logo
الاقتصاد العالمي أمام «صدمة ثالثة» هذا العام... فهل يحتمل؟

الاقتصاد العالمي أمام «صدمة ثالثة» هذا العام... فهل يحتمل؟

الشرق الأوسطمنذ 5 ساعات

بينما تتسارع وتيرة الحرب بين إسرائيل وإيران، تقف أسواق الطاقة عند مفترق طرق، حيث تتحول الصراعات العسكرية إلى اختبارات قاسية لاستقرار الإمدادات النفطية، في ظل تنامي المخاوف من نقص قد يلهب أسعار النفط ويقلب مشهد الاقتصاد العالمي رأساً على عقب.
وفي خضم هذه التوترات الجيوسياسية، تبدو المخاطر أكثر تعقيداً من مجرد ارتفاع مؤقت للأسعار، إذ تتداخل تداعياتها مع ضعف الاقتصاد العالمي، واحتمالات حدوث أزمة تضخم تقيد تحركات البنوك المركزية... وكل الأنظار الآن تتجه إلى مضيق هرمز، نقطة الضغط في معادلة الطاقة العالمية.
هذه المخاوف التي تم استعراضها في ندوة نظمتها وحدة الأبحاث «بي إم آي»، التابعة لمجموعة «فيتش سوليوشنز»، تطرح تساؤلات ملحة حول مستقبل الأسعار، ومدى قدرة الأسواق على امتصاص الصدمات المتلاحقة، لا سيما أن الصراع الحالي يمكن توصيفه بأنه ثالث أزمة خلال ستة أشهر فقط. خلال الندوة التي شاركت فيها «الشرق الأوسط»، أوضحت المديرة المساعدة لأبحاث النفط والغاز لدى الوحدة، إيما ريتشاردز، أن أسعار خام برنت سجلت قفزات قوية فور بدء الهجمات، مسجلةً زيادة بلغت نحو 13 في المائة خلال تداولات الجمعة، لكنها تراجعت لاحقاً لتستقر عند زيادة بنحو 6 في المائة مقارنةً بمستويات ما قبل الضربة. وأرجعت الاستقرار إلى أن الهجمات كانت مصممة لإحداث اضطراب في سوق الطاقة المحلية الإيرانية دون تعطيل الأسواق الدولية.
وأشارت إلى أن الأسواق باتت معتادة على هذا النوع من الهجمات التي لم تكن تؤثر بشكل كبير على الأسعار. لكنها لفتت إلى أنها قد تكون مدمرة لإيران، خصوصاً فيما يتعلق بالبنية التحتية للغاز الطبيعي، نظراً لاعتماد الدولة بشكل كبير على الغاز في مزيج الطاقة المحلي، وسط نقص الاحتياطيات الاستراتيجية لديها.
ورغم هذا التأثير، أوضحت أن الضرر سيبقى محصوراً داخل إيران، مع احتمال تأثير محدود على أسواق مثل العراق وتركيا، وأن الأضرار التي لحقت بمنشآت تخزين النفط وتكريره تستهدف السوق المحلية الإيرانية وليس التصدير، مما يُبقي الأسواق العالمية بمنأى عن تداعيات كبيرة.
وبيّنت أن السوق تفترض أن إسرائيل ستواصل هذه الاستراتيجية بتجنب استهداف منشآت إنتاج وتصدير النفط، وأن هذه الهجمات لم تكن كافية لدفع إيران إلى اتخاذ خطوة بوقف التجارة عبر مضيق هرمز.
وعن توقعات الأسعار، أكدت ريتشاردز أن السيناريو الأساسي لا يُظهر تأثيراً كبيراً مقارنةً بالتوقعات السنوية الأصلية لخام برنت، مرجحةً استمرار هذا النوع من الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل على المدى القريب، مما يُبقي الأسعار مرتفعة قليلاً ضمن نطاق يتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل خلال الأسابيع المقبلة، دون إحداث اضطراب مادي في الإنتاج أو الصادرات الإقليمية. وقد يحدث بعض الاضطرابات البسيطة، لكنها لن تكون مؤثرة بشكل كبير على الأسعار. وفي حال تراجع التصعيد، من المتوقع عودة الأسعار إلى نطاق 60 إلى 70 دولاراً للبرميل.
وذكرت أن الخطر الأكبر يكمن في احتمالية التصعيد العسكري الذي قد يؤدي إلى صراع أوسع، مما قد يدفع الأسعار إلى نطاق بين 100 و150 دولاراً للبرميل، رغم أن هذا النطاق يعتمد على كيفية تطور النزاع. وأكدت أن الأزمة قد تؤثر حتى في ظل السيناريو الأساسي من خلال خفض التجارة مع إيران بسبب المخاطر، أو التأثير على تدفقات التجارة إذا حاولت إيران مضايقة ناقلات النفط في مضيق هرمز، وفي حال تطور الصراع إلى هجمات على منشآت الإنتاج والتصدير أو فرض حصار كامل على المضيق، فإن الأسعار ستتجه نحو مستويات ثلاثية الأرقام.
وأشارت إلى أن نحو 25 إلى 30 في المائة من تجارة النفط البحرية تمر عبر مضيق هرمز سنوياً، وأن إغلاقه سيحرم الأسواق من أكثر من 15 مليون برميل يومياً، وهو ما يعادل خسائر الطلب خلال ذروة جائحة كورونا. وأكدت أن البدائل محدودة، إذ لا يمكن نقل إلا 3 إلى 4 ملايين برميل يومياً عبر أنابيب السعودية والإمارات.
وأضافت أن بعض الدول قد تضطر للسحب من احتياطاتها الاستراتيجية سريعاً، في ظل غياب طاقة فائضة كافية لتعويض الخسائر، مشيرةً إلى أن إنتاج النفط الصخري الأميركي لن يغطي الفجوة في المدى القريب، وأن فرض حصار على المضيق سيؤدي إلى انهيار سريع في السوق.
من جهته، حذَّر كبير الاقتصاديين في «بي إم آي»، سيدريك شهاب، من أن التوترات الحالية تمثل «الصدمة الثالثة» للاقتصاد العالمي خلال ستة أشهر، بعد صدمات الرسوم الجمركية وتقلبات الأسواق المالية، معتبراً أن الأزمة قد تتحول إلى «صدمة طاقة» تضرب اقتصادات التصنيع وتزيد معدلات التضخم عالمياً.
وأوضح أن خطورة الأزمة تتضاعف بسبب دخول الاقتصاد العالمي هذه المرحلة من موقع ضعف، مع تراجع مؤشرات مديري المشتريات في عدة أسواق رئيسية إلى ما دون 50 نقطة، وهو ما يعكس انكماش الأنشطة الاقتصادية قبل التصعيد الأخير. وأشار إلى أن تأثير صدمة أسعار النفط على التضخم والنمو يعتمد على استمرار الاضطرابات.
وحسب تقديرات «بي إم آي»، فإن كل ارتفاع بنسبة 10 في المائة في أسعار النفط يضيف ما بين 0.3 و0.4 نقطة مئوية إلى معدلات التضخم، بينما يؤدي وصول الأسعار إلى 120 دولاراً، إلى إضافة 1.2 نقطة مئوية، مع خفض النمو العالمي بنحو 0.2 نقطة مئوية.
وفي حال بلوغ الأسعار 150 دولاراً للبرميل، توقع شهاب تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى أقل من 2 في المائة، مع ارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 5 في المائة، واصفاً ذلك بأنه سيكون «كارثياً للاقتصاد العالمي».
وأشار إلى أن المخاطر قد تكون أكبر بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي مقارنةً بغيره، لأن الولايات المتحدة تواجه صدمة تضخمية مزدوجة من ارتفاع أسعار النفط والرسوم الجمركية، مما يهدد بتقييد قدرة مجلس الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة خلال الأشهر المقبلة.
وحذر شهاب من أن الدول ذات العجز المزدوج ستكون الأكثر تعرضاً للمخاطر، خصوصاً في الأسواق الناشئة التي تعتمد على استيراد الطاقة، مشيراً إلى أن آسيا تضم عدداً كبيراً من هذه الدول، إلى جانب اقتصادات أخرى مثل باكستان وسريلانكا وجامايكا.
أما بالنسبة إلى السياسة النقدية الأميركية، فرأى أن الأسواق لا تزال تتوقع خفضين للفائدة هذا العام، لكنه شدد على أن الخيارات أمام «الفيدرالي» أصبحت أكثر تعقيداً في ظل التوتر بين عوامل التضخم والنمو. وختم بالقول إنه في حال ضعف الدولار فإن ذلك يتطلب ارتفاع اليورو والين، وهو أمر صعب بسبب تباطؤ اقتصادات أوروبا وآسيا، لافتاً إلى أن «الأساسيات الاقتصادية» تظل هي العامل الحاسم في تحديد اتجاه العملات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البيتكوين تتراجع 4% وسط قلق الأسواق من مواجهة أمريكية إيرانية
البيتكوين تتراجع 4% وسط قلق الأسواق من مواجهة أمريكية إيرانية

مباشر

timeمنذ 17 دقائق

  • مباشر

البيتكوين تتراجع 4% وسط قلق الأسواق من مواجهة أمريكية إيرانية

مباشر: سجلت العملة الرقمية بيتكوين تراجعًا حادًا بنسبة 4% لتصل إلى نحو 103.73 ألف دولار، وذلك بالتزامن مع تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة وإيران، ومخاوف الأسواق من اندلاع مواجهة عسكرية في المنطقة. وفي تطور لافت، نقلت شبكة CBS News أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجع عن خطة لإرسال مسؤولين أمريكيين للاجتماع مع نظرائهم الإيرانيين بهدف التوصل إلى اتفاق، ويُجري حاليًا مشاورات للانضمام إلى إسرائيل في تنفيذ ضربات ضد منشآت نووية إيرانية، تشمل منشأة فوردو، وذلك خلال ساعات الليل. وصرّح مسؤول في البيت الأبيض بأن اجتماعًا مغلقًا استمر لأكثر من ساعة عُقد بين ترامب وفريقه للأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، لمناقشة الرد الأمريكي المحتمل على تطورات الموقف. وفي السياق ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي عن رصد صواريخ أُطلقت من إيران باتجاه إسرائيل، مع سماع صفارات الإنذار في شمال البلاد، ما يعكس تصعيدًا ميدانيًا جديدًا في المواجهة المتصاعدة. ويُعزى التراجع في أسعار البيتكوين، إلى جانب القلق في الأسواق المالية العالمية، إلى تصاعد حدة التوتر في الشرق الأوسط، مما دفع المستثمرين لتقليص انكشافهم على الأصول عالية المخاطر، في انتظار اتضاح الرؤية بشأن التحركات العسكرية والدبلوماسية خلال الساعات المقبلة.

رغم التوترات بالشرق الأوسط.. الذهب يتراجع مع صعود الدولار عند تسوية التعاملات
رغم التوترات بالشرق الأوسط.. الذهب يتراجع مع صعود الدولار عند تسوية التعاملات

مباشر

timeمنذ 17 دقائق

  • مباشر

رغم التوترات بالشرق الأوسط.. الذهب يتراجع مع صعود الدولار عند تسوية التعاملات

مباشر: تراجعت أسعار الذهب عند تسوية تعاملات اليوم الثلاثاء، مع ارتفاع الدولار، على الرغم من استمرار المخاوف الجيوسياسية في ظل التحركات العسكرية في الشرق الأوسط. وهبط سعر العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3%، بخسائر نحو 11 دولاراً، إلى مستوى 3406 دولارات للأوقية. وبحلول الساعة 8:31 مساءً بتوقيت جرينتش، هبط الذهب في المعاملات الفورية إلى 3383 دولاراً للأوقية. وبحلول الساعة 8:37 مساءً بتوقيت جرينتش، صعد سعر الدولار أمام اليورو بنسبة 0.7% عند مستوى 1.1477 دولار، وصعدت الورقة الخضراء أمام الين الياباني بنسبة 0.4% عند مستوى 145.2800 ين، وزادت أمام الجنيه الإسترليني بنسبة تقارب 1.2% عند مستوى 1.3418 دولار. وفي تطور لافت، نقلت شبكة CBS News أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تراجع عن خطة لإرسال مسؤولين أمريكيين للاجتماع مع نظرائهم الإيرانيين بهدف التوصل إلى اتفاق، ويُجري حاليًا مشاورات للانضمام إلى إسرائيل في تنفيذ ضربات ضد منشآت نووية إيرانية، تشمل منشأة فوردو، وذلك خلال ساعات الليل. وصرّح مسؤول في البيت الأبيض بأن اجتماعًا مغلقًا استمر لأكثر من ساعة عُقد بين ترامب وفريقه للأمن القومي في غرفة العمليات بالبيت الأبيض، لمناقشة الرد الأمريكي المحتمل على تطورات الموقف. وفي السياق ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي عن رصد صواريخ أُطلقت من إيران باتجاه إسرائيل، مع سماع صفارات الإنذار في شمال البلاد، ما يعكس تصعيدًا ميدانيًا جديدًا في المواجهة المتصاعدة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي

الطيران تحت النيران
الطيران تحت النيران

عكاظ

timeمنذ 28 دقائق

  • عكاظ

الطيران تحت النيران

يواجه الطيران المدني العالمي تحديات تشغيلية ومالية متزايدة؛ بسبب الصراعات الدولية وإغلاق المجالات الجوية، وتهديدات الطائرات دون طيار والصواريخ. هذه العوامل أدّت إلى تحويلات متكررة للمسارات، وزيادة تكاليف الوقود والأطقم، واضطرابات جداول الرحلات، مما يُصعّب القدرة على التنبؤ التي تُعدّ حيوية لقطاع يعتمد على الانضباط والدقة. إغلاق المجال الجوي حول روسيا وأوكرانيا أدّى سابقاً إلى محدودية خيارات المسارات لشركات الطيران، كما تزايدت حالات التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الأمر الذي يهدّد الملاحة الجوية ويُعقّد السلامة ويضع أطقم الطائرات أمام قرارات صعبة. تزايد هذه التهديدات يعيد تشكيل مفهوم الطيران الآمن، ويجعل فكرة «السماء المفتوحة» أمراً نظرياً أكثر منه واقعياً، وقد سلّطت الحوادث الأخيرة (مثل حوادث تحطم أو إسقاط طائرات الركاب والشحن في كازاخستان والسودان) الضوء على المخاطر المتزايدة في الأجواء التي باتت امتداداً لنزاعات الأرض. المنظمات الدولية دعت لتحسين تبادل المعلومات وتعزيز التنسيق بين الدول لتأمين الممرات الجوية، خاصةً تلك التي تمر فوق مناطق التوترات، ووسط هذه الدعوات، جاءت الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران لتزيد الوضع تعقيداً، حيث أدّى التصعيد الأخير إلى إغلاق المجالات الجوية الإيرانية والعراقية والسورية والأردنية والإسرائيلية، ما أربك حركة الملاحة الجوية العالمية من الشرق الآسيوي باتجاه أوروبا وأمريكا الشمالية والعكس، حيث اضطرت العديد من الشركات الأوروبية والآسيوية والأمريكية، والناقلات الخليجية، إلى إعادة تخطيط مساراتها أو إلغاء رحلاتها، ما تسبّب في تأخيرات وخسائر مالية كبيرة. كالعادة، برزت بفضل الله كفاءة الملاحة الجوية السعودية في إدارة هذا التدفق الجوي غير المعتاد، فاستوعبت الأجواء السعودية حركة كثيفة للطائرات التجارية تتجاوز الـ 300 رحلة في لحظة واحدة، ووفّرت بدائل آمنة للمسارات المغلقة، خاصة للناقلات الخليجية التي تعتمد عليها حركة مطارات الخليج. أنظمة المراقبة الجوية السعودية أثبتت مجدّداً بمواردها البشرية والتقنية، قدرة فائقة على التكيّف، وعلى تقديم خدمات ملاحية متقدمة في ظرف إقليمي شديد الحساسية، مما يعزّز موقع السعودية كمحور طيران موثوق في المنطقة والعالم. لطالما اعتمد قطاع الطيران على الاستقرار السياسي، وهذا ينطبق بشكل أوضح الآن، ففي ظل إغلاق الممرات الجوية، والتهديد المتزايد بهجمات الصواريخ والطائرات المسيّرة، وأعطال الملاحة دخلنا عصراً تعتمد فيه موثوقية المسارات الجوية بشكل أقل على تقارير الطقس وحسابات الوقود وأكثر على التوجهات السياسية، وهذا بالنسبة لشركات الطيران، يعني ضرورة التكيّف المستمر، وارتفاع التكاليف، ومزيداً من الترقّب، أما بالنسبة للمسافرين فهو يعني احتمال ارتفاع أسعار التذاكر واضطراب في جدول الرحلات. ليس من الواضح إلى أين تسير الأمور، لكن يبدو أن هذا هو «الوضع الطبيعي الجديد». السؤال: كيف سيتعلم قطاع الطيران التكيّف مع هذا الواقع المتبدّل دون أن يفقد هويته الأساسية في ضمان السلامة والانضباط والجودة؟ أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store