بنهج إدارة أوباما، التي أشرفت بشكل ملحوظ على عدد هائل من عمليات الترحيل، وفقاً لخبراء الهجرة. استهداف الجميع سجّل الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، الذي وصفه المدافعون عن حقوق المهاجرين بـ«المُرحل الرئيس»، 5.3 ملايين عملية ترحيل خلال فترتي ولايته. وقال أستاذ العلوم السياسية والسياسات العامة في جامعة فرجينيا، ديفيد ليبلانج، إن «هناك آثاراً طفيفة في الاقتصاد، لأن اعتقالات تتعلق بالهجرة حدثت أيضاً في مواقع العمل خلال تلك السنوات»، موضحاً أن الفرق يكمن في أن إنفاذ القوانين ركز على الأشخاص المدانين بجرائم جنائية، بينما تستهدف الحملة الحالية أي شخص بدون وضع قانوني. وأضاف: «خلال إدارة أوباما - وحتى خلال إدارة ترامب الأولى - لم يكن هناك مهاجرون يتغيبون عن مواقع العمل، سواء كانوا قانونيين أو غير قانونيين، لأنهم كانوا يشعرون بالقلق من أن تأتي دائرة الهجرة والجمارك وتقبض على الجميع، وترسلهم إما إلى السجن أو تضعهم على متن طائرة وترسلهم إلى بلد آخر». أما الآن، وفقاً لليبلانج «فإن التخويف مُتعمد»، وتتجلى حملة ترامب للترحيل في المراكز الحضرية في جميع أنحاء البلاد، إذ تُجري دائرة الهجرة والجمارك الأميركية مداهمات على الفنادق والمطاعم والمزارع ومراكز التعبئة والتغليف ومغاسل السيارات ومواقف سيارات تجار التجزئة. عن «واشنطن بوست» إنفاذ القانون الخشية من الاعتقال أربكت حياة الكثير من المهاجرين. أرشيفية قالت مساعدة وزير الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين: «لن تكون هناك أماكن آمنة للصناعات التي تؤوي مجرمين عنيفين، أو تحاول عمداً تقويض جهود دائرة الهجرة والجمارك»، وأضافت: «يظل إنفاذ القانون في مواقع العمل حجر الزاوية في جهودنا لحماية السلامة العامة والأمن القومي والاستقرار الاقتصادي». خيارات أرخص قدمت شركة «بيرلينجتون» للملابس، وشركة المشروبات العملاقة «كيوريج دكتور بيبر»، ملاحظات سلبية خلال مناقشة الأرباح الأخيرة. وفي أبريل الماضي، قال الرئيس التنفيذي لـ«كيوريج دكتور بيبر»، تيموثي كوفر، إن المستهلكين من أصل إسباني يمثّلون «نسبة كبيرة من المتعاملين»، مشيراً إلى أن بيانات المبيعات الأخيرة كشفت عن «تراجع في اتجاهات المستهلكين من أصل إسباني مقارنة بالسكان عموماً». وأضاف: «إنهم يقومون بتسوق أقل، وينفقون أقل عند القيام بذلك». وتوقعت مالكة مركز «لوبيز» اللاتيني، لوبي لوبيز، أن يشهد المركز بعض التراجع في المبيعات، بعد أن أدت الرسوم الجمركية إلى ارتفاع الأسعار، لكنها لم تكن تتوقع مداهمات من قبل إدارة الهجرة والجمارك. وقالت: «الآن يلجأ العملاء إلى التوفير بالتخلي عن المنتجات الطازجة واللحوم مقابل خيارات أرخص، مثل المعكرونة والجبن المعلب والحساء المعلب». وأضافت: «الكثيرون يخشون احتمال ترحيلهم، وحتى لو لم يحدث ذلك، فإنهم يخشون فقدان وظائفهم أو مشروعاتهم الصغيرة إذا تدهور الاقتصاد»، لافتة إلى أن المعلومات المضللة والقلق المتزايد، يُعدّان من المخاوف أيضاً، وذكرت لوبيز أن منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الخاصة بها، تعج بتحذيرات بشأن مداهمات دائرة الهجرة والجمارك الأميركية، وتحاول لوبيز التحقق من صحة الادعاءات قبل إعادة نشرها على منصات التواصل الاجتماعي والرد على الرسائل النصية، على أمل تصحيح أي معلومات مضللة قبل أن تؤثر في الشركات المحلية، مؤكدة أن هذه الإنذارات في الأغلب تكون كاذبة. تباطؤ الأعمال على الرغم من إقرار مسؤولين أميركيين بأن بعض الشركات ستفلس في ظل هذا المناخ، فإنهم يؤكدون أن المعاناة الاقتصادية قصيرة المدى ستعود بالنفع في نهاية المطاف على العمال المحليين ذوي المهارات المحدودة، الذين يميلون إلى فقدان فرص العمل بسبب تنافسهم على الوظائف مع المهاجرين غير المسجلين، وفقاً للدراسات الاقتصادية. وينعكس تباطؤ الأعمال بالفعل في بيانات التسوق والتصريحات العامة الصادرة عن سلاسل البيع بالتجزئة وشركات السلع الاستهلاكية. وكان الرئيس التنفيذي لشركة «جي دي سبورتس»، ريجيس أندريه شولتز، أشار إلى هذا الأمر، الشهر الماضي، خلال ندوة مع أصحاب الأعمال. وقال إن علامة «شو بالاس» التجارية للأزياء الرياضية، التي «تستهدف العملاء من أصول لاتينية»، شهدت «انخفاضاً كبيراً في عدد زبائنها، وهو أمر أعتقد أنه مؤشر واضح»، مضيفاً: «أعتقد أن أعمال الشركة عبر الإنترنت كانت جيدة، لكن يمكن بالتأكيد رؤية تأثير سياسة الهجرة في (شو بالاس)». المجتمعات التي تضم عدداً كبيراً من السكان اللاتينيين المولودين في الخارج تأثرت بشكل خاص بمداهمات الهجرة. من المرجح أن يكون لنهج ترامب، في إنفاذ قوانين الهجرة، آثار أكبر في الاقتصادات المحلية مقارنة بنهج إدارة أوباما.


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
146 مليون دولار لدعم الكهرباء في سوريا
دمشق (وكالات) أعلن البنك الدولي في بيان منحة بقيمة 146 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية، لمساعدة سوريا في استعادة إمدادات كهرباء موثوقة وبأسعار ميسورة ودعم التعافي الاقتصادي للبلاد. ويموّل المشروع إعادة تأهيل خطوط نقل التوتر العالي، بما فيها خطان رئيسان للربط الكهربائي بطاقة 400 كيلوفولط تضررا خلال سنوات الصراع. كما يشمل إصلاح المحطات الفرعية لمحولات التوتر العالي المتضررة، فضلاً عن توفير قطع الغيار ومعدات الصيانة اللازمة. وقال جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي: «من بين حاجات إعادة الإعمار الملحة في سوريا، برزت إعادة تأهيل قطاع الكهرباء كاستثمار حيوي لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري، ودعم عودة اللاجئين والنازحين داخلياً، فضلاً عن تمكين استئناف خدمات أخرى مثل خدمات المياه والرعاية الصحية للسكان، والمساعدة في دفع عجلة التعافي الاقتصادي»، مضيفاً «يمثل هذا المشروع الخطوة الأولى في خطة زيادة دعم البنك الدولي لسوريا في مسيرتها نحو التعافي والتنمية». وألحقت سنوات النزاع أضراراً بالغة بالبنى التحتية الرئيسة خصوصاً الكهرباء، ومع تدمير أو تضرر محطات رئيسة ونقص الصيانة، تجاوزت ساعات التقنين العشرين ساعة يوميًا خلال السنوات الأخيرة.