logo
تصعيد في الجنوب: هل تكون السويداء أولى «فواتير» باكو؟

تصعيد في الجنوب: هل تكون السويداء أولى «فواتير» باكو؟

الديارمنذ 18 ساعات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
كانت أحداث السويداء نهاية شهر نيسان الفائت، صدى لأحداث الساحل الذي شهد ما بين 6 و 9 آذار مجازر مروعة، كانت في غالبيتها ذات «جذور طائفية» وشكلا من أشكال «الانتقام»، وفقا لتوثيق «رويترز» في تقريرها المنشور 30 حزيران. والشاهد هو أن فعاليات المدينة ممثلة بـ«مشيخة العقل» و«المجلس العسكري»، كانت قد وضعت إطارا قالت إنه مؤقت، كفيل بعدم استنساخ سيناريو الساحل في السويداء، ثم قامت بعرضه على حكومة دمشق، التي وافقت عليه، ليعلن الطرفان عن توصلهما إلى «اتفاق يقضي بإنهاء أعمال العنف والتوتر».
كان الاتفاق، الذي قضى بتعهد الحكومة بـ«تأمين طريق دمشق السويداء»، والسماح لأبناء السويداء بـ«الإنتشار بأسلحتهم في محيط المدينة للقيام بمهام الشرطة»، من النوع الذي يمكن البناء عليه، وهو أقرب لمحاولة تعزيز الثقة التي اهتزت ما بين سلطة المركز وبين بعض «الأطراف».
فوجود «عناصر محلية» لضبط الأمن في مناطقها فعل من شأنه إشاعة مناخات الهدوء والطمأنينة أكثر، فكيف إذا كان خطاب السلطة يقدم اعترافا بوجود «فصائل متفلتة لا يمكن السيطرة عليها»، أما طريق دمشق السويداء، البالغ طوله 85 كم، فهو شريان حيوي لأبناء المدينة، ويمثل «رئة» لا بديل عنها في نشاطهم الاقتصادي.
منذ الأيام الأولى لسقوط نظام بشار الأسد برز «العامل الإسرائيلي»، كرقم لا يمكن تجاهله في المعادلة المرتسمة، بعد هذا الحدث الأخير، ما بين سلطة «المركز» وبين «الأطراف». وفي 12 كانون الاول المنصرم ظهر المحلل السياسي باراك رافيد على قناة « CNN» معلنا عن «رسالة تم توجيهها من قبل «اسرائيل» إلى «هيئة تحرير الشام». والرسالة تضمنت، وفقا لرافيد نفسه، تحذيرا لهذه الأخيرة بخصوص الأكراد «الذين نقيم معهم علاقات جيدة»، وآخر يتعلق بـ«المجموعات الدرزية القريبة في مرتفعات الجولان، والبعيدة في السويداء، الذين نقيم معهم علاقات وثيقة بحكم وجود جالية درزية كبيرة في اسرائيل».
والشاهد هو أن الأخيرة كانت قد ذهبت، في أعقاب أحداث نيسان بجرمانا وأشرفية صحنايا والتي امتدت لاحقا إلى السويداء، باتجاه تقديم دليل «عملي» على تلك التهديدات. وفي صباح 2 أيار خرج يسرائيل كاتس، وزير الحرب «الإسرائيلي»، ليعلن عن تبني قواته للقصف الذي جرى في محيط «قصر الشعب» مساء اليوم الفائت، وليؤكد إن «الهجوم الذي شنته مقاتلات «اسرائيلية» على دمشق هو أمر يؤكد على تصميمنا حماية الدروز في سورية».
وذكر موقع «السويداء 24» المحلي أن التصعيد الحاصل بدءا من يوم الأحد، كان قد اندلع «إثر حادثة سلب تعرض لها تاجر خضر من أبناء السويداء على طريق دمشق، كما تم سرقة سيارته وما بحوزته، وضربه». فيما ذكرت صفحات قريبة من السلطة، أن سبب التصعيد هو «قيام البعض باختطاف أشخاص من العشائر العربية المقيمة في محيط السويداء»، ردا على حادثة الاختطاف سابقة الذكر.
والجدير ذكره في هذا السياق، هو أن البعض يطلق على هؤلاء اسم «البدو»، في محاولة لتظهير «البعد الحضاري» الذي أثار ولا يزال، الكثير من التوتر ما بينهم وبين أبناء الطائفة الدرزية، المقيمين في الريف والمدينة على حد سواء. وفي قياس التناسب بين الطرفين تقول احصائيات محلية ان نسبة الدروز في المدينة وريفها، تبلغ 85 % من عديد سكانها البالغ نحو 600 ألف نسمة، فيما يمثل المسيحيون نحو 10 %، والمسلمون( العشائر العربية) نحو 5 % فقط.
وأمس الاثنين، بدأت المواقف بالتراصف على ضفتي الصراع، وقد جاء في البيان الذي أصدرته وزارة الدفاع السورية، إن «الفراغ المؤسساتي الذي رافق اندلاع هذه الاشتباكات، ساهم في تفاقم مناخ الفوضى، وانعدام القدرة على التدخل من قبل المؤسسات الرسمية الأمنية والعسكرية بسرعة وحسم». وأضاف البيان إن «استعادة الأمن والاستقرار هو مسؤولية مشتركة بين الدولة ومواطنيها».
لكن البيان يغفل لحقيقة هامة هي أن مناخات الفوضى ليست بجديدة، وهي ظلت قائمة بالرغم من توقيع «اتفاق نيسان»، الذي راح الطرفان يتبادلان التهم بـ«انتهاكه»، لكن الثابت هو أن السلطة لم تف بتعهدها، القاضي بضبط الأمن على طريق دمشق السويداء، الذي شهد العشرات من الأحداث الأمنية، والتي كان آخرها حادثة يوم الأحد التي أضرمت النار في كرم، كان «يباسه» أكثر من «خضاره» كما يبدو.
أما شيخ العقل حمود الحناوي، الذي يبدي قربا في مواقفه من حكومة دمشق، فقد نقل عنه «المرصد السوري لحقوق الإنسان «قوله» ليعلم الجميع أن الموحدين الدروز لا يسعون إلا إلى الخير، ولا يرضون الظلم لأنفسهم ولا لغيرهم، وإن الكرامة لا تصان بالسلاح بل بالعقل، ولا تسترد بالخطف بل بالحكمة». ومن الواضح أن كلام الحناوي يرمي بجزء من المسؤولية على أبناء السويداء، وإن بشكل مخفف، لكن اللافت هو تأخر موقف شيخ العقل حكمت الهجري، الذي يمثل الثقل الأوزن من بين «مشيخات العقل» الثلاث، الى حين مرور 48 ساعة على تفلت النار التي تتكامل شروطها، لتتخذ مديات أوسع وفقا للمعطيات الراهنة. فقد قال الهجري في بيان «نؤكد على كل ما ورد في بياناتنا السابقة، ونخص المتعلقة بطلب الحماية الدولية، وبشكل فوري وسريع نظرا الى خطورة الوضع».
وذكر موقع «السويداء 24» صباح الاثنين، أن «هجوما واسعا تتعرض له عدة قرى في ريف السويداء الغربي في هذه الأثناء، ومنها قرى تعارة والدور والدويرة، من اتجاه ريف درعا الشرقي، وأن هناك قصفًا بقذائف الهاون والطيران المسير». وقد أكد يحيى العريضي، وهو أكاديمي وسياسي سبق له أن شغل عضوية» هيئة التفاوض العليا «بنسختها الثانية، وهو ابن السويداء، في منشور له الاثنين» تعرض مدينة السويداء الآن لهجوم عنيف بالمدفعية والراجمات والطائرات المسيرة، تشنه ميليشيات متعددة قادمة من عدة مدن سورية مختلفة»، وأضاف إن «الحكومة السورية المؤقتة تغض الطرف عن هذه الهجمات».
والجدير ذكره أن المشهد السوري بعد 8 كانون الاول الفائت، كان قد أفرز ظاهرة تعرف بـ«الفزعة»، التي تعني تداعي قبائل أو عشائر لـ 'نصرة» من يرون، أنهم الأقرب لهم في أي نزاع يخوضونه وأيا تكن الأسباب والدواعي، وتلك الظاهرة ذات تأثيرات بالغة الخطورة في النسيج المجتمعي السوري، من حيث أنها تدخله في انقسامات أخرى لا علاقة لها بانقساماته الأفقية والعمودية المستفحلة راهنا.
ما حدث في السويداء، وأوقع وفق آخر احصائيات «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، نحو 42 ضحية بينهم أطفال وسيدات، وأكثر من 120 جريحا، يمثل من دون أدنى شك فشلا ذريعا لسياسات الحكومة في دمشق التي تنتهجها حيال «الأطراف»، خصوصا منها تلك التي تتمتع بحيثية معينة، ولربما كانت المشاهد التي تعرض للتنكيل بالجثث أمام الكاميرات فعلا «يستسقي» الدم، ويثير «الشهية» لتكراره في غير مكان أو منطقة.
وسط هذه النار، التي يبدو أنها تستكمل شروطها اللازمة لتوسعة رقعتها، كان لافتا الموقف «الإسرائيلي» الذي لم يصدر عنه، خلافا لما سبق ذكره، أي تصريح، الأمر الذي يفسح المجال أمام سؤال مثير هو: هل تكون السويداء أولى «فواتير» مستحقة الدفع، التي أقرت في باكو؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يعقوبيان: لا تزدهر الدولة وهي تحتوي على سلاح 'ميليشيات'
يعقوبيان: لا تزدهر الدولة وهي تحتوي على سلاح 'ميليشيات'

الديار

timeمنذ ساعة واحدة

  • الديار

يعقوبيان: لا تزدهر الدولة وهي تحتوي على سلاح 'ميليشيات'

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اعتبرت النائبة بولا يعقوبيان أن 'ما فعلته الحكومة يبقى خجولًا جدًا مقابل ما تستطيع فعله وأمل الناس يكمن في ما يمكن أن تفعله ضد فساد السلطة'. وقالت يعقوبيان، من جلسة مساءلة الحكومة، في مجلس النواب: بعد كل ما حصل لنا من ويلات لم نلحظ أي تجاوب فعلي من حزب الله في موضوع حصر السلاح. وأضافت: 'ليس من دولة في العالم ازدهرت وهي تحتوي على سلاح ميليشيات'، هذه المرة لا ندخل بالمجهول بل بالمعلوم والمطلوب من الحكومة جدول وسقف زمنيّ لتسليم السلاح وهذا أهم قرار أمام الحكومة.

الشّرعية المعطاة لـ"الجولاني" لها ثمن... ارسلان يكشف ما يُحضّر للسويداء!
الشّرعية المعطاة لـ"الجولاني" لها ثمن... ارسلان يكشف ما يُحضّر للسويداء!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ ساعة واحدة

  • القناة الثالثة والعشرون

الشّرعية المعطاة لـ"الجولاني" لها ثمن... ارسلان يكشف ما يُحضّر للسويداء!

حذّر رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان من خطورة ما يجري في محافظة السويداء السورية، معتبراً أن "الوقائع على الأرض تؤكد وجود هجمة بربرية منظمة تستهدف أهلنا في السويداء، على غرار ما جرى في مناطق الساحل السوري خلال فترات سابقة". وفي تصريحات خاصة لقناة "الميادين"، أكد أرسلان أن "الشرعية المعطاة لأمثال أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، ليست مجانية، ولها ثمن سيتم دفعه على الأرجح في الجولان"، في إشارة إلى احتمال وجود تفاهمات إقليمية – دولية تهيّئ المسرح لتسويات على حساب مكوّنات أصيلة في المجتمع السوري، ومن ضمنها الدروز. وأضاف أرسلان: "الدروز لطالما كانت بوصلتهم عربية، وهم لا يقبلون أن يكونوا ورقة بيد أحد، ولا سلعة على طاولة مساومات الخارج، ولا ساحة تُدار فيها المعارك بالوكالة عن الآخرين"، مشدداً على أن هوية الطائفة الدرزية لا تنفصل عن عمقها القومي وموقعها التاريخي في الدفاع عن وحدة سوريا وهويتها الوطنية الجامعة. وفي قراءة لما يجري خلف الكواليس، كشف أرسلان عن "صفقة كبيرة يتم تركيبها على مستوى الإقليم، تتقاطع فيها مصالح دولية وإقليمية في ملف الجنوب السوري، ويجري العمل على تمريرها من خلال الضغط على بيئات محددة، كمنطقة السويداء". وشدّد على أن ما تتعرض له السويداء من اضطراب أمني وهجمات على القرى الحدودية "ليس مجرد أحداث متناثرة، بل يأتي في سياق تصفية حسابات إقليمية تقودها قوى لا علاقة لها لا بمطالب أهل الجبل، ولا بقضيتهم المحقة". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

بيسكوف: تصريحات ترامب خطيرة للغاية
بيسكوف: تصريحات ترامب خطيرة للغاية

الديار

timeمنذ 2 ساعات

  • الديار

بيسكوف: تصريحات ترامب خطيرة للغاية

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وصف الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف التصريحات الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول روسيا ونزاعها مع أوكرانيا بأنها خطيرة للغاية، مضيفاً أن الكرملين يحتاج إلى وقت لتحليلها. وقد جاء ذلك بعد أن أعلن ترامب الاثنين أن واشنطن ستواصل إمداد أوكرانيا بالأسلحة بتمويل أوروبي، كما أنها ستفرض رسوما جمركية على روسيا وشركائها التجاريين حال فشلت موسكو في التوصل لاتفاق بشأن التسوية بأوكرانيا خلال 50 يوما. وأعرب ترامب مجددا عن 'خيبة أمله' من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متهما إياه بعدم الرغبة في إنهاء النزاع في أوكرانيا. وقال بيسكوف: 'تصريحات الرئيس الأميركي خطيرة للغاية، وبعضها موجهة للرئيس (فلاديمير) بوتين شخصيا. نحتاج بالتأكيد إلى وقت لتحليل ما قيل في واشنطن'، مضيفاً أن بوتين سيعلق بنفسه على تصريحات ترامب، 'إذا ومتى رأى ذلك ضروريا'. وأكد بيسكوف أن موسكو لا تزال مستعدة لجولة ثالثة من المفاوضات مع كييف، ولكنها لم تتلق أي مقترحات لعقد اجتماع حتى الآن، مشدداً على أن كييف لا تنظر إلى القرارات المتخذة في واشنطن وحلف الناتو على أنها إشارة للسلام، بل أنها إشارة لمواصلة الحرب. وأضاف أن واشنطن تريد رؤية حوار بين موسكو وكييف، بينما تريد أوروبا رؤية تصعيد للأعمال العدائية، بدلا من انتقال إلى المسار السلمي. وذكر بيسكوف أن الكرملين لا يتفق مع تقييم الأمين العام لحلف الناتو روته لتكوين الوفد الروسي في المحادثات مع أوكرانيا، موضحا أن رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي أعلى درجة من رئيس الوفد الأوكراني وفق تصنيف المناصب الحكومية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store