logo
الخرسانة الرومانية... احتمالية حل مستدام وصديق للبيئة

الخرسانة الرومانية... احتمالية حل مستدام وصديق للبيئة

العربي الجديدمنذ 4 أيام
في ظلّ السباق العالمي نحو الحدّ من انبعاثات الكربون، بدأ العلماء بالبحث عن حلول مستدامة حتّى في الأماكن غير المتوقعة. واحدة من هذه المحاولات تأخذنا في رحلة إلى الماضي، إلى عهد الإمبراطورية الرومانية، إذ شُيّدت القنوات والجسور والمباني باستخدام نوع من الخرسانة التي لا تزال قائمة منذ أكثر من ألفي عام.
وفي دراسة جديدة نشرت في 30 يوليو/ تموز الماضي في مجلة iScience، حلّل فريق من الباحثين إمكانية استخدام وصفات الخرسانة الرومانية القديمة بديلاً أكثر استدامة للخرسانة الحديثة، التي تسهم حالياً بنحو 8% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناتجة عن النشاط البشري، إلى جانب 3% من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم. تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة دانييلا مارتينيز (Daniela Martinez)، الأستاذة المشاركة في الهندسة البيئية في جامعة الشمال في كولومبيا: "عندما ندرس الخرسانة الرومانية، نحن لا نبحث في
ماضٍ معماري مدهش
فحسب، بل نحاول أن نستخرج منه دروساً في الاستدامة يمكن أن تغيّر طريقة بنائنا للعالم المعاصر". وتضيف الباحثة في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "الاستدامة لا تتعلق بتقليل الانبعاثات فحسب، بل أيضاً بإطالة عمر المواد التي نستخدمها في البناء، إذ إنّ المتانة هي جزء لا يتجزأ من الحل".
يعتمد كل من الخرسانتين الحديثة والرومانية على الحجر الجيري مكوناً أساسياً، إذ يسخن الحجر الجيري على درجات حرارة عالية ليتحلّل إلى ثاني أكسيد الكربون وأكسيد الكالسيوم، لكن الفارق بينهما يكمن في المكونات الإضافية، إذ استخدم الرومان مزيجاً من الرماد البركاني المعروف باسم بوزولان، مع بقايا الأحجار وركام من مبانٍ مهدّمة، ما أعطاهم خرسانة قوية قادرة على الصمود لقرون. أما الخرسانة الحديثة، فتعتمد على مزج الأسمنت مع الرمل والحصى فقط، ما يجعلها أكثر عرضة للتآكل والتلف مع مرور الوقت.
في المقارنة بين الوصفات القديمة والحديثة، استخدم الفريق البحثي نماذج تحليلية لتقدير كمية المواد الخام والطاقة اللازمة، إضافةً إلى
حجم الانبعاثات
الناتجة، وكانت المفاجأة أن إنتاج الخرسانة الرومانية، عند استخدام تقنيات الإنتاج الحديثة، يُصدر كميات مماثلة من ثاني أكسيد الكربون، بل وأحياناً أكثر، مقارنة بالخرسانة الحديثة.
وتوضح مارتينيز هذه النتيجة بقولها: "لقد صدمنا. كنا نظن أن العودة إلى الوصفات القديمة ستقلّل من الانبعاثات، لكن تبين أن استخدام نفس درجات الحرارة العالية وطرق الإنتاج الحديثة يقضي على هذا الفرق. لا يمكننا أن نحصل على الاستدامة من خلال تغيير الوصفة فحسب، بل علينا التفكير أيضاً في طريقة التصنيع".
علوم وآثار
التحديثات الحية
الانبعاثات الحرارية: فقدان وجبة يومياً مع كل درجة حرارة إضافية
رغم ذلك، كشفت الدراسة عن مزايا أخرى لخرسانة الرومان، إذ أظهرت النماذج أن الانبعاثات الأخرى الضارة مثل أكاسيد النيتروجين والكبريت، التي تسبب مشاكل صحية خطيرة، كانت أقل بكثير في الخرسانة الرومانية، بنسبة تراوحت بين 11% و98%، خاصّة عند استخدام مصادر طاقة متجدّدة.
لكن الجانب الأهم، حسب الدراسة، يتمثل في متانة الخرسانة الرومانية؛ فبينما تحتاج الطرق والجسور الحديثة إلى صيانة دورية وتبديل كل بضع سنوات، فإن الأبنية الرومانية صمدت لقرون. تقول مارتينيز: "عندما نأخذ في الاعتبار عمر الاستخدام، تصبح الصورة أوضح. الخرسانة التي تدوم لعقود طويلة توفر في النهاية طاقة وموارد كانت ستستخدم لإنتاج بدائل وصيانة متكررة".
وتضيف الباحثة أنّه في الحالات التي يمكن فيها إطالة عمر الاستخدام وتقليل الحاجة إلى تصنيع مواد جديدة، فإنّ الخرسانة المتينة "لديها قدرة واضحة على تقليل الأثر البيئي". ورغم ذلك، حذر الباحثون من التسرّع في تبني الخرسانة الرومانية من دون اعتبار للاختلافات؛ ف
المباني الحديثة
تستخدم القضبان الفولاذية لزيادة القوة، بينما لم يكن الرومان يفعلون ذلك؛ ويمثّل تآكل الحديد السبب الأول في تدهور الخرسانة الحديثة. وتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة إنّ "المقارنة يجب أن تجري بحذر شديد. هناك فروق جوهرية في التصميمات والمواد، فالرومان لم يواجهوا مشكلة صدأ الحديد، وهي اليوم السبب الأول في تآكل الخرسانة".
وتشير مارتينيز إلى تطلع الفريق البحثي إلى مواصلة المقارنة بين أنواع الخرسانة المختلفة من ناحية الأداء وطول العمر، في ظروف مناخية واستخدامات متنوعة، بهدف الوصول إلى حلول عملية لمستقبل البناء.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الخرسانة الرومانية... احتمالية حل مستدام وصديق للبيئة
الخرسانة الرومانية... احتمالية حل مستدام وصديق للبيئة

العربي الجديد

timeمنذ 4 أيام

  • العربي الجديد

الخرسانة الرومانية... احتمالية حل مستدام وصديق للبيئة

في ظلّ السباق العالمي نحو الحدّ من انبعاثات الكربون، بدأ العلماء بالبحث عن حلول مستدامة حتّى في الأماكن غير المتوقعة. واحدة من هذه المحاولات تأخذنا في رحلة إلى الماضي، إلى عهد الإمبراطورية الرومانية، إذ شُيّدت القنوات والجسور والمباني باستخدام نوع من الخرسانة التي لا تزال قائمة منذ أكثر من ألفي عام. وفي دراسة جديدة نشرت في 30 يوليو/ تموز الماضي في مجلة iScience، حلّل فريق من الباحثين إمكانية استخدام وصفات الخرسانة الرومانية القديمة بديلاً أكثر استدامة للخرسانة الحديثة، التي تسهم حالياً بنحو 8% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناتجة عن النشاط البشري، إلى جانب 3% من إجمالي استهلاك الطاقة في العالم. تقول المؤلفة الرئيسية للدراسة دانييلا مارتينيز (Daniela Martinez)، الأستاذة المشاركة في الهندسة البيئية في جامعة الشمال في كولومبيا: "عندما ندرس الخرسانة الرومانية، نحن لا نبحث في ماضٍ معماري مدهش فحسب، بل نحاول أن نستخرج منه دروساً في الاستدامة يمكن أن تغيّر طريقة بنائنا للعالم المعاصر". وتضيف الباحثة في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "الاستدامة لا تتعلق بتقليل الانبعاثات فحسب، بل أيضاً بإطالة عمر المواد التي نستخدمها في البناء، إذ إنّ المتانة هي جزء لا يتجزأ من الحل". يعتمد كل من الخرسانتين الحديثة والرومانية على الحجر الجيري مكوناً أساسياً، إذ يسخن الحجر الجيري على درجات حرارة عالية ليتحلّل إلى ثاني أكسيد الكربون وأكسيد الكالسيوم، لكن الفارق بينهما يكمن في المكونات الإضافية، إذ استخدم الرومان مزيجاً من الرماد البركاني المعروف باسم بوزولان، مع بقايا الأحجار وركام من مبانٍ مهدّمة، ما أعطاهم خرسانة قوية قادرة على الصمود لقرون. أما الخرسانة الحديثة، فتعتمد على مزج الأسمنت مع الرمل والحصى فقط، ما يجعلها أكثر عرضة للتآكل والتلف مع مرور الوقت. في المقارنة بين الوصفات القديمة والحديثة، استخدم الفريق البحثي نماذج تحليلية لتقدير كمية المواد الخام والطاقة اللازمة، إضافةً إلى حجم الانبعاثات الناتجة، وكانت المفاجأة أن إنتاج الخرسانة الرومانية، عند استخدام تقنيات الإنتاج الحديثة، يُصدر كميات مماثلة من ثاني أكسيد الكربون، بل وأحياناً أكثر، مقارنة بالخرسانة الحديثة. وتوضح مارتينيز هذه النتيجة بقولها: "لقد صدمنا. كنا نظن أن العودة إلى الوصفات القديمة ستقلّل من الانبعاثات، لكن تبين أن استخدام نفس درجات الحرارة العالية وطرق الإنتاج الحديثة يقضي على هذا الفرق. لا يمكننا أن نحصل على الاستدامة من خلال تغيير الوصفة فحسب، بل علينا التفكير أيضاً في طريقة التصنيع". علوم وآثار التحديثات الحية الانبعاثات الحرارية: فقدان وجبة يومياً مع كل درجة حرارة إضافية رغم ذلك، كشفت الدراسة عن مزايا أخرى لخرسانة الرومان، إذ أظهرت النماذج أن الانبعاثات الأخرى الضارة مثل أكاسيد النيتروجين والكبريت، التي تسبب مشاكل صحية خطيرة، كانت أقل بكثير في الخرسانة الرومانية، بنسبة تراوحت بين 11% و98%، خاصّة عند استخدام مصادر طاقة متجدّدة. لكن الجانب الأهم، حسب الدراسة، يتمثل في متانة الخرسانة الرومانية؛ فبينما تحتاج الطرق والجسور الحديثة إلى صيانة دورية وتبديل كل بضع سنوات، فإن الأبنية الرومانية صمدت لقرون. تقول مارتينيز: "عندما نأخذ في الاعتبار عمر الاستخدام، تصبح الصورة أوضح. الخرسانة التي تدوم لعقود طويلة توفر في النهاية طاقة وموارد كانت ستستخدم لإنتاج بدائل وصيانة متكررة". وتضيف الباحثة أنّه في الحالات التي يمكن فيها إطالة عمر الاستخدام وتقليل الحاجة إلى تصنيع مواد جديدة، فإنّ الخرسانة المتينة "لديها قدرة واضحة على تقليل الأثر البيئي". ورغم ذلك، حذر الباحثون من التسرّع في تبني الخرسانة الرومانية من دون اعتبار للاختلافات؛ ف المباني الحديثة تستخدم القضبان الفولاذية لزيادة القوة، بينما لم يكن الرومان يفعلون ذلك؛ ويمثّل تآكل الحديد السبب الأول في تدهور الخرسانة الحديثة. وتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة إنّ "المقارنة يجب أن تجري بحذر شديد. هناك فروق جوهرية في التصميمات والمواد، فالرومان لم يواجهوا مشكلة صدأ الحديد، وهي اليوم السبب الأول في تآكل الخرسانة". وتشير مارتينيز إلى تطلع الفريق البحثي إلى مواصلة المقارنة بين أنواع الخرسانة المختلفة من ناحية الأداء وطول العمر، في ظروف مناخية واستخدامات متنوعة، بهدف الوصول إلى حلول عملية لمستقبل البناء.

تونس: مشروع واعد لتقليص البصمة الكربونية للصيد البحري
تونس: مشروع واعد لتقليص البصمة الكربونية للصيد البحري

العربي الجديد

time٠٨-٠٨-٢٠٢٥

  • العربي الجديد

تونس: مشروع واعد لتقليص البصمة الكربونية للصيد البحري

يواجه قطاع الصيد البحري في تونس انتقادات بشأن بصمته الكربونية، ويشكل المشروع المدعوم من الصندوق العالمي للطبيعة بقيمة 250 ألف يورو، نموذجاً للحد من الانبعاثات والانتقال نحو محركات كهربائية أقل تلوثاً. بدأت تونس خطوات أولية باتجاه تقليص البصمة الكربونية في قطاع الصيد البحري بدعم من الصندوق العالمي للطبيعة الذي اختار خليج قابس (جنوب شرق تونس) لتنفيذ أول مشروع في شمال أفريقيا، للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من أسطول الصيد عبر تحفيز الصيادين على الانتقال نحو المحركات الكهربائية الأقل تلوثاً . ومؤخراً، أعلن المكتب الإقليمي للصندوق العالمي للطبيعة الدخول في شراكة مع السلطات التونسية بهدف تحديث أسطول الصيد واعتماد تقنيات موفرة للطاقة، وتشجيع الصيد التقليدي المستدام. ويواجه قطاع الصيد البحري في تونس انتقادات متزايدة بشأن بصمته الكربونية وتأثيره على البيئة البحرية والتوازن البيئي في المجتمعات الساحلية. كما تشير تقارير خبراء في البيئة والمناخ إلى أن قطاع الصيد البحري يُعدّ من بين الأنشطة الاقتصادية التي تسهم، ولو بنسب متفاوتة، في انبعاثات غازات الدفيئة، سواء عبر استهلاك الوقود الأحفوري في مراكب الصيد، أو من خلال أنشطة نقل الأسماك وتخزينها وتبريدها. ويقول مسؤول برنامج المصائد السمكية في الصندوق العالمي للطبيعة بشمال أفريقيا، حمادي الماجري، إن الصندوق اختار تونس لتنفيذ أول مشروع للانتقال الطاقي في الصيد البحري، مؤكداً أن قطاع الصيد البحري ككل القطاعات الاقتصادية ملوّث، ويحتاج إلى خطط للحد من تأثيراته على البيئة. ويكشف الماجري أن معدل الانبعاثات الكربونية الناجمة عن قطاع الصيد البحري يُقدّر سنوياً بـ 55 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون بمعدل انبعاث 6.55 أطنان عن كل وحدة صيد. تحقيق متعدّد الوسائط عصابات الصيد التونسية... تجريف قاع البحر وتدمير بيئته وتشير إحصائيات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إلى أن عدد مراكب الصيد البحري في تونس تجاوز 12 ألف مركب، من بينها 8400 مركب صيد ساحلي، وهي تستخدم بشكل رئيسي محركات تعمل بواسطة مادة المازوت (السولار)، ما يجعلها مصدراً غير مباشر للتلوث الكربوني. ويشير المسؤول في الصندوق العالمي للطبيعة إلى أن المحركات الكهربائية ستساعد في تقليص انبعاث الغازات التي تسببها مراكب الصيد وتحسّن نوعية الحياة في المناطق الساحلية. ويوضح أن الصندوق خصص في مرحلة التجربة اعتمادات بنحو 250 ألف يورو لتنفيذ التجربة النموذجية في خليج قابس، على أن يتم لاحقاً توسعتها بناء على التقييمات التي ستظهر مدى استجابة الصيادين واستخدامهم وسائل الطاقة النظيفة. وحول تفاصيل المشروع، يبيّن الماجري أن كراسات الشروط ستُعدّ لتحديد نوعية المحركات الأكثر استجابة لمتطلبات قطاع الصيد التونسي، كما سيتم إنشاء محطات شحن بطاريات في الموانئ تعتمد الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية. ويؤكد ضرورة استغلال إمكانيات الطاقة الشمسية المتاحة في تونس لتحفيز الانتقال الطاقي للقطاعات المتسببة بالانبعاثات الكربونية. ويلفت المتحدث نفسه إلى أن الصندوق يتطلع عبر هذا المشروع إلى إثبات الجدوى التقنية والمالية لتركيب المحركات الكهربائية الشمسية في خليج قابس، وتقليص التكاليف التشغيلية والبصمة الكربونية لقطاع الصيد الحرفي. كما يهدف المشروع إلى ترويج آلية تمويل ذاتي قابلة للتوسع وحشد الدعم المؤسسي والخاص من أجل تعزيز قدرات الصيادين والمؤسسات المعنية في مجالات إزالة الكربون والطاقة النظيفة. الأثر الكربوني لقطاع الصيد يطاول البيئة البحرية، جزر قرقنة، 8 أغسطس 2024 (محمد خليل/فرانس برس) ويُجمع المتخصصون على أن الأثر الكربوني لقطاع الصيد لا يقتصر على الغلاف الجوي، بل يمتد إلى البيئة البحرية نفسها، حيث تساهم أنشطة الصيد غير المستدامة في الإخلال بالنظم البيئية البحرية، وتدهور الشعاب المرجانية، وتناقص التنوع البيولوجي البحري، إلى جانب التلوث الناتج عن مخلفات المحركات والمعدات المهملة. كما تعمل بعض الجمعيات البيئية بالتعاون مع منظمات دولية على توعية البحّارة بأهمية خفض الانبعاثات الكربونية، وتبنّي ممارسات صديقة للبيئة، مثل استخدام الشباك الانتقائية وتقليص وقت الإبحار. رغم هذه المبادرات، يؤكد الناشط البيئي حسام حمدي، لـ"العربي الجديد" أن الجهود المبذولة في قطاع الصيد البحري ما زالت غير كافية، مشدداً على ضرورة وضع خطة وطنية واضحة للحد من البصمة الكربونية للقطاع، تشمل تشجيع استعمال الطاقة الشمسية في الموانئ، وتقديم حوافز للبحّارة لتجديد مراكبهم، وفرض رقابة صارمة على أنشطة الصيد العشوائي. ويقترح إدماج الصيد البحري في الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال جمع البيانات الدقيقة وتطوير آليات الرصد البيئي المستمر. تنتج تونس غالبية انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من خلال صناعات مختلفة. ففي العام 2022، سبّب إنتاج الكهرباء والحرارة 32.5% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والصناعة بـ 18.3%، وقطاع النقل بـ 30.8%، والمناطق السكنية بـ 8.8%، والزراعة بنحو 4%. وتُعدّ تونس من البلدان الأكثر تضرراً في حوض المتوسط من تأثيرات التغيرات المناخية رغم تصنيفها ضمن الدول الأقل إنتاجاً للغازات الدفيئة. وتخطط تونس لوضع شروط مؤاتية تتيح بدء برنامج تسعير الكربون لدعم سياسة انتقال الطاقة والتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة. وتُعتبر آليات تسعير الكربون من الأدوات الرئيسية لتشجيع الاستثمار في تدابير كفاءة الطاقة ومشاريع الطاقة المتجددة، ولا سيما في المناطق التي تمتلك أكبر إمكانيات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.

حفر الإذابة في عُمان.. عجائب طبيعية في قلب جبال ظفار
حفر الإذابة في عُمان.. عجائب طبيعية في قلب جبال ظفار

العربي الجديد

time٠٧-٠٨-٢٠٢٥

  • العربي الجديد

حفر الإذابة في عُمان.. عجائب طبيعية في قلب جبال ظفار

تتوارى حفر الإذابة في سلطنة عمان ، وهي فجوات عملاقة لا يعرف كثيرون بوجودها أو أصلها، في قلب الجبال الخضراء لمحافظة ظفار حيث يعانق الضباب الكثيف الصخور الجيرية، وتُنسج حولها روايات مختلفة. على بُعد نحو عشرين دقيقة بالسيارة من وادي دربات، إحدى أكثر وجهات ظفار السياحية ازدحاماً، تختبئ إحدى تلك الحفر المثيرة للدهشة، ومع ذلك لا يرتادها إلا قليل من الزوار، ممن يفتّشون عن عجائب الطبيعة الخفية. ويقول عبد السلام صواخرون (47 عاماً)، وهو مرشد سياحي من ظفار، مشيراً إلى الفوهة الواسعة للحفرة المسمّاة "إذابة شيحيت"، إن عمقها يمتد بين 45 و75 متراً، وقطرها بين 120 و60 متراً. ويشير إلى أن الروايات الشعبية المتداولة تعتقد بأن "إذابة شيحيت" حدثت "بسبب نيزك ". لكن التفسير العلمي يستند إلى عوامل طبيعية وجيولوجية اجتمعت في مكان واحد حتى تكوّنت تلك الفجوات على مدى آلاف السنين. ويقول الباحث في الجيولوجيا، علي فرج الكثيري، ولديه أيضاً مؤلفات عن النيازك، إن الحفر الموجودة في الجبال والمسماة حفر الإذابة أو الحفر الانهيارية "ليست نتيجة لاصطدام النيازك". ويوضح أنه من الناحية الجيولوجية، هناك ثلاثة عوامل رئيسية لتكوّن حفر الإذابة "كلها موجودة في محافظة ظفار". وتُختصر في تخلّل المياه في الشقوق أو عبر المسامات الصخرية حاملة معها ثاني أكسيد الكربون الذي يتفاعل ليتكوّن حمض مخفّف (كاربونيك آسيد) يذيب الصخور الجيرية عبر الشقوق، فتتوسع الحفر وتصير كهوفاً أو مغارات كبيرة مع استمرار هذه الوتيرة لآلاف السنين. وعلى بُعد نحو ثلاثين دقيقة بالسيارة شرق شيحيت، تقع حفرة "طوي اعتير" التي تُعد من أشهر الحفر في المنطقة، إذ وضعت فيها سلالم تتيح للزوار الاقتراب من الفوهة والتجوّل جزئياً حولها والتقاط صور. و"شيحيت" و"طوي اعتير" اثنتان من أربع حفر إذابة تتوزع في محافظة ظفار في جنوب سلطنة عمان بين جبال تلفّها رطوبة الضباب وتكسوها خضرة كثيفة، إلى جانب الحفرتين الأخريين وهما "كهف طيق" و"شعت". ويوضح الكثيري أن هذه هي الحفر "الموثقة رسمياً حالياً في ظفار، والتي دُرِست ونَزَلت إليها فِرَق علمية وبحثية". ويقول الكثيري إن حفرة "كهف طيق" أكبرها، بل "من بين الأكبر على مستوى العالم". ويبلغ قطرها 150 متراً فيما يصل عمقها إلى 211 متراً، وفق أرقام وزارة الإعلام العمانية. حول العالم التحديثات الحية صيف تركيا: الشلالات والشواطئ والجبال ملاذاً أخيراً خريف حفر الإذابة وخيالها حوّلت ضخامة وفرادة تلك الحفر هذه الأماكن من مجرد ظواهر جيولوجية إلى مساحات مفتوحة للخيال الشعبي. ويُقال إن اسم "طوي اعتير" يعود إلى بئر الطيور بلغة محلية يتحدثها أهالي جبال ظفار، في وصف للفجوة العميقة التي تحلّق حولها وداخلها الطيور، فتملأ المكان بالأصداء. ويكسو الخضار هذه الحفر التي تنبض بالحياة، وفق صواخرون الذي يشير إلى أن المياه تجري في أعماق "إذابة شيحيت" وتستوطنها كائنات حيّة، مثل الطيور والزواحف، إلى جانب حيواني النيص والربّاح. وفي موسم خريف ظفار الممتد من أواخر يونيو/حزيران حتى سبتمبر/أيلول، والذي لا يشبه سواه في دول الخليج الصحراوية، تهطل أمطار خفيفة متواصلة تشبه الرذاذ، لتكسو الجبال بغطاء نباتي كثيف غير بعيد عن مناطق صحراوية. وعلى حسب تقلبات الطقس وساعات النهار، قد يبتلع الضباب الحفرة بالكامل أو ينقشع فجأة مانحاً المصوّرين فرصاً ذهبية لالتقاط مشاهد نادرة خصوصا من الأعلى. واكتسبت "طوي اعتير" شهرة عالمية منذ عام 1997 بعدما وثقها فريق من المغامرين السلوفينيين بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس، وتُعد أيضاً من بين أكبر حفر الإذابة في العالم، بحسب وزارة الإعلام العمانية. لكن يظل هذا التراث الطبيعي بحاجة إلى صيانة وحماية، إذ يُعتَبر مثلاً محيط حفرة "إذابة شيحيت" خطراً على الزوار، ويسهل حصول انزلاقات للأشخاص. ويؤكّد محافظ ظفار، مروان بن تركي آل سعيد، أن السلطات تُولي أهمية كبيرة لإجراءات السلامة، وتعمل بالتعاون مع شركات متخصصة على تأهيل المواقع السياحية وضمان جاهزيتها للزوار. (فرانس برس، العربي الجديد)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store