
لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للقوة
فرغم عقود من نحول الإمبراطورية البريطانية، وتراجع مكانتها دوليا، وتآكل قوتها العسكرية، واستقلال مستعمراتها السابقة، وإفلاسها وعجز مواردها عن تغطية متطلبات مشروعها الإمبريالي، لا يزال الوجدان البريطاني مسكونا بـ"أمجاد" إمبراطورية لم تكن تغيب الشمس عن أملاكها، ومتعلقا بطقوس "الانتصارية" و"الاستعلائية" و"الاستثنائية" الإمبراطورية والفوقية الأنكلوسكسونية والحنين إلى رومانسية الماضي الاستعماري.
وهي أعراض يعتقد المفكر وعالم النفس الأيرلندي، ديلان إيفانز، أن البحث التاريخي قد وضع حدا لها. والحقيقة أن تقاليد البحث الأكاديمي البريطانية لا تزال قادرة على سبر أغوار هذه التجربة الإمبراطورية ومشروعها الإمبريالي واجتراح رؤى ونظريات تفكك وتفسر المسارات التي اتخذها هذا المشروع خلال قرون صعوده وانحداره.
بالنسبة لبريطانيا، كانت الإمبريالية -كما يُفهم المصطلح عموما- عَرَضا ونتيجة للانحدار وليس للقوة
والحقيقة أن البحث التاريخي لم يتوانَ، وبشكل مبكر نسبيا، عن تبديد تلك الأوهام بلا هوادة وعلى نحو صارم لا يجامل. ففي كتابه "حصة الأسد" (1975)، قدّم المؤرخ والأكاديمي البريطاني برنارد بورتر طرحا لافتا: "بالنسبة لبريطانيا، كانت الإمبريالية -كما يُفهم المصطلح عموما- عَرَضا ونتيجة للانحدار وليس للقوة".
كان هذا تحديا مباشرا للرأي السائد، القائل إن التوسع الإمبراطوري لبريطانيا في القرنين الـ19 والـ20 انعكاسا لقوة قومية هائلة، ودينامية، وثقة بالنفس.
إعلان
وبحسب إيفانز، تتجلى تلك النظرة الأقدم والأكثر رومانسية للإمبراطورية، مثلا، في "ثلاثية الإمبراطورية" للمؤرخة الويلزية جان موريس، رغم أن نهجها أكثر دقة من "الانتصارية" الصريحة أو الاعتذاريات الإمبراطورية لكُتّاب سابقين مثل جيه. ر. سيلي، وتشارلز ديليك، وروديارد كِبلنغ، وجورج كِرزُن.
والمؤكد أن موريس تقف في تقليد الكتابة الإمبراطورية الذي احتفى بـ"المهمة الحضارية" لبريطانيا وقوتها العسكرية، وغالبا ما يكون سردها متعاطفا ونوستالجيا ومعجبا بالمشروع الإمبراطوري، لكنها ليست مجرد مدافع أو مشجع، فهي تحتل مكانة مهمة في تطور الكتابة الإمبراطورية البريطانية، خاصة لدى مؤرخين مثل بورتر. وتنتهي ثلاثيتها بملاحظة واضحة من الحزن والفقد، ويُنظر إليها أحيانا كمرثية لما بعد الإمبراطورية، بدلا من مجرد احتفال.
دوافع المشروع الإمبريالي
تحدى برنارد بورتر السردية الانتصارية بتناول مشروع الإمبراطورية كمشكلة وعبء وليست مغامرة مجيدة. وجادل بورتر أنه بحلول أواخر القرن الـ19، كان موقف بريطانيا العالمي تحت ضغط القوى الصاعدة: ألمانيا والولايات المتحدة واليابان، وتحديث صناعي لمنافسين أوروبيين، وتكلفة باهظة وتعقيد استمرار الالتزامات العالمية.
كانت "الإمبريالية الجديدة" (1870-1914) -اندفاعا نحو أفريقيا والشرق الأوسط وبعض آسيا- ردود فعل، وكانت دفاعية أو استباقية غالبا، وأحيانا يائسة، وليس تأكيدا واثقا للقوة. وأصبحت الإمبراطورية، بالنسبة لبريطانيا، تعويضا عن تراجع القدرة التنافسية الصناعية، ومصدرا للمكانة والهوية الوطنية مع تراجع تفوقها الاقتصادي والعسكري.
تزايد إنهاك بريطانيا وأعبائها، مع تمسكها بالمشروع الإمبريالي، ليس من منطلق قوة، بل خوفا من التراجع، لحماية الأسواق، وتأمين الموارد، والدفاع عن الطرق الإستراتيجية، خاصة إلى الهند.
كانت "الإمبريالية الجديدة" (1870-1914) -اندفاعا نحو أفريقيا والشرق الأوسط وبعض آسيا- ردود فعل، وكانت دفاعية أو استباقية غالبا، وأحيانا يائسة، وليس تأكيدا واثقا للقوة. وأصبحت الإمبراطورية، بالنسبة لبريطانيا، تعويضا عن تراجع القدرة التنافسية الصناعية، ومصدرا للمكانة والهوية الوطنية مع تراجع تفوقها الاقتصادي والعسكري.
ويلاحظ إيفانز تناقض أطروحة بورتر مع تفسيرات أسبق (رونالد روبنسون وجون غالاغر، وسرديات ماركسية) اعتبرت الإمبريالية البريطانية تمددا للقوة الرأسمالية أو السيطرة الجيوسياسية من موقع هيمنة. واشتهر روبنسون وغالاغر بمقالهما الرائد بعنوان "إمبريالية التجارة الحرة" (1953) (مجلة مراجعة التاريخ الاقتصادي) وكتابهما الصادر عام 1961 (بالاشتراك مع أليس ديني) بعنوان "أفريقيا والفيكتوريون: العقل الرسمي للإمبريالية"، وكلاهما ركز على السياسة العليا والتفكير الرسمي، وافترضا تماسك الهدف الإمبريالي ومركزيته بالمجتمع البريطاني. بخلاف ذلك، شكك بورتر بشدة في عقلانية وفائدة الإمبريالية اقتصاديًا لبريطانيا ككل؛ وشدّد على تناقضها وتكاليفها وأعبائها.
وعندما أعدّ بورتر كتابه "حصة الأسد" لطبعته الثالثة (1995)، سجّل أن مناقشة الإمبريالية البريطانية "تطورت بشكل ملحوظ" منذ نشر الطبعة الأولى. الأهم، أنه أشاد بنظرية إيه جي هوبكنز عن الإمبريالية الرأسمالية "الجنتلمانية" بتقديمها "مفتاحا واعدا لتناقضات عديدة تسبب انهيار التحليلات الأكثر تبسيطا".
الإمبريالية الرأسمالية "الجنتلمانية"
طور هوبكنز نظرية الرأسمالية الجنتلمانية بالاشتراك مع بيتر كين في عدة أعمال، أبرزها كتاب "الإمبريالية البريطانية، 1688-2000" (1993). وأعادت نظريتهما تأطير التوسع الإمبراطوري البريطاني، أساسا، ليس كنتيجة لمصالح صناعية أو تصنيعية، ولا لضرورات جيوسياسية وعسكرية، ولا "لمهام تحضرية" قومية أو إنسانية، بل كان مدفوعا بمصالح اقتصادية واجتماعية لنخبة مالية وخدمية متمركزة بلندن، أطلقا عليها اسم "الرأسماليين الجنتلمان".
ولم يكن الرأسماليون "الجنتلمان" صناعيين من مانشستر أو برمنغهام، بل مصرفيين وممولين وتجارا وشركات تأمين وملاك أراضٍ مقيمين بلندن. وكانوا متجذرين بعمق في الحياة الاجتماعية لمدينة لندن، مرتبطين بالطبقة الأرستقراطية بالزواج، ونمط المعيشة، والتعليم (المدارس الخاصة وجامعتي أكسفورد وكامبريدج)، والقيم الثقافية. وكان لهم نفوذ هائل في الدولة البريطانية، خاصة وزارة الخزانة ووزارة الخارجية وبنك إنجلترا (المركزي). وجادل هوبكنز وكين بأن التوسع الإمبراطوري البريطاني منذ أواخر القرن الـ17 فصاعدا، وقبل الثورة الصناعية بكثير، يُفهم جيدا كخادم لمصالح رأسمالية "الجنتلمان"، خاصة تأمين الأسواق الخارجية والاستثمارات والاستقرار المالي. وقد تحدى هذا الطرح توجهات سابقة اعتبرت الإمبريالية بأغلبها صناعية أو عسكرية أو أيديولوجية بحتة.
ويعتقد إيفانز أنه عندما رأى بورتر في هذه الأطروحة "مفتاحا واعدا امتلكناه بعد عقود"، كان يُسلط الضوء على كيفية حل هوبكنز وكين عدة مشكلات قديمة في التأريخ الإمبراطوري. فقبل ذلك، شددت النظريات الماركسية والماركسية الجديدة (مثل لينين وجيه إيه هوبسون) على الدوافع الاقتصادية، لكنها ركزت بإفراط على رأس المال الصناعي أو فائض رأس المال الباحث عن أسواق التصدير.
كذلك، غالبا ما ركز مؤرخون غير ماركسيين على الدوافع الثقافية أو السياسية أو الإستراتيجية- القومية، والأيديولوجيات العرقية، ومهام التحضر. وقد قدم هوبكنز وكين توليفا جوهره: محورية الدوافع الاقتصادية، لكن الفواعل الرئيسة لم تكن الصناعيين، بل نخبا خدمية ومالية، تشابكت مصالحها مع شبكات اجتماعية وسياسية نخبوية.
في حين واجهت النظريات الصناعية صعوبة تفسير أن بناء الإمبراطورية البريطانية سبق التصنيع، فإن رأسمالية الجنتلمان، بجذورها في ملكية الأراضي والتمويل والتجارة الخارجية، قدمت تفسيرا طويل الأمد يمتد إلى القرنين الـ17 والـ18، مما أتاح تفسير حدوث التوسع الإمبراطوري ليس فقط أثناء الثورة الصناعية، بل قبلها وبعدها أيضا. وأظهر هوبكنز وكين أن الرأسماليين "الجنتلمان" كانوا بوضع جيد للتأثير على الدولة، وهو غالبا أمر قللت أهميته التحليلات الاقتصادية أو الطبقية السابقة. وساعد هذا في تفسير سبب سعي بريطانيا لمشروعات إمبريالية مكلفة أو هامشية لا معنى لها من منظور صناعي أو عسكري. كما أبرز نموذجهما هيمنة لندن على المقاطعات، مما أتاح تفسير سبب خدمة الإمبراطورية أحيانا كثيرة لمصالح المدن الكبرى (المتمركزة حول لندن) بدلا من مصالح المستعمِرين أو المستوطنين.
لماذا مصطلح "الجنتلمان"؟
بالنسبة لإيفانز، يُبرز مصطلح "الجنتلمان" أن هذه الطبقة الرأسمالية لم تكن مدفوعة بالربح فحسب، بل كانت مكانتها الاجتماعية وهويتها الثقافية وارتباطها بقيم الأرستقراطية مهمة أيضا. فلم يكن دافعهم المال فحسب، بل الحفاظ على نمط حياة "الجنتلمان" (الإنجليزي) والنظام الاجتماعي المصاحب له، وقد خدمت الإمبراطورية هذه الاحتياجات.
وتفسر فرضية رأسمالية الجنتلمان رؤية بورتر للإمبريالية البريطانية كأحد أعراض التراجع. وكانت نخب لندن المالية (رأسمالية الجنتلمان)، أواخر القرن الـ19، تتمتع بنفوذ هائل، لكن الاقتصاد العالمي كان يتغير. وواجهت المناطق الصناعية البريطانية (ميدلاندز والشمال) منافسة شديدة ألمانية وأميركية ولاحقا يابانية. أصبحت استدامة هيمنة لندن المالية عالميا أصعب، وتفاقمت مخاطر الاستثمارات الخارجية وتشابكها سياسيا.
هناك اختلافات في التركيز. يُسلط هوبكنز وكين الضوء على الاستمرارية المديدة لهيمنة طبقة "الجنتلمان"، بين القرنين الـ17 والـ20. وبينما يركز بورتر بشدة على أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20 كفترة تأزّم وتراجع، يُبرز هوبكنز وكين الديناميات الهيكلية والطبقية وراء الإمبريالية، ويُولي بورتر أهمية أكبر للانحدار القومي، والمنافسة الدولية، والاضطرابات الثقافية. لذا، بينما تتداخل حججهما، يُبرز بورتر اهتماما أكبر لمناخ الإمبريالية ومعناها بالفترة المتأخرة كنشاط تعويضي قَلِق، بينما يُقدم هوبكنز وكين تفسيرا أوسع لسعي النخب البريطانية المُستمر نحو الإمبراطورية بالمقام الأول. ومع ذلك، فإن النقطة الأوسع -وهي أن التوسع الإمبريالي يعكس غالبا محاولات لدعم المصالح المالية الهشة والحفاظ على النفوذ السياسي والاجتماعي لنخبة "الجنتلمان"- تظل رابطا مهما بين سرد بورتر وأطروحة هوبكنز وكين.
العرق والجنس والطبقة والثقافة
كان ما بعد أطروحة هوبكنز وكين عن رأسمالية "الجنتلمان"، كما طبقها وانتقدها ونقحها مؤرخون لاحقون، مثيرا للاهتمام بقدر النظرية نفسها. فقد استخدم مؤرخون في تسعينيات القرن الـ20 وأوائل القرن الـ21 هذا الإطار للنظر في الإمبريالية بمناطق وأزمان مُحددة. فطبّقوا هذا النموذج لفهم أسباب انخراط بريطانيا في مشاريع إمبريالية باهظة التكلفة بفترة الإمبريالية الجديدة، كما في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، مستنتجين غالبا أن الأمر لم يتعلق بالتوسع الصناعي بقدر ما كان يتعلق بالمصالح المالية (تأمين مصالح حاملي السندات والمستثمرين وطرق التجارة). كما سلّطوا الضوء على دور لندن كمركز مالي عالمي يُشكّل أولويات الإمبريالية، مُبيّنين أن الاستثمارات البريطانية بالخارج -في السكك الحديد والمناجم والمزارع والديون- غالبا ما كانت تُجبر الحكومة على الالتزام بالإمبريالية.
وظهرت أيضا انتقادات مهمة. فقد جادل البعض بأن النظرية همّشت أهمية الجهات الاستعمارية الفاعلة (مستوطنين ومبشرين ومتعاونين محليين)، ونخب صناعية إقليمية في ليفربول ومانشستر وغلاسكو، وتأثير الأطراف على المدن الكبرى (وهو موضوع أبرزته نظرية "التاريخ الإمبراطوري الجديد"). وأكد مؤرخون مثل جون داروين وأندرو طومسون على وجود علاقات متبادلة بين المدن الكبرى والإمبراطورية، مشيرين إلى أن الديناميات المحلية والاستعمارية شكلت السياسة البريطانية بقدر ما شكلها الممولون بلندن.
وجادل آخرون بأن نظرية رأسمالية الجنتلمان قللت أهمية الدوافع الإستراتيجية والجيوسياسية (الدفاع عن الهند، ومواجهة فرنسا أو روسيا)، والقوى الثقافية والعرقية والأيديولوجية، كدور الدين أو القومية أو الهرمية العرقية. فمثلا، أكد مؤرخو الاستعمار الاستيطاني، مثل جيمس بيليش، على توسع قاده المستوطنون بكندا وأستراليا ونيوزيلندا، حيث كان للممولين بلندن دور مباشر محدود.
والأهم، أن باحثين مثل كاثرين هول، وأنطوانيت بيرتون، ومريناليني سينها تجاوزوا الأطر الاقتصادية لاستكشاف أدوار العرق والجنس والطبقة والثقافة في تشكيل الإمبراطورية، ورأوا أحيانا أن رأسمالية "الجنتلمان" مجرد "تاريخ إمبراطوري قديم جدا"، يركز على السياسة العليا والمالية. واليوم، يضع المؤرخون غالبا الإمبريالية البريطانية في سياق عالمي من الإمبراطوريات المتنافسة والرأسمالية العالمية، ودمجوا رؤى هوبكنز وكين مع مناهج التاريخ العالمي. فمثلا، في كتابه المؤثر "مشروع الإمبراطورية" (2009)، يستخدم داروين جوانب من رأسمالية الجنتلمان لكنه يجمعها بالعوامل الجيوسياسية والثقافية والعسكرية لتقديم صورة أكثر تركيبا.
بلاد الإمبراطورية: "إمبايرلاند"
وكبورتر، كتب ساثنام سانغيرا أيضا عن تأثير الإمبراطورية البريطانية على بريطانيا (بدل التركيز على عمليات ومظاهر القوة البريطانية ببقية العالم). ففي كتابه "إمبايرلاند: كيف شكّلت الإمبريالية بريطانيا الحديثة" (2021)، بحث سانغيرا في كيفية تجذّر كثير من سمات بريطانيا الحديثة، بما في ذلك سمات "استثنائية" ألهمت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وطريقة استجابتها لأزمة (كوفيد-19)، في ماضيها الإمبراطوري. ومع ذلك، ينتمي بورتر وسانغيرا لعصرين وجمهورين وميول فكرية مختلفة، ويتناولان الموضوع بطرق مختلفة تماما.
بورتر مؤرخ محترف، ونهجه تحليلي، حيادي ونقدي، مُؤطّر ضمن تقاليد التأريخ الإمبراطوري البريطاني. ويهتمّ بنخب السياسة، والخطاب العام، والعقليات الرسمية، ويعتمد عمله أساسا على مصادر أرشيفية وسياسية. أما سانغيرا، فهو صحفي وكاتب مذكرات، وليس مؤرخا أكاديميا. كتابه موجه نحو جمهور عام وشعبي. يجمع التأملات التاريخية، بالتجربة الشخصية والعائلية (كونه ابنا بريطاني المولد لمهاجرين من سيخ البنجاب)، وتحليلات إعلامية، وتعليقات ثقافية. ويُركز سانغيرا على كيفية استمرار الإمبراطورية في بريطانيا اليوم، وتشكّل المواقف تجاه العرق والهجرة والطبقية والقومية و"البريكست". ويُولي اهتماما بالغا للذاكرة العامة، والنسيان الثقافي، وإرث الإمبراطورية المستمر في الحياة اليومية.
ويلاحظ إيفانز أنه بينما يُبدي بورتر تهكما وتشككا وسخرية غالبا، يُقدم سانغيرا رؤيته الشخصية، والعاجلة، وأحيانا الجدلية. ويستهدف فرض محاسبة عامة على إرث الإمبراطورية والعنصرية، لا سيما بعد "البريكست"، وحركة "حياة السود مهمة"، وفضيحة ويندرَش (التي كشفت عام 2018 سوء معاملة وزارة الداخلية لمواطنين بريطانيين، وصلوا بريطانيا من دول الكومنولث بين 1948 و1973، فواجهوا صعوبات في إثبات حقهم في الإقامة بسبب تغيير قوانين الهجرة وتقصير وزارة الداخلية في الاحتفاظ بسجلات سليمة، فاحتُجزوا ظلما، وحُرموا حقوقهم، وهُددوا بالترحيل أو رُحِّلوا ظلما). فسانغيرا يكتب لجمهور بريطاني عام، لم يُفكّر أكثره في تأثير الإمبراطورية على حياته.
وفي حين يُظهر بورتر كيف شكّلت الإمبراطورية مؤسسات بريطانيا ومكانتها الدولية، يُظهر سانغيرا رسوخ الإمبراطورية في النسيج الاجتماعي البريطاني والمواقف اليومية. ويُجادل كلاهما، بطرق مختلفة، أنه لا يُمكن فهم بريطانيا الحديثة دون محاسبة الإمبراطورية، لكنهما يُوجّهان القرّاء لمستويات مختلفة من المحاسبة!
المفارقة أن هذا المجال البحثي المركب جدا كان موضوع المسلسل التلفزيوني الشهير "تابوه"، الذي تناول بجرأة "تابوهات" الإمبراطورية وأساطيرها ومشروعها الإمبريالي. وسنفرد له حلقة أخرى.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ما دلالات التصعيد البريطاني ضد إسرائيل؟
25:01 ما وراء الخبر تناولت حلقة (2025/7/22) من برنامج 'ما وراء الخبر' دلالات التصعيد في اللهجة البريطانية الرسمية تجاه إسرائيل، رغم أن الحرب على غزة مستمرة بالوتيرة نفسها تقريبا منذ أكثر من 21 شهرا، كما ناقشت طبيعة العقو اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
بريطانيا تهدد إسرائيل.. تحول حقيقي أم مجرد رسائل إعلامية؟
رغم أن الحرب على قطاع غزة مستمرة بنفس الوتيرة تقريبا منذ أكثر من 21 شهرا، غير أن بريطانيا شددت هذه المرة من لهجتها إزاء إسرائيل ، وهددت على لسان وزير خارجيتها ديفيد لامي بفرض عقوبات إضافية عليها إذا تقاعست عن التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة. فهل يمثل هذا التصعيد تحوّلا حقيقيا في السياسة البريطانية تجاه إسرائيل أم مجرد رسائل إعلامية لاحتواء الضغوط الحالية؟ وقال لامي إن بلاده ستفرض عقوبات إضافية على إسرائيل إذا لم تنته المعاناة التي يـشاهدونها بأعينهم على حد تعبيره، مضيفا أنه يشعر بـ"الفزع" و"الاشمئزاز" من أفعال إسرائيل في قطاع غزة. وتأتي تصريحات الوزير في وقت تشتد فيه الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، بعد أن أطبقت الحصار المفروض عليهم وبدأ الجوع يفتك بحياة الكثير منهم، مهددا حياة أكثر من مليوني شخص، فيما تواصل طائراتها وجنودها قصف الغزيين جوا وبرا. ويطرح تصريح الوزير البريطاني -الذي لم يحدد طبيعة العقوبات التي يمكن أن تفرضها لندن على إسرائيل- تساؤلات حول مدى استعداد بلاده لترجمة موقفها إلى خطوات عملية، وما إذا كانت واشنطن ستسمح بتمرير أي إجراء ضد إسرائيل. ويرى الفلسطينيون أن الإبادة التي ترتكبها إسرائيل تحدث بتواطؤ مع الولايات المتحدة الأميركية ومع الدول التي لا تزال تزود الاحتلال بالأسلحة وبالدعم السياسي والدبلوماسي، ولم تردعه ليوقف مجازره. ورغم المظاهرات الشعبية المتواصلة في لندن ضد الحرب في قطاع غزة، والخطابات القوية التي يصدرها بعض السياسيين بشأن رفضهم لهذه الحرب، فإن الموقف الرسمي لا يزال ضعيفا ولم يرقَ لمستوى منع إسرائيل من الاستمرار في الحرب، كما يرى مدير "مجلس التفاهم العربي البريطاني"، كريس دويل في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر". ولا تستخدم الحكومة البريطانية أوراق الضغط التي يمكنها أن تردع بها إسرائيل، ربما -كما يرجح دويل- لحسابات سياسية مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وأخذا في الاعتبار العلاقات البريطانية الأميركية. ويمكن للحكومة البريطانية لو رغبت في اتخاذ إجراءات عملية ضد إسرائيل أن تعلق اتفاقية التجارة الحرة، وتفرض عليها عقوبات تجارية واقتصادية، وتقول: كفى للإبادة في غزة، وفق مدير "مجلس التفاهم العربي البريطاني". وكانت الحكومة البريطانية فرضت عقوبات على وزيري الأمن القومي والمالية الإسرائيليين، إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش ، كما أوقفت مؤقتا محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل. أوراق ضغط ويرى محللون ومراقبون أن أي إجراء تتخذه بريطانيا ضد إسرائيل لن يؤثر على السلوك الإسرائيلي، ما لم يقرَن بخطوات عملية ويمسّ قضية السلاح، وهو ما يشير إليه أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، الدكتور حسني عبيدي، الذي يقول إن هناك تغيرا في اللهجة الأوروبية عموما إزاء إسرائيل، لكن المواقف لا تزال غير مؤثرة، لأن الدول الأوروبية وخاصة الفاعلة منها لا تستعمل الأدوات الرادعة مثل العقوبات التجارية والاقتصادية. وفي وقت سابق دعت بريطانيا و25 دولة أخرى في بيان مشترك إلى إنهاء الحرب في غزة فورًا، واستنكر البيان التوزيع البطيء للمساعدات والقتل غير الإنساني للمدنيين بمن فيهم الأطفال الذين يسعون لتلبية أبسط احتياجاتهم من الماء والغذاء. وتنظر إسرائيل بقلق لمواقف بعض الدول الأوروبية الرافضة لحرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، لكنها تعلم -كما يقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي، إيهاب جبارين- أنه ما دامت واشنطن إلى جانبها ولم تصدر إجراءات عقابية ضدها في موضوع السلاح، فلا يوجد شيء يرغمها على إيقاف حربها على الغزيين. كما لا تأبه إسرائيل للانتقادات الموجهة ضدها، طالما الجارة الأهم والأكبر، وهي مصر "لا وزن ولا صوت لها" فيما يحدث بغزة، وفق جبارين. وفي ظل استمرار الحرب على غزة، تتزايد الدعوات في بريطانيا وأوروبا إلى تبني مقاربات أكثر صرامة تجاه التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، خصوصا من المؤسسات التي ترفع شعارات أخلاقية أو تعاونية.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
العدل الأميركية تقرر استجواب ماكسويل في قضية إبستين
تسعى وزارة العدل الأميركية لاستجواب غيلين ماكسويل، الشريكة السابقة لجيفري إبستين المتهم بارتكاب جرائم جنسية، بحسب ما أفاد مسؤولون الثلاثاء، في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب انتقادات حيال طريقة تعاملها مع القضية. وتقضي البريطانية ماكسويل، التي كانت شخصية اجتماعية بارزة، عقوبة بالسجن 20 عاما بعدما أدينت بتهمة الاتجار الجنسي بالقاصرات لصالح إبستين الذي توفي في السجن عام 2019. وقال تود بلانش نائب وزيرة العدل الأميركية، في بيان على منصة "إكس"، إن "الرئيس ترامب طلب منا نشر كل الأدلة ذات المصداقية". وأفاد بلانش بأن مراجعة أجراها مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) للأدلة ضد إبستين خلصت إلى عدم وجود ما يمكن أن "يستدعي فتح تحقيق بحق أطراف أخرى لا تواجه اتهامات". لكنّه أشار إلى أن ماكسويل إذا كانت تملك معلومات عن أشخاص ارتكبوا جرائم بحق الضحايا، فإن كلا من "إف بي آي" ووزارة العدل مستعدان للاستماع إليها. وأضاف أنه على تواصل مع محامي ماكسويل ويتوقّع لقاءها قريبا. من جانبه، أكد ديفيد أوسكار ماركوس، محامي ماكسويل، عبر منصة "إكس"، أنه يجري محادثات مع الحكومة، مشددا على أن "غيلين ستدلي دائما بشهادتها الصادقة"، مضيفا أنه يشعر بالامتنان للرئيس ترامب لالتزامه بكشف الحقيقة في هذه القضية. وأثارت طريقة تعامل إدارة ترامب مع قضية إبستين انقساما داخل قاعدة مؤيديه، إذ طالب بعضهم بكشف "ملفات إبستين" كاملة للرأي العام. وفي تصعيد قانوني، رفع ترامب دعوى ضد روبرت مردوك وصحيفة "وول ستريت جورنال" بعد نشرها تقريرا عن علاقته الطويلة بإبستين.