logo
هل تمزق الضربة الإسرائيلية لإيران تحالف ترامب الداخلي؟

هل تمزق الضربة الإسرائيلية لإيران تحالف ترامب الداخلي؟

المدنمنذ 20 ساعات

تتصاعد مؤشرات الانقسام داخل النخبة السياسية الأميركية على خلفية الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع ضد إيران، وسط تحذيرات من مسؤولين حاليين وسابقين من أن استمرار التصعيد قد يُقوض الدور الأميركي في الشرق الأوسط، ويفجر التحالف المحيط بالرئيس دونالد ترامب، الذي كان قد تعهد في بداية ولايته الثانية بتحقيق "السلام والاستقرار" في المنطقة.
وحذرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير، من أن الضربة التي استهدفت منشآت نووية وعسكرية إيرانية، وأدت إلى مقتل قائد الحرس الثوري حسين سلامي وعدد من كبار العلماء والضباط، دفعت طهران إلى الرد بعدة موجات من الصواريخ على إسرائيل، في تطور ينذر بحرب إقليمية واسعة النطاق.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية، أن حالة من الإحباط تسود حتى داخل الأوساط المحافظة. وأضاف "تلقيت رسائل من شخصيات سياسية تقول صراحة: لقد سئمنا من إسرائيل، وهذا تطور مقلق للغاية، لا أظن أن هذا المسار سيقود إلى نتائج إيجابية".
تحذيرات ثم تغيير في اللهجة
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الإدارة الأميركية، أن ترامب كان قد حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حتى أواخر شهر أيار/مايو، من مغبة شنّ أي هجوم على إيران في هذا التوقيت، قائلاً: "نحن قريبون جداً من الحل، وإذا تمكنا من إبرام صفقة، فسنُنقذ الكثير من الأرواح".
لكن تصريحات ترامب بعد الضربة أظهرت تغيراً كبيراً في لهجته، إذ وصف الهجوم بأنه "ممتاز جداً"، وقال في مقابلة مع "ABC News": "أعطيناهم فرصة، ولم يستغلوها، لقد تلقوا ضربة قاسية جداً، والمزيد قادم".
وعلى الرغم من أن البيت الأبيض رفض توضيح ما إذا كان ترامب قد أعطى ضوءاً أخضر صريحاً للضربة، إلا أن ثلاثة مسؤولين أكدوا أن الرئيس كان على علم مسبق بخطة الهجوم، ولم يتخذ خطوات لمنعها.
انهيار المسار الدبلوماسي
وتأتي هذه التطورات، في حين كانت واشنطن تراهن على جهود مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف لإحياء المفاوضات النووية مع طهران، وكان من المقرر عقد جولة سادسة من المحادثات في عُمان، لكن الهجوم الإسرائيلي قوض فرص انعقادها، بحسب مسؤولين أميركيين.
وقالت الخبيرة في الشأن الإيراني بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إيلي جيرانمايه، للصحيفة الأميركية، إن "الضربات الإسرائيلية هدفت إلى القضاء على فرص ترامب في التوصل إلى اتفاق لاحتواء البرنامج النووي الإيراني"، مضيفة أن "المتشددين الإيرانيين الذين يميلون إلى عدم الثقة بواشنطن، يحتاجون إلى ضمانات بأن ترامب قادر على منع إسرائيل من مهاجمتهم، وهو ما لم يتحقق".
واعتبرت مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة "أولويات الدفاع"، روزماري كيلانيك، أن الهجوم "يُدمر مصداقية الولايات المتحدة بالكامل في المفاوضات، ليس فقط مع إيران، بل مع دول أخرى أيضاً"، مضيفة "ما قيمة التعهد الأميركي إذا لم يستطِع كبح جماح إسرائيل؟".
خلافات في معسكر ترامب
وعلى المستوى الداخلي، بدأ الانقسام يتسع بين مكونات التحالف السياسي المحيط بترامب، وكتب أحد أبرز وجوه تيار "MAGA" (اجعل أميركا عظيمة مجدداً) جاك بوسوبيك، على منصة "إكس": "الضربة قد تقسم ائتلاف ترامب، لقد انتُخب الرئيس على أساس وعود بإنهاء الحروب، لا إشعالها".
في المقابل، كشفت "واشنطن بوست" عن ضغوط تمارسها شخصيات نافذة في التيار المحافظ لدفع ترامب نحو تبني موقفاً داعماً وأكثر صرامة، ومن أبرزهم روبرت مردوخ، قطب الإعلام اليميني وصاحب إمبراطورية إعلامية تشمل "فوكس نيوز" و"وول ستريت جورنال"، والمعروف بدعمه الطويل لإسرائيل، إلى جانب الملياردير الأميركي، أحد أكبر الممولين الجمهوريين لحملات ترامب، آيزاك "آيك" بيرلماتر.
وقالت الصحيفة إن مردوخ وبيرلماتر أجريا اتصالات مباشرة مع ترامب لحثه على دعم الضربة الإسرائيلية، ما زاد من تعقيد الموقف داخل الإدارة، بين دعاة التصعيد ودعاة الانكفاء الاستراتيجي.
مخاوف من تصعيد إقليمي أوسع
من جهة أخرى، حذر البنتاغون من أن الهجوم الإسرائيلي قد يفتح الباب أمام ردود إيرانية واسعة تستهدف القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة، خصوصاً في العراق وسوريا ودول الخليج، وقد بدأت وزارة الخارجية الأميركية بالفعل إنشاء "خلية أزمة" لمتابعة التطورات، ووضع خطط طارئة لإجلاء العاملين الأميركيين من بعض الدول.
وفي طهران، هدد وزير الدفاع الإيراني بأن "جميع القواعد الأميركية في المنطقة تقع ضمن مدى الرد"، مؤكداً أن "أي حرب ستُحمل الطرف الآخر خسائر أكبر بكثير".
وتشير التقديرات إلى أن الهجوم الإسرائيلي دمر أجزاء كبيرة من منشأة نطنز، لكن منشآت مثل "فوردو" لا تزال محصنة تحت الجبال، وتحتاج إلى قنابل خارقة للتحصينات لا تملكها إسرائيل، وإنما الولايات المتحدة فقط.
غياب خطة "اليوم التالي"
ورغم تصريحات وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو، بأن "الولايات المتحدة لم تكن شريكاً في العملية"، إلا أن مراقبين اعتبروا أن التباين بين مواقف ترامب وروبيو يعكس ارتباكاً في إدارة الملف، ويضعف الرسائل الأميركية الموجهة لطهران والدول الأخرى.
ويرى محللون أن الضربة الإسرائيلية، التي قد تبدو ناجحة عسكرياً، تطرح أسئلة خطيرة حول "اليوم التالي"، ودور الولايات المتحدة في تشكيل مخرج سياسي مستقر.
وقال أحد كبار المحللين في "المجلس الأطلسي"، إن "ما جرى يضع ترامب أمام اختبار حقيقي: إما أن يواصل سياسة الاصطفاف الأعمى مع إسرائيل، أو أن يستعيد زمام المبادرة كوسيط قادر على وقف الحرب".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

استهداف منشأة نووية في أصفهان... وأجواء إسرائيل مغلقة أمام الطيران
استهداف منشأة نووية في أصفهان... وأجواء إسرائيل مغلقة أمام الطيران

النهار

timeمنذ 28 دقائق

  • النهار

استهداف منشأة نووية في أصفهان... وأجواء إسرائيل مغلقة أمام الطيران

نفذّ الجيش الإسرائيلي ضربات جديدة على إيران بعد وقت قصير من إصدار تحذير عاجل لسكّان إيران للابتعاد عن كل مفاعل الأسلحة فيها بطلب من وزبر الدفاع إسرائيل كاتس. لاحقاً، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي في منشور على منصة "إكس" اليوم الأحد إنَّ إسرائيل قصفت منشأة نووية في أصفهان بإيران. ولم يحدد المتحدث متى وقع الهجوم. من جهتها، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن "هجوماً إسرائيلياً استهدف مناطق في مدينة شيراز جنوبي البلاد". 🚨 هجوم صهيوني على شيراز قبل ساعة #الحرب_بدأت_الان — ℡ֆ 𖤍 ₎ (@J_16_a1) June 15, 2025 إلى ذلك، أعلن المساعد الأمني لمحافظ أصفهان أن "هجوماً إسرائيلياً يستهدف أحد مقرات وزارة الدفاع في المحافظة"، مشيراً إلى احتمال وجود خسائر في الهجوم الإسرائيلي. وبحسب "القناة 14"، فإن إسرائيل تستعد لشن هجمات مكثفة اليوم على إيران. في السياق، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي أن "الديكتاتور الإيراني يحوّل طهران إلى بيروت، وسكّان طهران إلى رهائن من أجل بقاء نظامه". وأضاف: "الجيش الإسرائيلي سيقوم بضرب تلك المواقع وسيواصل سلخ جلد الأفعى الإيرانية في طهران وفي كل مكان، من قدراتها النووية ومنشآتها العسكرية". ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر أمني قوله "إن توجيه كاتس، بإخلاء السكان في طهران هو جزء من خطة تهدف إلى ممارسة الضغط على النظام وذلك ردّاً على القصف الذي استهدف الجبهة الداخلية الإسرائيلية". الضربات الإيرانية تقتل 8 أشخاص في إسرائيل... وأهداف تحت النار في طهران أشار إعلام إسرائيلي إلى اعتراض نحو 100 صاروخ بالستي وعشرات المسيّرات الإيرانية ضمن موجتين باتجاه الشمال وتل أبيب. الحركة الجويّة إلى ذلك، أفاد بيان مشترك من وزارتي النقل والخارجية بأن "أجواء إسرائيل مغلقة أمام الطيران المدني بناء على تعليمات الجهات الأمنية". وقالت السلطات إن المطار سيبقى مغلقاً لليوم الثالث اليوم ولا توصيات للإسرائيليين في الخارج بالعودة. وقد نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن تقديرات الأجهزة الأمنية أن "إيران أطلقت الليلة الماضية حوالى 80 صاروخاً في دفعتين". أضرار في إسرائيل في الموازاة، ذكرت شركة "بزان" للبترول الإسرائيلية أن القصف الإيراني الليلة الماضية ألحق أضراراً بمصفاة البترول وتمديداتها بخليج حيفا. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن "خطوط الأنابيب وخطوط النقل في مصفاة حيفا تضرّرت جراء الهجوم".

"حريق في مبنى بتل أبيب"... هذا الفيديو لا علاقة له بالهجوم الإيراني على إسرائيل أخيراً FactCheck#
"حريق في مبنى بتل أبيب"... هذا الفيديو لا علاقة له بالهجوم الإيراني على إسرائيل أخيراً FactCheck#

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

"حريق في مبنى بتل أبيب"... هذا الفيديو لا علاقة له بالهجوم الإيراني على إسرائيل أخيراً FactCheck#

ينتشر على موقع التدوينات القصيرة إكس (تويتر سابقا) فيديو بمزاعم أنه يظهر "حريقا في مبنى بتل أبيب من جراء القصف الإيراني الأخير". الا ان هذا ال زعم مضلل تماما. FactCheck# "النّهار" دقّقت من أجلكم فقد تداولت حسابات على إكس فيديو يُظهر حريقا في أحد المباني. وكتبت معه تعليقا (من دون تدخل): "حريق كبير يلتهم مبنى في تل أبيب من جراء القصف الإيراني". حريق كبير يلتهم مبنى في تل أبيب جراء القصف الإيراني #طهران — ايران (@sundesga) June 13, 2025 لقطة من الفيديو المتناقل بالمزاعم الخاطئة (اكس) حقيقة الفيديو ولكن البحث العكسي قاد إلى أن هذا الفيديو قديم، إذ نشره الحساب الرسمي للجيش الإسرائيلي على موقع تيك توك بتاريخ 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، بعنوان: وسط إسرائيل يحترق بسبب إطلاق حزب الله للصواريخ العشوائية. كذلك، نشره حساب موقع "كويت تايمز" باللغة الإنكليزية على موقع انستغرام في التاريخ ذاته، وأرفقه بخبر يقول: "أصيب أربعة أشخاص، اليوم الاثنين، بعد سقوط شظايا على شارع رئيسي في ضاحية تل أبيب، بعد اعتراض صاروخ أطلق من لبنان، بحسب خدمة الإسعاف". View this post on Instagram A post shared by Kuwait Times (@kuwaittimes) إيران وإسرائيل... مواجهة جديدة وعلى مدار اليومين الماضيين، تبادلت إسرائيل وإيران قصفا عسكريا بالطائرات والصواريخ والمسيرات. فقد أطلقت إسرائيل في الساعات الأولى من أمس الجمعة، ما سمته " عملية الأسد الصاعد" نفذت خلالها سلسلة من الغارات الجوية ضد أهداف إيرانية، بينها منشأة نطنز النووية. ووصف الجيش الإسرائيلي الهجوم بـ"الاستباقي" و"الدقيق" لـ"دحر التهديد الإيراني لوجود إسرائيل"، فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إسرائيل ضربت قلب برنامج إيران النووي. واعترفت إيران بمقتل عدد من قادتها، بينهم اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، لكنها أطلقت في المقابل عملية "الوعد الصادق 3" وقالت إنها أطلقت نحو 800 مسيّرة وصاروخ كروز نحو إسرائيل. ودانت دول عربية وغربية العملية العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، في وقت حض الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران على التوصل إلى اتفاق نووي "قبل أن يذهب كل شيء"، على حد تعبيره. وبعد ساعات من هذه العملية، أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر السبت، أنه "خلال الساعة الأخيرة تم إطلاق عشرات الصواريخ من إيران باتجاه إسرائيل واعترضنا عدداً منها". واعترض الجيش صواريخ إيرانية في الجليل وتل أبيب وبئر السبع. وأشارت "الإذاعة الإسرائيلية" إلى سقوط صواريخ في منطقة تل أبيب الكبرى. وأفادت "القناة 12" الإسرائيلية عن سقوط صاروخ في مدينة ريشون ليتسيون جنوبي تل أبيب. وأعلن "جهاز الإسعاف الإسرائيلي" عن إصابة 9 إسرائيليين جراء سقوط صواريخ في وسط إسرائيل. و ذكرت "يديعوت أحرونوت" أن عدداً من الإسرائيليين أصيبوا وتم تسجيل أضرار كبيرة في 6 مباني جراء الهجوم الإيراني الأخير. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بانقطاع الكهرباء في أحياء بوسط إسرائيل من جراء سقوط صواريخ وأنباء عن عالقين داخل منازل. الخلاصة: الفيديو المتداول لحريق في مبنى لا علاقة له بالقصف الايراني الأخير على اسرائيل. فهو قديم، اذ يعود الى 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، ويظهر اشتعال مبنى بعد استهداف وسط تل أبيب بصواريخ أطلقها حزب الله يومذاك.

إيران تجسّست وإسرائيل ضرَبت... "تكتيك البيجر" وحرب تخطّت الجبهات!
إيران تجسّست وإسرائيل ضرَبت... "تكتيك البيجر" وحرب تخطّت الجبهات!

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

إيران تجسّست وإسرائيل ضرَبت... "تكتيك البيجر" وحرب تخطّت الجبهات!

بين اضطرابات الشرق الأوسط وأزماته، وصلت السخونة إلى أوجّها بين الخصمين إيران وإسرائيل في مرحلة خطيرة على الأغلب لا تبشّر بالخير. وما بينهما لا يمكن فصله عن هجوم حركة "حماس" يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إذ ما زالت المنطقة بأسرها تتكوّن على أنقاض هذا الحدث المفصلي. "الأسد الصاعد"، مع هذه العملية، أطلقت إسرائيل نيرانها باتّجاه الجمهورية الإسلامية بعد تهديدات متكرّرة، مستفيدة من تباطؤ المفاوضات الإيرانية – الأميركية مع تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل أيام أن ثقته تراجعت في أن إيران ستوافق على وقف تخصيب اليورانيوم في إطار الاتفاق النووي. ففي كل مناسبة، تؤكّد إسرائيل ومعها حليفتها الولايات المتحدة أنّهما لن تسمحا لطهران بامتلاك سلاح نووي. على هذا الصفيح الساخن، ومع الدخان الذي يغطّي سماء طهران منذ ليل الخميس، تحاول كل دولة بقدراتها تسجيل نقاط لمصلحتها، فالحروب بمفهومها الحديث لم تعد تعتمد فقط على الصواريخ والطائرات الحربية والمسيّرات، بل أصبحت المعلومة أيضاً جزءاً منها وضمن استراتجيّتها لضرب الخصم بما يمتلكه ويخفيه. فكانت العملية الاستخباراتية التي أعلنتها إيران ووصفها الإعلام بـ"ضربة موجعة وكابوس لإسرائيل" حدث الأسبوع الماضي، مع ما أعلنته طهران في نقل كمية كبيرة من المعلومات والوثائق "الاستراتيجية والحسّاسة"، بما في ذلك الخطط والمنشآت النووية، من إسرائيل ووصولها إلى المواقع الآمنة المطلوبة في الأراضي الإيرانية. لم تكن هذه العملية بعيدة عن ما كشفته إسرائيل من توقيف أشخاص بتهمة التجسّس. وفي هذا السياق، أشارت معطيات جهاز المخابرات (الشاباك) بشأن الوضع الأمني عام 2024، إلى أن إيران تمكّنت من إقامة 13 شبكة تجسّس لها في إسرائيل، ضمّت 37 شخصاً، وبذلك بلغت حداً قياسياً ينطوي على زيادة بنسبة 400% في عدد الجواسيس. تساؤلات كثيرة تُطرح أمام كل هذا المشهد، في وقت ترتسم خريطة المنطقة من جديد، فماذا سيتغيّر بعد الضربة الإسرائيلية؟ وهل تستفيد إيران من عمليّتها التجسسيّة؟ "مهمّة استكشافية إيرانية" متابعة للتطوّرات، اعتبر الخبير العسكري ناجي ملاعب في حديث لـ"النهار" أن "إعلان إيران عن حصولها على وثائق إسرائيلية حسّاسة لم يكن مجرد دعاية إعلامية أو تسريباً غير رسمي، بل جاء مدعوماً بتأكيدات صادرة عن الحرس الثوري الإيراني ومراكز رسمية أخرى"، مشيراً إلى أن "الإعلان كان مؤخراً إلا أنّ الحصول على هذه الوثائق يعود على الأرجح إلى أشهر عدّة ما يشكّل إدارة سياسية وتوقيتاً محسوباً في الإفصاح عنها". ولفت إلى أن "هذا الإعلان تزامن مع توقيفات أجرتها السلطات الإسرائيلية لعناصر يهودية داخل إسرائيل، متهمة بالتجسّس لإيران"، وقال: "إن هذا التزامن يطرح احتمال وجود ارتباط مباشر بين تلك الوثائق المضبوطة وشبكة التجسّس المعلَنة"، ومعتبراً أن "الاختراق، إن تأكّد، يشكّل ضربة استخباراتية قاسية لإسرائيل". فقبل أيام من إعلان العملية الإيرانية، كشف جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) والشرطة الإسرائيلية عن اعتقالهما روي مزراحي وإلموغ أتياس (24 عاماً) للاشتباه في ارتكابهما جرائم أمنية تتعلّق بإيران. وفق وكالة "تسنيم"، "إذا كان لهذين الشخصين علاقة بالقضية الأخيرة، فقد جاء اعتقالهما بعد نقل الوثائق". وعن الضربة الإسرائيلية الأخيرة، أوضح ملاعب أنّها "لم تأتِ كرد مباشر على إعلان إيران عن الوثائق"، موضحاً أن "العملية كانت قيد التحضير منذ فترة لكن إعلان طهران قد يكون سرّع تنفيذها خوفاً من خطوة إيرانية مفاجئة". وشبّه العميد المتقاعد هذا السلوك الإسرائيلي بـ"ما جرى في عملية البيجر مع حزب الله في لبنان، حين سارعت إسرائيل إلى التفجير بمجرد الاشتباه بوجود تهديد، بدون انتظار التحقيق أو التوقيت المقرّر". أمّا بشأن استفادة إيران من الوثائق، فرأى ملاعب أن "من المبكر الحكم على حجم هذه الاستفادة"، مشيراً إلى أن "الرد الإيراني حتى الآن لم يتضمّن ما يدل على استخدام مباشر للمعلومات الاستخباراتية"، مضيفاً: "ما رأيناه هو إرسال نحو 100 طائرة مسيّرة، لكن مسارها فوق أجواء السعودية والأردن يوحي بأنّها كانت في مهمّة استكشافية تهدف إلى اختبار الدفاعات الجوية، لا تنفيذ هجوم مباشر". ولفت إلى أن "السعودية لن تتساهل مع خرق مجالها الجوي والأردن كان قد أعلن إغلاق أجوائه مسبقاً، ما يعني أن طهران لم تكن تخطط لتوجيه ضربة عبر تلك المسارات، بل كانت تحلّل جاهزية الرد الإقليمي". وأشار إلى أن "تجربة عملية الوعد الصادق-2 أظهرت أن إيران لا تكتفي باستخدام المسيّرات، بل تمتلك قدرة صاروخية متطورة تشكّل عنصر استنزاف فعّال للدفاعات الجوية الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن "طهران وفي ظل العقوبات الطويلة، طوّرت عقيدتها العسكرية بالاعتماد على استراتيجية الهجوم الدفاعي التي ترى أن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم". وذكر أن "إيران ركّزت خلال السنوات الماضية على تطوير سلاحَي الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهما اليوم يشكّلان ركيزة أساسية في بنيتها الدفاعية والهجومية، ما يمنحها هامشاً أكبر للمناورة والردع في أي مواجهة". سيناريوات الرد الإيراني على هجوم إسرائيل: بين العسكر والنفط! تتجه الأنظار نحو الرد الإيراني والاحتمالات المطروحة على طاولة المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري. إلى ذلك، علّق الخبير العسكري على التساؤلات بشأن مدى تأثير الوضع الداخلي الإسرائيلي على أمن تل أبيب وقدرتها الاستخباراتية، معتبراً أن "الداخل الإسرائيلي، ورغم التوتّرات السياسية والمجتمعية، لا يزال متماسكاً أمنياً، ولا يظهر عليه أي تراجع في فعالية الأجهزة الأمنية أو وجود خروقات مؤثرة". وأضاف أن "الميزة الأبرز في إسرائيل اليوم هي الإعلام الاستباقي الذي تتبّناه الدولة ومؤسساتها، خصوصاً في التعامل مع الملف الإيراني"، مشيراً إلى أن "قدرات إسرائيل الاستخباراتية تتجاوز ما يمكن أن تحقّقه إيران، سواء على مستوى جمع المعلومات أو تنفيذ العمليات النوعية". وأوضح أن "ما نراه اليوم من عمليات اغتيال واستهداف داخل إيران، خصوصاً استهداف القيادات ومراكز التصنيع الصاروخي وحتى الهجمات على منشآت نووية مثل نطنز، تُظهر أن الموساد الإسرائيلي فاعل بقوّة على الأرض، وفي بعض الحالات، يفوق تأثيره العمليات العسكرية الجوية". وختم: "إسرائيل تعتبر نفسها في حالة حرب وجودية وهذا ما يروّج له رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد ساهم هذا الخطاب في توحيد الجبهة الداخلية حوله. إن المخابرات الإسرائيلية لا تزال تحتفظ بسيف طويل وحاد وهي قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة تتخطّى الحدود". تُظهر سلسلة التطوّرات الأخيرة أن المواجهة بين إيران وإسرائيل تجاوزت الطابع العسكري التقليدي، لتتحوّل إلى معركة استخباراتية مفتوحة، إذ لا تزال عملية الموساد عام 2018، التي استهدفت مستودع الأرشيف النووي الإيراني، تشكّل محطّة مفصلية في تاريخ العمل الاستخباراتي. وفق ما أعلنه وزير المخابرات الإيراني إسماعيل الخطيب، فإن "الوثائق الإسرائيلية التي أصبحت في حوزة إيران ستُستخدم لتعزيز قدراتها الهجومية". فهل ستكون الترسانة النووية الإسرائيلية غير المُعلَنة هدفاً إيرانياً للانتقام؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store