
أطفال تحت الركام وصوت ضمير يختنق – غزة خلف جدار الصمت الدولي
القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، يفرض حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، ويحظر استهدافهم أو استخدام العقوبات الجماعية. كما يجرم تدمير البنية التحتية الحيوية أو منع الغذاء والدواء عن السكان. لكنه في غزة يبدو وكأنه كلمات على ورق؛ فالاستهداف المباشر للمدنيين، وتدمير البنية التحتية، وحرمان السكان من احتياجاتهم الأساسية، كلها ممارسات تتكرر أمام أنظار العالم، وتشكل وفق المعايير القانونية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
تم تدمير محطات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، ما خلق أزمة إنسانية حادة، في خرق واضح للمادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة؛ أطفال يولدون على أصوات القصف، وأمهات يحتضن أبناءهن في الملاجئ، وشيوخ يودعون بيوتهم التي تحولت إلى ركام. غزة اليوم ليست مجرد اسم على الخريطة، بل جرح نازف في ضمير العالم، يذكرنا كل يوم أن الإنسانية ما زالت تخسر أمام صمت السياسة وتواطؤ المصالح. فعلى مدى أكثر من 17 عاما، يعيش سكان القطاع في ظل حصار حرمهم من الغذاء والدواء والحرية، وحول حياتهم إلى سلسلة من الأزمات المتلاحقة. وفي كل جولة تصعيد عسكري، تتجدد المأساة بوجوه أكثر قسوة: منازل تهدم فوق ساكنيها، مدارس تتحول إلى أنقاض، مستشفيات عاجزة عن استقبال الجرحى، ومشاهد موت تملأ الشاشات دون أن تحرك الضمائر.
تقارير الأمم المتحدة، وهيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، وثقت بدقة حجم الدمار وعدد الضحايا، وأكدت أن ما يجري لا يمكن تبريره بأي ذريعة أمنية أو سياسية. ومع ذلك، يظل الموقف الدولي في أغلبه متفرجا، يكتفي بإصدار بيانات "القلق العميق" و"الدعوة لضبط النفس"، بينما تسقط القنابل وتزداد المقابر. إن الفيتو في مجلس الأمن صار درعا يحمي المعتدين من المساءلة، ويمنحهم ضوءا أخضر لمواصلة الجرائم. لكن المساءلة ليست مستحيلة. فالمحكمة الجنائية الدولية تملك صلاحية التحقيق ومحاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب، والعديد من الدول تتيح "الولاية القضائية العالمية" لمحاكمة منتهكي القانون الدولي بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجريمة، حيث يمكن فرض عقوبات فردية على القادة والجهات المتورطة، ودعم المنظمات التي توثق الانتهاكات لضمان عدم ضياع الأدلة.
كل بيت يهدم هناك، وكل طفل يفقد أسرته، وكل مريض يموت بسبب منع العلاج، هو صفعة على وجه الضمير العالمي. إن الإنسانية اليوم أمام اختبار قاس: إما أن تنتصر لحقوق الإنسان والقانون الدولي، أو أن تسقط في هاوية اللامبالاة. فإن الصمت ليس حيادا، بل مشاركة غير مباشرة في استمرار الجريمة. والعالم الذي يترك غزة وحدها أمام الموت، سيفقد حقه في الحديث عن العدالة والسلام. لا بد من تحرك عاجل، لرفع الحصار، ووقف استهداف المدنيين، ومحاسبة كل من تلطخت يداه بدم الأبرياء. فغزة، برغم كل الألم، ما زالت تقاوم، وما زال أهلها يتمسكون بالحياة… لكنهم يستحقون أن يعيشوا بكرامة، لا أن يبقوا رهائن للموت المؤجل، لأن العدالة الحقيقية لا تعرف استثناءات سياسية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 41 دقائق
- عمون
رصاصة نتنياهو .. حين تتحول "إسرائيل الكبرى" لإعلان حرب على الأمة
تصريحات بنيامين نتنياهو الأخيرة ليست مجرد تهديدات لفظية أو دعاية انتخابية، بل هي رصاصة سياسية تطلق نحو قلب الأمن العربي. الرجل الذي يفاخر بمشروع 'إسرائيل الكبرى' يتحدث وكأنه يملك تفويضًا تاريخيًا لإعادة رسم خرائط المنطقة على أنقاض القانون الدولي، متجاهلًا أن الأمة التي يحاول إخضاعها تمتد من المحيط إلى الخليج، وأن أي مساس بجزء منها سيشعل ردًا يتجاوز الحدود. نتنياهو ليس سياسيًا تقليديًا، بل امتداد صريح لمدرسة استعمارية إرهابية بدأت مع جابوتنسكي وشتيرن وبيغن وشامير. وهو يدرك أن مشروعه لا يمكن أن ينجح إلا إذا استمر الانقسام الفلسطيني، وظل الموقف العربي هشًا، وحافظ على الدعم الأميركي المطلق، وبقي الإعلام العالمي تحت نفوذ ماكينة الدعاية الإسرائيلية. هذه ليست قوة حقيقية، بل ظروف مؤقتة، وقد بدأت ملامح تحولها بالظهور مع تصاعد الاحتجاجات العالمية ضد الاحتلال، وصدور تقارير حقوقية تكشف جرائم الإبادة الجماعية، وتضع إسرائيل في دائرة العزلة والإدانة. العربي، منذ طفولته، يعرف أن الإسرائيلية مشروع توسعي اقتلاعي إحلالي، وأن معادلة 'إسرائيل = الحرب' و'الاحتلال = المقاومة' هي قانون لا يتغير. والشعب الفلسطيني، شعب الجبارين، يواصل مقاومته بأشكال لا تحصى: انتفاضات، حجارة، عمليات فدائية، طوفان الأقصى، وغيرها من الإبداعات النضالية التي تثبت أن إرادة التحرر لا تنكسر. لكن الرد على نتنياهو اليوم لا يجب أن يقتصر على تكرار بيانات الرفض والشجب. نحن بحاجة إلى استراتيجية هجومية ذكية، تبدأ بفضح تناقضات المشروع الإسرائيلي وتعرية أدواته الناعمة التي يتسلل بها إلى المؤسسات الدولية، مرورًا باستثمار ما يعرف بـ'المنطقة الرمادية' — أي المساحات القانونية والسياسية والإعلامية التي تتيح التحرك المكثف دون منح الاحتلال فرصة لاستثمار موقف الضحية. مثال حي على هذا النوع من العمل هو ما كشفه تقرير منظمة العفو الدولية 'الأبارتهايد الآلي' (2023)، الذي وثّق استخدام الاحتلال لأنظمة التعرف على الوجه مثل 'ريد وولف' و'مابات 2000' لمراقبة الفلسطينيين وتحويل حياتهم إلى سجن رقمي. هذه الحقائق لا تكتفي بكشف الممارسات، بل تضع صورة إسرائيل أمام جمهور عالمي يرفض القمع التكنولوجي، وتضرب أسواقها التي تعتمد على تصدير تكنولوجيات الأمن والرقابة. الأردن، بصفته صاحب الوصاية على المقدسات وخط الدفاع الأول عن الضفة الغربية، عليه أن يتعامل مع تصريحات نتنياهو كتهديد وجودي مباشر، لا كحدث سياسي عابر. الرد الأردني يجب أن يجمع بين التحرك الدبلوماسي النشط في الأمم المتحدة، وبناء تحالفات عربية وإسلامية ودولية ضاغطة، واستثمار الاتفاقيات الثنائية كأوراق ضغط، مع دعم مباشر للمشاريع التنموية والبنى التحتية في فلسطين لإثبات أن البديل عن الاحتلال ليس الفوضى بل دولة قابلة للحياة. المعركة الحقيقية ليست فقط على الأرض، بل على الوعي الدولي. إذا نجحنا في إعادة صياغة صورة الصراع من نزاع حدودي إلى قضية تحرر وحقوق إنسان، فإن خطاب نتنياهو سيتحول من خطاب قوة إلى خطاب دفاع عن سجل أسود. هذا يتطلب تحركًا عربيًا منظمًا يدمج بين المقاومة الشعبية، والتحرك القانوني، والحشد الإعلامي العالمي. وفي النهاية، إذا كان نتنياهو يظن أن طريق 'إسرائيل الكبرى' معبّد بانتصارات سهلة، فعلينا أن نثبت له أن هذا الطريق مليء بالمفاجآت التي لم يحسب لها حساب: مقاومة لا تهدأ، وفضح حقوقي يعرّيه أمام العالم، وحراك سياسي يطوّق مشاريعه. عندها فقط سيدرك أن الرصاصة التي أطلقها على الأمة العربية قد ارتدت في صدره.

الدستور
منذ 2 ساعات
- الدستور
المعايعة : الأردن بقيادة الملك سيظل سدا منيعا في وجه أي محاولات للمساس بامنه واستقراره
مادبا- الدستور - احمد الحراوي قال النائب الاول لرئيس مجلس النواب السابق الدكتور عبدالرحيم المعايعة إن التصريحات العدوانية لرئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي تمثل اعتداء على سيادة الدول وانتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ومشروع توسعي يهدد أمن المنطقة واستقرارها، واكد الدكتور المعايعة أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله سيظل حاميا للأقصى وسدا منيعا في وجه أي محاولات للمساس بامنه واستقراره وقال د. المعايعة ان موقف الأردن ثابت في الدفاع عن سيادته ووحدته الوطنية، وأن أي محاولات للمساس بأرضه أو تهديد أمن شعبه لن تمر دون رد قوي وحاسم، انطلاقا من الواجب الوطني والإيمان العميق بحق الوطن في حماية ترابه من اي اعتداء وشدد الدكتور المعايعة على أن الامن والاستقرار في المنطقة لن يتحققا بالتهديد اليائس ، وانما التمسك بالشرعية الدولية، واحترام مصالح جميع الشعوب. وان الاردن دولة قوية بجيشها المصطفوي واجهزتها الامنية الساهرة على امنه واستقراه


صراحة نيوز
منذ 6 ساعات
- صراحة نيوز
إيران تهاجم تصريحات نتنياهو حول 'إسرائيل الكبرى' وتدعو لتحرك دولي
صراحة نيوز – اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن ما يسمى بخطة 'إسرائيل الكبرى' تمثل إعلانًا صريحًا عن نية الاحتلال مواصلة التوسع على حساب أراضي دول مستقلة، في انتهاك واضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. المتحدث باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، أدان بشدة ما وصفه بـ'الفكرة الشيطانية من النيل إلى الفرات'، مشيرًا إلى أنها تكشف النوايا الفاشية لقيادة الاحتلال للاعتداء على سيادة ووحدة أراضي دول المنطقة والسيطرة على الدول الإسلامية. ودعا بقائي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والدول كافة إلى إدانة هذه التصريحات، محذرًا من خطورتها في ظل استمرار ما وصفه بـ'الإبادة الجماعية' في غزة، ومطالبًا بتحرك عربي وإسلامي عاجل لدعم الفلسطينيين ووقف الجرائم بحقهم. بدوره، علّق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عبر منصة 'إكس' متسائلًا بسخرية: 'هل إذا اعترف نتنياهو بنفسه، سيكون ذلك أيضًا معاداة للسامية؟'، مشيرًا إلى ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع هذه التصريحات. وجاء ذلك بعد مقابلة لنتنياهو مع قناة 'آي 24″، قال فيها إنه في 'مهمة تاريخية وروحية' ومرتبط برؤية 'إسرائيل الكبرى' التي تشمل أراضي فلسطينية وأجزاء من الأردن ومصر ولبنان وسوريا.