logo
العرب وإيران: غياب المشروع وضرورات اليقظة

العرب وإيران: غياب المشروع وضرورات اليقظة

بوابة الأهراممنذ 10 ساعات

أعلن ترامب انتهاء الحرب وحدد توقيت وقف إطلاق النار بدقة مذهلة. الرجل لا يكف عن مفاجآته، وها هو يغرد: «حفظ الله إيران وإسرائيل!». فنامت طهران على دعوات البيت الأبيض، وصمتت تل أبيب على صلوات المرشد!
ماذا جرى؟ بل ماذا يجري؟ لا محل للسؤال فى حروب تُصنَع فى استوديوهات تليفزيون الواقع، وتُنتَج كما لو أنها سلسلة من إنتاج «نتفليكس». نحن نعيش نزاعات تبدو أقرب لأعمال فانتازيا منها إلى حروب تُدار بغرف عمليات حقيقية.
حروب الجميع تقاسم فيها الهزيمة، فاتفقوا على إعلان نصر مشترك! ولكن الأهم فى كل هذا، أن الحرب الإسرائيلية–الإيرانية الأخيرة جاءت لتكشف مجددا عن حقائق راسخة، أبرزها غياب المشروع العربى، الذى ترك فراغا استراتيجيا تحاول مختلف القوى الإقليمية ملئه.
وهذا الغياب ليس تفصيلا بسيطا؛ فالعرب اليوم يشكّلون أكثر من 430 مليون نسمة، ويمتلكون طاقات بشرية واقتصادية هائلة، لكنهم لا يملكون مشروعا متكاملا يعزز وجود تحالف سياسى أو أمنى موحد، رغم أن الإنفاق العسكرى العربى يتجاوز 110 مليارات دولار سنويا. كل ذلك بلا مشروع جامع، بلا تكامل، وبلا رؤية استراتيجية مشتركة. وبينما العالم يتكتل سياسيا واقتصاديا، لا يزال العرب أسرى مبادرات فردية وردود فعل متقطعة. فى ظل هذا الواقع، تطرح أسئلة ملحة حول كيفية بناء علاقات متوازنة وقابلة للاستمرار مع القوى الإقليمية، وعلى رأسها إيران.
أما فيما يتعلق بإسرائيل، فقد بات أى نقاش حول جدوى العلاقة معها عقيما، فنحن أمام كيان محتل . خاصة فى ظل استمرار حكومة نيتانياهو اليمينية المتطرفة فى فرض رؤى دينية إقصائية، لا تتسامح حتى مع المختلف داخل ديانتها، فكيف بالمخالفين دينيا وعرقيا؟ وهنا تبرز المعضلة الأخلاقية والسياسية التى يجد الغرب نفسه فيها، نتيجة دعمه غير المشروط لإسرائيل، بوصفها الديمقراطية الوحيدة فى محيط عربى «غير ديمقراطي»، كما تقول السردية الغربية السائدة. هذه السردية غذّت خطابا استشراقيا يسوّق العربى ككائن عنيف، رافض للحداثة، بينما تقدَّم إسرائيل كدولة علمانية مسالمة.
لكن الواقع اليوم قلب هذه المعادلة: العربى الذى صُوِّر يوما كامتداد «لجماعة الأفغان العرب»، يظهر اليوم فى كثير من حالاته أكثر عقلانية واعتدالا من الحكومة الإسرائيلية الحالية، التى تبدو أشبه بجماعة لاهوتية متشددة تتبنى رؤى توراتية وتضم أكثر المتشددين عنفا فى التاريخ.
تطلق إسرائيل على عملياتها العسكرية أسماءً توراتية كـ«أسد الرب»، وتتلقى دعما أمريكيا ثابتا بقرابة أربعة مليارات دولار سنويا، وتعويضا مستمرا عن كل خسارة للمال والسلاح، فى حين خلفت حربها الأخيرة على غزة منذ أكتوبر 2023 أكثر من 55 ألف شهيد فلسطينى، بينهم 18 ألف طفل، ودمرت ما يزيد على 80% من البنية التحتية فى القطاع، بحسب تقارير أممية.
لقد أسقطت حكومة نيتانياهو، خلال السنوات الأخيرة، سبعة عقود من التجميل السياسى الذى حاول تسويق إسرائيل كدولة تحترم القيم الديمقراطية والتعدد. ما ظهر هو العكس تماما: عنصرية معلنة، كراهية للآخر، وتمسك بخرافات دينية ترفض المنطق والعقل. لكن صمود الشعب الفلسطينى، ورؤية الثورة الفلسطينية الإنسانية منذ البداية، عزز للقضية الفلسطينية بعدها الحقيقى كرمز للتحرر الإنسانى ورفض العنصرية والاستعمار.
أما فى الجهة الأخرى، فالعلاقة مع إيران تظل جوهر التحولات الإقليمية، إلا أنها علاقة مضطربة منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979.
إيران تبنّت مشروع تصدير الثورة، مقرونا بخطاب مذهبى وهيمنة إقليمية، ما عمّق من مشاعر الرفض لها سياسيا وشعبيا. وقدّرت تقارير مختلفة أن إيران تنفق سنويا ما بين 16 و20 مليار دولار على دعم أذرعها فى المنطقة، الممتدة فى لبنان، سوريا، العراق، واليمن. خذ مثلا التجربة اليمنية فى العقد الأخير، حيث روّجت ميليشيات الحوثى، المدعومة من طهران، لفكرة أن اليمنيين يعيشون صراعا مذهبيا متجذرا منذ «صفين». وتنشر خطابها القائم على نظرة مذهبية عنصرية معلنة. هذه السردية أسهمت فى خلق تشظٍ مجتمعى غير مسبوق، وعمّقت الشرخ الوطنى. وغذت نفورا مجتمعيا واسعا من إيران.
ما يحدث ليس خلافا سياسيا فحسب، بل انقسام جغرافى وثقافى خطير يتطلب جهدا استراتيجيا لاحتوائه. والحرب الإسرائيلية الأخيرة قد تكون «جرس إنذار» لطهران بأن العلاقة مع العرب لا تُبنى بالهيمنة، بل بالاحترام المتبادل. كما أن اللحظة مناسبة «لعودة الروح» ولـ«يقظة عربية» حقيقية، تعيد إحياء المشروع العربى كصمام أمان لاستقرار المنطقة، وكحائط صد أمام المشاريع الطائفية والعنصرية. المطلوب ليس تفكيك إيران كدولة، بل تفكيك خطابها التوسعى المتعصب.
وفى المقابل، المطلوب مشروع عربى جامع، يقوم على مبادئ المواطنة والدولة المدنية والتكامل الإقليمى، ويستعيد زمام المبادرة، ويوقف الفوضى الاستراتيجية التى جعلت منطقتنا ساحة مفتوحة للتجارب الدينية والسياسية. حتى لا نبقى جمهورا فى مباريات دموية، يُعلن فيها الطرفان فوزهما، بينما الخسارة الوحيدة هى من نصيب الجمهور .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عبدالله رشدي يعلق على مقتدى الصدر: بني أمية بين المحسن والمسيء
عبدالله رشدي يعلق على مقتدى الصدر: بني أمية بين المحسن والمسيء

خبر صح

timeمنذ 29 دقائق

  • خبر صح

عبدالله رشدي يعلق على مقتدى الصدر: بني أمية بين المحسن والمسيء

انتقد الداعية الإسلامي تصريحات زعيم التيار الوطني الشيعي العراقي، مقتدى الصدر، التي اعتبر فيها أن 'لعن بني أمية قرار إلهي وأمر رباني نص عليه القرآن الكريم'، مشيرًا إلى أن هذا الكلام يتضمن غلوًا وتجنّيًا على النصوص الشرعية وتعصبًا غير مبرر. عبدالله رشدي يعلق على مقتدى الصدر: بني أمية بين المحسن والمسيء ممكن يعجبك: عمر فياض المصري الوحيد على سفينة مادلين وكلماته الأخيرة 'استسلموا' وأوضح رشدي، في تغريدة له على منصة 'إكس': 'إن هذا الكلامُ غُلُوٌّ وتَجَنٍّ على القرآن وتَأَلٍّ على الله وتعصبٌ مقيتٌ، فبنو أميةَ فيهم المُحسِنُ وفيهم المسيءُ كبقية المسلمين، لذا فإن تعميمُ ذَمِّهم هو خوضٌ مذمومٌ في أعراض المسلمين' التقليل من الرسل في سياق آخر، عبّر الداعية الإسلامي عبدالله رشدي عن استيائه من محاولات البعض التقليل من شأن الرسل، مشيرًا إلى طلب أحد متابعيه بالحديث عن سيدنا موسى بداعي أن بعض الناس تقول إن الإسلام قلل منه' وكتب عبدالله رشدي على صفحته الشخصية عبر منصة 'إكس': 'طلبتْ مني إحدى الفاضلات منشوراً عن سيدنا موسى لأن بعض الناس يقولوا إن الإسلام قلل منه موسى من أولي العزم من الرسل، وقد آذاه اليهود وافتروا عليه، فربنا برَّأه 'لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا' موسى له مكانة عند الله 'وكان عند الله وجيها' موسى كان عنده إخلاص، وربنا اصطفاه 'واذكر في الكتاب موسى إنه كان مُخلصا' موسى ربنا اصطفاه 'يا موسى إني اصطفيتُك على الناس برسالاتي وبكلامي' موسى تلقى أذى شديد من اليهود، ومع ذلك كان يتودد لهم في الخطاب 'يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أنني رسول الله إليكم' موسى عاصر أحداثًا عظيمة مثل شق البحر وسحرة فرعون، وكفاية أن ربنا قال له 'وألقيتُ عليك محبة مني' وقال عنه سيدنا النبي لما آذتْه العرب: 'رحِمَ اللهُ أخي موسى؛ لقد أُوذِيَ بأكثَرَ مِن هذا فصبَرَ' وأضاف: 'الأنبياء مكانتهم كبيرة في الإسلام، فلا يوجد مكان لفكرة التقليل من نبي أو التهوين منه، لأن هذا يتعارض مع منهج الإسلام، وموسى رسول عظيم لكن الناس تحاول البحث عن ما يدعم اتجاهاتها الخاطئة' مقال مقترح: الأعلى للجامعات يقرر تعديل مسمى لجان أخلاقيات البحث العلمي وإنشاء مكتب للنزاهة القانون الدولي وانتقد رشدي المفاهيم الدولية المتعلقة بـ 'القانون الدولي' و'الإنسانية'، معتبرًا أنها مجرد شعارات جوفاء تخدم القوى الكبرى وتغطي على الجرائم المرتكبة بحق الأبرياء. وقال رشدي عبر تغريدة له على حسابه بمنصة 'إكس': 'الدرس الأول: لا يجوز شيء اسمه القانون الدولي! هذه أكذوبة صنعتها الدول الكبرى للسيطرة على ثروات الدول الأخرى'

كندا تلغي الضريبة الرقمية وتعلن استئناف المفاوضات التجارية مع أمريكا
كندا تلغي الضريبة الرقمية وتعلن استئناف المفاوضات التجارية مع أمريكا

بوابة الأهرام

timeمنذ 42 دقائق

  • بوابة الأهرام

كندا تلغي الضريبة الرقمية وتعلن استئناف المفاوضات التجارية مع أمريكا

أ ف ب أعلنت كندا استئناف المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة وإلغاء ضريبة رقمية على الشركات التكنولوجية الأمريكية، كانت قد دفعت الرئيس دونالد ترامب لوقف المباحثات. موضوعات مقترحة وفرضت أوتاوا ضريبة الخدمات الرقمية العام الماضي، ومن المتوقع أن تُدر 5,9 مليار دولار كندي على مدى خمس سنوات. ومع أن هذا الإجراء ليس جديدا، إلا أن رابطة صناعة الحواسيب والاتصالات الأمريكية أشارت مؤخرا إلى أن هذا الرسم كان سيحمّل مقدمي الخدمات الأمريكيين ضرائب بمليارات الدولارات في كندا بحلول 30 يونيو. وكانت واشنطن قد طلبت إجراء محادثات لتسوية النزاع حول هذه المسألة. لكن ترامب أعلن بشكل مفاجئ إنهاء المفاوضات التجارية مع كندا "فورا"، مؤكدا أن ذلك يأتي ردا على الضريبة. وأوضح أن أوتاوا ستعرف معدل التعرفة الذي ستُفرض عليها خلال الأسبوع الحالي. وقال وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان في بيان إن ترامب ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني "اتفقا على استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى صفقة بحلول يوليو 2025". وأضاف أن "كندا ستلغي ضريبة الخدمات الرقمية تحسبا لاتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة يعود بالنفع المتبادل". ولم يصدر أي تعليق فوري من البيت الأبيض أو ترامب.

قصة نجاح مصرية.. مؤسسات التصنيف الدولية ترفع الثقة وبرامج التمويل تتدفق
قصة نجاح مصرية.. مؤسسات التصنيف الدولية ترفع الثقة وبرامج التمويل تتدفق

مصر اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • مصر اليوم

قصة نجاح مصرية.. مؤسسات التصنيف الدولية ترفع الثقة وبرامج التمويل تتدفق

في خطوة تعكس تحسن نظرة المجتمع الدولي تجاه الاقتصاد المصري، سلط البيان المالي الذي قدمه وزير المالية أحمد كجوك لمجلس النواب بشأن مشروع موازنة العام المالي الجديد 2025/2026، الضوء على عدد من المؤشرات الإيجابية التي تؤكد استعادة الاقتصاد المصري لزخمه، رغم التحديات الاقتصادية العالمية المتباينة. وأوضح كجوك أن الحكومة المصرية نجحت في الوصول إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي بخصوص المراجعتين الثالثة والرابعة من برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، مشيرا إلى أن مجلس إدارة الصندوق وافق على صرف شريحتين تمويليتين بقيمة 2.4 مليار دولار، إلى جانب اعتماد برنامج المرونة والاستدامة بقيمة 1.3 مليار دولار في إطار المراجعة الرابعة، والمدعوم بتسهيل ائتماني ممتد. وأشار الوزير إلى أنه تم زيادة حجم البرنامج التمويلي مع صندوق النقد الدولي بمقدار 5 مليارات دولار، ليصل إجمالي التمويل المتاح إلى نحو 8 مليارات دولار على مدار ثلاث سنوات، ما يعكس الثقة المتزايدة في الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الدولة. وفي السياق ذاته، لفت البيان المالي إلى صرف الشريحة الأولى من برنامج الدعم الأوروبي لمصر بقيمة مليار يورو في ديسمبر 2024، مع بدء مفاوضات المرحلة الثانية من البرنامج بقيمة 4 مليارات يورو، إلى جانب إطلاق حزمة تمويلية من البنك الدولي تقدر بـ6 مليارات دولار سيتم تنفيذها على مدى ثلاث سنوات. واستعرض البيان سلسلة من الإشادات الدولية التي تؤكد مصداقية التوجه الاقتصادي المصري، حيث أعلنت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني في نوفمبر 2024 عن رفع التصنيف الائتماني لمصر إلى مستوى B مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو القرار الذي تم تأكيده مجددًا في أبريل 2025، مشيرة إلى أن "الإصلاحات الاقتصادية الجريئة التي تبنتها مصر عززت من صلابة الاقتصاد وقدرته على مواجهة الصدمات". وفي ذات السياق، ثبتت مؤسسة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لمصر عند B-/B مع تعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة خلال شهر أبريل 2025، رغم قيامها في الفترة ذاتها بتخفيض التصنيفات الائتمانية لما يقرب من 50 دولة أخرى تأثرت بالتقلبات العالمية. وأشادت المؤسسة بالجهود الإصلاحية التي تقوم بها الحكومة المصرية في مجالات السياسة النقدية والانضباط المالي. كما أكدت مؤسسة موديز (Moody's) في فبراير 2025 تثبيت التصنيف الائتماني لمصر عند Caa1 مع نظرة مستقبلية إيجابية، وهو ما يعكس تحسن توقعات المؤسسات الدولية إزاء مستقبل الاقتصاد المصري، واستقرار المسار الإصلاحي. ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة. انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store