
غضب في ريف حمص: العنف الطائفي يتمدّد
يعيش ريف حمص الغربي حالة حزن وغضب شديديْن بعد قيام مسلحين «مجهولين» باغتيال عالم الدين الشيعي رسول شحود، أحد أبرز علماء المنطقة، وذلك في سياق استمرار عمليات القتل على أساس طائفي من قبل فصائل متشدّدة أعلنت الحرب على الأقليات.
ودفع الاغتيال الذي وقع أثناء عودة الشيخ إلى قريته المزرعة، من حي الوعر الحمصي، مئات المواطنين إلى الخروج في تظاهرات غاضبة، ردّت عليها قوى الأمن بفرض طوق أمني في المنطقة، التي تعرّض معظم سكانها للنزوح بعد سقوط نظام بشار الأسد، وآثر بعض رجال الدين وكبار السن البقاء في منازلهم فيها، على الرغم من التهديدات المستمرة التي يتعرّضون لها من قبل المتشدّدين.
وكسابقاتها، تمّ تقييد الجريمة، حتى الآن، ضد مجهولين؛ إذ ذكرت مصادر أهلية أن مسلّحين اثنين يستقلان دراجة نارية قاما بإطلاق النار عليه بشكل مباشر، قبل أن يفرّا من المكان، علماً أن الشيخ شحود ابتعد خلال مسيرته عن السياسة، والتزم المسار الديني، وهو عضو في «الهيئة العلمائية الإسلامية» لأتباع أهل البيت في سوريا، وله نشاط ديني وتوعوي واسع.
وتتزامن هذه الجريمة، مع تصاعد واضح لجرائم القتل على أساس طائفي في المنطقتين الوسطى والساحلية، وسط مخاوف من انفجار جديد للمجازر الطائفية التي ضربت المنطقتين في شهر آذار الماضي، والتي تسببت بمقتل وإصابة واختفاء أكثر من 1500 شخص (بعض التقديرات تشير إلى مقتل أكثر من 2000)، على يد فصائل متشدّدة قدمت من الشمال السوري، بعد دعوة من السلطات الجديدة إلى «النفير العام»، فتحت الباب أمام مرحلة دموية جديدة في البلاد بحجة «ملاحقة الفلول».
اعتمد البرلمان الأوروبي قراراً طارئاً «يدين بشدّة العنف ضد الطوائف الدينية والعرقية في سوريا»
وفي وقت أعلنت فيه الإدارة سعيها لبناء «دولة مواطنة» يكون فيها جميع السوريين متساوين، أظهر سلوك الفصائل التابع لها تضييقاً مستمراً على الأقليات، إلى جانب عمليات القتل والخطف والتغييب القسري؛ إذ تمّ منع الشيعة من رفع أي شعارات دينية فوق دور العبادة الخاصة بهم، وسط اقتحامات مستمرة لهذه المناطق، بما فيها منطقة السيدة زينب في ريف دمشق. كذلك، تعرّضت مزارات وأضرحة وأماكن مقدّسة لطوائف عديدة لاعتداءات من قبل مسلحين، قام بعضهم بتصوير عملية الاعتداء ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي عزّز من حالة الاحتقان الشعبي، وزاد من حدة المخاوف من عمليات تغيير ديموغرافية في سوريا تهدف إلى تصفية البلاد من الأقليات.
في هذا الوقت، اعتمد البرلمان الأوروبي قراراً طارئاً «يدين بشدة العنف ضد الطوائف الدينية والعرقية في سوريا»، وخاصة الهجوم الإرهابي على كنيسة مار الياس في حي الدويلعة في دمشق، والذي أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنّة» مسؤوليتها عنه، في حين حمّلت السلطات الجديدة مسؤوليته لتنظيم «داعش».
وإذ تضمّن القرار تعبيراً واضحاً من النواب عن وقوفهم التام إلى جانب جميع ضحايا هذا الهجوم، وتشديداً على أهمية حماية دور العبادة وضمان سلامة جميع مكوّنات المجتمع، فهو أعرب عن قلق البرلمان الأوروبي من أن العديد من أعضاء «هيئة تحرير الشام»، ذوي السجلّات الصارخة في انتهاكات حقوق الإنسان، قد تولوا مناصب في الإدارة الانتقالية، ما قد يُثير القلق بشأن الحريات الدينية، في إشارة إلى الصعود غير المسبوق للفصائل المتشدّدة، والتي باتت تملك سلطة كبيرة في البلاد.
كذلك، دعا البرلمان السلطات السورية إلى تسهيل إجراء تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلّة في هذه الأعمال، واتخاذ التدابير اللازمة لقمع العنف، وضمان محاسبة المسؤولين عن الهجمات، والدفاع عن حرية الدين، وضمان حماية جميع الطوائف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
تصعيد في الجنوب: هل تكون السويداء أولى «فواتير» باكو؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب كانت أحداث السويداء نهاية شهر نيسان الفائت، صدى لأحداث الساحل الذي شهد ما بين 6 و 9 آذار مجازر مروعة، كانت في غالبيتها ذات «جذور طائفية» وشكلا من أشكال «الانتقام»، وفقا لتوثيق «رويترز» في تقريرها المنشور 30 حزيران. والشاهد هو أن فعاليات المدينة ممثلة بـ«مشيخة العقل» و«المجلس العسكري»، كانت قد وضعت إطارا قالت إنه مؤقت، كفيل بعدم استنساخ سيناريو الساحل في السويداء، ثم قامت بعرضه على حكومة دمشق، التي وافقت عليه، ليعلن الطرفان عن توصلهما إلى «اتفاق يقضي بإنهاء أعمال العنف والتوتر». كان الاتفاق، الذي قضى بتعهد الحكومة بـ«تأمين طريق دمشق السويداء»، والسماح لأبناء السويداء بـ«الإنتشار بأسلحتهم في محيط المدينة للقيام بمهام الشرطة»، من النوع الذي يمكن البناء عليه، وهو أقرب لمحاولة تعزيز الثقة التي اهتزت ما بين سلطة المركز وبين بعض «الأطراف». فوجود «عناصر محلية» لضبط الأمن في مناطقها فعل من شأنه إشاعة مناخات الهدوء والطمأنينة أكثر، فكيف إذا كان خطاب السلطة يقدم اعترافا بوجود «فصائل متفلتة لا يمكن السيطرة عليها»، أما طريق دمشق السويداء، البالغ طوله 85 كم، فهو شريان حيوي لأبناء المدينة، ويمثل «رئة» لا بديل عنها في نشاطهم الاقتصادي. منذ الأيام الأولى لسقوط نظام بشار الأسد برز «العامل الإسرائيلي»، كرقم لا يمكن تجاهله في المعادلة المرتسمة، بعد هذا الحدث الأخير، ما بين سلطة «المركز» وبين «الأطراف». وفي 12 كانون الاول المنصرم ظهر المحلل السياسي باراك رافيد على قناة « CNN» معلنا عن «رسالة تم توجيهها من قبل «اسرائيل» إلى «هيئة تحرير الشام». والرسالة تضمنت، وفقا لرافيد نفسه، تحذيرا لهذه الأخيرة بخصوص الأكراد «الذين نقيم معهم علاقات جيدة»، وآخر يتعلق بـ«المجموعات الدرزية القريبة في مرتفعات الجولان، والبعيدة في السويداء، الذين نقيم معهم علاقات وثيقة بحكم وجود جالية درزية كبيرة في اسرائيل». والشاهد هو أن الأخيرة كانت قد ذهبت، في أعقاب أحداث نيسان بجرمانا وأشرفية صحنايا والتي امتدت لاحقا إلى السويداء، باتجاه تقديم دليل «عملي» على تلك التهديدات. وفي صباح 2 أيار خرج يسرائيل كاتس، وزير الحرب «الإسرائيلي»، ليعلن عن تبني قواته للقصف الذي جرى في محيط «قصر الشعب» مساء اليوم الفائت، وليؤكد إن «الهجوم الذي شنته مقاتلات «اسرائيلية» على دمشق هو أمر يؤكد على تصميمنا حماية الدروز في سورية». وذكر موقع «السويداء 24» المحلي أن التصعيد الحاصل بدءا من يوم الأحد، كان قد اندلع «إثر حادثة سلب تعرض لها تاجر خضر من أبناء السويداء على طريق دمشق، كما تم سرقة سيارته وما بحوزته، وضربه». فيما ذكرت صفحات قريبة من السلطة، أن سبب التصعيد هو «قيام البعض باختطاف أشخاص من العشائر العربية المقيمة في محيط السويداء»، ردا على حادثة الاختطاف سابقة الذكر. والجدير ذكره في هذا السياق، هو أن البعض يطلق على هؤلاء اسم «البدو»، في محاولة لتظهير «البعد الحضاري» الذي أثار ولا يزال، الكثير من التوتر ما بينهم وبين أبناء الطائفة الدرزية، المقيمين في الريف والمدينة على حد سواء. وفي قياس التناسب بين الطرفين تقول احصائيات محلية ان نسبة الدروز في المدينة وريفها، تبلغ 85 % من عديد سكانها البالغ نحو 600 ألف نسمة، فيما يمثل المسيحيون نحو 10 %، والمسلمون( العشائر العربية) نحو 5 % فقط. وأمس الاثنين، بدأت المواقف بالتراصف على ضفتي الصراع، وقد جاء في البيان الذي أصدرته وزارة الدفاع السورية، إن «الفراغ المؤسساتي الذي رافق اندلاع هذه الاشتباكات، ساهم في تفاقم مناخ الفوضى، وانعدام القدرة على التدخل من قبل المؤسسات الرسمية الأمنية والعسكرية بسرعة وحسم». وأضاف البيان إن «استعادة الأمن والاستقرار هو مسؤولية مشتركة بين الدولة ومواطنيها». لكن البيان يغفل لحقيقة هامة هي أن مناخات الفوضى ليست بجديدة، وهي ظلت قائمة بالرغم من توقيع «اتفاق نيسان»، الذي راح الطرفان يتبادلان التهم بـ«انتهاكه»، لكن الثابت هو أن السلطة لم تف بتعهدها، القاضي بضبط الأمن على طريق دمشق السويداء، الذي شهد العشرات من الأحداث الأمنية، والتي كان آخرها حادثة يوم الأحد التي أضرمت النار في كرم، كان «يباسه» أكثر من «خضاره» كما يبدو. أما شيخ العقل حمود الحناوي، الذي يبدي قربا في مواقفه من حكومة دمشق، فقد نقل عنه «المرصد السوري لحقوق الإنسان «قوله» ليعلم الجميع أن الموحدين الدروز لا يسعون إلا إلى الخير، ولا يرضون الظلم لأنفسهم ولا لغيرهم، وإن الكرامة لا تصان بالسلاح بل بالعقل، ولا تسترد بالخطف بل بالحكمة». ومن الواضح أن كلام الحناوي يرمي بجزء من المسؤولية على أبناء السويداء، وإن بشكل مخفف، لكن اللافت هو تأخر موقف شيخ العقل حكمت الهجري، الذي يمثل الثقل الأوزن من بين «مشيخات العقل» الثلاث، الى حين مرور 48 ساعة على تفلت النار التي تتكامل شروطها، لتتخذ مديات أوسع وفقا للمعطيات الراهنة. فقد قال الهجري في بيان «نؤكد على كل ما ورد في بياناتنا السابقة، ونخص المتعلقة بطلب الحماية الدولية، وبشكل فوري وسريع نظرا الى خطورة الوضع». وذكر موقع «السويداء 24» صباح الاثنين، أن «هجوما واسعا تتعرض له عدة قرى في ريف السويداء الغربي في هذه الأثناء، ومنها قرى تعارة والدور والدويرة، من اتجاه ريف درعا الشرقي، وأن هناك قصفًا بقذائف الهاون والطيران المسير». وقد أكد يحيى العريضي، وهو أكاديمي وسياسي سبق له أن شغل عضوية» هيئة التفاوض العليا «بنسختها الثانية، وهو ابن السويداء، في منشور له الاثنين» تعرض مدينة السويداء الآن لهجوم عنيف بالمدفعية والراجمات والطائرات المسيرة، تشنه ميليشيات متعددة قادمة من عدة مدن سورية مختلفة»، وأضاف إن «الحكومة السورية المؤقتة تغض الطرف عن هذه الهجمات». والجدير ذكره أن المشهد السوري بعد 8 كانون الاول الفائت، كان قد أفرز ظاهرة تعرف بـ«الفزعة»، التي تعني تداعي قبائل أو عشائر لـ 'نصرة» من يرون، أنهم الأقرب لهم في أي نزاع يخوضونه وأيا تكن الأسباب والدواعي، وتلك الظاهرة ذات تأثيرات بالغة الخطورة في النسيج المجتمعي السوري، من حيث أنها تدخله في انقسامات أخرى لا علاقة لها بانقساماته الأفقية والعمودية المستفحلة راهنا. ما حدث في السويداء، وأوقع وفق آخر احصائيات «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، نحو 42 ضحية بينهم أطفال وسيدات، وأكثر من 120 جريحا، يمثل من دون أدنى شك فشلا ذريعا لسياسات الحكومة في دمشق التي تنتهجها حيال «الأطراف»، خصوصا منها تلك التي تتمتع بحيثية معينة، ولربما كانت المشاهد التي تعرض للتنكيل بالجثث أمام الكاميرات فعلا «يستسقي» الدم، ويثير «الشهية» لتكراره في غير مكان أو منطقة. وسط هذه النار، التي يبدو أنها تستكمل شروطها اللازمة لتوسعة رقعتها، كان لافتا الموقف «الإسرائيلي» الذي لم يصدر عنه، خلافا لما سبق ذكره، أي تصريح، الأمر الذي يفسح المجال أمام سؤال مثير هو: هل تكون السويداء أولى «فواتير» مستحقة الدفع، التي أقرت في باكو؟


ليبانون ديبايت
منذ 18 ساعات
- ليبانون ديبايت
من معلم شاورما إلى عرّاب التسويات: لبناني الأصل يدير أخطر ملفات أموال الأسد وسياسة الغفران
"ليبانون ديبايت" يُعيد مشهد التسويات التي تجري في دمشق مع رجال أعمال بارزين ارتبطوا بنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد تسليط الضوء على شخصية غامضة لكنها محورية في هذا المسار، يُعرف باسم 'أبو مريم الأسترالي'، وهو لبناني من جهة والده وأسترالي من جهة والدته. ظهر اسم أبو مريم للمرة الأولى ضمن السياق السوري ما بين عامي 2012 و2013، حين دخل البلاد قادماً من أستراليا، وبرز لاحقًا في التسريبات الجهادية عام 2016 بصفته 'أمير القاطع الشمالي' في محافظة إدلب، قبل أن تتوالى التقارير التي تتحدث عن أدواره داخل 'هيئة تحرير الشام' وصولًا إلى الإشراف على إدارة أموالها. واليوم، يقود أبو مريم، وفق ما كشفه موقع 'إنتلجنس أون لاين' الفرنسي، لجنة خاصة مرتبطة بالقصر الجمهوري السوري، تتولى عقد تسويات مع رجال أعمال كانوا من كبار المستفيدين من حكم الأسد. وتقوم هذه اللجنة، بإشراف مباشر من الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، بمفاوضة هؤلاء على إعادة جزء من ثرواتهم مقابل منحهم ما يُسمّى بـ'صكوك الغفران' التي تسمح لهم بالعودة إلى سوريا والانخراط مجددًا في دورة الأعمال الاقتصادية. وتفيد المعلومات أن هذه التسويات طالت حتى الآن شخصيات مثل محمد حمشو وخلدون الزعبي، في حين يجري التفاوض مع سامر فوز وحسام قاطرجي بوساطات تركية وقطرية. ويقول متابعون إن ذلك يُظهر اعتماد دمشق على 'سياسة الغفران' بدلًا من الركون حصرًا إلى مسارات قانونية غربية معقدة أو عمليات ملاحقة تقودها شركات محاماة واستخبارات خاصة لاسترجاع الأموال في الخارج. أما 'أبو مريم الأسترالي' ذاته، فقد تضاربت التقارير حول هويته الدقيقة. بعض التسريبات على مواقع التواصل نسبت له اسم إبراهيم بن مسعود، وهو لبناني-أسترالي مقيم في إدلب وأب لستة أطفال، وسبق أن عُرف بشغفه بصناعة الشاورما قبل انخراطه في الساحة السورية. ورغم ظهوره في أكثر من بودكاست يتحدث بالإنكليزية بطلاقة، لا يزال هناك من يعتبره مجرد 'واجهة' لجهاديين أكثر غموضًا، على رأسهم شخص يُعرف بـ'أبو جعفر المصري'. ويضاف إلى ذلك أن أبو مريم الأسترالي يشرف اليوم على إدارة منصة 'شام كاش' المصرفية الرقمية المدعومة من الحكومة السورية، التي يُرجح أنها تشكّل أحد مفاتيح إعادة تدوير الأموال ودمجها في الاقتصاد المحلي. وقد تولى أيضاً في تشرين الأول 2023 ملف الاتصالات والتقانة خلفًا لأبو طلحة الحلبي الذي اعتُقل خلال محاولته الفرار إلى تركيا ومعه مبالغ ضخمة. ومع هذه التطورات، يبقى السؤال الأبرز مطروحًا في أوساط رجال الأعمال والمحامين الغربيين: هل تكفي الوثائق التي تصدرها اللجنة التي يرأسها أبو مريم لتبييض صفحات رجال الأعمال السوريين وإزالة أسمائهم من قوائم العقوبات الأوروبية والغربية، أم أن الغموض سيبقى يلفّ مصيرهم حتى إشعار آخر؟

القناة الثالثة والعشرون
منذ 18 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
حملة تمهيد إعلامية وخطط لنشر قوات خاصة على الحدود: هل انضمّ الشرع إلى حملة الضغوط على المـقاومة؟
منذ الهجوم الدامي على كنيسة مار الياس في دمشق في 22 الشهر الماضي، تسري شائعات في لبنان حول الوضع الأمني ربطاً بسوريا، سواء عن تحضيرات مزعومة للقيام بأعمال عسكرية على الحدود وتخريب أمني في الداخل، أو عن تحرّك لخلايا «داعش» وانفلاش جديد للتنظيم. إلا أن الجزء الأكبر من المُتداول يفتقر إلى أساس متين، ولا سيما ما رُوّج له عن انتشار مقاتلين أجانب على الحدود أو تسلّل عناصر عبر طرابلس. وهذا ما نفاه بيان للجيش اللبناني أمس، ويُتوقّع أن توضحه الخميس المقبل جولة تفقّدية على الحدود لوزير الدفاع ميشال منسّى مع عدد من الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنيّة. لكن ما سلف ليس هو المشهد كاملاً. ثمّة متغيّر في الشام يلمسه المراقبون منذ أيام، تحديداً إثر زيارة أحمد الشرع الأخيرة إلى الإمارات، بالتزامن مع إعلان وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو إلغاء العقوبات على «هيئة تحرير الشام» وفق سياسة «خطوة مقابل خطوة» وإيذاناً بمرحلة جديدة. وفق مصادر سورية مطّلعة، فإنّ التطوّر في العلاقات الأميركية - السورية يجري على قاعدة تثبيت الالتزام الأميركي مع حكم الشرع مقابل انضمامه إلى الحرب على الإرهاب، سواء ضد الفصائل الفلسطينية أو حزب الله أو «داعش»، من جهة، والمضي قدماً في المفاوضات والتقارب مع الإسرائيليين من جهة ثانية. هذا المسار يمثّله المبعوث الأميركي توم برّاك ومن خلفه البيت الأبيض، وهو ما تسبّب بانفراط عقد التفاهم مع المجموعة الكردية الممثّلة بـ«قسد» في الشرق السوري وعودة الخلاف والتوتر بعدما كان التقارب قد قطع شوطاً. وظهر تشدّدُ الشرع في الموقف مع «قسد» مستنداً إلى الدعم الأميركي المستجدّ، فيما ظلّ موقف «قسد» متصلّباً اعتماداً على موقف البنتاغون الذي لا يزال إلى جانبها. في هذا السياق، سُجّلت مؤشّرات سياسةٍ سوريّة جديدة تجاه لبنان، في ما يظهر أنه جزء من عملية تحضير للأجواء لما قد يشكّل منعطفاً كبيراً، خصوصاً أن الملف اللبناني، بشقّه المتعلّق بسلاح المقاومة، أو الترتيبات الخاصة بالحدود، أو الوضع الداخلي، كل ذلك بات لصيقاً بالملف السوري، وليس من قبيل الصدفة أن يقرّر البيت الأبيض تكليف المبعوث إلى سوريا بمتابعة ملف لبنان. كانت بداية التحريض من بوابة الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية، والتي لعب الوزير الأسبق معين المرعبي، طوال المدة الماضية، دوراً كبيراً في تحريض السوريين على تحويلها إلى عنوان رئيسي، إلى جانب هيئة علماء الشمال وقيادات إسلامية تعتبر أن معالجة ملف الموقوفين السوريين، يمكن أن يترافق مع إطلاق سراح عشرات أو المئات من الإسلاميين الموقوفين أو المحكومين في السجون على خلفية نشاط إرهابي. إلا أن ورقة الموقوفين والتهديد بإقفال الحدود، التي أُشهرت عشية زيارة محتملة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، عبر التسريب المتعمّد ثم النفي، ليست، وفق مصادر سورية مطّلعة، سوى قنبلة دخانية يراد منها تهيئة الأجواء لدور سوري في الضغوط الإقليمية والدولية على المقاومة لتسليم سلاحها. وهو دور منسّق مع السعوديين والأميركيين، فيما سُجّل عدم ارتياح تركي لهذه الوجهة. وفي خطوة إضافية تصبّ في خدمة الهدف نفسه، أعلنت سلطات دمشق أمس أن وزارة الداخلية السورية نفّذت عملية أمنية أدّت إلى إحباط هجوم بعبوات ناسفة في محافظة حمص. وأضاف بيان وزارة الداخلية «أن جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون مع قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص، نفّذ عملية أمنية استباقية، أسفرت عن إلقاء القبض على شخص يُدعى محمود فاضل (...) وتمّ ضبط عدد من العبوات الناسفة الجاهزة للاستخدام»، مشيرة إلى أن فاضل «كان يعتزم تنفيذ عمليات إرهابية بها في المنطقة»، وأن «التحقيقات الأولية كشفت عن ارتباط فاضل بخلية تابعة لحزب الله اللبناني، كما تبيّن أنه تسلّم العبوات عبر معابر التهريب غير الشرعية». وقد نفى حزب الله أي علاقة له بالأمر. وأوضح بيان لوحدة العلاقات الإعلامية أنه «ليس لدى حزب الله أي تواجد أو نشاط في سوريا، ولا علاقة له بأي أحداث أو صراعات هناك»، مؤكداً حرصه «على أمن سوريا واستقرارها وسلامة شعبها». وبالعودة إلى ملف الحدود، تقول المصادر السورية إنّ الشرع أقدم على نشر عناصر القوات الخاصّة التابعة لـ«هيئة تحرير الشام»، والمعروفة باسم «العصائب الحمراء»، على الحدود مع لبنان، وهي المرة الثانية التي يجري فيها تحريك هؤلاء العناصر بعد جولة المناوشات مع العشائر مقابل الهرمل في شباط الماضي. وبينما يجري الحديث في دمشق عن أن هذا الانتشار أتى ضمن سياسة منسّقة للمساهمة في الضغوط على حزب الله، لا يزال من غير الواضح إذا ما كان الشرع يقوم بهذه التحرّكات كمناورة وضغط إعلامي وسياسي لكسب ودّ السعوديين والأميركيين، أم أن هناك بالفعل قراراً جدّياً في دمشق بالمشاركة والتورّط في أعمال عسكرية أو أمنية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News