
الإرهاب سورياً: أمامنا… وراءنا… أم معنا؟
وتفسر حنه آرنت الإرهاب بإدخال المسألة الاجتماعية في سياسات ما بعد الثورات، وهي ترى أن الثورات ينبغي أن تكون سياسية حصراً وغايتها الوحيدة هي الحرية. فإذا أدخلت المسألة الاجتماعية، مثلما حدث في الثورتين الفرنسية والروسية، فرضت السلطات قواعد وإجراءات قسرية واعتمدت الترويع سياسة. وإنما لذلك كانت الثورة الأمريكية هي الثورة الحقيقية، أكثر من الفرنسية، لأن الأولى كانت سياسية حصراً حسب آرنت. الإرهاب الأحمر في الثورة الروسية لم يقض على الأرستقراطية فقط، وإنما على الحياة السياسية في البلد، وعلى السوفييتات قبل الجميع، وهذا لأن المسألة الاجتماعية كانت مركزية عند البلاشفة.
طرح آرنت ليس مقنعاً. هناك معالجات للمسألة الاجتماعية لم تقتض الإرهاب أو تؤدي إليه (ومنها دولة الرفاه المعاصرة(، وهناك إرهاب يمد جذوره في اعتبارات إيديولوجية ودينية وسياسية، غير متصلة بأي معالجات للمسألة الاجتماعية.
نقترح شيئاً أقرب إلى طرح هيغل حول فرض المجرد، لكن مع إضافة عنصر أساسي من فكر آرنت: البداية، الوضع الجديد، الواعد، لكن الذي لا نعرف كيف نتوجه ونفعل فيه، بخاصة حيال ما قد يعرض من مشكلات ومقاومات. وبما أننا نتكلم في شؤون سياسية عملية، أي في مجال الفعل (والكلام حسب آرنت، وهما معاً نشاطان اجتماعيان، فعل بشر على بشر وكلام بشر لبشر) فإن نداء الأفعال، الحسم بالأفعال، بل عبادة الأفعال، تصير شديد الإغراء. والوصلة الهيغلية تتمثل في أن كل الأفكار تبدو مجردة في مواجهة البدايات الجديدة، فليس هناك فكر بدايات، بل وحسب هيغل بالذات الفكر فكر نهايات، وبخاصة الفلسفة التي لا تأتي إلا عند الغسق. ولأن الماركسية اللينينية مذهب مكتمل، أي لا يحتمل الأمر المزيد من الكلام الجديد، فإنه لا يبقى غير التطبيق، وهذا باب لعُبّاد الفعل، «الفعلجيين»، أي للإرهاب.
هناك بداية كبيرة في سوريا، انقطاع لزمن وهياكل وعوائد تكيف معها السويون لسنوات وعقود، وبدء غير متوقع. فهل الإرهاب أمامنا؟ ليس حتماً الآن، بل ربما بعد عام أو عامين، أو في أي وقت؟ حكم الإرهاب لم يبدأ بعد الثورة الفرنسية مباشرة، بل بعدها بأربع سنوات تقريباً، واستمر لنحو عام شهد إعدام الألوف على المقصلة وتصفية قادة ثوريين لبعضهم. تحاول السطور التالية تقليب الأمر على وجوهه.
قبل كل شيء، هناك إرهاب وراءنا. تنحدر هيئة تحرير الشام من تراث السلفية الجهادية العدمي والإرهابي بالفعل، وهي لم تبدأ بأخذ مسافة منه إلا قبل سنوات. الجماعة يصدرون عن «علم كلي» لا يحتمل كلاماً جديداً، ولا يترك مجالاً لغير الفعل المحض. التراث المذكور شديد التجريد، ينحدر إلى مجتمعات المسلمين المعاصرة من أعمال مفكرين وفقهاء ومجاهدين إسلاميين عاشوا حيوات حرجة في أزمنة حرجة، مثل ابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب وأبو الأعلى المودودي وسيد قطب وعبد السلام فرج وغيرهم، على قطيعة مع تقاليد هذه المجتمعات وصور الإسلام التي عاشت بها وتعايشت معها. المنزع الإرهابي متأصل في إرادة فرض هذه المبادئ المجردة بالقوة، في ما يشكل بالفعل عملية أسلمة للمسلمين، تنزع ملكية الإسلام من أيديهم، وتفرض عليهم بدون أخذ وعطاء إسلامها الخاص، المجرد والخارجي والقطعي. تمر عملية نزع ملكية الدين هذه بالتكفير، وهو نوع من البدء من الصفر، إخراج المسلمين من دينهم قبل إدخالهم فيه من جديد، وإبقائهم تحت الرقابة. هذه قطيعة دينية تاريخية تستعيد ما مثّله الإسلام الأول من قطيعة في تاريخ العرب.
ليس كل إرهاب تكفيرياً بطبيعة الحال. هناك إرهاب وطني يستهدف المحتلين، بما في ذلك مدنيّوهم (هو إرهاب لأنه استهداف للمدنيين) وأباح الإرهاب الأحمر دم الأرستقراطيين والرأسماليين عبر تجريم طبقاتهم، وصولاً إلى جنون نزع الكولاك الستاليني (فلاحين ميسورين بعض الشيء). إلا أن كل تكفير إرهابي من حيث أنه يرتب إباحة الدم على الحكم بالكفر.
مشكلة هذه المناحي أن الاعتدال فيها ذاتي، اعتدال أشخاص، وليس اعتدال فكر وعدوله عن التكفير، ولا بالطبع ركوناً إلى الإسلام الاجتماعي المتكيف مع بيئاته
سارت ديناميكية التطور السياسي الديني في أوساط جماعة الهيئة في اتجاه يبتعد عن الجذر التكفيري الإرهابي، وفي مناح اعتدالية بعض الشيء. لكن مشكلة هذه المناحي أن الاعتدال فيها ذاتي، اعتدال أشخاص، وليس اعتدال فكر وعدوله عن التكفير، ولا بالطبع ركوناً إلى الإسلام الاجتماعي المتكيف مع بيئاته المختلفة. وهذا ما يبقيه ضعيفاً أمام المتطرفين حين قد تعرض أزمات كبيرة.
وقد عرضت أزمة كبيرة في الساحل قبل أشهر، ووجهت بعنف فائض، ساحق. عنف إرهابي من حيث أن أكثر ممارسيه يصدرون عن منظومة فكرية مجردة، تتعامل مع جميع غير المسلمين أو غير المسلمين القويمين وفقاً للمعتقد السلفي ككفرة مباحي الدم. وبينما قد يكون مشتطاً القول إن سوريا واقعة تحت حكم الإرهاب اليوم، فإن شبح الإرهاب يظل نشطاً، متربصاً، وله مواطئ أقدام ضمن التشكيل المسيطر الحالي.
وقد يفيد هنا أن نميز بين الإرهاب كأفعال تستهدف مدنيين غافلين، مثل الهجوم الانتحاري على كنيسة مار إلياس في الدويلعة في شهر حزيران الماضي، وبين الإرهاب كمنظومة من الصنف المتجسد في داعش، وهي الشكل الأكثر تجريداً وعدمية اجتماعية وتاريخية من الإرهاب الإسلامي، وكانت هيئة تحرير الشام أقرب لهذا النموذج قبل سنوات. هل قطعت معه جذرياً؟ القطعية الجذرية هي قطيعة مع القطيعة التي أخذت شكل التكفير العدمي منذ سبعينيات القرن العشرين. في هذا الشأن لا يبدو أن جماعة الهيئة مقبلون على القطيعة مع القطيعة التكفيرية، والمشكلة هنا تطال الفكر السياسي الإسلامي ككل، وليس المنحدرين من السلفية الجهادية حصراً. لكن يبدو الجميع شركاء فيما يدره التكفير من فاعلية ترهيبية رادعة.
اليوم، تبدو مخاطر إرهاب منظومي محدودة بفعل السعي المحموم من جماعة الهيئة للاندراج في النظام الإقليمي والدولي، بما يقتضيه ذلك من محاربة الإرهاب، وتحديداً داعش. منطق إعادة الإعمار وتوفير بيئة مناسبة للاستثمارات يتوافق مع منظومة مضادة للإرهاب بالأحرى لا مع إرهاب منظومي. أما الإرهاب كأفعال، بما فيها من قبل أفراد أو مجموعات منضوية ضمن تركيبة السلطة الحالية فيبقى ممكناً، وأمثلته «الفردية» لم تنقطع في الواقع. هنا يكمن التباس تركيبة السلطة الراهنة. فالمعتدون الإرهابيون في أمثلة كثيرة، آخرها وقع في الساحل قبل أيام، هم شركاء في الجذع الفكري التكفيري للهيئة بل من ضمن قواها المنظمة، والهيئة لا توفر أساساً فكرياً مقنعاً لتجريم هذه الأفعال. إدانتها سياسياً وتقرير حرمة دماء السوريين على بعضهم والتحذير من الفتنة، ومن الثأر والانتقام، مثلما فعل المفتي أسامة الرفاعي قبل شهرين، يبدو حديث سياسة، لا يخاطب مسألة التكفير، ولا يقول إن الدين لا يستقيم بالإكراه، وأن الناس كلهم أحرار فيما يعتقدون.
يبقى أن هناك اعتبارا حدثيا يتوافق مع بقاء باب الفعل المحض، الإرهاب، مفتوحاً، وهو يتمثل في إطلاق البدايات، التصرف كأننا حيال بدء مطلق، وأن ما بعد البداية «صفحة بيضاء» مثلما تكلم ماو تسي تونغ عن الصين، ودشن «الثورة الثقافية» التي أودت بملايين الصينيين. البلاشفة فكروا في ثورة أكتوبر كبدء مطلق لتاريخ مغاير. وقادة الثورة الفرنسية كانوا على وعي بعصر جديد، حتى أنهم اخترعوا تقويماً زمنياً عام 1792 واستمر العمل به 12 عاماً (ولبعض الوقت أثناء كومونة باريس 1871). وفي سوريا يفكر العهد الجديد بنفسه كذلك، ويشغل يوم 8/12/2024 موقع البداية المؤسسة. وما جرى من تسريح شامل للموظفين، يدل على إرادة بدء جديد للدولة، من الصفر هو الآخر. ويعطي الإعلان الدستوري للرئاسة الانتقالية موقع البادئ الكلي والمرجع الكلي.
ما غاب عن هذه البداية هو الكلام، النقاش المتكافئ القائم على الحجج. الصفة الهزلية للحوار الوطني في آذار الماضي تكثف موقع الكلام الدال في الزمن السوري الجديد. والكلام هو نصف السياسة، إن رجعنا إلى مفكرة البدايات. نصف السياسة الآخر، الفعل، ينحدر إلى إرهاب في غياب نصفها الأول.
كاتب سوري

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 17 ساعات
- العربي الجديد
تفجير كنيسة في دمشق ونقصان الأمن
تقع كنسية مار إلياس قبالة حيّ الدويلعة جنوبي دمشق، وفيه غالبية مسيحية وخليط متعدّد من الطوائف كافّة. الحيّ شعبي بامتياز، بيوته من طابقين أو ثلاثة في معظمها، وفيه كثافة سكّانية كبيرة، يعمل معظم قاطنيه في القطاع الحكومي، وقدم سكّانه المسيحيون من مدينتَي درعا والسويداء قبل عقود طويلة، وإلى جواره حيّ الطبالة، بمواصفات مشابهة. فجّر الإرهابي (تفيد تحقيقات أولية بأنه ينتمي إلى تنظيم داعش) نفسه داخل الكنسية، بعد نفاد طلقات بندقيته، فكانت الحصيلة كارثيةً؛ 22 شهيداً وأكثر من 60 جريحاً، وضرر كبير في البناء والأيقونات والأثاث. كانت العلاقات بين الطوائف في هذا الحي في أحسن أحوالها، تندُر فيه المشكلات الطائفية، وقد طرد شبابٌ من السُّنة قبل شهر سيّارةً كانت تدعو أهالي الحي إلى الإسلام، توقّفت أمام كنسية مار إلياس تحديداً، وهذا ينسجم مع تقاليد راسخة من التعايش القديم هنا، وكان ذلك رسالةً أهلية بالغة الأهمية، أن التغيّر في الحكم في سورية لا يغيّر من العلاقات بين الطوائف، وأن المسيحيين والسُّنة أبناء هذه البلاد، بغض النظر عن مفهومَي الأقلية والأكثرية، فيمكن للسُّنة أن يكونوا حماةً للمسيحيين وسواهم. المسيحيون الآن قلقون للغاية، والعلويون والدروز كذلك، وكثيرون من أبناء الطائفة السُّنية شعر السوريون المسيحيون، كما باقي الأقلّيات، بقلقٍ كثيرٍ على مستقبلهم، بعد أحداث الساحل والمجازر بحقّ السوريين العلويين، وكذلك المجازر بحقّ السوريين الدروز، لا سيّما في أشرفية صحنايا. سكّان صحنايا في الأصل مسيحيون، بينما سكن الدروز الأشرفية التي يسكنها اليوم خليط من الطوائف والقوميات السورية. ولم تشعر الأقليات فقط بالقلق والاستياء، بل كذلك السُّنة، فالأيديولوجيا السلفية للسلطة لا تتطابق مع الإسلام المعتدل، الذي يتبنّاه معظم السُّنة في سورية. الشعور بالقلق هو من طبيعة المراحل الانتقالية، فالنظام لم يستقرّ بعد. ولكن، حين ترتبط هذه المرحلة بالخوف من أيديولوجية الحكم ومن المستقبل، تصبح لدينا إشكالية عقائدية تتعلّق بالابتعاد عن الهُويَّة الوطنية، وبالتالي، على الحكم إعادة تعريف نفسه ممثلاً وطنياً. وتأتي هذه العملية الإجرامية تهديداً للسلم الأهلي. وبالتالي، رسالة إلى الداخل السوري بأكمله. من الصواب أن تعلن السلطة الحاكمة الحداد الوطني، لتكون رسالة إلى العالم، وإلى السوريين، وللتيّار السلفي الجهادي ذاته (ينتسب كثيرون من أتباعه إلى جهازَي الأمن والجيش، ويعملون في إدارات الدولة كافّة)، إن المسيحيين جزء من الشعب السوري، وإن التعايش السلمي الذي يتضمّن الاعتراف بهم مسألة غير قابلة للنقاش. كما هي رسالة إلى المسيحيين القلقين الخائفين أن ما حصل لا يمسّهم وحدهم، بل يهدّد السوريين كافّة. لا يشعر السوريون المسيحيون بأن السلطة تحميهم، وحالهم هذا يشبه حال كثيرين من الأقلّيات، بل هو شعور السُّنة أيضاً وإن بدرجة أقلّ. هناك أسباب كثيرة للشعور بالقلق وعدم الاستقرار: غياب فرص العمل وتراجع مستويات المعيشة، وتأخّر البدء بإعادة الإعمار وبطء تدفّق الأموال إلى داخل البلاد، وطرد أعداد هائلة من العمل، وحلّ الجيش وجهاز الشرطة. أمّا أيديولوجية السلطة وتوجّهاتها السلفية فهي سبب مركزي للقلق العام؛ وقد صرّح رجال دين مسيحيون بعد التفجير إن الدولة لا تحميهم. ومع هذه العملية الإجرامية، سيتضاعف القلق، وسيكون هناك توجّه نحو الهجرة، وزادت الطين بِلّةً تصريحات غير مسؤولة من إعلاميي السلطة، إن منفّذي العملية (ومن خلفها)، هم "داعش" وفلول النظام وإيران، بدلاً من الاكتفاء بـ"داعش"، كما ذكرت تحقيقات وزارة الداخلية، التي أعلنت البدء بتحقيقات واسعة ودقيقة للوصول إلى الأطراف التي أعدّت للعملية ونفّذتها. ينتقد أغلبية السوريين (ومنهم المسيحيون) السلطة لأنها لا تبدي حزماً جادّاً تجاه الفصائل والمجموعات المتطرّفة، وأن هناك عدة حوادث أمنية ضدّ الكنائس المسيحية في حمص وحماة وحلب ودمشق، وبلدة مشتى الحلو وسواها. ولم تعلن السلطة محاكمة أيّ فردٍ ارتكب انتهاكات، بل تُلاحَظ سرعة إطلاق سراح متهمين. مرّت ستّة أشهر، ولا يزال التهاون مستمرّاً. وتنبّه أوساط السلطة إلى أنها منعت عمليات انتحارية عديدة في الأشهر الماضية، وتؤكد تقارير أن تنظيم داعش أرسل أفراداً منه إلى داخل المدن السورية، والعملية في الدويلعة تأتي ضمن هذا المناخ. ضبط مسألة الأمن أحد المداخل للاستقرار، وكذلك تطبيق العدالة الانتقالية، وينبغي انتهاج سياسة إعلامية وطنية بعيداً من تسييس قضية الأقلّيات والأكثرية. السلطة معنية بشكل جادّ بالانتقال إلى سياسات وطنية، والكفّ عن تصوير نفسها ممثلةً للطائفة السُّنية، بينما يراها أغلبية السوريين ممثّلة لهيئة تحرير الشام وحلفائها، وتتحكّم بكل إدارات الدولة. لا بدّ من إطلاق الحريات العامة وحرية تشكيل الأحزاب والنقابات، والتخلّص من الأيديولوجية السلفية مرجعيةً للسلطة تخطئ السلطة كثيراً بتأخّرها في الانتقال إلى سياسات وطنية، وفي عدم تطبيق مبدأ فصل للسلطات والعمل المؤسّساتي، وفي عدم تفعيل القضاء والحفاظ على استقلاليته، وتُنتقد لغياب الشفافية في إدارة الدولة، وفي التوظيف، وفي الاتفاقات الاقتصادية مع الشركات الخارجية. تُخطئ كذلك في استمرار إقامة الدورات الشرعية داخل جهازّي الجيش والأمن، والتي تستبعد مباشرةً الأقلّيات أو غير المؤمنين من الجهازين، وتخطئ كذلك في الاعتماد على رجال الدين السلفيين المتشدّدين فيهما تاركة لهم القرار النهائي تجاه أيّ مشكلة تواجه المواطنين، بينما تقتضي المرحلة الانتقالية الاعتماد على شخصياتٍ وطنيةٍ وعلى تفعيل القضاء. يتأكّد المُراقب لنقد السوريين في الداخل والخارج للشأن العام من رغبتهم في المشاركة بإنهاض الدولة، والحفاظ على وحدتها، ورفض التدخّل الخارجي، بل دعم السلطة لتتبنّى سياسات وطنية وممثّلة للجميع. المسيحيون الآن قلقون للغاية، والعلويون والدروز كذلك، وكثيرون من أبناء الطائفة السُّنية. على السلطة أن تقرأ هذا القلق الذي يستتبعه النقد دعماً لها، لا عدائيةً تجاهها. ولا بدّ من ضبط الأمن والإسراع في تطبيق العدالة الانتقالية، ولا غنى للسلطة عن الثقة بالشعب وإشراكه في تمثيل نفسه في مؤسّسات الدولة، والتخلّي عن سياسات التعيين، آخرها تعيين شخصيات تشكّل مجلساً للشعب. ولا بدّ من إطلاق الحريات العامة وحرية تشكيل الأحزاب والنقابات، والتخلّص من الأيديولوجية السلفية مرجعيةً للسلطة. إن الأخذ بهذه القضايا وتناولها إعلامياً، والتوقف عن تحويل الأعلام منصّةً تعادي منتقدي السلطة وسياساتها، سيساعد في إعادة الثقة بالسلطة، ويضمن نجاح المرحلة الانتقالية.


القدس العربي
منذ 20 ساعات
- القدس العربي
ماكرون والآغا خان الخامس يوقّعان اتفاقية لدعم العملية الانتقالية في سوريا
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصافح آغا خان الخامس لدى وصوله إلى قصر الإليزيه في باريس باريس: وقّع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وآغا خان الخامس، إمام الشيعة الإسماعيليين، الجمعة اتفاقيات لدعم العملية الانتقالية في سوريا، وإعادة إعمار إقليم مايوت الفرنسي الذي دمره إعصار في كانون الأول/ ديسمبر. يرمي التعاون في سوريا إلى تلبية الاحتياجات الطارئة للشعب السوري في مجالات الصحة والتعليم والطاقة، بالإضافة إلى ترميم التراث بعد حرب استمرت 14 عاما. وشدّد مصدر دبلوماسي فرنسي على أن التعاون سيساعد في 'استقرار سوريا' في إطار 'عملية انتقالية سلمية وشاملة'، بما يصب في مصلحة كل مكونات المجتمع السوري. أُطيح رئيس النظام السوري بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 في هجوم خاطف شنّه تحالف فصائل معارضة مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام الإسلامية التي تتولى السلطة حاليا في دمشق. لكن الحكومة الجديدة تواجه صعوبات في بسط سلطتها على كامل أراضي البلاد، بسبب وجود فصائل مسلّحة مختلفة الولاءات. يعيش في سوريا نحو 200 ألف إسماعيلي لديهم شبكة مراكز صحية ويستفيدون من دعم في ثمانية مستشفيات، ومدارس ومشروع جامعي. ووقعت فرنسا اتفاقية مع شبكة الآغا خان للتنمية لإعادة إعمار مايوت والتعاون في المحيط الهندي، وفق الإليزيه. تشمل الاتفاقية مجالات على غرار حماية البيئة، والزراعة، وإدارة المياه والنفايات. قضى 40 شخصا في الإعصار شيدو الذي ضرب جزيرة مايوت حيث تسبب بأضرار تقدّر بـ3,5 مليارات يورو في الإقليم الفرنسية الأكثر فقرا والواقع في المحيط الهندي. خلف رحيم الحسيني في شباط/ فبراير والده الآغا خان الرابع الذي توفي في لشبونة عن عمر ناهز 88 عاما والذي كان صاحب ثروة طائلة وناشطا في العمل الخيري. في لشبونة أنشأ الآغا خان الرابع في العام 2015 مقرا عالميا للشيعة الإسماعيليين. وأسس الآغا خان الرابع شبكة الآغا خان للتنمية وهي مؤسسة ضخمة تقول إنها توظّف 96 ألف شخص حول العالم وتموّل برامج تنموية، خصوصا في آسيا وأفريقيا. (أ ف ب)


القدس العربي
منذ 2 أيام
- القدس العربي
الأزهر يصف 'أئمة أوروبيين' زاروا إسرائيل بـ'فئة ضالة'
القاهرة: استنكر الأزهر الشريف في مصر، الخميس، 'بشدة' زيارة أجراها لإسرائيل مؤخرا أفراد وصفوا أنفسهم بـ'أئمة أوروبيين'، واصفا المشاركين فيها بأنهم 'فئة ضالة لا تمثل الإسلام والمسلمين'. والاثنين الماضي، قال مكتب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في بيان، إن الأخير استقبل في مكتبه بالقدس الغربية 'أئمة وقادة في الجالية المسلمة من فرنسا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا والمملكة المتحدة'. وادعى أن الوفد، الذي ترأسه حسن شلغومي، 'ضم شخصيات إسلامية بارزة جاءت إلى إسرائيل لنشر رسالة السلام والتعايش والشراكة بين المسلمين واليهود، وبين إسرائيل والعالم الإسلامي'. وتعقيبا على الزيارة، قال الأزهر الشريف، إنه 'تابع باستياء بالغ زيارة عدد ممن وصفوا أنفسهم بالأئمة الأوروبيين بقيادة المدعو حسن شلغومي، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولقاء رئيس الكيان الصهيوني المحتل، وحديثهم المشبوه والخبيث عن أن الزيارة تهدف إلى ترسيخ التعايش والحوار بين الأديان'. واعتبر في بيان نشره على فيسبوك، أن هؤلاء الأئمة المزعومين بزيارتهم 'ضربوا صفحا عن معاناة الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية وعدوان غير مسبوق ومجازر ومذابح وقتل متواصل للأبرياء لأكثر من 20 شهرا'. وأضاف أنه 'يستنكر بشدة هذه الزيارة، التي أجراها أشخاص عَمِيت أبصارهم وبصائرهم، وتبلدت مشاعرهم عما يقاسيه هذا الشعب (الفلسطيني) المنكوب، وكأنهم لا تربطهم بهذا الشعب أية أواصر إنسانية أو دينية أو أخلاقية'. وحذر الأزهر 'من هؤلاء وأمثالهم من المأجورين المفرطين في قيمهم الأخلاقية والدينية'، معتبرا أن 'أمثال هؤلاء عادة ما ينتهي بهم تاريخهم وصنيعهم إلى صفحات التاريخ السوداء'. (الأناضول)