
كوريون شماليون يقولون لبي بي سي إنهم يُرسلون للعمل كـ'عبيد' في روسيا
علمت بي بي سي أن أكثر من 50 ألف كوري شمالي سيتم إرسالهم في نهاية المطاف للعمل في روسيا
علمت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن آلاف الكوريين الشماليين يتم إرسالهم للعمل، في ظروف أشبه بالعبودية في روسيا، لسد النقص الكبير في العمالة الذي تفاقم بسبب الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا.
ولجأت موسكو مراراً إلى بيونغ يانغ لمساعدتها في خوض الحرب، باستخدام صواريخها وقذائفها المدفعية وجنودها.
والآن، مع مقتل أو احتجاز العديد من الرجال الروس خلال القتال - أو هروبهم من البلاد - قال مسؤولون من المخابرات الكورية الجنوبية لبي بي سي إن موسكو تعتمد بشكل كبير على العمال الكوريين الشماليين.
وأجرينا مقابلات مع ستة عمال كوريين شماليين فروا من روسيا منذ بداية الحرب، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين وباحثين وأشخاص ساعدوا في إنقاذ العمال.
وتحدثوا عن تفاصيل حول تعرض الرجال لظروف عمل "بائسة"، وكيف تشدد السلطات الكورية الشمالية سيطرتها على العمال لمنعهم من الهروب.
يقول أحد العمال، يُدعى جين، لبي بي سي، إنه عندما هبط في أقصى شرق روسيا، رافقه عميل أمني كوري شمالي من المطار إلى موقع بناء، وأمره بعدم التحدث إلى أي شخص أو النظر إلى أي شيء، وقال له: "العالم الخارجي هو عدونا".
وقال جين إنه تم توجيهه مباشرة للعمل في بناء أبراج سكنية شاهقة، لأكثر من 18 ساعة في اليوم.
وروى جميع العمال الستة الذين تحدثنا إليهم نفس تفاصيل أيام العمل الشاقة - الاستيقاظ في الساعة 6 صباحاً، وإجبارهم على العمل في بناء أبراج سكنية شاهقة حتى الساعة 2 صباحاً من اليوم التالي، مع يومي إجازة فقط في السنة.
وقمنا بتغيير أسمائهم في هذا التقرير لحمايتهم.
Getty Images
أرسل كيم جونغ أون (يسار الصورة) أسلحة وجنوداً إلى فلاديمير بوتين، لدعمه في حربه على أوكرانيا
ويقول عامل بناء آخر، يُدعى تاي، وتمكن من الفرار من روسيا العام الماضي: "كان الاستيقاظ أمراً مرعباً، عندما تدرك أن عليك تكرار نفس اليوم مرة أخرى". يتذكر تاي كيف كانت يداه تتشنج في الصباح، ولا يقدر على فتحهما، لأنهما شبه مشلولتان من عمل اليوم السابق.
قال عامل آخر، وهو تشان: "كان بعض العمال يتركون مواقعهم للنوم في النهار، أو ينامون وهم واقفون، لكن المشرفين كانوا يمسكون بهم ويضربونهم. كان الأمر حقاً كما لو كنا نموت".
ويقول كانغ دونغ-وان، أستاذ في جامعة "دونغ-إيه" في كوريا الجنوبية، الذي سافر إلى روسيا عدة مرات لمقابلة عمال كوريين شماليين: "الظروف مُزرية حقا"، ويضيف: "يتعرض العمال لمواقف خطيرة للغاية. في الليل، تُطفأ الأنوار ويعملون في الظلام، مع القليل من معدات السلامة".
يقول الأشخاص الذين استطاعوا الهروب، إن العمال محبوسون في مواقع البناء ليلاً ونهاراً، حيث يراقبهم عملاء من جهاز الأمن الحكومي الكوري الشمالي. وينامون في حاويات شحن قذرة ومكتظة ومليئة بالحشرات، أو على أرضية مبانٍ سكنية غير مكتملة، ويضعون أغطية بلاستيكية على إطارات الأبواب لمحاولة منع دخول البرد.
وقال أحد العمال، يُدعى نام، إنه سقط مرة من ارتفاع أربعة أمتار في موقع البناء و"تحطم" وجهه، ما جعله غير قادر على العمل. وحتى في تلك الحالة، لم يسمح له مشرفوه بمغادرة الموقع للذهاب إلى المستشفى.
وفي الماضي، كان عشرات الآلاف من الكوريين الشماليين يعملون في روسيا، ويكسبون ملايين الجنيهات سنوياً التي تذهب للزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، ونظامه الذي يعاني من ضائقة مالية.
ثم في عام 2019، حظرت الأمم المتحدة على الدول استخدام هؤلاء العمال، في محاولة لقطع تمويل كيم ومنعه من صنع أسلحة نووية، ما أدى إلى عودة معظمهم إلى ديارهم.
لكن في العام الماضي، تم إرسال أكثر من 10 آلاف عامل إلى روسيا، وفقاً لمسؤول استخباراتي كوري جنوبي، تحدث إلى بي بي سي شريطة عدم الكشف عن هويته، وأوضح أنه من المتوقع وصول المزيد هذا العام، إذ من المحتمل أن ترسل بيونغ يانغ أكثر من 50 ألف عامل في المجموع.
وأضاف المسؤول أن التدفق المفاجئ للعمال الكوريين الشماليين يعني أنهم موجودون الآن، "في كل مكان في روسيا". وقال إن معظمهم يعملون في مشاريع بناء ضخمة، بينما يتم تشغيل آخرين في مصانع الملابس ومراكز تكنولوجيا المعلومات، في انتهاك للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة، والتي تحظر استخدام العمالة الكورية الشمالية.
وتشير أرقام الحكومة الروسية إلى أن أكثر من 13 ألف كوري شمالي دخلوا البلاد، في عام 2024، بزيادة 12 ضِعفاً عن العام السابق.
ودخل ما يقرب من 8000 منهم بتأشيرات طلابية، ولكن وفقاً لمسؤول الاستخبارات وخبراء، فإن هذا تكتيك تستخدمه روسيا للتحايل على حظر الأمم المتحدة.
وفي يونيو/ حزيران، اعترف المسؤول الروسي رفيع المستوى، سيرجي شويغو، لأول مرة بأن 5000 كوري شمالي سيتم إرسالهم لإعادة بناء كورسك، وهي منطقة روسية استولت عليها القوات الأوكرانية العام الماضي، ثمّ استعادتها روسيا في وقت لاحق.
وقال المسؤول الكوري الجنوبي إنه من "المحتمل جداً" أن يتم إرسال بعض الكوريين الشماليين قريباً، للعمل في مشاريع إعادة الإعمار في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا.
ويقول أندريه لانكوف، الأستاذ في جامعة "كوكمين" في سول والخبير في العلاقات بين كوريا الشمالية وروسيا، إن روسيا "تواجه حالياً نقصاً حاداً في اليد العاملة، ويشكل الكوريون الشماليون الحل الأمثل لهذه المشكلة. فهم غير مكلفين، ويجتهدون في العمل، ولا يتورطون في المشاكل".
KCNA
أرسلت شركات بناء روسية هذه الزهور إلى كيم جونغ أون في أبريل/ نيسان الماضي، وفقاً لوسائل إعلام كورية شمالية
وتحظى وظائف البناء في الخارج بإقبال كبير في كوريا الشمالية، لأنها توفر رواتب أفضل من العمل في بلدهم، إذ يسافر معظم العمال على أمل الهروب من الفقر، والقدرة على شراء منزل لعائلاتهم أو بدء مشروع تجاري عند عودتهم.
ويتم اختيار الرجال الأكثر ثقة فقط بعد فحص دقيق، ويجب عليهم ترك عائلاتهم وراءهم.
لكن الجزء الأكبر من دخلهم يُرسل مباشرة إلى الدولة الكورية الشمالية كـ"رسوم ولاء"، ويتم تسجيل الجزء المتبقي - الذي يتراوح عادة بين 100 و200 دولار شهرياً - في دفتر الحسابات.
ولا يتلقى العمال هذا المال إلا عند عودتهم إلى ديارهم - وهو إجراء حديث، حسبما يقول الخبراء، لمنعهم من الهروب.
وبمجرد أن يدرك الرجال حقيقة العمل القاسي وقلة الأجر، يصدمون بذلك.
ويقول تاي إنه "شعر بالخزي"، عندما علم أن عمال البناء الآخرين من آسيا الوسطى يتقاضون أجراً يزيد عن خمسة أضعاف أجره مقابل ثلث العمل. ويوضح: "شعرت وكأنني في معسكر عمل؛ سجن بلا قضبان".
فيما لا يزال العامل جين يشعر بالغضب، خاصة عندما يتذكر كيف كان العمال الآخرون يطلقون عليهم اسم العبيد، وكانوا يسخرون من الكوريين الشماليين ويقولون لهم: "أنتم لستم رجالاً، بل مجرد آلات يمكنها الكلام".
وفي أحد الأيام، يقول جين إن مديره أخبره أنه قد لا يتلقى أي أموال عند عودته إلى كوريا الشمالية، لأن الدولة تحتاجها بدلاً منه، عندها قرر المخاطرة بحياته والهرب.
أما تاي فاتخذ قرار الهروب بعد مشاهدة مقاطع فيديو على يوتيوب تظهر مقدار الأجور التي يتقاضاها العمال في كوريا الجنوبية. وفي إحدى الليالي، حزم أمتعته في كيس قمامة، وضع بطانية تحت ملاءة سريره ليبدو وكأنه لا يزال نائماً، وتسلل خارج موقع البناء. ثم استقل سيارة أجرة وسافر آلاف الكيلومترات عبر البلاد، للقاء محامٍ ساعده في ترتيب رحلته إلى سول.
وفي السنوات الأخيرة، تمكن عدد قليل من العمال من التخطيط للهروب باستخدام هواتف ذكية مستعملة، اشتروها من مدخراتهم من بدلهم اليومي الضئيل، الذي كانوا يتلقونه لشراء السجائر والكحول.
BBC
تمكن عدد قليل من العمال من الهروب من روسيا أثناء الحرب والوصول إلى سول
وفي محاولة لمنع هروبهم، تقول مصادر متعددة إن السلطات الكورية الشمالية تقوم الآن بقمع حرية العمال المحدودة بالفعل.
ووفقاً للبروفيسور كانغ من جامعة دونغ إيه، فإن إحدى الطرق التي حاول بها النظام السيطرة على العمال، خلال العام الماضي، هي إخضاعهم لتدريبات أيديولوجية وجلسات نقد ذاتي أكثر تواتراً، حيث يُجبرون على إعلان ولائهم لـ كيم جونغ أون وتسجيل إخفاقاتهم.
كما تم تقليص الفرص النادرة لمغادرة مواقع البناء. وأضاف البروفيسور كانغ: "كان العمال يخرجون في مجموعات مرة واحدة في الشهر، ولكن في الآونة الأخيرة تقلصت هذه الرحلات إلى الصفر تقريباً".
يقول كيم سونغ تشول، وهو ناشط مقيم في سول يساعد في إنقاذ العمال الكوريين الشماليين من روسيا، إن هذه الرحلات أصبحت تخضع لرقابة أكثر صرامة، ويوضح: "كان يُسمح لهم بالخروج في مجموعات تتكون كل منها من شخصين، ولكن منذ عام 2023 أصبحوا يضطرون إلى الخروج في مجموعات من خمسة أشخاص، ويخضعون لمراقبة أكثر صرامة".
وفي ظل هذه الأجواء، ينجح عدد أقل من العمال في الهروب. وأخبرتنا الحكومة الكورية الجنوبية أن عدد الكوريين الشماليين، الذين يغادرون روسيا كل عام ويصلون إلى سول، قد انخفض إلى النصف منذ عام 2022 - من حوالي 20 في السنة إلى 10 فقط.
يقول لانكوف، الخبير في العلاقات بين كوريا الشمالية وروسيا، إن الإجراءات الصارمة ربما تكون استعداداً لوصول المزيد من العمال، مضيفاً أن هؤلاء العمال "سيكونون الإرث الدائم لصداقة كيم وبوتين في زمن الحرب"، متوقعاً أن يستمر العمال في الوصول لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب، وانسحاب الجنود والأسلحة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 12 ساعات
- الأيام
بي بي سي تَقصّي الحقائق: هل أصبحت الجريمة في واشنطن العاصمة 'خارجة عن السيطرة' كما يقول ترامب؟
Getty Images قام عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بدوريات في شوارع واشنطن العاصمة خلال عطلة نهاية الأسبوع أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه سينشر مئات من قوات الحرس الوطني في واشنطن العاصمة، ويتولى إدارة شرطة المدينة لمكافحة الجريمة. وفي مؤتمر صحفي، أعلن "يوم التحرير" للمدينة، وتعهد بـ"إنقاذ" عاصمة البلاد من "الجريمة، وسفك الدماء، والفوضى، والبؤس، وما هو أسوأ". ومع ذلك، صرّحت عمدة واشنطن العاصمة، موريل باوزر، بأن المدينة "شهدت انخفاضاً هائلاً في معدل الجريمة"، وأنها "عند أدنى مستوى لها في جرائم العنف منذ 30 عاماً". تُلقي بي بي سي لتقصّي الحقائق الضوء على ما تكشفه الأرقام حول جرائم العنف في العاصمة، وكيفية مقارنتها بالمدن الأخرى في الولايات المتحدة. هل ارتفع معدل جرائم العنف في واشنطن العاصمة؟ أشار الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب، وأعلن فيه "حالة طوارئ لمكافحة الجريمة في مقاطعة كولومبيا"، إلى "تصاعد العنف في العاصمة". وفي مؤتمره الصحفي، كرر ترامب الإشارة إلى أن الجريمة "خرجت عن نطاق السيطرة". ولكنْ وفقاً لأرقام الجريمة التي نشرتها شرطة العاصمة واشنطن، فقد انخفض معدل جرائم العنف بعد أن بلغت ذروتها في عام 2023. وفي عام 2024 وصلت الجرائم إلى أدنى مستوى لها منذ 30 عاماً. ووفقاً للبيانات الأولية لعام 2025، فإن معدل الجريمة آخذٌ في الانخفاض. فقد تراجعت جرائم العنف بشكل عام بنسبة 26 في المئة هذا العام، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024، وانخفضت جرائم السرقة بنسبة 28 في المئة، وفقاً لشرطة العاصمة. ومع ذلك، فإن ترامب واتحاد شرطة العاصمة يشككان في صحة أرقام الجريمة الصادرة عن إدارة شرطة المدينة. EPA ضابط شرطة العاصمة واشنطن يراقب احتجاجات على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحويل قوة شرطة العاصمة إلى قوة فيدرالية تختلف تقارير شرطة العاصمة حول جرائم العنف، عن التقارير التي يصدرها مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهو مصدر رئيسي آخر لإحصاءات الجريمة في الولايات المتحدة. فقد أظهرت البيانات العامة لشرطة العاصمة انخفاضاً بنسبة 35 في المئة لعام 2024، بينما أظهرت بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي انخفاضاً بنسبة 9 في المئة. هذا يعني أن أرقام كلا الجهتين تتفق على أن الجريمة آخذة في الانخفاض في العاصمة، لكنها تختلف حول درجة هذا الانخفاض. ويؤكد آدم غيلب، الرئيس التنفيذي لمجلس العدالة الجنائية، وهو مركز أبحاث قانوني، على أن هذا الاتجاه نحو الانخفاض "كبير ولا لبس فيه". وأوضح غيلب قائلاً: "تتغير الأرقام تبعاً للفترة الزمنية وأنواع الجرائم التي تُفحص؛ لكن بشكل عام، ثمة انخفاض كبير لا لبس فيه في وتيرة العنف منذ صيف عام 2023، عندما بلغت جرائم القتل والاعتداءات بالأسلحة النارية والسطو وسرقة السيارات ذروتها". ماذا عن معدلات جرائم القتل؟ جاء من جملة ما قاله ترامب أن "جرائم القتل في عام 2023 ربما وصلت إلى أعلى معدل لها على الإطلاق" في واشنطن العاصمة، منذ "25 عاماً مضت". وعندما توجهنا بالسؤال إلى البيت الأبيض عن مصدر الأرقام، أجابوا بأنها "أرقام مقدمة من مكتب التحقيقات الفيدرالي". فقد ارتفع معدل جرائم القتل في عام 2023 إلى نحو 40 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة، وهو أعلى معدل مسجل منذ 20 عاماً، وفقاً لبيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي. ومع ذلك، لم يكن هذا أعلى معدل مسجل على الإطلاق، بل كان الرقم أعلى بكثير في التسعينيات وأوائل الألفية الثانية. فقد انخفض معدل جرائم القتل في عام 2024، وانخفض هذا العام بنسبة 12 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي، وفقاً لشرطة العاصمة. وأشارت الدراسات إلى أن معدل جرائم القتل في العاصمة أعلى من المتوسط، مقارنةً بالمدن الأمريكية الكبرى الأخرى. فحتى 11 أغسطس/آب، سُجّلت 99 جريمة قتل هذا العام في واشنطن العاصمة، من بينها مقتل طالب بالرصاص كان يتدرب في الكونغرس، يبلغ من العمر 21 عاماً، خلال تبادل لإطلاق النار، وهي قضية أشار إليها ترامب في مؤتمره الصحفي. ماذا عن سرقات السيارات؟ في معرض حديثه، ذكر الرئيس الأمريكي أيضاً قضية موظف سابق في إدارة كفاءة الحكومة "دوج" يبلغ من العمر 19 عاماً، كان قد أُصيب خلال محاولة سرقة سيارة في العاصمة، في بداية أغسطس/آب. وقال ترامب إن "عدد سرقات السيارات قد تضاعف أكثر من ثلاث مرّات" خلال السنوات الخمس الماضية. والحقيقة أنه حتى الوقت الحالي من هذا العام، سجلت شرطة العاصمة 189 جريمة سرقة سيارات، بعد أن بلغت 300 جريمة في الفترة نفسها من العام الماضي. ووفقاً لمجلس العدالة الجنائية، فقد ارتفعت حوادث سرقة السيارات بشكل ملحوظ منذ عام 2020 فصاعداً، وبلغت ذروتها الشهرية في يونيو/حزيران 2023، بمعدل 140 حادثة أُبلِغ عن وقوعها. ومنذ يوليو/تموز 2025، فُرض حظر تجوال على مستوى المدينة لمن تقل أعمارهم عن 17 عاماً من الساعة 11 مساءً حتى الساعة 6 صباحاً. وجاء هذا الحظر في سبيل مكافحة جرائم الأحداث "من هم دون السن القانونية"، وعلى رأس تلك الجرائم سرقة السيارات، التي غالباً ما تشهد ارتفاعاً في معدلها خلال أشهر الصيف. كيف يمكن مقارنة معدلات الجريمة بمناطق أخرى في الولايات المتحدة؟ أخبرنا غِيلب من مجلس العدالة الجنائية بأن "مستوى العنف في المقاطعة لا يزال أعلى في الغالب من متوسط معدله في ثلاثين مدينة" شملتها الدراسة. واستدرك قائلاً: "مع أن اتجاهه نحو الانخفاض يتماشى مع ما نشهده في المدن الكبرى الأخرى في جميع أنحاء البلاد". وقد أجرى مجلس العدالة الجنائية دراسةً حول معدلات الجريمة في 30 مدينة أمريكية كبيرة. ويشير تحليل المجلس إلى أن معدل جرائم القتل في واشنطن العاصمة، قد انخفض بنسبة 19 في المئة في النصف الأول من هذا العام (من يناير/كانون الثاني، وحتى يونيو/حزيران 2025)، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. ويُعد هذا الانخفاض أعلى بقليل من متوسط الانخفاض البالغ 17 في المئة، في المدن التي شملتها عينة دراسة مجلس العدالة الجنائية. ومع ذلك، إذا قارنّا الأشهر الستة الأولى من عام 2025 بالفترة نفسها من عام 2019، قبل أزمة كوفيد 19، فسوف نجد انخفاضاً بنسبة 3 في المئة فقط في معدل جرائم القتل. أما في المدن الثلاثين التي شملتها الدراسة، فقد بلغ هذا الانخفاض 14 في المئة خلال الفترة الزمنية ذاتها.


الأيام
منذ 16 ساعات
- الأيام
لماذا تعتبر معركة كردفان حاسمة في الحرب السودانية؟
Getty Images يشهد إقليم كردفان حالياً قتالاً ضارياً بين الجيش والدعم السريع الذي يُكّثف هجماته في الإقليم. لا يزال المشهد السوداني معقداً في ظل فشل أيّ من طرفي الصراع في حسْمه لصالحه وفرض سيطرته على ثالث أكبر بلد أفريقي. وتتجه الأنظار حالياً إلى الغرب السوداني، وإقليم دارفور، الذي تسيطر قوات الدعم السريع عليه كله باستثناء عاصمة ولايته الشمالية، الفاشر، لتكون بذلك آخر مدينة رئيسية في الإقليم تحت سيطرة قوات الجيش النظامي. ومنذ أبريل/نيسان 2024، تفرض قوات الدعم السريع حصاراً خانقاً على الفاشر، فشلت في كسره القوات النظامية حتى الآن. وإلى الشرق من الفاشر والغرب من الخرطوم، يقع إقليم كردفان، الذي يشهد حالياً قتالاً ضارياً بين الجيش والدعم السريع الذي يُكّثف هجماته في الإقليم. وإذا كان الجيش النظامي قد تمكّن في عدة مناطق بينها الخرطوم والنيل الأبيض من طرد قوات الدعم السريع، فإن الأخيرة تسيطر الآن على أجزاء في شمال وغرب كردفان وعلى جيوب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلاً عن أربعٍ من ولايات إقليم دارفور الخمس. وكانت قوات الدعم السريع أعلنت في يونيو/حزيران الماضي السيطرة على منطقة المُثّلث الاستراتيجية في أقصى الشمال الغربي للبلاد والتي تشكل نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر- في محاولة لفتْح مسار إمداد آمِن لإحكام السيطرة الكاملة على إقليم كردفان، فضلاً عن تعزيز السيطرة على إقليم دارفور. ويرى مراقبون أنه لو تمّ لهذه القوات السيطرة على كردفان، فإن ذلك كفيل بأن ينتهي إلى تقسيمٍ جديد للسودان- بين الدعم السريع في الغرب والجيش النظامي في الشرق. 'ساحة صراع حاسمة ورمز للقوة والنفوذ السياسي' وفي حديث لبي بي سي، رأى الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، العميد جمال الشهيد، أن إقليم كردفان يعدّ 'ساحة صراع حاسمة في هذه الحرب المستعرة منذ أكثر من عامين'. وحول أهمية كردفان الاستراتيجية، قال الشهيد، إن 'الإقليم بحُكم موقعه الجغرافي يُشكّل حزاماً دفاعياً استراتيجياً بين وسط السودان وغربه، وإن السيطرة عليه تمثّل مفتاحاً للتحكم في خطوط الإمداد العسكري بين الخرطوم ودارفور والميناء الرئيسي ببورسودان'. وأشار الشهيد إلى أن 'إقليم كردفان يحتوي على مطارات يمكن استخدامها في النقل العسكري والدعم اللوجستي لأي من طرفَي الصراع، كما أن الإقليم قريب من مناطق النفط والذهب ما يجعله هدفاً رئيسياً لأيّ طرف يريد السيطرة على موارد لتمويل الحرب'. وعلى الجانب الآخر، يؤكد عمران عبد الله، مستشار قائد قوات الدعم السريع، أهمية إقليم كردفان الاستراتيجية، كـ 'محور رئيسي في الصراع الدائر في السودان، لكَونه يربط بين شرق وغرب وشمال وجنوب البلاد'. وفي حديث لبي بي سي، لخّص عمران الأهمية العسكرية لإقليم كردفان بأنه 'ممرّ مُهمّ للقوات العسكرية والإمدادات، حيث يربط بين دارفور ومركز البلاد، بما في ذلك الخرطوم'. وأشار عمران إلى مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان، والتي تحتوي على محطة قطار رئيسية تربط غرب السودان بشرقه وشماله بجنوبه. وعن الأهمية السياسية لكردفان، قال مستشار قائد الدعم السريع إن 'الإقليم يُعدّ رمزاً للقوة والنفوذ السياسي في السودان، وإن السيطرة عليه يمكن أن تعزز من موقف قواتنا في الصراع'. وعن الميزات الاقتصادية، يحتوي إقليم كردفان على موارد هامة كالزراعة لا سيما مشروع الجزيرة، فضلاً عن الثروة الحيوانية، وفقاً لعمران عبد الله. 'الذين يراهنون على تقسيم السودان هم كمَن يراهن على السراب' Getty Images رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان (يميناً) ومحمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع (يساراً). وبسؤاله عن التقسيم، نفى عمران في حديثه لبي بي سي، وجود أيّ نيّة لدى قوات الدعم السريع في تقسيم السودان، مؤكداً أن هذه 'ادعاءات وأكاذيب من قِبل 'الحركة الإسلامية' التي أشعلتْ الحرب وتحاول تشويه صورة الدعم السريع وتشتيت الأنظار عن الفشل في حسم المعركة عسكرياً'، على حد تعبيره. من جانبه، رأى العميد جمال الشهيد أن فكرة التقسيم قد طُرحتْ أكثر من مرة وباءت بالفشل، قائلاً إن 'الذين يراهنون على تقسيم السودان هم كمَن يراهن على السراب'. وأوضح الشهيد في حديثه لبي بي سي: ' بُحكم تعقيداته الإثنية والديموغرافية، من الصعوبة بمكان أن يتمّ تقسيم السودان؛ خاصة وأن الدعم السريع لا يُعبّر عن كل مكونات أهل دارفور القبَلية التي تقف ضد مشروع التقسيم بالأساس'. 'علاوة على أن تاريخ إقليم دارفور حافل بالاحتراب بين قبائل عربية وأفريقية، مما يُصعّب من عملية التقسيم ويجعلها شديدة التعقيد؛ وحتى لو قامت دولة فستشهد احتراباً داخلياً ما سيُلقي بظلاله على دول الجوار والإقليم بشكلٍ أوسع'، وفقاً للشهيد. ويتفق ياسر زيدان، الباحث في شؤون القرن الأفريقي بجامعة واشنطن، مع هذا الرأي الأخير، قائلاً إن 'إقليمَي كردفان ودارفور لن يدِينا للدعم السريع، لاشتمالهما على مكوّنات محلية غير عربية قائمة ولا تزال تدافع وتقاتل في كردفان والفاشر'. 'كما أن المجازر التي ارتكبها وما زال يرتكبها الدعم السريع بحقّ هذه المجتمعات المحلية والأصلية ستجعل من الصعب أن تستقر هذه السلطة التي يسعى إليها الدعم السريع في تلك المناطق'، وفقاً لزيدان. وفي حديث لبي بي سي، أشار الباحث بجامعة واشنطن إلى 'فشل الدعم السريع في تجارب سابقة في تقديم نموذج حُكم في مناطق سيطرته مثل الجزيرة وسنار والخرطوم قبل تحريرها من قِبل الجيش السوداني'. ونوّه الباحث زيدان إلى أن 'الدعم السريع لا يطمح في دولة صغيرة قِوامها دارفور وكردفان؛ وإنما مشروعه لكلّ السودان، وفق ما كان يردّد'. 'تهديد وحدة الأراضي السودانية' BBC خريطة توضح موقع إقليم دارفور. وفي يوم الأربعاء الماضي، رفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خُططاً تقدّمتْ بها قوات الدعم السريع ترمي إلى تدشين حكومة منافِسة في المناطق التي تسيطر عليها. وحذّر مجلس الأمن، في بيان شديد اللهجة، من مثل هذه الخطوة الكفيلة بـ 'تهديد وحدة الأراضي السودانية'، فضلاً عن تأجيج الصراع الدائر على الأرض. يُذكر أن السودان وجنوب السودان كانتا دولة واحدة حتى عام 2011، حين أعلنت الأخيرة الاستقلال بعد عقود من الصراع مع الشمال، وقبل هذا الانفصال، كان السودان أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة. وشهد إقليم دارفور، غربي السودان، عملية 'إبادة جماعية' في 2003 راح ضحيّتها وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة نحو 300 ألف نسمة غالبيتهم من أصل أفريقي ينتمون لقبائل الزغاوة والمساليت والفور، وذلك بأيدي قوات نظامية سودانية وميليشيات عربية موالية لها تُسمى الجنجويد 'الدعم السريع حاليا'. Reuters بحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن حوالي 637 ألف سوداني يعيشون الآن في مجاعة. وبالعودة إلى كردفان، يواجه سُكان الإقليم الذي يشتهر بمزارع القمح والذُرة الرفيعة، الموت جوعاً، بعد أن دمّر العنف بين الطرفين المتقاتلين المحاصيل الرئيسية، بحسب تصريحات العديد من المسؤولين في الإقليم. وتتهم الأمم المتحدة طرفَي الصراع في السودان باستخدام الجوع كسلاح، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن حوالي 637 ألف سوداني يعيشون الآن في مجاعة، وإن حوالي ثمانية ملايين إنسان في حاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة. وتشير إحصاءات أمريكية إلى أن أكثر من 150 ألف شخص لقوا مصرعهم في هذه الحرب التي شرّّدتْ على مدى أكثر من 28 شهراً حوالي 14 مليون نسمة- كأسوا أزمة إنسانية في العالم.


الأيام
منذ 16 ساعات
- الأيام
كوريون شماليون يقولون لبي بي سي إنهم يُرسلون للعمل كـ'عبيد' في روسيا
BBC علمت بي بي سي أن أكثر من 50 ألف كوري شمالي سيتم إرسالهم في نهاية المطاف للعمل في روسيا علمت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن آلاف الكوريين الشماليين يتم إرسالهم للعمل، في ظروف أشبه بالعبودية في روسيا، لسد النقص الكبير في العمالة الذي تفاقم بسبب الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا. ولجأت موسكو مراراً إلى بيونغ يانغ لمساعدتها في خوض الحرب، باستخدام صواريخها وقذائفها المدفعية وجنودها. والآن، مع مقتل أو احتجاز العديد من الرجال الروس خلال القتال - أو هروبهم من البلاد - قال مسؤولون من المخابرات الكورية الجنوبية لبي بي سي إن موسكو تعتمد بشكل كبير على العمال الكوريين الشماليين. وأجرينا مقابلات مع ستة عمال كوريين شماليين فروا من روسيا منذ بداية الحرب، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين وباحثين وأشخاص ساعدوا في إنقاذ العمال. وتحدثوا عن تفاصيل حول تعرض الرجال لظروف عمل "بائسة"، وكيف تشدد السلطات الكورية الشمالية سيطرتها على العمال لمنعهم من الهروب. يقول أحد العمال، يُدعى جين، لبي بي سي، إنه عندما هبط في أقصى شرق روسيا، رافقه عميل أمني كوري شمالي من المطار إلى موقع بناء، وأمره بعدم التحدث إلى أي شخص أو النظر إلى أي شيء، وقال له: "العالم الخارجي هو عدونا". وقال جين إنه تم توجيهه مباشرة للعمل في بناء أبراج سكنية شاهقة، لأكثر من 18 ساعة في اليوم. وروى جميع العمال الستة الذين تحدثنا إليهم نفس تفاصيل أيام العمل الشاقة - الاستيقاظ في الساعة 6 صباحاً، وإجبارهم على العمل في بناء أبراج سكنية شاهقة حتى الساعة 2 صباحاً من اليوم التالي، مع يومي إجازة فقط في السنة. وقمنا بتغيير أسمائهم في هذا التقرير لحمايتهم. Getty Images أرسل كيم جونغ أون (يسار الصورة) أسلحة وجنوداً إلى فلاديمير بوتين، لدعمه في حربه على أوكرانيا ويقول عامل بناء آخر، يُدعى تاي، وتمكن من الفرار من روسيا العام الماضي: "كان الاستيقاظ أمراً مرعباً، عندما تدرك أن عليك تكرار نفس اليوم مرة أخرى". يتذكر تاي كيف كانت يداه تتشنج في الصباح، ولا يقدر على فتحهما، لأنهما شبه مشلولتان من عمل اليوم السابق. قال عامل آخر، وهو تشان: "كان بعض العمال يتركون مواقعهم للنوم في النهار، أو ينامون وهم واقفون، لكن المشرفين كانوا يمسكون بهم ويضربونهم. كان الأمر حقاً كما لو كنا نموت". ويقول كانغ دونغ-وان، أستاذ في جامعة "دونغ-إيه" في كوريا الجنوبية، الذي سافر إلى روسيا عدة مرات لمقابلة عمال كوريين شماليين: "الظروف مُزرية حقا"، ويضيف: "يتعرض العمال لمواقف خطيرة للغاية. في الليل، تُطفأ الأنوار ويعملون في الظلام، مع القليل من معدات السلامة". يقول الأشخاص الذين استطاعوا الهروب، إن العمال محبوسون في مواقع البناء ليلاً ونهاراً، حيث يراقبهم عملاء من جهاز الأمن الحكومي الكوري الشمالي. وينامون في حاويات شحن قذرة ومكتظة ومليئة بالحشرات، أو على أرضية مبانٍ سكنية غير مكتملة، ويضعون أغطية بلاستيكية على إطارات الأبواب لمحاولة منع دخول البرد. وقال أحد العمال، يُدعى نام، إنه سقط مرة من ارتفاع أربعة أمتار في موقع البناء و"تحطم" وجهه، ما جعله غير قادر على العمل. وحتى في تلك الحالة، لم يسمح له مشرفوه بمغادرة الموقع للذهاب إلى المستشفى. وفي الماضي، كان عشرات الآلاف من الكوريين الشماليين يعملون في روسيا، ويكسبون ملايين الجنيهات سنوياً التي تذهب للزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، ونظامه الذي يعاني من ضائقة مالية. ثم في عام 2019، حظرت الأمم المتحدة على الدول استخدام هؤلاء العمال، في محاولة لقطع تمويل كيم ومنعه من صنع أسلحة نووية، ما أدى إلى عودة معظمهم إلى ديارهم. لكن في العام الماضي، تم إرسال أكثر من 10 آلاف عامل إلى روسيا، وفقاً لمسؤول استخباراتي كوري جنوبي، تحدث إلى بي بي سي شريطة عدم الكشف عن هويته، وأوضح أنه من المتوقع وصول المزيد هذا العام، إذ من المحتمل أن ترسل بيونغ يانغ أكثر من 50 ألف عامل في المجموع. وأضاف المسؤول أن التدفق المفاجئ للعمال الكوريين الشماليين يعني أنهم موجودون الآن، "في كل مكان في روسيا". وقال إن معظمهم يعملون في مشاريع بناء ضخمة، بينما يتم تشغيل آخرين في مصانع الملابس ومراكز تكنولوجيا المعلومات، في انتهاك للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة، والتي تحظر استخدام العمالة الكورية الشمالية. وتشير أرقام الحكومة الروسية إلى أن أكثر من 13 ألف كوري شمالي دخلوا البلاد، في عام 2024، بزيادة 12 ضِعفاً عن العام السابق. ودخل ما يقرب من 8000 منهم بتأشيرات طلابية، ولكن وفقاً لمسؤول الاستخبارات وخبراء، فإن هذا تكتيك تستخدمه روسيا للتحايل على حظر الأمم المتحدة. وفي يونيو/ حزيران، اعترف المسؤول الروسي رفيع المستوى، سيرجي شويغو، لأول مرة بأن 5000 كوري شمالي سيتم إرسالهم لإعادة بناء كورسك، وهي منطقة روسية استولت عليها القوات الأوكرانية العام الماضي، ثمّ استعادتها روسيا في وقت لاحق. وقال المسؤول الكوري الجنوبي إنه من "المحتمل جداً" أن يتم إرسال بعض الكوريين الشماليين قريباً، للعمل في مشاريع إعادة الإعمار في الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا. ويقول أندريه لانكوف، الأستاذ في جامعة "كوكمين" في سول والخبير في العلاقات بين كوريا الشمالية وروسيا، إن روسيا "تواجه حالياً نقصاً حاداً في اليد العاملة، ويشكل الكوريون الشماليون الحل الأمثل لهذه المشكلة. فهم غير مكلفين، ويجتهدون في العمل، ولا يتورطون في المشاكل". KCNA أرسلت شركات بناء روسية هذه الزهور إلى كيم جونغ أون في أبريل/ نيسان الماضي، وفقاً لوسائل إعلام كورية شمالية وتحظى وظائف البناء في الخارج بإقبال كبير في كوريا الشمالية، لأنها توفر رواتب أفضل من العمل في بلدهم، إذ يسافر معظم العمال على أمل الهروب من الفقر، والقدرة على شراء منزل لعائلاتهم أو بدء مشروع تجاري عند عودتهم. ويتم اختيار الرجال الأكثر ثقة فقط بعد فحص دقيق، ويجب عليهم ترك عائلاتهم وراءهم. لكن الجزء الأكبر من دخلهم يُرسل مباشرة إلى الدولة الكورية الشمالية كـ"رسوم ولاء"، ويتم تسجيل الجزء المتبقي - الذي يتراوح عادة بين 100 و200 دولار شهرياً - في دفتر الحسابات. ولا يتلقى العمال هذا المال إلا عند عودتهم إلى ديارهم - وهو إجراء حديث، حسبما يقول الخبراء، لمنعهم من الهروب. وبمجرد أن يدرك الرجال حقيقة العمل القاسي وقلة الأجر، يصدمون بذلك. ويقول تاي إنه "شعر بالخزي"، عندما علم أن عمال البناء الآخرين من آسيا الوسطى يتقاضون أجراً يزيد عن خمسة أضعاف أجره مقابل ثلث العمل. ويوضح: "شعرت وكأنني في معسكر عمل؛ سجن بلا قضبان". فيما لا يزال العامل جين يشعر بالغضب، خاصة عندما يتذكر كيف كان العمال الآخرون يطلقون عليهم اسم العبيد، وكانوا يسخرون من الكوريين الشماليين ويقولون لهم: "أنتم لستم رجالاً، بل مجرد آلات يمكنها الكلام". وفي أحد الأيام، يقول جين إن مديره أخبره أنه قد لا يتلقى أي أموال عند عودته إلى كوريا الشمالية، لأن الدولة تحتاجها بدلاً منه، عندها قرر المخاطرة بحياته والهرب. أما تاي فاتخذ قرار الهروب بعد مشاهدة مقاطع فيديو على يوتيوب تظهر مقدار الأجور التي يتقاضاها العمال في كوريا الجنوبية. وفي إحدى الليالي، حزم أمتعته في كيس قمامة، وضع بطانية تحت ملاءة سريره ليبدو وكأنه لا يزال نائماً، وتسلل خارج موقع البناء. ثم استقل سيارة أجرة وسافر آلاف الكيلومترات عبر البلاد، للقاء محامٍ ساعده في ترتيب رحلته إلى سول. وفي السنوات الأخيرة، تمكن عدد قليل من العمال من التخطيط للهروب باستخدام هواتف ذكية مستعملة، اشتروها من مدخراتهم من بدلهم اليومي الضئيل، الذي كانوا يتلقونه لشراء السجائر والكحول. BBC تمكن عدد قليل من العمال من الهروب من روسيا أثناء الحرب والوصول إلى سول وفي محاولة لمنع هروبهم، تقول مصادر متعددة إن السلطات الكورية الشمالية تقوم الآن بقمع حرية العمال المحدودة بالفعل. ووفقاً للبروفيسور كانغ من جامعة دونغ إيه، فإن إحدى الطرق التي حاول بها النظام السيطرة على العمال، خلال العام الماضي، هي إخضاعهم لتدريبات أيديولوجية وجلسات نقد ذاتي أكثر تواتراً، حيث يُجبرون على إعلان ولائهم لـ كيم جونغ أون وتسجيل إخفاقاتهم. كما تم تقليص الفرص النادرة لمغادرة مواقع البناء. وأضاف البروفيسور كانغ: "كان العمال يخرجون في مجموعات مرة واحدة في الشهر، ولكن في الآونة الأخيرة تقلصت هذه الرحلات إلى الصفر تقريباً". يقول كيم سونغ تشول، وهو ناشط مقيم في سول يساعد في إنقاذ العمال الكوريين الشماليين من روسيا، إن هذه الرحلات أصبحت تخضع لرقابة أكثر صرامة، ويوضح: "كان يُسمح لهم بالخروج في مجموعات تتكون كل منها من شخصين، ولكن منذ عام 2023 أصبحوا يضطرون إلى الخروج في مجموعات من خمسة أشخاص، ويخضعون لمراقبة أكثر صرامة". وفي ظل هذه الأجواء، ينجح عدد أقل من العمال في الهروب. وأخبرتنا الحكومة الكورية الجنوبية أن عدد الكوريين الشماليين، الذين يغادرون روسيا كل عام ويصلون إلى سول، قد انخفض إلى النصف منذ عام 2022 - من حوالي 20 في السنة إلى 10 فقط. يقول لانكوف، الخبير في العلاقات بين كوريا الشمالية وروسيا، إن الإجراءات الصارمة ربما تكون استعداداً لوصول المزيد من العمال، مضيفاً أن هؤلاء العمال "سيكونون الإرث الدائم لصداقة كيم وبوتين في زمن الحرب"، متوقعاً أن يستمر العمال في الوصول لفترة طويلة بعد انتهاء الحرب، وانسحاب الجنود والأسلحة.