
"حزب الله" يحتفي بـ"انتصار" إيران... كيف يستفيد منه في الحسابات الداخلية؟
صحيح أنّ " حزب الله " نأى بنفسه عن الحرب الإسرائيلية الأميركية غير المسبوقة على إيران ، لاعتبارات وحسابات كثيرة، من بينها أنّ الندوب التي تركتها "حرب الإسناد" التي خاضها تضامنًا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما أعقبها من حرب دمويّة شُنّت عليه، لم تترك له مجالاً للانخراط في أيّ معركة جديدة، ومن بينها أيضًا أنّ الضغوط الداخلية التي مورست عليه لعدم "توريط" البلد في حربٍ ليس معنيًا بها، كانت أكبر من قدرته على تجاوزها.
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ "حزب الله" انخرط عاطفيًا ووجدانيًا في هذه الحرب منذ لحظتها الأولى، وإن لم ينخرط بها عسكريًا، فهو كان يدرك أنّ المخطّط كان إسقاط كلّ محور المقاومة، وليس إيران بحدّ ذاتها، وكان مقتنعًا بأنّ إسرائيل إذا ما نجحت في إسقاط النظام الإيراني، كما كانت ترغب، ستعود لاستكمال ما بدأته في سائر الجبهات، من أجل القضاء على كلّ فصائل المقاومة، بما ينسجم مع ما بات البعض يسمّيه بـ"الشرق الأوسط الجديد".
لذلك ربما، بدا احتفاء "حزب الله" بما وصفه بـ"النصر الإلهي المؤزّر" الذي حقّقته إيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي والأميركي على حدّ سواء، منسجمًا بل متناغمًا مع هذه الصورة الذهنية، وإن شكا البعض من "مبالغات" على خطّه، كحديثه مثلاً عن "ردّ صاعق" على الضربات الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، مع العلم أنّ هذا الردّ لم يؤدّ إلى أيّ ضرر يُذكَر، وبدا لكثيرين "منسّقًا" مع القطريين، إن لم يكن الأميركيين.
لكن، أبعد من كلّ ذلك، ثمّة من يرى في احتفاء "حزب الله" هذا بانتصار إيران، بمعزل عن كلّ التفاصيل والملاحظات، في الشكل والمضمون، محاولة لإعادة "خلط الأوراق" في الداخل، باعتبار أنّ هذا الانتصار منع المؤامرة التي كانت تُحاك ضدّ محور المقاومة، فكيف يتلقّف الحزب ما جرى، وهل يمكن أن يوظّفه بما يخدم استراتيجيته السياسية في الداخل، خصوصًا على مستوى ملف سحب السلاح، الذي عاد إلى التداول بقوة؟.
في المبدأ، قد يكون مفهومًا أن ينسب كلّ طرف "النصر" لنفسه، بعد حرب بدأت فجأة وانتهت فجأة أيضًا بعدما استغرقت 12 يومًا، وشهدت على جولات كاد طرفاها "يتعادلان" فيها، بين الخرق الاستخباراتي الذي سمح لإسرائيل بالتفوّق في "الجولة الافتتاحية"، من خلال الاغتيالات التي شملت كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين، والنجاح النوعي الذي حقّقته إيران بضرباتها الصاروخية التي استمرّت للمفارقة حتى اللحظة الأخيرة من الحرب.
لكنّ ما حصل، برأي الفريق المؤيّد لإيران، وتحديدًا "حزب الله"، هو انتصارٌ بأتم معنى الكلمة، وذلك للعديد من الأسباب والاعتبارات، أولها إسقاط "المؤامرة" بطبيعة الحال، إذ ليس سرًا أنّ المطلوب من هذه الحرب كان أن تمهّد لنهاية محور المقاومة ككلّ، بعد سلسلة حروب "طوفان الأقصى" التي تصاعدت على مدى الأشهر الماضية في جبهات "الوكلاء" المختلفة، إن صحّ التعبير، قبل الوصول إلى الصدام المباشر بين إسرائيل وإيران.
ويقول أصحاب هذا الرأي إنّ إيران "انتصرت" أيضًا لأنّها أعادت "الهيبة" لمحور لم يستطع "استيعاب" الضربات الثقيلة التي تعرّض لها، خصوصًا على مستوى "حزب الله" وحركة "حماس" اللذين خسرا قادة الصف الأول فيهما، في حين أنّها "تجاوزت" الضربة الافتتاحية، على صعوبتها وحساسيّتها، واستطاعت أن تضرب إسرائيل في الصميم، مكرّسة مشهدًا من الدمار الواسع لم تعتد عليه إسرائيل في تاريخ حروبها.
بهذا المعنى، يتحدّث المؤيّدون لهذا الرأي عن "انتصار نوعيّ" حقّقته إيران، خصوصًا أنّ الأهداف المُعلَنة للحرب لم تتحقّق، ولو ادّعى الإسرائيلي عكس ذلك، فالنظام لم يسقط، حتى إنّ الرئيس دونالد ترامب بات من القائلين إنّه لا يريد أن يرى تغييرًا فيه، والقدرات الصاروخية لم تستنفد بدليل هجمات اليوم الأخير، ليبقى الجدل مفتوحًا حول حجم الضرر الذي أصاب برنامج إيران النووي، والذي يُعتقَد أنّه سيبقى لغزًا في المرحلة المقبلة.
صحيح أنّ هذا الرأي يصطدم برأي معارض، يعتبر أنّ الحديث عن "انتصار" مُبالغ به، بعد كمّ الخسائر التي منيت بها إيران، إلا إذا كان مجرّد صمود النظام وعدم سقوطه نصرًا بالمعنى التكتيكي، إلا أنّ السؤال الذي يشغل بال الكثيرين في الداخل هذه الأيام، يبقى عن كيفية تلقف "حزب الله" لما يعتبره "انتصارًا"، فهل يستفيد منه في الحسابات الداخلية، خصوصًا على مستوى سحب السلاح، وكيف يمكن أن يحصل ذلك؟
يقول العارفون إنّ الأكيد أنّ "حزب الله" شعر بعد حرب إيران، أنّه استعاد جزءًا من الهيبة التي فقدها بعد حرب لبنان، حتى لو أعلن "انتصاره" في هذه الحرب، بمعنى "الصمود الأسطوري" الذي جسّده، فالاستحقاقات التي أعقبت هذه الحرب، وصولاً إلى المعركة الأخيرة، أثبتت أنّ "حزب الله" فقد الكثير من الامتيازات التي كان يتمتع بها، سواء على المستوى السياسي، أو حتى العسكري، مع اضطراره لغضّ النظر عن الخروقات الإسرائيلية اليومية للسيادة.
وفقًا لهؤلاء، فإنّ الحزب يعتقد أنّ ما حقّقته الحرب الإيرانية بالحد الأدنى، هو أنّها أعادت معادلات "الردع" إلى العمل، بعد التآكل الذي تعرّضت له على مختلف الجبهات، وهو يرى أنّ ذلك يمكن أن يخدمه إلى حدّ بعيد، في مواجهة الضغوط التي يتعرّض لها، سواء في الداخل أو الخارج، خصوصًا على مستوى عودة عنوان "سحب السلاح" إلى الصدارة، في ضوء الحراك الأميركي الذي استعاد أيضًا جزءًا من ديناميّته في الأيام الأخيرة.
يعتبر العارفون بأدبيّات "حزب الله" أنّ الأخير لن يغيّر بالضرورة من تكتيكه في المرحلة المقبلة، فهو سيتمسّك بما يسمّيه "صبرًا استراتيجيًا" في التعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية، لكنه يعتقد أنّ موقفه بات أقوى بعد الحرب الإيرانية، خصوصًا في مواجهة محاولات "استضعافه"، بل "الاستقواء عليه" من قبل بعض القوى المحلية، وهو بالتالي لن يقبل مثلاً بوضع مسألة سحب السلاح، بمعزل عن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة.
لعلّ ما أعلنه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في مؤتمره الصحافي الأخير عن تسليم السلاح المتراكم في المختارة إلى الجيش اللبناني ، شكّل في مكانٍ ما "رسالة متجدّدة" إلى "حزب الله"، ولو حاول "البيك" إرساء التوازن برفضه طريقة التعامل مع الحزب على أساس الفرض، لكن ثمّة من يعتقد أنّ هذه الخطوة تطلق عمليًا مسار "حصر السلاح بيد الدولة"، المعني به "حزب الله" قبل غيره، فهل يتلقفّها إيجابًا؟!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 31 دقائق
- المدن
قاسم: اتفاق وقف النار مرحلة جديدة اسمها مسؤولية الدولة
حمّل الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الدولة "مسؤولية العدوان الذي يحصل"، وقال إن "العدوان على النبطية وعلى الناس ومن يعمل في الصيرفة مرفوض وعلى الدولة أن تقوم بواجبها". قاسم ردّ على من يقولون "أنتم تحرّشتم بإسرائيل" بالقول "تحرّشنا بإسرائيل، وفعلنا شيئًا لم يعجبكم، وصلنا إلى الاتفاق، هذا الاتفاق خلق مرحلة جديدة اسمها مسؤولية الدولة"، معتبراّ أن حزب الله "نفذ الاتفاق بالكامل، لا يستطيع الإسرائيلي أن يجد علينا ثغرة واحدة، ولا الأميركي، ولا أحد من الداخل يستطيع أن يجد ثغرة". وعن المطالبة بتسليم السلاح، سأل قاسم: "هل هناك من لديه عقل ويفكّر بشكل صحيح أن يلغي عوامل القوة لديه فيما الإسرائيلي لا يطبق الاتفاق ويواصل اعتداءاته؟". وقال قاسم في كلمة ألقاها خلال المجلس العاشورائي المركزي الذي يقيمه "حزب الله" في مجمع سيد الشهداء - الضاحية الجنوبية لبيروت، وانطلاقاً من تأكيده الالتزام بوقف إطلاق النار، فيما الإسرائيلي لم يلتزم، قال إن "على الدولة أن تضغط، على الدولة أن تقوم كل واجبها.، أمام الاعتداءات الإسرائيلية". وفي رسالة أراد قاسم ايصالها في حال لم تقم الدولة بواجبها، قال "يجب أن تعرفوا أن هذا أمر لا يمكن أن يستمر، هي فرصة، الآن يقولون وكم هي الفرصة؟ نحن نُحدد كم هي الفرصة، لكن هل تتصورون أننا سنبقى ساكتين إلى أبد الآبدين؟ لا، هذا كله له حدود". وقال: "عندما نكون مخيّرين ليس لدينا إلا خيار واحد ألا وهو العزة ونربح و"لاحقونا لنريكم كيف نربح، وإن لم يكن في اليوم الأول ففي الثاني والثالث فدائمًا نحن فائزون بالنصر أو الشهادة". نعدّ العدّة أكثر واعتبر قاسم أنه "كلما كانت هناك جهة ضعيفة، هذا يعني أن إسرائيل ستتوسع وتأخذ كل شيء"، مضيفاً "إذا افترضنا أننا في مرحلة لم ننتصر يمكن أن يكون السبب بأن نقوم بشيء إضافي ونعدّ العدّة أكثر". وإذ اعتبر أن "استمرار الحزب هو بحد ذاته انتصار، أشار إلى أنه في الوقت نفسه "استمرار شعار إنّا على العهد هو بمثابة انتصار أيضاً، لنستمر ونبقى ونكون من بعدهم نعمل كما عملوا ونعيش حياة العزة". مساندة غزة وفيما يتعلق بمساندة غزة، أوضح الشيخ قاسم أنّ "حزب الله قام بالمساندة لأهل غزة وفلسطين وكانت مساندة واجبة وضرورية"، مضيفًا "عطاءات الشهداء أعطتنا زخمًا وقوة وعطاءات الجرحى جعلتنا نتحمّل المسؤولية أكثر". وقال "نصرنا بالاستمرارية وباستعادة المبادرة واستطعنا أن ننهض مجددًا وبقينا إلى لحظة وقف إطلاق النار صامدين ونضرب العدو ضربات مؤلمة ونوجعه". وتابع قاسم: "الشباب الذين كانوا يقاتلون على الحافة الأمامية في معركة "أولي البأس" لو تعرفوا كم كان عددهم مقابل 75 ألفاً ومعهم كل الإمكانات لكن الله نصرهم وسددهم لأنهم أعدّوا العدة"، مضيفاً "المهم أن نقتنع أننا منصورون من الله تعالى أما الابتلاءات التي تصيبنا فهذه اختبارات وامتحانات وعلينا الصبر فالنصر مع الصبر والفرج مع الكرب". وتابع قاسم: "يقولون لنا: هل أنتم قادرون على الإسرائيليين؟ نعم، نحن قادرون على الإسرائيليين، عندما نكون مخيّرين، لا نملك إلا خيارًا واحدًا. عندما يكون عندنا خيار العِزّة، يعني أننا نُواجه. فيقولون لك: إذا واجهتم، هل تربحون؟ نعم، نربح. كيف تربحون؟ لاقونا، تعالوا لملاقاتنا حتى تروا كيف نربح، إن شاء الله تظنون أننا مثل حكايتهم نحسبها على القلم والورقة؟ لا، نحن نقول: نقوم بواجبنا، نقف في الميدان، ندعو الله تعالى ونتوكل عليه، فيُرسل ملائكته معنا وننجح بإذن الله تعالى، إن لم يكن في اليوم الأول ففي الثاني والثالث، إن لم يكن في الشهر الأول ففي الثاني والثالث، إن لم يكن بأيدي بعضنا، فهو بأيدي البعض الآخر، لكننا دائمًا فائزون: بالنصر أو الشهادة.". وفي ختام كلمته، عزّى قاسم المرشد الأعلى في إيران السيد علي الخامنئي والشعب والجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني بضحايا الحرب الإسرائيلية.


الجمهورية
منذ 32 دقائق
- الجمهورية
الشيخ قاسم: هل تتصورون أننا سنبقى ساكتين إلى أبد الآبدين؟
ألقى الأمين العام ل"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم كلمة في الليلة الثالثة من شهر محرم، جاء فيها: "نتحدث اليوم عن واقعنا السياسي، وعما قام به حزب الله خلال هذه الفترة، منذ 8 تشرين الأول سنة 2023، قام حزب الله بمساندة أهل غزة وأهل فلسطين الذين أطلقوا طوفان الأقصى لِيحرروا أرضهم ويحرروا أسراهم. المساندة التي قدّمها حزب الله كانت مساندة واجبة وضرورية، لأنها أولًا منسجمة مع تربيتنا وقناعتنا أن نكون مع الحق وأنصار الحق، ونُواجه عدوًا واحدًا هو الكيان الإسرائيلي، وهذا الكيان الإسرائيلي يُريد أن يضرب المقاومة ويُنهي حضورها ووجودها. فإذًا لا بد أن نتكاتف ونتآلف ونقوم بما نستطيع من أجل درء هذا الخطر. قُمنا بعملية المساندة التي هي واجب أخلاقي وسياسي ومبدئي، ومع الحق. وأيضًا في الوقت نفسه، لدينا عدو مشترك، واقتداءً بتعاليم سيد شهداء الأمة، الذي وقف مُعبّرًا بشكلٍ واضح عن رؤيته ورؤية الحزب تجاه فلسطين. فلسطين لن ندعمها بالكلام، بل ندعمها بالعمل، وإذا استطعنا أن نقدم شيئًا، لا بد أن نقدمه، فكانت المساندة. لكن الذي حصل هو أن إسرائيل التي كانت تخطط سابقًا لحرب على حزب الله، وجدت أن هذا التوقيت، توقيت أيلول سنة 2024، هو توقيت مناسب لِبداية حرب على حزب الله، تبدأها بقتل القيادة في صفوفها الأولى والثانية، وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة السيد حسن، والسيد الهاشمي، وكذلك تقوم بضربة من خلال البايجر لآلاف من الشباب، فَتُخرجهم من المعركة، وأيضًا تضرب القدرات، فتُبطل القدرة الموجودة، وتكون قد حققت ثلاث غايات معًا: أولًا، قتلت منظومة القيادة والسيطرة. ثانيًا، آذت وجرحت وقتلت عددًا بالآلاف من المجاهدين المقاومين. ثالثًا، ضَربت القدرة، وبالتالي ستكون النتيجة الطبيعية من الأيام الأولى إنهاء حزب الله وإنهاء مقاومته بشكل كامل. هذه هي الفكرة، وهذا هو المشروع. وعلى كل حال، الذي يرى التحليلات بعد "أُولي البأس" يستطيع أن يرى ما الذي يقوله الإسرائيلي، وكيف كان المشروع الذي كان يسير فيه. عطاءات الشهداء أعطتنا زخمًا ومعنويات، عطاءات الجرحى جعلتنا نعيش حالةً من المسؤولية أكبر، التفاف الناس وقوة الصمود وتحمل النزوح كان عنوانًا من عناوين القوة والمعنويات. ولِأقولها لكم من آخرها، لماذا صمد هذا الحزب؟ لماذا رفع رأسه من جديد؟ لماذا وقف مجددًا؟ لأن سيد شهداء الأمة أمضى عشرات السنين مع إخوانه وأحبّائه يبنون، وهذا البناء وصل إلى درجة عظيمة من القوة والسعة والإمكانات والإعداد، ما يجعل هذه التضحيات التي قُدمت على عظمتها، لا تمنع من الاستمرارية، في حال انطلق الإخوة مجددًا ولم يستسلموا للواقع القائم. والحمد لله، هذا ما حصل. سارعت الشورى إلى انتخاب أمين عام جديد، وتمّ ملء مجموعة القيادة والسيطرة بِنوّابهم أو بأفراد آخرين، واستعادت منظومة العمل الجهادي قدرتها وقوتها، وصمد الشباب في المحاور الأمامية بشكل منقطع النظير. لذلك، عملية "أُولي البأس" استمرت 64 يومًا، وطلب الإسرائيلي أن تتوقف على قاعدة الصمود والقدرة والمواجهة والاستمرارية. عندما كُنّا نقول الحمد لله نصرنا الله، نصرنا بالاستمرارية، نصرنا باستعادة المبادرة، لا بالنصر المادي المطلق الذي يكون ميدانيًا على الأرض. ليس معنا نصر مادي مطلق، صحيح، لكننا استطعنا أن ننهض مجددًا، وأن نُعطي التعبير القوي في أننا بقينا حتى اللحظة، لحظة وقف إطلاق النار، صامدين، ثابتين، نضرب العدو ضربات مؤلمة ونُؤذيه ونُوجعه. والحمد لله، بعد ذلك، ظهر من خلال التشييع الاستراتيجي أن هذه الجماهير مُلتحمة، مُتراصة، مستمرة. اضاف: من خلال انتخابات البلدية أيضًا، تبين أننا مجموعة مترابطة، حركة أمل، حزب الله، كل هذا المكون مع كل الحلفاء قوة حقيقية متماسكة. إضافة إلى المشهد التاريخي حيث خرج الناس إلى القرى الأمامية وتصدّوا بِصدورهم للاحتلال الإسرائيلي لِيعودوا إلى قراهم. هذه علامات قوة، علامات انتصار، علامات استمرارية بِحمد الله تعالى، بِبركة التضحيات استطعنا أن نصل إلى هذه النتيجة، لأنه أيضاً كان يومذاك الاستمرار عبثًا، قَتل وقَتل مضاد، لكن من دون فائدة. فإذًا، وصلنا إلى الاتفاق الذي عقدته الدولة اللبنانية مع الكيان الإسرائيلي بِطريقة غير مباشرة ووافقنا عليه. هذا الاتفاق هو مرحلة جديدة. يعني أنا أُحب أن أقول لِهؤلاء الذين يتفلسفون دائمًا ويقولون لنا: أنتم تحرّشتم بإسرائيل! يا أخي، تحرّشنا بإسرائيل، وفعلنا شيئًا لم يعجبكم، وصلنا إلى الاتفاق، هذا الاتفاق خلق مرحلة جديدة اسمها "مسؤولية الدولة"، مفروض الآن، من الآن فصاعدًا، أن نقول هذا الاتفاق، من يطبقه ومن لا يطبقه؟ تُحاكموننا على هذا الأساس. الحمد لله، نحن نفذنا الاتفاق بالكامل، لا يستطيع الإسرائيلي أن يجد علينا ثغرة واحدة، ولا الأميركي، ولا أحد من الداخل يستطيع أن يجد ثغرة. الآن لا يقولون لنا مثلًا: لماذا لا يُطبّق الاتفاق في الداخل؟ لا، بل يقولون لنا سلّموا السلاح! يا جماعة، هل هناك أحد عنده عقل ويُفكر بشكل صحيح؟ وأردف: نحن في قلب معركة التزمنا فيها بالاتفاق بشكل كامل، ولم يخطُ الإسرائيلي خطوات، ولو في المقدمات، ولم يُطبّق الاتفاق، ونأتي لِنقول عوامل القوة التي كانت بين أيدينا، والتي كانت تُخيفه، والتي كانت تُؤثر عليه، والتي أجبرته على الاتفاق، نُزيلها، بينما الإسرائيلي ما زال موجودًا ولم ينفّذ ما عليه! أنتم، بماذا تفكرون يا أخي؟ فيقولون لك نحن لا علاقة لنا، لا علاقة لكم، لماذا؟ لأنكم لستم مستهدفين! لا علاقة لكم لأنكم تُنسقون مع الإسرائيلي! فماذا نقول عنكم؟ قولوا لنا؟ هل تُريدون إعمار البلد؟ لماذا لا تذكرون كيف أن هذه المقاومة، لمدة أكثر من أربعين سنة، حررت، واستطاعت أن ترفع رؤوس العالم جميعًا، وأخرجت إسرائيل غصبًا عنها، ويئست إسرائيل من إمكانية بناء المستوطنات في لبنان؟ ألا تذكرون هذا؟ هذا التاريخ الشريف، النبيل، العظيم، وما زلنا قادرين. اصبروا، فالأمور تتغير وتتبدل. ولذلك نحن التزمنا بالاتفاق، والإسرائيلي لم يلتزم. وهنا أعتبر أن العدوان الذي يحصل، والخروقات التي تحصل، مسؤولية على الدولة اللبنانية، العدوان على النبطية، على المرأة والناس، العدوان على من يعمل في سلك الصيرفة، كل هذه الأمور، حتى العدوان على أي مواطن في الجنوب، هو عدوان مرفوض مئة بالمئة، وهذا يجب ألا يكون. على الدولة أن تضغط، على الدولة أن تقوم كل واجبها. يجب أن تعرفوا أن هذا أمر لا يمكن أن يستمر، هي فرصة، الآن يقولون وكم هي الفرصة؟ نحن نُحدد كم هي الفرصة، لكن هل تتصورون أننا سنبقى ساكتين إلى أبد الآبدين؟ لا، هذا كله له حدود، نحن جماعة الحسين، نحن من الذين يقولون: "هيهات منّا الذلّة"، ماذا تظنون؟ جرّبتمونا، وتريدون أن تجربونا مجددًا؟ جرّبوا! نحن لا نتحدث عبثًا، نحن نتحدث ونحن نعرف لماذا نتحدث. اطلعوا من قصة لا تعطوا ذرائع لإسرائيل، لا أحد يعطي ذرائع لإسرائيل، إسرائيل نفسها احتلّت 600 كم² من سوريا، ولم تكن هناك ذرائع، دمّرت كل القدرة، ولم تكن هناك ذرائع، اعتدت على إيران، ولم تكن هناك ذرائع. والآن أقول لكم: كلما كانت هناك جهة ضعيفة، هذا يعني أن إسرائيل ستتوسع وتأخذ كل شيء على مستوى الحجر والبشر والإمكانات والقدرات. هذا لن يكون معنا، نحن أبناء "بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة". يقولون لنا: هل أنتم قادرون على الإسرائيليين؟ نعم، نحن قادرون على الإسرائيليين، عندما نكون مخيّرين، لا نملك إلا خيارًا واحدًا. عندما يكون عندنا خيار العِزّة، يعني أننا نُواجه. فيقولون لك: إذا واجهتم، هل تربحون؟ نعم، نربح. كيف تربحون؟ لاقونا، تعالوا لملاقاتنا حتى تروا كيف نربح، إن شاء الله تظنون أننا مثل حكايتهم نحسبها على القلم والورقة؟ لا، نحن نقول: نقوم بواجبنا، نقف في الميدان، ندعو الله ونتوكل عليه، فيُرسل ملائكته معنا وننجح بإذن الله، إن لم يكن في اليوم الأول ففي الثاني والثالث، إن لم يكن في الشهر الأول ففي الثاني والثالث، إن لم يكن بأيدي بعضنا، فهو بأيدي البعض الآخر، لكننا دائمًا فائزون: بالنصر أو الشهادة. لا أحد يمزح معنا، لا أحد يلعب معنا، لا أحد يقول أننا نستطيع أن نُخضع هؤلاء. نحن أبناء الحسين، نحن أبناء سيد شهداء الأمة، نحن أبناء المعادلة الذهبية بين السلة والذلة: "هيهات منّا الذلة".


صيدا أون لاين
منذ 37 دقائق
- صيدا أون لاين
قاسم أكّد قدرة حزب الله على مواجهة إسرائيل: استمرارنا انتصار وعلينا أن نعدّ العدّة
أشار الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، إلى "أننا أطلقنا شعار "إنا على العهد" على مسار (الأمين العام الراحل للحزب) سيدنا حسن نصرالله والشهداء لنستمر ونبقى ونكون من بعدهم نعمل كما عملوا ونعيش حياة العزة"، وقال "استمرارنا انتصار واستمرار شعار "إنا على العهد" انتصار". ولفت إلى أنّ "الله نصر الشباب الذين كانوا يقاتلون على الحافة الأمامية في معركة "أولي البأس" مقابل 75 ألفًا ومعهم كل الإمكانات لأنّهم أعدّوا العدة"، مضيفًا "مطمئنون أن الله معنا والله ينصرنا لأن السنن الإلهية من عنده والدعم من عنده، فإذا افترضنا أننا في مرحلة ما لم ننتصر، فيمكن أن يكون السبب بأن نقوم بشيء إضافي ونعدّ العدّة أكثر". وقال قاسم "الإنسان عليه أن يعدّ العدّة اللازمة ليتمكن من النجاح وأحيانًا تكون إمكانات العدو أكثر من إمكاناته بكثير فعندها ممكن أن ينتصر العدو ماديًا"، وتابع: "علينا أن نعمل ما علينا والباقي على الله، لذلك علينا أن نعدّ العدّة والمقدمات الصحيحة". وأوضح أنّ "حزب الله قام بالمساندة لأهل غزة وفلسطين وكانت مساندة واجبة وضرورية"، مشيرًا إلى أنّ "عملية المساندة كانت واجبة"، مضيفًا "عطاءات الشهداء أعطتنا زخمًا وقوة وعطاءات الجرحى جعلتنا نتحمّل المسؤولية أكثر"، مشيرًا إلى أنّ "الله نصرنا بالاستمرارية وباستعادة المبادرة واستطعنا أن ننهض مجددًا وبقينا إلى لحظة وقف إطلاق النار صامدين ونضرب العدو ضربات مؤلمة ونوجعه". وذكر قاسم "أننا نفذنا اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل والإسرائيلي والأميركي لا يمكنه أن يجد علينا ثغرة"، وقال "اتفاق وقف اطلاق النار هو مرحلة جديدة اسمها مسؤولية الدولة". وعن المطالبة بتسليم السلاح، سأل قاسم: "هل هناك من لديه عقل ويفكّر بشكل صحيح أن يلغي عوامل القوة لديه فيما الإسرائيلي لا يطبق الاتفاق ويواصل اعتداءاته؟". وأكّد قاسم على قدرة حزب الله على مواجهة إسرائيل، وقال "العدوان الذي يحصل مسؤولية الدولة اللبنانية"، مشيرًا إلى أنّ "العدوان على النبطية وعلى الناس ومن يعمل في الصيرفة هو مرفوض وعلى الدولة أن تقوم بواجبها". وسأل: "هل تتصوروا أن نظل ساكتين الى أبد الآبدين؟ هذا غير صحيح فنحن جماعة هيهات منا الذلة ولقد جربتمونا"، وقال: "عندما نكون مخيّرين ليس لدينا إلا خيارًا واحدًا ألا وهو العزة ونربح و"لاحقونا لنريكم كيف نربح"، وإن لم يكن في اليوم الأول ففي الثاني والثالث فدائمًا نحن فائزون بالنصر أو الشهادة"، مشيرًا إلى أنّه "كلما كان هناك جهة ضعيفة هذا يعني أن "اسرائيل" ستتوسع وتأخذ كل شيء". وفي ختام كلمته، عزّى قاسم المرشد الأعلى في إيران السيد علي الخامنئي والشعب والجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني بضحايا الحرب الإسرائيلية.