
كاليفورنيا.. اقتصاد مزدهر بناه المهاجرون وأزمة تتصاعد في وجه ترمب
سلّطت الاحتجاجات المتصاعدة في كاليفورنيا الأضواء على الولاية التي ازدهرت على أكتاف المهاجرين، وكان الاختلاف في تصنيفهم، والتمييز بين من يجب أن يُرحّل، ومن يحق له البقاء، الشرارة التي أشعلت المواجهة بين الولاية والبيت الأبيض.
وجاء أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإرسال تعزيزات من الحرس الوطني، بعد احتجاجاتٍ حاشدة ضد عمليات مداهمات تستهدف المهاجرين في الولاية التي يُشكل فيها اللاتينيون أكبر مجموعة عرقية بنسبة 40% تقريباً.
ومع تصدرها واجهة الأحداث، فإن أبرز ما يُميّز ولاية كاليفورنيا هو اقتصادها الضخم، الذي يصل إلى نحو 4.1 تريليون دولار أميركي، ما يُمثل 14% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، بل ويحتل المرتبة الرابعة عالمياً، متقدماً على دول كبرى مثل اليابان، ما يجعلها " أحد محركات الازدهار الاقتصادي الأميركي"، بحسب توصيف خبراء تحدثت إليهم "الشرق".
حمى الذهب في كاليفورنيا
ورغم مرور أكثر من قرن ونصف على انطفاء "حمى الذهب" في كاليفورنيا (بين عامي 1849 و1855)، والتي كانت تجذب المهاجرين منذ منتصف القرن التاسع عشر، إلا أن قطاعات التكنولوجيا والصناعة والترفيه والزراعة، التي تُمثل رافعات الاقتصاد في الولاية، باتت تُجسّد "حُمى" جاذبة من نوع آخر.
وربما هذا ما يجعل الولاية محط أنظار ترمب؛ فبعد أيام من التظاهرات، أمر الرئيس الأميركي بنشر قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية، في ثاني أكبر مدن الولاية، لوس أنجلوس، رغم اعتراضات الحاكم الديمقراطي جافين نيوسوم.
جاء ذلك بعد سلسلة عمليات بحث وتوقيف غير معتادة، أجرتها الوكالة الفيدرالية للهجرة والجمارك على أماكن تجمع وعمل اللاتينيين في كاليفورنيا، ما أثار موجة غضب واحتجاجات واسعة في الولاية التي تضم النسبة الأكبر من المهاجرين بين الولايات الأميركية.
بريق يجذب المهاجرين
تأتي كاليفورنيا في صدارة الولايات من حيث عدد السكان بـ39 مليون شخص، بينهم أكثر من 10 ملايين مهاجر. لكن حكايتها مع المهاجرين شهدت طفرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، عندما اجتذبتهم، خلال ما يعرف بـ"حمى الذهب".
وبين من انتقلوا إلى كاليفورنيا، عائلة لاتينية، ينحدر منها داري سراجو، الذي اتجه إلى النشاط السياسي، حتى صار كبير استراتيجي الحملات الانتخابية للحزب الديمقراطي في الولاية.
وقال سراجو لـ"الشرق"، إن اللاتينيين يشكلون اليوم أكبر مجموعة عرقية في كاليفورنيا، بنسبة 40% تقريباً، وعند إضافة الأميركيين الآسيويين من خلفيات متنوعة، بالإضافة إلى الأميركيين من أصل إفريقي، ينتهي الأمر إلى أن "البيض لا يزيدون عن الثلث بكثير".
عندما بدأت "حمّى الذهب" في عام 1849، جلبت ما يقرب من 100 ألف شخص إلى كاليفورنيا بسرعة كبيرة.
ويقول أستاذ التاريخ السياسي بجامعة بينجهامتون في نيويورك دونالد نيمان لـ"الشرق"، إن هذا العدد كان كافياً لجعل كاليفورنيا، التي حصلت عليها أميركا من المكسيك في عام 1850، الولاية الـ31، في العام نفسه.
كان تعدين الذهب جزءاً مهماً من اقتصاد الولاية لعقود. وأدى تدفّق السكان الناتج عن "حمّى الذهب" إلى توسّع الزراعة، ونمو المدن.
وحتى قبل اكتشاف الذهب في الولاية، استقر الأميركيون في كاليفورنيا عندما كانت لا تزال ولاية مكسيكية، بحسب نيمان وقد جذبهم، آنذاك، ازدهار تجارة جلود الماشية والدهن الحيواني الذي كان يُصدّر إلى الساحل الشرقي وأميركا اللاتينية لاستخدام الدهن في صناعة الشموع و الجلود للأحذية. كما وجد الأميركيون في موانئ سان دييجو وسان فرانسيسكو مواقع ممتازة لتوسيع التجارة مع الصين.
لكن نيمان أشار إلى أن "حمّى الذهب" كانت هي "الحدث الحاسم" في استقدام كتلة سكانية كبيرة، حفّزت احتياجاتها أنشطة اقتصادية متنوعة، وأسسوا اقتصاداً.
وأضاف نيمان أنه مع نمو عدد السكان والاقتصاد، ومع استثمار رجال الأعمال في السكك الحديدية ساهم ذلك في توسيع النشاط الاقتصادي والفرص، من خلال دمج كاليفورنيا بشكل أكبر في الاقتصاد الأميركي.
جمهورية أم ديمقراطية؟
فازت مرشحة الرئاسة الديمقراطية كامالا هاريس، في 2024، بالولاية الزرقاء التي تمتلك 54 صوتاً في المجمع الانتخابي. ولم يكن ذلك مستبعداً؛ فالولاية اعتادت التصويت للديمقراطيين.
لكن، لم يكن الأمر كذلك دائماً؛ فقد صوّتت كاليفورنيا للحزب الجمهوري في 15 من أصل 25 انتخابات رئاسية، كان آخرها عام 1988 عندما وضعت كاليفورنيا أصوات المجمع الانتخابي خلف جورج بوش الأب.
وعلى المستوى المحلي، شهدت كاليفورنيا تذبذباً سياسياً؛ إذ تعاقَب على منصب الحاكم جمهوريون وديمقراطيون بين 1983 و2011، حتى استقرت الولاية تحت حكم الديمقراطيين مع جيري براون ثم جافين نيوسوم.
أستاذ العلوم السياسية والسياسات العامة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، هنري برادي، أرجع تحوّل الولاية إلى الديمقراطيين إلى ارتفاع مستويات التعليم، خصوصاً في المناطق الساحلية.
وأضاف برادي لـ"الشرق"، أنه في المقابل، لا تزال هناك مناطق تتمتع بدعم قوي للجمهوريين، مثل وادي سنترال في كاليفورنيا، وشمال الولاية، وبعض أجزاء إينلاند إمباير في الجنوب.
وقال برادي إنه بفضل ارتفاع معدلات الانتماء النقابي بين المعلمين والممرضين وغيرهم، إلى جانب مستويات التعليم، تتبنى الولاية سياسات مؤيدة للعمال.
لكن طبيعة السكان والعرق والهجرة، وتحديداً، النمو السكاني اللاتيني ساهمت بشكل كبير أيضاً في التحول إلى ولاية ديمقراطية.
واليوم، أصبح سكان كاليفورنيا متنوعين عرقياً بين 40% من أصل لاتيني، و34% من البيض، و16% من الأميركيين الآسيويين و6% من السود، و3% من متعددي الأعراق، وفق مكتب الإحصاء الأميركي.
ويقول نيمان إن الحزب الجمهوري بدأ يتبنى، في الستينيات، مواقف تجذب الناخبين البيض، خصوصاً من الطبقة العاملة الذين رأوا أن سياسات الديمقراطيين تعطي امتيازات خاصة للأقليات والنساء.
في المقابل اجتذب الديمقراطيون النساء والملونين "ومع مرور الوقت وتزايد السكان من أصول لاتينية وآسيوية في كاليفورنيا، أصبح الحزب الجمهوري بعيداً عن اهتمامات أغلب الناخبين، وتحولت الولاية إلى منطقة داعمة للديمقراطيين منذ تسعينيات القرن المنصرم"، بحسب نيمان.
العامل الآخر الذي دفع الولاية إلى التوجه الليبرالي، بحسب نيمان، هو تزايد أهمية القضايا البيئية في العقدين الأوليْن من القرن الـ21، خاصة مع حرائق الغابات المتكررة التي عززت وعي السكان بأخطار التغيُّر المناخي.
كما ينسب الفضل في صعود الحزب الديمقراطي بكاليفورنيا إلى مجموعة من المشرّعين الجمهوريين، ففي عام 1994، أثناء خضوع الولاية لسلطة الجمهوريين، تمكنوا من تمرير قانون يمنع غير الموثَّقين من الحصول على الخدمات العامة الأساسية، كالرعاية الصحية غير الطارئة، والتعليم الابتدائي والثانوي. كما ألزم موظفي القطاع العام، كالأطباء والمعلمين، بالإبلاغ عنهم.
ورغم موافقة أهل الولاية في البداية على القانون 187، إلا أن كاليفورنيا شهدت خروج احتجاجات ضد تطبيقه.
وقال كبير استراتيجي الحملات الانتخابية للحزب الديمقراطي داري سراجو، إن الاقتراح الذي أُلغي بعد ذلك، دفع جيلاً كاملاً من السكان الجدد، من الأصول اللاتينية وأصحاب البشرة الملونة، إلى أحضان الحزب الديمقراطي، وفي العقد التالي انخفض عدد الجمهوريين، الذين يشغلون ما يقرب من نصف المناصب المنتخبة في الولاية، إلى أقل من الربع.
وفي نظرة مغايرة، يعزو الكاتب الجمهوري جون جيزي تحوّل الولاية إلى الحزب الديمقراطي إلى تراجع صناعة الدفاع.
وأضاف جيزي لـ"الشرق"، إنه تم تقليص ميزانية الدفاع بعد الحرب الباردة، ما أدى إلى فقدان الوظائف في ذلك القطاع والهجرة إلى ولايات أخرى.
واعتبر أن ارتفاع تكاليف المعيشة والضرائب، إضافة إلى زيادة أعداد المهاجرين والأقليات، من الأسباب الرئيسية التي غيّرت التركيبة الديموغرافية والسياسية للولاية.
وكشفت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، تراجع إقبال شباب ولاية كاليفورنيا على التصويت، مقارنة بنسب إقبالهم السابقة.
رابع اقتصاد عالمي يرحب بالمهاجرين
في عام 2024، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لولاية كاليفورنيا حوالي 4.1 تريليون دولار أميركي، وهو ما يمثل 14% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات. ويحتل اقتصاد كاليفورنيا المرتبة الرابعة عالمياً، متقدماً على دول كبرى مثل اليابان.
ولكن أستاذ الاقتصاد بجامعة ولاية كاليفورنيا، روبرت كرول، يرى أنه من الأفضل قياس الاقتصاد بطريقة تأخذ في الاعتبار الأسعار وعدد السكان، أي من خلال الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للفرد، "وبهذا المقياس تحتل كاليفورنيا المرتبة التاسعة عالمياً، والرابعة بين الولايات الأميركية".
ولفت كرول في حديثه لـ"الشرق"، إلى وجود مشكلة أخرى تتعلق بمقارنة اقتصاد كاليفورنيا بدقة مع دول أخرى، قائلاً إنه يمكن لتحركات أسعار الصرف أن تغيّر بسرعة من القيمة بالدولار، "لذلك، يفضّل إجراء المقارنات بناءً على مستويات الأسعار النسبية، أي على أساس تعادل القوة الشرائية".
تشمل القطاعات الرئيسية في اقتصاد كاليفورنيا التكنولوجيا، والصناعة، والترفيه، والزراعة. وبفضل هوليوود ووادي السيليكون والصناعات التحويلية والزراعية، تُعد كاليفورنيا أحد أهم محركات الاقتصاد الأميركي.
وذكر كرول أن قطاع الزراعة في كاليفورنيا مازال يشكل مساحة كبيرة من اقتصاد الولاية، بعائدات ضخمة تجاوزت 55.9 مليار دولار في 2022، وما قيمته 22.5 مليار دولار صادرات، "يمتد تأثير هذه الصناعة على قطاعات الشحن والتخزين، ليشكلوا معاً أكبر الصناعات في كاليفورنيا".
ومع ذلك، اعتبر كرول أن التكنولوجيا كالبرمجيات والذكاء الاصطناعي وصناعة الترفيه مثل هوليوود وصناعة السينما والموسيقى والألعاب، من أبرز أعمدة الاقتصاد، خاصة وأن صناعة الترفيه تعتمد كثيراً على التكنولوجيا.
ويلعب قطاع التكنولوجيا دوراً كبيراً، حيث يساهم في الناتج المحلي في الولاية بحوالي 620 مليار دولار، أي ما يعادل 19%. قال كرول إن صناعة التكنولوجيا في شمال كاليفورنيا نشأت قرب جامعات كبرى مثل ستانفورد وجامعة كاليفورنيا، ما وفّر بيئة بحثية ملائمة لنمو هذا القطاع، "وقد تركّزت التكنولوجيا في منطقة واحدة لأن وجود العاملين معاً وتفاعلهم ساعد على خلق وتطوير أفكار جديدة".
التكنولوجيا.. 19% من الاقتصاد
قوة اقتصاد الولاية جعلها تُرسل إلى الحكومة الفيدرالية أكثر من 83 مليار دولار أميركي، وهو ما يزيد عن التمويل الفيدرالي الذي تتلقاه. وتُعدّ كاليفورنيا أكبر ولاية صناعية، حيث تضم حوالي 23 ألف مصنعاً، وتوظف نحو مليون ونصف المليون عامل.
ويعد وادي السيليكون موطن لآلاف شركات التقنية في الولاية مثل أبل، وأوراكل، وإيباي، وياهو، وباي بال، وجوجل، التي توظف أكثر من مليون شخص. وتُشكل هذه الوظائف أكثر من 10% من اقتصاد كاليفورنيا.
أما قطاع ألعاب الفيديو في كاليفورنيا فيدعم أكثر من 200 ألف وظيفة، ويساهم بأكثر من 51 مليار دولار في الناتج الاقتصادي للولاية. أما هوليوود فتعد واحدة من أكبر الصناعات، وحققت مبيعات سنوية بقيمة 226 مليار دولار اعتبارا من عام 2020.
كل هذه القطاعات اعتمدت بشكل كبير على المهاجرين، ومعهم أيضاً قطاع البناء الذي يعد أسرع القطاعات نمواً، ويُوظّف 5% من القوى العاملة في الولاية.
ويلفت كرول إلى قطاع آخر يشارك فيه المهاجرون دون انتباه لدورهم الكبير، وهو مجال الرعاية الصحية، الذي يشكل 7% من الناتج المحلي الإجمالي، كما يعد أكبر قطاع على مستوى الولاية من حيث الشركات 40%، والوظائف 16%.
وأضاف أن المهاجرين أسسوا العديد من الشركات الخاصة الناجحة للغاية، مشيراً إلى أن وجودهم يساهم في رفع أجور المواطنين الأصليين.
وفي حين تضم الولاية أكثر من 4 ملايين شركة صغيرة محلية، توظف ما يقرب من 50% من القوى العاملة، يُشكّل القطاع الخاص 90% من الناتج المحلي الإجمالي لولاية كاليفورنيا.
وتستحوذ شركات مملوكة لمهاجرين على حصص كبيرة في بعض القطاعات، بواقع حوالي 41% من الشركات في خدمات الإقامة والطعام مملوكة لآسيويين، و29% من شركات النقل والتخزين مملوكة للاتينيين، و7% من شركات الفنون والترفيه والتسلية مملوكة للسود.
"كاليفورنيا ليست واشنطن"
تعتبر كاليفورنيا ثاني أكبر ولاية تجارية، ويُرجع كرول ذلك جزئياً إلى موقعها الجغرافي، ومن أهم شركائها التجاريين المكسيك وكندا والصين، وتأتي أكثر من 40% من واردات كاليفورنيا من هذه الدول.
لكن كرول أشار إلى أن فرض ترمب رسوماً جمركية شاملة يؤثر سلباً على اقتصاد الولاية بشكل كبير، "فالضرائب واللوائح التنظيمية مرتفعة للغاية، ما يدفع الشركات إلى الانتقال، أو على الأقل عدم التوسع".
الخوف من تأثير الحرب التجارية دفع حاكم كاليفورنيا إلى رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الفيدرالية يطعن فيها في استخدام ترمب لصلاحيات الطوارئ لفرض الرسوم الجمركية. وصعّد الحاكم من ذلك حينما دعا شركاء الولاية التجاريين إلى إعفاء المنتجات المصنوعة في كاليفورنيا من أي إجراءات انتقامية، قائلاً: "كاليفورنيا ليست واشنطن".
أعلى معدّل فقر في أميركا
رغم أنها رابع اقتصاد في العالم، فإنها تتمتع بأعلى معدل فقر في الولايات المتحدة بحسب مكتب الإحصاء، بنسبة 18.9%.
ووجد بحث أجراه معهد السياسات العامة في كاليفورنيا، أن 31.1% من سكان الولاية كانوا يعيشون في فقر أو على حافته في عام 2023، وأكثر من نصف هذه المجموعة من اللاتينيين و13.6% من السود.
تعكس معدلات الفقر المرتفعة، تكاليف معيشة من بين الأعلى في الولايات، خاصة مع معرفة أن متوسط دخل الفرد في كاليفورنيا أقل من 55 ألف دولاراً أميركياً، فيما لا يتجاوز متوسط دخل الأسرة 100 ألف دولار أميركي.
وأشار نيمان إلى أن القدرة على تحمل التكاليف وقابلية العيش من أكبر التحديات التي تواجه سكان كاليفورنيا، موضحاً أن الولاية مُكلفة للغاية، "فالمساكن شحيحة، وباهظة الثمن بالنسبة لمعظم السكان.
التحدي الثاني الذي تواجهه الولاية هو استمرار المشكلات البيئية، بسبب الكثافة السكانية المرتفعة.
لكن نيمان أشار أيضاً إلى شيخوخة السكان التي تعاني منها كاليفورنيا كتحدٍ آخر، معتبراً أن ذلك يُشكّل ضغطاً على نظام الرعاية الصحية في الولاية، وعلى المالية العامة. "إذ يبلغ متوسط أعمار سكان كاليفورنيا عاماً واحداً فقط أصغر من المتوسط الأميركي" (يبلغ متوسط العمر المتوقع في كاليفورنيا حوالي 3.4 سنوات أكثر من المتوسط الوطني في الولايات المتحدة، بحسب بيانات مؤسسة KFF لعام 2023). كما أن عدد السكان الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً آخذ في الازدياد، "وهذا يعني ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وانخفاض نسبة السكان الذين يُعيلون المتقاعدين".
هل تنفصل كاليفورنيا؟
القوة الاقتصادية للولاية، ساهمت في انتشار دعوات متكررة لانفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة، لكن الولاية فضّلت البقاء في الاتحاد.
مع فوز ترمب بولايته الثانية، أعاد ماركوس رويز إيفانز، صاحب حركة "كالكسيت" دعوته إلى انفصال كاليفورنيا عن الولايات المتحدة وتأسيس دولة مستقلة.
ويسعى إيفانز لطرح استفتاء في 2028 حول الانفصال، قائلاً إن قيم كاليفورنيا باتت مختلفة تماماً عن باقي الولايات، معتبراً أن الحكومة الفيدرالية لا تمثل مصالح ولايته.
جاءت فكرة الانفصال لرويز إيفانز في 2007، لكن انتخاب ترمب مرتين زاد من زخم الحركة، حسب تصريحاته لـ CBS news.
لا يعتقد أستاذ العلوم السياسية من كاليفورنيا، هنري برادي، أن هناك دعماً حقيقياً لانفصال الولاية عن الولايات المتحدة، رغم تأكيده أنها أحد محركات الازدهار الاقتصادي الأميركي.
وأوضح: "تُقدّم كاليفورنيا للولايات المتحدة ما لا يقل عن القدر نفسه، وربما أكثر، من أموال الضرائب مما تُعيده الحكومة الفيدرالية إلى الولاية".
ورغم أن خسارة كاليفورنيا ستكون ضارة للولايات المتحدة، يعتقد برادي أن كاليفورنيا ستعاني أيضاً، قائلاً إن اقتصاد كاليفورنيا مُندمج تماماً مع الولايات المتحدة، وانفصالهما سيكون مؤلماً ومكلفاً، أسوأ بكثير مما شهدته المملكة المتحدة مع خروجها من الاتحاد الأوروبي.
الاستراتيجي الديمقراطي سراجو استبعد، أيضاً، انفصال كاليفورنيا، وأرجع ذلك إلى أن معظم سكانها يعتبرون أنفسهم أميركيين، حتى مع عدم رضاهم عن الحزب الحاكم في واشنطن، قائلاً إن القومية أو الهوية الوطنية هي السبب الأهم وراء رفض كاليفورنيا الانفصال. ورغم اختلافنا الثقافي والسياسي والاقتصادي، إلا أننا لا نعتبر أنفسنا سوى أميركيين".
حاكم ديمقراطي ورئيس جمهوري
خلال ولايته الأولى، دخل ترمب في خلاف مستمر مع حاكم كاليفورنيا الديمقراطي جافين نيوسوم، وهدد مراراً بقطع المساعدات الفيدرالية عن الولاية لمكافحة حرائق الغابات، كما فعل مؤخراً بعد حرائق جنوب كاليفورنيا.
وفي الشهر الجاري، وقبل أيام قليلة من أحداث لوس أنجلوس ونشره الحرس الوطني ومشاة البحرية، صعّدت إدارة ترمب التوتر بتهديدها باتخاذ إجراءات قانونية وخفض التمويل. وردّ الحاكم الديمقراطي أن الولاية تُساهم في الضرائب الفيدرالية أكثر بكثير مما تتلقى.
المعركة بين الرئيس والحاكم في كاليفورنيا يعتبرها برادي صراعاً على "سيادة القانون" مقابل "سيادة الأقوى"، وليس صراعاً سياسياً.
وأضاف أن ترمب يرى في كاليفورنيا مركز قوة منافس يهدد رؤيته لأميركا، فهي تقدم نموذجاً مختلفاً للنجاح قائماً على الانفتاح والابتكار، وتملك رابع أكبر اقتصاد عالمي.
وأشار برادي إلى أنه رغم خلافها مع سياسات ترمب واختلاف منظورها بشأن الهجرة، لا توجد أدلة على أن الولاية ترفض التعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية، "لكن تدخل ترمب، خاصة بإرسال الحرس الوطني رغم اعتراض الحاكم، مثّل تجاوزاً لصلاحيات الولاية. الحاكم نيوسوم يرفض هذه التدخلات باعتبارها تمس الفيدرالية ومبدأ احترام سلطات الولايات".
في الوقت نفسه، أكد برادي أن الخلاف بشأن التمويل والضرائب بين الحاكم والرئيس لا يتعلق بالمال، بل "برغبة ترمب في عدم رؤية أي مراكز قوى منافسة (له) وإلحاق الضرر بالكيان الذي يعتبره معادياً لرئاسته".
وكان مسؤولو الهجرة وضباطها عنصراً حاسماً في إلحاق الضرر بالولاية التي تضم أكثر من مليون مهاجر يعيشون في الولايات المتحدة من دون وثائق قانونية.
وأثارت حملات دائرة الهجرة والجمارك ICE ضد المهاجرين غير القانونيين الخوف في مجتمعات المهاجرين، إذ تجاوزت استهداف المتهمين بجرائم خطيرة وأصبحت عشوائية.
ولفت برادي إلى أن هذه الحملات طالت أشخاصاً "غير قانونيين" يقيمون في الولايات المتحدة منذ سنوات، يعملون ويدفعون الضرائب "دون أن يزعجوا أحداً".
يعيش العديد من هؤلاء الأفراد في عائلات تضم مواطنين مقيمين بشكل قانوني في الولايات المتحدة. لذا، فإن التأثير يمتد، أيضاً، إلى المواطنين والمقيمين القانونيين.
حتى أن خبير الاستطلاعات في الحزب الجمهوري وايت أيريس، قال لـ"الشرق"، إن الرأي العام الأميركي يختلف بشكل واضح حسب نوعية المهاجرين غير القانونيين، موضحاً أن هناك تأييداً واسعاً لترحيل من ارتكبوا جرائم، خاصة الجرائم العنيفة، "لكن في المقابل، هناك رفض كبير لترحيل من جاءوا إلى الولايات المتحدة وهم أطفال، أو عاشوا فيها لفترة طويلة دون مخالفات قانونية، وكذلك من لديهم أطفال يحملون الجنسية الأميركية".
وعن الأحداث الأخيرة في لوس أنجلوس، استنكر الديمقراطي سراجو تعامل الإدارة الأميركية مع الولاية، قائلاً: "الرئيس ترمب لم يكن بحاجة مطلقاً لنشر الحرس الوطني أو مشاة البحرية في لوس أنجلوس. لكن يبدو وكما تكهن كثيرون بأنه يكنّ ضغينة لكاليفورنيا ولحاكمنا الحالي وعمدة المدينة كارين باس".
لكن الكاتب الجمهوري جون جيزي، قال: "لوكان لدينا حاكم وعمدة مختلفان، ربما لم نكن بحاجة إلى إرسال المارينز".
انتقاد جمهوري لحاكم الولاية
استعاد جيزي أحداثاً شهدتها الولاية عام 1992، وعٌرفت بأحداث "رودني كينج"، حين خرجت التظاهرات على خلفية تبرئة 4 ضباط شرطة من لوس أنجلوس من تهمة قتل رجل أسود أعزل، ومع تفاقم الوضع تم نشر أكثر من 10 آلاف من أفراد الحرس الوطني، و2000 جندي فيدرالي لقمع الاحتجاجات.
وقال: "كنت حاضراً في تلك الأحداث، وحينها كنت أظن أن شرطة لوس أنجلوس يمكنها السيطرة، لكن ظهرت مشكلات استدعت المساعدة من الخارج".
ودافع جيزي عن قرار ترمب، قائلاً إن أثر تلك الأحداث لا يزال حاضراً في أذهان الناس، لذلك عندما يذكر اسم "لوس أنجلوس"، يفكر الناس بالعنف، ويريدون السيطرة عليه قبل أن يتصاعد.
وهاجم جيزي حاكم كاليفورنيا، قائلاً إنه "يجسد تدهور الحزب الديمقراطي".
وأضاف: "عندما يظهر على التلفزيون يهاجم التدخل العسكري الخارجي، ويقول إنه لا توجد مشكلة حقيقية. الناس يرون الفوضى ويرون أزمة الحدود، بينما هو يدافع عن الوضع الراهن. ترمب، بصرف النظر عن تقييم سياساته، يتعامل مع الأزمة".
ويعتقد جيزي أن نيوسوم لن يترشح للرئاسة في 2028 كما كان متوقعاً، "وإذا ترشح لن يفوز بها. في الواقع، ومع وجود مرشح جمهوري قوي، من الممكن أن يفوز الحزب الجمهوري بمنصب الحاكم في كاليفورنيا".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 24 دقائق
- العربية
أميركا.. انقسام ديمقراطي بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران
انقسم الديمقراطيون في الكونغرس في ردودهم على الضربات الإسرائيلية على إيران، حيث أبدى بعض الأعضاء دعمهم القوي، بينما حذّر آخرون من أنها تصعيد خطير ينذر بجر الولايات المتحدة إلى حرب أوسع. ويدعم عدد من الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل الحليف الوثيق للولايات المتحدة، بمن فيهم السيناتور جون فيترمان الديمقراطي عن ولاية بنسلفانيا، الذي أصبح من أبرز أعضاء كتلته دفاعًا عن إسرائيل منذ هجوم 7 أكتوبر 2023 والحرب التي تلته على غزة، وفقا لشبكة "NBC" نيوز الأميركية. وكتب فيترمان على موقع X: "يجب أن يكون التزامنا تجاه إسرائيل مطلقًا، وأنا أؤيد هذا الهجوم تمامًا. يجب أن نوفر كل ما هو ضروري - عسكريًا واستخباراتيًا وتسليحيًا - لدعم إسرائيل بالكامل في ضرب إيران". وصرحت النائبة ديبي واسرمان شولتز الديمقراطية عن ولاية فلوريدا على "إكس" بأنها تقف "بحزم" وراء حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأضافت أنه إذا كانت ضرباتها ضد البرنامج النووي الإيراني انتكاسة للنظام فسنكون جميعًا في مأمن". وقال النائب جوش غوتهايمر، الديمقراطي عن ولاية نيوجيرسي، في بيان: "هذه الضربات هي دفاع عن النفس، وتأتي بعد عقود من انتهاكات إيران لاتفاقيات حظر الانتشار النووي التي أكدتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية". من جهته، قال النائب براد شنايدر، الديمقراطي عن ولاية إلينوي في بيان، إن العالم استفاد من تدمير إسرائيل للمفاعلات النووية في العراق عام 1981 وسوريا عام 2007. وأضاف: "أنا واثق، مع وجود إيران على شفا التسلح، أن العالم سيكون ممتنًا مرة أخرى لإسرائيل التي تحركت لمنع وقوع كارثة". ويوضح ديمقراطيون آخرون معارضتهم لأفعال إسرائيل. وقالت السيناتورة باتي موراي، الديمقراطية عن ولاية واشنطن، ونائبة رئيس لجنة المخصصات، في بيان، إن هجوم إسرائيل على إيران "تصعيد خطير وغير مسبوق، يُعرّض حياة العسكريين والمدنيين الأميركيين في المنطقة للخطر، ويُعرّض أرواحًا بريئة لا تُحصى للخطر". وكتب السيناتور كريس مورفي، الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، على X أن "نتنياهو لم يكن يحاول دعم الدبلوماسية؛ بل كان يحاول تدميرها. كيف لنا أن نعرف؟ لقد أفادت التقارير أنهم استهدفوا وقتلوا كبير المفاوضين الإيرانيين مع ترامب". وقال النائب سيث مولتون، الديمقراطي عن ولاية ماساتشوستس، الذي خدم في حرب العراق، على X إن الدول العظمى تستخدم "مزيجًا من القوة الصلبة والناعمة". وأضاف: "على الرغم من أنه من السابق لأوانه الجزم بذلك، إلا أنني أشعر بالقلق من أن إسرائيل قد لا تُحسن هذا التوازن، وأن مخاطر جرّ، ليس فقط إسرائيل بل أميركا، إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط حقيقية".


الشرق الأوسط
منذ 24 دقائق
- الشرق الأوسط
«بدأت اللعبة»... كيف تتابع واشنطن التصعيد العسكري الإسرائيلي - الإيراني؟
«بدأت اللعبة»... بهذه الكلمات، علّق السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام على الضربات الإسرائيلية ضدّ إيران، متصدّراً بذلك سلسلة تصريحات جمهورية داعمة لإسرائيل، وتلوحّ بـ«رد أميركي ساحق» على البنى التحتية النفطية لطهران في حال قررت مهاجمة المصالح الأميركية. ويعكس ردّ فعل غراهام موقف غالبية زملائه الجمهوريين، ولا سيّما بعد تعبيرهم عن مخاوف حقيقية من المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، واحتمال احتفاظ الأخيرة بحق التخصيب. ولم يُخفِ السيناتور جيم ريش ارتياحه للضربات الإسرائيلية؛ إذ قال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران كانت شوكة في خاصرة الشرق الأوسط لسنوات». السيناتور الجمهوري جيم ريش (رويترز) وأضاف السيناتور، الذي يرأس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن «إسرائيل اتّخذت، الليلة الماضية، إجراءً حاسماً للدفاع عن نفسها ضد العدوان المستمر من قبل النظام الإيراني». وتابع: «لقد كنت على اتصال وثيق مع إدارة ترمب بشأن هذه الضربات، ولديّ أقصى درجات الثقة بأنه سيضمن حماية المصالح الأميركية في الأيام والأسابيع المقبلة. Game for Israel. — Lindsey Graham (@LindseyGrahamSC) June 13, 2025 لكن زميلته، كبيرة الديمقراطيين في اللجنة، جين شاهين تعارضه الرأي، وتُحذّر من أن الضربات الإسرائيلية تُمثّل تصعيداً مقلقاً للغاية، وأنها تُعرّض المفاوضات النووية والأميركيين في المنطقة للخطر. وفي مفارقة لافتة، دعم الديمقراطيون جهود ترمب في الحرص على فصل المسارين الإسرائيلي والأميركي في هذا الإطار، فقالت شاهين: «أنا أتفق مع الرئيس ترمب في إبعاد الولايات المتحدة عن تصرفات إسرائيل، لكن من غير المرجح أن تميز إيران ووكلاؤها بينهما. هذه لحظة خطيرة للمنطقة والعالم. يجب على إدارة ترمب التحرك بسرعة لتهدئة الوضع». Read ⬇️@SenatorShaheen's statement on Israel's strikes against Iran — Senate Foreign Relations Committee (@SFRCdems) June 13, 2025 وتقول دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط سابقاً، إنه ورغم وجود «بعض الارتباك في الرسائل الواردة من واشنطن»، فإن الجيش الأميركي سيدعم الدفاع عن إسرائيل إذا حاولت إيران الرد». نتنياهو وترمب ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس وخلفه يبدو ويتكوف خلال اجتماع ثنائي في المكتب البيضاوي فبراير الماضي (غيتي) وأضافت ستراول في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «قرارات ترمب في الأيام المقبلة ستختبر بالتأكيد تحالفه الواسع. فهناك أصوات تدعو ضد المزيد من التورط العسكري في الشرق الأوسط. هو قال إن إيران لا يمكن أن يكون لها برنامج تخصيب محلي، وهناك تحرك في الكونغرس لدعم هذا الموقف. وقد وصلت المفاوضات النووية إلى طريق مسدود مع عدم تغيير إيران لموقفها بضرورة الاحتفاظ بقدرة التخصيب. ويبدو أن ترمب كان مرتاحاً لكسر الإسرائيليين الجمود». من ناحيته، يشدد غابرييل نورونا، المستشار الخاص السابق لوزير الخارجية السابق مايك بومبيو، على وجود دعم واسع من الحزبين لإصرار الرئيس الأميركي على عدم استمرار إيران بالتخصيب. وقال نورونا لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون هناك عدد قليل من أعضاء مجلس النواب الذين لا يوافقون، لكن هؤلاء قلّة مقارنة بالغالبية العظمى من الجمهوريين الذين يدعمون إسرائيل بقوة». رئيس مجلس النواب مايك جونسون في مؤتمر صحافي في 10 يونيو 2025 (أ.ف.ب) من جانبه، يتحدّث الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، آري أراميش، عن اختلاف الآراء بين «صقور» الجمهوريين وترمب في هذه المسألة. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن أعضاء الكونغرس، و«خاصة أعضاء مجلس الشيوخ مثل ليندسي غراهام وتوم كوتون، من الجناح المتشدد للحزب الجمهوري، كانوا معارضين إلى حد ما للمفاوضات المستمرة بين ترمب ومبعوثه الخاص ستيف ويتكوف من جهة، وإيران من جهة أخرى. لكنهم لم يرغبوا في التدخل أو تقويض الرئيس، لأنه رئيسهم». وأضاف: «إنه رئيس حزبهم، لكن من الواضح أنهم كانوا غير راضين». من ناحيته، يُرجّح جايسون برودسكي، مدير السياسات في منظمة «متحدون ضد إيران النووية»، دخول الولايات المتحدة في النزاع، «خاصة في ظل تقارير تشير إلى انسحاب الإيرانيين من المفاوضات النووية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا يزيد من احتمالية اتخاذنا إجراءات مباشرة ضد المواقع النووية في إيران. أعتقد أن الجمهوريين سيدعمون ذلك. أعتقد أيضاً أن الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل من المحتمل أن يدعموه. ربما يكون هناك بعض العناصر الأكثر ليبرالية، بين العناصر التقدمية في الحزب الديمقراطي، الذين سيعارضون ذلك. لكن معظم أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين سيدعمونه، والوضع هو نفسه في مجلس النواب». وفي خضمّ التصعيد السريع في الشرق الأوسط، أعرب مشرّعون عن قلقهم من تأخّر اكتمال فريق ترمب في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية للتعاطي مع أزمات من هذا النوع، في ظل غياب تعيينات رئاسية وبطء المصادقة على بعض التعيينات في مجلس الشيوخ. ترمب وروبيو وجي دي فانس في البيت الأبيض في 5 يونيو 2025 (أ.ف.ب) وتشارك هولي داغرس، كبيرة الباحثين في معهد الشرق الأدنى، هذا القلق. وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «ما يقلقني بشأن (عدم اكتمال) مجلس الأمن القومي وشغور المناصب الرئيسية في وزارة الخارجية في إدارة ترمب، هو أن هناك خطراً متزايداً من تصعيد كبير بين إيران وإسرائيل. بعض الأعضاء المؤقتين (الحاليين) هم جدد في الملف الإيراني، والعديد منهم يديرون ملفات متعددة في آن واحد. هذا النقص في الخبرة بمجال إيران يزيد من احتمالات الخطأ في الحسابات عند تحديد الخطوات التالية». ويخُصّ أرامش بالذكر مايك والتز، مستشار الأمن القومي السابق، ويُذكّر بقرار إقالته من منصبه، قائلاً: «ما كان السبب؟ السبب هو أنه كان يعمل ويتبادل المعلومات الاستخباراتية وينسق مع الإسرائيليين حول هجوم محتمل. نحن نعلم أنه يأتي من جناح أكثر تشدداً في الحزب الجمهوري. كان دائماً يتخذ موقفاً أكثر صرامة تجاه إيران، وكان مؤيداً جداً لإسرائيل. كان ينسق بين المؤسسة الأمنية الأميركية والإسرائيليين، وهذا شيء لم يرغب فيه الجناح الأكثر انعزالية في الحزب، مثل نائب ترمب، جي دي فانس، ومديرة الاستخبارات الوطنية تلسي غابارد». ترمب وروبيو في نيوجرسي في 8 يونيو 2025 (أ.ف.ب) ورغم أن أرامش أعرب عن قلقه العميق من وجود الكثير من الوظائف الشاغرة في المناصب الرئيسية في الإدارة، لكنه اعتبر أن «الأسوأ من ذلك هو وجود الكثير من الأشخاص غير الأكفاء في مناصب مهمة». وخصّ بالذكر وزير الدفاع بيت هيغسيث وغابارد، على خلاف روبيو الذي يعدّه مؤهلاً للتعاطي مع الأزمة، لكنه «يُسحب في أربعة اتجاهات مختلفة بوصفه مستشاراً للأمن القومي، ووزير الخارجية، بالإضافة إلى أدواره الأخرى». ويوافق نورونا، الذي عمل مع بومبيو والمبعوث الخاص السابق لإيران براين هوك، على أهمية وجود فريق كامل في إدارة ترمب للتعامل مع الأزمة. وأوضح: «أعتقد بالتأكيد أنه من المهم أن يكون لدينا أشخاص يفهمون الطبيعة الحقيقية للتهديد الإيراني. وأعتقد في النهاية أن بقية الوزراء سيتعين عليهم الانصياع لما يريده الرئيس ترمب. يبدو أنه كان بصراحة أكثر تشدداً مما توقعه آخرون بشأن إيران». ويخفف برودسكي من أهمية غياب وجوه بارزة في فريق ترمب لمعالجة هذه الأزمة، مشدداً على أن الرئيس هو من يتخذ القرارات. وأضاف: «لا أعتقد أن نقص الأشخاص في وزارة الخارجية، أو في بعض المناصب، له تأثير حقيقي. فقد تمّ تضخيم الانقسامات بشكل مفرط. ورغم وجود اختلافات صادقة في الرأي، ففي نهاية المطاف سيكون القرار بيد الرئيس وسيصطف الجميع وراءه». نقطة شكّك فيها أرامش، الذي اعتبر أن «ترمب تورط في لعبة لم يبداها، لكنه مضطر للعبها». ويفسر: «أجبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ذلك. لا يمكن للولايات المتحدة ألا تدعم إسرائيل، ولا يمكنها ألا ترد إذا هاجم الإيرانيون مصالحنا والأصول الأميركية، ليس فقط في المنطقة، ولكن في أي مكان في العالم».


صحيفة سبق
منذ 38 دقائق
- صحيفة سبق
"ترامب": إسرائيل قصفت إيران بعتاد أمريكي عظيم بعد انقضاء مهلة الـ60 يومًا.. والضربات قد تدفع طهران للتفاوض
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن إسرائيل استخدمت "عتادًا أمريكيًا عظيمًا" خلال الهجوم العسكري على إيران فجر الجمعة، معتبرًا أن العملية قد تُشكّل عامل ضغط على طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية بجدية أكبر. وفي تصريحات لموقع "أكسيوس"، أوضح ترامب: "أمهلت إيران 60 يومًا. اليوم هو اليوم الـ61. كان عليهم أن يبرموا الاتفاق، والآن بعد الضربات الإسرائيلية الساحقة، لديهم حافز أكبر لعقد الصفقة". ووصف الهجوم بأنه "يوم كبير"، مشيدًا بجودة المعدات الأمريكية المستخدمة فيه. ورغم التوتر المتصاعد، لا يزال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف يأمل في لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يوم الأحد ضمن الجولة السادسة من المفاوضات النووية، إلا أن مسؤولين إيرانيين أكدوا أنهم لن يشاركوا في ظل الهجوم. تأتي هذه التصريحات في وقت حساس، وسط تصعيد غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، وتزايد القلق الدولي من انهيار المسار التفاوضي والدخول في مواجهة مفتوحة قد تهدد استقرار المنطقة.