
بريطانيا تسابق الزمن لتفادي كارثة جمركية... صفقة الصلب مع واشنطن مهددة
وسط أجواء من التصعيد التجاري العالمي والضغوط الداخلية لإنعاش قطاع الصناعات الثقيلة، تواجه
الحكومة البريطانية
اختباراً مصيرياً يتمثل في قدرتها على إتمام صفقة جمركية مع الولايات المتحدة خلال مهلة لا تتجاوز أسبوعين. وتأتي هذه الضغوط في أعقاب تهديد مباشر من إدارة الرئيس الأميركي
دونالد ترامب
الصورة
الرئيس الأميركي دونالد ترامب
ولد دونالد ترامب في 14 حزيران/ يونيو 1946 في مدينة نيويورك، لأبوين من أصول ألمانية واسكتلندية، تلقى تعليمه الأولي في مدرسة كيو فورست بمنطقة كوينز في مدينة نيويورك. التحق بالأكاديمية العسكرية في المدينة نفسها، وحصل عام 1964 على درجة الشرف منها، ثم انضم إلى جامعة فوردهام بنيويورك لمدة عامين، ثم التحق بجامعة بنسلفانيا، وحصل على بكالوريوس الاقتصاد 1968
بمضاعفة
الرسوم الجمركية
على واردات الصلب والألومنيوم من بريطانيا إلى 50% بحلول 9 يوليو/تموز المقبل، إذا لم تُحل القضايا العالقة بين الجانبين. ويبدو أن ثقة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في سرعة التوصل لاتفاق نهائي، تصطدم بمعوقات بنيوية تتعلق بملكية الشركات ومتطلبات الإنتاج الصناعي.
وحذر كبير مفاوضي التجارة البريطاني السابق، كروفورد فالكونر، في تصريح لبلومبيرغ، اليوم الأحد، من أن
المهلة الزمنية
التي حددتها الحكومة لإتمام الصفقة "طموحة على نحو غير واقعي"، مشيراً إلى أن إتمام الاتفاق خلال أسبوعين يتطلب "كرماً استثنائياً من الجانب الأميركي". وأضاف فالكونر أن حجم القضايا العالقة، خصوصاً تلك المرتبطة بالملكية الأجنبية لقطاع الحديد ومتطلبات بلد المنشأ، يجعل من غير المرجح التوصل إلى صيغة نهائية خلال هذا الإطار الزمني الضيق. وتُفسَّر هذه التصريحات على أنها تحذير مبكر من احتمال فشل الحكومة في الوفاء بتعهداتها الصناعية.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
مفوض التجارة الأوروبي: زيادة الرسوم الأميركية لا تخدم المفاوضات
والأربعاء الماضي، أكد رئيس الوزراء كير ستارمر أمام البرلمان البريطاني أن المملكة المتحدة "ستُبرم الاتفاق خلال أسبوعين"، مضيفاً أن بريطانيا هي الدولة الوحيدة التي استثنيت من الرسوم الأميركية المرتفعة، وأن العمل جارٍ لتخفيضها إلى الصفر. هذا التفاؤل الذي أبداه ستارمر يأتي في وقت لا تزال فيه المفاوضات متعثرة بشأن بنود تقنية حاسمة مثل "شرط الصهر والصب في المملكة المتحدة"، وموقف واشنطن من ملكية "بريتش ستيل" الصينية، بحسب صحيفة ذا غارديان، ويُنظر إلى هذه التصريحات على أنها محاولة لطمأنة الصناعيين البريطانيين قبيل المهلة النهائية، أكثر من كونها تعكس واقعية الموقف التفاوضي.
صفقة تحت التهديد
وضعت إدارة ترامب الحكومة البريطانية تحت ضغط واضح، بعد أن أمهلتها حتى 9 يوليو/تموز لحل القضايا الخلافية العالقة. وفي حال الفشل، ستطبق الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 50% على الصلب والألومنيوم البريطاني، وهو ما قد يُخرج العديد من المصانع من السوق الأميركية تماماً. ويُذكر أن الرسوم الحالية تبلغ 25%، وقد علّقت واشنطن زيادتها مؤقتاً كـ"فرصة للتفاوض" فقط، وليست تنازلاً دائماً، بحسب رويترز. ويعكس هذا النهج عقيدة ترامب التجارية القائمة على "العقوبات المشروطة"، ويجعل القطاع الصناعي البريطاني عرضة لتقلبات القرار السياسي الأميركي.
وأحد أبرز العوائق أمام إتمام الاتفاق يتمثل في ملكية شركة "بريتش ستيل" لمجموعة "جينغيه" الصينية، وهي شركة تعتبرها الولايات المتحدة تابعة لدولة خصم استراتيجي. وعلى الرغم من أن الحكومة البريطانية استحوذت مؤقتاً على مصانع الشركة في إبريل/نيسان الماضي لحمايتها من الإفلاس، إلا أن الملكية القانونية لا تزال بيد الطرف الصيني. ووفقاً للوثيقة الأولية للاتفاق، تشترط واشنطن "الامتثال لمتطلبات تتعلق بملكية منشآت الإنتاج"، وهي إشارة ضمنية إلى رفض التعامل مع شركات مملوكة للصين، بحسب فايننشال تايمز، وهذا البند يجعل من "بريتش ستيل" نقطة اشتباك سياسي وتجاري في آن.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
بريطانيا قلقة من رسوم ترامب: صعوبات في خفض التضخم
وتهدد الصفقة أيضاً أزمة أخرى، وهي الشروط الأميركية التي تلزم بأن يكون الصلب المنتج مكوناً من مواد تم صهرها وصبها بالكامل داخل بريطانيا، وهو أمر لا تستطيع شركة "تاتا ستيل – المملكة المتحدة" الوفاء به حالياً، بعد أن أغلقت آخر أفرانها العالية في 2024. وتستخدم الشركة حالياً مواد أولية مستوردة من الخارج، وستستمر على هذا النحو حتى نهاية عام 2027. وقد صرح الرئيس التنفيذي راجيش ناير أن فرض شرط "الصهر المحلي" سيحرمهم من السوق الأميركية ويقضي على قدرتهم التنافسية، بحسب بلومبيرغ. وهذا يعكس تحولاً في بنية الصناعة البريطانية من التصنيع الكامل إلى التجميع والاستيراد.
بريطانيا تسابق الزمن لإتمام صفقة الصلب
من جانبها، أعلنت وزارة التجارة البريطانية عبر وزيرها جوناثان رينولدز أن "خطوات أساسية تُتخذ بوتيرة سريعة لتحويل الاتفاق إلى صفقة قابلة للتنفيذ". ويشمل ذلك، بحسب تصريحه أمام البرلمان، الأربعاء الماضي، العمل على ضمان استفادة منتجي الصلب والسيارات من الإعفاءات الجمركية في أقرب وقت ممكن. ورغم هذه التأكيدات، لا تزال الرؤية غير واضحة بشأن كيفية معالجة النقاط الخلافية في هذا الوقت القصير، وسط غياب أي مؤشرات عن تنازلات أميركية فعلية.
وهو ما يعني أن خطر الرسوم العقابية الأميركية يضع بريطانيا في مأزق حرج لا تملك فيه سوى خيارين: إما تقديم تنازلات سريعة قد تضعف موقفها السيادي في ملفي الملكية والإنتاج الصناعي، أو القبول بضربة اقتصادية مباشرة للصناعات الثقيلة فيها. ورغم المساعي السياسية لإظهار الموقف على أنه تحت السيطرة، فإن التفاصيل التقنية والهيكلية تكشف عن واقع أكثر هشاشة. وفي حال فشلت الحكومة بحسم هذه القضايا قبل المهلة المحددة، فإن تداعيات الرسوم الجمركية سترتد سريعاً على أسعار الصلب، وفرص العمل، وأداء الجنيه الإسترليني نفسه في الأسواق العالمية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 39 دقائق
- القدس العربي
فنزويلا تعتزم زيادة أسعار الوقود بنسبة 50% تأهبا لانخفاض الإيرادات
كاراكاس: أعلنت حكومة فنزويلا أنها بصدد وضع الأسس لزيادة أسعار البنزين بنسبة 50% في محطات الوقود، استعدادا لانخفاض في الإيرادات بعد توقف شركة شيفرون الأمريكية العملاقة وشركات نفط أخرى عن العمل في البلاد. وتعتزم شركة النفط الوطنية فنزويلا 'بتروليوس دي فنزويلا' زيادة أسعار البنزين بواقع 25ر0 دولار لكل لتر ليصل إلى 75ر0 دولار في مختلف الولايات، وفقا لثلاثة مصادر مطلعة. وأبلغ مسؤولون في شركة 'بتروبليوس دي فنزويلا' بالفعل الشركات الموزعة للبنزين من القطاع الخاص بزيادة الأسعار في بعض الولايات، وفقا لما ذكرته المصادر. ولن يتم تطبيق هذه الزيادة حتى تقوم الحكومة بالإعلان الرسمي عنها ونشرها في الجريدة الرسمية. ومع ذلك، بدأت بعض الصور للأسعار الجديدة عند محطات الوقود تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وتؤكد هذه الخطوة معاناة حكومة نيكولاس مادورو في العثور على مصادر جديدة للإيرادات بعد أن تم حظر شركة شيفرون وشركات أجنبية أخرى من العمل في الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية في أواخر مايو / آيار. ويمارس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطا لعزل فنزويلا عن سوق النفط، معتبرا حكومتها تشكل 'تهديدا استثنائيا' للأمن القومي الأمريكي. (د ب أ)


العربي الجديد
منذ 40 دقائق
- العربي الجديد
قانون ترامب الكبير: هل يدفع الأميركيون ثمن التفاوت الطبقي؟
في خضم الاستعدادات للانتخابات المقبلة، طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب مشروع قانون اقتصادي ضخم وصفه بـ"الكبير والجميل"، تتجاوز ميزانيته 3 تريليونات دولار، ويشمل تخفيضات ضريبية هائلة وزيادات في الإنفاق الدفاعي وبرامج البنية التحتية. لكن هذه الحزمة تواجه انقسامًا حادًا داخل الحزب الجمهوري نفسه، ومعارضة من أصوات اقتصادية بارزة، وسط جدل واسع حول تأثيرها المحتمل على العجز المالي ، والتفاوت الطبقي، وشكل الدولة الأميركية في العقد المقبل. على الصعيد الأول، كانت الأنظار موجهة إلى الصراع الحاد بين الرئيس ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك الصورة رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك إيلون ماسك رجل أعمال أميركي (يحمل أيضًا الجنسية الكندية والجنوب أفريقية)، امتلك وأسس وساهم في تأسيس عدد من الشركات البارزة في المجال الرقمي والتقني، منها شركة تسلا للسيارات، وسبيس إكس التي أطلقت في فبراير 2018 أقوى صاروخ في العالم، وامتلك منصة تويتر في أكتوبر 2022، وتم تعيينه وزيرًا للكفاءة في حكومة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فبراير 2025 ، الذي شن حملة قوية ضد مشروع القانون، معتبراً أنه سيزيد العجز المالي بحوالي 2.4 تريليون دولار. هدّد ماسك حتى بإزاحة المشرعين الجمهوريين الذين لا يدعمون موقفه الرافض للمشروع. لكن رغم هذا التهديد والصخب الإعلامي الذي صنعه، يبدو أن تأثير ماسك على الناخبين الجمهوريين محدود للغاية، وفقاً لتصريحات خبراء وتحليلات مستقلة. أما على الصعيد الثاني، فقد استمر القادة الجمهوريون في دفع الحزمة المقدمة، مع بعض التعديلات الطفيفة التي لم تمس الجوهر أو تخفض التكلفة الإجمالية للمشروع. وأكد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثيون في خطاب له، يوم الخميس، بالضغط على دواسة البنزين، متجاهلاً تحذيرات ماسك، مؤكدًا أن الحزب الجمهوري ما زال موحدًا نسبيًا في دعم المشروع. تقليص ضريبة SALT مناورة لتوفير التكاليف شهدت المفاوضات هذا الأسبوع بعض التغييرات التي تستهدف تقليص التكاليف، مثل اقتراح تقليص ضريبة الولاية والضرائب المحلية (SALT) بمبلغ يصل إلى 40,000 دولار، وهو تغيير قد يوفر مبلغاً كبيراً. لكن هذه الخطوة تواجه معارضة شديدة من مجلس النواب، لكن صحيفة "واشنطن بوست" ذكرت هذا الأسبوع أن ترامب أعرب عن استعداده لتخفيض الخصم. في المقابل، هناك توجه من بعض أعضاء مجلس الشيوخ لجعل الحوافز الضريبية للشركات دائمة، خاصة في مجالات الاستهلاك العقاري والفوائد والبحث والتطوير، وهي حوافز مؤقتة في قانون مجلس النواب الحالي. وهذا التوجه من شأنه زيادة تكلفة المشروع وتعويض أية وفورات متحققة من تقليص اقتطاع SALT. ولكن، الموقف ما زال قيد النقاش، إذ يطالب بعض الصقور الجمهوريين مثل السيناتور رون جونسون بعدم جعل هذه الإعفاءات دائمة، بينما ترامب لم يحسم موقفه بعد. وقد برز جونسون ناقدا شرسا للحزمة بسبب الإنفاق، ويهدد أيضًا بإصلاح المشروع أو تقسيمه إلى أجزاء مختلفة. وسيحتاج إلى انضمام ثلاثة أعضاء جمهوريين على الأقل إليه لمواجهة حملة الضغط المتوقعة من البيت الأبيض. اقتصاد دولي التحديثات الحية صراع ترامب وماسك يهدد "تسلا" و"سبايس أكس" ومن بين التغييرات الأخرى البارزة هذا الأسبوع، بند يمنع الولايات من سن قوانين محلية تنظم الذكاء الاصطناعي خلال العقد القادم. هذا البند أثار اعتراضات داخل مجلس النواب، حيث صرحت النائبة مارغوري تايلور غرين بأنها لم تكن على علم به عند التصويت. لذا، تقترح لجنة التجارة في مجلس الشيوخ تعديل هذا البند ليحول الحظر الشامل إلى نظام يمنع التمويل الفيدرالي للإنترنت فقط في حال سنّت الولايات قوانين محددة تنظم الذكاء الاصطناعي. سلاح ضريبي ضد الخارج أما على صعيد الضرائب، هناك نقاش متصاعد حول تعديل المادة 899 من قانون الضرائب الأميركية التي تسمح بفرض ضرائب جديدة ضد الدول الأجنبية التي تمارس ما يصفه الجمهوريون بـ"التمييز"، وهو تعديل قد يزيد من تكلفة المشروع أو قد يقلل إيرادات الحكومة إذا أُزيل. وقد تأتي تغييرات أخرى أيضًا من شأنها أن تزيد من تكلفة المشروع، حيث لا يزال بعض أعضاء مجلس الشيوخ قلقين من أن التدابير الحالية لتوفير التكاليف مبالغ فيها. بالإضافة لذلك، أبدى السيناتور جوش هاولي اعتراضه على تقليص مزايا برنامج "ميديكيد" ضمن الحزمة، معتبراً أن هذه التخفيضات قد تضر بالطبقة العاملة، ومؤكداً على صراع داخلي حول هوية الحزب الجمهوري: هل يكون حزب الأغلبية الذي يدافع عن مصالح الطبقة العاملة، أم أقلية تخدم مصالح مجالس الإدارة فقط؟ بحسب ما كتبه في مقال حديث بصحيفة "نيويورك تايمز". وعلى الرغم من الضجة الكبيرة حول دور إيلون ماسك في معارضة "مشروع القانون الكبير والجميل"، فإن تأثيره على شكل القانون ومصيره محدود للغاية. الجمهوريون يواصلون الدفع بهذا المشروع مع تغييرات طفيفة تهدف إلى موازنة التكلفة دون المساس بجوهر الحزمة الضريبية والإنفاقية. الصراع الحقيقي يدور بين فصائل داخل الحزب الجمهوري نفسها، ما بين المحافظين الماليين الصارمين والمعتدلين، وبين مصالح الشركات الكبرى واحتياجات الطبقة العاملة. ترامب يهدد عقود ماسك: تصعيد خطير وفي سياق متصل، أوردت عدة وكالات أنباء دولية أبعادًا إضافية للنقاش الدائر، فقد نقلت وكالة "رويترز" أن الرئيس ترامب صعّد من مواجهته مع إيلون ماسك عبر إعلانه نيّته مراجعة العقود الفيدرالية الموقّعة مع شركاته مثل "تسلا" و"سبيس إكس"، في خطوة تُفسَّر على نطاق واسع بأنها محاولة لردع أي تكتلات اقتصادية أو تكنولوجية قد تُهدد نفوذ الإدارة الجديدة داخل الحزب الجمهوري أو خارجه. ويأتي هذا التطور في ظلّ تصاعد النفوذ السياسي لماسك، خاصة عبر منصّته "إكس"، ما يُنذر بصدام طويل المدى بين السلطة السياسية ورأس المال التكنولوجي. اقتصاد دولي التحديثات الحية هل بدأت إمبراطورية إيلون ماسك تتفكك بعد خلافه العلني مع ترامب؟ من جهتها، أفادت "أسوشيتد برس" أن ترامب يضغط بقوة على مجلس الشيوخ لإقرار الحزمة قبل 4 يوليو/تموز، واصفًا إياها بأنها "خطة وطنية ضرورية" تشمل خفضًا ضريبيًا واسعًا وزيادات كبيرة في الإنفاق الدفاعي، مع استعداده لتقديم تنازلات محدودة في بنود مثل تقليص SALT وتعديلات على "مديكايك". لكن خبراء اقتصاديين تحدّثوا للوكالة حذّروا من أن الهيكلية المقترحة ستؤدي إلى تفاقم العجز المالي الأميركي إلى أكثر من 2.5 تريليون دولار خلال عقد، ما قد يُجبر الولايات المتحدة لاحقًا على خفض الإنفاق في مجالات أساسية كالبنية التحتية والتعليم والصحة. أما مجلة "تايم" فقد سلطت الضوء على الانقسامات المتفاقمة داخل الحزب الجمهوري، مشيرة إلى ما وصفته بـ"أزمة هوية داخلية"، إذ تجد الكتلة الشعبوية التي يمثلها بعض النواب الجدد أنفسهم في مواجهة مع الجناح المالي التقليدي. ووفق المجلة، فإن أكثر من 10 ملايين أميركي مهددون بفقدان التغطية الصحية في حال تمرير تخفيضات "مديكايك" المقترحة، وفق تقديرات مراكز أبحاث مستقلة. كما نقلت عن خبراء أن الحزمة ستؤدي إلى تعزيز التفاوت الطبقي، إذ إن معظم التخفيضات الضريبية تصبّ لصالح الشركات الكبرى وأصحاب الدخل المرتفع، بينما يتحمّل المواطن العادي أعباء خفض الإنفاق على الخدمات. أميركا على مفترق طرق بدورها، صحيفة "الغارديان" نشرت تحقيقًا موسعًا حول الأثر الاجتماعي المحتمل للحزمة، ناقلة عن منظمات حقوقية كـ"هيومن رايتس ووتش" و"مركز الأولويات السياسية والميزانية" أن التخفيضات المقترحة في برامج عدة، ستترك الملايين في مواجهة خطر الجوع وفقدان المأوى، خاصة في ولايات ذات كثافة سكانية مرتفعة مثل نيويورك وكاليفورنيا. ووفقًا لخبراء اجتماعيين تحدثوا للصحيفة، فإن مشروع القانون بصيغته الحالية "يعيد تعريف العقد الاجتماعي الأميركي" عبر تقليص دور الدولة بشكل غير مسبوق منذ عهد ريغان، في مقابل توسيع غير مقيّد لمصالح رأس المال. تعكس هذه التطورات أن الجدل حول "مشروع القانون الكبير والجميل" لا يقتصر على الصراع الإعلامي بين ترامب وماسك، بل يتعداه ليكشف عن انقسام عميق في الرؤية المستقبلية للولايات المتحدة: بين من يرى أن الحل في تقليص الدولة وفتح المجال أمام السوق الحرة دون قيود، ومن يؤمن بضرورة الحفاظ على شبكة أمان اجتماعي تحمي الفئات الضعيفة وتمنع الانهيار المجتمعي. هذا الانقسام لا يُهدد فقط شكل القانون، بل يعيد رسم حدود السياسة الاقتصادية والاجتماعية في أميركا، في لحظة مفصلية عشية انتخابات حاسمة يمكن أن تعيد تشكيل توازنات السلطة لعقود قادمة.


العربي الجديد
منذ 40 دقائق
- العربي الجديد
فنزويلا تتجه لرفع أسعار البنزين بنسبة 50% وسط أزمة إيرادات
أعلنت حكومة فنزويلا أنها بصدد وضع الأسس لزيادة أسعار البنزين بنسبة تصل إلى 50% في محطات الوقود، في محاولة لتعويض النقص المتوقع في الإيرادات، وذلك عقب توقف شركة "شيفرون" الأميركية العملاقة وعدد من الشركات النفطية الأجنبية الأخرى عن العمل في البلاد. ووفقًا لثلاثة مصادر مطلعة، تعتزم شركة النفط الوطنية "بتروليوس دي فنزويلا" (PDVSA) رفع أسعار البنزين بمقدار 0.25 دولار لكل ليتر، ليصل سعره إلى 0.75 دولار في مختلف الولايات الفنزويلية. وقد أبلغ مسؤولون في الشركة شركات توزيع الوقود الخاصة بهذه الزيادة في بعض المناطق، بحسب ما أكدته المصادر. ورغم أن القرار لم يُعلن رسميًا بعد ولم يُنشر في الجريدة الرسمية، فإن صورًا للتسعيرة الجديدة بدأت تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار جدلًا واسعًا في الشارع الفنزويلي، بحسب ما نقلته وكالة "أسوشييتد برس". أزمة اقتصادية وضغوط أميركية تأتي هذه الخطوة في وقت تعاني فيه حكومة الرئيس نيكولاس مادورو من أزمة اقتصادية خانقة، في ظل العقوبات الأميركية المشددة المفروضة على قطاع النفط الفنزويلي الذي يُعدّ المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية. وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد فرضت قيودًا صارمة على التعامل مع حكومة مادورو، ووصفتها بأنها "تهديد استثنائي" للأمن القومي الأميركي. وبحسب وكالة " أسوشييتد برس"، ففي أواخر مايو/أيار الماضي، اضطرت شركة "شيفرون" وشركات أجنبية أخرى إلى تعليق أنشطتها في فنزويلا بعد انتهاء المهلة الممنوحة لها من قبل وزارة الخزانة الأميركية، ما أدى إلى تراجع حاد في حجم الإنتاج والعائدات النفطية، وفاقم الأزمة المالية التي تمر بها البلاد. خطوة اقتصادية محفوفة بالمخاطر يمثل رفع أسعار البنزين بنسبة 50% خطوة اقتصادية جريئة، لكنها تنطوي على مخاطر اجتماعية وسياسية كبيرة، خصوصًا في ظل تدهور الوضع المعيشي والانهيار الاقتصادي المتسارع في البلاد. حيث يعتمد الاقتصاد الفنزويلي بشكل شبه كامل على عائدات النفط، إذ تساهم بنسبة تتجاوز 90% من دخل الدولة. ومع خروج شركات كبرى من السوق، وفقدان الحكومة أحد أبرز مصادر العملة الصعبة، لم يبق أمامها سوى اتخاذ تدابير داخلية لزيادة الإيرادات، أبرزها رفع أسعار الوقود. اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب يفرض 25% رسوماً جمركية على شركاء فنزويلا لسنوات طويلة، اشتهرت فنزويلا ببيع البنزين بأسعار شبه مجانية، ما جعلها من أرخص دول العالم في هذا المجال. غير أن هذا النظام، رغم شعبيته، أرهق خزينة الدولة وشجع على الفساد والتهريب، لا سيما نحو كولومبيا المجاورة. وبذلك، فإن الاتجاه نحو تحرير أسعار الوقود يُعد تحوّلًا تدريجيًا نحو رفع الدعم، وهو مسار غالبًا ما تُجبر عليه الدول التي تمر بأزمات اقتصادية خانقة. لكن الأثر الاجتماعي لهذا القرار قد يكون باهظًا. فزيادة سعر البنزين لا تعني فقط ارتفاع تكلفة التنقل، بل تؤثر على أسعار النقل العام والسلع الغذائية والخدمات الأساسية، ما يزيد الضغط على الفئات الفقيرة التي تمثل الغالبية الساحقة في المجتمع الفنزويلي. ويُخشى أن يؤدي هذا القرار إلى اندلاع احتجاجات شعبية، على غرار ما حدث في دول أخرى اتخذت إجراءات مماثلة. وعلى الصعيد الدولي، قد تستغل الولايات المتحدة هذا القرار وما يرافقه من غضب شعبي لمضاعفة الضغوط على نظام مادورو، ضمن استراتيجية العزل القصوى التي تتبعها واشنطن منذ سنوات بهدف تغيير النظام أو دفعه إلى تقديم تنازلات سياسية.