logo
الشركات الاستشارية والذكاء الاصطناعي

الشركات الاستشارية والذكاء الاصطناعي

الشرق الأوسطمنذ 7 ساعات
كانت الشركات الاستشارية أكبر مناصر للذكاء الاصطناعي منذ بدء ثورته، وأكّدت الشركات الاستشارية في عروضها للشركات والحكومات على ضرورة تبني الذكاء الاصطناعي، وتضمينه في نماذج الأعمال، ودوره في تحسين العمليات وزيادة الكفاءة واستدامة العمل، إلا أن هذه الشركات، في خضم تسويقها للذكاء الاصطناعي، تجد نفسها اليوم في مأزق أمام تأثير الذكاء الاصطناعي على نماذجها التجارية، التي تبنّتها لسنين طوال، وحققت لها أرباحاً طائلة، فما أوجه تأثر الشركات الاستشارية من الذكاء الاصطناعي؟ ولماذا يعدّ هذا الوقت بالتحديد حرجاً لها؟
كانت ذروة أرباح الشركات الاستشارية في وقت الجائحة، حين احتاج العالم إلى قدراتها لمواجهة خطر لم تسبق له مواجهته بهذا الشكل، فاتجه العديد من الشركات للتحوّل الرقمي، واستحدث العديد من الدول استراتيجيات تتمحور حول الجائحة، وتطلبت سلاسل الإمداد العالمية خططاً جديدة تتناسب مع التغيرات حينها، ولكن هذه الزيادة في الحاجة إلى الشركات الاستشارية لم تستمر، فسرعان ما استقرت الأوضاع، لتعود بعدها الأعمال لرتمها الطبيعي، لكن ذلك لم يكن سهلاً على الشركات الاستشارية، فانخفض نمو شركة «بي دبليو سي» في الولايات المتحدة من 10.7 في المائة عام 2023 إلى 3.4 في المائة عام 2024، وصاحب ذلك انخفاضاً بنسبة 2 في المائة في عدد الموظفين، كما انخفض عدد موظفي «ماكينزي» من 45 ألف موظف في نهاية عام 2023 إلى نحو 40 ألف موظف منتصف العام الحالي، بعض تصريحات المسؤولين في هذه الشركات تركّزت على دور الذكاء الاصطناعي في استبدال بعض الوظائف بأدوات الذكاء الاصطناعي، لكن الأمر لا يتعلق باستبدال بعض الوظائف الممكن أتمتتها، بل يمتد إلى أعمق من ذلك، وهو نموذج عمل الشركات الاستشارية.
أول ما تعرض للانكشاف في الشركات الاستشارية هو نموذج «ساعات العمل القابلة للفوترة»، الذي طالما شكّل حجر الزاوية في استدامة الشركات الاستشارية، ويقيس هذا النموذج الإنتاجية والإيرادات بعدد الساعات التي يقضيها المستشار في العمل، وأصبح هذا النموذج اليوم في أزمة، فإذا كانت الآلة قادرة على تنفيذ العمل في دقائق معدودة، فلماذا يستمر العميل في الدفع مقابل الوقت؟ والأهم من ذلك، كيف تستمر الشركات في تبرير أسعارها المرتفعة، إن لم يعد الوقت مقياساً كافياً للقيمة؟هذه التساؤلات دفعت إلى البحث عن أسلوب تسعيري جديد للشركات الاستشارية، لطالما سعت هذه الشركات للابتعاد عنه، وهو الأسلوب القائم على القيمة المضافة، لا على الجهد، فبدلاً من أن يُدفع للمستشار بناء على عدد الساعات، يُدفع له بناء على النتائج الملموسة التي يمكن قياسها وتأثيرها المباشر على عمل العميل، ويتّخذ هذا التحوّل أشكالاً كثيرة. منها: رسوم مسبقة مقابل الخدمة، أو أتعاب تعتمد على الأداء الفعلي، كأن يحصل المستشار على نسبة من الأرباح المحققة بعد تنفيذ الاستراتيجية، وهو شكل يحوّل العلاقة بين الاستشاري والشركة من تعاقد إلى شراكة!إلا أن هذا الأسلوب لا يتناسب مع الشركات الاستشارية، ولا لوم عليها في ذلك، فتحديد القيمة المضافة في الخدمات الاستشارية ليس أمراً سهلاً، فلا وجود لمرجعية تحكم جودة العمل، كما الحال في المحاسبة أو المحاماة. لذلك، فإن الأمر متروك للانطباعات والنتائج بعيدة المدى، كما أن هذا النموذج ينقل جزءاً من المخاطرة إلى الشركات الاستشارية، دون أن يكون لهم التحكم الكامل في النتائج.
في المقابل، ليست جميع الشركات الاستشارية متضررة من الذكاء الاصطناعي، فالشركات الصغيرة والمتوسطة أصبحت لديها القدرة لمنافسة الشركات الكبرى، فقد وفّر لها الذكاء الاصطناعي موارد لم تكن لديها من قبل، وأزال عائق الحجم أمام عمالقة القطاع، وأصبح العمل الذي كان يحتاج إلى فريق كامل من المستشارين، يمكن أن يُنجز بفريق من مستشارين أو 3 مستشارين، كما أن هذه الشركات بحجمها الصغير أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع هذه التغيرات من الشركات الضخمة ذات الهياكل التنظيمية المعقدة والقرار متعدد المستويات.
لقد اقتنعت الأسواق بأهمية الذكاء الاصطناعي في نماذج عملها، ووقعت الشركات الاستشارية التي أسهمت في إقناع السوق بذلك ضحية لهذه القناعة، وهي الآن أمام اختبار حقيقي يوجب عليها تغيير جوهر نموذج أعمالها، أو على الأقل الوعد بأن تحقق أعمالها نتائج حقيقية ملموسة، ولا سيما أنها بالفعل تواجه انخفاضاً في مبيعاتها خلال الفترة الأخيرة. وما يزيد الطين بلة أن معظم عملاء هذه الشركات أصبحوا يجرّبون أدوات الذكاء بأنفسهم، ويقارنون بين نتائجها ونتائج الشركات الاستشارية، ما يجعل الخبرات المتراكمة للشركات الاستشارية سلاحها الوحيد أمام صناعة يبدو أنها على وشك التغيّر.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

متأثرا بالتقدم في اتفاقات التجارة وتمديد مهلة الرسوم الجمركيةانخفاض أسعار الذهب
متأثرا بالتقدم في اتفاقات التجارة وتمديد مهلة الرسوم الجمركيةانخفاض أسعار الذهب

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

متأثرا بالتقدم في اتفاقات التجارة وتمديد مهلة الرسوم الجمركيةانخفاض أسعار الذهب

انخفضت أسعار الذهب اليوم الاثنين بعد أن أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إحراز تقدم في عدد من الاتفاقيات التجارية وإعلانه عن تمديد مهلة الرسوم الجمركية للعديد من الدول، مما قلص الطلب على المعدن النفيس الذي يعتبر ملاذا آمنا. وبحلول الساعة 0232 بتوقيت جرينتش، انخفض الذهب في المعاملات الفورية 0.6 بالمئة إلى 3314.21 دولار للأوقية (الأونصة). وتراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.6 بالمئة إلى 3322 دولارا. وقال ترامب أمس الأحد إن الولايات المتحدة تقترب من وضع اللمسات النهائية على عدد من الاتفاقيات التجارية في الأيام المقبلة وستقوم بإخطار الدول الأخرى بمعدلات الرسوم الجمركية الأعلى بحلول التاسع من يوليو ، على أن تدخل الرسوم الأعلى حيز التنفيذ في الأول من أغسطس آب. وأدت المخاوف من التضخم المدفوع بالرسوم الجمركية إلى توقعات بتخفيضات أبطأ في أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي). وتظهر العقود الآجلة لأسعار الفائدة أن المتداولين لم يعودوا يتوقعون خفض أسعار الفائدة من جانب المركزي الأمريكي هذا الشهر، ويتوقعون ما مجموعه تخفيضين فقط بمقدار ربع نقطة مئوية بحلول نهاية العام. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفضت الفضة في المعاملات الفورية 0.8 بالمئة إلى 36.81 دولار للأوقية، وتراجع البلاتين 0.8 بالمئة إلى 1380.55 دولار للأوقية، ونزل البلاديوم واحدا بالمئة إلى 1123.31 دولار للأوقية.

ترمب يحذر من الانحياز لسياسات "بريكس" ويتوعد بجمارك إضافية
ترمب يحذر من الانحياز لسياسات "بريكس" ويتوعد بجمارك إضافية

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

ترمب يحذر من الانحياز لسياسات "بريكس" ويتوعد بجمارك إضافية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الدول التي تنحاز إلى "السياسات المعادية للولايات المتحدة" لدول مجموعة "بريكس" ستفرض عليها رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10%. وأضاف الرئيس الأميركي في منشور على موقع "تروث سوشيال": "أي دولة تنحاز إلى السياسات المعادية للولايات المتحدة الأميركية لمجموعة بريكس ستفرض عليها رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10%.. لن يكون هناك أي استثناءات لهذه السياسة.. شكرا لكم على اهتمامكم بهذا الأمر!". وأعلن البيان الختامي لقمة مجموعة "بريكس" لعام 2025 الحاجة إلى تحسين هيكل الحوكمة المالية العالمية، وزيادة التمثيل والصوت للدول النامية في مؤسسات بريتون وودز، لتكون أكثر تمثيلاً وفعالية وشفافية ومساءلة، وتعكس الواقع الاقتصادي العالمي الحالي بشكل أفضل. كما رحب البيان الختامي بالعمل الجاري لتطوير منصات الدفع العابرة للحدود، مشيداً بالجهود الهادفة إلى تعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة الدولية والمعاملات المالية بين دول "البريكس"، مع ضمان الاستقرار المالي وتخفيف المخاطر النظامية. وأشار البيان إلى أهمية التعاون في مجالات التحول العادل للطاقة، والأمن الغذائي، والتنمية الزراعية المستدامة، وتغير المناخ، والتنوع البيولوجي، والتلوث، وإزالة الكربون من الاقتصاد، من أجل تعزيز التنمية المستدامة. وجدد البيان الختامي الالتزام باتفاق باريس، مشدداً على ضرورة تنفيذ مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، مع الأخذ في الاعتبار الظروف الوطنية المختلفة، داعياً الدول المتقدمة إلى الوفاء بالتزاماتها المالية المتعلقة بالمناخ. ودعم البيان الختامي إعلان قادة "بريكس" حول تمويل المناخ، مشيداً بإعلان قادة "البريكس" حول الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي. وعبر البيان الختامي عن قلقه إزاء استخدام التدابير الاقتصادية القسرية أحادية الجانب، التي تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة، مؤكداً أهمية نظام التجارة متعدد الأطراف، الذي تقع منظمة التجارة العالمية في مركزه، داعياً إلى تنفيذ اتفاقياتها بالكامل، من أجل تعزيز نظام تجاري عالمي عادل ومنصف وشامل وشفاف. وتوسعت مجموعة الاقتصادات الناشئة الكبرى "بريكس"، العام الماضي، لتضم دولاً بخلاف البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، وهي مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والسعودية والإمارات.

الأسهم الآسيوية تتراجع بانتظار نتائج المفاوضات الأمريكية التجارية
الأسهم الآسيوية تتراجع بانتظار نتائج المفاوضات الأمريكية التجارية

الاقتصادية

timeمنذ 2 ساعات

  • الاقتصادية

الأسهم الآسيوية تتراجع بانتظار نتائج المفاوضات الأمريكية التجارية

تراجعت الأسهم الآسيوية مع ترقب المستثمرين لإحراز تقدم في المفاوضات التجارية بين أمريكا وعدد من الدول، قبيل مهلة 9 يوليو التي فرضها الرئيس دونالد ترمب. انخفض مؤشر الأسهم الإقليمي بنسبة 0.7%، مع تراجعات في هونغ كونغ واليابان. قال ترمب في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" إن أمريكا سترسل رسائل الرسوم الجمركية وتعلن أيضاً عن صفقات تجارية، اعتبارا من الساعة 12 ظهراً بتوقيت الساحل الشرقي يوم الإثنين، مضيفا أن أي دولة تصطف مع السياسات "المعادية لأميركا" في "بريكس" ستواجه رسما إضافيا 10%، من دون أي استثناءات. تعزز الدولار على خلفية هذه التصريحات. وحققت سندات الخزانة مكاسب طفيفة مع استئناف التداول النقدي، وانخفض العائد على السندات لأجل عشر سنوات بنحو نقطتي أساس إلى 4.33%. وتراجعت أسعار النفط بنسبة 1% إلى 67.61 دولاراً للبرميل بعد إعلان "أوبك+" عن زيادة في الإنتاج. كان مسؤولو الإدارة الأميركية قد لمحوا في وقت سابق إلى أن الأول من أغسطس هو موعد بدء تنفيذ الرسوم الجمركية المرتفعة، وأشاروا إلى أن بعض الدول قد تحصل على مزيد من الوقت للتفاوض على صفقات. الأسواق تترقب مصير اتفاقات اللحظة الأخيرة يركز المستثمرون على نتائج عدد من المفاوضات التجارية بحثاً عن إشارات بشأن الاتجاه المقبل للأسواق، في وقت سارع فيه كبار شركاء الولايات المتحدة التجاريين خلال عطلة نهاية الأسبوع لتأمين صفقات. وقد تعافت الأسهم لتسجل مستويات قياسية منذ هبوطها في أبريل، عندما أعلن ترمب عن رسومه الواسعة النطاق ثم أعلن عن تجميد مؤقت مدته 90 يوماً لإتاحة المجال للدول للتفاوض مع أمريكا. قال نيك تويديل، كبير المحللين في "إيه تي غلوبال ماركتس" في سيدني، إن "هناك قدراً من الحذر يخيّم على السوق قبيل التحديثات خلال الأيام المقبلة". وأضاف: "أتوقع أن نشهد تقلبات على أساس كل دولة على حدة، عند الإعلان عن صفقات معينة، أو عدم الإعلان عنها". قال وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك إن الرسوم المصممة على أساس كل دولة ستدخل حيز التنفيذ في 1 أغسطس. وتواصلت المفاوضات قبيل المهلة، في وقت تضغط فيه أوروبا من أجل صفقة تتيح إعفاء من الرسوم على شركات السيارات مقابل زيادة الاستثمارات في أمريكا، فيما أشار وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى أن بعض الدول قد تُمنح مهلة إضافية تمتد لـ 3 أسابيع للتفاوض. الصين تفرض قيودا متبادلة على مشتريات من أوروبا في تطور منفصل، قالت الصين إنها ستفرض بعض القيود المتبادلة على مشتريات الأجهزة الطبية من الشركات الأوروبية، مما يزيد التوترات بين الشريكين التجاريين الرئيسيين، في وقت تسعى فيه بكين إلى تعزيز علاقاتها مع أمريكا. وقالت هيبي تشن، المحللة في "فانتاج ماركتس"في ملبورن إن "الخلاف الأخير حول الأجهزة الطبية مع الاتحاد الأوروبي يُبرز فشل محاولة بكين السابقة للتنسيق مع أوروبا ضد واشنطن"، مضيفة "الأسواق ستبقى حذرة، والتجار في حالة ترقب، إذ يبدو أن جميع التطورات الأخيرة تقريباً المرتبطة بمهلة رسوم ترمب المتبادلة، تميل ضد مصالح الصين".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store