
"أوبك" لـ"وكالة الطاقة": سوق النفط مستقرة ولا حاجة لإجراءات جديدة
أكد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) هيثم الغيص أن أسواق النفط العالمية تشهد حالاً من التوازن، ولا تحتاج إلى "إجراءات غير ضرورية" خلال الوقت الحالي، في مواجهة ما وصفه بـ"الإنذارات الكاذبة" التي تصدر عن وكالة الطاقة الدولية، محذراً من أن مثل هذه التحذيرات تهدد استقرار السوق وتضرب ثقة المستثمرين والمتعاملين على حد سواء.
وفي تصريحات شديدة اللهجة، اتهم الغيص الوكالة الدولية بإثارة الذعر بين المستثمرين عبر توقعات وصفها بـ"المضللة وغير الحيادية"، لا سيما في ظل ارتباطها بمواقف سياسية تتعلق بقضايا التحول المناخي والضغوط المتزايدة من القوى الغربية لتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري، وفقاً لـ"رويترز".
وأوضح أن هذه "الإنذارات الكاذبة" لا تخدم السوق العالمية، بل تدفع إلى اتخاذ قرارات متسرعة قد تؤدي إلى أزمات مستقبلية، سواء للمنتجين أو المستهلكين، وشدد على أن ضمان استقرار إمدادات الطاقة خلال الأعوام المقبلة يتطلب ضخ مزيد من الاستثمارات في مشروعات النفط والغاز، مؤكداً أن "التخلي المبكر عن الاستثمار في الطاقة التقليدية مخاطرة حقيقية على أمن الطاقة العالمي".
تاريخ من الخلافات
تأتي هذه المواجهة استمراراً لخلاف قديم بين "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية، تصاعد منذ عام 2022 عندما قرر تحالف "أوبك+" استبعاد الوكالة من قائمة مصادره الرسمية، معتمداً بدلاً منها على مؤسسات أبحاث مستقلة مثل "وود ماكنزي" و"ريستاد إنرجي"، بعد اتهامات بانحياز الوكالة ضد مصالح الدول المنتجة للنفط.
وخلال العامين الماضيين، واصلت وكالة الطاقة خفض توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط أكثر من مرة، مما عمق الهوة بينها وتقديرات "أوبك" التي ترى أن الطلب لا يزال في مسار تصاعدي مدعوماً بتعافي الاقتصادات الكبرى ونمو الأسواق الناشئة.
وأكد الغيص أن تجاهل الاستثمارات في قطاع النفط والغاز لا يمثل خطراً على المنتجين فحسب، بل على الاقتصاد العالمي ككل، محذراً من أن التركيز الحصري على التحول الطاقي من دون توفير بدائل كافية سيؤدي إلى فجوات حادة في الإمدادات خلال الأعوام المقبلة.
توقعات السوق
في ظل هذه المواجهة، تتجه الأنظار إلى تحركات أسعار النفط التي شهدت خلال الأسابيع الماضية حالاً من التذبذب الحاد، مدفوعة بتوترات الشرق الأوسط، خصوصاً عقب الهجوم الإسرائيلي المكثف على منشآت نووية وعسكرية إيرانية، وهو ما أثار مخاوف واسعة من اتساع رقعة الصراع وتأثيره في تدفقات النفط العالمية.
وعلى رغم القفزة القوية التي سجلتها أسعار الخام في أعقاب التصعيد -إذ تخطى خام "برنت" حاجز 84 دولاراً للبرميل موقتاً- فإن الأسواق عادت تدريجاً إلى حال من الحذر والترقب، مع تراجع المخاوف من حدوث تعطيلات فعلية في الإمدادات، وبخاصة أن طرق التصدير الرئيسة مثل مضيق هرمز ظلت مفتوحة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم هذا التوازن النسبي، فإن البنوك العالمية الكبرى رسمت صورة مختلطة في شأن مستقبل الأسعار، فعلى سبيل المثال "جيه بي مورغان" رجح أن تقفز الأسعار إلى مستويات 120–130 دولاراً للبرميل في حال اندلاع مواجهة عسكرية واسعة تهدد تدفقات النفط عبر المضيق الاستراتيجي. وفي المقابل، يرى "غولدمان ساكس" أن ارتفاع الأسعار فوق حاجز 100 دولار يظل احتمالاً قائماً في سيناريوهات التصعيد، لكنه عاد ليؤكد أن الأسعار ستتراجع لاحقاً إلى نطاق 55–59 دولاراً للبرميل خلال الربع الرابع من عام 2025، وإلى 52–56 دولاراً عام 2026 مع عودة الاستقرار للأسواق العالمية.
من جهته، توقع بنك "سيتي غروب" أن تكون تأثيرات التصعيد موقتة بطبيعتها، مؤكداً أن قوى السوق الطبيعية ستدفع الأسعار لاحقاً إلى مسارات أكثر استقراراً، وبخاصة مع تحسن الإمدادات من الولايات المتحدة وكندا. وبدوره، أشار "كومرتس بنك" إلى أن الأسعار قد تحافظ على مستويات تدور حول 70–75 دولاراً، ما لم تحدث تعطيلات حقيقية في الإمدادات.
مكاسب وتذبذب مستمر
تشير البيانات الأخيرة إلى أن خام "برنت" استقر خلال تعاملات اليوم الجمعة، آخر تعاملات ضمن الأسبوع المنتهي في الـ13 من يونيو (حزيران) 2025، عند مستويات قريبة من 82 دولاراً للبرميل، محققاً مكاسب طفيفة بلغت 0.6 في المئة على مدار أسبوع التداول الماضي، خلال وقت تتأرجح فيه الأسعار بين الضغوط الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد العالمي، وبخاصة تباطؤ وتيرة النمو في الصين، وبين الدعم الذي توفره التوترات الجيوسياسية.
وعلى مدار الشهر الماضي، تحركت أسعار الخام ضمن نطاق 78-84 دولاراً للبرميل، مع استمرار تأثير الأحداث داخل الشرق الأوسط، إضافة إلى تطورات الحرب الروسية-الأوكرانية، التي لا تزال تمثل عاملاً محفزاً للأسواق.
أما على المستوى السنوي، سجلت أسعار النفط العالمية مكاسب تقارب ثمانية في المئة منذ بداية عام 2025، مدفوعة جزئياً بقرارات تحالف "أوبك+" بتمديد خفض الإنتاج حتى نهاية عام 2026، وهو ما أسهم في الحفاظ على مستويات الأسعار عند نطاقات معتدلة مقارنة بالتراجعات التي شهدتها أسواق الطاقة في أعقاب تباطؤ الاقتصاد العالمي أواخر عام 2024.
رؤية مستقبلية
وعلى رغم هذه المكاسب، تبقى الأسعار أقل بكثير من المستويات القياسية التي سجلتها بعد الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، عندما تجاوز خام "برنت" حاجز 120 دولاراً، ويظل تباطؤ الاقتصاد الصيني وارتفاع أسعار الفائدة العالمية من أبرز العوامل الضاغطة على الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وفي هذا السياق، من المتوقع استمرار منظمة "أوبك" في الدفاع عن سياسة ضبط الإمدادات للحد من الهبوط الحاد للأسعار، لكنه لن يكون كافياً وحده لدفع الأسعار إلى مستويات أعلى إذا استمرت العوامل السلبية الأخرى.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تتمسك "أوبك" بموقفها الرافض للانجرار وراء توقعات المؤسسات الدولية، مكررة تأكيدها أن "استدامة السوق تعتمد على قرارات مدروسة تتماشى مع واقع العرض والطلب، وليس على توقعات سياسية أو إنذارات مفتعلة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 29 دقائق
- الوطن
Meta تستثمر 29 مليارا بـScale AI
تعتزم «ميتا» إجراء استثمار «كبير» في رأس مال شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة «سكيل إيه آي» Scale AI التي تُقدّر قيمتها في هذه الصفقة بـ29 مليار دولار، في مؤشر على التوجه المتسارع للشركة الأم لفيسبوك نحو الذكاء الاصطناعي. ولم تعلق «سكيل إيه آي» على سؤال وكالة فرانس برس بشأن حجم هذه الحصة التي قدّمتها وسائل إعلام أمريكية بنسبة 49 %، وأشار بيانها الصادر الخميس إلى حصة أقلية فقط. وأكدت «ميتا» أيضًا هذه الصفقة التي وُصفت بأنها «شراكة استراتيجية»، وفق بيان أُرسل لوكالة فرانس برس. للحصول على 49 % من أسهم «سكيل إيه آي» بهذا التقييم، سيتعين على «ميتا» دفع ما يزيد قليلاً على 14 مليار دولار وبذلك، سيكون هذا ثاني أكبر استثمار للشركة بعد إنفاقها 19 مليار دولار للاستحواذ على منصة «واتساب» عام 2014. تستند هذه الصفقة إلى تقييم يزيد على ضعف القيمة التقديرية لآخر جولة تمويلية لشركة Scale AI في مايو 2024.

سعورس
منذ 44 دقائق
- سعورس
النفط يسجل مكاسب تجاوزت 14 % وسط مخاوف تعطل صادرات الشرق الأوسط
استقرت العقود الآجلة لخام برنت عند 74.23 دولارًا للبرميل، بارتفاع قدره 4.87 دولارات، أو 7.02 %، بعد أن ارتفعت في وقت سابق بأكثر من 13 % لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال اليوم عند 78.50 دولارًا، وهو أقوى مستوى لها منذ 27 يناير. وكان برنت أعلى بنسبة 12.5 % عن الأسبوع الماضي. وأغلق خام غرب تكساس الوسيط الأميركي عند 72.98 دولارًا للبرميل، بارتفاع قدره 4.94 دولارات، أو 7.62 %. خلال الجلسة، قفز خام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 14 % ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 21 يناير عند 77.62 دولارًا. وكان خام غرب تكساس الوسيط قد ارتفع بنسبة 13 % عن مستواه قبل أسبوع. شهد كلا المؤشرين أكبر تحركات يومية لهما منذ عام 2022 عندما تسبب غزو روسيا لأوكرانيا في ارتفاع حاد في أسعار الطاقة. وصرحت إسرائيل بأنها استهدفت منشآت نووية إيرانية ومصانع صواريخ باليستية وقادة عسكريين يوم الجمعة، في بداية ما حذرت من أنها ستكون عملية مطولة لمنع طهران من صنع سلاح نووي. وتوعدت إيران برد قاسٍ. بعد انتهاء التداول يوم الجمعة بقليل، أصابت صواريخ إيرانية مبانٍ في تل أبيب، إسرائيل، وفقًا لتقارير إعلامية متعددة. كما سُمع دوي انفجارات في جنوب إسرائيل. وحث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إيران على إبرام اتفاق بشأن برنامجها النووي لوضع حد "للهجمات التالية المخطط لها بالفعل". وأكدت الشركة الوطنية الإيرانية لتكرير وتوزيع النفط أن منشآت تكرير وتخزين النفط لم تتضرر وأنها مستمرة في العمل. تنتج إيران ، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، حاليًا نحو 3.3 ملايين برميل يوميًا، وتُصدر أكثر من مليوني برميل يوميًا من النفط والوقود. ووفقًا لمحللين ومراقبين لأوبك، فإن الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى أوبك وحلفائها، بما في ذلك روسيا ، لضخ المزيد من النفط لتعويض أي انقطاع تُعادل تقريبًا إنتاج إيران. كما أثارت التطورات الأخيرة مخاوف بشأن اضطرابات مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي حيوي. وذكرت شركة رابوبانك في مذكرة، بشأن المضيق ، أن "المملكة العربية السعودية والكويت والعراق وإيران محصورة تمامًا في ممر صغير واحد للصادرات". ويمر نحو خُمس إجمالي استهلاك النفط في العالم عبر المضيق ، أو ما يُقارب 18 إلى 19 مليون برميل يوميًا من النفط والمكثفات والوقود. وصرح بن هوف، رئيس أبحاث السلع في سوسيتيه جنرال: "حتى الآن، تجنبت الإجراءات الإسرائيلية البنية التحتية للطاقة الإيرانية ، بما في ذلك جزيرة خرج، المحطة المسؤولة عن ما يُقدر بنحو 90 % من صادرات النفط الخام الإيرانية". وأضاف هوف: "هذا يثير احتمال أن يتبع أي تصعيد إضافي منطق "الطاقة مقابل الطاقة"، حيث قد يؤدي الهجوم على البنية التحتية النفطية لأحد الطرفين إلى رد انتقامي على الطرف الآخر". وقال محللون يوم الجمعة إن إيران قد تدفع ثمنًا باهظًا لإغلاق مضيق هرمز. يعتمد اقتصاد إيران بشكل كبير على حرية مرور البضائع والسفن عبر الممر البحري، حيث تعتمد صادراتها النفطية بالكامل على النقل البحري. وقال محللون في جي بي مورغان إن إغلاق مضيق هرمز سيؤثر سلبًا على علاقة إيران بعميلها النفطي الوحيد، الصين. وأعلنت لجنة تداول العقود الآجلة للسلع الأميركية يوم الجمعة أن مديري الأموال زادوا صافي مراكزهم طويلة الأجل في العقود الآجلة وخيارات الخام الأميركي خلال الأسبوع المنتهي في 10 يونيو. ورفعت مجموعة المضاربين مراكزها المجمعة في العقود الآجلة وخياراتها في نيويورك ولندن بمقدار 15,157 عقدًا لتصل إلى 121,911 عقدًا خلال هذه الفترة. وصرحت شركة بيكر هيوز أن عدد منصات النفط والغاز الطبيعي الأميركية انخفض للأسبوع السابع على التوالي، حيث انخفض العدد الإجمالي بمقدار 35 منصة، أو بنسبة 6 %، عن نفس الفترة من العام الماضي. انخفض عدد منصات النفط بمقدار ثلاث منصات ليصل إلى 439 منصة الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2021، بينما انخفضت منصات الغاز بمقدار منصة واحدة إلى 113. وقال وزير الطاقة الأميركي كريس رايت يوم الجمعة إنه وفريقه يعملون مع مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض لمراقبة الوضع في الشرق الأوسط وأي آثار محتملة على إمدادات الطاقة العالمية. وأضاف رايت، في مقابلة مع قناة إكس، بعد الضربات الإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية ورد إيران بالصواريخ على إسرائيل، أن سياسة الرئيس دونالد ترمب المتمثلة في تعظيم إنتاج النفط والغاز الأميركي، والتي تتضمن أيضًا خفض لوائح التلوث، قد عززت أمن الطاقة الأميركي. وأكد محللون أن مواقع النفط والغاز في إيران ، العضو في أوبك، لم تُستهدف. وقال محللون في شركة كلير فيو إنرجي بارتنرز في مذكرة لعملائها: "قد ترتفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة بنحو 20 سنتًا للغالون في الأيام المقبلة خلال موسم ذروة القيادة الصيفية في الولايات المتحدة ، مما سيخلق ضغوطًا اقتصادية ورياحًا سياسية معاكسة للرئيس دونالد ترمب، الذي ركز في حملته الانتخابية على خفض تكاليف الطاقة". وأضافت كلير فيو أن ارتفاع الأسعار قد يدفع ترمب إلى التركيز على استغلال احتياطيات النفط الاستراتيجية، والسعي إلى زيادة الإمدادات من مجموعة أوبك+، وقد يُعقّد جهود تشديد العقوبات على روسيا ، إحدى أكبر ثلاث دول منتجة للنفط في العالم. ويمكن للولايات المتحدة استغلال الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأميركي، وهو الأكبر في العالم، والذي يحتوي حاليًا على 402.1 مليون برميل من النفط الخام. وصرح فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس ، على قناة X أن نظام أمن النفط التابع لوكالة الطاقة الدولية، والذي يشمل الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأميركي، يحتوي على أكثر من 1.2 مليار برميل من مخزونات الطوارئ. وانتقدت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) منشور بيرول، قائلة إنه يثير إنذارات كاذبة و"يثير شعورا بالخوف في السوق". في وقت تحول المشاركون في سوق النفط إلى الخوف من نقص الوقود بدلًا من التركيز على فائض العرض الوشيك. وبعد هجوم إسرائيلي على إيران وتعهد طهران بالرد، قفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ يناير، حيث وضع المستثمرون في الحسبان احتمالية متزايدة لحدوث انقطاع كبير في إمدادات النفط من الشرق الأوسط. ويعود جزء من سبب الارتفاع السريع إلى أن الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى أوبك وحلفائها، والتي تسمح بضخ المزيد من النفط لتعويض أي انقطاع، تعادل تقريبًا إنتاج إيران ، وفقًا لمحللين ومراقبي أوبك. وقال محللون ومصادر في قطاع النفط إن السعودية والإمارات هما العضوان الوحيدان في أوبك+ القادران على زيادة الإنتاج بسرعة، ويمكنهما ضخ نحو 3.5 مليون برميل يوميًا إضافية بما يفوق إنتاج إيران. ولم يُلاحظ أي تأثير على الإنتاج حتى الآن من هجمات إسرائيل على البنية التحتية للنفط والغاز في إيران ، ولا على صادرات المنطقة. لكن المخاوف من أن إسرائيل قد تُدمر منشآت النفط الإيرانية لحرمانها من مصدر إيراداتها الرئيس دفعت أسعار النفط إلى الارتفاع. وإن أي هجوم ذي تأثير كبير على الإنتاج الإيراني ، والذي يتطلب من المنتجين الآخرين ضخ المزيد لسدّ الفجوة، سيترك طاقة احتياطية ضئيلة جدًا للتعامل مع الاضطرابات الأخرى - التي قد تحدث بسبب الحرب أو الكوارث الطبيعية أو الحوادث. وسبق لإيران أن هددت بتعطيل الشحن عبر مضيق هرمز في حال تعرضها لهجوم. ويُعدّ المضيق منفذًا لنحو 20 % من إمدادات النفط العالمية من الخليج، بما في ذلك الصادرات السعودية والإماراتية والكويتية والعراقية والإيرانية. كما صرّحت إيران سابقًا بأنها ستهاجم موردي النفط الآخرين الذين سيسدون أي نقص في الإمدادات نتيجة العقوبات أو الهجمات على إيران. وقال خورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في ريستاد والمسؤول السابق في أوبك: "إذا ردّت إيران بتعطيل تدفقات النفط عبر مضيق هرمز، أو استهداف البنية التحتية النفطية الإقليمية، أو ضرب الأصول العسكرية الأميركية، فقد يكون رد فعل السوق أشدّ وطأة، مما قد يدفع الأسعار إلى الارتفاع بمقدار 20 دولارًا للبرميل أو أكثر". وقد يصل سعر النفط إلى 120 دولارًا إذا تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط. يأتي هذا التغيير المفاجئ في حسابات مستثمري النفط هذا الأسبوع بعد أشهر من زيادات الإنتاج من أوبك وحلفائها، المجموعة المعروفة باسم أوبك+، مما أثار قلق المستثمرين بشأن فائض العرض في المستقبل واحتمال انهيار الأسعار. وكانت المملكة العربية السعودية، القائد الفعلي لمنظمة أوبك، القوة الدافعة وراء تسريع زيادات إنتاج المجموعة، ويعود ذلك جزئيًا إلى معاقبة حلفائها الذين ضخوا نفطًا أكثر مما كان من المفترض أن يضخوه بموجب اتفاقيات أوبك+. وقد أدت هذه الزيادات بالفعل إلى استنزاف قدرة بعض الأعضاء على إنتاج المزيد، مما تسبب في عدم تحقيق أهدافهم الجديدة. وحتى بعد الزيادات الأخيرة، لا تزال المجموعة تفرض قيودًا على الإنتاج تبلغ نحو 4.5 ملايين برميل يوميًا، والتي تم الاتفاق عليها على مدى السنوات الخمس الماضية لتحقيق التوازن بين العرض والطلب. ولكن بعض هذه الطاقة الإنتاجية الاحتياطية - أي الفرق بين الإنتاج الفعلي وإمكانات الإنتاج النظرية التي يمكن تشغيلها بسرعة وبشكل مستدام - لا تزال حبرًا على ورق. وبعد سنوات من خفض الإنتاج وانخفاض الاستثمار في حقول النفط في أعقاب جائحة كوفيد-19، قد لا تتمكن حقول النفط والمرافق من إعادة التشغيل بسرعة، وفقًا لمحللين ومراقبين لأوبك. كما أدت العقوبات الغربية على إيران وروسيا وفنزويلا إلى انخفاض الاستثمار النفطي في تلك الدول. وقال بنك جي بي مورغان في مذكرة: "بعد زيادة الإنتاج في يوليو، يبدو أن معظم أعضاء أوبك، باستثناء السعودية، ينتجون بأقصى طاقتهم أو بالقرب منها". وصرح مصدر رفيع المستوى في القطاع يعمل مع منتجي أوبك+، بأنه باستثناء السعودية والإمارات ، كانت الطاقة الاحتياطية ضئيلة. وقال إن "السعودية هي الوحيدة التي لديها براميل حقيقية، أما البقية فمجرد حبر على ورق". ومن المقرر أن يرتفع إنتاج النفط السعودي إلى أكثر من 9.5 ملايين برميل يوميًا في يوليو، مما يتيح للمملكة القدرة على زيادة الإنتاج بمقدار 2.5 مليون برميل يوميًا أخرى إذا قررت ذلك. ومع ذلك، لم يتم اختبار هذه القدرة إلا مرة واحدة خلال العقد الماضي ولمدة شهر واحد فقط في عام 2020 عندما اختلفت السعودية وروسيا وضختا النفط بحرية في صراع على حصة السوق. كما توقفت السعودية عن الاستثمار في توسيع طاقتها الاحتياطية إلى ما يزيد على 12 مليون برميل يوميًا، حيث حوّلت المملكة الموارد إلى مشاريع أخرى. وتزعم روسيا ، ثاني أكبر منتج داخل أوبك+، أنها تستطيع ضخ أكثر من 12 مليون برميل يوميًا. ومع ذلك، تقدر جي بي مورغان أن موسكو لا يمكنها زيادة الإنتاج إلا بمقدار 250 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 9.5 ملايين برميل يوميًا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وستواجه صعوبة في زيادة الإنتاج أكثر بسبب العقوبات. وتقول الإمارات إن قدرتها القصوى على إنتاج النفط هي 4.85 ملايين برميل يوميًا، وأبلغت أوبك أن إنتاجها من النفط الخام وحده في أبريل بلغ ما يزيد قليلاً على 2.9 مليون برميل يوميًا، وهو رقم أيدته إلى حد كبير مصادر أوبك الثانوية. ومع ذلك، قدرت وكالة الطاقة الدولية إنتاج البلاد من النفط الخام بنحو 3.3 ملايين برميل يوميًا في أبريل، وتقول إن الإمارات لديها القدرة على زيادة هذا الإنتاج بمقدار مليون برميل يوميًا إضافي. ويتوقع بنك بي إن بي باريبا أن إنتاج الإمارات أعلى من ذلك، حيث سيتراوح بين 3.5 و4.0 ملايين برميل يوميًا. وقال ألدو سبانجر، المحلل في بي إن بي باريبا: "أعتقد أن الطاقة الاحتياطية أقل بكثير مما يُقال غالبًا". وقد أدى الاختلاف في القدرة على زيادة الإنتاج بالفعل إلى توترات داخل أوبك+. وأفادت مصادر أن السعودية تُفضل فكّ تخفيضات الإنتاج بنحو 800 ألف برميل يوميًا بنهاية أكتوبر. وفي اجتماعهم الأخير، أعربت روسيا ، إلى جانب عُمان والجزائر، عن دعمها لتعليق زيادة الإنتاج في يوليو.


الاقتصادية
منذ ساعة واحدة
- الاقتصادية
حرب إيران وإسرائيل .. ماذا قال خبراء لـ"الاقتصادية" بشأن النفط وتصريحات وكالة الطاقة؟
مع إعلان أمين عام منظمة "أوبك"، هيثم الغيص، أن مدير وكالة الطاقة الدولية "يبعث إنذارات كاذبة ويبث شعورا بالخوف" في سوق النفط العالمية، توجهت "الاقتصادية" إلى خبراء في قطاع الطاقة لاستطلاع آرائهم حيال دلالات هذه التصريحات. تأتي التصريحات في وقت تشهد فيه الأسواق توترات جيوسياسية متفاقمة، خصوصا في ظل المواجهة بين إسرائيل وإيران، وسط تساؤلات حول دور المنظمات الدولية في تشكيل المزاج العام للسوق، ومدى تأثر السياسات النفطية بالرسائل الإعلامية المتبادلة. تصريحات تزيد ضبابية الأسواق هنا قال لـ"الاقتصادية" مدير مركز معلومات ودراسات الطاقة في لندن مصطفى البزركان: "بالفعل ينطبق وصف أمين عام أوبك على تصريحات مدير وكالة الطاقة الدولية والتي تزيد ضبابية على مشهد أسواق النفط، خاصة حينما لوّح باتخاذ مواقف قد لا يكون لها تفسير إلا نشر القلق، إلى جانب ما تشهده الأسواق بعد الهجمات الإسرائيلية على إيران." أضاف "عودتنا وكالة الطاقة الدولية أن تطلق تصريحات أقرب إلى سياسية منها إلى اقتصادية، الهدف منها إثارة القلق والتشكيك بقرارات وإحصائيات وتوقعات منظمة أوبك ومجموعة أوبك+، لكن أوبك تمتلك ثقة الأسواق بشكل أكبر من وكالة الطاقة الدولية". وفيما يتعلق بجاهزية "أوبك+" لأي اضطرابات محتملة، قال البزركان "إن تأثر المعروض من النفط، وخاصة إذا تم منع النفط الإيراني، فإن منظمة أوبك ومجموعة أوبك+ لديها الإمكانيات لزيادة كميات معروضها من النفط الخام لتعويض عن النفط الإيراني في حال انقطاعه". الثقة العالمية تميل إلى "أوبك" من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" الكاتب المتخصص في شؤون الطاقة والصناعة، المهندس عماد الرمال، إن "أوبك تمثل الدول المنتجة للنفط، والثانية تمثل الدول المستهلكة للنفط، وجميع الأطراف ترغب في كسب الثقة العالمية من خلال دراساتها وتوقعاتها للطلب والعرض النفطي". أوضح، يبدو أن الثقة العالمية بدأت تميل لمصلحة منظمة أوبك، مع تقلص تأثير تصريحات وكالة الطاقة على نفسية المتداولين في بورصة النفط كما كانت سابقا، خاصة مع إعلان أوبك في 2022 وقف التعامل مع تقارير الإنتاج لوكالة الطاقة الدولية، بسبب تناقض تصريحاتها فيما يخص الاستثمار في حقول النفط. حول مصداقية وكالة الطاقة، قال الرمال "لعل طلب بعض أعضاء مجلس النواب الأمريكي التحقق في تضليل تقارير وكالة الطاقة الدولية المضللة يعكس تدهور الثقة العالمية في تقارير الوكالة". أما بشأن التهديد بالسحب من المخزونات، فذكر الرمال بأن "التهديد باستخدام احتياطات مخزونات النفط لدى الدول الأعضاء لوكالة الطاقة الدولية للتأثير في أسعار النفط مع ارتفاع الأسعار نتيجة الحرب القائمة بين إيران وإسرائيل حالياً لا يجدي نفعا، فقد حاولت إدارة بايدن سابقا استخدام هذا السلاح وقامت بالفعل بالسحب من مخزونات النفط إلا أنها فشلت في التأثير على الأسعار". أضاف أن "الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية تدرك تماما أن انخفاض مخزونات النفط الاحتياطية سيؤثر في أسعار النفط إيجابا نتيجة حاجة تلك الدول إلى التعويض لاحقا عن كميات النفط المسحوبة". النفط يسجل أعلى مستوياته منذ يناير وقفزت أسعار النفط في ختام تعاملات الجمعة، لتسجل أعلى مستوياتها منذ أواخر يناير، مدفوعة بتصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، ليستقر خام برنت عند 74.23 دولار للبرميل، مرتفعاً بنسبة 7.02%، بعد أن لامس خلال الجلسة 78.5 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 27 يناير. كما أغلق خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 72.98 دولار، مرتفعا 7.62%، بعدما بلغ 77.62 دولار أثناء التداول، مسجلا أعلى مستوى له منذ 21 يناير. وتعكس هذه القفزة المخاوف المتزايدة من احتمال تعطل الإمدادات النفطية من الشرق الأوسط، في ظل تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران، وهو ما أعاد رسم ملامح السوق وأعاد تسعير المخاطر الجيوسياسية لدى المستثمرين.