
'تقارير المربع' الرابحون والخاسرون من قرار ترامب التاريخي بإلغاء غرامات الانبعاثات واستهلاك الوقود
هذا القرار التاريخي لم يكن مجرد تعديل تقني في لوائح هيئة السلامة المرورية، بل هو نقطة تحوّل تُعيد رسم ملامح سوق السيارات الأمريكي والعالمي، وتطرح سؤالًا صريحًا: من الرابح ومن الخاسر؟
أولاً: الرابحون من قرار ترامب — شركات السيارات الكبرى تعود للتحكّم باللعبة
في طليعة المستفيدين تأتي الشركات الأمريكية الثلاث الكبرى: جنرال موتورز، فورد، وستيلانتس. هذه الشركات كانت تُواجه ضغوطًا متزايدة من برنامج CAFE الذي فرض عليها، خلال العقدين الماضيين، تقليص أحجام المحركات، تقليل أوزان السيارات، واعتماد حلول هجينة أو كهربائية مُكلفة، فقط لتجنّب دفع مئات ملايين الدولارات كغرامات سنوية.
القرار الجديد يُحرّر هذه الشركات من تلك القيود، ويفتح أمامها باب العودة إلى إنتاج سيارات كبيرة بمحركات قوية تستهلك وقودًا أكثر، وهي الفئة التي تُحقق فيها أرباحًا مضاعفة، خاصةً في أسواق مثل أمريكا والخليج.
جنرال موتورز وحدها كانت تُواجه غرامات تفوق 300 مليون دولار عن موديلات 2022 و2023 فقط، بحسب تقديرات إدارة سلامة الطرق السريعة. الآن، تم شطب هذا المبلغ بالكامل.
الرابح الثاني هي شركات السيارات اليابانية والكورية مثل تويوتا، نيسان، وهيونداي التي اضطرت لتسعير بعض موديلاتها الهجينة بأسعار خاسرة لتلتزم بمتوسط الانبعاثات المطلوب. في ظل الإلغاء الجديد، تستطيع هذه الشركات إعادة تقييم استراتيجياتها في السوق الأمريكي بعيدًا عن ضغوط الامتثال.
ثانيًا: الخاسرون — الصناعة الكهربائية وسوق الائتمان الكربوني في مهب الريح
في الجهة الأخرى، يقف الخاسر الأكبر: صناعة السيارات الكهربائية، وعلى رأسها تسلا. منذ أكثر من عقد، اعتمدت تسلا على بيع أرصدة الانبعاثات (Carbon Credits) إلى شركات أخرى غير ممتثلة للوائح CAFE، ما شكّل مصدر دخلٍ تجاوز مليار دولار سنويًا في بعض السنوات.
بإلغاء الغرامات، لم تعد تلك الأرصدة ذات قيمة، ما يعني خسارة مباشرة في الإيرادات. شركات مثل ريفيان ولوسيد، التي لم تدخل الربحية بعد، كانت تُراهن على بيع الأرصدة أيضًا، وستتأثر بشدة بهذا التحول.
كما يُعد القرار ضربة لقطاع البنية التحتية الكهربائية الذي راهن على تسارع التحول إلى السيارات الكهربائية. وقف الحوافز، ثم إلغاء الغرامات، ثم خفض التمويل الفيدرالي لمحطات الشحن – كلها إشارات تُظهر أن الدولة لم تعد تُراهن على الكهرباء كمسار إلزامي.
ثالثًا: ضحايا غير مباشرين — المستثمرون وصناديق المناخ
القرار لم يهز فقط أركان صناعة السيارات، بل وصل تأثيره إلى بورصة نيويورك. بعد الإعلان، تراجعت أسهم تسلا بنحو 6%، كما هبطت أسهم شركات مثل ChargePoint وEVgo التي تُعنى بمحطات الشحن. أما صناديق الاستثمار التي ركزت على أدوات مالية مرتبطة بالتحول المناخي (Green ETFs)، فقد أعادت تقييم حيازاتها بعد أن تراجعت القيمة السوقية للقطاع الكهربائي.
رابعًا: 50 عاماً من السياسات تُطوى بجرة قلم
برنامج CAFE وُلد عام 1975 بعد أزمة النفط، وكان يهدف لتقليل اعتماد أمريكا على النفط الأجنبي. تطوّر لاحقًا ليصبح أداة بيئية بامتياز، تُستخدم لفرض واقع صناعي جديد. والآن، بإلغائه بأثر رجعي، تُبعث رسالة واضحة: الاعتبارات الاقتصادية – وليس البيئية – ستقود المرحلة المقبلة.
الإجراء لا يُلغي فقط غرامات سابقة، بل يُعيد تعريف العلاقة بين الصناعة والدولة، ويُعطي الشركات صلاحية أكبر في تحديد ما تُنتجه، بعيدًا عن الحسابات السياسية والتنظيمية.
الخلاصة: مرحلة جديدة تنطلق
ما بين الرابحين والخاسرين، يتّضح أن قرار إدارة ترامب بإلغاء غرامات الانبعاثات ليس مجرد 'تخفيف تنظيمي' أو أداة محدودة لتبسيط اللوائح البيئية القاسية، بل تحوّل جذري في فلسفة السوق الأمريكي. الشركات التقليدية ربحت حرية الحركة، بينما تلقت الصناعة النظيفة ضربة في العمق.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تتبع أوروبا نفس النهج؟ أم أن القرار سيعمّق الفجوة بين السياسات البيئية عبر الأطلسي؟.. الزمن فقط كفيل بالإجابة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 29 دقائق
- عكاظ
اعتباراً من الغد.. تطبيق رفع نسب التوطين لمهن الصيدلة في السعودية
تبدأ وزارة الموارد البشرية غدًا (الأحد)، بالشراكة مع وزارة الصحة، تطبيق قرار رفع نسب التوطين لمهن الصيدلة. ويشمل القرار حسب بيان الوزارة توطين 35% من أنشطة الصيدليات المجتمعية والمجمعات الطبية، و65% في أنشطة المستشفيات، و55% لأنشطة الصيدلة الأخرى. وجاء تطبيق رفع نسب التوطين لمهن الصيدلة استنادًا إلى القرار الوزاري الذي نص على اعتماد تحديث الدليل الإجرائي لمهن الصيدلة وتطبيق حد أدنى للأجور وفق التعريفات والمسميات المهنية والاشتراطات المحددة في الدليل الإجرائي الخاص. ويهدف القرار إلى توفير فرص عمل محفزة ومستقرة للمواطنين والمواطنات في مختلف المناطق ورفع مستوى مشاركتهم في سوق العمل، وعملت الوزارة على توطين القطاعات المختلفة واستهداف الأنشطة والمهن وفقاً لأهداف رؤية 2030. و كانت وزارة الموارد أصدرت في يناير الماضي، مجموعة من القرارات لرفع نسب التوطين في 269 مهنة بقطاعات مختلفة، وذلك بالشراكة مع عدد من الجهات واكدت أن قرار رفع نسب التوطين في مهن الصيدلة سينفذ بالشراكة مع وزارة الصحة، وذلك في أنشطة الصيدليات المجتمعية والمجمعات الطبية إلى 35%، وأنشطة الصيدلة في المستشفيات إلى 65%، وأنشطة الصيدلة الأخرى إلى 55%، وان القرار يطبق على المنشآت التي يعمل بها 5 عاملين فأكثر في مهن الصيدلة. أخبار ذات صلة


المربع نت
منذ 32 دقائق
- المربع نت
كم سعر فورد تيريتوري 2026 في السعودية؟ مع تجهيزات السيارة العائلية بجميع الفئات
المربع نت – ظهرت فورد تيريتوري 2026 رسميًا في السوق السعودي بتحديثات فيس ليفت شملت لمسات تصميمية جديدة خاصة في المقدمة، لتعزز من حضورها في فئة سيارات الـSUV المدمجة، وهي فئة تلقى إقبالًا واسعًا من العائلات والشباب الباحثين عن التوازن بين الحجم والراحة والتقنيات. سعر فورد تيريتوري 2026 في السعودية وعلى الرغم من التحديثات في الشكل الخارجي والتجهيزات، إلا أن السيارة حافظت على أبعادها الكبيرة ومواصفاتها الميكانيكية الأساسية، لتستمر كمنافس قوي في فئتها، خصوصًا مع تقديمها بثلاث فئات متنوعة تناسب مختلف الاحتياجات والميزانيات. في هذا التقرير عبر «المربع نت» نأخذكم في جولة شاملة للتعرف على سعر فورد تيريتوري 2026 في السعودية، مع استعراض المواصفات الكاملة ومقارنة الفئات الثلاث: أمبيانتي، تريند، وتيتانيوم، بناءً على ما تم الكشف عنه رسميًا من قبل الوكيل المحلي. فورد تيريتوري 2025 فيس ليفت كم سعر فورد تيريتوري 2026 فيس ليفت؟ نبدأ المقال مع سعر فورد تيريتوري 2026 فيس ليفت، فتتوفر السيارة الأمريكية العائلية الآن مع 3 فئات لدى وكيلها المحلي شركة الناغي، بالأسعار التالية: الفئة السعر (ريال سعودي) Ambiente تبدأ من 103,900 ريال Trend تبدأ من 115,900 ريال Titanium تبدأ من 133,900 ريال ضمان تيريتوري 2026 تُقدم فورد تيريتوري 2026 في السوق السعودي بضمان ممتد لمدة 5 سنوات أو 100,000 كيلومتر (أيهما يأتي أولًا)، وهو ما يمنح المالك راحة بال وثقة أعلى في جودة واعتمادية السيارة. هذا الضمان يغطي العيوب المصنعية في المواد أو التصنيع، ويعكس التزام فورد بتقديم تجربة ملكية خالية من القلق، خاصة في سوق يشهد منافسة قوية في فئة سيارات الـSUV. كيف تبدو فورد تيريتوري 2026 من الخارج؟ تتمتع فورد تيريتوري 2026 بتصميم خارجي عصري بخطوط انسيابية وهيكل يتكوّن من خمسة أبواب، يعكس الطابع الديناميكي للسيارة مع الحفاظ على طابعها العملي. وتُجهز جميع الفئات بمصابيح أمامية وخلفية تعمل بتقنية LED، وتدعم ميزة التشغيل الآلي مع وظيفة تأخير إطفاء المصابيح، إضافة إلى مرايا خارجية كهربائية قابلة للطي والتعديل. من حيث العجلات، تتوفر السيارة بجنوط معدنية بقياس 18 بوصة في فئتي أمبيانتي وتريند، بينما تنفرد فئة تيتانيوم بجنوط مقاس 19 بوصة تمنحها مظهرًا أكثر رياضية. وتأتي الشبك الأمامي باللون الأسود اللامع، ما يضفي لمسة فخامة وجاذبية، كما تدعم السيارة نظام فتح باب الصندوق الخلفي كهربائيًا في الفئة الأعلى، مع مستشعر حركة لفتح الباب تلقائيًا عند الاقتراب. مواصفات فورد تيريتوري 2026 أبعاد تيريتوري 2026 الطول 4,685 مم العرض 1,935 مم الارتفاع 1,706 مم قاعدة العجلات 2,726 مم الوزن دون ركاب حتى 1,630 كجم الألوان المتوفرة أحمر – أزرق – أسود – رمادي – أبيض – فضي مواصفات فورد تيريتوري 2026 مواصفات فورد تيريتوري 2026 تيريتوري 2026 من الداخل توفّر فورد تيريتوري 2026 تجربة داخلية مصممة لتلبية احتياجات العائلة والركاب، حيث تأتي جميع الفئات بمقصورة مريحة تتسع لخمسة أشخاص بمقعدين أماميين وثلاثة خلفية، مع تنجيد من الجلد الصناعي في الفئات الأساسية، بينما تنفرد الفئة الأعلى بخامات جلدية فاخرة تضيف لمسة راقية للمقصورة. وفي قلب لوحة القيادة، تأتي شاشة ترفيهية مقاس 12 بوصة كتجهيز قياسي في جميع الفئات، وتدعم أنظمة آبل كاربلاي وأندرويد أوتو لتوفير تجربة اتصال سهلة وسلسة أثناء القيادة. أما فئة تيتانيوم فتتميّز بتجهيزات راحة متقدمة، تشمل مقعد سائق بتحكم كهربائي في 10 وضعيات، ومقعد راكب بتحكم كهربائي في 4 وضعيات، بالإضافة إلى نظام تبريد للمقاعد الأمامية وشاحن لاسلكي مدمج، في حين تكتفي الفئات الأخرى بنظام تعديل يدوي للمقاعد دون تبريد أو شحن لاسلكي. التجهيز Ambiente Trend Titanium شاشة ترفيه 12 بوصة ✅ ✅ ✅ شاشة عدادات رقمية 7 بوصة 7 بوصة 12 بوصة عدد السماعات 6 6 8 مكيف هواء يدوي أوتوماتيك ثنائي أوتوماتيك ثنائي فتحة تكييف خلفية ✅ ✅ ✅ تبريد المقاعد الأمامية غير متوفر غير متوفر ✅ شاحن لاسلكي غير متوفر غير متوفر ✅ فتحة سقف بانوراما غير متوفر ✅ ✅ أنظمة السلامة والأمان تأتي فورد تيريتوري 2026 مزودة بأنظمة أمان قياسية تشمل وسائد هوائية (2 إلى 6 حسب الفئة)، نظام الثبات الإلكتروني، تنبيه النقطة العمياء، مثبت سرعة، ومساعد نزول المنحدرات. وتتفوق فئة تيتانيوم بأنظمة سلامة متقدمة مثل كاميرات 360 درجة، حساسات أمامية، مساعد البقاء في المسار، التحذير من الاصطدام الأمامي، والكبح التلقائي في الطوارئ. وفيما يلي أبرز تجهيزات السلامة الكاملة في الفئة الأعلى: عدد الوسائد الهوائية 6 أماكن الوسائد الهوائية أمامية للسائق و أمامية للراكب الأمامي و أمامية جانبية للسائق و أمامية جانبية للراكب الأمامي و ستائرية على الجانبين ثبات إلكتروني ✅ مكابح مانعة للانغلاق ✅ التوزيع الإلكتروني لقوى الكبح ✅ التحكم في قوى الجر ✅ نظام تثبيت السرعة متكيف مساعد نزول المنحدرات ✅ قراءة مسار الطريق تحذير الخروج و مساعد البقاء مراقبة المنطقة العمياء ✅ التحذير من التصادم الأمامي ✅ تحذير التصادم الخلفي ❌ المساعدة في الانعطاف ❌ حساسات الركن أمامي و خلفي الكاميرات الخارجية كاميرا 360 درجة الركن التلقائي ❌ فورد تيريتوري 2025 فيس ليفت محرك وأداء فورد تيريتوري 2026 تعتمد جميع فئات تيريتوري 2026 على محرك بنزين تيربو سعة 1.8 لتر مكون من 4 أسطوانات، يولد قوة 190 حصان وعزم دوران 320 نيوتن متر، ويتصل بناقل حركة أوتوماتيكي مزدوج القابض (DCT) من 7 سرعات، مع نظام دفع أمامي. البند القيمة نوع المحرك بنزين تيربو السعة 1.8 لتر القوة 190 حصان العزم 320 نيوتن متر ناقل الحركة DCT بـ7 سرعات نظام الدفع أمامي FWD كفاءة استهلاك الوقود 15.6 كم/لتر سعة خزان الوقود 60 لتر مقارنة فئات فورد تيريتوري 2026 توفر فورد تيريتوري 3 فئات تختلف في أنظمة الأمان والتقنيات الداخلية ووسائل الراحة، ما يمنح العملاء حرية الاختيار حسب الميزانية والاحتياجات: البند Ambiente Trend Titanium نوع المقاعد جلد صناعي جلد صناعي جلد مقعد السائق تعديل يدوي تعديل يدوي كهربائي + تبريد مقعد الراكب الأمامي تعديل يدوي تعديل يدوي كهربائي عدد السماعات 6 6 8 شاشة المعلومات الترفيهية 12 بوصة 12 بوصة 12 بوصة اقتران آبل كاربلاي وأندرويد أوتو ✅ ✅ ✅ شاشة العدادات 7 بوصة 7 بوصة 12 بوصة مكيف الهواء عادي أوتوماتيك ثنائي أوتوماتيك ثنائي فتحة تكييف خلفية ✅ ✅ ✅ تبريد المقاعد الأمامية ❌ ❌ ✅ شاحن لاسلكي ❌ ❌ ✅ فتحة سقف بانوراما ❌ ✅ ✅ كاميرا خلفية ✅ ✅ ✅ كاميرا 360 درجة ❌ ❌ ✅ حساسات خلفية ✅ ✅ ✅ حساسات أمامية ❌ ❌ ✅ عدد الوسائد الهوائية 2 4 6 مساعد نزول المنحدرات ✅ ✅ ✅ تحذير النقطة العمياء ✅ ✅ ✅ التحذير من التصادم الأمامي ❌ ❌ ✅ مكابح طوارئ تلقائية ❌ ❌ ✅ مساعد البقاء في المسار ❌ ❌ ✅ مساعدة الركن التلقائي ❌ ❌ ✅ شراء فورد تيريتوري مستعملة إذا كنت تبحث عن خيار اقتصادي، يمكنك زيارة منصة مستعمل المتخصصة في بيع وشراء السيارات المستعملة داخل السعودية، حيث تتوفر العديد من عروض فورد تيريتوري من موديلات سابقة، مع إمكانية التفاوض المباشر مع البائعين ومقارنة الأسعار حسب الحالة والمسافة المقطوعة. وبهذا، تبرز فورد تيريتوري 2026 كخيار متوازن في فئة سيارات الـSUV المدمجة، حيث تجمع بين التصميم العصري، والتقنيات المتطورة، والمساحة الداخلية الرحبة، مع تنوّع في الفئات يتيح للعملاء اختيار ما يناسب احتياجاتهم وميزانياتهم. ومع الأسعار الرسمية التي تبدأ من 103,900 ريال، تضع نفسها ضمن الخيارات الجذابة في السوق السعودي، خصوصًا للعائلات الباحثة عن سيارة عملية وآمنة بتجهيزات حديثة. اقرأ أيضاً: أفضل سيارات جينيسيس 2025 في السعودية أقل من 250 ألف


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
تمرد وانقسام نادران يهددان اجتماع الاحتياطي الفيدرالي
بعد أكثر من ثلاثة عقود، قد يشهد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في 29 - 30 يوليو (تموز) انقساماً نادراً داخل مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يضع رئيس البنك المركزي، جيروم باول، تحت ضغط متزايد من داخل وخارج المؤسسة. باول ينظر إلى وثيقة قدمها ترمب حول أرقام تكلفة تجديد مبنى البنك المركزي (أ.ب) يُعدّ الانقسام داخل المجلس أمراً نادر الحدوث، فمنذ عام 1993 لم يُسجّل اعتراضان من محافظَين في الاجتماع نفسه. هذه المرة، أعرب كل من محافظ الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر ونائبة رئيس مجلس الإشراف ميشيل بومان، وكلاهما معين من الرئيس دونالد ترمب، علناً عن دعمهما لخفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل. إذا قررت اللجنة تثبيت سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند النطاق المستهدف من 4.25 إلى 4.5 في المائة، كما هو متوقع على نطاق واسع، وصوّت والر وبومان لصالح التخفيض، فستكون هذه هي المرة الأولى منذ عهد آلان غرينسبان في ديسمبر (كانون الأول) 1993 التي يخرق فيها محافظان من المجلس صفوف الأغلبية في الاجتماع نفسه، وفق صحيفة «ذو بارونز» المملوكة من شركة «داو جونز وشركاه». محافظ الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر يتحدث خلال مؤتمر مركز المقاصة بنيويورك (رويترز) قد يكون هذا الاعتراض المزدوج تعبيراً عن الإحباط من الجناح «الحمائمي» داخل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. لكنه قد يشير أيضاً إلى بداية تحول في مركز ثقل اللجنة، مما يرفع من مستوى التحدي قبيل اجتماع اللجنة التالي في 16 - 17 سبتمبر (أيلول). ويمكن أن يشير الانشقاق النادر لمحافظين اثنين إلى شعور متزايد بالإلحاح داخل البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة، حتى مع إحجام رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول واللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عن تخفيف السياسة النقدية في ظل بقاء التضخم فوق هدف البنك المركزي السنوي البالغ 2 في المائة. يقول فينسنت راينهارت، كبير الاقتصاديين في «بي واي إن إنفستمتنت» والاقتصادي السابق في الاحتياطي الفيدرالي، إنه من النادر أن ينفصل المحافظون عن رئيس الاحتياطي الفيدرالي، لكن ذلك يحدث غالباً مع اقتراب نهاية فترة ولاية الرئيس. وذلك لأن صانعي السياسة «المتمردين» يمكنهم عادةً استخدام معارضتهم ورقة مساومة، وفي هذه الحالة، قد يدفع ذلك باول إلى الإشارة إلى آرائهم في المؤتمر الصحافي الذي يلي الاجتماع، أو تغيير بعض الصياغات في بيان الاحتياطي الفيدرالي، أو الوعد بأن وجهات نظرهم ستؤخذ في الاعتبار بشكل كامل في الاجتماعات المستقبلية. تُشير التداولات الحالية في عقود الفائدة الفيدرالية إلى فرصة شبه معدومة لخفض أسعار الفائدة في اجتماع يوليو، خاصة بعد ارتفاع التضخم إلى 2.7 في المائة في يونيو (حزيران)، مدفوعاً جزئياً بسياسة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب. وتُرجّح السوق نسبة تزيد عن 60 في المائة لخفض ربع نقطة في سبتمبر، وفقاً لأداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي». داخل الاحتياطي الفيدرالي، يحث باول على التحلي بالصبر، مؤكداً رغبته في رؤية كيف ستؤثر الرسوم الجمركية، واكتساب ثقة أكبر بأن التضخم يتجه بشكل مستدام نحو 2 في المائة قبل أي خفض. لكن والر وبومان يجادلان بأن الانتظار ينطوي على مخاطر خاصة به. يرى والر أن أي تضخم ناجم عن الرسوم الجمركية سيمر بسرعة عبر الاقتصاد، مشيراً أيضاً إلى تراجع إنفاق المستهلكين، وعلامات ضعف الطلب على اليد العاملة باعتبار أنهما من الأسباب للخفض الآن. وانضمت إليه بومان مؤخراً، قائلة إنه إذا استمر التضخم في التراجع، فقد حان الوقت للبدء في مناقشة خفض أسعار الفائدة بجدية. نائبة رئيس مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي لشؤون الإشراف ميشيل بومان في فعالية سابقة لها (رويترز) لا يواجه باول ضغوطاً داخلية فحسب، بل يواجه أيضاً ضغوطاً من خارج الاحتياطي الفيدرالي. فقد طالب الرئيس ترمب مراراً بخفض أسعار الفائدة، بل وفكر جدياً في إقالة باول بسبب ما زعم أنه سوء إدارة لمشروع تجديد مقر الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن العاصمة البالغ قيمته 2.5 مليار دولار. ومع ذلك، يبدو أن الرئيس تراجع عن الفكرة، مصرّحاً للصحافيين بأن باول، الذي تنتهي فترة ولايته في مايو (أيار) 2026، «سيغادر قريباً على أي حال». ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال جولته للاطلاع على مشروع تجديد مبنى الاحتياطي الفيدرالي (أ.ف.ب) تعتبر قرارات المحكمة الأخيرة أن الاحتياطي الفيدرالي يُعامل بشكل مختلف عن الوكالات المستقلة الأخرى، ولكن مدى هذه الحماية لم يتم اختباره بالكامل. حتى مجرد اقتراح إقالة قسرية كان كافياً لزعزعة ثقة المستثمرين، وخاصة أولئك المعنيين بصدقية الاحتياطي الفيدرالي، وتوقعات التضخم. الواجهة الأمامية لمبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي حيث تستمر أعمال التجديد للمبنى (أ.ف.ب) في الختام، فإن اجتماع يوليو ليس مجرد اجتماع للسياسة النقدية. إنه استفتاء على قدرة باول على الصمود في وجه المعارضين داخل مجلسه، وفي وجه رئيس حريص على إعادة تشكيل الاحتياطي الفيدرالي على صورته، وفي وجه جوقة من الأصوات الخارجية التي تحثه على التنحي. وإذا لمح باول إلى تخفيف السياسة النقدية، فقد تعتبر الأسواق ذلك علامة على أن الاحتياطي الفيدرالي ينصاع، إما للضغط الداخلي، أو السياسي، أو كليهما. أما إذا التزم بالسيناريو الحالي، فإنه يخاطر بمزيد من المواجهة مع ترمب، ويظهر أنه رئيس معزول بشكل متزايد داخل مؤسسته.